دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 06:53 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي من صفات الله تعالى ما قد يُعلم بالعقل

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَا قَدْ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ، كَمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ عَالِمٌ وَأَنَّهُ قَادِرٌ، وَأَنَّهُ حَيٌّ، كَمَا أَرْشَدَ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُه: ( أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ).
وَقَد اتَّفَقَ النُّظَّارُ مِنْ مُثْبِتَةِ الصِّفَاتِ عَلَى أَنَّهُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ - عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ - أَنَّهُ حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ مُرِيدٌ، وَكَذَلِكَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلاَمُ يَثْبُتُ بِالْعَقْلِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ.
بَلْ وَكَذَلِكَ الْحُبُّ وَالرِّضَا وَالْغَضَبُ يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ بِالْعَقْلِ.
وَكَذَلِكَ عُلُوُّهُ عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ وَمُبَايَنَتُه لَهَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ، كَمَا أَثْبَتَتْهُ بِذَلِكَ الْأَئِمَّةُ مِثْلُ: أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِه، وَمِثْلُ: عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كِلاَبٍ.
بَلْ وَكَذَلِكَ إِمْكَانُ الرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ بِالْعَقْلِ، لَكِنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهَا بِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ تَصِحُّ رُؤْيَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهَا بِأَنَّ كُلَّ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ تُمْكِنُ رُؤْيَتُه، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ أَصَحُّ مِنْ تِلْكَ.
وَقَدْ يُمْكِنُ إِثْبَاتُ الرُّؤْيَةِ بِغَيْرِ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ، بِتَقْسِيمٍ دَائِرٍٍ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، كَمَا يُقَالُ: إِنَّ الرُّؤْيَةَ لاَ تَتَوَقَّفُ إِلاَّ عَلَى أُمُورٍ وُجُودِيَّةٍ، فَإِنَّ مَا لاَ يَتَوَقَّفُ إِلاَّ عَلَى أُمُورٍ وُجُودِيَّةٍ يَكُونُ الْمَوْجُودُ الْوَاجِبُ الْقَدِيمُ أَحَقَّ بِهِ مِنَ المُمْكِنِ الْمُحْدَثِ. وَالْكَلاَمُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا الْأَئِمَّةُ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ نُظَّارِ السُّنَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْصُوفًا بِإِحْدَى الصِّفَتَيْنِ الْمُتَقَابِلَتَيْنِ لَلَزِمَ اتِّصَافُه بِالْأُخْرَى، فَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِالْحَيَاةِ لَوُصِفَ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِالْقُدْرَةِ لَوُصِفَ بِالْعَجْزِ، وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلاَمِِ لَوُصِفَ بِالصَّمَمِ وَالْخَرَسِ وَالْبُكْمِ.
وَطَرْدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوصَفْ بِأَنَّهُ مُبَايِنٌ لِلْعَالَمِ لَكَانَ دَاخِلًا فِيهِ، فَسَلْبُ إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ الْمُتَقَابِلَتَيْنِ عَنْهُ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْأُخْرَى، وَتِلْكَ صِفَةُ نَقْصٍٍ يُنَزَّهُ عَنْهَا الْكَامِلُ مِنَ المَخْلُوقَاتِ فَتَنْزِيهُ الْخَالِقِ عَنْهَا أَوْلَى.
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ غَيْرُ قَوْلِنَا: إِنَّ هَذِهِ صِفَاتِ كَمَالٍ يَتَّصِفُ بِهَا الْمَخْلُوقُ فَالْخَالِقُ أَوْلَى، فَإِنَّ طَرِيقَ إِثْبَاتِ صِفَاتِِ الْكَمَالِ بِأَنْفُسِهَا مُغَايِرٌ لِطَرِيقِ إِثْبَاتِهَا بِنَفْيِ مَا يُنَاقِضُهَا.

  #2  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 05:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التوضيحات الأثرية للشيخ: فخر الدين بن الزبير المحسِّي


الرابعةُ : أمثلةٌ لصفاتٍ تُعْلَمُ بالعقْلِ
قولُه : ( إنَّ المقصودَ هنا أنَّ من صِفاتِ اللهِ تعالى ما قد يُعْلَمُ بالعقلِ. كما يُعلَمُ أنه عالِمٌ، وأنه قادِرٌ، وأنه حيٌّ، كما أَرْشَدَ إلى ذلك قولُه : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} وقد اتَّفَقَ النُّظَّارُ من مُثْبِتَةِ الصِّفاتِ على أنه يُعْلَمُ بالعقْلِ عندَ المحقِّقينَ أنه حيٌّ عليمٌ قديرٌ مُريدٌ ، وكذلك السمْعُ والبصَرُ والكلامُ يَثْبُتُ بالعقْلِ عندَ المحقِّقينَ منهم.

بل وكذلك الحبُّ والرضَا والغَضَبُ يُمْكِنُ إثباتُه بالعقْلِ، وكذلك عُلُوُّه على المخلوقاتِ ومبايَنَتُه لها مِمَّا يُعْلَمُ بالعقْلِ كما أَثْبَتَهُ بذلك الأَئِمَّةُ مثلَ أحمدَ بنِ حنبلٍ وغيرِه ومثلَ عبدِ العزيزِ الْمَكِّيِّ وعبدِ اللهِ بنِ سعيدِ بنِ كلابٍ. بل وكذلك إمكانُ الرؤيةِ يَثْبُتُ بالعَقْلِ، لكن منهم مَنْ أَثْبَتها بأنَّ كلَّ مَوْجودٍ تَصِحُّ رؤيتُه، ومنهم مَن أَثْبَتَها بأنَّ كلَّ قائمٍ بنفسِه تُمْكِنُ رؤيتُه ، وهذه الطريقُ أَصَحُّ من تلك.
وقد يُمْكِنُ إثباتُ الرؤيةِ بغيرِ هذينِ الطريقينِ ، بتقسيمٍ دائرٍ بينَ النفيِ والإثباتِ، كما يُقالُ: إنَّ الرؤيةَ لا تَتَوَقَّفُ إلا على أمورٍ وُجوديَّةٍ ، فإنَّ ما لا يَتَوَقَّفُ إلا على أمورٍ وُجوديَّة يكونُ المَوْجودُ الواجبُ القديمُ أحقَّ به من الممْكِنِ الْمُحْدَثِ. والكلامُ على هذه الأمورِ مبسوطٌ في غيرِ هذا الْمَوْضِعِ ) .

التوضيحُ

هناك صفاتٌ للهِ تعالى قد تُعْلَمُ بالعقْلِ, وأمثِلَةُ ذلك ما يَلِي :
في قولِه تعالى : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ } أَثْبَتَ اللهُ خَلْقَه للخَلْقِ، وهذا يُرْشِدُنا إلى اتِّصافِه بالعلْمِ والقُدْرَةِ والحياةِ، فإنه لا يَخْلُقُ إلا قادِرٌ على الخلْقِ عالِمٌ بما سيَخْلُقُه ، ولا يكونُ ذلك إلا من حيٍّ.
اتِّفاقُ النُّظَّارِ أي: المُتَكَلِّمِينَ من الأشاعرةِ- على أنَّ الصِّفاتِ السبْعَ تُعْلَمُ بالعقْلِ أيضًا كما سَبَقَ .
بل الحبُّ والغَضَبُ والرضا والسَّخَطُ يُمْكِنُ إثباتُه بالعقْلِ كما سَبَقَ عندَ مُنَاقَشَةِ الأشاعرةِ .
بل والْعُلُوُّ يَثْبُتُ بالعقْلِ كما أَثْبَتَهُ الأَئِمَّةُ كالإمامِ أحمدَ وعبدِ العزيزِ الْمَكِّيِّ وابنِ كلابٍ ، فالإمامُ أحمدُ في كتابِه: "الرَّدُّ على الزنادِقَةِ والجَهْمِيَّةِ"، وللمَكَّيِّ كتابٌ بذلك الاسمِ نفسِه, كما ذَكَرَه عنه شيخُ الإسلامِ.
فقالوا: إنَّ اللهَ إمَّا أن يكونَ قد خَلَقَ خَلْقَه داخلَ نفسِه أو خارِجَها ، والأوَّلُ مُحَالٌ, فإن كان خَلَقَها خارِجَ نفسِه؛ فإنَّ السُّفْلَ نَقْصٌ والْعُلُوَّ كمالٌ, فيَجِبُ إثباتُ الكمالِ وهو الْعُلُوُّ .
بل ويُمْكِنُ إثباتُ الرؤيةِ عَقْلاً, فمنهم مَن أَثْبَتَها بأنَّ كلَّ مَوْجودٍ تَصِحُّ رؤيتُه ، ومنهم مَن أَثْبَتَها بأنَّ كلَّ قائمٍ بنفسِه يُمْكِنُ رؤيتُه ، وهو أَصَحُّ فإنَّ الأوَّلَ مَنقوضٌ بمَوْجوداتٍ لا تُرَى .
ويُمْكِنُ إثباتُها بغيرِ هذين الطريقينِ: وهو أن يقالَ:إنَّ الرؤيةَ لا تَتَوَقَّفُ إلا على أمورٍ وُجوديَّةٍ حِسِّيَّةٍ, وما لا يَتَوَقَّفُ إلا على أمورٍ وُجوديَّةٍ حِسِّيَّةٍ فهو بعيدٌ عن المعدومِ وأكمَلُ للمَوْجودِ ، والوُجودُ الواجبُ أَحَقُّ به من الْمُمْكِنِ.
أقولُ: إنَّ الرؤيةَ لا تَخْرُجُ عن الجوازِ العقليِّ ، فليس هي واجبةً عَقْلاً ولا مُمْتَنِعةً، وإنما وَجَبَتْ لثبوتِها بالشرْعِ ، واللهُ أَعْلَمُ.

الخامسةُ : طُرُقٌ عَقْليَّةٌ عامَّةٌ في إثباتِ الصِّفاتِ
قولُه : ( والمقصودُ هنا أنَّ من الطُّرُقِ التي يَسْلُكُها الأَئِمَّةُ ومَن اتَّبَعَهُم من نُظَّارِ السنَّةِ في هذا البابِ أنه لو لم يكنْ موصوفًا بإحدى الصفتينِ المتقابلتينِ للَزِمَ اتِّصافُه بالأخرى، فلو لم يُوصَفْ بالحياةِ لوُصِفَ بالموتِ، ولو لم يُوصَفْ بالقُدْرَةِ لوُصِفَ بالعَجْزِ، ولو لم يُوصَفْ بالسمْعِ والبصَرِ والكلامِ لوُصِفَ بالصَّمَمِ والْخَرَسِ والبَكَمِ ) .
وطَرْدُ ذلك أنه لو لم يُوصَفْ بأنه مُبايِنٌ للعالَمِ لَكان داخِلاً فيه ، فسَلْبُ إِحْدَى الصفتينِ المُتَقَابِلَتَيْنِ عنه يَسْتَلْزِمُ ثبوتَ الأخرى ، وتلك صفةُ نَقْصٍ يُنَزَّهُ عنها الكامِلُ من المخلوقاتِ فتَنْزِيهُ الخالقِ عنها أَوْلَى .
وهذه الطريقُ غيرُ قولِنا : إنَّ هذه صفاتُ كمالٍ يَتَّصِفُ بها المخلوقُ فالخالِقُ أَوْلَى، فإنَّ طريقَ إثباتِ صفاتِ الكمالِ بأنفُسِها مغايِرٌ لطريقِ إثباتِها بنَفْيِ ما يُنَاقِضُها) .

التوضيحُ

هنا رجوعٌ من شيخِ الإسلامِ إلى الطرُقِ العَقْليَّةِ العامَّةِ في إثباتِ الصِّفاتِ وهما طريقتانِ :

الأُولى: (إثباتُ صفاتِ الكمالِ بنَفْيِ ما يُنَاقِضُها) وذلك بأن يقالَ: لو لم يكنْ مُتَّصِفًا بصفاتِ الكمالِ لكانَ موصوفًا بضِدِّها, فلو لم يُوصَفْ بالحياةِ والسمْعِ والبصَرِ والكلامِ لكان موصوفًا بالموتِ والصَّمَمِ والعَمَى والبَكَمِ ، وهذه صفاتُ نقْصٍ يَتَنَزَّهُ عنها الكاملُ ، ومثلَ ذلك: إذا لم يُوصَفْ بأنه مُبايِنٌ للعالَمِ لَزِمَ أن يكونَ داخلاً فيه ؛ لأنَّ رَفْعَ أحدِ النقيضينِ يَسْتَلْزِمُ ثبوتَ الآخَرِ.

الثانيةُ: (إثباتُ صفاتِ الكمالِ بأنْفُسِها) بأن يقالَ: كلُّ كمالٍ اتَّصَفَ به المخلوقُ فالخالقُ أَوْلَى به فالسمْعُ والبَصَرُ والكلامُ كمالٌ في حقِّ المخلوقِ فالخالِقُ أَوْلَى به ، وهذا ما سَبَقَ تسميتُه بقِياسِ الأَوْلَى. والفرْقُ بينَ الطريقتينِ واضحٌ.
ثانيًا: مُنَاقَشَةُ المُتَكَلِّمِينَ في شُبْهَةِ التقابُلِ السابقةِ وتفصيلُ الرَّدِّ عليهم
كرَّرَ شيخُ الإسلامِ هذه المسألةَ ثلاثَ مَرَّاتٍ في أثناءِ هذه الرسالةِ ، وهنا يُفَصِّلُ الشُّبْهَةَ, ثم يُفَصِّلُ الردَّ عليها، وقد نَقَلْتُ زياداتِ الشيخِ د. محمد السعوي من حاشيتِه, وأَثْبَتُّهَا في أصلِ الرسالةِ حتى يَستقيمَ المعنى ويَتِمَّ الشرْحُ ، فأبدأُ أوَّلاً بتفصيلِ الشُّبْهَةِ ثم تفصيلِ الردِّ ، وباللهِ الاستعانةُ والتوفيقُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, صفات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir