رفع جواب الشرط
الأصل في جواب الشرط أن يكون مجزوماً، لكن إذا كان الجواب فعلاً مضارعاً فله أحوال:
الحال الأولى: أن يقترن الفعل المضارع بالفاء؛ فيجب رفعه سواء أكان الفعل مثبتاً أم منفياً.
1- فالمثبت، كما في قول الله تعالى: {ومن كفر فأمتّعُه قليلاً}، وقوله تعالى: {ومن عاد فينتقمُ الله منه}. قرأهما جميع القراء بالرفع في الموضعين.
وقرأ حمزة: [ إن تضلَّ إحداهما فتذكّرُ إحداهما الأخرى ] برفع [فتذكّر] على جواب الشرط لاقترانه بالفاء.
واختلف في تأويل الرفع على قولين:
القول الأول: أنه على تقدير جملة اسمية في جواب الشرط؛ واقتران الجملة الاسمية بالفاء واجب كما تقدّم، فقالوا في جواب الشرط في قوله تعالى: {ومن عاد فينتقم الله منه} : إن تقديره فهو ينتقم الله منه.
والقول الثاني: لا حاجة لهذا التقدير؛ فالاستعمال مطّرد في رفع الفعل المضارع الواقع في جواب الشرط إذا اقترن بالفاء.
2- والمنفي، كما في قول الله تعالى: {فمن يؤمن بربه فلا يخافُ بخساً ولا رهقاً}، وقوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحلُّ له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره}، وقوله تعالى: {قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله}، وقوله تعالى:{قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا}.
وهذه الفاء الرابطة لجواب الشرط بجملة الشرط تفيد التوكيد.
والحال الثانية: أن يقترن "بلا" النافية من غير "الفاء" ففيه الجزم، كما في قول الله تعالى: {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يُحملْ منه شيء}، وقوله تعالى:{إن يردن الرحمن بضر لا تغنِ عني شفاعتهم شيئا}، وقوله تعالى:{إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم}، وقوله تعالى:{ ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك}، وقوله تعالى:{ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.
والحال الثالثة: أن لا يقترن "بالفاء" ولا "لا" النافية؛ فالأكثر فيه الجزم، ويجوز رفعه، كما في قول الله تعالى: {أينما تكونوا يدركّم الموت} قرئ: {يدركّم} بالجزم في المتواتر، وذكر أبو القاسم الهذلي عن طلحة بن سليمان السمّان أنه قرأ: [ يُدركُكُم الموت ] بالرفع.
وقوله تعالى: {وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} {نتخطّف} قرئت بالجزم في المتواتر، وذكر أبو القاسم الهذلي عن أبي معمر المنقري أنه قرأها بالرفع.
وقوله تعالى: {وإن تصبروا وتتقوا لا يضرّكم كيدهم شيئا}.
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو [لا يَضِرْكُم] بالجزم على جواب الشرط.
وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي {لا يضرُّكم} بالضمّ ، واختلف في إعرابه على قولين:
أحدهما: الفعل مجزوم في جواب الشرط، والضمّ إنما هو لأجل الإتباع، فيوافق القراءة السابقة في الإعراب، ويؤيده أنه قرئ في الشواذ بفتح "الراء" لالتقاء الساكنين، وذلك لا يكون إلا على الجزم.
والآخر: الفعل مرفوع على قطع الجواب، والتقدير: فإنه لا يضرّكم.
وفي قول الله تعالى: {وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيدا}.
اختلف في "ما" أهي شرطية أم موصولة.
وعلى القول بشرطيتها اختلف في إعرابها؛ فقيل: مجزومة في جواب الشرط، والضمّة إنما هي للإتباع، وقيل: مرفوعة على حذف "الفاء"، أي: فهي تودُّ.
قال أبو البقاء العكبري: (ويجوز أن يرتفع من غير تقدير حذف؛ لأن الشرط هنا ماض، وإذا لم يظهر في الشرط لفظ الجزم جاز في الجزاء الجزم والرفع).