ولم يفعلوا ما طلبوا، ولمّا نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهوا، ولو فعلوا ما طلبوا؛ لكان شركاً أكبر، لكن لما قالوا وطلبوا دون فعل صار قولهم شركاً أصغر؛ لأنه كان فيه نوع تعلق بغير الله جل وعلا، لهذا نقول: (إن أولئك الصحابة الذين طلبوا هذا الطلب، لما نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهوا، وهم لا يعلمون أن هذا الذي طلبوه غير جائز؛ وإلاّ فلا يظن بهم أنهم يخالفون أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ويرغبون في معصيته، فإذاً: صار الشرك في مقالهم، وأما الفعل فلم يفعلوا شيئاً من الشرك).
وهذا الذي قالوه: قال العلماء: (هو شرك أصغر وليس بشرك أكبر، ولهذا لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتجديد إسلامهم، دلَّ على ذلك قوله: ((قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى)) فشبه المقالة بالمقالة).
وقد قال الشيخ -رحمه الله- في (المسائل): (إنهم لم يكفروا، وأن الشرك منه أكبر ومنه أصغر؛ لأنه لم يأمرهم عليه الصلاة والسلام بتجديد الإسلام، ظاهر من هذا أن الشرك الأكبر الذي كان فيه المشركون لم يكن راجعاً إلى التبرك بذات الأنواط فقط، وإنما كان بالتعظيم والعكوف والتبرك بالتعليق).
وقد قلت لك: إن التبرك بالشجر، والحجر، ونحو ذلك: إذا كان فيه اعتقاد أن هذا الشيء يقرب إلى الله، وأنه يرفع الحاجة إلى الله، أو أن تكون حاجاتهم أرجى إجابة، وأمورهم أحسن إذا تبركوا بهذا الموضع؛ فهذا شرك أكبر، وهذا الذي كان يصنعه أهل الجاهلية؛ لهذا قلت لك إن فعلهم يشمل ثلاثة أشياء:
التعظيم:تعظيم العبادة، وهذا لا يجوز إلا لله،تعظيمٌ أنَّ هذا يتوسل ويتوسط لهم عند الله جل وعلا، وهذا لا يجوز وهو من أنواع العبادة، واعتقاد شركي.
والثاني:أنهم عكفوا عندها ولازموا،والعكوف والملازمة نوع عبادة، فإذا عكف ولازم تقرباً، ورجاءً، ورغبة، ورهبة، ومحبة؛ فهذا نوع من العبادة.
والثالث:التبرك.
فإذاً: يكون الشرك الأكبر ما ضم هذه الثلاث.
وإذا تأملت ما يصنعه عباد القبور، والخرافيون في الأزمنة المتأخرة؛ وفي زماننا هذا، وجدت أنهم يصنعون كما كان المشركون الأولون يصنعون عند اللات، وعند العزى، وعند مناة، وعند ذات أنواط؛ فإنهم يعتقدون في القبر، بل يعتقدون في الحديد الذي يسيَّجُ به القبر.
فالمشاهد المختلفة في البلاد التي يفشو فيها الشرك،أو يظهر فيها الشرك:
- تجد أن الناس يعتقدون في الحائط الذي على القبر.
- أو في الشباك الحديدي الذي يحيط بالقبر، فإذا تمسحوا به كأنهم تمسحوا بالمقبور، واتَّصَلَتْ روحهم بأنه سيتوسط لهم؛ لأنهم عظموه، هذا شرك أكبر بالله جل وعلا؛ لأنه رجع إلى تعلق القلب في جلب النفع وفي دفع الضر بغير الله جل وعلا، وجعله وسيلة إلى الله جل وعلا؛ كفعل الأولين الذين قال الله فيهم: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
- وأما الحالة الأخرى التي نبَّهتُك في أول المقام عليها، من أنه يجعل بعض التمسحات أسباباً؛ مثل ما ترى بعض الناس الجهلة، يأتي في الحرم ويتمسح بأبواب الحرم الخارجية، أو ببعض الجدران، أو ببعض الأعمدة؛
- فهذا إن ظن أن ثَمَّ روحاً في هذا العمود.
- أو هناك أحد مدفون بالقرب منه.
- أو ثم من يخدم هذا العمود من الأرواح الطيبة كما يقولون؛ فتمسح لأجل أن يصل إلى الله جل وعلا؛ فهذا شرك أكبر.
- وأما إذا تمسح باعتقاد أن هذا مكان مبارك، وأن هذا سبب قد يشفيه، إذاً: قلنا إذا كان يتمسح بجعله سبباً؛ فهذا يكون شركه شركاً أصغر، وإذا كان تعلق قلبه بهذا المتمسح به، أو المتبرك به، وعظمه، ولازمه، واعتقد أن ثمة روحاً هنا، أو أنه يتوسل به إلى الله؛ فإن هذا شرك أكبر.
سؤال:يقول أهلي: اذبح الذبيحة ووزعها على المساكين دفعة بلاء، فهل تجوز تلك النية ؟
جواب:هذا فيه تفصيل، ذلك أن ذبح الذبائح إذا كان من جهة الصدقة، ولم يكن لدفع شيء متوقع، أولرفع شيء حاصل، ولكن من جهة الصدقة وإطعام الفقراء، فهذا لا بأس به، داخل في عموم الأدلة التي فيها الحض على الإطعام، وفضيلة إطعام المساكين.
وأما إن كان الذبح لأن بالبيت مريضاً، فيذبح لأجل أن يرتفع ما بالمريض من أذى؛ فهذا لا يجوز، ويحرم.
- قال العلماء: (سدّاً للذريعة؛ ذلك لأن كثيرين يذبحون حين يكون بهم مرض، لظنهم أن المرض كان بسبب الجن، أو كان بسبب مؤذٍ من المؤذين إذا ذبح الذبيحة وأراق الدم فإنه يندفع شره، أو يرتفع ما أحدث، وهذا لاشك أنه اعتقاد محرم ولا يجوز).
والذبيحة لرفع المرض والصدقة بها عن المريض، قال العلماء: (هي حرام ولا تجوز سدّاً للذريعة) وللشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق (رسالة خاصة في الذبح للمريض).
كذلك:إذا كان الذبح لدفع أذىً متوقع،مثلاً كان بالبلد داء معين؛ فذبح لدفع هذا الداء، أو كان في الجهات التي حول البيت ثمَّ شيء يؤذي؛ فيذبح ليندفع ذلك المؤذي: إما لص مثلاً يتسلط على البيوت، أو أذى يأتي للبيوت، فيذبح ويتصدق بها؛ لأجل أن يندفع ذلك الأذى، هذا أيضاً غير جائز، ومنهي عنه سدّاً للذريعة؛ لأن من الناس من يذبح لدفع أذى الجنّ، وهو شرك بالله جل وعلا.
فإذاً تحصّل من ذلك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم:((داوو مرضاكم بالصدقة)) فيما رواه أبو داود وغيره، وقد حسّنه بعض أهل العلم، وضعفه آخرون، أن معنى ((داوو مرضاكم بالصدقة)) يعني: بغير إراقة الدم، فيكون إراقة الدم مخصوص من ذلك -من المداواة بالصدقة- لأجل ما فيه من وسيلة إلى الاعتقادات الباطلة، ومعلوم أن الشريعة جاءت بسد الذرائع جميعا، إلا الذرائع الموصلة إلى الشرك.
وجاءت أيضاً بفتح الذرائع الموصلة للخير، فما كان من ذريعة يوصل إلى الشرك والاعتقاد الباطل؛ فإنه يُنهى عنه.
