أجب على الأسئلة التالية:
1: استخلص عناصر الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
عناصر الباب الأول ومسائله:
1) في البيان عن كيفية نزول القرآن
• متى نزل القرآن؟
- الجمع بين الآيات الثلاث في تعيين نزول القرآن في الليلة المباركة ليلة القدر، وتأييد ذلك بما ورد عن ابن عباس مع جلالة قدره في باب التفسير.
- دلالة الأحاديث على أن ليلة القدر هي في العشر الأخير من رمضان.
- بركة ليلة القدر.
o معنى "القدر" وبيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها، ودلالة المعنى على خطأ من:
عينها بليلة النصف من شعبان.
تفسير الآية "أنزل فيه القرآن" على أنها في شأن رمضان وفضل صيامه وبيان أحكامه.
قال أنها في جميع السنة على أنها تتنقل بين الشهور، ويؤيد بطلان هذا القول ما ورد في أن الكتب السماوية كلها نزلت في رمضان.
• إنزال القرآن.
- دلالة لفظ الإنزال المضاف إلى القرآن، والدليل عليه.
- الأقوال الثلاث الواردة في دلالة لفظ الإنزال المضاف إلى ليلة القدر، والدليل عليه.
- معنى نزوله مفرقا.
o الأدلة الدالة على ذلك.
o الأقوال في معنى "يفرق" في قوله تعالى: "فيها يفرق كل أمر حكيم".
o الحكمة من إنزال القرآن مفرقا.
o في قوله تعالى: "فلا أقسم بمواقع النجوم":
معنى "مواقع".
معنى "النجوم".
معنى "مواقع النجوم"
دلالة الآية على نزول القرآن من اللوح المحفوظ إلى السفرة في السماء الدنيا على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
- الأقوال في كيفية إنزاله الواردة في قوله تعالى:
o "إنا أنزلناه في ليلة القدر"
القول الأول: أنه نزل في ليلة القدر جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السفرة في السماء الدنيا في بيت العزة: ثم منجما على النبي صلى الله عليه وسلم على حسب الوقائع والنوازل، والأدلة على ذلك.
القول الثاني: أنه نزل من اللوح المحفوظ إلى السفرة في السماء الدنيا على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
القول الثالث: أن ابتداء نزوله في ليلة القدر على النبي صلى الله عليه وسلم في حراء أثناء تحنثه. وتضعيف أبي شامة المقدسي له.
o "أنزل فيه القرآن" وما استدل منه أبو شامة على أن:
القرآن أنزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة، فحفظه جبريل، وغشي على أهل السماوات من هيبة كلام الله، فمر عليهم جبريل وقد أفاقوا، فقالوا: "ماذا قال ربكم قالوا الحق" والدليل الدال عليه.
ملابسة شهر رمضان للقرآن جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما.
- السر في إنزاله جملة إلى السماء الدنيا.
- الأقوال المحتملة في الزمان الذي أنزل فيه القرآن جملة واحدة: أبعد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
o أسباب صحة كلا الاحتمالين.
o ضرب أمثلة على صحة احتمال القول الثاني مما جعله أبو شامة أظهر وأكثر.
- إزالة اللبس الحاصل عند القائل بأن دلالة الفعل الماضي "أنزلناه" في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" قد تدل على أن القرآن لم ينزل جملة واحدة، وذلك من وجهين.
o الحكمة من اختيار "أنزلناه" في الزمن الماضي.
- الحكمة في إنزال القرآن منجما، لا كسائر الكتب.
o القولان في معنى: "لنثبت فيه فؤادك".
o الرد على من قال بأن الله قادر على أن يسهل على النبي صلى الله عليه وسلم حفظه دفعة واحدة.
- ترتيب ما نزل من القرآن بحسب الوقائع والنوازل مكيا ومدنيا، حضرا وسفرا.
o أول ما نزل من القرآن زمانا زمكانا.
o ثاني ما نزل من القرآن.
o آخر ما نزل من القرآن والخلاف فيه.
o المدة الزمنية بين آخر ما نزل من القرآن ووفاته عليه الصلاة والسلام.
