دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 06:37 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الخلاف في عموم جواب السؤال غير المستقل

مَسْأَلَةٌ: جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ المُسْتَقِلِّ دُونَهُ تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ، وَالمُسْتَقِلُّ الأَخَصُّ جَائِزٌ إذَا أَمْكَنَتْ مَعْرِفَةُ المَسْكُوتِ وَالمُسَاوِي وَاضِحٌ، وَالعَامُّ على سَبَبٍ خَاصٍّ مُعْتَبَرٌ عُمُومُهُ عِنْدَ الأَكْثَرِ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِينَةُ التَّعْمِيمِ فَأَجْدَرُ وَصُورَةُ السَّبَبِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ عِنْدَ الأَكْثَرِ فَلَا تُخَصُّ بِالِاجْتِهَادِ، وَقَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ ظَنِّيَّةٌ، قَالَ وَيَقْرُبُ مِنْهَا خَاصٌّ فِي القُرْآنِ تَلَاهُ فِي الرَّسْمِ عَامٌّ للمُنَاسِبَةِ.

  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 07:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ) أَيْ دُونَ السُّؤَالِ (تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ) وَخُصُوصِهِ، الْعُمُومُ كَحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ فَلَا إذَنْ} فَيَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ لِلرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَالْخُصُوصُ كَمَا {قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلٌ: تَوَضَّأْت مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ يُجْزِيكَ} فَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُ (وَالْمُسْتَقِلُّ) دُونَ السُّؤَالِ (الْأَخَصُّ) مِنْهُ (جَائِزٌ إذَا أَمْكَنَتْ مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ) مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ} كَالْمُظَاهِرِ فِي جَوَابِ مَنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيْهِ فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: جَامَعَ أَنَّ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ مِنْ الْجَوَابِ فَلَا يَجُوزُ لِتَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ (وَالْمُسَاوِي وَاضِحٌ) كَأَنْ يُقَالَ: مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ فِي جَوَابِ مَاذَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَكَأَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَالَ: جَامَعْت فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيَّ: عَلَيْك كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ. وَالْأَعَمُّ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالْعَامُّ) الْوَارِدُ عَلَى (سَبَبٍ خَاصٍّ) فِي سُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُعْتَبَرٌ عُمُومُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ, وَقِيلَ: هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى السَّبَبِ لِوُرُودِهِ فِيهِ، مِثَالُهُ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ {قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ ؟ فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ} أَيْ مِمَّا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: مِمَّا ذُكِرَ، وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ غَيْرِهِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ وُجِدَتْ (قَرِينَةُ التَّعْمِيمِ فَأَجْدَرُ) أَيْ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْعُمُومِ مِمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَسَبَبُ نُزُولِهِ عَلَى مَا قِيلَ رَجُلٌ سَرَقَ رِدَاءَ صَفْوَانَ فَذَكَرَ السَّارِقَةَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالسَّارِقِ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَقَطْ وقَوْله تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا} نَزَلَ كَمَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي شَأْنِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ لَمَّا أَخَذَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَهْرًا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ لِيُصَلِّيَ فِيهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَخَرَجَ فَسَأَلَهُ الْعَبَّاسُ الْمِفْتَاحَ لِيَضُمَّ السِّدَانَةَ إلَى السِّقَايَةِ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ فَرَدَّهُ عَلَى عُثْمَانَ بِلُطْفٍ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِذَلِكَ فَتَعَجَّبَ عُثْمَانُ مِنْ ذَلِكَ فَقَرَأَ لَهُ عَلِيٌّ الْآيَةَ فَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَذِكْرُ الْأَمَانَاتِ بِالْجَمْعِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْعُمُومِ.
(وَصُورَةُ السَّبَبِ) الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الْعَامُّ (قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ) فِيهِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِوُرُودِهِ فِيهَا (فَلَا يُخَصُّ) مِنْهُ (بِالِاجْتِهَادِ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ: هِيَ (ظَنِّيَّةٌ) كَغَيْرِهَا فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا لَزِمَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ لَا يَلْحَقُ سَيِّدَهَا مَا لَمْ يَقْرَبْهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي اللَّحَاقِ الْإِقْرَارُ إخْرَاجُهُ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا {الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ} الْوَارِدِ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ الْمُخْتَصِمِ فِيهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ لَك يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد هُوَ أَخُوك يَا عَبْدُ (قَالَ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا (وَيَقْرُبُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صُورَةِ السَّبَبِ حَتَّى يَكُونَ قَطْعِيَّ الدُّخُولِ أَوْ ظَنِّيَّهُ (خَاصٌّ فِي الْقُرْآنِ تَلَاهُ فِي الرَّسْمِ) أَيْ رَسْمِ الْقُرْآنِ بِمَعْنَى وَضَعَهُ مَوَاضِعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتْلُهُ فِي النُّزُولِ (عَامٌّ لِلْمُنَاسِبَةِ) بَيْنَ التَّالِي وَالْمَتْلُوِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلَخْ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: إشَارَةٌ إلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَنَحْوِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ لَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ وَشَاهَدُوا قَتْلَى بَدْرٍ حَرَّضُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْأَخْذِ بِثَأْرِهِمْ وَمُحَارَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُمْ مَنْ أَهْدَى سَبِيلًا مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَمْ نَحْنُ ؟ فَقَالُوا: أَنْتُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَا فِي كِتَابِهِمْ مِنْ نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنْطَبِقِ عَلَيْهِ وَأَخْذِ الْمَوَاثِيقِ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ فَكَانَ ذَلِكَ أَمَانَةً لَازِمَةً لَهُمْ وَلَمْ يُؤَدُّوهَا حَيْثُ قَالُوا لِلْكُفَّارِ: أَنْتُمْ أَهْدَى سَبِيلًا حَسَدًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَضَمَّنَتْ الْآيَةُ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ التَّوَعُّدَ عَلَيْهِ الْمُفِيدَ لِلْأَمْرِ بِمُقَابِلِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى إرَادَةِ الْأَمَانَةِ الَّتِي هِيَ بَيَانُ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ الْمَوْصُوفُ فِي كِتَابِهِمْ، وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا} فَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ أَمَانَةٍ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِأَمَانَةٍ هِيَ بَيَانُ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ وَالْعَامُّ تَالٍ لِلْخَاصِّ فِي الرَّسْمِ مُتَرَاخٍ عَنْهُ فِي النُّزُولِ بِسِتِّ سِنِينَ مُدَّةُ مَا بَيْنَ بَدْرٍ فِي رَمَضَانَ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ مِنْ الثَّامِنَةِ وَإِنَّمَا قَالَ وَيَقْرُبُ مِنْهَا كَذَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْعَامَّ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِهَا.

  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 07:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


(ص) مسألة: جواب السائل غير المستقل دونه تابع للسؤال في عمومه، والمستقل الأخص جائز إذا أمكنت معرفة المكسوت والمساوي واضح.
(ش) لا إشكال في دعوى العموم فيما يذكره الشارع من الصيغ السابقة ابتداء أما ما ذكره جوابا لسؤال سائل فلا يخلو إما أن يستقل بنفسه بدون السؤال أولا. فإن لم يستقل بحيث لا يصح الابتداء به فهو على حسب السؤال، إن كان عاما فهو عام.وإن كان خاصا فهو خاص حتى كأن السؤال معاد فيه، مثل أن يسأل: هل يتوضأ بماء البحر فيقول: نعم، ولا خلاف فيه وإن استقل بنفسه بحيث لو ورد مبتدأ لكان يفيد العموم، فهو على ثلاثة أقسام إما أن يكون أخص من السؤال أو مساويا أو أعم.
والأول: الأخص، مثل قولك من جامع في نهار رمضان فعليه ما على المظاهر في جواب السؤال: من أفطر في نهار رمضان، وهذا الجواب إنما يجوز بثلاثة شرائط:
أحدها: أن يكون فيما خرج من الجواب تنبيه على ما لا يخرج منه، وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وثانيها: أن يكون (السائل من أهل الاجتهاد، وإلا لم يفد التنبيه)
وثالثها: أن لا يفوت وقت العمل بسبب اشتغال) السائل بالاجتهاد لئلا يلزم التكليف بما لا يطاق، والأولان يمكن فهمهما من قول المصنف إذا أمكنت معرفة المسكوت وسكت عن حكمه في العموم والخصوص، وهو كحكم السؤال في ذلك، لكن لا يسمى عاما، وإن كان السؤال عاما، لأن الحكم في غير محل التنصيص غير مستفاد من اللفظ بل من التنبيه، قاله الصفي الهندي.
والثاني: المساوي أن يكون الجواب مساويا للسؤال، وهو إما في العموم كما لو سئل عمن أفطر في نهار رمضان فعليه ما على المظاهر؟ وإما في الخصوص كما لو قلت: ماذا يجب علي؟ وقد أفطرت في رمضان؟ فقيل: يجب عليك كفارة الظهار وحكمه ظاهر، وحكي في (المستصفى) هنا عن الشافعي حمله على العموم وأنه المراد بقوله: ترك الاستفصال مع تعارض الاحتمال يدل على عموم الحكم، ومثله بقول القائل: أفطر زيد في نهار رمضان فقال: يعتق رقبة، أو طلق ابن عمر زوجته وهي حائض فقال: (ليراجعها).
(ص) والعام على سبب خاص معتبر عمومه عند الأكثر.
(ش) ورود العموم على سبب خاص لا يقدح في عمومه، فيتناول السبب وغيره، لأن العدول عن الخاص الذي هو السبب إلى محل العام دليل على إرادة العموم وهذا مذهب الشافعي رضي الله عنه، كما قاله القاضي أبو الطيب والماوردي وغيرهما، وحكاه القاضي عبد الوهاب عن الحنفية وأكثر الشافعية والمالكية واحتج له الماوردي في كتاب (اللغات) بأمرين:
أحدهما: أن السبب قد كان موجودا ولا حكم، ثم ورد اللفظ فتعلق به الحكم، فكان اعتبار ما وجد الحكم بوجوده أولى من اعتبار ما لم يوجد الحكم بوجوده.
والثاني: أن تخصيص العموم إنما يقع بما ينافي اللفظ، ولا يقع بما يوافقه والسبب موافق فلم يجز أن يكون مخصصا وعن المزني والقفال: أنه يقتصر على ما خرج عليه السبب.
وقال إمام الحرمين: إنه الذي صح عنده من مذهب الشافعي رضي الله عنه، وقد أنكر الإمام فخر الدين في المناقب ذلك. وقال: معاذ الله أن يصح هذا النقل عنه كيف، وكثير من الآيات نزلت في أسباب خاصة، ثم لم يقل الشافعي رضي الله عنه، بقصرها على تلك الأسباب وفي المسألة مذهب ثالث: إن كان الشارع ذكر السبب في الحكم اقتضى تخصيصه به، وإن لم يكن السبب إلا في كلام السائل فالجواب على عمومه، حكاه ابن القطان في كتابه عن ابن أبي هريرة.
تنبيه: لا فرق في هذا القسم بين أن يكون السبب سؤالا أم لا، ولهذا صرح المصنف بذكر السبب وقطعه عما قبله.
(ص) فإن كانت قرينة التعميم فأجدر.
(ش) محل الخلاف حيث لا قرينة تدل على قصره على السبب أو تعميم، فإن كانت قرينة تقتضي التعميم فأجدر بالتعميم مثال التعميم قوله تعالى:{والسارق والسارقة} والسبب رجل سرق رداء صفوان فالإتيان بالسارقة معه قرينة تدل على الاقتصار على المعهود، ومثال القرينة القاصرة له على السبب تخصيص الشافعي رضي الله عنه نهيه عن قتل النساء والصبيان بالحربيات لخروجه على سبب وهو أنه صلى الله عليه وسلم مر بامرأة مقتولة في بعض غزواته فقال: ((لم قتلت وهي لا تقاتل)). ونهي عن قتل النساء والصبيان فعلم أنه أراد به الحربيات، ويخلص بذلك عن استدلال أبي حنيفة على امتناع قتل المرتدة، فلم يعمل الشافعي رضي الله عنه بعموم هذا الخبر وقصره على سببه مع أن العبرة عنده بعموم اللفظ، لكن لما عارضه قوله: ((من بدل دينه فاقتلوه)) ولم يكن بد من تخصيص أحدهما بالآخر، فوجب تخصيص الوارد على سبب وحمل الآخر على عمومه، لأن السبب من أمارات التخصيص قال الماوردي في (الحاوي): ومن هنا قال ابن دقيق العيد: ينبغي أن يفرق بين سبب لا يقتضي السياق التخصيص به، وبين سبب يقتضي السياق والقرائن التخصيص به، فإن كان من الباقي فالواجب اعتبار ما دل عليه السياق والقرائن. إذ به يتبين مقصود الكلام وبه يرشد إلى بيان المجملات وتمييز المجملات وفهم مأخذ الخطاب.
(ص) وصورة السبب قطعية الدخول عند الأكثر فلا تخص بالاجتهاد وقال الشيخ الإمام: ظنية، قال: ويقرب منها خاص في القرآن، تلاه في الرسم عام للمناسبة.
(ش) العام إذا ورد على سبب، فصورة السبب هل هي قطعية الدخول حتى لا يجوز تخصيصها بالاجتهاد، بخلاف ما زاد عليه، فإنه يجوز تخصيصه به، أو كغيرها من الأفراد فالجمهور على الأول وربما ادعى فيه الإجماع، لأن العام يدل عليه بطريقين وعن أبي حنيفة الثاني، وأنه يجوز إخراج السبب عن العموم استنباطا من مصيره إلى أن الولد يلحق بالفراش في الحرة دون الأمة، وإن كان حديث ابن زمعة إنما ورد في الأمة والحق أن السبب لا يكون قرينة في القطع بالدخول، وهذا لا يجوز أن يصير اللفظ نصا صريحا في بعض مسمياته لقرينة خارجية تتصل به (بالنسبة إليه وهو صار نصا فيه لقرينة الورود فيه لا من حيث الوضع، ودلالة العام إما أن تتحد) بالنسبة إلى مسمياته من حيث الوضع لا غير فلا منافاة بين كونه نصا صريحا في محل الورود وبين كونه عاما هذا ما ذهب إليه الشيخ الإمام، فقال: القطع بالدخول ينبغي أن يكون محله إذا دلت قرائن حالية أو مقالية على ذلك، أو على اللفظ العام يشمله بطريق الوضع لا محالة، وإلا فقد ينازع الخصم دخوله وضعا تحت اللفظ العام ويدعي أنه يقصد المتكلم بالعام إخراج السبب، وبيان أنه ليس بداخل في الحكم فإن للحنفية أن يقولوا في حديث عبد بن زمعة: أن قوله صلى الله عليه وسلم ((الولد للفراش)). وإن ورد في الأمة فهو وارد لبيان حكم ذلك الولد، وبيان حكمه إما بالثبوت وإما الانتفاء فإذا ثبت أن الفراش هي الزوجة، لأنها الذي يتخذ لها الفراش غالبا، وقال: الولد للفراش، كان فيه حصر أن الولد للحرة ومقتضى ذلك لا يكون للأمة، فكان فيه بيان الحكمين جميعا، نفي السبب عن المسبب وإثباته لغيره، ولا يليق دعوى القطع والمقطوع به أنه لا بد من بيان حكم السبب، أما كونه بقطع دخوله في ذلك أو بخروجه عنه فلا يدل على تعيين واحد منهما، قال: وجميع ما تقدم في السبب وبقية الأفراد التي دل اللفظ العام بالوضع عليها و بين ذينك الشيئين رتبة متوسطة، فيقول: قد تنزل الآيات على الأسباب الخاصة، وتوضع كل واحدة منها ما يناسبها من الآية رعاية لنظم القرآن وحسن اتساقه فذلك الذي وضعت معه الآية النازلة على سبب خاص للمناسبة، إذا كان مسوقا لما نزل في معنى يدخل في ذلك اللفظ العام، أو كان من جملة الأفراد الداخلة وضعا تحت اللفظ العام فدلالة اللفظ عليه يحتمل أن يقال: إنه كالسبب فلا يخرج ويكون مرادا من الآية قطعا ويحتمل أن يقال إنه لا ينتهى في القوة إلى ذلك لأنه قد يراد غيره وتكون المناسبة لشبهه به والحق أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق العموم المجرد مثاله: قوله تعالى:{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فإن مناسبتها لما قبلها وهو قوله:{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا} إن ذلك إشارة إلى كعب بن الأشرف كان قدم مكة وشاهد قتلى بدر، وحرض الكفار على الأخذ بثأرهم فسألوه من هو أهدى سبيلا، فقال: أنتم، كذبا منه وضلالة.
فتلك الآية في حقه وحق من شاركه في تلك المقالة وهم أهل كتاب يجدون عندهم في كتابهم نعت النبي صلى الله عليه وسلم وصفته، وقد أخذت عليهم المواثيق أن لا يكتموا ذلك وأن ينصروه وكان ذلك أمانة لازمة فلم يؤدوها وخانوا فيها وذلك يناسب الأمر بأداء الأمانة.
تنبيه: لا ينبغي ذكر هذه المسألة في العام المخصوص عند من اعتبر السبب لأنه من العام الذي أريد به الخصوص، وقد سبق الفرق بينهما.

  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 07:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: جواب السائل غير المستقل دونه تابع للسؤال في عمومه والمستقل الأخص جائز إذا أمكنت معرفة المسكوت والمساوي واضح.
ش: إذا كان خطاب الشارع جوابا لسؤال فله حالتان:
إحداهما: أن يكون غير مستقل بدون السؤال مثل أن يسأل: هل يتوضأ بماء البحر؟ فيقول: نعم. فهو تابع للسؤال، إن كان عاما فهو عام، وإن كان خاصا فهو خاص.
الثانية: أن يكون مستقلا بنفسه بحيث لو ورد ابتداء لأفاد العموم فهو على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون أخص من السؤال كقولك: من جامع في نهار رمضان فعليه ما على المظاهر، في جواب السؤال عمن أفطر في نهار رمضان، فهو جائز إذا أمكنت معرفة حكم المسكوت عنه منه، وهذا يفهم اشتراط أمرين:
أحدهما: أن يكون في الجواب تنبيه على حكم المسؤول عنه، وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
ثانيهما: أن يكون السائل من أهل الاجتهاد وإلا لم يفد التنبيه.
ولا بد من شرط ثالث وهو أن لا يفوت وقت العمل بسبب استعمال السائل بالاجتهاد لئلا يلزم تكليف بما لا يطاق، ولم يبين المصنف رحمه الله حكمه في العموم والخصوص وهو كحكم السؤال في ذلك لكن لا يسمى عاما وإن كان السؤال عاما، لأن الحكم في غير محل التنصيص غير مستفاد من اللفظ بل من التنبيه قاله الصفي الهندي.
الثاني: أن يكون الجواب مساويا للسؤال إما في العموم أو الخصوص وحكمه واضح.
وقال الغزالي: إن هذا هو المراد بقول الشافعي: ترك الاستفصال مع تعارض الاحتمال يدل على عموم الحكم.
الثالث: أن يكون الجواب أعم من السؤال فهو مندرج في المذكور بعده وهو العام على سبب خاص لأن السبب قد يكون سؤالا وقد يكون غيره.
ص: والعام على سبب خاص معتبر عمومه عند الأكثر فإن كانت قرينة التعميم فأجدر، وصورة السبب قطعية الدخول عند الأكثر، فلا تخص بالاجتهاد، وقال شيخ الإمام: ظنية، قال: ويقرب منها خاص في القرآن تلاه في الرسم عام للمناسبة.
ش: إذا ورد العام على سبب خاص لم يختص الحكم بذلك السبب فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، هذا مذهب الأكثرين، وبه قال الشافعي كما حكاه القاضي أبو الطيب والماوردي وغيرهما، وخالف في ذلك مالك والمزني وأبو ثور، ونقل إمام الحرمين والغزالي والآمدي وابن الحاجب عن الشافعي كمقالتهم، وأنكره الإمام وقال: أنه التبس على ناقله، لأن الشافعي يقول: إن الأمة تصير فراشا بالوطء لقصة عبد بن زمعة.
وقال أبو حنيفة: لا تصير فراشا، ولا نلحقه إلا باعترافه، وحمل تلك القصة على الزوجة وإخراج الأمة من عمومه، فقال الشافعي: إن هذا ورد على سبب خاص وهو الأمة.
قال الإمام: فتوهم الواقف على هذا الكلام أن الشافعي يجعل العبرة لخصوص السبب، وإنما أراد أن الأمة هي السبب في ورود العموم فلا يجوز إخراجها لأن محل السبب لا يجوز إخراجه عن العموم قطعا، انتهى.
فإن كانت هناك قرينة تقتضي التعميم فهو أجدر وأولى بالتعميم، كقوله تعالى: {والسارق والسارقة} فإن سببها سرقة رجل رداء صفوان بن أمية، فالإتيان بالسارقة معه قرينة دالة على التعميم، وقد تقوم القرينة على الاختصاص بالسبب كالنهي عن قتل النساء والصبيان فإن سببه أنه عليه الصلاة والسلام رأى امرأة في بعض مغازيه مقتولة وذلك يدل على اختصاصه بالحربيات فلا يتناول المرتدة، ثم إن صورة السبب قطعية الدخول حتى لا يجوز تخصيصها بالاجتهاد، بخلاف الزائد عليها فقد يدخله التخصيص وقد تقدم من كلام الإمام القطع بذلك، لكن المصنف إنما حكاه عن الأكثر لأنه حكي عن أبي حنيفة تجويز إخراجه استنباطا لما تقدم عنه من لحوق الولد بالفراش في الحرة دون الأمة.
ومال الشيخ الإمام السبكي إلى أن دلالته على صورة السبب ظنية فقال: القطع بالدخول ينبغي أن يكون محله إذا دلت قرائن حالية أو مقالية على ذلك أو على أن اللفظ العام يشمله بطريق الوضع لا محالة، وإلا فقد ينازع الخصم في دخوله وضعا تحت اللفظ العام، ويدعي أنه يقصد المتكلم بالعام إخراج السبب، وبيان أنه ليس داخلا في الحكم، فإن للحنفية أن يقولوا في حديث عبد بن زمعة: إن قوله عليه الصلاة والسلام: ((الولد للفراش)) وإن ورد في الأمة فهو وارد لبيان حكم ذلك الولد. وبيان حكمه إما بالثبوت أو الانتفاء فإذا ثبت أن الفراش هي الزوجة، لأنها التي يتخذ لها الفراش غالبا، وقال: (الولد للفراش) كان فيه حصر أن الولد للحرة، ومقتضاه أنه لا يكون للأمة ففيه نفي السبب عن المسبب وإثباته لغيره، فالمقطوع به أنه لا بد من بيان حكم السبب، أما القطع بدخوله أو خروجه فلا. انتهى.
قلت: هو كلام ضعيف عجيب فإنه عليه الصلاة والسلام صرح بإلحاقه لسيد الأمة بقوله: ((هو لك يا عبد بن زمعة)) فكيف يستقيم مع ذلك حمل الفراش على الحرة دون الأمة؟ ثم ذكر السبكي أنه يقرب من ورود الحكم على سبب أن يرد في القرآن الكريم آية خاصة ثم يتلوها في الرسم آية عامة، لكن يقتضي مناسبتها لها دخول ما دلت عليه الآية الخاصة فيها، فهل تكون كالسبب في دعوى القطع بالدخول أو يكون كسائر العمومات؟ وقال: الحق إنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق العموم المجرد، ومثل ذلك بقوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فإن مناسبتها لما قبلها وهي قوله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} وما بعدها أن ذلك إشارة إلى قول كعب بن الأشرف وقد سأله قريش من أهدى سبيلا؟ فقال: أنتم، فنزلت الآية فيه وفي أمثاله من أهل الكتاب الذين كتموا أمر النبي صلى الله عليه وسلم مع بيانه لهم، وأخذ المواثيق عليهم أن لا يكتموا ذلك، وأن ينصروه فكان ذلك أمانة عندهم فلم يؤدوها وخانوا فيها، وذلك يناسب الأمر بالأمانة.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخلاف, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir