دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب القضاء

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 محرم 1430هـ/22-01-2009م, 11:35 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التحذير من طلب الإمارة والقضاء


وعنهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ)). رواهُ البخاريُّ.


  #2  
قديم 28 محرم 1430هـ/24-01-2009م, 11:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


3/1303 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَعَنْهُ)؛ أَيْ: أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ): عَامٌّ لِكُلِّ إمَارَةٍ مِن الإِمَامَةِ الْعُظْمَى إلَى أَدْنَى إمَارَةٍ، وَلَوْ عَلَى وَاحِدٍ.
(وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ)؛ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، (وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ)؛ أَيْ: بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا، (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
قَالَ الطِّيبِيُّ: تَأْنِيثُ الإِمَارَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، فَتَرَكَ تَأْنِيثَ نِعْمَ وَأَلْحَقهُ بِبِئْسَ؛ نَظَراً إلَى كَوْنِ الإِمَارَةِ حِينَئِذٍ دَاهِيَةً دَهْيَاءَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَنَّثَ فِي لَفْظٍ، وَتَرَكَهُ فِي لَفْظٍ؛ لِلافْتِنَانِ، وَإِلاَّ فَالْفَاعِلُ وَاحِدٌ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ: ((أَوَّلُهَا مَلامَةٌ، وَثَانِيهَا نَدَامَةٌ، وَثَالِثُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ مَنْ عَدَلَ)).
وَأَخْرُج الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَرْفَعُهُ: ((نِعْمَ الشَّيْءُ الإِمَارَةُ لِمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَحِلِّهَا، وَبِئْسَ الشَّيْءُ الإِمَارَةُ لِمَنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، تَكُونُ عَلَيْهِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). وَهَذَا يُقَيِّدُ مَا أُطْلِقَ فِيمَا قَبْلَهُ. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: ((إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا)).
قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي اجْتِنَابِ الْوِلايَةِ، لا سِيَّمَا لِمَنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ، وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ دَخَلَ فِيهَا بِغَيْرِ أَهْلِيَّةٍ وَلَمْ يَعْدِلْ؛ فَإِنَّهُ يَنْدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ فِيهِ إذَا جُوزِيَ بِالْجَزَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهْلاً لَهَا، وَعَدَلَ فِيهَا، فَأَجْرُهُ عَظِيمٌ كَمَا تَضَافَرَتْ بِهِ الأَخْبَارُ، وَلَكِنْ فِي الدُّخُولِ فِيهَا خَطَرٌ عَظِيمٌ، وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ الأَكَابِرُ مِنْهَا، فَامْتَنَعَ الشَّافِعِيُّ لَمَّا اسْتَدْعَاهُ الْمَأْمُونُ لِقَضَاءِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ لَمَّا اسْتَدْعَاهُ الْمَنْصُورُ، فَحَبَسَهُ وَضَرَبَهُ، وَالَّذِينَ امْتَنَعُوا مِن الأَكَابِرِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ، وَقَدْ عَدَّ فِي النَّجْمِ الْوَهَّاجِ جَمَاعَةً.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ: ((سَتَحْرِصُونَ)) دَلالَةٌ عَلَى مَحَبَّةِ النُّفُوسِ لِلإِمَارَةِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ نَيْلِ حُظُوظِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا وَنُفُوذِ الْكَلِمَةِ؛ وَلِذَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ طَلَبِهَا، كَمَا أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: ((لا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وَكِلْتَ إلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا)).
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ، وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكاً يُسَدِّدُهُ)).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((وَاللَّهِ لا نُوَلِّي هَذَا الأَمْرَ أَحَداً سَأَلَهُ، وَلا أَحَداً حَرَصَ عَلَيْهِ))، حَرَصَ بِفَتْحِ الرَّاءِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ أَرْضَى النَّاسِ وَأَفْضَلِهِمْ، فَيُوَلِّيهِ؛ لِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى عِصَابَةٍ، وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ تَعَالَى مِنْهُ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ)).
وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ طَلَبِ الإِمَارَةِ؛ لأَنَّ الْوِلايَةَ تُفِيدُ قُوَّةً بَعْدَ ضَعْفٍ، وَقُدْرَةً بَعْدَ عَجْزٍ، تَتَّخِذُهَا النَّفْسُ الْمَجْبُولَةُ عَلَى الشَّرِّ وَسِيلَةً إلَى الانْتِقَامِ مِن الْعَدُوِّ، وَالنَّظَرِ لِلصَّدِيقِ، وَتَتَبُّعِ الأَغْرَاضَ الْفَاسِدَةِ، وَلا يُوثَقُ بِحُسْنِ عَاقِبَتِهَا، وَلا سَلامَةِ مُجَاوِرَتِهَا، فَالأَوْلَى أَنْ لا تُطْلَبَ مَا أَمْكَنَ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ، فَغَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ)).

  #3  
قديم 28 محرم 1430هـ/24-01-2009م, 11:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1204- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.


*مُفْرَداتُ الحديثِ:
َتَحْرِصُونَ: حَرَِصَ: بفتحِ العينِ وكسرِها، مِن بابِ ضَرَبَ وعَلِمَ، حِرْصاً، بمعنى: جَشِعَ واشْتَدَّتْ رَغْبَتُه في الشيءِ.
-الإمارةِ: بكسرِ الهمزةِ، هي مَنْصِبُ الأميرِ.
َدَامَةً: نَدِمَ على ما فَعَلَ يَنْدَمُ نَدَماً ونَدَامَةً: أَسِفَ وحَزِنَ على ما فَعَلَ.
قالَ الجُرْجَانِيُّ: النَّدَمُ غَمٌّ يُصِيبُ الإنسانَ، يَتَمَنَّى أنَّ ما وَقَعَ منه لم يَقَعْ.
َنِعْمَتْ-بِئْسَتْ: نِعْمَ وبِئْسَ فِعلانِ ماضيانِ، بدليلِ دخولِ تاءِ التأنيثِ الساكنةِ عليهما، وهما جامدانِ لا يَتَصَرَّفانِ، جاءَا لإفادةِ المدحِ، أو الذمِّ.
-المُرْضِعَةُ: الرَِّضاع -بفتحِ الراءِ وكسرِها-: هو مَصْدَرُ رَضَِعَ الثَّدْيَ: إذا مَصَّه، بكسرِ الضادِ وفتحِها، والكسرُ أفصحُ، ويُقالُ: امرأةٌ مُرْضِعٌ، إذا كانَ لها وَلَدٌ تُرْضِعُه، فلا تَلْحَقُها التاءُ لتأنيثِها.
والمرادُ هنا تَشْبِيهُ منافعِ الإمارةِ العاجلةِ الزائلةِ بالرِّضاعِ في مُدَّتِه القصيرةِ.
-الفَاطِمَةُ: مُؤَنَّثُ فاطِمٍ، جَمْعُها فَوَاطِمُ، يُقالُ: فَطَمَتِ الرضيعَ تَفْطِمُه فَطْماً، مِن بابِ ضَرَبَ، أي: فَصَلَتِ المُرْضِعَةُ الرَّضيعَ عن الرِّضاعِ، شَبَّه انقطاعَ منافعِ الإمارةِ بالفِطامِ.
* ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- طالِبُ وِلايةِ القضاءِ أو غيرِها مِن الوِلاياتِ له إحدَى حالتيْنِ:
إحداهما: أنْ يَقْصِدَ من الحصولِ عليها الجاهَ والرئاسةَ والمالَ،فهذا هو المذمومُ، وهو الذي وَرَدَتِ الأحاديثُ الصحيحةُ بذَمِّهِ ومَنْعِه، ومنعِ طالبِ الوِلايةِ فيها، ومِن تلكَ الأحاديثِ:
-ما أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1825) عن أبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، ألاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ قالَ: ((إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا)).
- وما أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ (18/71)، والبَزَّارُ (7/188) بسَنَدٍ صحيحٍ، من حديثِ عَوْفِ بنِ مالكٍ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((أَوَّلُهَا مَلاَمَةٌ، وَثَانِيهَا نَدَامَةٌ، وَثَالِثُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ مَنْ عَدَلَ)).
قالَ النَّوَوِيُّ عن حديثِ البابِ: هذا أصلٌ عظيمٌ في اجتنابِ الوِلايةِ، لا سيَّما لمَن كانَ فيه ضَعْفٌ، وهو في حقِّ مَن دَخَلَ فيها بغيرِ أهليَّةٍ، ولم يَعْدِلْ؛ فإنَّه يَنْدَمُ على ما فَرَطَ منه إذا جُوزِيَ بالجزاءِ يومَ القيامةِ.
الثانيةُ: أنْ يَطْلُبَ القضاءَ أو الوِلايةَ؛ لأنَّها مُتَعَيِّنَةٌ عليه؛ لأنَّه لا يُوجَدُ مَن هو أهلٌ لها وللقيامِ بها، وإذَا تَرَكَهَا تَوَلاَّها مَن لا يَقُومُ بها، ولا يُحْسِنُها، فيَطْلُبُها بهذه النيَّةِ، وهو القَصْدُ الحسنُ؛ فهذا مُثابٌ مأجورٌ مُعانٌ عليها.
قالَ ابنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأَنْ أَجْلِسَ قاضِياً بينَ اثنيْنِ، أَحَبُّ إليَّ مِن عِبادةِ سبعينَ سنةً.
قالَ في (المُغْنِي): وفي القضاءِ فَضْلٌ عظيمٌ لمَن قَوِيَ على القِيامِ به، وأداءِ الحقِّ فيه؛ ولذلكَ جَعَلَ اللَّهُ فيه أَجْراً على الخَطَأِ، وأَسْقَطَ عنه حُكْمَ الخَطَأِ، ولأن فيه أمراً بالمعروفِ، ونُصْرَةً للمظلومِ، وأداءً للحقِّ إلى مُسْتَحِقِّه، وردًّا للظالمِ عن ظُلمِه، وإصلاحاً بينَ الناسِ، وتخليصاً لبعضِهم من بعضٍ.
2- المتوسِّطُ لغيرِه في أمرٍ من الأمورِ، إنْ كانَ المتوسِّطُ له مُسْتَحِقًّا لتلك الوظيفةِ، فالمتوسِّطُ محمودٌ، وإنْ كانَ المتوسِّطُ له لا يَسْتَحِقُّ الوِلايةَ، وغيرُه أَوْلَى منه وأنفعُ، كانَ التوسُّطُ مذموماً، غِشًّا للهِ ولرسولِه، وغِشًّا للمتوسِّطِ عندَه، وغِشًّا لمَن تَوَسَّطَ له؛ لكونِه أعانَه على ما هو منهيٌّ عنه.
3-((نِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ)) بما تَدِرُّ من منافعِ المالِ والجاهِ، ونَفَاذِ الحُكْمِ، و((بِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ)) بتَبِعَاتِها يومَالقيامةِ، وحَسَرَاتِها.
4-وقالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: المتوسِّطُ لغيرِه في أمرٍ من الأمورِ إنْ كانَ المتوسِّطُ له كُفْؤاً، فهي وَسَاطةٌ محمودةٌ، وإلاَّ فهو غاشٌّ له وللعملِ وللمسلمينَ.
فهذا هو الذي يَحْرِصُ عليها للمطامِعِ الدنيويَّةِ، ((فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ))؛ لِمَا فيها مِن حُصُولِ الجاهِ في الدنيا، و((بِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ))؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عليها مِن التَّبِعَاتِ في الآخرةِ.
5- قولُه: ((سَتَحْرِصُونَ)) هذا فيه دَلالةٌ على اغترارِ النفسِ لمحبَّتِها في الإمارَةِ؛ لِمَا تَنَالُ فيها مِن نَيْلٍ لحُظُوظِ الدنيا ولذَّاتِها، ونُفُوذِ الكَلِمَةِ.
ولذا وَرَدَ النهيُ عن طَلَبِها؛ فقدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (6622) ومُسْلِمٌ (1652) من حديثِ عبدِ الرحمنِ بنِ سَمُرَةَ قالَ: قالَ لي رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا)).
6- وجاءَ في سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ (1324) من حديثِ أَنَسٍ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنِ ابْتَغَى الْقَضَاءَ وَسَأَلَهُ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكاً يُسَدِّدُهُ)).
وإنما جَمَعَ بينَ الرغبةِ فيه وبينَ طلبِه إظهارُ الحِرْصِ عليه؛ فإنَّ النفسَ مائلةٌ إلى حُبِّ الرئاسةِ، وطَلَبِ الترفُّعِ على الناسِ، فمَن مَنَعَها سَلِمَ من هذه الآفةِ، ومَنِ أَتْبَعَ نفسَه هَوَاهَا، وسَأَلَ القضاءَ هَلَكَ؛ فلا سبيلَ إلى المشروعِ فيه إلاَّ بالإكراهِ، وحينَئذٍ يُسَدَّدُ ويُوَفَّقُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, التحذير

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir