(ولا تَجِبُ) الجُمُعَةُ (على مُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ)؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ وأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ في الحَجِّ وغَيْرِه, فلم يُصَلِّ أَحَدٌ مِنْهُم الجُمُعَةَ فيهِ معَ اجتِمَاعِ الخَلْقِ الكَثِيرِ، وكما لا تَلْزَمُه بنَفْسِه, لا تَلْزَمُه بغَيْرِه, فإنْ كانَ عَاصِياً بسَفَرِه, أو كانَ سَفَرُه فَوْقَ فَرْسَخٍ ودُونَ المَسَافَةِ وأَقَامَ ما يَمْنَعُ القَصْرَ ولم يَنْوِ استِيطَاناً لَزِمَتْهُ بغَيْرِه.
(ولا) تَجِبُ الجُمُعَةُ على (عَبْدٍ) ومُبَعَّضٍ (وامرَأَةٍ)؛ لِمَا تَقَدَّمَ، ولا خُنْثَى؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ كَوْنُهُ رَجُلاً. (ومَن حَضَرَها مِنْهُم أَجْزَأَتْهُ)؛ لأنَّ إِسْقَاطَهَا عَنْهُم تَخْفِيفٌ، (ولم تَنْعَقِدْ بهِ)؛ لأنَّه ليسَ مِن أَهْلِ الوُجُوبِ، وإنَّمَا صَحَّت مِنْهُ تَبَعاً.
(ولم يَصِحَّ أَنْ يَؤُمَّ فيها)؛ لئَلاَّ يَصِيرَ التَّابِعُ مَتْبُوعاً، ومَن سَقَطَت عَنْهُ لعُذْرٍ غَيْرِ سَفَرٍ كمَرَضٍ وخَوْفٍ إذا حَضَرَها, وَجَبت عليه وانعَقَدَت به), وجازَ أن يَؤُمَّ فيها؛ لأنَّ سُقُوطَهَا لمَشَقَّةِ السَّعْيِ, وقد زَالَتْ, (ومَن صَلَّى الظُّهْرَ) وهو (مِمَّن) يَجِبُ (عليه حُضُورُ الجُمُعَةِ قَبْلَ صَلاةِ الإمامِ)؛ أي: قَبْلَ أن تُقَامَ الجُمُعَةُ أو معَ الشَّكِ فيهِ, (لم تَصِحَّ) ظُهْرُه؛ لأنَّه صَلَّى ما لَم يُخَاطَبْ بهِ, وتَرَكَ ما خُوطِبَ بهِ، وإذا ظَنَّ أنَّهُ يُدْرِكُ الجُمُعَةَ, سَعَى إِلَيْهَا؛ لأنَّها فَرْضُه, وإلاَّ انتَظَرَ حتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُم صَلَّوُا الجُمُعَةَ, فيُصَلِّي الظُّهْرَ. (وتَصِحُّ) الظُّهْرُ (مِمَّن لا تَجِبُ عليه) الجُمُعَةُ لمَرَضٍ ونَحْوِه, ولو زالَ عُذْرُه قبلَ تَجْمِيعِ الإمامِ, إلا الصَّبِيِّ إذا بَلَغَ.
(والأَفْضَلُ) تَأْخِيرُ الظُّهْرِ (حتَّى يُصَلِّيَ الإمامُ) الجُمُعَةَ، وحُضُورُهَا لِمَن اختُلِفَ في وُجُوبِهَا عليه- كعَبْدٍ- أَفْضَلُ.
ونُدِبَ تَصَدُّقٌ بدِينَارٍ أو نِصْفِه لتَارِكِهَا بلا عُذْرٍ.