دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 4 رجب 1442هـ/15-02-2021م, 10:25 PM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي

السؤال الأول: بيّن الدلائل على كمال القرآن وحسن أسلوبه وقوّة تأثيره.
يتضح بيان القرآن وكماله وحسن أسلوبه وتأثيره من عدة جهات:
اشتماله على العلوم النافعة:
مشتمل على علوم الدنيا والدين مما يحتاجه العباد، من علوم الأصول وعلوم الفروع والأحكام، وعلوم الأخلاق والآداب، فما من سؤال يحتاج إلى جوابه، إلا وستجد جوابه في القرآن الكريم ظاهراً أو ضمناَ، وفيه مرجع جميع الحقائق الشرعية والعقلية، ولذا لايوجد هناك حقيقةّ تناقض القرآن {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} وفي نفس الوقت لا تناقض حقائق القرآن بعضها {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]
وقد أشار الىقرآن على نوعي العلوم التي هي الوسائل، والمقاصد وذلك في قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4]
فالمقاصد هو الحق الذي يقول الله في كتابه، وعلى لسان رسوله،
والوسائل، هو الهداية إلى السبيل وإلى كل علم وعمل، كما أن قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33]
كمال الألفاظ والمعاني:
وكما اشتملت على العلوم والحقائق فإنها تعرض ذلك كله بأحسن الألفاظ وأبينها، وأوضح العبارات، وأحكمها، فما يستطيع أفصح الناس مجاراتها ولا الاتيان بمثلها، حار البلغاء في وصفه، وتعجب الفصحاء من حسنه وقوة تأثيره،
فتمت كلمة ربك صدقا وعدلا، صدقا في أخبارها، وعدلا في أحكامها: أوامرها ونواهيها {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]، فأحكامه أحسن الأحكام وألفاظه أصدق الألفاظ وأكملها.

السؤال الثاني: بيّن بإيجاز الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية.
أصل الأسباب كلها الإيمان والعمل الصالح: وقد جعلها الله سبباّ لخيرات الدنيا والآخرة، وذلك بحسب قيام العبد بهذين الأمرين.
ويندرج تحته عددا من الأسباب:
العبودية والتوكل: وقد جعله الله تعالى سبب لكفاية الله للعبد جميع مطالبه، شاهده قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] أي من يقوم بعبوديته ظاهرا وباطنا.
وجعل الله قوة التوكل عليه مع الإيمان: حصنا حصينا يمنع العبد من تسلط الشيطان، خصوصا إذا انضم إلى ذلك الإكثار من ذكر الله، والاستعاذة بالله من الشيطان، شاهده قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99]وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] إلى آخرهما.
التقوى والسعي والحركة: وهي سبب الرزق، وشاهده قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3] وقوله: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]
التقوى والإيمان وتكرار دعوة ذي النون: وهي أسبابٌ للخروج من كل كرب وضيق وشدة، شاهده {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجً، اوكذلك قوله:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ - فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87 - 88]
الدعاء والطمع في فضله: سببٌ لحصول جميع المطالب، دليله قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقوله: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]
الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى الخلق: سببا يدرك به فضله، وإحسانه العاجل والآجل، شاهده الآية السابقة: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وقوله: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]
- التوبة والاستغفار والإيمان والحسنات والمصائب مع الصبر: أسبابا لمحو الذنوب والخطايا، شاهده قوله تعالى:
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]
- الصبر: سبب وآلة تدرك بها الخيرات، ويستدفع بها الكريهات، شاهده قوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]
أي: على جميع أموركم، ولما ذكر الله ما وصل إليه أهل الجنة من كمال النعيم، وزوال كل محذور، ذكر أن هذا أثر صبرهم، فقال:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: 24] {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: 75]
- الصبر واليقين: وتنال بهما أعلى مقامات، وهي الإمامة في الدين، دليله قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]
- الصبر والتقوى: سببا للعواقب الحميدة والمنازل الرفيعة، شاهده قوله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]
- وحسن السؤال وحسن الإنصات والتعلم والتقوى وحسن القصد: ينال بها العلم، شاهده قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} [المائدة: 101]، وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] أي: نورا وعلما تفرقون به بين الحقائق كلها، وقوله: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16]، وقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]
--العلم النافع: سبباّ للرفعة في الدنيا والآخرة، شاهده قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]
- الاستعداد للأعداء بكل مستطاع من القوة، وأخذ الحَذر منهم: سببا لحصول النصر والسلامة من شرورهم، شاهده قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71] وقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]
- وجعل الله اليسر يتبع العسر، والفرج عند اشتداد الكرب، شاهده قوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7] {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62]
- الشكر: سببا للمزيد منها ومن غيرها، وكفران النعم سببا لزوالها، شاهده قوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]
- الجهاد: سببا للنصر، وحصول الأغراض المطلوبة من الأعداء، والوقاية من شرورهم، شاهده قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 14]، {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 84]
-متابعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال وسائر الأحوال: أعظم سبب ينال به محبة الله تعالى، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] ومن أسبابها ما ذكره بقوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146] {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] {يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76] {يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]
-جعل الله النظر إلى النعم، والفضل الذي أعطيه العبد، وغض النظر مما لم يعطه: سببا للقناعة، شاهده قوله تعالى:
{قَالَ يا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144]
-الله القيام بالعدل في الأمور كلها: سببا لصلاح الأحوال، وضده سببا لفسادها واختلافها، شاهده قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ - أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ - وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7 - 9]
- كمال إخلاص العبد لربه: سببا يدفع به عنه المعاصي وأسبابها وأنواع الفتن، شاهده قوله تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]
-التفكر في آيات الله المتلوة، وآياته المشهودة، والمقابلة بين الحق والباطل بحسن فهم وقوة بصيرة: مفتاح الإيمان واليقين شاهده قوله تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29] والأمر بالتفكر بالمخلوقات في عدة آيات، وقوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 77] فهي سبب للإيمان، والإيمان موجب للانتفاع بها.
-القيام بأمور الدين: سببا لتيسير الأمور، وعدم القيام بها سببا للتعسير، وشاهده قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى - وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى - وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10]
- كون العبد طيبا في عقيدته وخلقه وعمله: سببا لدخول الجنة، وللبشارة عند الموت، شاهده قوله تعالى: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73] وقوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: 32]
-مقابلة المسيء بالإحسان، وحسن الخلق: سببا يكون به العدو صديقا، وتتمكن فيه صداقة الصديق، دليله قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] وبذلك تحصل الراحة للعبد، ويتيسر له كثير من أحواله.
-الإنفاق في محله: سببا للخلف العاجل والثواب الآجل، شاهده قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] وجعل الله لرزقه أبوابا وأسبابا متنوعة، فمتى انغلق عن العبد باب منها فلا يحزن؛ فإن الله يفتح له غيره، وقد يكون أقوى منه وأحسن، وقد يكون مثله ودونه، شاهده قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130] وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28]
- التحرز والبعد عن الموبقات المهلكة والحذر من وسائلها: طريقا سهلا هينا لتركها، شاهده قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [البقرة: 187] [أي محارمه] {فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] أي: لا تفعلوها ولا تحوموا حولها؛ فمن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وإذا قيل مثل هذه الآية: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] كان المراد بالحدود المحارم، وأما إذا قيل:
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] فهذه الحدود التي حددها الله للمباحات، فعلى العبد أن لا يتجاوزها؛ لأنه إذا تجاوز المباح وقع في المحرَّم، فافهم الفرق بين الأمرين.
ما تتضمنه هذه الآية {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] من الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن: سبباّ وحيداّ للثمرات الجليلة للدعوة الى سبيل الله:

السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. التبصرة والتذكرة:
التبصرة علم، والتذكرة،ثمرة العلم وهو العمل، ذلك أن العلم التام النافع يتم عبر أمور:
التفكر أولا في آيات الله المتلوة والمشهودة،
فإذا تفكر أدرك ما تفكر فيه بحسب فهمه وذكائه
فعرف ما تفكر فيه وفهمه، وهذا هو التبصرة،
فإذا علمه عمل به، اعتقاداّ كان فيعتقده ويؤمن به، أو عملاّ قلبياّ أو قولياّ أو بدنياّ أو ما يجمع بينهم، فهذا هو التذكر، وهو التذكرة، وهو يتضمن معرفة الحق واتباعه ومعرفة الباطل واجتنابه.
2. العلم واليقين.
العلم: هو تصور المعلومات على ما هي عليه، ولهذا يقال: العلم ما قام عليه الدليل، والعلم النافع: ما كان مأخوذا عن الرسول.
واليقين أهو علم موصوفٌ بأمرين:
أحدهما: أنه العلم الراسخ القوي الذي ليس عرضة للريب والشك والموانع،
ويكون علم يقين إذا ثبت بالخبر، وعين يقين إذا شاهدته العين والبصر، ولهذا يقال: ليس الخبر كالمعاينة، وحق يقين إذا ذاقه العبد وتحقق به.
الأمر الثاني: أن اليقين هو العلم الذي يحمل صاحبه على الطمأنينة بخبر الله، والطمأنينة بذكر الله، والصبر على المكاره، والقوة في أمر الله، والشجاعة القولية والفعلية، والاستحلاء للطاعات، وأن يهون على العبد في ذات الله المشقات وتحمل الكريهات.
3. الخوف والخشية
معناهما متقارب، وأحدهما أعم من الآخر، فالخوف هو شعور يمنع العبد عن اقتراف محارم الله، وتشاركه الخشية في ذلك وتزيد عليه في أن الخوف يكون مقروناً بمعرفة الله، كما قال تعالى: ( إنما يخشى الله من عباده العلماء).

السؤال الرابع: أجب عما يلي:
أ- بيّن أنواع المعية وما يقتضيه كل نوع.

المعية نوعان:
معية عامة
معية خاصة
-المعية العامة هي:
معية الله للناس جميعاّ بعلمه وإحاطته بهم، كما قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة: 7] أي: هو معهم بعلمه وإحاطته.
-المعية الخاصة:
معية الله لأولياءه وللمؤمنين وذلك بنصره وتأييده لهم
وهي الأكثر ورودا في القرآن، وعلامتها أن يقرنها الله بالاتصاف بالأوصاف التي يحبها، والأعمال التي يرتضيها مثل قوله:
{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194] ومع المحسنين ومع الصابرين.وكمعيته للنبي وأبي بكر{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] ولموسى:{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]

ب- ما هي أسباب الطغيان وما عاقبته؟
سبب الطغيان أن الإنسان إذا مسته سراء فرح وظن أنه قد استغنى وامتلك كل شيء، فيحمله ذلك على الكفر والاجتراء والطغيان كما بين ذلك في قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى - أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6 - 7]
والطغيان قد يكون في الرئاسة وفي المال وهذان يقودان للكبر والبطر والبغي على الحق والخلق كما في قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} [البقرة: 258]
أما عاقبة الطغيان فهي الخزي والعقوبة والهوان في الدنيا، وكذا العذاب الأليم في الآخرة، كما أخبر القرآن عن قارون الذي طغى وتجبر على قومه فخسف الله به وبداره الأرض ولم ينفعه ماله ولا أنصاره شيئاً وجعل عبرةً، وفي الآخرة ليس له إلا النار، وقبله فرعون الذي طغا في رئاسته وماله فأغرقه الله وأخزاه وله عذاب أليم حتى تقوم الساعة فيدخله الله النار، وهذا هو عاقبة الطغيان والطغاة.

السؤال الخامس مثّل لعطف الخاص على العام، وبيّن فائدته.
رد في القرآن آيات عامة عطف عليه بعض أفرادها الداخلة فيها، وذلك يدل على فضيلة المخصوص وآكديته، وأن له من المزايا ما أوجب النص عليه مثل قوله:
قوله تعالى:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98] في الآية دلالة على فضيلة لجبريل وميكال على سائر الملائكة وتشريفهم، وكذا قوله" {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: 4] وهو جبريل.
-{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] أي صلاة الظهر عطفت على الصلوات تأكيدا لها وتنبيها عليها وعدم التفريط فيها.
السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. أخبر الله في عدة آيات بهدايته الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم، وتوبته على كل مجرم، وأخبر في آيات أُخر أنه لا يهدي القوم الظالمين، ولا يهدي القوم الفاسقين.

أخبر الله في عدة آيات بهدايته الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم، وتوبته على كل مجرم، وأخبر في آيات أُخر أنه:
{لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258]، و{لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 108]
وذلك أن الله تعالى يعلم من يصلح للهداية ومن لا يصلح لهدايته ولا يستحقها، لما في نفسه من العناد والكبر، فؤلاء من حقت عليه كلمة العذاب كما قال: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ - وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 96 - 97]
حتى صار الظلم والفسق وصفا لهم، ملازما غير قابل للزوال، وفي ذلك عقوبة لهم لإصرارهم، وعدم اتباعهم للحق فهؤلاء يطبع الله على قلوبهم فلا يدخلها خير أبدا، والجرم جرمهم، فإنهم رأوا سبيل الرشد فزهدوا فيه، ورأوا سبيل الغي فرغبوا فيه، واتخذوا الشياطين أولياء من دون الله.

2. ورد في آيات من القرآن ذكر الخلود في النار على ذنوب وكبائر ليست بكفر وقد تقرر في نصوص أخرى أنَّ كلَّ مسلم يموت على الإسلام موعود بدخول الجنة.
ورد في القرآن عدد من الآيات التي يدل ظاهرها على أن بعض مرتكبي الكبائر التي لا تصل على حد الكفر يخلدون في النار
من مثل
- قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]
- وقوله{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 14]
- قوله{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81]
وهناك آيات ونصوص من الكتاب والسنة متواترة على أنه لا يخلد في النار إلا الكفار:
فبيان ذلك فيما يلي:
أولاً: أجمع السلف على أن المسلمين لا يخلدون في النار وأنه يخرج من النار من يدخلها من المسلمين من أصحاب الكبائر.
أما الآيات التي وردت في بعض مرتكبي الكبائر فإنها ترد إلى الأصل المجمع عليه بين سلف الأمة من أنه يخرج من النار كل من كان في قلبه ذرة من إيمان،
ويمكن توجيه ما ورد من نصوص في تخليد مرتكبي الكبيرة على أن ذلك مقيد بحال وجود الشرط والسبب وانتفاء الموانع كما هو الأصل المجمع عليه من السلف، فذكر الخلود على بعض الذنوب التي دون الشرك والكفر هو من باب ذكر السبب، وأنها لشناعتها قد تكون سبباً للخلود في النار، وأنها بذاتها توجب الخلود إذا لم يمنع من الخلود مانع، ومعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الإيمان مانع من الخلود،
-ثم إن بعض الآيات المذكورة فيها ما يدل على أن الخطيئة المراد بها الكفر؛ لأن قوله: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة: 81] دليل على ذلك؛ لأن المعاصي التي دون الكفر لا تحيط بصاحبها، بل لا بد أن يكون معه إيمان يمنع من إحاطتها، وكذلك قوله:
{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 14]
فالمعصية تطلق على الكفر وعلى الكبائر وعلى الصغائر، ومن المعلوم أنه إذا دخل فيها الكفر زال الإشكال.

السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
هذه الآية على وجازتها جمعت عدداً من علوم الدين والدنيا، وفيها إرشادٌ إلى ما ينفع العباد ويصلح لهم في مأكلهم ومشربهم
فأمر بالأكل والشرب، لكن باعتدال واقتصاد ودون اسراف، وفي هذا عدداً الفوائد:
1- أنه لا يحل لمسلمٍ أن يترك الأكل والشرب فالأمر للوجوب في الآية، كما أنه لا يتمكن من ذلك قدراً مادام عقله معه، وإذا احتسب العبد مع ذلك امتثال أمر الله في الأكل والشرب يكون له عبادة.
2- إطلاق الأكل والشرب يدل على أن الأصل في المأكول والمشرب هو الإباحة.
كما فيه دلالة على أن على كل امرء أن يختار مما يناسبه من المطعومات حسب ما يناسبه وينفعه في صحته وبدنه، و ما يليق بفقره أوغناه
ثم نهى عن الإسراف بإطلاق، لأن الإسراف مذموم مطلقاً في كل شيء، وخاصة في المأكل المشرب وذلك لأنه لا ضرره ليس متعلقاً بالمال فحسب، بل يعم البدن، والعقل، والدين أيضاً، وبيان ذلك في مايلي:
-على البدن والصحة:
ذلك أن أصل صحة البدن تدبير الغذاء بأن يأكل ويشرب ما ينفعه، ويقيم صحته وقوته، لأن الغذاء هو المؤثر الأول على صحة الإنسان فإذا أسرف فيها انضر بدنه واعتراه أمراض خطرة، وكثير من الأمراض إنما تحدث بسبب الإسراف في الغذاء،
-ثم إنه ينضرُّ أيضا من وجه آخر، فإن من عوَّد بدنه شيئا اعتاده، فإذا عوَّده كثرة الأكل أو أكل الأطعمة المتنوعة فربما تعذرت في بعض الأحوال لفقر أو غيره، وحينئذ يفقد البدن ما كان معتادا له فتنحرف صحته.
-على المال:
لأنه من التدبير الحسن، في المعيشة، وادارة صرف الأموال. والإسراف يستدعي كثرة النفقات، ولهذا قال تعالى: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29] أي: تلام على ما فعلت؛ لأنه في غير طريقه، (مَحْسُورًا) : فارغ اليد،
-على العقل:
وأما ضرره العقلي فإن العقل يحمل صاحبه أن يفعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي، ويوجب له أن يدبر حياته ومعاشه؛ ولهذا كان حسن التدبير في المعاش من أبلغ ما يدل على عقل صاحبه، فمن تعدى الطور النافع إلى طور الإسراف الضار فلا ريب أن ذلك لنقص عقله، فإنه يستدل على نقص العقل بسوء التدبير،
وكما أن الغذاء ذاته يؤثر على صحة البدن، فإن العقل مرتبط به، فصحة البدن مؤثرة في صحة العقل ونشاطه وتركيزه، وإذا أسرف الإنسان في طعامه فإن ذلك يدعوا الى بلادة الذهن، وضعف انتباهه، فيضيع بذلك أمور كثيرة مما ينفعه.

-على الدين:
أما ضرره الديني فكل من ارتكب ما نهى الله ورسوله عنه فقد انجرح دينه، وعليه أن يداوي هذا الجرح بالتوبة والرجوع، ثم إذا تضرر بدنه يعود ذلك على طاعاته ونشاطه فيها، وربما يركن على الراحة والكسل والدنيا.

-ثم أخبر تعالى أنه لا يجب المسرفين وفي ذلك إثبات صفة المحبة لله، فنفى حبه للمسرفين، من جملة من لا يحبهم الله تعالى، وفي هذا تنفير عن الاسراف، وتنفير عن المسرفين أيضاً، فمن لا يحبه الله لايحبه عباده

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الحادي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir