13/1192 - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلاثَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.
(وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ): بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ فَنُونٌ، لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الأَثِيرِ مَعْقِلَ بْنَ مُقَرِّنٍ فِي الصَّحَابَةِ، إنَّمَا ذَكَرَ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، وَعَزَا هَذَا الْحَدِيثَ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ أَخْرَجُوهُ عَن النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَيُنْظَرُ، فَمَا أَظُنُّ لَفْظَ مَعْقِلٍ إلاَّ سَبْقَ قَلَمٍ، وَالشَّارِحُ وَقَعَ لَهُ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَعْقِلُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ، وَلا يَخْفَى أَنَّ النُّعْمَانَ هُوَ ابْنُ مُقَرِّنٍ، فَإِذَا كَانَ لَهُ أَخٌ، فَهُوَ مَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ، لا ابْنُ النُّعْمَانِ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: إنَّ النُّعْمَانَ هَاجَرَ ومَعَهُ سَبْعَةُ إخْوَةٍ لهُ، يُرِيدُ أَنَّهُمْ هَاجَرُوا كُلُّهُمْ مَعَهُ، فَرَاجَعْتُ التَّقْرِيبَ لِلْمُصَنِّفِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ صَحَابِيًّا يُقَالُ لَهُ: مَعْقِلُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَلا ابنُ مُقَرِّنٍ، بَلْ فِيهِ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ مَعْقِلٍ فِي نُسَخِ بُلُوغِ الْمَرَامِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخِهِ.
(قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلاثَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ)؛ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ عَن النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ بِلَفْظِ: ((إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ، وَتَحْضُرَ الصَّلاةُ)).
قَالُوا: وَالْحِكْمَةُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى وَقْتِ الصَّلاةِ أنَّهُ مَظِنَّةُ إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَأَمَّا هُبُوبُ الرِّيَاحِ فَقَدْ وَقَعَ بِهِ النَّصْرُ فِي الأَحْزَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا}، فَكَانَ تَوَخِّي هُبُوبِهَا مَظِنَّةً لِلنَّصْرِ، وَقَدْ عَلَّلَ بِأَنَّ الرِّيَاحَ تَهُبُّ غَالِباً بَعْدَ الزَّوَالِ، فَيَحْصُلَ بِهَا تَبْرِيدُ حَدِّ السِّلاحِ لِلْحَرْبِ، وَالزِّيَادَةُ لِلنَّشَاطِ. وَلا يُعَارِضُ هَذَا مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُغِيرُ صَبَاحاً؛ لأَنَّ هَذَا فِي الإِغَارَةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمُصْدِفَةِ لِلْقِتَالِ.