دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 09:15 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الممنوع من الصرف


وجُرَّ بالفتحةِ ما لا يَنْصَرِفْ = ما لمْ يُضَفْ أوْ يَكُ بعدَ أَلْ رَدِفْ


  #2  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 09:18 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

وجُرَّ بالفتحةِ ما لا يَنْصَرِفْ = ما لَم يُضَفْ أو يَكُ بعدَ (أَلْ) رَدِفْ(1)
أشارَ بهذا البيتِ إلى القسمِ الثانِي ممَّا نابَ فيه حركةٌ عن حركةٍ، وهو الاسمُ الذي لا يَنْصَرِفُ، وحُكْمُه أنه يُرْفَعُ بالضمَّةِ، نحوُ: (جاءَ أحمدُ) ويُنْصَبُ بالفتحةِ، نحوُ: (رأيتُ أحمدَ) ويُجَرُّ بالفتحةِ أيضاً، نحوُ: (مَرَرْتُ بأحمدَ) فنَابَتِ الفتحةُ عن الكَسرةِ، هذا إذا لم يُضَفْ أو يَقَعْ بعدَ الألفِ واللامِ، فإنْ أُضِيفَ جُرَّ بالكسرةِ، نحوُ: (مَرَرْتُ بأحمدِكِم)، وكذا إذا دَخَلَه الألفُ واللامُ، نحوُ: (مَرَرْتُ بالأحمدِ) (2) فإنَّه يُجَرُّ بالكسرةِ(3)


([1]) (وجُرَّ) الواوُ للاستئنافِ، جُرَّ: فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (بالفتحةِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بجُرَّ، (مَا) اسمٌ موصولٌ مفعولٌ به لجُرَّ، مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نَصْبٍ، (لا) نافيةٌ، (يَنْصَرِفْ) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وسُكِّنَ للوقفِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هو يعودُ إلى ما الموصولةِ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها؛ صلةُ الموصولِ، (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ، (لَمْ) حرفُ نَفْيٍ وجَزْمٍ وقَلْبٍ، (يُضَفْ) فعلٌ مضارعٌ مبنيٌّ للمجهولِ مجزومٌ بلَمْ، وعلامةُ جَزْمِه السكونُ، ونائبُ فاعلِه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه، والجملةُ صِلَةُ ما المصدريَّةِ، (أو) عاطفةٌ، (يَكُ) معطوفٌ على يُضَفْ، مجزومٌ بسكونِ النونِ المحذوفةِ للتخفيفِ، وهو متصرِّفٌ مِن كانَ الناقصةِ، واسمُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى ما الموصولةِ، (بَعْدَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرُ يَكُ، وبعدَ مضافٌ و(ألْ) مضافٌ إليه مقصودٌ لفظُه، (رَدِفْ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ لا محلَّ له من الإعرابِ، وسُكِّنَ للوقفِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه، والجملةُ في محَلِّ نصبِ حالٍ من الاسمِ الموصولِ وهو ما؛ أي: اجْرُرْ بالفتحةِ الاسمَ الذي لا يَنْصَرِفُ مُدَّةَ عَدَمِ إضافتِه وكونِه غيرَ واقعٍ بعدَ ألْ.
([2])قدْ دَخَلَتْ ألْ على العَلَمِ إمَّا للَمْحِ الأصلِ، وإمَّا لكثرةِ شَياعِه بسببِ تَعَدُّدِ المُسمَّى بالاسمِ الواحدِ وإنْ تَعَدَّدَ الوَضْعُ، وقدْ أُضِيفَ العَلَمُ لذلكَ السببِ أيضاًً.
فمِن أمثلةِ دُخولِ ألْ على العَلَمِ قولُ الراجِزِ:
باعَدَ أُمَّ العَمْرِو مِن أَسِيرِهَا = حُرَّاسُ أَبْوَابٍ عَلَى قُصُورِهَا
ومثلُ هذا قَوْلُ جَرِيرِ بنِ عَطِيَّةَ:
أَوَاصِلٌ أَنْتَ أُمَّ العَمْرِو أَمْ تَدَعُ = أمْ تَقْطَعُ الحَبْلَ مِنهُمْ مِثْلَمَا قَطَعُوا
ومن أمثلةِ إضافةِ العَلَمِ قولُ الشاعرِ:
عَلاَ زَيْدُنَا يَوْمَ النَّقَا رأسَ زَيْدِكُمْ = بأَبْيَضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمَانِ
([3])سواءٌ أكانَتْ (ألْ) مُعَرِّفَةً، نحوَ: (الصلاةُ في المساجدِ أفضلُ منها في المنازلِ) أو موصولةً؛ كالأَعْمَى والأَصَمِّ، واليَقْظَانِ، أو زائدةً؛ كقولِ ابنِ مَيَّادَةَ يَمْدَحُ الوَلِيدَ بنَ يَزِيدَ:
رَأَيْتُ الوَلِيدَ بنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكاً = شَدِيداً بأعباءِ الخِلافةِ كَاهِلُهْ
فإنَّ الاسمَ معَ كلِّ واحدةٍ مِنها يُجَرُّ بالكسرةِ.


  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 09:38 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

الْبَابُ الْخَامِسُ: مَا لا يَنْصَرِفُ، وَهُوَ مَا فِيهِ عِلَّتَانِ ([1]) مِنْ تِسْعٍ: كَأَحْسَنَ، أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا تَقُومُ مَقَامَهُمَا: كَمَسَاجِدَ وَصَحْرَاءَ، فَإِنَّ جَرَّهُ بالفتحةِ نَحْوَ: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا}([2])، إِلاَّ إِنْ أُضِيفَ نَحْوَ: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}([3])، أَوْ دَخَلَتْهُ (أل) مُعَرِّفَةً نَحْوَ: {فِي الْمَسَاجِدِ}([4])، أَوْ مَوْصُولَةً نَحْوَ: {كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ}([5])، أَوْ زَائِدَةً كَقَوْلِهِ:

19 - رَأَيْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكاً

([1]) اعْلَمْ أَوَّلاً أَنَّ تسميةَ النُّحَاةِ كُلَّ وَاحِدٍ مِن العَلَمِيَّةِ وَالتأنيثِ مَثَلاً (عِلَّةً) وَاشْتِرَاطَهُمْ وُجُودَ عِلَّتَيْنِ - مَبْنِيٌّ عَلَى نوعٍ مِنَ التَّسَاهُلِ وَالْمَجَازِ؛ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي الاسمِ فَيَقْتَضِيَانِ مَنْعَهُ مِنَ الصرفِ جُزْءُ عِلَّةٍ، وَلَيْسَ عِلَّةً كَامِلَةً، فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ بِاجْتِمَاعِ الاثْنَيْنِ يَحْصُلُ الْحُكْمُ.
وَالدليلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ العَلَمِيَّةَ وَحْدَها لا تَقْتَضِي مَنْعَ الصرفِ فَمُحَمَّدٌ مَصْرُوفٌ وَعَلِيٌّ مَصْرُوفٌ مع أَنَّهُمَا عَلَمَانِ، وَزِيَادَةَ الأَلِفِ وَالنونِ وَحْدَهَا لا تَمْنَعُ فَصِنْوَانٍ وَقِنْوَانٍ وَسُلْطَانٍ وَرُمَّانٍ مَصْرُوفَةٌ معَ زِيَادَةِ الأَلِفِ والنونِ، وَبِذَلِكَ يَتَقَرَّرُ أَنَّ العِلَّةَ التَّامَّةَ هِيَ وُجُودُ عِلَّتَيْنِ أَوْ وُجُودُ وَاحِدَةٍ تَقُومُ مَقَامَ اثْنَتَيْنِ مَعَ مُلاحَظَةِ شُرُوطِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
ثُمَّ اعْلَمْ ثَانِياً أَنَّ الفعلَ فِيهِ عِلَّتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَرْعٌ عَن الاسمِ، وَأَنَّ إِحْدَى هَاتَيْنِ العِلَّتَيْنِ تَرْجِعُ إِلَى لفظِ الفعلِ، والثانيةُ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَاهُ، فَأَمَّا العِلَّةُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى لَفْظِهِ فَهِيَ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ كَوْنُهُ مُشْتَقًّا وَمَأْخُوذاً مِنْ لفظِ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ، والمَأْخُوذُ فَرْعٌ عَنِ المأخوذِ مِنْهُ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: (عِنْدَ البَصْرِيِّينَ)؛ لأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ هُوَ أَصْلُ المُشْتَقَّاتِ جَمِيعاً وَمِنْهَا الفعلُ بِأَنْوَاعِهِ الثلاثةِ، والعِلَّةُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى اللفظِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ هِيَ أَنَّهُ يَدُلُّ بِمَادَّتِهِ؛ أَي: الحروفِ الَّتِي يَتَأَلَّفُ مِنْهَا - عَلَى الحَدَثِ، وَيَدُلُّ بِهَيْئَتِهِ؛ أَيْ: صُورَتِهِ الَّتِي هُوَ عليها -، عَلَى الزمانِ، فَهُوَ مُرَكَّبٌ لدلالتِهِ عَلَى شَيْئَيْنِ، والمُرَكَّبُ فَرْعٌ عَمَّا لا تَرَكُّبَ فِيهِ، والاسمُ لا تَرَكُّبَ فِيهِ؛ لدلالتِهِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا العِلَّةُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الفعلِ وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَرْعٌ وَمُحْتَاجٌ، فَهِيَ أَنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَى الحَدَثِ احْتَاجَ وَافْتَقَرَ إِلَى مُحْدِثِ هَذَا الحدثِ وَهُوَ الفَاعِلُ، وَمِنَ المعلومِ أَنَّ الفاعلَ لا يَكُونُ إِلاَّ اسْماً صَرِيحاً أَوْ مُؤَوَّلاً.
إِذَا عَلِمْتَ هَذَا سَهُلَ عَلَيْكَ أَنْ تُدْرِكَ أَنَّ فِي طبيعةِ الفعلِ دلالةً عَلَى أَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ جِهَةِ لَفْظِهِ، وَمِنْ جِهَةِ مَعْنَاهُ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الفِعْلَ لا يَدْخُلُهُ الجَرُّ، فَإِذَا وُجِدَ فِي اسْمٍ مَا عِلَّتَانِ فَرْعِيَّتَانِ تَرْجِعُ إِحْدَاهُمَا إِلَى اللفظِ، وَتَرْجِعُ الأخرى إِلَى المعنَى فَقَدْ أَشْبَهَ الفعلَ مِنْ هَذِهِ الناحيةِ، وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْحُكْمَ الَّذِي اسْتَقَرَّ للفعلِ، وَهُوَ أَلاَّ يَدْخُلَهُ التَّنْوِينُ وَلا الجَرُّ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسَمَّى الاسمَ الَّذِي لا يَنْصَرِفُ، وَبِحَسْبِكَ هَذَا الإيضاحُ؛ فَقَدْ أَطَلْتُ عَلَيْكَ لِتُدْرِكَ سِرَّ هَذِهِ اللغةِ.
([2]) سُورَةُ النساءِ، الآيَةُ: 86.
([3]) سُورَةُ التينِ، الآيَةُ: 4.
([4]) سُورَةُ البقرةِ، الآيَةُ: 187.
([5]) سُورَةُ هودٍ، الآيَةُ: 24.
19 - هَذَا صَدْرُ بَيْتٍ مِنَ الطويلِ، وَعَجُزُهُ قَوْلُهُ:
شَدِيداً بِأَعْبَاءِ الْخِلافَةِ كَاهِلُهْ
والبيتُ مِنْ قَصِيدَةٍ لابْنِ مَيَّادَةَ يَمْدَحُ فِيهَا أَبَا العبَّاسِ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَاسْمُ ابْنِ مَيَّادَةَ: الرَّمَّاحُ بْنُ أَبْرَدَ بْنِ ثَوْبَانَ بْنِ سُرَاقَةَ، وَمَيَّادَةُ اسْمُ أُمِّهِ.
وَقِبلَ البيتِ عَلَى مَا رَوَاهُ السُّيُوطِيُّ (تَارِيخَ الْخُلَفَاءِ 252 بِتَحْقِيقِنَا) - قَوْلُهُ:
هَمَمْتُ بِقَوْلٍ صَادِقٍ أَنْ أَقُولَهُ = وَإِنِّي عَلَى رَغْمِ الْعُدَاةِ لَقَائِلُهْ
اللغةُ: (أَعْبَاء) جَمْعُ عِبْءٍ - بِكَسْرِ العينِ المهملةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ - وَهُوَ مَا يَثْقُلُ عليكَ حَمْلُهُ أَوْ يَبْهَظُكَ أَدَاؤُهُ، وَأَرَادَ بِأَعْبَاءِ الخلافةِ أُمُورَهَا الشاقَّةَ وَمَصَاعِبَهَا الَّتِي يَؤُودُ حِمْلُهَا القائمَ بِهَا، وَيُرْوَى (بِأَحْنَاءِ الخلافةِ) وَالأحناءُ جَمْعُ حِنْوٍ - بكسرِ الْحَاءِ المهملةِ وسكونِ النُّونِ - وَأَحْنَاءُ الأمورِ جَوَانِبُهَا وَنَوَاحِيهَا، وَالأصلُ فِيهِ (حِنْوُ العَيْنِ) لِطَرْفِهَا، وَيُقَالُ: أَحْنَاءُ الأمورِ، لِمَا تَشَابَهَ مِنْهَا وَأَشْكَلَ المَخْرَجُ مِنْهُ، (كَاهِلُهْ) الكَاهِلُ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الكَتِفَيْنِ، وَيُعَبَّرُ بِشِدَّةِ الكاهلِ عَن القوَّةِ.
المَعْنَى: يَمْدَحُ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ بِأَنَّهُ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ، مُبَارَكُ الطَّلْعَةِ، وَأَنَّهُ قَوِيٌّ عَلَى الاضطلاعِ بِتَكَالِيفِ الخلافةِ، قَادِرٌ عَلَى التَّخَلُّصِ مِمَّا يَعْرِضُ لَهَا مِنَ الْمَشَاكِلِ.
الإعرابُ: (رَأَيْتُ) فِعْلٌ وَفَاعِلٌ (الْوَلِيدَ) مَفْعُولٌ بِهِ (ابْنَ) نَعْتٌ للوليدِ، وَابْنَ مُضَافٌ وَ (الْيَزِيدِ) مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ (مُبَارَكاً) حالٌ مِن الْوَلِيدِ إِذَا جَعَلْتَ (رَأَيْتُ) بَصَرِيَّةً، وَيَكُونُ (مُبَارَكاً) مَفْعُولاً ثَانِياً إِذَا جَعَلْتَ (رَأَيْتُ) عِلْمِيَّةً (شَدِيداً) مَعْطُوفٌ بِحَرْفِ عَطْفٍ مَحْذُوفٍ عَلَى (مُبَارَكاً)، وَقَوْلُهُ: (بِأَعْبَاءِ) جَارٌّ ومجرورٌ يَتَعَلَّقُ بقولِهِ: (شَدِيداً) وَأَعْبَاءِ مُضَافٌ وَ (الخلافةِ) مُضَافٌ إِلَيْهِ (كَاهِلُهْ) كَاهِلُ فَاعِلٌ بِشَدِيدٍ مَرْفُوعٌ بالضمَّةِ، و (شَدِيدا) صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ تَعْمَلُ عَمَلَ الفِعْلِ، وَ (كَاهِلُ) مُضَافٌ وَضَمِيرُ الغَائِبِ العائدُ عَلَى الممدوحِ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
الشاهدُ فِيهِ: قَوْلُهُ: (الْيَزِيدِ) حيثُ دَخَلَتْ (أل) الزائدةُ عَلَى (يَزِيدَ) وَهُوَ عَلَمٌ مُوَازِنٌ للفعلِ وَاقِعٌ فِي مَوْقِعِ الجرِّ بإضافةِ (ابْنَ) إِلَيْهِ، وَقَدْ جَرَّهُ الشاعرُ بالكسرةِ الظاهرةِ مع أَنَّ فِيهِ العِلَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَقْتَضِيَانِ مَنْعَهُ مِنَ الصرفِ وَهُمَا العَلَمِيَّةُ وَوَزْنُ الفِعْلِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الاسمَ المَمْنُوعَ مِنَ الصرفِ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الأَلِفُ واللامُ كَانَ جَرُّهُ بالكسرةِ الظاهرةِ، وَأَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تكونَ (أل) هَذِهِ معرفةً أَوْ موصولةً أَوْ زائدةً.
وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ (أل) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا مِنْ خَوَاصِّ الأسماءِ، وَهُوَ إِنَّمَا مُنِعَ مِن الصرفِ لِشَبَهِهِ بالفعلِ، فَإِذَا وُجِدَ مَعَهُ مَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الأسماءِ كَأَل أَو الإضافةِ فَقَدَ بَعُدَ شَبَهُهُ بِالفعلِ الَّذِي اقْتَضَى مَنْعَ صَرْفِهِ، فَعَادَ اسْماً خَالِصاً مِنْ شَائِبَةِ الشَّبَهِ بالفعلِ، فَأَخَذَ حُكْمَ الأسماءِ المُتَأَصِّلَةِ فِي الاسْمِيَّةِ.
هَذَا وَسَيُنْشِدُ المُؤَلِّفُ هَذَا البيتَ مَرَّةً أُخْرَى فِي أَوَاخِرِ بَابِ المُعَرَّفِ بِأَدَاةِ التَّعْرِيفِ.


  #4  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 09:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني

43- وَجُرِّ بِالفَتْحَةِ مَا لا يَنْصَرِفْ = مَا لَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ "أَلْ" رَدِفْ
(وَجُرَّ بِالفَتْحَةِ) نيابةً عنِ الكسرةِ (مَا لا يَنْصَرِفْ)، وهو ما فيه عِلَّتَانِ مِنْ عِلَلٍ تَسْعٍ كأحسنَ، أو واحدةٌ منها تقومُ مقامَهما كمساجدَ وصحراءَ، كما سيأتي في بابِه؛ لأنَّهُ شابَهَ الفعلَ فثَقُلَ، فلمْ يدخُلْه التنوينُ ؛ لأنَّهُ علامةُ الأخفِ عليهم والأمكنُ عندهم، فامتَنَعَ الجرُّ بالكسرة ِلمنعِ التنوينِ؛ لتآخِيهِمَا في اختصاصِهما بالأسماءِ؛ ولتعاقبِهما على معنًى واحدٍ في بابِ "رَاقُودُ خَلًّا" و"رَاقُودُ خَلٌّ"، فلمَّا منعُوه الكسرةَ عوَّضُوه منَها الفتحةَ، نحوُ: { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} وهذا (ما لمْ يُضَفْ أو يَكُ بَعْدَ "أل" رَدِفْ) أي: تَبِعَ، فإنْ أُضِيفَ أو تَبِعَ "أل" ضَعُفَ شبه ُالفعلِ؛ فرجعَ إلى أصلِه مِنَ الجرِّ بالكسرةِ، نحوُ: { فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ٍ}، { وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} ولا فرْقَ في "أل" بينَ المعرِّفةِ كما مثَّل، والموصولةِ، نحو: { كَالْأَعْمَى وَالَأْصَمَّ}، وقولِه [من الطويل]:
34- وَمَا أَنْتَ بِالْيَقْظَانِ نَاظِرُه إِذَا = نَسِيتَ بِمَنْ تَهْوَاهُ ذِكْرَ العَوَاقِبِ
بناءً على أنَّ "أل" تُوصَلُ بالصفةِ المشبَّهَةِ، وفيه ما سيأَتِي، والزائدةُ كقولِه [من الطويل]:
35- رَأَيْتُ الْوَلِيدَ بْنَ اليَزِيدَ مُبَارَكًا = شَدِيدًا بِأَعْبَاءِ الخِلَافَةِ كَاهِلُهْ
ومثالُ أل "أمْ" في لغةٍ طييءِ، كقولِه [من الطويل]:
36- أَأَنْ شِمْتَ مِنْ نَجْدٍ بَرِيقًا تَأَلُّقًا = تَبِيتُ بِلَيْلٍ امْأَرْمَدِ اعْتَادَ أَوْلَقَا
تنبيهانِ: الأَوَّلُ: "ما" الأُولَى موصولةٌ، والثانيةُ حرفيَّةٌ، وهي ظرفيَّةٌ مصدريَّةٌ، أي: مدةَ كونِه غيرَ مضافٍ ولا تابعٍ لـ "أل".
الثاني: ظاهرُ كلاَمِه أن ما لا ينصرفُ إذا أُضيفَ أو تَبِعَ "أل" يكونُ باقيًا على منعِه مِنَ الصرفِ، وهو اختيارُ جماعةٍ، وذهبَ جماعةٌ – منهم المبرِّدُ، والسِّيرَافِيُّ، وابنُ السرَّاجِ- إلى أنَّهُ يكون ُمنصرفًا مطلقًا، وهو الأقوى، واختارَ الناظمُ في نكتِه على مقدِّمَةِ ابنِ الحاجبِ أنَّهُ إذا زالَتْ منه علَّةٌ فمنصرِفٌ، نحوُ: بأحمدِكم، وإن بقيَتِ العلَّتَانِ فلا، نحو: بأحسنِكُم.


  #5  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 09:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

إعرابُ ما لا يَنصرِفُ
43- وجُرَّ بالفتحةِ ما لا يَنْصَرِفْ = ما لم يُضَفْ أو يَكُ بعد ألْ رَدِفْ
أشارَ بهذا البيتِ إلى القِسْمِ الثاني مما نَابَتْ فيه حركةٌ عن حركةٍ، وهو الاسمُ الذي لا يَنْصَرِفُ؛ أيْ: لا يُنَوَّنُ، وتعريفُه: كلُّ اسمٍ مُعْرَبٍ شَابَهَ الفعْلَ بوُجودِ عِلَّتَيْنِ مِن عِلَلٍ تِسْعٍ أو واحدةٍ تَقومُ مَقَامَها، مثلُ: أحمدَ؛ فيه العَلَمِيَّةُ ووَزْنُ الفعْلِ، وعَطْشَانَ؛ فيه الوَصفيَّةُ وزيادةُ الألِفِ والنونِ، ومَساجِدَ؛ فيه عِلَّةٌ واحدةٌ، وهي صِيغةُ مُنْتَهَى الجموعِ.
وللممنوعِ مِن الصرْفِ بابٌ خاصٌّ فيه بيانُ أسبابِ الْمَنْعِ مِن الصرْفِ، وتوضيحُ أحكامِه، والمقصودُ هنا ما يَتعلَّقُ بإعرابِه.
فهو يُرفعُ بالضمَّةِ ويُنصبُ بالفَتحةِ، ويُجَرُّ بالفَتحةِ أيضاً نِيَابةً عن الكَسرةِ؛ قالَ تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ}، وقالَ تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}، وقالَ تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا}.
ويُستثنَى مِن ذلك مَسألتانِ يُجَرُّ فيهما الممنوعُ مِن الصرْفِ بالكسْرَةِ على الأَصْلِ:
الأُولى: أنْ يكونَ مضَافاً، نحوُ: وعَظْتُ في مَساجِدِ القريةِ، قالَ تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، فإنْ كانَ مُضافاً إليه جُرَّ بالفَتحةِ، نحوُ: كتابُ يُوسُفَ جديدٌ، قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}.
الثانيةُ: أنْ تَدْخُلَ عليه الألِفُ واللامُ، نحوُ: سَأَلْتُ عن الأَفْضَلِ مِنَ الطلاَّبِ، قالَ تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}.
وهذا معنى قولِه: (وجُرَّ بالفَتحةِ.. إلخ)؛ أيْ: جُرَّ بالفَتحةِ نِيَابةً عن الكَسرةِ ما لا يَنصَرِفُ ما لم يَكُنْ مُضافاً أو واقِعاً بعدَ ألْ مُباشَرَةً مِن غيرِ فاصِلٍ، ومعنى: (رَدِفْ) أيْ: تَبِعَ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الممنوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir