دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ذو القعدة 1439هـ/9-08-2018م, 02:11 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثامن: مجلس مذاكرة القسم الأول من كتاب خلاصة تفسير القرآن

مجلس مذاكرة القسم الأول من كتاب
خلاصة تفسير القرآن


اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب على أسئلتها إجابة وافية:


المجموعة الأولى:
1. بيّن الطريق إلى العلم بأنّه لا إله إلا الله، واستدلّ بآية على وحدانية الله تعالى وفسّرها بإيجاز.
2. تحدّث عن أصل الإيمان بالملائكة مبيّنا أدلة تقريره وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
3. فسّر قول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
4. اذكر ثلاثة آيات دالة على الأمر بالجهاد في سبيل الله وبيّن الحكمة مشرعية الجهاد، وآدابه ، وأسباب النصر.

المجموعة الثانية:
1. تحدث بإيجاز عن أوصاف القرآن الجامعة.
2. تحدّث عن منّة الله تعالى علينا بإرسال رسوله الكريم.
3. عدد سبع فوائد من تفسير قول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا - وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}
4. فسّر قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} مبيّنا مقاصد تشريع الصيام وآدابه وبعض أحكامه.

المجموعة الثالثة:
1. بيّن بإيجاز ثمرات تحقيق الإيمان.
2. اذكر أهمّ شبهات الطاعنين في رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وبيّن كيف يكون دحضها؟
3. اذكر بعض الأدلة على وجوب الزكاة ومقاصد تشريعها، وآداب إخراجها، وثمرات امتثال أمر الله تعالى بأدائها.
4. فسّر قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} وبيّن مقاصد هذه الآية والفوائد المستخرجة منها.

المجموعة الرابعة:
1. الإيمان باليوم الآخر من أصول الإيمان؛ تحدّث عن هذا الأصل بإيجاز مبيّنا تقرير أدلّته وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
2. من أصول موضوعات القرآن الحثّ على أداء حقّ الخالق جل وعلا وأداء حقوق المخلوقين؛ تحدّث عن هذا الأصل مبيّنا أدلته وفوائده.
3. فسّر قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ...} الآية مبيّنا دلالة هذه الآية على فضل صلاة الجمعة وآدابها وأحكامها ومقاصد تشريعها.
4. عدد سبع فوائد من تفسير آيات فرض الحجّ.


تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1439هـ/10-08-2018م, 02:16 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مجلس مذاكرة القسم الأول من كتاب خلاصة تفسير القرآن للسعدي رحمه الله

المجموعة الأولى:

1. بيّن الطريق إلى العلم بأنّه لا إله إلا الله، واستدلّ بآية على وحدانية الله تعالى وفسّرها بإيجاز.


العلم بأن الله لا إله إلا هو يتحقق بأمور منها:
أولاً: تدبر أسماء الله وصفاته وأفعاله الدالة على كمال عظمته، مما يوجب العلم بأنه لا يستحق أحد الألوهية إلا الله وهذا من أعظم الأمور المعينة على معرفة ذلك.
ثانيا: معرفة توحيد الربوبية وهو أن الله سبحانه المتفرد بالخلق والرزق والتدبير فيورث هذا في النفس استحقاق الرب سبحانه وتعالى بالإفراد بالألوهية فلا يعبد معه سواه.
ثالثاً: العلم بأن النعم الظاهرة والباطنة فيما يتعلق بأمور الدنيا والدين هي منة من الله سبحانه وتعالى فيستقر في القلب حبه سبحانه وتعالى وإجلاله مما يعين على إفراده بالعبادة والألوهية.
رابعاً: تدبر تقدير الله سبحانه وتعالى للثواب لعباده الصالحين في الدنيا وما أعده لهم في الآخرة، وتقديره سبحانه للعقاب للكافرين في الدنيا وما أعده لهم في الآخرة، فإن هذا برهان على أن الله لا يرضى لعباده الكفر وأنه سبحانه وتعالى المستحق لإفراده بالعبادة.
خامساً: معرفة النقص الكائن في أي شيء يشرك مع الله في عبادته، وما يقابله من كمال يتصف به الله سبحانه وتعالى فهذا دليل على أنه هو المستحق بأن يفرد بالألوهية.
سادساً: أن يعلم أن جميع الكتب السماوية والشرائع الربانية قامت على هذه الكلمة.
سابعاً: أن يعلم أن الأنبياء والرسل والعلماء الربانيين اتفقوا جميعا على هذه الكلمة ودعوا الناس إليها وهم خواص الخلق وأكملهم.
ثامنا: ما أقامه الله من الأدلة والآيات الأفقية والنفسية، التي تدل على التوحيد أعظم دلالة وأوضحها، وتنادي عليه بلسان المقال ولسان الحال.
تاسعاً: تدبر الآيات الشرعية المحكمة والأحكام الحسنة التي جاء بها الشرع فإن ذلك يدل أكبر دلالة أنه الله الذي لا يستحق العبادة سواه، وأن شريعته التي نزلت على ألسنة رسله شاهدة بذلك.
فهذه الأمور وغيرها هي طرق كلما ازداد العبد سيرا فيها كلما ازداد يقينا بأن الله لا إله إلا هو.

== ومن الآيات الدالة على تفرد سبحانه وتعالى بالألوهية قوله تعالى {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]
فيخبر الله تعالى بأنه "إله واحد" أي متفرد ليس له شريك
وهذا التفرد هو في ذاته وكذلك في أسماءه وصفاته فلا سمي له ولا كفو له ولا مثيل ولا خالق ولا رازق ولا مدبر لجميع الأمور إلا هو ولذا استحق أن يكون سبحانه هو الإله الذي تتوجه إليه القلوب والأبدان بالعبادة والخضوع والرغبة والرهبة والخشوع والخشية وغيرها من سائر العبادات التي أمر بها سبحانه خلقه أن يعبدوه بها،
وأن يتركوا الشرك به لأنه سبحانه وتعالى الكامل وكل ما سواه ناقص مخلوق وهو سبحانه من خلقه،
فلا يسوى بين الخالق والمخلوق فهذا من الظلم العظيم كما وصفه هو سبحانه وتعالى في كتابه فقال "إن الشرك لظلم عظيم".
ثم أكد سبحانه وتعالى أنه المستحق للألوهية فقال "لا إله إلا هو" نافيا جميع الآلهة الباطلة سواه مثبتاً أنه سبحانه وتعالى الإله الحق المستحق للعبادة.


2. تحدّث عن أصل الإيمان بالملائكة مبيّنا أدلة تقريره وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
=الإيمان بالملائكة هو أحد أركان الإيمان الستة التي لا يتحقق إيمان عبدٍ إلا بالإتيان بها جميعاً فإن لم يأت بأحدها لم يكن مؤمناً،
والملائكة هم خلق من خلق الله قد خصهم الله بصفات جليلة، فهم في غاية القوة على العبادة والرغبة العظيمة فيها، ولذلك فهم يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون غير مستكبرين ولا مستعظمين لتلك العبادة
والدليل قوله تعالى " لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ".
وقوله : " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"
وقوله : " هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ"
والآيات التي ذكرت فيها الملائكة كثيرة،
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبه وهو يقول : سبحانك أين كنت ، وأين تكون )
ومع تلك العبادة العظيمة فهم لا يعصون الله ما أمرهم طرفة عين والدليل قوله تعالى " لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ".
وهم الوسطاء بين الله وبين رسله وخصوصا جبريل عليه السلام فهو أمين الوحي كلفه الله بالنزول به على من شاء من رسله وهو أفضل الملائكة وأعظمهم وأقواهم وأعلاهم منزلة عند الله كما وصفه الله تعالى في كتابه قائلا: "دي قوة عند ذي العرش متين". وقال أيضاً: "وما هو على الغيب بضنين" ،
وقال تعالى : " فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ"
وقال تعالى: "
وهم أيضا مكلفون بالتدبيرات القدرية التي يدبرها الله فكل طائفة منهم كلفها الله بعمل يقومون به فمنهم الموكلون بالغيث والنبات
والموكلون بحفظ العباد والدليل قوله تعالى "له معقبات من بين يديه ومن خلفه"
وكتابة الأعمال كما قال تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" ، وقال تعالى "كراما كاتبين".
وقبض الأرواح قال تعالى " حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْقَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ"
والموكلون على الجنة والنار كما قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ".
ومنهم حملة العرش
وغير ذلك مما هو موجود في الكتاب والسنة.

=وأما عن أثر الإيمان بالملائكة على العبد
فإن كل ما تقدم من خصائص ووظائف للملائكة يدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وتدبيره لكل شيء
فإذا آمن بها العبد زاد إيمانه بربه وعرف أنه سبحانه المستحق للعبادة دون سواه فهو سبحانه وتعالى والمدبر لشئون جميع الخلق، وهو سبحانه غني عنهم، وكلهم مفتقر إليه لا يستطيع تسيير شيء إلا بأمر الله.

=وقد أنكر وجود الملائكة الزنادقة الذين يريدون إنكار وجود الرب سبحانه وتعالى، فينكرون الملائكة وبالتالي ينكرون الرسالات والرسل التي هدفها دعوة الناس لعبادة الله وتوحيده،
-ومن لم يستطع الإنكار صراحة لجأ إلى تحريف المعنى فتستر خلف هذا التحريف كمن يقول إن الملائكة هي القوى الخيرية والصفات الحسنة الموجودة في الإنسان، وأن الشياطين هي القوى الشريرة فيه، وراج هذا التحريف الخبيث على بعض الذين يحسنون الظن بهؤلاء الزنادقة،
=والرد على هؤلاء ومن يحسن الظن بهم بأمور منها:
-ما تقدم ذكره سابقاً بالدلائل عليه من كتاب ربنا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ففيه بيان لوجودهم وأوصافهم وأعمالهم إلى غير ذلك مما تقدم بيانه.
-أن في إنكار وجود الملائكة تكذيب لخبر النبي صلى الله عليه وسلم وما هو معلوم من الدين بالضرورة.
-أن الملائكة مذكورين في الشرائع السماوية كلها فمن كان له دراية بأديان الرسل فإنه يعرف بالملائكة.
-أن في شبههم ما يردها كقولهم إن سجود الملائكة لآدم وإنما ذلك تسخير الله للآدميين جميع ما في الأرض من القوى والمعادن وغيرها، وهذا فيه تسوية بين الكفار والفجرة وبين آدم، وأيضا فيه أن الملائكة سجدت لجميع الناس البر والفاجر المؤمن والكافر، وعندنا في الحديث أن الناس في الموقف يقولون لآدم عليه السلام " يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته. .؟
فهذه بعض المقالات للمنكرين وبيان الرد عليها على سبيل الإيجاز.

3. فسّر قول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
-هذه آية عظيمة فيها بيان أمر عظيم الشأن وهو حسن الخلق
كما قال جعفر بن محمد فيها: أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.
وقال: إنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لجبريل:" ما هذا"
قال: لا أدري حتى أسأل، فسأل فرجع إليه
فقال: إن الله يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.
فبين الله طريق تحقيق ذلك بأن قال "خذ العفو" وهو ما عفت عنه نفوس الخلق وسمحوا لك به،
تاركاً ما لا يطيقونه أو ما يشق عليهم ولا تسمح به طبائعهم فأمر الله نبيه بأن يقبل من الناس كل خلق جميل وما هو دون ذلك
ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض الطرف عن نقصهم ولا يتكبر على صغير لصغره فلا ناقص عقل لنقصه ولا فقير لفقره بل يقبل من كل هؤلاء ويعاملهم بما يقتضيه الحال وما يناسب أحسن الأخلاق لأنها صادرة من أحس الخلق صلى الله عليه وسلم،
ثم قال سبحانه "وأمر بالعرف" وهو كل قول حسن وفعل جميل وخلق كامل لكل الناس.
فيصدر منه صلى الله عليه وسلم كل الخير لكل الناس فيرشد هذا ويحنو على ذلك ويعلم هذا أمور الدين، يصل هذا ويبر ذاك ويصلح بين هؤلاء ويعين أولئك إلى غير ذلك من وجوه المعروف.
ثم بين سبحانه حال أخرى من التعامل وهي الإعراض
فقال "وأعرض عن الجاهلين" لأن هؤلاء لا يقبلون المعروف بل يقابلونه بالإساءة والأذية فأمره سبحانه بأن لا يقابلهم بمثل أذيتهم أو جهلهم وإنما يعرض عنهم،
فمن حرمه منهم فلا يحرمه هو، ومن منعه منهم فلا يمنعه هو، ومن ظلمه فأنه يعدل ويقسط إليه ولا يظلمه،
وهذا الخلق قد امتثله النبي صلى الله عليه وسلم وكان فيه من الخير الكثير كانشراح صدره صلى الله عليه وسلم وراحة قلبه وسكونه وأيضا انقلاب بعضهم من عدو لدود إلى صديق حميم كما قال تعالى " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"


4. اذكر ثلاثة آيات دالة على الأمر بالجهاد في سبيل الله وبيّن الحكمة مشرعية الجهاد، وآدابه ، وأسباب النصر.

=من الآيات الدالة على الأمر بالجهاد:
-1- قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]
ووجه الدلالة من الآية: هو الأذن بالجهاد بعد أن كان غير مأذون به وإنما كان الصبر على الأذى والجهاد بالدعوة واللسان لا بالسنان ثم نزلت الآية مؤذنة في الجهاد بالسنان.
-2-ومنها قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ –
ووجه الدلالة منها في قوله تعالى " إذا لقيتم فئة فاثبتوا" فذكر اللقاء وأمر بالثبات فيه وعدم الرجوع والفرار حتى يتم النصر أو تكون الشهادة.
-3-ومنها قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]
ووجه الدلالة منها في قوله تعالى: "وقاتلوهم" فهو أمر والأمر للإيجاب، ثم بين تعالى سبب هذا القتال وغايته فقال "حتى لا تكون فتنة" أي شرك فالجهاد واجب لإزالة الشرك بالله ودعوة الناس إلى عبادته سبحانه وإخلاص الدين له.

= ولمشروعية الجهاد حكم كثيرة منها:
- أن يقام دين الله ويدعى إليه الخلق جميعاً .
-أن يدفع عدوان الظالمين المعتدين على ديار الإسلام ويكف أذاهم عن المسلمين.
- أن يحفظ الدين في البلاد وفي نفوس العباد فإنه بدون الجهاد يتسلط الكفار ليجتالوا الناس عن دين ربهم الذي شرعه لهم كما قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}
-أن يقام العدل وتحصل الرحمة بدخول الناس تحت مظلة الإسلام وحكمه الذي ليس مثله حكم.
-أن ينشر الصلاح والإصلاح في الدين والدنيا بكل وجه واعتبار وهذا من أعظم محاسن الدين الإسلامي.

=ومن أسباب النصر على الأعداء
 ما جاء في قوله تعالى "{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: 45 - 47]
فبين سبحانه وتعالى لنا في هذه الآية سببين عظيمين للنصر وهما :
-الصبر وهو الثبات التام وبذل كل جهد ممكن، ويدخل في هذا تعلم الرمي والركوب والفنون العسكرية وأمور الجهاد المناسبة للزمان، وتحمل العناء في كل ذلك والصبر عليه.
-والإكثار من ذكر الله والتضرع إليه والتوكل عليه سبحانه وتعالى فالنصر بيده ومن عنده، وهذا الأمر هو الذي جاء في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ} فنصر الله هو بإقامة دينه وعبادته وحده سبحانه وتعالى.
فإذا اجتمع الأمران تحقق الناصر بإذن الله كما وعدهم الله
 ومن أسباب النصر أيضا الجماعة والإئتلاف وعدم التفرق والاختلاف، وهذا السبب يمثل القوة المعنوية والتي تقابل القوة المادية التي أمروا بإعدادها.
 ومن الأسباب أيضا: حسن النية وكمال الإخلاص في إعلاء كلمة الحق فإن هذا شأنه ينزل التأييد للمؤمنين فينتصروا كما قال تعالى : {أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 26]
 ومن الأسباب التي أرشد الله إليها في القتال: حسن التدبير، والنظام الكامل في جميع الحركات العسكرية، قال تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121]، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم في تسوية الصفوف وسد الثغرات وإرسال العيون ومشاورة أصحابه وإخفاء أخبار الغزو حتى يسيروا مدة وغير ذلك من التدابير التي كان يفعلها صلى الله عليه وسلم.

=ومن آداب الجهاد
-علو الهمة والغاية وأن لا تذهب القوة والعزيمة بموت أحد بل يستمروا فيما أمروا به.
-أن يعلم المجاهدون أنهم على الحق الذي بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم وأنهم يدفعون ويحابون الباطل والشر وأهله فينبغي أن يجعلوا هذا نصب أعينهم وأن يكون أساس عملهم.
-أن يعلم أن الأمور سجال والأيام دول فيوم لك ويوم عليك ولكن العبرة أن تكون في كل الأحوال عابدا لله قائما بما أمرت به منتهيا عما نهيت عنه.
- ومن الآداب المهمة أن يكون القائد أو الرئيس رحيما برعيته، ناصحا محبا للخير، ساعيا فيه جهده، كثير المراودة والمشاورة لهم، خصوصا لأهل الرأي والحجا منهم.
- ومن الآداب المهمة أيضا أن تكون الرعية مطيعة للأوامر منقادة لها بلا نزاع ولا شقاق، وإن وقع النزاع فيعلم الجميع أن هناك مرجع حدده الله لهم يرجعون له كلهم وينقادون له وهو قوله تعالى "{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}".
- ومن الآداب سلوك طريق الحق، والعدل في قسمة الغنائم، وأن لا تكون ظالمة مستبدا بها الأقوياء، محروما منها الضعفاء.
- الحرص الشديد على عدم التفرق في صفوف المسلمين، ويقابله الحرص الشديد على إيقاع العداوة والانشقاق في صفوف الأعداء كأن يهادن منهم من يهادن فيكف عن القتال فيقل عددهم وتنكسر شوكتهم ويسهل النصر عليهم وغير هذا مما يحقق هذا الغرض.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1439هـ/10-08-2018م, 07:53 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

المجموعة الأولى:
1. بيّن الطريق إلى العلم بأنّه لا إله إلا الله، واستدلّ بآية على وحدانية الله تعالى وفسّرها بإيجاز.

1- تدبر أسماء الله وصفاته وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلاله؛ فإن معرفتها توجب العلم باستحقاقه وحده للألوهية وتوجب بذل الجهد في التأله لمن له كل حمد ومجد وجلال وجمال.
2- العلم بأنه الرب المنفرد بالخلق والرزق والتدبير، فبذلك يعلم أنه المنفرد بالألوهية.
3- العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية، فإن ذلك يوجب تعلق القلب به محبة وإنابة، والتأله له وحده لا شريك له.
4- ما يراه العباد ويسمعونه من الثواب لأوليائه القائمين بتوحيده من النصر لرسله وأتباعهم، ومن النعم العاجلة المشاهدة، ومن عقوبته لأعدائه المشركين به، فإن هذا برهان على أنه وحده المستحق للألوهية.
5- معرفة أوصاف الأوثان والأنداد التي عبدت مع الله، وأنها فقيرة إلى الله من كل وجه، ناقصة من كل وجه، لا تملك لنفسها، ولا لمن عبدها نفعا ولا ضرا ؛ فالعلم بذلك يعلم به بطلان إلهيتها، وأن الله هو الإله الحق المبين.
6- اتفاق كتب الله على ذلك، وتواطؤها عليه.
7- اتفاق الأنبياء والرسل والعلماء الربانيين على ذلك، وشهادتهم به، وهم خواص الخلق، وأكملهم أخلاقا وعقولا وعلما ويقينا.
8- ما أقامه الله من الأدلة والآيات الأفقية والنفسية، التي تدل على التوحيد أعظم دلالة وأوضحها، وتنادي عليه بلسان المقال ولسان الحال، بما أودعها من لطائف صنعته وبديع حكمته وغرائب خلقه.
9- شريعة الله المحكمة تدل على ذلك بما فيها من الأحكام الحسنة والحقوق العادلة والخير الكثير، وجلب المنافع كلها ودفع المضار، وذلك يدل أكبر دلالة أنه الله الذي لا يستحق العبادة سواه .

الدليل على وحدانية الله :
قال تعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .
هذه أجلّ شهادة على أجلّ مشهود ، وهي شهادة الله تعالى على أمرين هما : توحيده ، وقيامه بالقسط ، و شهادة أعظم مخلوقاته وأكرمها ألا وهي ملائكته و أهل العلم به بذلك .
ويتضمن توحيده إفراده سبحانه بالربوبية وبالعبادة وبالأسماء الحسنى والصفات العلى .
وأمّا القسط فهو العدل الكامل ، وهو ظاهر في كل شيء ، في شرعه وخلقه وجزائه ، فالعبادات و المعاملات كلها حكمة وعدل ، و جزاؤه سبحانه دائرٌ بين الإحسان والعدل .
وشهادة الله بالآيات والبراهين والحجج المتنوعة ، وبإقامة أهل العلم العارفين بهذه الشهادة وجعلهم الواسطة بين الله وخلقه يبلغونهم توحيده وشرائعه ، وأمر العباد بسؤالهم والرجوع إليهم وهذا تعديل لهم وفيه إظهار لشرفهم وعلو منزلتهم .

2. تحدّث عن أصل الإيمان بالملائكة مبيّنا أدلة تقريره وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
الملائكة خلق عظيم من خلق الله تعالى ، والإيمان بهم أصل من أصول الإيمان لا يتم إلاّ به ، وقد ذُكروا في القرآن والسنة ، و علّمنا الله أسماء بعضهم و أعمالهم كجبريل عليه السلام القوي الأمين ، وهو الموكل بإنزال الوحي
قال تعالى : ( ذي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( 20 )مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ )
و ميكائيل عليه السلام الموكل بإنزال القطر ، وإسرافيل عليه السلام الموكل بالنفخ في الصور ، فهم الوسائط بين الله وعباده في تبليغ الوحي و الشرائع ، وهم الوسائط في التدبيرات القدرية ، ومن صفاتهم كثرة عبادتهم لربهم وشدة طاعتهم لهم ، ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) ، والواجب على العباد الإيمان بهم جملة وتفصيلا .
آثار الإيمان بالملائكة :
- يؤدي إلى تحقيق الإيمان بالله و كتبه ورسله ، ولا إيمان لمن لم يؤمن بالملائكة .
- شهود عظمة الله تعالى في خلقه وتدبيره .
- محبتهم والاقتداء بهم في الحرص على الطاعة والعبادة .
- التصديق ، والحصول على رضا الله ومحبته .
- إنزالهم منزلتهم ، ومالهم من حق ، فلا يغلو فيهم فيعبدهم من دون الله ، ولا يقصّر فيجحدهم أو يؤذيهم بأمر يتأذون به من المعاصي ، أو الرائحة الكريهة ونحوذلك .
- آثار عامة داخلة في الإيمان عموما من حصول السعادة الدنيوية والأخروية ، وحصول النصر والتمكين والهداية ، واليقين و الصبر والتوكل والإخلاص والصدق والعفة والأمانة و حسن الخلق وتعلق القلب بالله تعالى .
وذوق حلاوة الإيمان ، والنجاة من النار .
الرد على من أنكر الإيمان بالملائكة :
أما من أنكر الملائكة وزعم أنهم قوى الخير والصفات الحسنة بالإنسان ، أو زعم أنّ السجود لآدم ليس حقيقة وإنما هو تسخير الله القوى والمعادن لأهل الأرض فيُجاب عنه :
1- هذا إنكار لما هو معلوم بالضرورة بخبر الله الصريح في كتابه وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتكذيب لله ورسوله .
2- وفيه تسوية كفار الآدميين وفجرتهم وأولهم وآخرهم بآدم، لأن قولهم هذا يقتضي سجود الملائكة لجميع الآدميين برهم وفاجرهم ؛ ويدل على بطلانه أيضا قول الناس في موقف القيامة: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته .

3. فسّر قول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
هذه الآية عمدة في التعامل مع الناس ، يأمر الله تعالى فيها عباده بأخذ العفو منهم : و المقصود بالعفو : ما عفا وزاد مما سمحت به أنفسهم، وسهلت به أخلاقهم من الأعمال والأخلاق .
فلا يكلفهم في حقه ما لا يطيقون ، ولكن يشكر لهم الإحسان ، إن أحسنوا ، ويعفو عن تقصيرهم وإساءتهم في حقه إن أساءوا ، ولا يكلفهم خارج طباعهم .
وهذا لا يمنع من أمرهم بالعرف وهو كل قول حسن وفعل جميل وخلق كامل ، من طاعة لله تعالى ورسوله وبرّ للوالدين ، وإحسان إلى الخلق ، ثمّ بيّن سبحانه أنّه مع ذلك لا بدّ أن يُبتلى بالجهلة من الناس فعليه أن يعرض عنهم
ولا يقابل جهلهم بجهل مثله ، ولكن يُعرض ويصفح ، فلا يقابل الظلم بظلم ، ولا القطيعة بالقطيعة ، ولكن يصل ، ويعدل ، ويحسن ، ويحتسب الأجر في ذلك من الله تعالى .

4. اذكر ثلاثة آيات دالة على الأمر بالجهاد في سبيل الله وبيّن الحكمة مشرعية الجهاد، وآدابه ، وأسباب النصر.
الآيات :
1- قال تعالى : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) [الحج: 39] وفيها الإذن بالجهاد بعد الأمر بالكف ، مع بيان السبب .
2- قال تعالى : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) [الأنفال: 39] وفيها الأمر بقتال الأعداء والحكمة من فرضية الجهاد .
3- قال تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [الأنفال: 45 - 47] فهذه الآية تضمنت الأمر بجهاد الأعداء، والإرشاد إلى الأسباب التي ينبغي للجيوش والمجاهدين الأخذ بها .
4- قال تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} [الأنفال: 60] وفيها الأمر بالجهاد والإعداد له .

الحكمة من مشروعية الجهاد :
- إقامة دين الله، والدعوة إلى عبادته التي خلق الله المكلفين لها، وأوجبها عليهم ، ودفع كل من قاوم الأمر الضروري .
- مقاومة الظالمين المعتدين على دين الله وعلى المؤمنين من عباده ، وحمايتهم من أن يُفتنوا عن دينهم ، قال تعالى: ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) .
- مدافعة الله الناس بعضهم ببعض ، لئلا يستولي الكفار على بلاد المسلمين ويمحقوا الدين ويقتلوا المؤمنين ويهدموا معابدهم ، قال: ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) .

آداب الجهاد :
- الحرص على الإخلاص واتخاذ أسبابه ، والثبات مهما حصل من موت قائد أو انحراف كبير .
- ترتيب الجيش ، وإنزالهم منازلهم وسد الثغرات ، و بث العيون ، و التحرز من جواسيس العدو وبذل كل الأسباب الممكنة .
- أن يكون الرئيس رحيما ، محبا للخير ، كثير المشاورة ، وأن تكون الرعية مطيعة منقادة بلا نزاع و شغب .
- ردّ النزاع عند حصوله إلى الله ورسوله والتحاكم لشرعه ، قال تعالى ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله ) .
- العدل في قسمة الغنائم .
- السعي بقدر الاستطاعة في إيقاع الانشقاق في صفوف الأعداء، وفعل كل سبب يحصل به تفريق شملهم وتفريق وحدتهم ، ومهادنة من يمكن مهادنته منهم، وبذل الأموال للرؤساء إذا غلب على الظن أن ينكف شرهم عن المسلمين .
- التخلق بأخلاق الجهاد ، فلا يقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ، ولا يمثلوا ، ولا يقطعوا شجرا ، ولا يهدموا معبدا ، ولا يتعرضوا للرهبان والعُبّاد .

