26: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي(ت:174هـ)
محدّث مصر وعالمها وقاضيها، على ضعف فيه.
روى عن: يزيد بن أبي حبيب، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، ومحمد بن المنكدر، وأبي الأسود يتيم عروة، وعمرو بن شعيب، وعطاء بن دينار، وعقيل بن خالد، وغيرهم كثير جداً.
وروى عنه: شعبة بن الحجاج، وجرير بن حازم، والأوزاعي، وعمرو بن الحارث، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وسعيد بن كثير بن عفير، والوليد بن مسلم، وقتيبة بن سعيد، وعبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وسعيد بن أبي مريم، وغيرهم كثير جداً.
ولد سنة 96هـ، ونشأ بمصر، وأخذ عن علمائها، ومن وفد إليها من العلماء، ورحل إلى الحجاز، والشام، وكان طلابة للعلم، كثير الشيوخ جداً، وكان يُكنى أبا خريطة؛ لأن له خريطة كان يعلّقها على عنقه يحمل فيها صحفاً، ويدور على الشيوخ، وكلما سمع بمقدم عالمٍ بادر إليه ليكتب ما عنده.
وهو رجل صالح صدوق، مجتهد في طلب العلم، وجَمْعِ الحديث، حتى كتب حديثاً كثيراً جداً عجز عن ضبطه، ووقع منه تساهلٌ في تحمّله وأدائه؛ وهو غير متّهم بالكذب، لكن دخل الخلل في حديثه وكثرت الأخطاء بسبب تساهله في الرواية والتحديث.
- قال رَوح بن صلاح ابن سيابة الحارثي: (لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعياً، ولقي الليث بن سعد اثني عشر تابعياً). رواه ابن عساكر.
- وقال بشر بن المنذر: (كان ابن لهيعة يكنى أبا خريطة، وذاك أنه كانت له خريطة معلّقة في عنقه، وكان يدور بمصر، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم، وكان إذا رأى شيخًا سأله: من لقيت؟ وعمن كتبت؟ فإن وجد عنده شيئًا كتب عنه، فلذلك كان يكنى أبا خريطة). رواه ابن حبان في المجروحين.
- وقال أبو داوود السجستاني في مسائل أحمد: سمعت أحمد يقول: (من كان بمصر يشبه ابن لهيعة في ضبط الحديث وكثرته وإتقانه).
- وقال النسائي عن أبي داوود: سمعت أحمد يقول: (ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة).
وثناء الأئمة عليه في كثرة شيوخه وكتبه واجتهاده في الطلب كثير، ومنهم من أثنى عليه في ضبط أصوله، لكنهم ضعّفوه بسبب طريقته في التحديث، فتركه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن معين، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، وكان أحمد يضعّفه حديثه ويكتبه للاعتبار، وحسّن ابن عديّ حديثه إذا استبان من روى عنه.
والذي تلخّص لي من كلام الأئمة النقاد في ابن لهيعة، أنه كان صحيح الأصول في قول بعضهم، لكنّه كان ضعيفاً في أداء الحديث، يتجوَّز في التحديث بما ليس من حديثه، وربمّا أسقط بعض الرواة فيما بينه وبين من لقيهم من الشيوخ، وكان يملي على الناس من أصوله ثمّ لما كثروا عليه لم يخرج أصوله؛ وكان من أراد أن يقرأ عليه ذهب إلى من كانت لديه نسخة فاستنسخها ثم قرأها على ابن لهيعة، من غير مقابلة على الأصل، ومن المعلوم اختلاف النساخ في ضبط النسخ، والنسخة إذا لم تقابل على أصلها دخلها الغلط، ومن النساخ من يدخل في نسخته أحاديث من غير شيخه، فلذلك دخل خطأ كثير فيما يُروى عن ابن لهيعة بهذه الطريقة.
وهو صدوق في نفسه لا يتعمّد الكذب، لكن كان لكثرة حديثه ربما لم يميّز بعض ما يُقرأ عليه؛ فيظنّه من حديثه وهو ليس من حديثه.
وخلاصة القول فيه أنه رجل صدوق في نفسه، ضعيف الحديث مطلقاً، قبل حادثة الاحتراق وبعدها، لكن رواية العبادلة عنه ومن سمع منه قديماً أمثل من غيرها، وإن كانت لا ترتقي إلى الصحّة، ولا يُترك حديثه، بل يُعتبر به، ولا يُحتجّ بما ينفرد به.
وهذه الخلاصة موافقة لما حكاه الحافظ أبو بكر البيهقي في معرفة السنن والآثار إذ قال: (قد أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به).
له روايات كثيرة جداً في كتب التفسير المسندة، وهو من أشهر رواة تفسير عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير.