دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الدورات العلمية > دورات علم السلوك > أعمال القلوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو القعدة 1440هـ/21-07-2019م, 05:04 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي

موجبات الخوف من الله:
الخوف من الله تعالى منزلة عظيمة توجبها أمور:
الأمر الأول: العلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته جل وعلا، فإنَّ من تفكر في أسماء العظمة والجلال ، وتفكر في آثارها ومقتضياتها، وتفكر في أفعال الملك العظيمة ، وآمن بها أوجب له ذلك الخوف الشديد من الله تعالى؛ وكلما كان المؤمن أعلمَ بالله كان أخشى له، ولذلك قال الله تعالى: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا)) متفق عليه، وفي رواية أخشاكم.
وقد قيل:

على قدر علم المرء يعظم خوفه ..... فما عالم إلا من الله خائف
فآمن مكر الله بالله جاهل ..... وخائف مكر الله بالله عارف
فمن ذلك: أن تعلم أن الله هو الواحد القهار، والعزيز الجبار، والعلي الكبير ، والقوي القدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يخفى عليه شيء، فعال لما يريد، له الكبرياء والمجد، شديد العقاب والبطش، ذو انتقام ممن يعصيه، يغار إذا انتهكت محارمه، ويغضب ويمقت، ويقبض ويمحق، ولا يخاف عاقبة فعله؛ فمن شهد ذلك بقلبه وآمن به حقَّ الإيمان أورثه خوفاً عظيماً من الله، يحول بينه وبين معاصيه، وقد قال الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} وقال: {ولا يغرنكم بالله الغرور}.
الأمر الثاني: الخوف من المقام بين يدي الله جلَّ وعلا، وهو أمر كائن لا محالة لكل مكلَّف محسن أو مسيء، فمن تفكر في هذا المقام وخافه في الدنيا هوَّنه الله عليه يوم القيامة، ومن استخف به في الدنيا شدده الله عليه يوم القيامة.
قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}
وقال تعالى:{ولمن خاف مقام ربه جنتان}
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرةٍ )) متفق عليه .

الأمر الثالث: مطالعة آيات الوعيد وأحاديثه ، وتأمّلُ ما أعده الله للعصاة من العذاب الشديد، فمن تفكر في ذلك وآمن به أوجب له ذلك الخوف من التعرض لسخط الله وعقابه.
قال الله تعالى: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}وقال:{ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}.
الأمر الرابع: كثرة الذكر؛ فإن الغفلة تقسي القلب؛ ولا يزال الغافل يقسو قلبه شيئاً فشيئاً لكثرة ما يرين عليه؛ حتى يختم على قلبه فلا يؤثر فيه زجر ولا وعظ إلا أن يشاء الله أن يتداركه برحمته فيمنَّ عليه بتوبة من عنده.
قال الله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}.
الأمر الخامس: تزكية النفس من الأخلاق السيئة ولا سيما الكبر والعجب والشحّ والحسد؛ فإنّها تفسد القلب وتقسّيه، وإذا فسد القلب وقسا ضعف فيه أثر الخوف، وكان إلى عدم المبالاة أقرب، وهو وإن لم يقلها بلسان المقال فلسان الحال ينادي بها.

وهذه الأمور الخمسة في أنواع الخوف الثلاثة التي تقدّم ذكرها، وأما الخوف الذي يوجبه الوقوع في المعصية أو الهمّ بها فقد أحسن العبارة عنه ابن القيّم رحمه الله فقال في طريق الهجرتين: (الخوف من أَجلّ منازل الطريق، وخوف الخاصة أَعظم من خوف العامة، وهم إليه أحوج، وهو بهم أَليق، ولهم ألزم. فإن العبد إما أن يكون مستقيماً أو مائلاً عن الاستقامة فإن كان مائلاً عن الاستقامة فخوفه من العقوبة على ميله، ولا يصح الإيمان إلا بهذا الخوف، وهو ينشأ من ثلاثة أُمور:
أحدها: معرفته بالجناية وقبحها.
والثانى: تصديق الوعيد وأن الله رتب على المعصية عقوبتها.
والثالث: أنه لا يعلم لعله يمنع من التوبة ويحال بينه وبينها إذا ارتكب الذنب. فبهذه الأمور الثلاثة يتم له الخوف، وبحسب قوتها وضعفها تكون قوة الخوف وضعفه، فإن الحامل على الذنب إما أن يكون عدم علمه بقبحه، وإما عدم علمه بسوءِ عاقبته، وإما أن يجتمع له الأمران لكن يحمله عليه اتكاله على التوبة، وهو الغالب من ذنوب أهل الإيمان، فإذا علم قبح الذنب وعلم سوءَ مغبته وخاف أن لا يفتح له باب التوبة بل يمنعها ويحال بينه وبينها اشتد خوفه. هذا قبل الذنب، فإذا عمله كان خوفه أشد.
وبالجملة فمن استقر فى قلبه ذكر الدار الآخرة وجزائها، وذكر المعصية والتوعد عليها، وعدم الوثوق بإتيانه بالتوبة النصوح هاج فى قلبه من الخوف ما لا يملكه ولا يفارقه حتى ينجو. وأما إن كان مستقيماً مع الله فخوفه يكون مع جريان الأنفاس، لعلمه بأن الله مقلب القلوب). إلى آخر ما قال وهو فصل طويل نفيس.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الدرس, السادس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir