وجُرَّ بالفتحةِ ما لا يَنْصَرِفْ = ما لَم يُضَفْ أو يَكُ بعدَ (أَلْ) رَدِفْ(1)
أشارَ بهذا البيتِ إلى القسمِ الثانِي ممَّا نابَ فيه حركةٌ عن حركةٍ، وهو الاسمُ الذي لا يَنْصَرِفُ، وحُكْمُه أنه يُرْفَعُ بالضمَّةِ، نحوُ: (جاءَ أحمدُ) ويُنْصَبُ بالفتحةِ، نحوُ: (رأيتُ أحمدَ) ويُجَرُّ بالفتحةِ أيضاً، نحوُ: (مَرَرْتُ بأحمدَ) فنَابَتِ الفتحةُ عن الكَسرةِ، هذا إذا لم يُضَفْ أو يَقَعْ بعدَ الألفِ واللامِ، فإنْ أُضِيفَ جُرَّ بالكسرةِ، نحوُ: (مَرَرْتُ بأحمدِكِم)، وكذا إذا دَخَلَه الألفُ واللامُ، نحوُ: (مَرَرْتُ بالأحمدِ) (2) فإنَّه يُجَرُّ بالكسرةِ(3)
([1]) (وجُرَّ) الواوُ للاستئنافِ، جُرَّ: فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (بالفتحةِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بجُرَّ، (مَا) اسمٌ موصولٌ مفعولٌ به لجُرَّ، مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نَصْبٍ، (لا) نافيةٌ، (يَنْصَرِفْ) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وسُكِّنَ للوقفِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هو يعودُ إلى ما الموصولةِ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها؛ صلةُ الموصولِ، (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ، (لَمْ) حرفُ نَفْيٍ وجَزْمٍ وقَلْبٍ، (يُضَفْ) فعلٌ مضارعٌ مبنيٌّ للمجهولِ مجزومٌ بلَمْ، وعلامةُ جَزْمِه السكونُ، ونائبُ فاعلِه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه، والجملةُ صِلَةُ ما المصدريَّةِ، (أو) عاطفةٌ، (يَكُ) معطوفٌ على يُضَفْ، مجزومٌ بسكونِ النونِ المحذوفةِ للتخفيفِ، وهو متصرِّفٌ مِن كانَ الناقصةِ، واسمُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى ما الموصولةِ، (بَعْدَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرُ يَكُ، وبعدَ مضافٌ و(ألْ) مضافٌ إليه مقصودٌ لفظُه، (رَدِفْ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ لا محلَّ له من الإعرابِ، وسُكِّنَ للوقفِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه، والجملةُ في محَلِّ نصبِ حالٍ من الاسمِ الموصولِ وهو ما؛ أي: اجْرُرْ بالفتحةِ الاسمَ الذي لا يَنْصَرِفُ مُدَّةَ عَدَمِ إضافتِه وكونِه غيرَ واقعٍ بعدَ ألْ.
([2])قدْ دَخَلَتْ ألْ على العَلَمِ إمَّا للَمْحِ الأصلِ، وإمَّا لكثرةِ شَياعِه بسببِ تَعَدُّدِ المُسمَّى بالاسمِ الواحدِ وإنْ تَعَدَّدَ الوَضْعُ، وقدْ أُضِيفَ العَلَمُ لذلكَ السببِ أيضاًً.
فمِن أمثلةِ دُخولِ ألْ على العَلَمِ قولُ الراجِزِ:
باعَدَ أُمَّ العَمْرِو مِن أَسِيرِهَا = حُرَّاسُ أَبْوَابٍ عَلَى قُصُورِهَا
ومثلُ هذا قَوْلُ جَرِيرِ بنِ عَطِيَّةَ:
أَوَاصِلٌ أَنْتَ أُمَّ العَمْرِو أَمْ تَدَعُ = أمْ تَقْطَعُ الحَبْلَ مِنهُمْ مِثْلَمَا قَطَعُوا
ومن أمثلةِ إضافةِ العَلَمِ قولُ الشاعرِ:
عَلاَ زَيْدُنَا يَوْمَ النَّقَا رأسَ زَيْدِكُمْ = بأَبْيَضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمَانِ
([3])سواءٌ أكانَتْ (ألْ) مُعَرِّفَةً، نحوَ: (الصلاةُ في المساجدِ أفضلُ منها في المنازلِ) أو موصولةً؛ كالأَعْمَى والأَصَمِّ، واليَقْظَانِ، أو زائدةً؛ كقولِ ابنِ مَيَّادَةَ يَمْدَحُ الوَلِيدَ بنَ يَزِيدَ:
رَأَيْتُ الوَلِيدَ بنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكاً = شَدِيداً بأعباءِ الخِلافةِ كَاهِلُهْ
فإنَّ الاسمَ معَ كلِّ واحدةٍ مِنها يُجَرُّ بالكسرةِ.