دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 12:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب النفقات (2/8) [فضل المنفق والمتصدق وترتيب الناس في حق الإنفاق عليهم]


وعنْ طارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ قالَ: قَدِمْنَا المدينةَ، فإذا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائمٌ يَخْطُبُ ويقولُ: ((يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ)). رواهُ النَّسائيُّ، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ والدَّارَقُطْنِيُّ.


  #2  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


2/1070 - وَعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: ((يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ فَأَدْنَاكَ)). رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
(وَعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ): هُوَ طَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ؛ بِضَمِّ الْمِيمِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، رَوَى عَنْهُ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَرِبْعِيُّ؛ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، ابْنُ حِرَاشٍ؛ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ.
(قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ). الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِحَدِيثِ: ((الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى)).
وَفَسَّرَ فِي النِّهَايَةِ الْيَدَ الْعُلْيَا بِالْمُعْطِيَةِ أَو الْمُنْفِقَةِ، وَالْيَدَ السُّفْلَى بِالْمَانِعَةِ أَو السَّائِلَةِ. وَقَوْلُهُ: ((ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)) دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الإِنْفَاقِ عَلَى الْقَرِيبِ، وَقَدْ فَصَّلَهُ بِذِكْرِ الأُمِّ قَبْلَ الأَبِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، فَدَلَّ هَذَا التَّرْتِيبُ عَلَى أَنَّ الأُمَّ أَحَقُّ مِن الأَبِ بِالْبِرِّ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَ الأُمَّ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الأَبَ مَعْطُوفاً بِثُمَّ، فَمَنْ لا يَجِدْ إلاَّ كِفَايَةً لأَحَدِ أَبَوَيْهِ خَصَّ بِهَا الأُمَّ؛ لِلأَحَادِيثِ هَذِهِ. وَقَدْ نَبَّهَ الْقُرْآنُ عَلَى زِيَادَةِ حَقِّ الأُمِّ فِي قَوْلِهِ: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً}.
وَفِي قَوْلِهِ: ((وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ)) إلَى آخِرِهِ، دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الإِنْفَاقِ لِلْقَرِيبِ الْمُعْسِرِ؛ فَإِنَّهُ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ: ((وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ))، فَجَعَلَ الأَخَ مِنْ عِيَالِهِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَحْمَدُ وَالْهَادِي، وَلَكِنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الْبَحْرِ أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبُ وَارِثاً؛ مُسْتَدِلاًّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}، وَاللاَّمُ لِلْجِنْسِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ زَمِناً، أَوْ صَغِيراً، أَوْ مَجْنُوناً؛ لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ. قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَأَقْوَالٌ، أَحْسَنُهَا: تَجِبُ؛ لأَنَّهُ يَقْبُحُ أَنْ يُكَلَّفَ التَّكَسُّبَ مَعَ اتِّسَاعِ مَالِ قَرِيبِهِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ؛ فَإِنَّهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْمَالِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الأَصْلِ عَلَى الْفَرْعِ دُونَ الْعَكْسِ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ مِن الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يُكَلَّفَ أَصْلُهُ التَّكَسُّبَ مَعَ عُلُوِّ السِّنِّ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَلْزَمُ التَّكَسُّبُ لِقَرِيبٍ مَحْرَمٍ فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَن الْكَسْبِ بِقَدْرِ الإِرْثِ، هَكَذَا فِي كُتُبِ الْفَرِيقَيْنِ. وَفِي الْبَحْرِ نُقِلَ عَنْهُمْ خلافُ هَذَا. وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَمْ يُسْفَرْ فِيهَا وَجْهُ الاسْتِدْلالِ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ لِلْقَرِيبِ حَقًّا عَلَى قَرِيبِهِ، وَالْحُقُوقُ مُتَفَاوِتَةٌ، فَمَعَ حَاجَتِهِ لِلنَّفَقَةِ تَجِبُ، وَمَعَ عَدَمِهَا فَحَقُّهُ الإِحْسَانُ بِغَيْرِهَا مِن الْبِرِّ وَالإِكْرَامِ.
وَالْحَدِيثُ كَالْمُبَيِّنِ لِذَوِي الْقُرْبَى وَدَرَجَاتِهِمْ، فَيَجِبُ الإِنْفَاقُ لِلْمُعْسِرِ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْوَلَدُ وَالزَّوْجَةُ؛ لأَنَّهُمَا قَدْ عُلِمَا مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ، وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ وَارِثاً مَحَلُّ تَوَقُّفٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ خِلافاً فِي سُقُوطِ نَفَقَةِ الْمَاضِي، فَقِيلَ: تَسْقُطُ لِلزَّوْجَةِ وَالأَقَارِبِ، وَقِيلَ: لا يَسْقُطَانِ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ دُونَ الزَّوْجَةِ، وَعَلَّلُوا هَذَا التَّفْصِيلَ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلْمُوَاسَاةِ؛ لأَجْلِ إحْيَاءِ النَّفْسِ، وَهَذَا قَد انْتَفَى بِالنَّظَرِ إلَى الْمَاضِي.
وَأَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ، لا لأَجْلِ الْمُوَاسَاةِ؛ وَلِذَا تَجِبُ مَعَ غِنَى الزَّوْجَةِ، وَلإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا، فَإِنْ تَمَّ الإِجْمَاعُ فَلا الْتِفَاتَ إلَى خِلافِ مَنْ خَالَفَ بَعْدَهُ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ))، فَمَهْمَا كَانَتْ زَوْجَةً مُطِيعَةً، فَهَذَا الْحَقُّ الَّذِي لَهَا ثَابِتٌ.
وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا، أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةٍ مَا حَبَسُوا. وَصَحَّحَهُ الْحَافِظُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الإِرْشَادِ.

  #3  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


990 - وَعَنْ طارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَدِمْنَا المدينةَ فَإِذَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ: ((يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ)). رَوَاهُ النَّسائيُّ وَصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ والدَّارَقُطْنِيُّ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ: الْحَدِيثُ حَسَنٌ.
وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَأَوَّلُهُ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)). وَأَمَّا آخِرُهُ فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ أَبِرُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: ((أُمَّكَ)). ثُمَّ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: ((أُمَّكَ)). ثُمَّ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: ((أُمَّكَ)). ثُمَّ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: ((أَبَاكَ)). قَالَ بَعْضُهُمْ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَقَدْ حَسَّنَهُ المُنْذِرِيُّ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- وَابْدَأْ: مِنْ بَدَأْتُ الشَّيْءَ أَبْدَؤُهُ بَدْءاً، بِهَمْزٍ لِكُلٍّ؛ أَي: ابْتَدِئْ بِالإنفاقِ عَلَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْكَ نَفَقَتُهُ.
- تَعُولُ: مِنْ عَالَهُ عَوْلاً: كَفَلَهُ وَقَامَ بِهِ. وَالْعِيَالُ: أَهْلُ الْبَيْتِ وَمَنْ يَمُونُه الإِنْسَانُ، الْوَاحِدُ عَيِّلٌ، وَالجَمْعُ عِيَالٌ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: ((الْخَلْقُ عِيَالُ اللَّهِ)). والذينَ تَعُولُهُمْ هُمْ مَنْ تُنْفِقُ عَلَيْهِمْ.
- أُمَّكَ وَأَبَاكَ: نُصِبَ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ؛ أَي: الْزَمْهُمْ بِالإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ.
- أَدْنَاكَ فَأَدْنَاكَ: أَيْ: أَقْرَبَكَ فَأَقْرَبَكَ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضْلِ المُنْفِقِ وَالمُتَصَدِّقِ، وَأَنَّ يَدَهُ هِيَ الْعُلْيَا حِسًّا وَمَعْنًى؛ فَالمُنْفِقُ يَدُهُ عَالِيَةٌ عَلَى يَدِ الآخَرِ فِي الْقَبْضِ، وَهِيَ عَالِيَةٌ عَلَيْهَا فِي شَرَفِهَا وَفَضْلِهَا وَإِحْسَانِهَا.
2- تَجِبُ الْبَدَاءَةُ بالنَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ بالنَّفْسِ، ثُمَّ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ الفُرُوعِ، ثُمَّ الأُصُولِ، ثُمَّ الْمَمَالِيكِ.
3- النَّفَقَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ الأَوْلَى، ثُمَّ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ مَعَ الْيَسَارِ وَالإِعْسَارِ؛ وَهُم: الزَّوْجَةُ، وَالْمَمَالِيكُ، وَالْبَهَائِمُ، ثُمَّ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَرِثْهُم المُنْفِقُ مِن الأُصُولِ والفروعِ، ثُمَّ نَفَقَةُ الْحَوَاشِي، إِذَا كَانَ المُنْفِقُ يَرِثُهُمْ بِفَرْضٍ، أَوْ تَعْصِيبٍ.
4- الْحَدِيثُ فِيهِ تَقْدِيمُ الأُمِّ، ثُمَّ الأبِ، ثُمَّ الإِخْوَانِ، ثُمَّ الأَقْرَبِ، فالأقربِ عَلَى حَسَبِ دَرَجَاتِهِمْ فِي الإِرْثِ وَالقُرْبِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}. [الإسراء: 26]. فَكُلُّ قَرِيبٍ لَهُ عَلَى قَرِيبِهِ حَقٌّ، وَالْحُقُوقُ مُتَفَاوِتَةٌ.
5- يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ نفقةِ القريبِ مِنْ أصولٍ، وفروعٍ، وَحَوَاشٍ – غِنَى المُنْفِقِ وَفَقْرُ المُنْفَقِ عَلَيْهِ، وَفِي الْحَوَاشِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِرْثِ المُنْفِقِ مِنْهُمْ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}. [البقرة: 233].
6- قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ الأُمَّ أَحَقُّ مِنَ الأبِ بالبِرِّ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الأقاربِ فِي الجُمْلَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَدَارِ هَذِهِ النفقةِ:
فَذَهَبَ الإمامُ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهَا لا تَجِبُ إِلاَّ للأبِ والأمِّ، دُونَ الأجدادِ والجَدَّاتِ وَإِنْ عَلَوْا، وَتَجِبُ للفروعِ وَإِنْ نَزَلُوا، سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنَ الوارثِينَ أَمْ مِنْ غَيْرِ الوارثِينَ، حَتَّى ذَوِي الأَرْحَامِ مِنْهُمْ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى ثُبُوتِ النفقةِ للأصولِ، والفروعِ، والحواشِي، وَلَكِنْ رَخَّصَ فِي وجوبِ الإنفاقِ عَلَى ذَوِي القرابةِ المَحَارِمِ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَن الميراثِ.
وَذَهَبَ الإمامُ أَحْمَدُ إِلَى وُجُوبِ النفقةِ عَلَى الأصولِ والفروعِ؛ سَوَاءٌ أَكَانُوا وَارِثِينَ، أَمْ غَيْرَ وَارِثِينَ، وَفِي الْحَوَاشِي الَّذِينَ يَرِثُهُم المُنْفِقُ بِفَرْضٍ، أَوْ تَعْصِيبٍ.
وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى وُجُوبِ نفقةِ وَلَدِ الصُّلْبِ: بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. [البقرة: 233].
وَعَلَى حَقِّ الأبِ والأمِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}. [البقرة: 83].
وَمِن الأَحَادِيثِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ)).
وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ)). وَغَيْرِهَا مِن الأَدِلَّةِ.
وَاسْتَدَلَّ الثلاثةُ عَلَى وجوبِ النفقةِ عَلَى عمومِ عَمُودَي النَّسَبِ: بِأَنَّ وَلَدَ الوَلَدِ وَلَدٌ، وَأَنَّ الأجدادَ آبَاءٌ وَإِنْ بَعُدُوا؛ قَالَ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}. [النساء: 11] يَدْخُلُ فِيهِمْ وَلَدُ الْبَنِينَ، وَقَالَ تَعَالَى {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}. [الحج: 78] وَهُوَ جَدُّهُمْ.
وَفَضْلاً عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ بَيْنَهُمَا قَرَابَةً تُوجِبُ النَّفَقَةَ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ، فَيَسْرِي حُكْمُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ.
أَمَّا القرابةُ مِنْ غَيْرِ عَمُودَيِ النَّسَبِ، فَدَلِيلُ وُجُوبِ النفقةِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}. [البقرة: 233]، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ أَمَرَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَنَهَيَا عَنْ قَطْعِهَا، وَلَهُ أَحْكَامٌ مِنْ حَيْثُ وِلايةُ النكاحِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِن الأحكامِ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: إِنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ أَوْسَعُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَذْهَبُ أَحْمَدُ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الدليلِ، وَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ أَحْمَدَ، وَنُصُوصُهُ، وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُوصَلَ.
قَالَ الدكتورُ عَبْدُ الْعَزِيزِ عَامِرٌ: وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ هُوَ أعدلُ المذاهبِ بالنسبةِ لغيرِ نفقةِ الأصولِ عَلَى فُرُوعِهِمْ، والفروعِ عَلَى أُصُولِهِمْ؛ لأَنَّهُ جَعَلَ مَنَاطَهَا المِيرَاثَ، وَهَذَا المِعْيَارُ أَوْلَى إِلَى القَبُولِ، وأَقْرَبُ إِلَى العَدَالَةِ.
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الجملةِ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ نفقةِ الزوجةِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ؛ لأَنَّهَا نفقةٌ واجبةٌ فِي حَالِ الإعسارِ وَاليسارِ؛ وَلأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هَذِهِ نَفَقَةٌ وَجَبَتْ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ.
وَاتَّفَقُوا أَيْضاً عَلَى سُقُوطِ نَفَقَةِ القريبِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ عَلَى اخْتِلافٍ يَسِيرٍ بَيْنَهُمْ فِي التَّفْرِيعَاتِ. وَحُجَّتُهُمْ عَلَى سُقُوطِهَا مَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: أَنَّ نَفَقَةَ الأقاربِ تَجِبُ بِاعْتِبَارِ الحَاجَةِ، وَهِيَ صِلَةٌ مَحْضَةٌ، فَلا يَتَأَكَّدُ وُجُوبُهَا إِلاَّ بالقَبْضِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَمَا دَامَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِذَا مَضَتِ المُدَّةُ، وَلَمْ تُقْبَضْ، فَإِنَّهُ بِمُضِيِّ المُدَّةِ يَحْصُلُ الاستغناءُ عَنْ هَذِهِ النفقةِ بالنسبةِ للمُدَّةِ الماضيةِ؛ لأَنَّ الحاجةَ قَد انْدَفَعَتْ بِمُضِيِّهَا، فَلا يَكُونُ لهذهِ النفقةِ مَحَلٌّ، وَلا مُوجِبٌ، فَتَسْقُطُ.
ثَانِياً: أَنَّ نفقةَ القريبِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُجَرَّدِ المُوَاسَاةِ؛ لِسَدِّ الخَلَّةِ، وَإِحْيَاءِ النَّفْسِ، وَهَذَا قَدْ حَصَلَ فِعْلاً فِيمَا مَضَى مِن المُدَّةِ، بدونِ أَنْ يَدْفَعَ النفقةَ، فَلا تَبْقَى، وَتَسْقُطُ.
أَمَّا الزوجةُ: فَإِنَّ النفقةَ وَجَبَتْ مقابلَ الاستمتاعِ بِهَا، أَوْ حَبْسِهَا عَلَى عِشْرَتِهِ؛ ولذا تَجِبُ مَعَ اليَسَارِ والإِعْسَارِ، وَهِيَ بِذَلِكَ تَحْمِلُ مَعْنَى المُعَاوَضَةِ، وَمَا دَامَتْ كَذَلِكَ، فَلا يُؤَثِّرُ فِيهَا مُضِيُّ الزَّمَنِ.
أَمَّا اخْتِلافُهُمْ:
فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ: يَرَى أَنَّ عَدَمَ سُقُوطِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ هُوَ إِذَا حَكَمَ بِوُجُوبِهَا حَاكِمٌ؛ لأَنَّهَا تَصِيرُ دَيْناً بِحُكْمِ القاضي فَلا تَسْقُطُ، أَمَّا بِدُونِ حُكْمٍ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ؛ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ القَرِيبِ لا تَسْقُطُ فِي حالاتٍ، هِيَ:
1- أَنْ يَأْذَنَ لأَحَدٍ فِي الإنفاقِ عَلَى قَرِيبِهِ، فَإِذَا أَذِنَ، وَتَمَّ الإنفاقُ فِعْلاً، وَجَبَتْ عَلَى الإِذْنِ، فَلا تَسْقُطُ.
2- أَنْ تَكُونَ نَفَقَةُ القَرِيبِ بِفَرْضِ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ، فَحُكْمُ الحَاكِمِ يُصَيِّرُ النَّفَقَةَ دَيْناً فِي الذِّمَّةِ.
وَالْمَذَاهِبُ الثلاثةُ: الحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، مُتَقَارِبَةٌ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ.
قَالَ شيخُ الإِسْلامِ: مَا عَلِمْتُ أحداً مِن الْعُلَمَاءِ قَالَ: إِنَّ نَفَقَةَ القريبِ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لِمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ قَدِ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النفقات, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir