7/1075 - وَعَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ، فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، قَالَ: ((لا نَفَقَةَ لَهَا)).
أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ قَالَ: في الْمَحْفُوظِ وَقْفُهُ.
وَثَبَتَ نَفْيُ النَّفَقَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ، فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، قَالَ: لا نَفَقَةَ لَهَا. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ قَالَ: الْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ. وَثَبَتَ نَفْيُ النَّفَقَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُطَلَّقَةِ بَائِناً، وَأَنَّهُ لا نَفَقَةَ لَهَا، وَتَقَدَّمَ الْكَلامُ فِيهِ.
وَالْكَلامُ هُنَا فِي نَفَقَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلافٌ؛ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِن الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا لا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلاً أَوْ حَائِلاً، أَمَّا الأُولَى فَلِهَذَا النَّصِّ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَبِطَرِيقِ الأَوْلَى. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَت الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمُؤَيَّدُ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلأَنَّ الأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَوُجُوبُ التَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً لا يُوجِبُ النَّفَقَةَ. وَذَهَبَ آخَرُونَ؛ مِنْهُم: الْهَادِي، إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا؛ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ: {مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}.
قَالُوا: وَنَسْخُ الْمُدَّةِ مِن الآيَةِ لا يُوجِبُ نَسْخَ النَّفَقَةِ، وَلأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ، فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَجِبُ النَّفَقَةُ بِالْوَصِيَّةِ، كَمَا دَلَّ لَهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ}. فَنُسِخَت الْوَصِيَّةُ بِالْمَتَاعِ؛ إمَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}، وَإِمَّا بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ، وَإِمَّا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)).
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}؛ فَإِنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الْمُطَلَّقَاتِ، فَلا تَتَنَاوَلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهَا نُسِخَتْ آيَةُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ} بِآيَةِ المواريثِ، بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُنَّ مِن الرُّبْعِ وَالثُّمُنِ، وَنُسِخَ أَجَلُ الْحَوْلِ بِأَنْ جَعَلَ أَجَلَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً.
وَأَمَّا ذِكْرُ الْمُصَنِّفِ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ هنا فَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْبَائِنَ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، بِجَامِعِ الْبَيْنُونَةِ وَالْحِلِّ لِلْغَيْرِ.