سؤال:وهذا يقول: ما رأي فضيلتكم ببعض الأواني التي يُكتب عليها بعض الآيات والتي تباع في بعض المحلات التجارية؟
جواب:هذه الأواني يختلف حالها:إن كان يستخدمها لأجل أن يتبرك بما كتب فيها من الآيات؛ فيجعل فيها ماء ويشربه لأجل أن الماء يلابس هذه الآيات؛ فهذا من الرقية غير المشروعة؛ لأن الرقية المشروعة ما كانت الآيات في الماء، وهذه الآيات لم تنحلّ في الماء؛ لأنها من معدن، أو من نحاس، والتصاق الماء بتلك الكتابات -آيات أو أدعية- لا يجعل الماء بذلك مباركاً، أو مقروءاً فيه، فإذا اتخذت لذلك؛ فهذا من الرقية غير المشروعة.
- وأما إذا أخذها للزينة، أو لجعلها في البيت، أو لتعليقها: فهذا كرهه كثير من أهل العلم؛ لأن القرآن ما نزل لتزين به الأواني، أو تزين به الحيطان، وإنما نزل للهداية:{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}.
سؤال: وهذا يقول: بعض الناس يضع المصحف في درج السيارة، وذلك بقصد أن للمصحف أثر في ردِّ العين أو البلاء، نرجو منكم التوضيح .
إذا كان يقصد من وضع المصحف في درج السيارة، أو على طبلون السيارة الأمامي، أو خلف السيارة؛ أن يدفع عنه وجود المصحف العين: فهذا من اتخاذ المصحف تميمة، وقد مر حكم التمائم من القرآن؛ وأن الصحيح أنه
لا يجوز أن يجعل القرآن تميمة، ولا أن يجعل القرآن بوجوده دافعاً للعين.
لكن الذي يدفع العين:
- قراءة القرآن.
- والأدعية المشروعة.
- والاستعاذة بالله جل وعلا، ونحو ذلك مما جاء في الرقية؛ فتحصل أن وضع القرآن لهذه الغاية داخل في المنهي عنه، وهو من اتخاذ التمائم من القرآن.
لَمَّا كان القرآن غير مخلوق، وهو كلام الله جل وعلا، لم تصر هذه التميمة شركية، وإنما يُنهى عنها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستعمل هذا، ولم يجعل في عنق أحد من الصحابة، لا الصغار ولا الكبار، ولا أذن، ولا وجَّه بأن يجعل القرآن في شيء من صدورهم، أو في عضد أحدهم، أو في بطنه، ومعلوم أن مثل هذا لو كان دواءً مشروعاً، أو رقية سائغة، أو تميمة مأذوناً بها؛ لرخص فيها، سيما مع شدة حاجة الصحابة إلى ذلك.
وتعليق القرآن أيسر من البحث عن راقٍ يرقي،ويُطلب منه، وربما يكافأ على رقيته، فلما كان هذا أيسر، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرشدهم إلى الأيسر، وقد بُعث ميسراً؛ عُلِم -مع ضميمة الأدلة التي ذكرت لكم بالأمس- أن هذا من جنس غير المشروع، والله أعلم.
سؤال:وهذا يقول: قوله: ((وعامرهن غيري)) قد يستدل به أهل البدع على أن الله في كل مكان، نرجو التوضيح بارك الله فيكم.
جواب:في قوله -جل وعلا- في الحديث القدسي: ((يا موسى، لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري)) السماوات السبع معروفة طباق، بعضها فوق بعض، ((وعامرهن)) هي من العمارة المعنوية، يعني: من عمرها بالتسبيح والتهليل وذكر الله وعبادته، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أطّت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع)) ففيها عُمَّار كثيرون.
- عمروها بعبادة الله جل وعلا، وقد قال -جل وعلا- في أول سورة الأنعام:{وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون}، فالله
-جل وعلا- هو المعبود سبحانه في السماوات، وهو المعبود سبحانه في الأرض، فقوله هنا: ((لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري)) يعني من يعمر السماوات، والله -جل وعلا- في هذا الاستثناء في قوله ((غيري)) يعني: إلا أنا، هذا يحتمل أن يكون الاستثناء راجع إلى الذات، وراجع إلى الصفات.
ومعلوم أن الأدلة دلت على أن الله جل وعلا على عرشه مستوٍ عليه، بائن من خلقه جل وعلا؛ والسماوات من خلقه سبحانه وتعالى، فعُلم من ذلك أن قوله: (وعامرهن غيري) راجع إلى عمارة السماء بصفات الله جل وعلا، وبما يستحقه سبحانه من التأله والعبودية، وما فيها من علم الله، ورحمته، وقدرته، وتصريفه للأمر، وتدبيره، ونحو ذلك من المعاني.
سؤال:وهذا يقول: رجل عنده ولد مريض مرضاً لم يجد له علاجاً، فقال: اذهب إلى مكة وأضع ولدي عند البيت، أدعو له بالشفاء، ثم وقت الظهر سوف أعزم مائة شخص من فقراء الحرم على الغداء، وأقول: ادعوا الله أن يشفي ولدي، فما رأيكم في هذا العمل؟
جواب:هذا العمل فيه تصدق ودعوة الفقراء إلى الطعام.
- وفيه طلب الدعاء منهم لولده، والتصدق بالطعام: هذا من جنس المشروع كما ذكرت لكم، فإن كان فيه من الذبائح فعلى التفصيل الذي مر من قبل، سواء كانت دجاجاً، أو كان ضأناً، أو غير ذلك مما يذبح، يعني: مما فيه إراقة دم.
- وإن كان أطعمهم طعاماً لإشباعهم والتصدق عليهم، هذا هو القصد؛ وطلب منهم الدعاء وهي المسألة الثانية؛ فهذا راجع إلى هل يشرع طلب الدعاء من الغير بهذه الصفة؟ والظاهر أن هذا من جنس ما هو غير مشروع، وإذا قلنا غير مشروع، يعني: مما ليس بمستحب، ولا واجب، وهل يجوز ذلك أم لا ؟
طلب الدعاء من الآخرين: قال العلماء فيه:(الأصل فيه الكراهة).
والذي يتأمل ما رُوي عن الصحابة، وعن التابعين فيمن طلب منهم الدعاء، أنهم كهروه ونهوه، وقالوا: (أنحن أنبياء؟) كما قال حذيفة، وكما قال معاذٌ، وكما قال غيرهما.
ومالك بن أنس -رضي الله عنه، ورحمه، إمام دار الهجرة- كان ربما طلب منه الدعاء فنهى من طلب منه الدعاء، لِمَ ؟
لأنه إذا عُرِف عند الناس أن فلاناً يُطلَب منه الدعاء بخصوصه؛ فإن القلوب تتعلق بذلك، وإنما يُتعلق في طلب الدعاء بالأنبياء، أما من دونهم؛ فلا يتعلق بهم في هذا الأمر، لهذا اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن طلب الدعاء من المسلم الحي يكون مشروعاً إذا قُصِد به:
- نفع الداعي.
- ونفع المدعو له.
إذا قَصَد الطالب أن ينفع الجهتين -ينفع الداعي، وينفع المدعو له- فهذا محسن وطالب لنفسه؛ فهذا من المشروع.
وهذا هو الذي يحمل عليه ما جاء في السنة؛ فيما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر: لما أراد أن يعتمر، قال له: ((لا تنسنا يا أخي من دعائك)) وهذا الحديث إسناده ضعيف، وقد احتج به بعض أهل العلم، وظاهر أن معناه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن ينفع عمر بهذه الدعوة؛ فالطالب للدعاء محتاج إلى غيره.
المقصود من هذا:أن فعل هذا السائل لأجل ولده، الأولى تركه؛ لأجل ألاّ يتعلق قلبه بأولئك في دعائهم.
ومن العلاج المناسب: أن يلتزم بين الركن والمقام، يعني: بين الحجر الأسود، وبين آخر حَدِّ باب الكعبة وهو الملتزم، يلتزم، ويُلْصِق بطنه، وصدره، وخده ببيت الله جل وعلا، ويقف بالباب مُخبتاً، مُنيباً، سائلاً الله جل وعلا، منقطعاً عن الخلق، عالماً أنه لا يشفي من الداء في الحقيقة؛ إلا الله جل جلاله، وأنه -جل وعلا- هو الذي يشفي، وهو الذي يعافي؛ كما قال: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده} فهذا أعظم أثراً، إن شاء الله مِنْ فعله الذي يريد أن يفعله من دعوة أولئك.
- فالتضرع لله في أوقات الإجابة.
- وفي الأماكن الفاضلة.
- وفي الأزمنة الفاضلة،: نرجو أن يكون معه إجابة الدعاء، وشفاء المرض.
سؤال:وهذا يقول: فضيلة الشيخ لماذا لم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم الشرك للصحابة قبل أن يقعوا فيه في حديث ذات أنواط؟
جواب:من المعلوم أن الشريعة جاءت بالإثبات المفصَّل، والنفي المجمل، والنفي إذا كان مجملاً ؛ فإنه يندرج تحته صوركثيرة، يُدخِلها مَن فهم النفي في الدلالة، فلا يُحتاج مع النفي أن يُنبه على كل فرد فرد، ولهذا نقول من فهم (لا إله إلا الله) لم يحتج إلى أن يُفصل له كل مسألة من المسائل.
فمثلاً:النذر لغير الله: ليس فيه حديث (النذر لغير الله شرك) والذبح لغير الله: ليس فيه حديث (الذبح لغير الله شرك) ونحو ذلك من الألفاظ الصريحة.
وهكذا في العكوف عند القبور.
- أو العكوف والتبرك عند الأشجار، والأحجار، لم يأت فيها شيء صريح، ولكن نفي إلاهية غير الله -جل وعلا- يدخل فيها -عند من فهم معنى العبادة- كل الصور الشركية.
ولهذا الصحابة رضي الله عنهم فهموا ما دخل تحت هذا النفي، ولم يطلب ذات أنواط كما للمشركين ذات أنواط، إلا من كان حديث عهدٍ بكفر، يعني: لم يسلم إلا قريباً، وهم قلة ممن كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسيره إلى حُنين.
والإثبات يكون مفصلاً، وتفصيل الإثبات:
- تارة يكون بالتنصيص.
- وتارة يكون بالدلالة العامة من وجوب إفراد الله جل وعلا بالعبادة مثلاً: {اعبدوا ربكم}{ما لكم من إله غيره} ونحو ذلك من الآيات.
- والأدلة الخاصة بالعبادة كقوله: {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً} وكقوله: {فصلِّ لربك وانحر} وكقوله: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} فهذه أدلة إثبات، تثبت أن تلك المسائل من العبادات، وإذا كانت من العبادات فقول (لا إله إلا الله) يقتضي بالمطابقة أنه لا تُصرف العبادة؛ إلا لله جل وعلا.
إذاً فيكون ما طلبه أولئك من القول الذي لم يعملوه، راجع إلى عدم فهمهم أن تلك الصورة داخلة فيما نفي لهم مجملاً بقول: (لا إله إلا الله).
سؤال: وهذا يقول: فضيلة الشيخ، ما حكم التبرك بالصالحين وبماء زمزم والتعلق بأستار الكعبة؟
جواب: التبرك بالصالحين قسمان:
1- تبرك بذواتهم:
- بعرقهم.
- بسورهم يعني بقية الشراب.
- بلعابهم الذي اختلط بالنوى مثلاً، أو ببعض الطعام.
- أو التبرك بشعرهم، أو نحو ذلك.
فهذا لا يجوز، وهو من البدع المحدثة.
وقد ذكرت لكم أن الصحابة -رضوان الله عليهم- لم يكونوا يعملون مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي- وهم سادة أولياء هذه الأمة - شيئاً من ذلك، وإنما فعله الخلوف الذين يفعلون ما لا يؤمرون، ويتركون ما أُمروا به.
2- والقسم الثاني: