المجموعة الأولى:
السؤال الأول: بيّن الدلائل على كمال القرآن وحسن أسلوبه وقوّة تأثيره.
إن القرآن كلام الله تعالى, وهو يتضمن كل كمال, فقد بين كل شيء من علم الأصول والفروع والأحكام, وعلوم الآداب والأخلاق , وعلوم الكون, وكل ما يحتاجه الخلق إلى أن تقوم الساعة, فقد بينه القرآن أفضل بيان وأرشد إليه, قال تعالى: (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) فقد جمعت هذه الآية بين علمي الوسائل والمقاصد, وقال تعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) قد جمعت الكمال في ألفاظه ومعانيه, وقوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) فأحكامه أحسن الأحكام وأنفعها للعباد, وقد جمع في كتابه بين المتقابلات العامة فقال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىوَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ), وقوله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) قد جمع بين زاد سفري الدنيا والآخرة, إلى غير ذلك من الآيات التي تبين كمال القرآن وعرض ذلك بأسلوب حسن وهو أحسن الأساليب, وقوة تأثير على الناس.
السؤال الثاني: بيّن بإيجاز الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية.
لقد جعل الله تعالى أسباب على العبد أن يسلكها لكي يصل إلى المطالب العالية, ومن هذه الأسباب:
1 – الإيمان والعمل الصالح, فهذا أصل الأسباب كلها التي جعل الله خيري الدنيا والآخرة تحصل بسبب قيام العبد بهما.
2 - القيام بالعبودية والتوكل سببا لكفاية الله للعبد جميع مطالبه؛ قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
3 - التقوى والسعي والحركة سببا للرزق؛ قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
4 - التقوى والإيمان وتكرار دعوة ذي النون سببا للخروج من كل كرب وضيق وشدة؛ قال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ - فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
5 - الدعاء والطمع في فضله سببا لحصول جميع المطالب؛ (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
6 - الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى الخلق سببا يدرك به فضله وإحسانه العاجل والآجل؛ قال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
7 - التوبة والاستغفار والإيمان والحسنات والمصائب مع الصبر عليها أسبابا لمحو الذنوب والخطايا؛ قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى).
8 - الصبر سببا وآلة تدرك بها الخيرات، ويستدفع بها الكريهات؛ قال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
9 - الصبر واليقين تنال بهما أعلى مقامات، وهي الإمامة في الدين؛ قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).
10 - الجهاد سببا للنصر، وحصول الأغراض المطلوبة من الأعداء، والوقاية من شرورهم؛ قال تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ).
11 - النظر إلى النعم، والفضل الذي أعطيه العبد، وغض النظر مما لم يعطه سببا للقناعة؛ قال تعالى: (قَالَ يا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ).
12 - القيام بالعدل في الأمور كلها سببا لصلاح الأحوال، وضده سببا لفسادها واختلافها؛ قال تعالى: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ - أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ - وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ).
13 - كمال إخلاص العبد لربه سببا يدفع به عنه المعاصي وأسبابها وأنواع الفتن؛ قال تعالى: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
14 - مقابلة المسيء بالإحسان، وحسن الخلق سببا يكون به العدو صديقا، وتتمكن فيه صداقة الصديق؛ قال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
15 - الإنفاق في محله سببا للخلف العاجل والثواب الآجل؛ قال تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. التبصرة والتذكرة
التبصرة: هي العلم بالشيء والتبصر فيه.
التذكرة: هي العمل بالعلم اعتقادا وعملا.
2. العلم واليقين
العلم: هو تصور المعلومات على ما هي عليه, وهو ما قام عليه الدليل.
اليقين: هو العلم الذي يحمل صاحبه على الطمأنينة بخبر الله وذكره, والصبر على المكاره, والقوة في أمر الله.
3. الخوف والخشية
الخوف: هو ما يمنع العبد عن محارم الله.
الخشية: هو ما يمنع العبد عن محارم الله, مقارنا بمعرفة الله.
السؤال الرابع: أجب عما يلي:
أ- بيّن أنواع المعية وما يقتضيه كل نوع.
المعية ذكرت في القرآن على نوعين:
الأول: المعية العامة, وهي معية العلم والإحاطة, قال تعالى: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ).
الثاني: المعية الخاصة, وهي معية العناية والنصر والتأييد والتسديد بحسب قيام العبد بذلك, قال تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
ب- ما هي أسباب الطغيان وما عاقبته؟
من الأسباب التي تؤدي إلى الطغيان, حصول رؤية النفس, والاستغناء, وهو يؤدي إلى الكبر والبغي على الخلق وبطر الحق, وقد يؤدي بصاحبه إلى الكفر.
السؤال الخامس مثّل لعطف الخاص على العام، وبيّن فائدته.
ذكر في القرآن الكريم آيات عامة عطف عليها بعض أفرادها, وهي من عطف الخاص على العام, وفائدة هذا العطف أنه يبين أهمية المخصوص وفضيلته وآكديته.
مثاله: قوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ), فعطف جبريل وميكال على الملائكة مع أنهم من الملائكة؛ وذلك لفضلهم.
السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. أخبر الله في عدة آيات بهدايته الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم، وتوبته على كل مجرم، وأخبر في آيات أُخر أنه لا يهدي القوم الظالمين، ولا يهدي القوم الفاسقين.
وذلك بأن الذين ذكر الله أنه لا يهديهم هم من حقت عليهم كلمة العذاب؛ لعنادهم ولعلم الله تعالى بهم أنهم لا يصلحون للهداية, وأن الفسق والظلم صار وصفا لهم ملازما غير قابل للزوال, فأولئك يطبع الله على قلوبهم ولا يدخلها خير أبدا.
2. ورد في آيات من القرآن ذكر الخلود في النار على ذنوب وكبائر ليست بكفر وقد تقرر في نصوص أخرى أنَّ كلَّ مسلم يموت على الإسلام موعود بدخول الجنة.
بأن نقول: أن هذه الآيات اتفق السلف على تأويلها ورده إلى الأصل المتفق عليه, وأن الذنوب التي دون الشرك والكفر سبب للخلود في النار لشناعتها, وأنها بذاتها موجبة للخلود في النار مالم يمنع مانع من الخلود, والأيمان من أكبر الموانع للخلود في النار, فتنزل النصوص على هذا الأصل, وهو أنه لا تتم الأحكام إلا بوجود شروطها وأسبابها وانتفاء موانعها.
السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
في هذه الآية الكريمة جمع الله تعالى ما هو نافع للدين والبدن والحال والمآل, فلأمر بالأكل والشرب على الوجوب لا يحل له ترك ذلك شرعا, وأن الأكل والشرب مع نية الامتثال لأمر الله تعالى يكون عبادة, والأصل في الأكل والشرب الإباحة, إلا ما ورد الدليل على تحريمه, وأن العبد يأكل ويشرب ما ينفع بدنه, ويقيم صحته وقوته, ولما أمر الله تعالى بالأكل والشرب نهى عن الإسراف, لأن الإسراف يضر البدن والدين والعقل والمال؛ فالضرر الديني بارتكابه ما نهى الله عنه, والضرر العقلي بأن المسرف ناقص العقل بسوء التدبير, والضرر البدني فكثرة الأكل تضر البدن, والضرر المالي ظاهر بكثرة الإنفاق, ثم ذكر تعالى أنه لا يحب هؤلاء المسرفين , وفيه أنه يحب المقتصدين, والآية دليل على إثبات صفة المحبة لله تعالى.
والله أعلم