المجموعة الثانية :
س1: ما الأقوال في مرجع الضمير في قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)}؟
بعد أن ذكر الله تعالى بأن الإنسان خلق من ماء دافق وهو المني وأنه يخرج على أحد قولي العلماء من بين الصلب وموضع القلادة من الصدر بالنسبة للرجل ، على أن المقصود بالآية ماء الرجل فقط واستدلوا بذلك من لفظ دافق بأنها من خصائص ماء الرجل، وأن الترائب تطلق للرجل غالبا والأثداء للمرأة غالبا، ويحتمل أن المقصود بالآية ماء الرجل وماء المرأة وبأن ماء الرجل يخرج من بين الصلب وماء المرأة من بين الترائب وجاءت بلفظ ماء واحد لامتزاجهما في الرحم. ثم ذكر الله بأنه على رجعه لقادر، والضمير في رجعه على أن الله قادر على رجع هذا الإنسان وإعادته للبعث والجزاء كما بدء خلقه من ماء مهين يخرج من هذه الأماكن في الجسد، وهذا هو القول الأول، ولمناسبته سياق الآية التي تليها فقد ذكر الله بأنه هذا يكون يوم ابتلاء السرائر واختبارها فيه،وهذا هو الراجح والأولى كما قاله الشيخ ابن سعدي في تفسيره، والقول الآخر بأن الله لقادر على رجع هذا الماء المصبوب في الرحم إلى الصلب والترائب، وقالوا بذلك من سياق الآية التي قبلها.
س2: ما المراد بالطارق في قوله تعالى: {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ (1)}؟
فسره الله تعالى في الآية التي تليها بالنجم الثاقب، وهو اسم جنس لكل نجم وكوكب مضيء يثقب بنوره السماء ويخترق ظلمتها ليلا ويختفي بالنهار، ولذلك سمي طارقا، واسم الجنس إذا دخلت عليه الألف واللام الداخلة على الأوصاف تفيد استغراق جميع ما دخلت عليه من المعاني.
س3: فسّر قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7)}
أقسم الله قبل هذه الآيات بالسماء ذات المنازل وهذا يشمل منازل الشمس والقمر، ومنازل الكواكب وهي اثنا عشر برجا لاثني عشر كوكبا، ومافي هذا القسم من بيان لعظيم قدرة الله ودقة خلقه، وأقسم بيوم القيامة وهو اليوم الموعود، وأقسم بالشاهد والمشهود، وهو يشمل كل من اتصف بهذا الوصف يوم القيامة، ويدخل في ذلك المؤمنون الذين ذكرت قصتهم في هذه السورة وهم يشهدون على ما فعله أصحاب الاخدود من جرائم.
وأصحاب الاخدود قوم كافرون، وقد آمن أناس من قومهم، فحفروا أخدودا لهم في الأرض، وأضرموا فيه النار، فتنة للمؤمنين ليعذبوا من آمن وبقي على إيمانه، وجلسوا يشاهدون المؤمنين وهم يعذبون، وما كان هذا العذاب والانتقام منهم إلا بسبب إيمانهم بالله.
( قتل أصحاب الاخدود) وهذا دعاء عليهم من الله بالقتل والهلاك، ومن لوازم هذا الدعاء اللعن وهو الطرد من رحمة الله، وهذا هو المقسم عليه، ويحتمل أن المقسم عليه ما تضمنته الإقسامات التي في أول السورة، من آيات عظيمة وحكمة ظاهرة وفضل وعدل، كما ذكره العلامة ابن سعدي في تفسيره.
(النار ذات الوقود () إذ هم عليها قعود) ثم ذكر الله بأنهم أعدوا هذه النار والوقود هو الحطب التي توقد به، ووصفهم بأنهم حضروا هذه النار وقعدوا يشاهدون المؤمنين وهم يعذبون بهذه النار، فلم يكتفوا بكفرهم وتكذيبهم لله، بل أعدوا نارا عظيمة وحفروا لها أخدودا وقعدوا عندها ليفتنوا من آمن بالله وحده.
(وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود) ثم توعدهم الله بأنهم وما يفعلون من محاربة لله وحزبه، بأنهم سيشهدون على أنفسهم يوم القيامة وتشهد بذلك أرجلهم وأيديهم وألسنتهم عند الله عليهم، يوم ينطقها الله فتكون شاهدة على ما نقموا على المؤمنين بسبب إيمانهم.
س4: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من قوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ (6)}
- على الإنسان أن يستحضر في جميع أحواله أن الحياة الدنيا ما هي إلا ممر ومسار إلى دار القرار، ومهما طال المسير أم قصر فإن لقاء الله أمر محقق، ولن ينفعه في هذا اليوم إلا عمله الصالح الذي سعى به في هذه الحياة الدنيا.
- لا ينبغي للمؤمن أن تغره بالحياة الدنيا وزينتها فيحرص على تحصيلها بضياع ما ينفعه عند لقاء الله.
- أن الحياة الدنيا لابد فيها من الكدح والتعب، ومجاهدة النفس والهوى، وأن نيل الصبر على ذلك لا يكون إلا بقوة يقين بلقاء الله.
- على الإنسان السعي والعمل والاستعداد لأمور الدنيا التي سوف تلاقيه.
س5: قال تعالى: {وهو الغفور الودود}، اذكر الفائدة من قرن اسم الله الودود بالغفور.
الغفور هو بالغ المغفرة لذنوب عباده فيسترها لمن صدقت توبته، والودود هو الواد لأحبابه المؤمنين لمحبتهم الخالصة والصافية التي لا يماثلها شيء له تعالى، كما قال تعالى:(يحبهم ويحبونه)، وقرن بين الاسمين ليبين الله أن عباده إذا أذنبوا ثم تابوا وأصلحوا وصحت توبتهم، تغفر ذنوبهم ويسترها الله ويرجع لهم ما كان من الود وهذا من فضل الله تعالى ومنه، وبه يرد على من قال أن الود من الله لا يرجع للعبد بعد أن عصاه، حتى وإن تاب وغفر الله له.