النوع الثاني عشر : هو آخر ما نزل، وآخر الأنواع المـُتعلقة بالعِقد الأوّل وهو: ما يتعلق بالنزول
ويُستفاد من معرفة أوّل ما نزل وآخر ما نزل: معرفة الزمن الذي يترتب عليه القول بالنسخ والإحكام.
يقول الناظم_رحمه الله تعالى_:
(آخرُ ما نَزَلَ): الأخيرة.
(آية الكلالة الأخيرة):عرفنا أن الكلالة فيها آيتان في أوائل سورة النساء وفي آخر السورة،
و(آية الكلالة الأخيرة): يعني الأخيرة في النزول على النبي_عليه الصلاة والسلام_ كما تقتضيهِ الترجمة، أو أن المـُراد بآية الكلالة الواقعة في آخر سورة النساء، يعني افترض إنك حِفظت البيت من دون ترجمة:
وآَيَةُ الكـــلالَةِ الأَخِيْرَةْ
قِيْلَ الرِّبا أَيضاً ، وقِيْلَ غَيْرَهْ
وما الذي يدريك أن الناظم يريد آخر ما نزل، إذا قلنا: آية الكلالة الأخيرة بالنسبةِ لسورة النساء ؟ لايوجد ما يدل على الترجيح.
....................
قِيْلَ : الرِّبا أَيضاً ، وقِيْلَ : غَيْرَهْ
كلّها ما فيها ما يدل على الترجمة، نحتاج إلى ما يدل على الترجمة ، أن آية الكلالة معروفة؛ لكن الآية الأولى التي ذُكرت فيها الكلالة {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ} [1]،فيمكن أن يقال أنها آية الكلالة.
على كلِّ حال الكلالة ذُكِرت في موضعين :في أوائل السورة وفي آخرها.
الإشكال الذي نقع فيه على ماذا تعود كلمة ( الأخيره ) ؟
(الأخيرة)،يحتملُ عودُها على أنّها آخر ما نزل من القرآن وهذا هو المـُطابق للترجمة،
(الأخيرة): يعني المـُتأخرة في سورة النساء آخر آية في سورة النساء، وحينئذٍ البيت لا يكون فيه ارتباط بالترجمة، يعني لو نُزع البيت وحدهُ ما فهمنا ما يريد المؤلف، يعني لابد من قراءة الترجمة مع البيت.
(وصنف الأئمة الأسفار فيه): يعني لايوجد ما يدل على أنّه يريد أسباب النزول إلا من خلال الترجمة،
فإذا قلنا: أنّه لا يستقيمُ الكلام في المنظومةِ كلّها إلا بالتراجم قلنا: مُرادهُ (بالأخيرة ): بالنسبة للسورة.
- لماذا لم نذكر الحديث عن التراجم في الأبيات السابقة؟
لأن اللفظ مُحتمل هنا: آخر ما نزل آيةُ الكلالةِ الأخيرة إذا قرأناهُ بالترجمة، والأخوان يقولون: إن أكثر الأبيات السابقة لا تُدرك إلا بالترجمة.
انظر..أسباب النزول فيه ما يدل عليه إلا بالترجمة، آخر آية أخيرة مُتأخرة في النزول، أو أنّها مُتأخر ذكرُها في سورة النساء؟
هذا الاحتمال هو الذي جعلنا نقف عندها، وإلا البيت كسوابقه، (أوّل ما نزل "اقرأ")، ما قال في البيت :(اقرأ أوّل ما نزل).
إذا.. هي تحتمل معنيين لكن هل نقول المؤلف يريدُ المعنيين؟ أو أن المعنى الأوّل أبان عنه في الترجمة ، ويريد المعنى الثاني ؟
هذا ينبني على إعرابها؛ لكنها الآن ساكنة، لو حُركت ماذا نقول في الأخيرة ؟
هل نقول: الأخيرةُ، أو الأخيرةِ، إذا طردنا المنظومة وأنّه (لا يبدأ)، لا يُكرر ما ذكره في الترجمة، قلنا: مُرادهُ (بالأخيرة) يعني الأخيرة بالنسبة للسورة، وحينئذٍ نقول:
وآيةُ الكلالةِ الأخيرةُ
....................
وصف للآية، وإذا قلنا:
آيةُ الكلالةِ الأخيرةُ
....................
نعم، يعني المـُتأخرة، المنظومة بين يديك بتراجمها، بألفاظها، وحروفها ما عندك إشكال؛ لكن لو قال قائل: ما معنى هذا البيتُ، وافردهُ عن الترجمه؟ هل نقول أنّه لابد من ذكر التراجم في هذه المنظومة، أو تستقل الأبيات؟
ثبت بالأنواع السابقة أنّه لا يُكرر ما يذكرهُ في التراجم، فمُراده بقوله:(الأخيرة): أي المـُتأخرة بالنسبة للسورة، أما كونها آخر ما نزل نفهمهُ من الترجمة.
قد يقول قائل: لماذا لا نفهم الأمرين من قوله:(الأخيرة)؟ لأن استعمال اللفظ في معنييه ممنوع عند الجمهور.
حتى هذا ما يُميز الذي لا يعلم آيات الربا من آخر ما نزل، كيف يعلم لو قالك قائل: الربا حربٌ لله ورسوله، كيف تصير آخر التشريع!! .
(وآية الكلالة الأخيرة):يعني في وَضعها في سورة النساء، وفي النزول ايضًا ليُطابق البيت الترجمة.
..........................
قِيْلَ : الرِّبا ...............
عطف مع حذف العاطف، (قيل الربا)يعني: وقيل الربا كما في البُخاري عن ابن عباس، والبيهقي عن عمر_رضي الله عنه_، (قيل الربا): ويُقصد بذلك آيات الربا التي في أواخر سورة البقرة {الذين يأكلون الربا.....}إلى آخر الآيات، وقيل غيره، قيل الربا أيضًا قول ثاني، وقيل غيره فروى النسائي عن ابن عباس _رضي الله عنهما_:( أن آخر ما نزل{فاتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله})، وقيل: آخر براءة آخر ما نزل{قد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم.....} إلى آخر السورة، وقيل: آخر ما نزل سورة النصر، وقيل أيضًا : سورة براءة آخر ما نزل، والتوفيق سهل بين هذه الأقوال: بالنسبة للنصر وبراءة لِكمالها، يقال: آخر السور، وأما بالنسبةِ لآخر الآيات، فالذي يقول:آيات الربا كلامه صحيح إلى آخر الوجه، إلى قوله{فاتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}، فتكون بمجموعها الآخر، وإذا نظرنا إلى آخر آية اتفق معها قول من يقول: {واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}، على كل حال الأقوال كثيرة لكن هذه أشهرها.
نعم، تُحمل على آخر ما نزل في الأحكام، نعم .. أوّل ما نزل بالمدينة.
وأما استيعاب الأقوال في جميع السور، وجميع ما قيل فيها: هل هي نزلت كذا أو كذا ؟
فلم يستوعب، إنما مشى على الراجح عنده، ومشى على هذا باعتبار أنّه قيل:إن أوّل ما نزل وقيل العكس.
اللهمّ صلي وسلم وبارك على عبدك ، ورسولك مُحمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[1] سورة (النساء:12)
تم التعديل بواسطة زمزم