الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ..
فيقول الناظم رحمه الله تعالى :النوع الثالث :المجاز النوع الثالث من أنواع العقد الرابع بعد أن أنهى الكلام عن الغريب والمعرب ذكر النوع الثالث ولم يذكر مقابله ذكر المجاز ولم يذكر الحقيقة لم يذكر المتقابلات وهنا ذكر المجاز ولم يذكر الحقيقة لماذا؟
هي الأصل كل الكلام على أصله حقيقة لكن ذكر ما يخرج عن هذا الأصل .
المجاز :يعرفه من يقول به استعمال اللفظ في غير ما وضع له إما من الجواز وهو العبور والانتقال من استعمال الحقيقة إليه أو من التجوز ،وإذا بحثنا في كتب اللغة هل نجد ما يدل على المعنى الذي يريدونه من هذه المادة ؟ يعني المسألة لغوية فلو كان المسألة اصطلاح شرعي وعرف شرعي وحقيقة شرعية لا يلزم أن نجد ما يدل عليها في كتب اللغة إلا أنه يوجد من بعد ما يدل على أصلها لكن المجاز هل نجد تعريفه في كتب اللغة من العرب الأقحاح مما يستمسك به لمن يثبت المجاز ؟
يعني حينما قال والإيجاز نوع من أنواع التحمل .
الإيجازة :مأخوذة من ايش؟
قالوا من الجواز وهو العبور لا بأس لكن هذه حقيقة عرفية شرعية عرف خاص عند أهل العلم اصطلاح خاص ولا يلزم أن يوجد لها ما يدل عليها بالمطابقة في لغة العرب وكثير من الاصطلاحات الشرعية يوجد ما يدل لأصلها لكن ما يدل عليها بالمطابقة لا يوجد لا يلزم ،مثلاً الصلاة في الأصل الدعاء الصلاة الشرعية على الكيفية والهيئة المعروفة تختلف عن هذا إلا أن الدعاء جزء من أجزائها .
فالحقائق الشرعية تشتمل على الحقائق اللغوية وتزيد عليها كما قرر ذلك شيخ الإسلام في حقيقة الإيمان لغة وشرعاً في كتاب الإيمان فهل في لغة العرب ما يدل على أن استعمال اللفظ في غير ما وضع له يسمى مجاز؟وهل يستعملون اللفظ في غير ما وضع له ؟أو نقول أنهم إذا استعملوه في غير ما وضع له من وجهة نظرنا صار استعمالهم له فيما وضعوه له ،يعني حين يضعون الأسد يريدون به الرجل الشجاع الأسد حقيقته الحيوان المفترس فإذا أطلقوه على الرجل الشجاع هل نقول أن هذا استعمال في غير ما وضع له؟من الذي وضع الأول هو الذي وضع الثاني فهم الذين وضعوه .
على كل حال الخلاف على استعمال المجاز ووجوده في لغة العرب وفي النصوص مسألة خلافية فيها المؤلفات وفيها الأقاويل والمقاولات بين أهل العلم من الأخذ والرد والتأيد والمعارضة .
ابن القيم رحمه الله تعالى عقد فصلاً في الصواعق فصلاً مطولاً سمى فيه المجاز طاغوت لماذا؟ لأنه بواسطته توصل المبتدعة إلى نفي ما نفاه عن الله جل وعلا وأطال في هدم هذا الطاغوت .
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : له رسالة في منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ،والمسألة معروفة عند أهل العلم لكن لا مانع من أن نقرأ من كلام الشيخ الشنقيطي رحمه الله ما يفيدنا إن شاء الله تعالى .
هذه رسالة طبعت مستقلة ثم طبعت في أخر جزء في أخر التفسير سمى هذه الرسالة منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ،في أولها يقول رحمه الله تعالى :
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،الحمد الله الذي صان هذا الكتاب العزيز الجليل عن أن يقع فيه ما وقع في التوراة والإنجيل من أنواع التحريف والتغير والتبديل ،وقال {إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون}وقال{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }أما بعد..
فإنا لما رأينا جل أهل هذا الزمان يقولون بجواز المجاز في القرآن ولم ينتبهوا أن هذا المنزل للتعبد والإعجاز كله حقائق وليس فيه مجاز وأن القول فيه بالمجاز ذريعة لنفي كثير من صفات الكمال والجلال .
وأن نفي ما ثبت في كتاب أو سنة لا شك في أنه محال أردنا أن نبين في هذه الرسالة ما يفهم منه الحاذق الذائق أن القرآن كله حقائق وكيف يمكن أن يكون شيء منه غير حقيقة وكل كلمة منه بغاية الكمال جديرة حقيقة {إنه لقول فصل وما هو بالهزل }أخباره كلها صدق وأحكامه كلها عدل ,
يقول :ومقصده من هذه الرسالة نصيحة المسلمين وتحذيرهم من نفي صفات الكمال والجلال التي أثبتها الله لنفسه في كتابه العزيز بإدعاء أنها مجاز وأن المجاز يجوز نفيه ".
هذه من أقوى ما يبطل بها المجاز ،المجاز يجوز نفيه إذا قلت رأيت أسد بالإمكان أن يقول قائل كذبت ما رأيت أسد وكلامه صحيح ولا باطل؟
كلامه صحيح أنت ما رأيت أسد . "وان المجاز يجوز نفيه لن ذلك من أعظم وسائل التعطيل ومعلوم أنه لا يصف الله أعلم بالله من الله {ومن أصدق من الله قيلاً} وهذا أظن الشروع في المقصود سميته منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ورتبته على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة .
المقدمة في ذكر الخلال في وقوع المجاز في أصل اللغة وأنه لا يجوز في القرآن على كلا القولين .
الفصل الأول: في بيان أنه لا يلزم من جواز الشيء في اللغة جوازه في القرآن وذكر أمثلة لذلك .
الفصل الثاني : في الجواب عن آيات زعموا أنها من المجاز نحو {جدار يريد أن ينقض }.
الفصل الثالث : الأجوبة عن إشكالات تتعلق بنفي المجاز ونفي بعض الحقائق ويشتمل على أمور لها تعلق بالموضوع .
الفصل الرابع: في تحقيق المقام في آيات الصفات مع نفي المجاز عنها .
الخاتمة: في وجه مناظرة نفي لبعض الصفات في الطرق الجدلية .
المقدمة : اعلم أولاً أن المجاز اختلف في أصل وقوعه فقال أبو إسحاق الأسفرايني وأبو علي الفارسي أنه لا مجاز في اللغة أصلاً كما عزاه لهما ابن السبكي في جمع الجوامع .
يعني أو من عرف في هذه التسمية والتصنيف في المجاز أبو عبيدة ألف في مجاز القرآن ولم يعرف له سلف وإن نقل عن الفارسي تلميذه أبو الفتح ان المجاز غالباً على اللغات كما ذكره عنه صاحب الضياء اللامع وكل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً فهو عند من يقول بنفي المجاز أسلوب من أساليب اللغة العربية ،وإذا كان أسلوب مطروق في لغة العرب فهو حقيقة وليس بمجاز .
فمن أساليبها إطلاق الأسد على الحيوان المفترس المعروف وأنه ينصرف إذاً عند الإطلاق مما يدل على أن المراد غيره ومنة أساليبها إطلاقه على الرجل الشجاع إذا اقترن بما يدل على ذلك ولا مانع من كون أحد الإطلاقين لا يحتاج إلى قيد والثاني يحتاج إليه لأن بعض الأساليب يتضح فيها المقصود فهو يحتاج إلى قيد وبعضهم لا يتعين المراد فيه إلا بقيد يدل عليه ،يعني مثله المشترك الذي يحتمل أكثر من معنى على ما سيأتي الذي يعين المعنى المراد إما قرينة تدل عليه نعم هو تصريح من المتكلم وكل منهما حقيقة في محله وقس على هذا جميع أنواع المجازات وعلى هذا فلا يمكن إثبات مجاز في اللغة العربية أصلاً كما حققه العلامة ابن القيم رحمه الله في الصواعق ،وإنما هي أساليب متنوعة بعضها لا يحتاج إلى دليل وبعضها يحتاج إلى دليل يدل عليه .
ومع الاقتران بالدليل يقوم مقام الظاهر المستغني عن الدليل فقولك رأيت أسد يرمي يدل على الرجل الشجاع كما يدل لفظ الأسد عند الإطلاق على الحيوان المفترس ،ولو قلت أيضاً رأيت أسد يقرأ فتلثمت يدل على أنك تريد أبخر ولكنه رجل وليس بأسد لأن الأسد أبخر أيضاً ،هو أبخر إذا كانت رائحته التي تنبعث من فمه قبيحة يسمونه أبخر .
ثم إن القائلين بالمجاز في اللغة العربية ما يمنع أن يطلق حقيقة عندما يدل على ذلك مثل ما أطلقوه على الشجاع لوجود وجه الشبه بينه وبين الأسد في الشجاعة يطلقونه على الأبخر لوجود وجه الشبه بينه وبين الأسد في الرائحة .
ثم إن القائلين بالمجاز في اللغة العربية اختلفوا في جواز إطلاقه في القرآن فقال قوم : لا يجوز أن يقال في القرآن مجاز ومنهم ابنخزيم من المالكية وابن القاس من الشافعية والظاهرية وبالغ في إيضاح منع المجاز في القرآن الشيخ أبو العباس ابن تيمبة وتلميذه ابن القيم رحمهم الله تعالى بل أوضح منعه في اللغة أصلاً والذي ندين الله به ويلزم قبوله كل منصف محقق أنه لا يجوز إطلاق المجاز في القرآن مطلقاً على كلا القولين ،أما على القول فإنه لا مجاز في اللغة أصلاً وهو الحق فعدم المجاز في القرآن واضح وأما على القول بوقوع المجاز على اللغة العربية فلا يجوز القول به في القرآن وأوضح دليل على منعه في القرآن إجماع القائلين بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نفيه ويكون نفي صادق في نفس الأمر فتقول لمن قال رأيت أسد يرمي ليس هو بأسد وإنما هو رجل شجاع فيلزم على هذا بأن في القرآن مجاز وأن في القرآن ما يجوز نفيه .
ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن وهذا اللزوم اليقيني الواقع بين القول بالمجاز في القرآن وبين جواز نفي بعض القرآن قد شوهدت في الخارج صحته وأنه كان ذريعة إلى نفي كثير من صفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن العظيم .
وعن طريق المجاز توصل المعطلون إلى نفي ذلك فقالوا: لا يد ولا استواء ولا نزول ولمحوا ذلك في كثير من هذه الصفات ،لأن هذه الصفات لم ترد حقائقها بل هي عندهم مجازات فاليد مستعملة عندهم في النعمة أو القدرة والإستواء في الإستيلاء والنزول نزول أمره ونحو ذلك فنفو هذه الصفات الثابتة للوحي عن طريق القول بالمجاز مع أن الحق الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة إثبات هذه الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه والإيمان بها من غير تكليف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل وطريق مناظرة القائل بالمجاز في القرآن ه أن يقال لا شيء في القرآن يجوز نفيه وكل مجاز يجوز نفيه ينتج من الشكل الثاني لا شيء من القرآن بمجاز وهذه النتيجة كلية ومقدمتا القياس الإقتراني الذي أنتجها لا شك في صحة الإحتجاج بهما لأن الصغرى منهما وهو قولنا لا شيء من القرأن يجوز نفيه مقدم وصادق يقيناً لكذب نقيضها يقيناً لأن نقيدها هو قولك بعض القرآن يجوز نفيه وهذا ضروري البطلان ،والكبرى منهما هو قولنا :هو كل مجاز يجوز نفيه صادقة بإجماع القائلين بالمجاز ويكفينا إعترافهم بصدقها لأن المقدمات الجدلية يكفي في قبول إعتراض القسم بصدقها وإذا صح تسليم المقدمتين صحت النتيجة التي هي قولنا أن لا شيء من القرآن بمجاز وهو المطلوب .
فإن قيل كل ما جاز في اللغة العربية جاز في القرآن لأنه بلسان عربي مبين ،فالجواب :أن هذه كلية لا تصدق إلا جزئية وقد أجمع النظار وإضاح هذا على طريق المناظرة وأن القائل به يقول أن المجاز جائز في اللغة العربية وكل ما جاز في اللغة العربية فهو جائز في القرآن ينتج من الشكل الأول المجاز جائز في القرآن فنقول سلمنا المقدمة الصغرى تسليماً جدلياً لأن الكلام على غر صدقها وهي قول أن المجاز جائز في اللغة العربية ولكن لا نسلم الكبرى التي هي قوله وكل جاز في اللغة العربية جائز في القرآن بل نقول بنقيضها .
وقد تكرر عند عامة النظار أن نقيض الكلية الموجبة جزئية سالبة فهذه المقدمة التي فيها النزاع وهو قوله كل جائز في اللغة جائز في القرآن كلية موجبة منتقضة بصدق نقيضها الذي هو جزئية سالبة وهي قولنا بعض ما يجوز في اللغة ليس بجائز في القرآن فإذا تحقق صدق هذه الجزئية السالبة تحقق نفي الكلية الموجبة التي هي قوله كل جائز في اللغة جائز في القرآن والدليل على صدق الجزئية السالبة التي نقضنا بها كليته الموجبة كثرة وقوع الأشياء المستحسنة في اللغة عند البيانين كإستحسان المجاز وهي ممنوعة في القرآن بلا نزاع ، فمن ذلك ما يسميه علماء البلاغة الرجوع وهو نوع من أنواع البديع المعنوي وحده الناظم بقوله :
وسمي نقض سابق بلاحق لسر الرجوع دون ماحق
فإنه بديع المعنى في اللغة عندهم وهو ممنوع في القرآن العظيم لأن نقض السابق فيه بالاحق إنما هو لإظهار المتكلم الوله والحيره من أمر كالحب مثلاً فإنه يظهر إنه ثاب له عقله ورجع له رشده فينقض كلامه الأول الذي قاله في وقت حيرته غير مطابق للحق كقول زهير:قف بالديار التي لم يعفها القدم بلا وغيرها الأرواح والديم
فقوله بلا وغيرها إلى أخره:عندهم ينقض به قوله لم يعفهاالقدم إظهار لأنه قال الكلام الأول من غير شعور ثم ثاب إليه عقله فرجع إلى الحق وهذا بليغ جداً في إظهار الحب والتأثر عند رأية دار الحبيب ولا شك أن مثل هذا لا يجوز في القرآن ضرورة ومن الرجوع إلى أخره .
يريد أن يثبت أن هناك من الأساليب ما يستساغ في لغة العرب ولا يجوز نظيره في القرآن فليكن المجاز من هذا النوع وذكر لهذا أمثلة كثيرة رحمه الله وإذا ذكر شيء استطرد فيه ثم ذكر أشياء ذكروها أمثلة للمجاز .
فصل في الإجابة عن ما ادعي فيه المجاز :فإن قيل ما تقول أيها النافي للمجاز في القرآن في قوله تعالى {جدار يريد أن ينقض}وقوله{وسأل القرية}وقوله {ليس كمثله شيء}الآية وقوله {وأخفض لهم جناح الذل من الرحمة}الآية ،فالجواب أن قوله {يريد أن ينقض}لا منع من حمله على حقيقة الإرادة المعروفة في اللغة لأن الله يعلم للجمادات ما لا نعلمه لها كما قال تعالى{وإنْ من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم }وقد ثبت في صحيح البخاري حنين الجزع الذي كان يخطب عليه صلى الله عليه وسلم وثبت في صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال:((إني أعرف حجر كان يسلم علي في مكة ))وأمثال ذلك كثيرة جداً فلا مانع أن يعلم الله جل وعلا من ذلك الجدار إرادة الإنتظار ويجاب عن هذه الآية أيضاً بما قدمنا من أنه لا مانع من كون العرب تستعمل الإرادة عند الإطلاق في معناها المشهور وتستعملها في الميل عند دلالة القرينة على ذلك وكلا الإستعمالين حقيقة في محله وكثيراً ما تستعمل العرب الإرادة في مشارفة الأمر أي قرب وقوعه أي قرب الجدار من الإنقضاض سمي أيضاً إرادة إلى أن قال في قوله والجواب عن قوله {وسأل القرية} من وجهين أيضاً الأول أن إطلاق القرية وإرادة أهلها من أساليب اللغة العربية أيضاً كما قدمنا ، والثاني أن المضاف المحذوف كأنه مذكور لأنه مدلول عليه بالإقتضاء وتغير الإعراب عند الحذف من أساليب اللغة أيضاً كما أخذه في الخلاصة ،وما يأتي المضاف يأتي خلف عنه في الإعراب إذا ما حذف مع أن كثير من علماء الأصول يسمون الدلالة على المحذوف نحو قوله {واسأل القرية} دلالة الإقتضاء .
واختلف هل هي من المنطوق إلى الصريح أو من المفهوم إلى أن قال فظهر أن مثل {واسأل القرية} من المدلول عليه بالإقتضاء وأنه ليس من المجاز عند جمهور الأصولين القائلين بالمجاز في القرآن وأحرى غيرهم مع أن حد المجاز لا يشمل مثل {وسأل القرية } لأن القرية فيه عند القائل بها بأنه من مجاز النقص مستعملة في معناها الحقيقي وإنما جاءها المجاز عندهم من قبل النقص المؤدي لتغير الإعراب وقد قدمنا أن المحذوف مقتضى وأن إعراب المضاف إليه إعراب إذا حذف من أساليب اللغة العربية سيأتي تمثيلهم بالنقص والزيادة .
والجواب عن قوله {ليس كمثله شيء}أنه لا مجاز زيادة فيه لأن العرب تطلق المثل وتريد به الذات وهو أيضاً أسلوب من أساليب اللغة العربية وهو حقيقة في محله كقول العرب مثلك لا يفعل هذا يعني لا ينبغي لك أن تفعل هذا ودليل هذا وجوده في القرآن الكريم كقوله تعالى {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله }شهد أن القرآن أنه حق وقوله تعالى {ومن كان ميتاً فأحيينه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات } يعنى كمن هو في الظلمات{ فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به}أي بما أمنتم به على أرض هذه الأقوال وتدل عليه قراءة ابن عباس {فإن امنوا بما أمنتم به}.
والجواب عن قوله تعالى روأ{ واخفض لهم جناح الذل }أن الجناح هنا مستعمل في حقيقته لأن الجناح يطلق حقيقة على يد الإنسان وعضده وإبطه قال تعالى { واضمم إليك جناحك من الرهبة والخوف} مستعملة في معناه الحقيقي الذي هو ضد الرفع لأن مريد البطش يرفع جناحيه ومظهر الذل والتواضع يخفض جناحيه فالأمر بخفض الجناح للوالدين كناية عن لين الجانب لهما والتواضع لهما كما قال للنبيه صلى الله عليه وسلم :((وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ))وإطلاق العرب خفض الجناح كناية عن التواضع للأجانب اسلوب معروف واما إضافة الجناح إلى الذل فلا تستلزم المجاز كما يظنه كثير لأن الأضافة فيه كالإضافة في قولك حاتم الجود فيكون المعنى وأخفض لهما الجناح الذليل من الرحمة أو الذلول على قراءة الذل بالكسر ثم ذكر مناقشة الدليل دليل المانع ونقل ابن القيم مطولاً كلام طويل أظن المواريث يدل على أن الموضوع لم ينحسم .
ولكن هذا كلام الشيخ وكلام جيد ورصين ومتين كعادته رحمه الله الحق ما ينفى لإستغلال من استغله من غير وجوه فإستدلال المرجئة بأحاديث الوعد ونصوص الوعد لا يجعلنا ننكرها وننفيها إستغلال الخوارج لنصوص الواعيد لا يجعلنا ننكرها وننفيها الحق هو الحق سواء استعمل على وجهه أو على غير وجه يبقى هو الحق أما غيره فلا صار حقيقة في مكان ،إذا نفى الحقيقة لما اقترن بها نعم هو نفى حقيقة لما اقترن بهالو قال ما رأيت أسد يكتب قلنا لا رأيت أسد يكتب لأن الأسد إطلاقه على الرجل الشجاع حقيقي وكونك تنفي لأنك تخيلت الأسد لأنك لما نفيت ايش تصورت ؟ أنه الأسد المفترس فنقول أن تصورك هذا خطأ فنفيك المبني على هذا التصور خطأ ليش تصورك خطأ؟ لأن الأسد الحقيقي لا يكتب ،لا ما هو بلفظي صار له حقيقة وواقع وصار له أثار سيئة مثل قول المثل الذي يقول بأن العمل غير داخل في الإيمان مثل ما يقول صاحب شرح الطحاوية يقول:"الخلاف لفظي بين المرجئة وبين غيرهم" ايش معنى لفظي ؟ يعني ما يترتب عليه أثار يعني إذا ترتبت عليه أثار فهو خلاف معنوي .
يقول النوع الثالث :المجاز
نشرح كلامه على أساس أنه يثبت المجاز وأما نفيه الذي نعتقده نشرحه على رأيه هو .
النوع الثالث :المجاز :هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له منها اختصار الحذف هذا يكثر في القصص في قصص القرآن {فأرسلون يوسف أيها الصديق }كم بين الآية والآية من كلام محذوف فأرسلون فأرسلوه فوصل إلى يوسف وقال له يا يوسف أيها الصديق ففيه حذف ، وفي آية الفطر {فعدة من أيام أخر}فأفطر فالواجب عليه عدة هذا يسمونه مجاز حذف ترك الخبر أن يؤتى بمبتدأ ويترك خبره أو العكس {فصبر جميل} تقدير إن أردنا حذف الخبر فصبر جميل صبري أو العكس فصبري صبر جميل والفرد جمع إن يُجز أن يستعمل مجازاً أن يستعمل الفرد على الجماعة إن يجز عن أخره .
مثال الجمع عن الفرد : {ربي ارجعون}هو واحد يعني أرجعني والعكس {إن الإنسان لفي خسر}والمراد جميع الناس مع إن إطلاق الإنسان على الجمع على الجنس كونه مجاز فيه نظر لأن أل الجنسية فلا يسمى مجاز استعمال حقيقي هذا واحدها من المثنى والله ورسوله أحق أن يرضوه الضمير واحد وهو لمثنى الأصل أن يرضوهما والذي عقل عن ضد له يعني إطلاق العاقل على غير العاقل إطلاق ما يستعمل في العقلاء على غير العاقل وعكسه ،{قالتا أتينا طائعين} جمع المذكر السالم إنما يكون للعقلاء هو أنه جاء بإزاء
{ قالتا أتينا طائعين }ايش ؟ السموات والأرض ولفظه {فأنكحوا ما طاب} ما هذه لغير العاقل وجاءت بإزاء النساء وهن عقلاء عن ضد له أو عكس ذي سبب يعني من أنواع المجاز السبب إطلاق المباشرة وإرادة السبب {يذبحوا أبنائه}هل هو يذبحوهم بيده يباشر الذبح أو يأمر به فهنا أطلق المباشرة وأريد السبب .
الإلتفات {مالك يوم الدين إياك نعبد}وإلا فالأصل أن يقول إياه مالك يوم الدين ويخبر عنه إياه نعبد فالتفت هنا ،ويقول أهل العلم:"أن في عد هذا من المجاز نظر لأنه حقيقة" الإلتقات حقيقة ولو خلا عن التجريد أما إذا وجد معه التجريد مثل حديث سعد يقول سعد "أعطى النبي صلى الله عليه وسلم رهط وسعد جالس " ما قال وأنا جالس هذا فيه تجريد يعني جرد من نفسه شخص أخر تحدث عنه وإلا فالأصل أن يقول وأنا جالس .
وفي هذا عد من المجاز ما فيه التكرير {كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون}تكرير هذا يقولون مجاز بالتكرير لكن هل هذا بالفعل مجازأو استعمال حقيقي لتعظيم الأمر وتهويله؟ وإلا فكل التكرير اللفظي يصير مجاز .
زيادة تقديم أو تأخير: زيادة{ليس كمثله شيء}يمثلون بها وسمعنا جواب الشيخ رحمه الله تعالى وأنه يطلق المثل ويراد الشيء نفسه .
تقديم أو تأخير:الأو يعني هذه بمعنى الواو وتأتي بمعنى الواو عند أمن اللبس يقول ابن مالك :"وربما عاقبت الواو إذا لم يلفي إلى أخر البيت " ويمثلون للتقديم والتأخير {فضحكت فبشرناها} الأصل أن الضحك مرتب على البشارة أنها بشرت أولاً ثم ضحكت هذا إذا حملنا الضحك على حقيقته المتبادرة بالضحك وإذا قلنا أن ضحكت معناها :حاضت كما يقول بعضهم أنها حاضت فبشرت فلا يكون في تقديم ولا تأخير ،ومن أسماء الحيض الضحك .
هناك من يقول أنه يمنع في الغيبيات ويجاز في المحسوسات لأن المحسوس يدركه الإنسان ويحس به فيستطيع أن يعبر عنه أما الأمر الغيبي فلا يستطيع إدراكه ومن ثم لا يستطيع التعبير عنه هذا قول وكما ترون وجه ويبقى أن ما دام العرب لا يعرفون لهذا الإستعمال فلماذا نلزمهم بها ؟