- الأقوال الواردة في المدة الزمنية بين أول نزول من القرآن وآخر نزول منه.
o سبب تعددها.
o الخلاف في تحديد مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وعدمه في مدة إقامته في المدينة.
• وعد الله لنبيه حفظ القرآن وبيانه وعدم نسيانه له والأدلة الدالة عليه.
معنى اللفظ (يوم) في الأثر على أنها تعني أياما.
• معارضة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن
- تعيين شهر رمضان في معارضة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن.
o عدد المعارضات في كل عام، وتغيرها في العام الذي قبض فيه النبي صلى الله عليه وسلم ودلالة ذلك.
o حال النبي صلى الله عليه وسلم حين المعارضة.
o نسخ بعض آيات القرآن والأدلة على ذلك.
أنواع النسخ الثلاثة. وأدلة كل نوع.
o موافقة قراءتنا اليوم لما كان عليه في العرضة الأخيرة.
2) بيان تلاوة القرآن في ذلك الأوان.
- تلاه الصحابة على مراد الله.
3) بيان ذكر حفاظه في ذلك الأوان.
• جمع القرآن على ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى: حفظ الصحابة للقرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بكتابة كل ما ينزل من القرآن
o الأدلة على ذلك.
o فصل السور بالبسملة.
o لم يكن ترتيب آيات القرآن بحسب نزول آياته زمانيا، بل توقيفيا.
o عدد كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم.
- مجموع ما يحفظه الصحابة كان القرآن كاملا، كل بحسب حفظه.
تحديد العدد بأربعة من الصحابة لا يعني نفي الحفظ عن غيرهم.
ليس شرطا للتواتر في نقل القرآن أن يكون حفظ كل صحابي للقرآن كاملا.
o الخلاف في تعيين عدد من حفظ القرآن في حياته عليه الصلاة والسلام وفي تعيين أسمائهم، وصعوبة حصرهم بعدد أو بأسماء.
تخصيص بعض الأسماء من المهاجرين والأنصار وأزواج النبي عليه الصلاة والسلام لا يعني أنه لم يحفظه غيرهم.
تمايز الحفاظ فيما بينهم في الحفظ.
o التأويلات في معنى "جمع القرآن" في حق الصحابة.
o الترخيص للصحابة بالقراءة على سبعة أحرف.
المرحلة الثانية: حفظ الصحابة للقرآن في عهد أبي بكر الصديق.
o جمعها من الصدور ومن الرقاع واللخاف والعسب في مصحف واحد.
المرحلة الثالثة: حفظ الصحابة للقرآن في عهد عثمان رضي الله عنه.
o جمع في مصحف واحد على العرضة الأخيرة.
o ترتيب للسور على خلاف بين أهل العلم عن كونه توقيفيا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو اجتهاديا من الصحابة، والأخير هو ما رجحه أبو شامة المقدسي.
• القرآن الذي بين أيدينا اليوم هو المصحف العثماني، ووصلنا بالتواتر من السلف إلى الخلف.
o على ما أراده الله من ترتيب للسور والآيات وما أثبت فيه من بعد نسخ ما امر الله بنسخه.
2: حرّر القول في المراد بالأحرف السبعة.
ذكر أبو شامة المقدسي أقوالا عدة للعلماء في المراد بالأحرف السبعة، الواردة في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي جبريل فقال: (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)، والتي يمكن اختصارها إلى ستة أقوال، هي:
القول الأول: هي سبع لغات من لغات العرب، وهي متفرقة بالقرآن وليس أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه. ذكره أبو عبيد الله القاسم بن سلام،
وقد اختلف في تعيين أسماء هذه القبائل، فقيل أنهم:
- قريش، هوازن، هذيل، أهل اليمن.
- الكعبين: كعب بن لؤي من قريش، وكعب بن عمرو من خزاعة. قاله قتادة عن ابن عباس.
- خزاعة، قريش. قاله أبو عبيد.
- لغة العجز من هوازن، وهم: سعد بن بكر، جشم بن بكر، نصر بن معاوية، ثقيف، وهي التي يقال لها: عليا هوازن، بالإضافة لقريش. قاله الكلبي وأبو عبيد.
- قريش، هذيل، تميم، أزد، ربيعة، هوازن، سعد بن بكر. قاله أبو حاتم السجستاني.
- هم العرب كلهم. قاله أبو أيوب السختياني.
- خمس منها بلغة هوازن، وحرفان لسائر لغات العرب. ذكره الأهوازي عن بعضهم.
- في مضر التي منها: قريش، كنانة، أسد، هذيل، تميم، ضبة، قيس. ذكره ابن عبد البر.
وقد رجح أبو شامة المقدسي عدم تعيين اللغات بأسماء قبائل محددة لعدم ورود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا بإجماع الصحابة، فجاءت الأحرف السبعة وكلها لغات العرب للتوسعة لا حصرا للعدد، وبذلك لم يخرج عن أنه أنزل بلسان عربي مبين.
وكذلك ضعفه الأهوازي محتجا بأن اللغات في القبائل أكثر من سبعة.
واختاره الحافظ أبو العلاء على أن الغرض أن تأتي اللغات السبع في كل كلمة من كلم القرآن، بل يجوز أن يأتي في الكلمة وجهان أو ثلاثة فصاعدا إلى سبعة، حيث لم تأت سبعة إلا في كلمات محصورة، نحو: جبريل، و "عبد الطاغوت" وغيرها.
الأدلة والشواهد:
- روى عبد الرحمن بن مهدي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: (ما اختلفتم فيه أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم).
القول الثاني: هو المشكل الذي لا يدرى معناه، لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا، وتسمي القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على الحرف المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة (وهو كقوله تعالى: "ومن الناس من يعبد الله علة حرف" أي على جهة من الجهات ومعنى من المعاني). قاله أبو جعفر النحوي.
القول الثالث: سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل، تعالى، هلم. وعليه أكثر أهل العلم، وهو ما رجحه أبو شامة محتجا باختلاف قراءة عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم رضي الله عنهما وكلاهما قرشي مكي، لغتهما واحدة، واستحسنه ابن عبد البر، وذكره القاسم العوفي السرقسطي.
الأدلة والشواهد:
- حديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك) زاد بعضهم: (ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب).
- كان أبي بن كعب يقرأ: {للذين آمنوا انظرونا}، مهلونا، أخرونا، أرجئونا، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه}، مروا فيه، سعوا فيه.
- حديث أبي بن كعب بإسناد صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لجبريل عليه السلام: ((إني بعثت إلى أمة أمية فيهم الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة والغلام، فقال: مرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف)).
قال أبو شامة: أنهم رخص لهم في إبدال ألفاظه بما يؤدي معناها، أو يقاربه من حرف واحد إلى سبعة أحرف، ولم يلزموا المحافظة على حرف واحد؛ لأنه نزل على أمة أمية لم يعتادوا الدرس والتكرار وحفظ الشيء على لفظه مع كبر أسنانهم واشتغالهم بالجهاد والمعاش، فرخص لهم في ذلك، ومنهم من نشأ على لغة يصعب عليه الانتقال عنها إلى غيرها، فاختلفت القراءات بسبب ذلك كله.
وعلى هذا القول يجب أن يعلم بأنه قد كان في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، فاليوم ليس بأيدي الناس منها شيء إلا حرف زيد الذي جمع عليه عثمان المصاحف.
القول الرابع: سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه. وأبطله الأهوازي محتجا بأن أصنافه أكثر من ذلك، فمنها: الإخبار والاستخبار على وجه التقرير والتقريع، ومنها الوعد والوعيد، والخبر بما كان وبما يكون، والقصص والمواعظ والاحتجاج والتوحيد والثناء وغير ذلك.
الأدلة والشواهد:
- استدل أصحاب هذا القول بحديث ضعيف من جهة الإسناد مروي عن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا).
وقد علّق أبو شامة على هذا القول بأنه فاسد، محتجا بأنه من المحال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه، لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله.
ثم جعل له تأويلان عند من أرسل الأثر وجعله جيدا:
التأويل الأول: أن قوله: (زاجر وآمر... إلخ) لم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه لاتفاقهما في العدد وهو السبعة، حيث رويت (زاجرا، آمرا، ..) بالنصب على أنه الصفة التي نزل عليها وهي سبعة أبواب. قاله الأهوازي وأبو العلاء.
التأويل الثاني: أن يكون ذلك تفسيرا للأبواب لا للأحرف: أي أبواب الكلام وأقسامه وأنواعه، أي أنزله الله كائنا من هذه الأصناف، بخلاف ما يحكى عن زبور داود الذي هو تذكر ومواعظ، وإنجيل عيسى الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض.
القول الخامس: السبعة الأحرف وهي وجوه القراءة التي منها ستة مختلفة في الرسم والتي كان الصحابة يقرأون بها إلى خلافة عثمان، ثم جمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف، وبقي من القراءات ما وافق المرسوم فهو المعتبر. فالستة المختلفة في الرسم هي التي كان فيها الزيادة كالألفاظ المترادفة، والتقديم والتأخير ونظائر ذلك. وكأنهم أسقطوا ما تم نسخه في العرضة الأخيرة، ورسموا ما سوى ذلك من القراءات التي لم تنسخ.
ذكره أبو شامة عن قوم.
وقد حاول جماعة من أهل العلم بالقراءات أن يستخرجوا سبعة أحرف من هذه القراءات المشهورة، فقال بعضهم:
• الوجه الأول من وجوه الاختلاف في القراءة:
- منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما.
- ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}.
- ومنها ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي.
- ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش).
- ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود". ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت".
- ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
حسنه ابن عبد البر، واعتمد هذه الوجوه مكي، ثم ذكر أنه لا يقرأ من ذلك بما خالف خط المصحف. وذهب إليها جماعة من العلماء وهو قول ابن قتيبة وابن شريح وغيرهما.
• الوجه الثاني من وجوه القراءة: هو الاختلاف الواقع في القرآن، يجمع ذلك سبعة أوجه:
- الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه".
- والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل".
- والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}.
- والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}.
- والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}.
- واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار.
- وتغيير اللفظ والنقط باتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك".
ذكره أبو علي الأهوازي والحافظ أبو العلاء منسوبا إلى أبي طاهر بن أبي هاشم وقال: "وهذا القول أعدل الأقوال وأقربها لما قصدناه، وأشبهه بالصواب".
• الوجه الثالث من وجوه القراءة: السبعة معان فيها:
- أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
- أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
- أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
- أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد".
- أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}.
- التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
- الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} ".
ذكره أبو علي الأهوازي والحافظ أبو العلاء منسوبا إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن واصل.
• الوجه الرابع من وجوه القراءات:
o أن القرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، منها:
- تحقيق الهمز وتخفيفه في القرآن كله، في مثل {يؤمنون}، و"مؤمنين"، {والنبيين}، و {النسيء}، و {الصابئين}، و {البرية}، و {سأل سائل}، وما أشبه ذلك، فتحقيقه وتخفيفه بمعنى واحد، وقد يفرقون بين الهمز وتركه بين معنيين، في مثل {أو ننسها} من "النسيان" "أو ننسأها" من "التأخير"، ومثل {كوكب دري} و"دريء".
- إثبات الواو وحذفها في آخر الاسم المضمر، نحو: "ومنهمو أميون" .
- أن يكون باختلاف حركة وتسكينها، في مثل {غشاوة}، و"غشوة"، و {جبريل}، و {ميسرة}، و {البخل}، و {سخريا} ".
- أن يكون بتغيير حرف، نحو "ننشرها"، و"يقض الحق"، و {بضنين} ".
- أن يكون بالتشديد والتخفيف، نحو {يبشرهم}، و"يبشرهم".
- أن يكون بالمد والقصر، نحو "زكرياء" و {زكريا} ".
- أن يكون بزيادة حرف من "فعل" و"أفعل"، مثل (فاسر بأهلك)، و {نسقيكم} ".
واختار نحو هذه الطريقة في تفسير الأحرف السبعة القاضي أبو بكر محمد بن الطيب.
o التقديم والتأخير وجها. ثم الزيادة والنقص، نحو {وما عملته أيديهم} و"يا مال" و"ناخرة" و"سرجا"، و {خرجا}.
o اختلاف الصورة والمعنى:
- نحو: {وطلح منضود}، "وطلع منضود"، وقيل هما اسمان لشيء واحد، بمنزلة {العهن} و"الصوف".
- و {الأثيم} و"الفاجر"، فيكون مما تختلف صورته في النطق والكتاب، ولا يختلف معناه، قال:
"وقال الجمهور من الناس غير هذا، فزعم بعض أهل التفسير أن الطلح هو زينة أهل الجنة، وأنه ليس من الطلع في شيء، وقال كثير منهم: إن الطلح هو الموز، وقال آخرون: هو الشجر العظام الذي يظل ويعرش، وإن قريشا وأهل مكة كان يعجبهم طلحات وج -وهو واد بالطائف- لعظمها وحسنها، فأخبروا على وجه الترغيب أن في الجنة طلحا منضودا، يراد أنه متراكم كثير، وقالوا: إن العرب تسمي الرجل طلحة، على وجه التشبيه له بالشجرة العظيمة المستحسنة، وإذا كان كذلك ثبت أن الطلح والطلع إذا قرئ بهما كان مما تختلف صورته ومعناه"."
o أن يكون الاختلاف في القراءتين، اختلافا في حروف الكلمة بما يغير معناها ولفظها من السماع، ولا يغير صورتها في الكتاب، نحو "ننشرها" و {ننشزها}.
o الاختلاف في بناء الكلمة بما لا يزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها، نحو "البخل" و"البخل"، و"ميسرة"، و"ميسرة"، "يعكفون"، و{هل نجازي إلا الكفور} ".
o تغيير الصورة دون المعنى، نحو "العهن" و"الصوف"، و {صيحة} و"زقية"، {فومها} و"ثومها".
o اختلاف حركات الإعراب والبناء، بما يغير المعنى، والصورة واحدة، نحو "باعد، وباعد بين أسفارنا"، و"لقد علمت ما أنزل هؤلاء" بالضم والفتح".
قاله أبو بكر الأذفوي نقلا عن أبي غانم المظفر على أنه هو تفسير السبعة الأحرف.
وقال أبو الحسن عن هذا القول بأن السبعة أحرف هي متفرقة بالقرآن، بنحو:
- كلمتان تقرأ بكل واحدة في موضع الأخرى، نحو {يسيركم} و"ينشركم"، و {لنبوئنهم} و"لنثوينهم"، و {فتبينوا} و"فتثبتوا".
- زيادة كلمة، نحو "من تحتها"، و {هو الغني} ".
- زيادة حرف، نحو {بما كسبت} و"فبما كسبت"، -يعني في سورة الشورى".
- مجيء حرف مكان آخر، نحو {يقول} و"نقول"، و {تبلو} و"تتلو".
- تغيير حركات، إما بحركات أخر، أو بسكون، نحو {فتلقى آدم من ربه كلمات}، و"ليحكم أهل الإنجيل".
- التشديد والتخفيف، نحو {تساقط} و"بلد ميت وميت".
- التقديم والتأخير، نحو {وقاتلوا وقتلوا}، (وقتلوا وقاتلوا).
ثم قال الشيخ أبو الحسن: "وقوله عز وجل: {ثم انظر أنى يوفكون} يقرأ على سبعة أوجه، وكذلك قوله عز وجل: {فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية}، وقوله عز وجل: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا}، ولذلك نظائر".
وقال أبو شامة بأن في مجموع هذه الكلم من هذه الآيات سبعة أوجه لا في كل كلمة منها، وقد يأتي في غيرها أكثر من سبعة أوجه بوجوه كثيرة، وليست كل الوجوه فيها من القراءات المشهورة، بل بعضها من القراءات الشاذة، إلا أنها من جملة اللغات والألفاظ المرادفة التي كانت القراءة قد أبيحت عليها.
وقد ضعّف أبو شامة هذا القول محتجا بأن هذه الطرق المذكورة في بيان وجود السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة، إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا.
كما قال أنه لم يحصل حصر لجميع القراءات فيما ذكروه من الضوابط.
وأضاف بأن الرخصة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم والعرب ليس لهم يومئذ كتاب يعتبرونه، ولا رسم يتعارفونه، ولا يقف أكثرهم من الحروف على كتبه، ولا يرجعون منها إلى صورة، وإنما كانوا يعرفون الألفاظ بجرسها، أي بصوتها، ويجدونها بمخارجها، ولم يدخل عليهم يومئذ من اتفاق الحروف ما دخل بعدهم على الكتبين من اشتباه الصور، وكان أكثرهم لا يعلم بين الزاي والسين سببا، ولا بين الصاد والضاد نسبا.
القول السادس: أنها قراءة الأئمة السبعة الذين ائتم بهم أهل الأمصار على أن قراءة كل واحد منهم حرفا من تلك الأحرف. نسبه جماعة إلى ابن مجاهد وهو منه براء.
3: هل القراءات السبع هي الأحرف السبعة؟
ذكر أبو شامة بأن القراءات السبع هي ليست ذاتها الأحرف السبعة، وقال بأنه إنما ظن هذا جماعة ممن لا خبرة لهم بأصول هذا العلم، ونسبوه لابن مجاهد وقد أخطأوا. فإن المصحف العثماني متلو اليوم على حرف واحد أجمع عليه الصحابة حين خافوا على الأمة تكفير بعضهم لبعض، فيستطيل ذلك إلى القتال وسفك الدماء، فرسموا لهم مصحفا، أجمعوا عليه جميعا وعلى نبذ ما سواه. وقد زاد ابن جرير الطبري على ذلك بقوله: "وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب والرفع والتحريك والإسكان والهمز وتركه والتشديد والتخفيف والمد والقصر وإبدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف) أي ليس من الأحرف السبعة.
4: بيّن سبب اختلاف القراء بعد ثبوت المرسوم في المصحف.
السبب في ذلك، أنه: لما خلت المصاحف المرسلة إلى الأمصار من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه، وكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فكانوا يقرئون الناس بالحرف الذي قرأوا به. فقرأ الناس من المصاحف التي أرسلت في الآفاق والتي كانت غير مضبوطة ولا معجمة، فما أنفذوه منها نفذ، وما احتمل وجهين طلبوا فيه السماع حتى وجدوه.
وقال أبو محمد المكي: وإن القراءات التي يقرؤها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة، إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع عليه الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ما سواه، ولم ينقط ولم يضبط.
بالإضافة إلى أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعات بقراءات مختلفة، فنقل ذلك على ما قرأ، فكانوا في برهة من أعمارهم يقرئون الناس بما قرأوا، فمن قرأ عليهم بأي حرف كان لم يردوه عنه، لأن ذلك هو ما قرأوه على أئمتهم.
فأما من ظن أن قراءة كل واحد من هؤلاء القراء كنافع وعاصم وأبي عمرو، أحد الأحرف السبعة التي نص الرسول صلى الله عليه وسلم فذلك خطأ عظيم، إذ يجب أن يكون ما لم يقرأ به هؤلاء السبعة متروكا على الرغم من أن ما ترك هو مروي عن الأئمة من التابعين والصحابة مما يوافق خط المصحف. وهذا مما لاشك فيه أنه باطل.
5: ما هي شروط قبول القراءة واعتبارها؟ وما حكم ما خالف هذه الشروط؟
شروط قبول القراءة واعتبارها حسب ما ذكره أبو شامة المقدسي رحمه الله:
1) ثبوت تلك القراءة بالنقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يلتزم فيه تواتر، بل تكفي الآحاد الصحيحة مع الاستفاضة.
2) وموافقة خط المصحف، بمعنى أن القراءة لا تنافي المصحف.
3) مجيئها على الفصيح من لغة العرب، فلا تنكر من جهة اللغة.
فكل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب، فهي قراءة صحيحة معتبرة. فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة. فكل قراءة اشتهرت بعد صحة إسنادها وموافقتها خط المصحف ولم تنكر من جهة العربية فهي القراءة المعتمد عليها، وما عدا ذلك فهو داخل في حيز الشاذ والضعيف الذي لا يجوز قراءته في الصلاة، وبعض ذلك أقوى من بعض. والمأمور باجتنابه من ذلك ما خالف الإجماع لا ما خالف شيئا من الكتب المشهورة عند من لا خبرة له.
6: تكلّم بإيجاز عن وجوب العناية بفهم القرآن وتدبّره، والثمرة المتحصّلة من ذلك.
أنزل تعالى القرآن لغاية جليلة، وهي تدبره والعمل به، وما القراءة إلا وسيلة لبلوغ تلك الغاية العظيمة. وإن سرعة السرد، وقوة الحفظ، وتحرير المنطق بألفاظه، والبحث عن مخارج حروفه، والرغبة في حسن الصوت به، لهي خير عظيم، ولكن الأهم والاتم والأولى هو فهم معانيه، والتفكر فيه، والعمل بمقتضاه، والوقوف عند حدوده، وخشيته سبحانه. قال تعالى: "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته". قال ابن عباس في معناها: أي يتبعونه حق اتباعه.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فقد كان عليه الصلاة والسلام كما روى أبو ذر عنه: يقوم ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
وها هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتدون بنبيهم عليه أشرف الصلوات وأتم التسليم، فقد كان ابن عمر يصلي ويترجح ويتمايل ويتأوه، حتى لو رآه من يجهله لقال: أصيب الرجل، وذلك لذكر النار إذا مر بقوله تعالى: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا}، أو شبه ذلك.
وهذا لا يتأتى إلا بتدبر القرآن وفهم معانيه، والوقوف عند عجائبه، كما روي إبراهيم عن علقمة قال: قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة. فمن فهم تفسير الآيات، وألمّ بمعانيها، علم مراد الله خالقه منه، فتتحرك تلك المشاعر التي في القلوب التي منها: تعظيم الله، وحبه والتذلل له، وخشيته، التي هي الثمرة المتحصلة من ذلك، فقد روي عن ابن المبارك عن مسعر عن عبد الأعلى التيمي قال: من أوتي من العلم ما لا يبكيه: فليس بخليق أن يكون أوتي علما ينفعه؛ لأن الله تبارك وتعالى نعت العلماء فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}.
وقد روي في ذلك أحاديث مفسرة مرفوعة وغير مرفوعة، منها عن طاوس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن صوتا بالقرآن -أو أحسن قراءة- فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).وعنه: ((أحسن الصوت بالقرآن أخشاهم لله تعالى)).
غفر الله لنا تقصيرنا مع كتابه، وجعلنا من الفائزين برضوانه، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.