أسباب النصر :
1- الصبر والثبات ، ومما يعين عليه التصبّر ، وتعلّم الفنون العسكرية المناسبة للزمان ، وعلمه بأنه على الحق ومن يقابله على باطل .
2- الإكثار من ذكر الله والتوكل عليه والتضرع إليه .
3- اجتماع الكلمة وترك الفرقة .
4- الصدق والإخلاص وتجديد النية لتكون كلمة الله هي العليا .
و يجمعها قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ )
5 - الترغيب في فضائل الجهاد، وما فيه من الثمرات العاجلة والآجلة، وما في تضييعه من ضياع الدين والدنيا، واستيلاء الأعداء، والذل والدمار .
قال تعالى ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1439هـ/10-08-2018م, 11:07 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

المجموعة الرابعة:
1.
الإيمان باليوم الآخر من أصول الإيمان؛ تحدّث عن هذا الأصل بإيجاز مبيّنا تقرير أدلّته وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.

(الإيمان باليوم الآخر ) هو :
التصديق الجازم بإتيان ووقوع كل ما أخبر الله عنه في كتابه و أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ، ويدخل في ذلك الإيمان بعلامات الساعة التي تكون قبلها ، وبالموت وما يصاحبه من أحوال الاحتضار وما بعده من فتنة القبر وعذابه ونعيمه ، وبالنفخ في الصور والبعث ، وما في موقف القيامة من الأهوال ، وتفاصيل الحشر والحساب ، وبالجنة ونعيمها الذي أعلاه النظر إلى وجه الله عز وجل ، وبالنار وعذابها الذي أشده حجبهم عن ربهم عز وجل . والعمل بمقتضى هذا الاعتقاد .

أدلته الإيمان باليوم الآخر:
الإيمان باليوم الآخر دل عليه القرآن والسنة النبوية.
والقرآن كله من فاتحته إلى خاتمته مملوء بذكر أحوال اليوم الآخر، وتفاصيل ما فيه، وتقرير ذلك بالأخبار الصادقة والأمثال المضروبة للاعتبار والإرشاد.
1- كثرة ذكره في القران والسنة
قلماتخلو سورة من سور القرآن عن التحدث عنه وتقريبه إلى الأذهان وقد استعمل القران في ذلك أساليب شتى بشتى
ضرب الأمثال ؛ إقامة للحجة والبرهان .. ؛الاستدلال بالنشأة الأولى، خلق السموات والأرض؛ وإحياء الأرض بعد موتها - على الإعادة ؛ ذكر قصص إحياء الموتى أمر نبيه بالإسقام على وقوعه إلى ذلك من المسالك التي سلكها القرآن الكريم ...
أولاً: الإقسام على وقوع البعث:
قال الله تعالى آمراً نبيه أن يقسم بربه على أن البعث حق لا ريب، وأنه لا بد من وقوعه، ومحاسبة أولئك المكذبين الجاحدين له، وأن ذلك لا يعجز الله تعالى؛ بل هو عليه يسير: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[التغابن: 7]،
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[سبأ: 3]،
﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ[يونس: 53].
.
ثانياً: التنبيه بالنشأة الأولى على النشأة الثانية:
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} [الروم: 27]
{
اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [الروم: 11]
قال تعالى
: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا *قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا*أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا* يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا[الإسراء: 49-52]..
﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ*وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ*قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ[يس: 77 - 80]
، ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ[الأنبياء: 104].. ﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا* أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا[مريم: 66، 67].
يوضح سبحانه لعباده أنه كما أنشأ الخلق أول مرة وأوجدهم من العدم ، لا يعجزه أن ينشئهم مرة أخرى، ومعلوم أن النشأة الأخرى تكون أهون من النشأة الأولى.
ثالثاً: التنبيه بخلق السموات والأرض على إحياء الموتى أو النظر في مخلوقات أكبر وأعظم من خلق الإنسان:
قال تعالى : ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الأحقاف: 33]..
﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[غافر: 57].
إذا كان خلق السموات والأرض أعظم من خلق الإنسان فيكف يكون خلق ما هو دون ذلك و هو الإنسان مستحيل
رابعاً: التنبيه بإحياء الأرض بعد موتها على إحياء الموتى:
قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ*ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الحج: 5-6]،
﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الروم: 50]،
وغيرها من الآيات الكثيرة التي يقرن الله بين إحياء الأرض وإحياء الموتى؛ وأن من قدر على إحياء هذه قادر على إحياء هذه: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ[الروم: 19].
خامساً: إحياء الموتى في الدنيا ليكون دليلاً على البعث في يوم القيامة..
وقد حصل ذلك في عدة آيات في القرآن الكريم:
1-قصة العزيز المار على تلك القرية:
2-طلب إبراهيم من ربه مشاهدة إحياء الموتى
-3موت بني إسرائيل الذين تنطعوا في إيمانهم، واشترطوا لذلك أن يروا ربهم؛ فأخذتهم الصاعقة، ثم بعثهم الله ليريهم قدرته
-4 قتيل بني اسرائيل
-5 القوم الذين نزلوا في ديارهم وباء فخرجوا من ديارهم وهو ألوف حذرا من الموت
فأماتهم الله ثم أحياهم
الرد على من أنكره
انعقد الإجماع على إثبات البعث، كما أجمع علماء هذه الأمة على تكفير منكري البعث، وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم..وفي إنكار البحث عدة محاذير
-إنكار البعث يناقض الإيمان، وينافي تصديق القلب وإقرار اللسان.
- إنكار البعث تكذيب تعطيل لصفات الباري سبحانه وتعالى
- إنكار البعث تكذيب ظاهر لآيات القرآن الصريحة في إثبات البعث،
-إنكار البعث تكذيب رد للأخبار الصحيحة في وقوع البعث،
-إنكار البعث تكذيب لما اتفقت عليه دعوة الرسل عليهم السلام. ونزلت به الكتب السماوية
وكما ذكر القرآن الأدلة عليه، رد على منكريه، وبين كذبهم وافتراءتهم.وفند شبههم
ثمرات الإيمان باليوم الآخر :
1 : الرغبة في فعل الطاعات والحرص عليها رجاء ثواب ذلك اليوم .
2 : الرهبة من فعل المعصية والرضى بها خوفا من عقاب ذلك اليوم .
3: تسلية المؤمن عما يفوته من النعيم في الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها .
4 : الاهتمام بأمْر القبر وأحوال البرزح ؛ والسعي في نيل أسباب السعادة فيه.
5: بقدر ما يقوى استحضار يوم الآخر في القلب بقدر ما تهون الدنيا
6: الإيمان باليوم الأخر من أعظم ما يسهل الإخلاص في العمل ودفع الرياء
2. من أصول موضوعات القرآن الحثّ على أداء حقّ الخالق جل وعلا وأداء حقوق المخلوقين؛ تحدّث عن هذا الأصل مبيّنا أدلته وفوائده
جاءت الشريعة بالحث عن المحافظ على الحقوق و التأكيد على وجوب إعطاء كل ذي حق حقه
والحقوق الواجب على العبد المؤمن المكلف ثلاث: حق الله ؛ حق العباد ؛ حق النفس.
الأول: حق الله على العباد
قال تعالى :{ { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } [النساء: 36]
وقال {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [الإسراء: 23]
قال تعالى :{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)} [الفرقان: 64، 65]

حق الله .. أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا.. وهذا سمي حقاً، لأنه حتم لازم واجب على العبد تجاه ربه جل وعلا.
والعبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة و البطانة
و لا يكفي فقط العبادة لأن الكفار كانوا يصرفون شيئا من العبادة لله تعالى لكنهم يشركون معه غيره، ولذلك لابد من عبادة الله تعالى مع عدم إشراك غيره معه.
لا يشركون به شيئا لا شرك أكبر ولا شكر أصغر ولا شر خفي بل يجب إفراد الله بالعبادة و الخضوع والذل و المحبة والتعظيم و التعلق و أن يقدم طاعته على طاعة مخلوق مهما كان إذا تعارضا وغير ذلك من مفردات العبادة

من حق لله يفرد بالخوف من عقابه والرغبة في ثوابه .

ثانيا: حق العباد
وأعظم حق يجب على العبد المؤمن القيام به بعد حق الله حق الوالدين
قال تعالى : {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) } [الإسراء: 23 - 25]
{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]
من أعظم حقهما الإحسان إليهما؛بل هو واجب للأمر به ؛ فيشمل كل ما يدخل في حد الإحسان ..كالقول الكريم الطيب و الفعل الحسن و كالقيام بطاعتهما و الإنفاق عليهما و يجب الحذر و اجتناب كل ما يخالف الإحسان.بل يحرم ضد الإحسان الأمر بالشيء نهي عن ضده ويدخل فيه معصيتهما والإساءة لهما و عقوقهما.. وكذا ترك الإحسان وترك الإساءة .لان فاعل ذلك لم يمتثل أمر الآية وهو القيام بالإحسان
ومن الإحسان لهما الدعاء لهما ...وتذكر ما بذلوه من جهد ووقت ومال في التربية وتعليم أبنائهم
حق الأقارب : ...الأقرب فالأقرب قال تعالى :{وَبِذِي الْقُرْبَى } [النساء: 36]
يجب الإحسان إليهم وصلتهم وتفقد حاجاتهم ومطالبهم.
حق الأبناء
{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } [الإسراء: 31]
هو أن ينفق عليهم من ماله ولا يقتلهم خشية الإنفاق
حق الفقراء و المساكين :
قال تعالى :{ {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ } [الإسراء: 26]
{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: 28]
الفقراء والمساكين لهم حق على المؤمنين؛ حتى أن الله جعل لهم حق في مال المؤمنين..فيجب سد حاجاتهم و إعطاءهم ما يكفيهم ويصون ماء وجههم عن السؤال ..وعليه أن يحسن لهم القول والفعل وإن سألوه شيئا من ماله وهو لا يجد ما يعطيهم أن يردهم بلطف و رفق .
حق ملك اليمين
قال تعالى :{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [النساء: 36]
من حقوقهم القيام بكفايتهم، وأن لا يحملوا ما لا يطيقون، وأن يعاونوا على مهماتهم، وأن يقام بتقويمهم وتأديبهم النافع.
حق اليتامى
{وَالْيَتَامَى} [النساء: 36]
{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } [الإسراء: 34]
من حقوقهم العطف و الحنو عليهم والإحسان إليهم، وكفالتهم وجبر خواطرهم وتأديبهم، وأن يربوهم أحسن تربية كما يربون أولادهم، سواء كان اليتيم ذكرا أو أنثى، قريبا أو غير قريب.
والمحافظ على أموالهم فلا يجوز أكلها بغير حق
حق المسلمين عموما
حق في أعراضهم قال تعالى :{ {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [الإسراء: 32].. .. على المؤمن أن يحفظ المؤمنين جميعا في أعراضهم فلا يجوز له أن يزنى بنسائهم.
حق في نفوسهم : فلا يحل له الاعتداء عليهم و قتل النفس المعصومة إلا بحقها .{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } [الإسراء: 33]
*حقهم في عدم التكبر عليهم والبخل عليهم بالمال و العلم و التعليم ونفعهم بما يقدر عليه
حقهم في المعاملة معهم..فلا يخشهم ولا يكذب عليهم في بيع ؛ وشراء؛ و نكاح وغير ذلك من أنواع المعاملات ؛يعاملهم بالتي هي أحسن كما يحب أن يعاملوه هو ..وأيضا يوفي بعهدهم
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [الإسراء: 34، 35]
حق الغريب
{وَابْنِ السَّبِيلِ} [النساء: 36]
وهو الغريب في غير بلده، سواء كان محتاجا أو غير محتاج، فحث الله على الإحسان إلى الغرباء، لكونهم في مظنة الوحشة والحاجة، وتعذر ما يتمكنون عليه في أوطانهم، فيتصدق على محتاجهم، ويجبر خاطر غير المحتاج بالإكرام والهدية والدعوة والمعاونة على سفره.
حق الجار
قال تعالى:{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ } [النساء: 36]
على العبد القيام بحق جاره مطلقا، مسلما كان أو كافرا، قريبا أو بعيدا، بكف أذاه عنه، وتحمل أذاه، وبذل ما يهون عليه ويستطيعه من الإحسان، وتمكينه من الانتفاع بجداره، أو طريق ماء على وجه لا يضر الجار، وتقديم الإحسان إليه على الإحسان على من ليس بجار، وكلما كان الجار أقرب بابا كان آكد لحقه، فينبغي للجار أن يتعاهد جاره: بالصدقة والهدية والدعوة واللطافة بالأقوال والأفعال؛ تقربا إلى الله وإحسانا إلى أخيه صاحب الحق.

3. فسّر قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ...} الآية مبيّنا دلالة هذه الآية على فضل صلاة الجمعة وآدابها وأحكامها ومقاصد تشريعها.
قال الله تعالى "{ . يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }
-أمر الله عزوجل عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها حين ينادي لها....فاهتموا بها وانشغلوا بالاستعداد لها ؛ واتركوا كل ما يشغلكم عنها من بيع أو تجارة وصناعات أو معاملات و غير ذلك ؛ واعلموا أن اهتمامكم بهذه الصلاة وحضورها وترك البيع والشراء ؛و امتثال أمر الله عموما واجتناب نهيه يحصل لكم خيري الدنيا والآخرة..خير لكم من المال و الكسب الذي ترجونه من التجارة أو البيع وقت الصلاة وهذا مما يدل على فضيلة هذه الصلاة..ومما يدل أيضا على فضلها أن الله أمر بالاهتمام بها وترك كل ما يشغل عنها..
ثم أباح الله لبعاده السعي في الأرض لطلب المعاش والأرزاق بعدما كان قد نهوا عنه وقت الصلاة فقال تعالى:{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)}
أي إذا فرغتم من أداء الصلاة فتفرقوا في الأرض لمتابعة أعمالكم ومصالحكم الدنيوية التي فيها معاشُكم ، واطلبوا الربح واكتساب المال والرزق ، من فضل الله - تعالى - ومن فيض إنعامه
...اطلبوا من فضلِ الله ما تشاءون من خَيري الدنيا والآخرة . فإذا كان الله هو الذي يمن عليكم من فضله وواسع رزقه فليكن منكم الاستعانة والتوكل في طلب المعاش
واذكُروا الله بقلوبكم وألسنتِكم كثيراً ، لعلّكم تفوزون بالفلاح في الدنيا والآخرة.
فإن من داوم على ذكر الله عزوجل واستحضر عظيم سلطانه وجميل إحسانه و شديد عقابه وكان ذلك حاضر القلب لا يغيب . فهذا حري به أن تتماسك أقواله وأفعاله ، وتتوازن خطواته..فلا يغش في كيل ولا وزن ولا يغير سلعة بأخرى ، ولا يكذب في مساومة ، ولا يحلف كذبا ، ولا يخلف موعدا
ثم قال تعالى :{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }
وإذا رأى أولئك القوم الذين كانوا معك وقت قيامك للخطبة للجمعة عير تجارة أو لهوا خرجوا يطلبون ما فيها من خير حتى إنهم تركوك وأنت قائم تخطب؛ فقل لهم يا محمد عليه الصلاة والسلام - مبينا خطأ ما عملوا : ما عند الله مما ينفعكم في الآخرة خير لكم مما يفيدكم في الدنيا من التمتع بخيراتها ، وكسب لذاتها ، فتلك باقية ، وهذه فانية ..وبين لهم أن ليس الصبر على طاعة الله مفوتًا للرزق ، وذكرهم أن الرزق من عند الله وهو خير الرازقين ، عند رزق الدنيا والآخر ...فمن اتقى الله رزقه من حيث لا يحتسب .
ومما يدل على عظيم فضل صلاة الجمعة : أن في الآيات أمر لجميع المسلمين وأهل الإيمان بمجرّد سماعهم لأذان الجمعة أن يسرعوا إليها ويتركوا الكسب والعمل ، وكلّ ما من شأنه أن يزاحم هذه الفريضة ، إلى الحدّ الذي نهتهم عن الذهاب إلى تلك القافلة رغم حاجتهم الماسّة إلى ما فيها من طعام إذ كانوا يعيشون القحط والمجاعة . ودعتهم إلى الاستمرار في صلاة الجمعة حتّى النهاية .
أحكام و آداب صلاة الجمعة
- مشروعية النداء للصلاة يوم الجمعة لقوله {. إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: :}
-صلاة الجمعة فريضة على المؤمنين لأن الله أمر بالسعي لها { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ و
- السعي والمبادرة إليها و الإقبال على أدائها والتأهب لها والانشغال بها.
-ترك الاهتمام و الانشغال بكل ما يشغل ويصرف عنها من المعاملات والتجارات و غير ذلك لان الله نهى عن البيع والشراء بعد النداء للجمعة
- قوله تعالى { إذا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ..} علق الأمر بالسعي إلى الجمعة بسماع النداء فدل ذلك أن من الصلاة الجمعة واجبة على من سمع النداء أو كان في موضع يمكن أن يسمعه .أما من كان بعيدا بحيث لا يمكنه سماع النداء فلا تجب عليه
- وجوب إتمام أداءها ويحرم الانصراف و الخروج قبل انتهاء الإمام والانصراف من الصلاة ..
-تحريم البيع والتجارة بعد النداء للجمعة
- مشروعية الخطبة يوم الجمعة دل عليه قوله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله } حيث أمر بالسعي إلى الذكر ولم يقل: إلى الجمعة ولا لها . دل ذلك أن قبل الجمعة ذكرا ، يجب الاستماع إليه والسعي إليه . فدل هذا على فرضية الخطبة .
- وجوب الاستماع للخطبة يوم الجمعة والنهي عن الكلام والانشغال عنها
دل ذلك قوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} أمر الله بالسعي إلى الخطبة و الصلاة ، وترك الشراء والبيع . مما يدل على وجوب الاهتمام بشأن الخطبة والصلاة وترك كل ما يشغل عن تحقيق هذا المقصد من بيع أو لهو أو كلام أو غير ذلك.. والكلام من جملة ما يشغل عن الخطبة فهو منهي عنه .
-ومن أحكام الجمعة انعقادها بجماعة..{.. :{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا.} فيه دلالة أنهم كانوا جماعة....

- الإمام يخطب يوم الجمعة لقوله تعالى «قائماً » .
من مقاصد آيات الجمعة
- تدريب النفس على تقديم طاعة الله عزوجل و أوامره على شهواتها و رغباتها .
- اختبار ميزان الإيمان..لأن من قدم أمر الله على هواه كامن ذلك دليل على صدق رغبته فيما عند الله
- سمو شريعة الإسلام ، و سماحتها ويسرها ، فقد جمعت بين مطالب الدنيا ومطالب الآخرة .قال تعالى : { فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض . . }

-تنظيم أوقات الناس في بيان أن هناك وقت عباده خالص لله لا يصلح أن يشارك فيه معاملة مع الناس؛ وأن هناك وقت آخر للمعاملة مع الناس مع بقاء ذكر لله عزوجل
-عباده الله وذكره والثناء عليه واستحضار شرائعه لابد أن تكون في كل وقت وفي كل أحوال العبد لا تنقطع..
- تعليم الناس وتدريبهم على الاجتماع والائتلاف و الخضوع لإمام واحد يكون قائدا لهم
. وهو سبيل وطريق لتوثيق الإتّحاد والانسجام بين المسلمين...والتعاون وتشاور لحل المشكلات التي تواجه المجتمع المسلم المتعلقة بالدين أو الدنيا

4. عدد سبع فوائد من تفسير آيات فرض الحجّ.
قال تعالى :
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) } [البقرة: 196]


{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} [البقرة: 197]
{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)} [البقرة: 198]

{إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران: 96، 97]
الفوائد
- من شرع فيها الحج وجب عليه أتمامه سواء كان ذلك فرضا أو نفلا لقوله تعالى { {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ..}.فلا يخرج من ذلك إلى الحصر
-لا يجب الحج على المكلف إلا بتحقق الاستطاعة
- أشهر الحج معلومات فلا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره ولا بعدها
- يجب تعظيم الإحرام بالحج و تعظم مناسك الحج ؛ فليتحل الحاج بتقوى الله عزوجل ويترك الفسوق والجدال و الرفث في أيام الحج
- واجبات الحج لا تسقط إلا بفدية.وكذا محضورات الحج من اقترفها فعليه الفدية
- معرفة الله بأسمائه وصفاته توجب تقواه {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
- من أكبر نعم الله على عبده أن بمن عليه بالهداية التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح. فذلك يستوجب كثرة شكر الله عزوجل وذكره والثناء عليه { وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ..}
....والحج من نعم التي هدى الله عباده إليه فليحرص العبد على الإكثار من ذكره في أيام الحج والثناء عليه و ليبتعد عمن يشغله عن ذلك.
- على الحاج أن يأخذ الزاد معه في الحج حتى يستغني عن التطلع إلى ما في يد الناس ويصون ماء وجهه من السؤال

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ذو الحجة 1439هـ/14-08-2018م, 10:20 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

المجموعة الثانية:
1. تحدث بإيجاز عن أوصاف القرآن الجامعة.
في القرآن آيات جامعة مانعة, جمعت بين حقوق الله وعبيده, وذكرت أوصاف المؤمنين بإيجاز في آية أو عدة آيات, فاختزلت في الصفات التي ذكرتها الكثير, وهذا من بلاغتها وبيانها, ومنها:
- قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} فالآية هنا جمعت رؤوس الخير من الأعمال وأهمها, فابتدأت الأمر بعبودية الله, إذ هي أهم مقصود وأول عمل يجب على المرء فعله, والعبودية اسم جامع لكل خير, ظاهرا كان أو باطنا, يجب على المرء عمله في تذلل وخضوع لمولاه, ثم نهت عن نقيضه الشرك, وذلك أن كل عمل خير لا يقبل إذا كان بمشاركة غير الله معه, ثم تدرجت في الأوامر وخصال الخير, فأمرت بالإحسان للوالدين, لما لهما من حق على المرء وفضل بقدومه للحياة عن طريقهما, ثم بذي القربى, وذلك بمنهجية الأقرب فالأقرب, لما لهم من رحم وصلة وقرابة, واليتامى لضعفهم واحتياجهم لمن يقوم بشؤونهم, والمساكين, لمسكنتهم, والجار ذي القربى,
لجمعه بين حقين: حق القرابة والجيرة, والجار الجنب, لقربه مكانيا واستحقاقه لحق الجيرة, فمن حق الجار أن يطمئن لجاره ويذوق من إحسانه, وبإحسان كل جار لجاره يحسن المجتمع كله, والصاحب بالجنب,
وهذه تنطبق على كل من صاحبك, فحقه عليك أن تحسن مصاحبته ولا تسوءه, وابن السبيل, لغربته عن موطنه واحتياجه للزاد والإحسان, وما ملكت اليمين, لضعفهم وكونهم في رقبة سيدهم, فهم محتاجون لإحسانه,
ولذلك ختمت الآية بقوله :"إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا" فالإحسان لكل هذه الفئات, ضعيفها, ومسكينها, ومحتاجها, لا يقوم به من اختالت نفسه, وافتخر على غيره بما أنعم الله عليه, فكان الختام لائقا بما ورد في الآية, وجاءت الآية جامعة مانعة لحق الله, وحق عبيده.
- قوله :{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} نهت الآية عن البخل في أولها, والتبذير في آخرها, مما لا يدع لنا إلا التوسط والإنفاق باقتصاد, وهذا من الأوصاف الجامعة في البذل والإنفاق.
- قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} فهذه الآية دعت لمجموع من الأخلاق والأساليب التربوية في معاملة الناس, (خذ العفو) والعفو هو السهل اللين في معاملته وخلقه وطبعه, (وأمر بالعرف)
وذلك بالأمر بما تعارف الناس على حسنه, ولأن الأمر بالمعروف قد يقابله زجر وتقريع وأذى, فإنه أوصى وصية أخيرة وأعطى حلا لمقابلة ذلك في الأمر بالمعروف وغيره, فقال (وأعرض عن الجاهلين) أي:
ما أصابك من الجاهلين من أذى لا تقبله فأعرض عنه, ولا تجادل, ودع عنك المراء وإن كنت محقا.
فهذه بعض الآيات الجامعة للمعاني العظيمة في كتاب الله, وكتاب الله مليء بذلك, لبلاغته وبيانه, وقد ذكرنا بعضا منها.


2. تحدّث عن منّة الله تعالى علينا بإرسال رسوله الكريم.
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]
بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
فإن منة الله على عباده بإرسال رسوله عظيمة, ويتبين لنا ذلك جليا من خلال تفكيك الآية وشرحها وتبيينها, فالمنة الأولى: "بعث فيهم" أنه بعث هذا الرسول في الناس لا في غيرهم, ففي هذا تخصيص لنا, ودلالة امتياز تستحق المنة والشكر لله, والثانية: "رسولا من أنفسهم" أن هذا الرسول من أنفسنا وأهلينا وبني جلدتنا, فهذا مما يبعث الكثير من الأمور, كالثقة به ومعرفته, ومعرفة تاريخه وشخصيته وأخلاقه التي تجعلك تثق برسالته, وفهم كلامه, والقرب النفسي والجسدي منه, والذي يبعث الطمأنينة إليه, والشعور بمشابهته لنا الذي يدعو المرء للارتياح إذ أنه مثلنا يتحدث بحديثنا, ويعي همومنا, ويحس بنا, والثالثة: "يتلو عليهم ءاياته" فمنة نزول الكتاب منة خاصة تستحق الشكر, فكيف وقد نزل الكتاب مع رسول يتلوه علينا, فنقرأ الكتاب قراءة صحيحة كما أنزل نقلا عنه, ونتثبت من ذلك بأنفسنا منه, ونسمع قراءته فنطمئن إليها, والرابعة: "ويزكيهم" والتزكية من الرسول على شكلين: تزكية تطهير, وذلك من الشرك والذنوب والمعاصي بالنهي عنها, وتوضيحها, وتبيين طريقها, والتحذير منه, وتزكية تنمية للمحاسن بالتدليل على طريقها, وتوضيحه, والحث عليه, والخامسة: "ويعلمهم الكتاب"
فهذا الكتاب الذي هو من أعظم منن الله يحتاج لتفسير مفرداته, وتوضيح معانيه, وتبيين المراد منه, وكل هذا لا يتم إلا برسول عظيم يتسلم زمام هذا الأمر, فيبين مراد كلام الله, ويجيب عما خفي أو أشكل معناه في أفهامنا, والسادسة: "والحكمة" ففوق منة تفسير كتاب الله, منة الحكمة النبوية التي ينطق بها الفم الشريف, وفي السنة التي وصلت إلينا منقولة عن رسول الله صلاح دنيانا وأخرانا, وبيان صلاح معيشتنا وأحوالنا,
وبشرى للصالح ونذير للطالح منا, وتطمين للخائف, وتبشير للعامل, وتحذير للمسيء, ووصف للنعيم والعذاب, وغير ذلك مما فاضت به السنة النبوية الشريفة فنهلنا منه, والسابعة: "وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين"
فكل هذه المنن نلناها بعد أن كنا في درب الذلة والضلال, فكانت بوصلة الفلاح والنجاح, والمنة أكبر لمن كان محتاجا كما كنا, فبذلك يتضح لنا كيف امتن الله علبنا برسوله, فاللهم صلّ وسلم عليه تسليما كثيرا.


3. عدد سبع فوائد من تفسير قول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا - وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.
-"أقم الصلاة" جاء الأمر بأداء الصلاة بقوله :"أقم" وليس "افعل" , لأن الإقامة أمر شامل بفعلها، وبتكميل أركانها وشروطها ومكملاتها ظاهرا وباطنا، وبجعلها شريعة ظاهرة قائمة من أعظم شعائر الدين.
- "إن قرءان الفجر كان مشهودا" سماها قرآنا لمشروعية إطالة القراءة فيها، ولفضل قراءتها لكونها مشهودة، يشهدها الله، وتشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.
- جاءت الآية محددة أوقات الصلاة, لأن الوقت شرط لصحة الصلاة، وسبب لوجوبها.
- ذكر الأوقات الخمسة صريحا؛ ولم يصرح بها في القرآن في غير هذه الآية.
- أن هذه المأمورات كلها فرائض، لأن الأمر بها مقيد في أوقاتها.
- أن العصر والظهر يجمعان للعذر، وكذلك المغرب والعشاء، لأن الله جمع وقتهما في وقت واحد للمعذور، ووقتان لغير المعذور.
- فضيلة صلاة الفجر، وفضيلة إطالة القرآن فيها، وأن القراءة فيها ركن، لأن العبادة إذا سميت ببعض أجزائها دل ذلك على فضيلته وركنيته، وقد عبر الله عن الصلاة بالقراءة وبالركوع وبالسجود وبالقيام، وهذه كلها أركانها المهمة.


4. فسّر قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} مبيّنا مقاصد تشريع الصيام وآدابه وبعض أحكامه.

يخبرنا الله تعالى بأنه فرض الصيام علينا كما كان على الذين من قبلنا, حثا لنا على منافستهم منافسة شريفة, وتذكيرا لنا بأن هنالك من سبقونا بذلك فصبروا فنصبر, وتشجيعا لنا على ذلك, وفي تفسيرنا لهذه الآية سنبين مقاصد تشريع الصيام, وآدابه, وبعض أحكامه بإذن الله:
مقاصد تشريع الصيام:
أعظم مقاصده "التقوى" إذ قال تعالى:"لعلكم تتقون", وهذا المقصد الشرعي عام لكل العبادات, فالتقوى أكبر المقاصد وأعظمها, والتقوى لها خصال بها تحصل, وهذه الخصال تتحقق في الصيام:
حصول زيادة الإيمان-التمرن على الصبر والمشقات المقربة إلى رب العالمين-وأنه سبب لكثرة الطاعات من صلاة وقراءة وذكر وصدقة وغيرها ما يحقق التقوى-فيه من ردع النفس عن الأمور المحرمة من أقوال وأفعال ما هو من أصول التقوى-مراقبة الله بترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه -تضييق مجاري الشيطان «فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم» فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل معاصي العبد, فيزيد التقوى-أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك، وحمله على مواساة الفقراء المعدمين، وهذا كله من خصال التقوى.
آدابه وبعض أحكامه:
- {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الترخيص بالفطر للمريض والمسافر.
- {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} دليل على أن المفطر لعذر يقضي عدد أيام رمضان كاملا كان أو ناقصا، وعلى أنه يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة عن أيام طويلة حارة كالعكس.
- {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}أي: يتكلفون الصيام، ويشق عليهم مشقة لا تحتمل كالكبير والمريض الميئوس من برئه، فدية طعام مسكين عن كل يوم يفطره.
- {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} أن من حضر الشهر وهو قادر تحتم عليه صيامه.
- {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} وذلك لئلا يتوهم متوهم أن صيام رمضان يحصل المقصود ببعضه, فيجب صيامه كاملا.
- {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} فحقيق بشهر أنزل فيه هذا الكتاب العظيم أن يحترم ويعظم, ويترك فيه المكروهات فضلا عن المحرمات, ويكون موسما للعبادة والصيام.
- {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} أمر بشكره على إتمامه؛ لأن من أكبر منن الله على عبده توفيقه لإتمامه وتكميله وتبيين أحكامه للعبيد وهدايتهم, لا سيما هداية التعليم وهداية التوفيق والإرشاد.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 ذو الحجة 1439هـ/14-08-2018م, 09:04 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

واجب الجزء الأول من كتاب تيسير اللطيف المنان.

المجموعة الثالثة:

1. بيّن بإيجاز ثمرات تحقيق الإيمان.
1. أن تحقيق الإيمان سبب رضا الله، وإذا رضي الله عن العبد قبل اليسير من عمله ونماه، وغفر الكثير من زلَلِه ومحاه.
2. أنه سبب ثواب الآخرة، والنجاة عقابها.
3. أنه سبب مدافعة الله عن الذين آمنوا شرور الدنيا والآخرة، قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99]، وقال: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88]،
4. أنه يمنع من الإقدام على المعاصي، وإذا وقعت من العبد دفع عقوباتها بالمبادرة إلى التوبة، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201]
5. أنه سبب النصر في الدنيا والآخرة.
6. أنه سبب الهداية للعلم والعمل ولمعرفة الحق وسلوكه قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16]، وقال: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11] .
7. أنه سبب للزيادة من علومه وأعماله الظاهرة والباطنة؛ فالمؤمن بحسب إيمانه لا يزال يطلب الزيادة من العلوم النافعة قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات: 15]، وقال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]، وقال:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124]
8. أنه سبب اليقين والطمأنينة والتوكل على الله، والثقة بوعده الصادق، ورجاء رحمته، والخوف من عقابه، إجلاله ومراقبته، والإخلاص له، والصدق معه.
9. أنه سبب القيام بالواجبات التي لله، والتي لعباد الله.
10. أنه سبب الصدق والنصح وعدم الغش في المعاملات بين الخلق.
11. أنه سبب تحمل المشقات، والقيام بأعباء الطاعات، وترك الفواحش.
12. أنه سبب الصبر والثبات واليقين في مواطن الشدة.
13. أنه سبب قوة التوكل على الله، مع كونه سبب للسعي والجد في كل سبب نافع، قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]
14. أنه سبب للشجاعة وتهوين المشقات، والإقدام على المخاوف ثقة بالله ورجاء له، ومعرفة بعظمته.
15. أنه السبب الأعظم لتعلق القلب بالله في جميع مطالبه الدينية والدنيوية؛ والتحرر من التعلق بالمخلوقين، لينعم بالحياة الطيبة.
16. أنه سبب حسن الخلق مع جميع طبقات الناس، كما فال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا»، قال تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35]
17. أن الإيمان الكامل يمنع من دخول النار بالكلية، كما منع صاحبه في الدنيا من عمل المعاصي، والإصرار عليها، والإيمان الناقص يمنع الخلود في النار، كما تواترت بذلك النصوص بأنه يخرج من النار من كان معه مثقال حبة خردل من إيمان.
18. أنه سبب العفة عن دماء الناس وأموالهم وأعراضهم؛ وفي الحديث «المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم».
19. أن قوي الإيمان يجد في قلبه من ذوق حلاوته ولذة طعمه واستحلاء آثاره، والتلذذ بخدمة ربه، وأداء حقوقه وحقوق عباده ما يزري بلذات الدنيا كلها
20. أنه سبب التسلية عن المصيبات وتهوين الطاعات، والمنع من المخالفات، فتكون إرادة العبد وهواه تبعا لما يحبه الله ويرضاه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به».
21. أنه السبب الوحيد للقيام بذروة سنام الدين، وهو: الجهاد البدني والمالي والقولي، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15]
باختصار وتصرف يسير من [تيسير اللطيف المنان: 1/47-54]

2. اذكر أهمّ شبهات الطاعنين في رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وبيّن كيف يكون دحضها؟
دحض شبهات الكفار على الرسول


قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا - وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا - قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 4 - 6]

1. زعموا أنه افترى هذا القرآن، وأنه ساعده على ذلك قوم آخرون،
فرد عليهم أنهم كانوا يعرفون بلا شك صدقه وأمانته، وأنه لم يجتمع بأحد من أهل العلم، ولا رحل في طلبه، وقد نشأ بين أمة أمية في غاية الجهل والضلال، وقد جاءهم بهذا الكتاب العظيم الذي لم يطرق العالم أعظم منه، ولا أعلى معاني وأغزر علما، ولا أبلغ من ألفاظه ومعانيه، وأتم من حكمه وحكمه ومبانيه.
وقد تحدى أقصاهم وأدناهم، وأفرادهم وجماعتهم، وأولهم وآخرهم أن يأتي بمثله أو بعشر سور من مثله، أو بسورة واحدة من مثله؛ وصرح لهم أنهم إن أتوا بشيء من مثله فهم صادقون، وهم أهل الفصاحة والبلاغة في الكلام، فعجزوا غاية العجز عن معارضته والإتيان بمثله، واتضح لهم ولغيرهم عيهم وعجزهم، وتبين بطلان دعواهم.
وكل من حاول أن يأتي بكلام يعارض به ما جاء به الرسول صار كلامه ضحكة للصبيان فضلا عن أهل النظر والعقول، وكل شبهة يدلون بها في معارضة الرسول من حين يوجه لها النظر الصحيح تضمحل وتزهق، {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]

2. قالوا: إن هذا القرآن الذي جاء به محمد أساطير الأولين، اكتتبها من كتب الأولين المسطورة، فهي تملى عليه بكرة وأصيلا
والرد من الذي عندهم في بطن مكة يمليها؟ وهل يوجد في ذلك الوقت في مكة أو ما حولها كتب تملى؟ ولو فرض وقدر أنه يوجد أحد، لم يختص محمد وحده بالأخذ عنه؟

3. قالوا كان محمد يجلس إلى قين حداد في مكة فارسي فيتعلم منه.
قال تعالى في الرد عليهم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103].

4. وجاء المتأخرون ببدعة جديدة وهي أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يتعلم من نفسه؛ وأنه كان يخلو بالطبيعة، فيخيل إليه أصناف التخاييل، فيأتي بها إلى الناس زاعما أنها من وحي الله على يد جبريل، وأن هذه التخيلات من الأمور العالية التي يعتاد الإتيان بها أهل الرأي والحجى، وهذا القول مبني على إنكار وجود رب العالمين، وأنه ما ثم إلا عمل الطبيعة

قال تعالى في الرد عليهم: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفرقان: 6]
فالرب القادر العظيم، الذي أحاط علمه بجميع الأسرار، وعلم أحوال العباد حاضرها ومستقبلها، فأنزله لهدايتهم، وجعله منارا وعلما يهتدي به المهتدون في كل وقت وحين.
فجميع الحقائق التي دعا إليها هذا الرسول وهذا القرآن حقائق ثابتة نافعة للعباد، لا يأتي من الحقائق ما يغيرها، ومحال أن يأتي شيء أصلح منها أو مثلها أو يقاربها: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
ومن كمال علمه وقدرته أنه لو تقول عليه أحد بمثل هذه المقالة لعاجله بالعقوبة، فلما أيد من جاء بها بنصره وحججه، ورأى العباد آياته في الآفاق وفي أنفسهم، التي يتبين بها أنه الحق، وما سواه ضلال، علم بذلك أن هذا الرسول أصدق الخلق.

5. أنهم جعلوا يتناقضون في مقالاتهم، فمنهم من قال: إنه مجنون، ومنهم من قال: ساحر وكاهن، ومنهم من قال: مسحور، ومنهم من قال: لو كان صادقا لجاءت الملائكة تؤيده، ولو كان صادقا لأغناه الله عن المشي في الأسواق، وجعل له جنات وأنهارا وأموالا كثيرة.
وهذه الأقوال - مع تناقضها - ليست من الشبه فضلا عن كونها من الحجج، ولهذا قال تعالى معجبا: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} [الإسراء: 48]
وهي تدل على كذبهم ومكابرتهم قبل أن يعرف بطلانها من الأدلة الأخرى


وإذا وزنت هذه الأقوال الجارية من الأولين رأيت نظيرها وأقبح منها جارية من الملاحدة المتأخرين؛ ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]
فما جاء به الرسول من الهدى في جميع أبواب العلوم النافعة، والدين الحق الذي هو الصلاح المطلق، أكبر الأدلة على أنه رسول الله حقا، وأكبر الأدلة على إبطال كل ما ناقضه من أقوال المؤتفكين؛ والحمد لله رب العالمين.

3. اذكر بعض الأدلة على وجوب الزكاة ومقاصد تشريعها، وآداب إخراجها، وثمرات امتثال أمر الله تعالى بأدائها
.
من أدلة وجوب الزكاة:
- قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43].
- وقال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103].
- وقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267].
- وقال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]

ومن مقاصد تشريعها:
والزكاة فيها الإحسان إلى المخلوقين، وهي برهان الإيمان، ولهذا اتفق الصحابة على قتال مانعي الزكاة، وقال أبو بكر رضي الله عنه: " لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ".

ومن آداب إخراجها:
- أمر تعالى بإخراج الوسط، فلا يظلم رب المال فيؤخذ العالي من ماله - إلا أن يختار هو ذلك - ولا يحل له أن يتيمم الخبيث - وهو الرديء من ماله - فيخرجه، ولا تبرأ بذلك ذمته إن كانت فرضا، ولا يتم له الأجر والثواب إن كانت نفلا؛ وبين تعالى الحكمة في ذلك، وأنها حكمة معقولة: فكما أنكم لا ترضون ممن عليه حق لكم أن يعطيكم الرديء من ماله الذي هو دون حقكم إلا أن تقبلوه على وجه الكراهة والإغماض، فكيف ترضون لربكم ولإخوانكم ما لا ترضونه لأنفسكم؟ فليس هذا من الإنصاف والعدل.

- كما أمر تعالى الآخذ منهم الزكاة أن يصلي عليهم فيدعو لهم بالبركة.

ومن ثمرات امتثال أمر الله تعالى بأدائها.
- قال تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] فقوله: {تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] أي: تطهر صاحبها من الذنوب ومن الأخلاق الرذيلة، وتطهر المال من الأوساخ والآفات، وأما قوله: {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] فالزكاة هي النماء والزيادة، فهي تنمي المؤتي للزكاة، في أخلاقه، وأعماله، وتنمي المال وتحل فيه البركة من الله، وتنمي أيضا المخرج إليه فتسد حاجته، وتقوم المصلحة الدينية التي تصرف فيها الزكاة كالجهاد والعلم والإصلاح بين الناس والتأليف ونحوها، وتدفع عادية الفقر والفقراء.
- وفيها والثواب العاجل والآجل، ومغفرة الذنوب { والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم}
- وقد وعدهم الله بخلف ما أنفقوا{ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا.

4. فسّر قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} وبيّن مقاصد هذه الآية والفوائد المستخرجة منها.

هذا سؤال وجواب، أي: إذا سألك العباد عن ربهم، وبأي طريق يدركون منه مطالبهم، فأجبهم بهذا الجواب الذي يأخذ بمجامع القلوب، ويوجب أن يعلق العبد بربه بكل مطلوب ديني ودنيوي، فأخبرهم أن الله قريب من الداعين، ليس على بابه حجاب ولا بواب، ولا دونه مانع في أي وقت وأي حال، فإذا أتى العبد بالسبب والوسيلة، وهو الدعاء لله المقرون بالاستجابة له بالإيمان به والانقياد لطاعته، فليبشر بالإجابة في دعاء الطلب والمسألة، وبالثواب والأجر والرشد إذا دعا دعاء العبادة، وكل القربات الظاهرة والباطنة تدخل في دعاء العبادة، لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله من ربه قبول تلك العبادة والإثابة عليها.

من فوائد الآية:
- أن الأسباب الموجبة لإجابة الدعاء مدارها على الإيمان بالله، وتحقيقه بالانقياد لله امتثالا لأمره واجتنابا لنهيه.
- أن ما يمنع الإجابة هو ترك تحقيق الإيمان وترك الانقياد.
- أن الإيمان بالله والاستجابة له سبب إلى حصول العلم، لأن الرشد هو الهدى التام علما وعملا

والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو الحجة 1439هـ/29-08-2018م, 09:24 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

المجموعة الثانية:

1. تحدث بإيجاز عن أوصاف القرآن الجامعة.
وصف الله كتابه بأوصاف عديدة تصف عظمته :
- فوصفه بأنه الهدى يهدي الخلق لما فيه خير دينهم ودنياهم ومحياهم ومماتهم
وقيد هدايته في بعض الآيات أنه هدى للمؤمنين أوالمتقين أو لقوم يعقلون أو يتفكرون فبين بذلك أن الهداية لا تحصل للعبد إلا بقبول المحل لها فهو موضع الهداية ولا بد ليهتدي من أن يتفكر ويعقل ويتدبر فيحصل له الهدىوالرشاد

- وأنه الرشد الذي يرشدهم إلى طريق الفوز والفلاح وإلى ما فيه صلاح أمرهم وخيرهم

- وهو الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلال وأهل السعادة

- وأنه الحق المبين الذي جعله الله تبيانا لكل شيء فبين فيه الأصول والفروع بأدلتها النقلية والعقلية

- ووصفه أنه رحمته إلى خلقه إذ من اهتدى به نال رحمة الله

- وأنه نور لما يجليه من العلوم النافعة والطرق الصحيحة ولأنه يخرج العبد من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، ومن ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ومن ظلمة الضلال إلى نور الهداية ومن ظلمة المعصية إلى نور الطاعة

- وأنه شفاء لما في الصدور ، فالقرآن يشفي من كل امراض الصدور ، فيشخصها ويرشد العبد لعلاجها

- وهو كله محكم لبلاغته وتمام بيانه وكمال الحكمة في تنزيل الأمور منازلها وخلوه من الاختلاف والتناقض ، وكله متشابه في حسنه فهو في غاية الحسن لفظا ومعنى فكل معانيه يصدق بعضها بعضا في الحسن ...

وهو محكم في وجه متشابه في آخر
فوصف بعض آياتها بأنهن محكمات وهن أم الكتاب ... ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب ) وهي الآيات الواضحة بينة المعاني والدلالات وهي نص في المراد ، ( وأخر متشابهات ) بخلاف المتشابهات التي يقع الإشكال في دلالاتها بسبب ألفاظها وتركيبها ، والأصل في المتشابه أن يرد إلى المحكم لفهم دلالته فيزول الشك والإشكال فيها

- ووصف القرآن أنه كله صلاح يهدي إلى الصلاح والإصلاح فيصلح العقائد والقلوب والأعمال والأخلاق وينظم حياة البشر فيصلحها ويرشد إلى أقومها .
فالقرآن جمع أوصاف الكمال كلها لأنه كلام الله جل جلاله ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ...

2. تحدّث عن منّة الله تعالى علينا بإرسال رسوله الكريم.
إن من أعظم منن الله على عباده أن أرسل لهم خاتم رسله ، هاديا ومرشدا ومعلما ومبشرا ونذيرا ( وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) ، ومخرجا للبشرية من ظلمات الضلال والكفر وعبادة غير الله إنى نور الهداية والإيمان وعبادة الله وحده ...
وأي منة أعظم ممن أرسله الله ليعرف البشرية بخالقهم ويدلهم على ما يحبه ويرضاه وعلى ما به ينالون خيري الدنيا والآخرة ...
فقد قال الله تعالى ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة )
نعم لقد كان إرسال رسول الله صلى الله عليه وسلم
رحمة للناس كافة ، معلما للبشرية وكان هو بنفسه قدوة لهم فكان المعلم والمربي والأب والأخ والمرشد والصديق ... اختاره الله من أشرف الناس نسبا ووأحسنهم أخلاقا وأكثر من يعلمون أمانته وصدقه ... فكان قد بلغ في كل شيء يبلغه الناس كماله ... ورباه ربه ليكون للناس مربيا ...
فكان أن بلغ الرسالة فعلم الناس كتاب ربهم الذي جعله الله هداية لهم ، وكان تعليمه لهم قولا وعملا وحالا ... فتلقوا كتاب ربهم وسنة نبيه خير التلقي ذلك أن سيرته صلى الله عليه وسلم كانت شارحة لما استشكل عليهم فهمه من كتاب ربهم وشرائعه ... فكان أن تعلموا الكتاب والحكمة وبهما زكت أنفسهم وطهروا من رذائل الشرك والمعصية ... وبين لهم ما أعد الله لهم إن هم أطاعوه واتبعوا سنته فكان من آمن به ونال ذلك الفضل ونجا من الضلال ... فحق لهم أن يشعروا بمنة الله وفضله عليهم في بعثة خير خلقه ومصطفاه من عباده عليه أفضل الصلوات والتسليم .

3. عدد سبع فوائد من تفسير قول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا - وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}
1- الأمر بالصلاة بلفظ ( أقم ) فيه فائدة أن المطلوب ليس مجرد إسقاط فرض وأداء أعمال فقط ، وإنما المطلوب مع أداء الفرض تكميل أركانها وشروطها ومكملاتها ظاهرا وباطنا لتكون قد أقيمت .

2- أن هذه الآية بينت مواقيت الصلوات الخمسة المفروضة ولم تذكر في غيرها صراحة
فدلوك الشمس أي زوالها من المشرق إلى المغرب ، فأول الدلوك صلاة الظهر وآخره صلاة العصر
وغسق الليل أي ظلمته ، وأول ظلمته المغرب وتمام الغسق بصلاة العشاء الآخرة ،
ثم صلاة الفجر التي سماها الله ( قرآن الفجر )

3- أن دخول الوقت للصلاة شرط في صحتها وسبب لوجودها ، فلا تجب صلاة الظهر مثلا قبل دخول وقتها ، ولا يجزئ أداؤها قبل وقتها مثلا

4 - جعل الله وقت الظهر والعصر ( دلوك الشمس ) ووقت المغرب والعشاء ( غسق الليل )
فيجمع الظهر والعصر للمعذور ، والمغرب والعشاء كذلك ...فهما وقت واحد للمعذور ووقتان لغير المعذور ..

5 - يشرع إطالة القراءة في صلاة الفجر ، إذ لهذه الصلاة وللقرآن في وقتها فضل عظيم ؛ وتشهدها ملائكة الليل والنهار ولذلك سماها الله ( قرآن الفجر ) وقال ( إن قرآن الفجر كان مشهودا )

6 - أن قيام الليل والتهجد فيه له فضل عظيم ، فهو كفارة للسيئات و رفعة وزيادة درجات

7- أن الصلوات الخمس فرض على رسول الله وعلى المؤمنين ، وأما قيام الله فهو فرض على رسول الله وحده دون المؤمنين فهو لهم تطوع ، وذلك لكرامته على الله

8- فضل رسول الله على العالمين وفضله على الرسل كلهم ، فقد جعل الله له مقاما محمودا ليس إلا له ، فهو المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون ، إذ يطلب الناس الشفاعة من أنبياء الله فكلهم يقول نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري ، حتى يأتوا رسول الله فيسألونه الشفاعة فيقول أنا لها ... فيشفع فيهم ليفصل الله فيهم ويرحمهم من الموقف وكربه ... فهذا مقامه المحمود مقام الشفاعة العظمى ... صلى الله عليه وسلم

4. فسّر قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} مبيّنا مقاصد تشريع الصيام وآدابه وبعض أحكامه.
في هذه الآية امتن الله على عباده بفرض الصيام عليهم ، وبين لهم أنه كان مفروضا على الأمم قبلهم لما له من ثمرات وفوائد للعباد ، وأهمها أنه ( أي الصيام ) أحد أهم أسباب التقوى ...
والمتأمل في هذه الفريضة يرى لها مقاصد جمة منها :

من مقاصد تشريع الصيام
- وصول العبد إلى التقوى ، فقد قال الله ممتنا بفرض الصيام ( لعلكم تتقون ) وبالتقوى امتثال لأوامر الله واجتناب لنواهيه ، ونيل رضا الله وتجنب سخطه ، وفي هذا سعادته في الدارين ...

- الصيام أحد أهم وسائل التدرب على الصبر ، بل عده البعض أفضل أنواع الصبر وأعظمها لخلوصها بين العبد وربه ، ولأن فيها تركا للمحاب والمشتهيات وترويضا للنفس على ذلك لله وحده

- أنه أحد أهم وسائل التدريب على مراقبة الله تعالى واستشعارها في كل حين ... فالصائم لا يمنعه من الإفطار إلا استشعار رقابة الله والامتثال لأمره ، وإلا فإنه يتمكن من الشرب أو الأكل سرا لكنه لا يفعل امتثالا لأمر الله وخوفا من التعرض للإثم .

- أن الصيام وسيلة لتكثير الطاعات من تلاوة للقرآن وصلاة وذكر ، فبه ترق النفس وتخشع وتخف وتجد قوة على الطاعة لا تكون في غيره ، وهذا كله يحقق التقوى

- أن الصيام يضيق الخناق على الشيطان ويبعده عن العبد ، لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فبالصيام تضعف قوته .

- الصيام يشعر الصائم بالجائعين والمحتاجين ، فيسارع للمواساة بماله فيطعم المحتاج ويتحقق بذلك التكافل بين المسلمين ...

من آداب الصيام
- تعظيم شهر رمضان واحترامه ؛ فالله عظمه وأنزل فيه أعظم كتبه وخاتمها ليكون هداية للبشرية كلها ، وجعله شهر للطاعة ؛ فكان لا بد على المسلمين أن يعظموا حرمة الشهر ولا ينتهكوه بالمعاصي والمجاهرة فيها ...

- الإكثار فيه من الطاعات وسائر أنواع القربات ، واغتنام الأوقات فيه وخصوصا تلاوة القرآن وتدارسه وتذاكره ، لأنه شهر القرآن الذي أنزل فيه .

- الإكثار من الدعاء وذكر الله تعالى ، فالدعاء مخ العبادة ، وربط الدعاء بآيات الصيام من التوجيه لإكثار الدعاء في هذا الشهر ... فإن الدعاء يعظم بشرف المكان والزمان ، وشهر رمضان خير الأزمنة في العام كله ، فكان الإكثار من الدعاء فيه من أعظم موجبات إجابته خصوصا مع رقة النفس وخشوعها وارتقائها عن شهوات البدن وخلوصها للروح والقلب رفعة وإيمانا وامتثالا لأوامر الله وبعدا عن معاصيه
والحرص مع ذلك عن الابتعاد عن كل موانع الإجابة من المعاصي وأكل الحرام ...

- الحرص على السحور تقوية على الصيام واستحباب تأخيره لآخر وقت السحر ...

- الحرص على تحري ليلة القدر وإكثار العمل فيها إذ هي أعظم ليالي العام مطلقا ، ومن ضيعها ضيع خيرا كثيرا ، ومن فوتها فاته خير كثير ..

- ومن آداب الصيام الحرص على الاعتكاف لله تعالى لمن استطاعه والانقطاع عن شواغل الدنيا والانصراف لطاعة الله اغتناما لأيام هذا الشهر الفضيل ولياليه ...

- شكر الله عند تمام الشهر وإتمام صيامه لما من الله على عباده ووفقهم لطاعتهم فيه والامتثال لأمره وترك المحاب لأجله سبحانه ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم )

بعض أحكام الصيام
- الصيام المفروض على المسلمين هو شهر رمضان ، يشترك فيه جميع المسلمين المقيمين القادرين على الصيام بالصيام فيه ، فمن كان قادرا مستطيعا عند حلول الشهر وجب عليه صيامه كله إلا لصاحب عذر ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )

- من كان في شهر رمضان مريضا او مسافرا أو صاحب عذر فيباح له الفطر أيام سفره أو مرضه على أن يقضي ما أفطره من الشهر سواء أفطره كله أو بعضه أو أياما منه ، فيصوم بقدر ما أفطره عند انقضاء الشهر ، وله أن يصومها في أيام قصار باردة وإن كان رمضان في حر أو نهارات طويلة ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر )

- العاجز عن الصيام كالمريض الميؤوس من شفائه أو كبير السن الذي لا يقدر على الصيام يباح له الفطر ويطعم عن كل يوم يفطره مسكينا ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )

- الصيام يكون بالامتناع عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من الفجر وحتى دخول وقت المغرب ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) وهو غروب الشمس ، ثم يباح بعدها ما كان ممنوعا من المباحات المفطرات في الليل كله حتى طلوع الفجر الذي عبر عنه سبحانه بقوله (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) ...

- يباح الجماع في ليالي رمضان من وقت الفطر إلى الفجر إلا لمعتكف ، فالمعتكف لا يحل له الوطء إذ يفسد بذلك اعتكافه ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم )

- يجوز للصائم أن يدركه الفجر وهو جنب قبل أن يغتسل ، لأن الوطء مباح إلى طلوع الفجر وبالتالي قد يدركه الفجر وهو جنب ...

- يستحب الاعتكاف في رمضان وهو لزوم المسجد للطاعة ، فلا يكون الاعتكاف إلا في المساجد التي يصلي فيها المسلمون وتقام فيها الصلوات الخمس ... فالمعتكف لا يخرج من معتكفه إلا للضرورة ؛ ويفسد الوطء اعتكافه ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد )

أعتذر عن التأخر في الواجب ، فقد حاولت الالتزام أول سفري بالواجبات ثم لم أتمكن من المتابعة ، وانتظرت حتى بدء الدوام بعد إجازة العيدلأدرك ما فاتني بإذن الله ...
أعتذر مجددا ...

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 محرم 1440هـ/11-09-2018م, 04:23 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الأول من خلاصة تفسير القرآن للسعدي

المجموعة الأولى:

علاء عبد الفتاح محمد: أ+
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
س1:
أغفلت في تفسيرك الحديث عن خاتمة الآية، وأرجو مراجعة كلام السعدي - رحمه الله - والنظر كيف استدل بخاتمة الآية على ما أقرته بدايتها.
س2:
تصحيح لغوي: أن الملائكة مذكورين، الصواب: أنّ الملائكةَ مذكورون.

سارة المشري: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.


المجموعة الثانية:
نورة الأمير: ب
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
س1:
السؤال عن أوصاف القرآن المذكورة في الدرس الأول وليس أوصاف المؤمنين، ولعله سهوٌ منكِ.
س3:
من المهم ذكر وجه الدلالة من الآية على هذه الفوائد، وقد فاتكِ بيان هذا في بعض المواضع.

هناء محمد علي: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

المجموعة الثالثة:
ضحى الحقيل: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
س3: اختصرتِ كثيرًا في بيان مقاصد الزكاة، ويمكن معرفتها بتأمل قول الله تعالى:{ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها }
فالزكاة كما فيها مواساة للفقراء وتحقيق للتكافل الاجتماعي، لكنها في بداية الأمر تطهير للنفس من الذنوب والشح وتنمية لأموالهم وحسناتهم ..
س4: حبذا لو لخصت من تفسيركِ مقاصد الآية.


المجموعة الرابعة:
عقيلة زيان: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 محرم 1441هـ/11-09-2019م, 01:40 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الأول من كتاب
خلاصة تفسير القرآن

المجموعة الأولى:
1. بيّن الطريق إلى العلم بأنّه لا إله إلا الله، واستدلّ بآية على وحدانية الله تعالى وفسّرها بإيجاز.

هناك عدة أمور تمثل في عمومها ومجملها الطريق إلى العلم بأنه {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} وهي :
أولها وأعظمها وأجلها قدرًا : تدبر أسماء الله وصفاته وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلاله وجماله ؛ فكلما علم العبد عن ربه كلما عظم علمه بأنه لا يستحق الألوهية سواه،وبذل جهده في العبودية والتأله التام لله تبارك وتعالى.
الثاني: العلم بأنه تعالى المتفرد بالربوبية من خلق ورزق وتدبير وسيادة، ومن تفرد بالربوبية علم تفرده بالألوهية.
الثالث: العلم بأن النعم الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية كلها منه وحده لا شريك له، فإن ذلك يوجب تعلق القلب به محبة وإنابة، والتأله له وحده لا شريك له.
الرابع: المُشاهَد من نصر الله لأوليائه القائمين بحدوده، وإنعامه عليهم بشتى النعم العاجلة، وانزال عقوبته بأعدائه والمناهضين لدينه، فكل ذلك يهتف باستحقاقه للألوهية.

الخامس: معرفة قدر كل ما عبد من دون الله، وأن كل ما سوى الله فقير ناقص لا يملك لنفسه فضلا عن غيره نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا؛ فالعلم بذلك يعلم به بطلان إلهيتها، وأن ما يدعون من دون الله هو الباطل، وأن الله هو الإله الحق المبين.
السادس: اتفاق جميع الكتب السماوية على تفرده بالوحدانية والألوهية، وتواطؤها عليه.
السابع: اتفاق الأنبياء والرسل والعلماء الربانيين على تفرده تعالى بالوحدانية والألوهية ، وشهادتهم به، وهم خواص الخلق، وأكملهم أخلاقا وعقولا وعلما ويقينا.
الثامن: النظر والتفكر في الآيات الكونية والأفقية والنفسية الشاهدة على عظمته ما أودعها من لطائف صنعته وبديع حكمته وغرائب خلقه.
التاسع: حكمة الشريعة وعدالتها وماأودعه الله في شرعه من الآيات المحكمة والأحكام الحسنة ،وجلب المنافع ودرء المفاسد، كل ذلك ينطق بوحدانيته واستحقاقه للألوهية.

ومن الآيات الدالة على وحدانية الله قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة: 163]
وَإِلَهُكُمْ: يعرف تعالى نفسه لعباده بأنه إلههم الحق.
إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: يصف تعالى نفسه بأنه الواحد الذي لا شريك له ولا نظير ولا نديد ولا كفؤ له، المتفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
الرحمن الرحمن: فجميع ما في الكون من آثار رحمة الله يلهج بوحدانيته واستحقاقه لأن يعبد وحده؛ فكل ما في الكون من النعم والكمالات ودفع المضرات وتعريف المخلوقات مصالحها الدينية والدنيوية من آثار رحمته تعالى التي يستحق من أجلها أن يفرد بالعبادة والتأليه.
ففي هذه الآية إثبات وحدانية البارئ وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين، والاستدلال على ذلك بتفرده بالرحمة، التي من آثارها جميع البر والإحسان في الدنيا والآخرة.


2. تحدّث عن أصل الإيمان بالملائكة مبيّنا أدلة تقريره وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
من أدلة تقرير أصل الإيمان بالملائكة وله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ - يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19 - 20]
فقد أخبر تعالى عن الملائكة وذكر وصوفاتهم في عدة مواضع من القرآن؛وصفهم بأكمل الصفات، وأنهم في غاية القوة على عبادة الله والرغبة العظيمة فيها، وأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وأنهم لا يستكبرون عن عبادته، بل يرونها من أعظم نعمه عليهم، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
كما وصف جبريل عليه السلام بعدة وصوفات فقال:{ذي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ - مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 20 - 21]
وقال: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}[التكوير: 24]
وقال: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء: 192 - 194]
وقد وكل الله لكل منهم عملا له لا يخطئه ولا يتجاوزه .
فمنهم المكلف بتبليغ الشرائع ،ومنهم: الموكلون بالغيث والنبات، والموكلون بحفظ العباد مما يضرهم، وبحفظ أعمالهم وكتابتها؛ والموكلون بقبض الأرواح، وبتصوير الأجنة في الأرحام، وكتابة ما يجري عليها في الحال والمآل، والموكلون على الجنة والنار، ومنهم حملة العرش ومن حوله من الملائكة المقربين، إلى غير ذلك مما وصفوا به في الكتاب والسنة.

والإيمان بهذا الأصل العظيم له ثمرات عديدة منها:
1- الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلا.
2- تعظيم قدر الملائكة في قلوب العباد واعطائهم ما يستحقون من المحبة والتقدير.
3- التواضع والعلم بحقيقة بني آدم الضعيفة الهشة.
4- تقدير دور السفارة بين الله وخلقه ومحاولة التأسي بهم في تبليغ شرع الله تعالى..
5- استحضار وجود الملائكة لكتابة الأعمال والتيقن بوجودهم بيننا كما أخبر عن ذلك الكتاب والسنة.
6- الاجتهاد في الطاعة وعدم الفتور عنها بحال اقتداء بالملائكة العظام.

- وأما من أنكر هذا الأصل فقد وقع في مخالفة لصريح الكتاب والسنة ، فقد تواترت الأدلة على حقيقة الملائكة وأعمالهم وما كلفهم الله به على وجه الحقيقة لا المجاز.
وقد تجاوز جهلة الزنادقة حتى فسروا الملائكة بأنها هي القوى الخيرية والصفات الحسنة الموجودة في الإنسان، وأن الشياطين هي القوى الشريرة فيه، وحتى زعم بعضهم أن سجود الملائكة لآدم ليس حقيقة، وإنما ذلك تسخير الله للآدميين جميع ما في الأرض من القوى والمعادن وغيرها، فأنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة بخبر الله الصريح في كتابه وخبر رسوله، وقال هذه المقالة التي فيها - مع تكذيب الله ورسوله - تسوية كفار الآدميين وفجرتهم وأولهم وآخرهم بآدم، ومضمون ذلك بل صريح قولهم: إن الملائكة سجدت لجميع الآدميين برهم وفاجرهم؛ فأين قول الناس في موقف القيامة: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته. .؟

3. فسّر قول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
يرشد الرب تبارك وتعالى عباده إلى ما ينبغي أن يكونوا عليه في معاملتهم مع خلقه، فهي مثابة الخطة الواجب اتباعها لينال العبد خيري الدنيا والآخرة.
فأمر الله عباده في الآية الكريمة ثلاثة أوامر:
1- خذ العفو:
- أي تعامل مع الخلق بما عفت عنه نفوسهم، واقبل منهم ما ارتضوا أن يعطوك إياه، من الأمور المالية والمعنوية والمحبة والعناية والرعاية، ولا تكلفهم ما لايطيقون، بل اشكر لهم ما يقدمون .
- كما عليك أن تعفو عن تقصيرهم ولا تؤاخذهم به وتغض الطرف عن ما اقترفوه في حقك ، كما عليك أن توقر كبيرهم وتحنو على صغيرهم، وتتواضع للصغير وتلين للأقران.
2- وأمر بالعرف:
الأمر بكل معروف طيب وحسن، فيحسن التوجيه، ويبذل النصح، وينفر من السيئات ويرغب في في الطيبات، ويبذل العلم والرأي المصيب.
ولكنه إن قام بذلك فلن يسلم من أذية الخلق، وقد يكون ذلك ابتلاء لبيان صدق العبد وإخلاصه مع الله، ولا شك أنه ابتلاء ليس باليسير؛ أن يفعل العبد الخير ويدعو له ثم يقابل بأذى الجاهلين والسفهاء والصادّين عن سواء السبيل فيأتي عند ذلك الأمر الثالث بمعالجة هذا الابتلاء وخروج صاحبه منه من الفائزين المفلحين فقال:
وأعرض عن الجاهلين: فامض فيما أمرك الله به ولا تلتف لأذى الخلق ولا تقابل السيئ بسوءه ولا الجاحد بجحوده، فاعط من حرمك، وصل من قطعك، وأحسن لمن أساء إليك، واعدل مع من ظلمك.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.

4. اذكر ثلاثة آيات دالة على الأمر بالجهاد في سبيل الله وبيّن الحكمة مشرعية الجهاد، وآدابه ، وأسباب النصر.
قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]
قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} [الأنفال: 60]
هذه الآيات وغيرها تحث المؤمن على الجهاد في سبيل الله تعالى، فمنها الحاث على جهاد الدفع، ومنها الحاث على جهاد الطلب.
والجهاد في سبيل الله من ضروريات الدين ويمثل مصلحة عظيمة للإسلام وللمسلمين، وقد شرع الله تعالى الجهاد لحِكم عديدة منها:
  • إقامة دين الله في الأرض وتمكين الخلق ودعوتهم لتوحيد الله تعالى وإزالة العوائق التي قد تحول بينهم وبين هذا الواجب الضروري.
  • محاربة الظالمين الصادين عن دين الله؛ المعتدين على أنبياءه والمؤمنين به، المخربين لبيوته وأماكن عبادته كما قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40]

ومن آداب الجهاد :
1- تعبيد العباد لرب العباد، واخلاص الأمر كله لله، والبعد عن الهوى والمصالح الشخصية.
2- حصول الرحمة ونشرها.
3- إقامة العدل والبعد عن الظلم.
4- أداء الحقوق كلها وعد أكل أموال الناس بالباطل.
5- نصر المظلومين، وقمع الظالمين.
6- نشر الصلاح والإصلاح المطلق بكل وجه واعتبار، وهو من أعظم محاسن دين الإسلام.

أما عن أسباب النصر فقد بينها الله تعالى في العديد من الآيات ولا سيما قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: 45 - 47]

1- الصبر على الجهاد والثبات عليه وتعلم الرمي والركوب والفنون القتالية والعسكرية المناسبة للزمان،قال تعالى :{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}
وقال {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} [الأنفال: 60]
ومنه الشجاعة والحث عليها وشحذ الهمم لها، والترغيب في الجهاد وبيان ثمراته وأجره وعظيم ثوابه،ومافي التخلي عنه من ضياع الدين وذل المسلمين وتعاظم الكافرين المفسدين المعادين للدين.
قال تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104]
وقال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]
ومما يعين على الصبر في هذا المقام العالي: الفقه والعلم واليقين والثقة فيما عند الله وما أعده لأولياءه وناصري دينه، وما وعدهم به في الدنيا والآخرة.

2- التوكل على الله وكثرة ذكره وتعلق القلب به والتضرع والخضوع والتبرؤ من الحول والقوة كما قال تعالى : {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وقال: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160]

3- الاجتماع وعدم الفرقة وترك التنازع والتمسك بحبل الله جميعا .{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }

4- تخليص النية لله في إعلاء كلمة الحق ، وترك رؤية النفس وتحقيق النصر الشخصي والعجب والكبر،سواء عند القائد أو جيوشه، قال تعالى:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ }
ولايكون العمل لأجل قائد أو رئيس .{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]

5- العناية بفنون القتال وتدبير أمور الجيش واتقان الفنون الحربية وتنظيم الصفوف وتكليف كل فرد بما هو أهل له.قال تعالى:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121]

6- المحبة المتبادلة بين القائد والرعية واعطاء كل منهم ما يجب له من النصح والمشاورة والطاعة، وتحكيم الله تعالى فيما يرد بينهم من نزاع خاصة في الأمور السياسية، كما قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]
وكذلك العدل في تقسيم الغنائم بلا جور ولا ظلم؛ حتى لا تقع الضغائن والفرقة بين نفوس المسلمين.

7- السعي بقدر الاستطاعة في إيقاع الانشقاق في صفوف الأعداء، والاجتهاد في تفريق شملهم والطعن في قوتهم ووحدتهم
، ومهادنة من يمكن مهادنته منهم، وبذل الأموال للرؤساء إذا غلب على الظن أن ينكف شرهم عن المسلمين، قال تعالى:
{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} [النساء: 90]

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29 محرم 1441هـ/28-09-2019م, 10:56 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان على محمود مشاهدة المشاركة
مجلس مذاكرة القسم الأول من كتاب
خلاصة تفسير القرآن

المجموعة الأولى:
1. بيّن الطريق إلى العلم بأنّه لا إله إلا الله، واستدلّ بآية على وحدانية الله تعالى وفسّرها بإيجاز.

هناك عدة أمور تمثل في عمومها ومجملها الطريق إلى العلم بأنه {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} وهي :
أولها وأعظمها وأجلها قدرًا : تدبر أسماء الله وصفاته وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلاله وجماله ؛ فكلما علم العبد عن ربه كلما عظم علمه بأنه لا يستحق الألوهية سواه،وبذل جهده في العبودية والتأله التام لله تبارك وتعالى.
الثاني: العلم بأنه تعالى المتفرد بالربوبية من خلق ورزق وتدبير وسيادة، ومن تفرد بالربوبية علم تفرده بالألوهية.
الثالث: العلم بأن النعم الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية كلها منه وحده لا شريك له، فإن ذلك يوجب تعلق القلب به محبة وإنابة، والتأله له وحده لا شريك له.
الرابع: المُشاهَد من نصر الله لأوليائه القائمين بحدوده، وإنعامه عليهم بشتى النعم العاجلة، وانزال عقوبته بأعدائه والمناهضين لدينه، فكل ذلك يهتف باستحقاقه للألوهية.

الخامس: معرفة قدر كل ما عبد من دون الله، وأن كل ما سوى الله فقير ناقص لا يملك لنفسه فضلا عن غيره نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا؛ فالعلم بذلك يعلم به بطلان إلهيتها، وأن ما يدعون من دون الله هو الباطل، وأن الله هو الإله الحق المبين.
السادس: اتفاق جميع الكتب السماوية على تفرده بالوحدانية والألوهية، وتواطؤها عليه.
السابع: اتفاق الأنبياء والرسل والعلماء الربانيين على تفرده تعالى بالوحدانية والألوهية ، وشهادتهم به، وهم خواص الخلق، وأكملهم أخلاقا وعقولا وعلما ويقينا.
الثامن: النظر والتفكر في الآيات الكونية والأفقية والنفسية الشاهدة على عظمته ما أودعها من لطائف صنعته وبديع حكمته وغرائب خلقه.
التاسع: حكمة الشريعة وعدالتها وماأودعه الله في شرعه من الآيات المحكمة والأحكام الحسنة ،وجلب المنافع ودرء المفاسد، كل ذلك ينطق بوحدانيته واستحقاقه للألوهية.

ومن الآيات الدالة على وحدانية الله قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة: 163]
وَإِلَهُكُمْ: يعرف تعالى نفسه لعباده بأنه إلههم الحق.
إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: يصف تعالى نفسه بأنه الواحد الذي لا شريك له ولا نظير ولا نديد ولا كفؤ له، المتفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
الرحمن الرحمن: فجميع ما في الكون من آثار رحمة الله يلهج بوحدانيته واستحقاقه لأن يعبد وحده؛ فكل ما في الكون من النعم والكمالات ودفع المضرات وتعريف المخلوقات مصالحها الدينية والدنيوية من آثار رحمته تعالى التي يستحق من أجلها أن يفرد بالعبادة والتأليه.
ففي هذه الآية إثبات وحدانية البارئ وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين، والاستدلال على ذلك بتفرده بالرحمة، التي من آثارها جميع البر والإحسان في الدنيا والآخرة.


2. تحدّث عن أصل الإيمان بالملائكة مبيّنا أدلة تقريره وآثار الإيمان به وكيف تردّ على من أنكره.
من أدلة تقرير أصل الإيمان بالملائكة وله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ - يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19 - 20]
فقد أخبر تعالى عن الملائكة وذكر وصوفاتهم في عدة مواضع من القرآن؛وصفهم بأكمل الصفات، وأنهم في غاية القوة على عبادة الله والرغبة العظيمة فيها، وأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وأنهم لا يستكبرون عن عبادته، بل يرونها من أعظم نعمه عليهم، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
كما وصف جبريل عليه السلام بعدة وصوفات فقال:{ذي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ - مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 20 - 21]
وقال: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}[التكوير: 24]
وقال: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء: 192 - 194]
وقد وكل الله لكل منهم عملا له لا يخطئه ولا يتجاوزه .
فمنهم المكلف بتبليغ الشرائع ،ومنهم: الموكلون بالغيث والنبات، والموكلون بحفظ العباد مما يضرهم، وبحفظ أعمالهم وكتابتها؛ والموكلون بقبض الأرواح، وبتصوير الأجنة في الأرحام، وكتابة ما يجري عليها في الحال والمآل، والموكلون على الجنة والنار، ومنهم حملة العرش ومن حوله من الملائكة المقربين، إلى غير ذلك مما وصفوا به في الكتاب والسنة.

والإيمان بهذا الأصل العظيم له ثمرات عديدة منها:
1- الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلا.
2- تعظيم قدر الملائكة في قلوب العباد واعطائهم ما يستحقون من المحبة والتقدير.
3- التواضع والعلم بحقيقة بني آدم الضعيفة الهشة.
4- تقدير دور السفارة بين الله وخلقه ومحاولة التأسي بهم في تبليغ شرع الله تعالى..
5- استحضار وجود الملائكة لكتابة الأعمال والتيقن بوجودهم بيننا كما أخبر عن ذلك الكتاب والسنة.
6- الاجتهاد في الطاعة وعدم الفتور عنها بحال اقتداء بالملائكة العظام.

- وأما من أنكر هذا الأصل فقد وقع في مخالفة لصريح الكتاب والسنة ، فقد تواترت الأدلة على حقيقة الملائكة وأعمالهم وما كلفهم الله به على وجه الحقيقة لا المجاز.
وقد تجاوز جهلة الزنادقة حتى فسروا الملائكة بأنها هي القوى الخيرية والصفات الحسنة الموجودة في الإنسان، وأن الشياطين هي القوى الشريرة فيه، وحتى زعم بعضهم أن سجود الملائكة لآدم ليس حقيقة، وإنما ذلك تسخير الله للآدميين جميع ما في الأرض من القوى والمعادن وغيرها، فأنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة بخبر الله الصريح في كتابه وخبر رسوله، وقال هذه المقالة التي فيها - مع تكذيب الله ورسوله - تسوية كفار الآدميين وفجرتهم وأولهم وآخرهم بآدم، ومضمون ذلك بل صريح قولهم: إن الملائكة سجدت لجميع الآدميين برهم وفاجرهم؛ فأين قول الناس في موقف القيامة: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته. .؟

3. فسّر قول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
يرشد الرب تبارك وتعالى عباده إلى ما ينبغي أن يكونوا عليه في معاملتهم مع خلقه، فهي مثابة الخطة الواجب اتباعها لينال العبد خيري الدنيا والآخرة.
فأمر الله عباده في الآية الكريمة ثلاثة أوامر:
1- خذ العفو:
- أي تعامل مع الخلق بما عفت عنه نفوسهم، واقبل منهم ما ارتضوا أن يعطوك إياه، من الأمور المالية والمعنوية والمحبة والعناية والرعاية، ولا تكلفهم ما لايطيقون، بل اشكر لهم ما يقدمون .
- كما عليك أن تعفو عن تقصيرهم ولا تؤاخذهم به وتغض الطرف عن ما اقترفوه في حقك ، كما عليك أن توقر كبيرهم وتحنو على صغيرهم، وتتواضع للصغير وتلين للأقران.
2- وأمر بالعرف:
الأمر بكل معروف طيب وحسن، فيحسن التوجيه، ويبذل النصح، وينفر من السيئات ويرغب في في الطيبات، ويبذل العلم والرأي المصيب.
ولكنه إن قام بذلك فلن يسلم من أذية الخلق، وقد يكون ذلك ابتلاء لبيان صدق العبد وإخلاصه مع الله، ولا شك أنه ابتلاء ليس باليسير؛ أن يفعل العبد الخير ويدعو له ثم يقابل بأذى الجاهلين والسفهاء والصادّين عن سواء السبيل فيأتي عند ذلك الأمر الثالث بمعالجة هذا الابتلاء وخروج صاحبه منه من الفائزين المفلحين فقال:
وأعرض عن الجاهلين: فامض فيما أمرك الله به ولا تلتف لأذى الخلق ولا تقابل السيئ بسوءه ولا الجاحد بجحوده، فاعط من حرمك، وصل من قطعك، وأحسن لمن أساء إليك، واعدل مع من ظلمك.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.

4. اذكر ثلاثة آيات دالة على الأمر بالجهاد في سبيل الله وبيّن الحكمة مشرعية الجهاد، وآدابه ، وأسباب النصر.
قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]
قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} [الأنفال: 60]
هذه الآيات وغيرها تحث المؤمن على الجهاد في سبيل الله تعالى، فمنها الحاث على جهاد الدفع، ومنها الحاث على جهاد الطلب.
والجهاد في سبيل الله من ضروريات الدين ويمثل مصلحة عظيمة للإسلام وللمسلمين، وقد شرع الله تعالى الجهاد لحِكم عديدة منها:
  • إقامة دين الله في الأرض وتمكين الخلق ودعوتهم لتوحيد الله تعالى وإزالة العوائق التي قد تحول بينهم وبين هذا الواجب الضروري.
  • محاربة الظالمين الصادين عن دين الله؛ المعتدين على أنبياءه والمؤمنين به، المخربين لبيوته وأماكن عبادته كما قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40]

ومن آداب الجهاد :
1- تعبيد العباد لرب العباد، واخلاص الأمر كله لله، والبعد عن الهوى والمصالح الشخصية.
2- حصول الرحمة ونشرها.
3- إقامة العدل والبعد عن الظلم.
4- أداء الحقوق كلها وعد أكل أموال الناس بالباطل.
5- نصر المظلومين، وقمع الظالمين.
6- نشر الصلاح والإصلاح المطلق بكل وجه واعتبار، وهو من أعظم محاسن دين الإسلام.
[بعض ما ذكرتِ هنا يدخل في الحكمة من مشروعية الجهاد، ولعلكِ في الآداب تذكرين أيضًا العلاقة بين القائد والجند، وما يلزم كل منهما من أمور]

أما عن أسباب النصر فقد بينها الله تعالى في العديد من الآيات ولا سيما قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: 45 - 47]

1- الصبر على الجهاد والثبات عليه وتعلم الرمي والركوب والفنون القتالية والعسكرية المناسبة للزمان،قال تعالى :{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}
وقال {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} [الأنفال: 60]
ومنه الشجاعة والحث عليها وشحذ الهمم لها، والترغيب في الجهاد وبيان ثمراته وأجره وعظيم ثوابه،ومافي التخلي عنه من ضياع الدين وذل المسلمين وتعاظم الكافرين المفسدين المعادين للدين.
قال تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104]
وقال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]
ومما يعين على الصبر في هذا المقام العالي: الفقه والعلم واليقين والثقة فيما عند الله وما أعده لأولياءه وناصري دينه، وما وعدهم به في الدنيا والآخرة.

2- التوكل على الله وكثرة ذكره وتعلق القلب به والتضرع والخضوع والتبرؤ من الحول والقوة كما قال تعالى : {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وقال: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160]

3- الاجتماع وعدم الفرقة وترك التنازع والتمسك بحبل الله جميعا .{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }

4- تخليص النية لله في إعلاء كلمة الحق ، وترك رؤية النفس وتحقيق النصر الشخصي والعجب والكبر،سواء عند القائد أو جيوشه، قال تعالى:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ }
ولايكون العمل لأجل قائد أو رئيس .{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]

5- العناية بفنون القتال وتدبير أمور الجيش واتقان الفنون الحربية وتنظيم الصفوف وتكليف كل فرد بما هو أهل له.قال تعالى:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121]

6- المحبة المتبادلة بين القائد والرعية واعطاء كل منهم ما يجب له من النصح والمشاورة والطاعة، وتحكيم الله تعالى فيما يرد بينهم من نزاع خاصة في الأمور السياسية، كما قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]
وكذلك العدل في تقسيم الغنائم بلا جور ولا ظلم؛ حتى لا تقع الضغائن والفرقة بين نفوس المسلمين.

7- السعي بقدر الاستطاعة في إيقاع الانشقاق في صفوف الأعداء، والاجتهاد في تفريق شملهم والطعن في قوتهم ووحدتهم
، ومهادنة من يمكن مهادنته منهم، وبذل الأموال للرؤساء إذا غلب على الظن أن ينكف شرهم عن المسلمين، قال تعالى:
{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} [النساء: 90]


أحسنتِ، بارك الله فيك ونفع بكِ.
التقويم: أ
الخصم للتأخير
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir