أجب على الأسئلة التالية:
1: اذكر الفوائد التي استفدتها من قصة طالوت.
- البعد عن الحكم على الناس تبعا للمقاييس المادية التي تقيمهم كما تقوم السلع المعروضة للبيع , بل العبرة بما مع العبد من العلم والاتباع والاستقامة على الدين.
- من السياسة الشرعية الحرص على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب , فالنظر يكون فيما يملك من مؤهلات وقدراته تعينه على أداء ما أنيط به من واجبات ومسؤوليات.
- منة الله على هذه الأمة أن جعل السكينة تنزل في القلوب مباشرة , بعكس نزولها في التابوت على بني إسرائيل , وذلك لأن اليهود أمة لا تؤمن إلا بالمحسوسات أما هذه الأمة فنالت مدح الله بقوله :{الذين يؤمنون بالغيب}.
- يتفرع من الفائدة السابقة عظم شأن الإيمان بالغيب , فعليه مدار الابتلاء والاختبار , ومتى ما أصبح الغيب مشاهدا بحلول سكرات الموت, أو ظهور الآيات الكبرى : انتهى الاختبار وحسم الأمر.
- عدم التعرض للفتن والابتعاد عنها , ودوام سؤال الله العافية , فإن العبد لا يدري هل يوفقه الله للثبات أم يكله إلى نفسه.
- في الإخبار بهذه القصة علم من أعلام النبوة : فالإخبار بالحوادث التي لم تكن معلومة عند الأمة الأمية , وعلمها أهل الكتاب من كتبهم :لآية باهرة على صدق النبي عليه الصلاة والسلام.
- القرآن ليس من كلام النبي-صلى الله عليه وسلم- بل هو كلام الله أنزله عليه وحيا لابتداء السورة ب:{ألم تر}.
- فرضية الجهاد على من سبقنا من الأمم.
- لا يحصل التمكين إلا بعد الابتلاء , فالواجب الصبر وصدق الاستعانة بالله .
- من حكم الابتلاء التمحيص وإظهار حقيقة القلوب والكشف عن معادن الناس , فيظهر الخبيث ليتقى شره , ويظهر الطيب حتى ينتفع به.
- الرد على الجبرية , وهذا في قوله تعالى:{فهزموهم بإذن الله} فأثبت الفعل حقيقة لهم.
- الإيمان باليوم الآخر من أعظم الأسباب المحفزة والدافعة إلى العمل .
- الدعاء من أعظم أسباب النصر إن كان الداعي مخلصا مخبتا منيبا متخذا للأسباب المشروعة.
- أن النبوة اصطفاء من الله سبحانه وليست مكتسبة كما ادعى ذلك الفلاسفة .
- ليست العبرة بالكثرة , بل العبرة باتباع الحق الذي يُنال به نصر الله.
- في قوله :{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} إثبات أن أفعال الله معللة وبالغة الحكمة , بعكس ما ادعاه نفاة الحكمة والتعليل الذين أناطوا أحكامه بمجرد الإرادة أوالقدرة.
- فضيلة الصبر : فيكفي معية الله لمن حققه من فضيلة.
- وجوب طاعة ولي الأمر فيما يأمر ما لم يأمر بمعصية.
- من أعظم الأسباب لحل المشاكل : اقتلاع أساسها , فذاك يقتلعها من جذورها وينهيها , لذلك لما قتل جالوت انهزم جيشه.
- كل علم يتعلمه الإنسان فهو من فضل الله عليه وتعليمه إياه , فعلى العبد أن يخرج من حوله وقوته ويلجأ إلى حول الله وقوته.
- من أرد النصر فعليه ان يخلص جيشه من المخذلين الذين يبثون روح الهزيمة ي الجيش قبل وقوعها.
- إثبات الصفات لله -سبحانه- خلافا للمعطلة .
- وجوب الإيمان بالملائكة وبأنهم خلق من خلق الله لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
- حب الملائكة لما يقومون به منافع تتعلق بالبشر , وهذا من تسخير الله لهم , لذلك يؤدي هذا إلى زيادة الإيمان بالله والشعور بالتقصير في أداء واجب الشكر له سبحانه تعالى وتقدس.
- من سنن الله الكونية التفاضل بين الناس في المال والخلقة والأخلاق , ولله الحكمة البالغة , وهذا الأمر من أعظم مواطن الاختبار للعباد.
- التخلص من مشاعر الغيرة والحسد , لأنها في الحقيقة اعتراضا على حكم الله , وسوء ظن به , واستدراكا عليه , فيقع العبد في جميع هذه الكبائر من حيث لا يدري.
- من سنن الله تعالى مدافعته الشرك والمشركين بالإيمان والمسلمين ليذهب الرجز والفساد عن الأرض.
- مشروعية قتال من أخرجنا من ارضنا وأعمل فيها الفساد , ويكون هذا هو عين العدل والحكمة.
2: حرّر القول في معنى قوله تعالى: {لا إكراه في الدين}.
معنى :{إكراه} أي: الإكراه في الاعتقاد خاصة.
معنى {الدّين} في الآية: أي: المعتقد والملة.
أولا : معنى الآية على القول بأنها منسوخة:
القول الأول : إن معنى الآية عدم إكراه وإجبار كفار العرب على الدخول في الإسلام , وهذا كان قبل الأمر بقتالهم , قال الزهري: سألت زيد بن أسلم عن قوله تعالى: {لا إكراه في الدّين} فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحدا في الدين، فأبى المشركون إلا أن يقاتلوهم، فاستأذن الله في قتالهم فأذن له». ذكره ابن عطية وقال : «ويلزم على هذا، أن الآية مكية، وأنها من آيات الموادعة التي نسختها آية السيف».
وقال الطبري: «والآية منسوخة في هذا القول» ذكره ابن عطية.
وقال الزجاج: ( نسخها أمر الحرب في قوله جلّ وعزّ: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم}).
فجاء الأمر بقتالهم حتى يقولوا لا إله إلا الله أو يقتلوا.
القول الثاني: معنى الآية : عدم إكراه أهل الكتاب خاصة على الدخول في الإسلام , فأقروا على دينهم مقابل دفعهم للجزية , ثم نسخ هذا بالأمر بقتالهم فأصبح حالهم كحال مشركي العرب.
وقد ذكر السدي أنها نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو حصين، تنصر ابناه وذهبا إلى الشام في قصة رواها , فشكا أبو الحصين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهما، ورغب في أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يردهما، فنزلت {لا إكراه في الدّين}، ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، ثم نسخت بالأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثالث : إن الآية عامة , ويكون معنى الآية النهي عن إكراه أي شخص من أي ملة كانت على الدخول في الإسلام , ثم نسخت بآية القتال فيجب أن يدعى جميع الأمم إلى الدخول في الإسلام فإن أبى الدخول فيه ولم ينقد له ورفض مع هذا أداء الجزية : قوتل حتى يقتل , وهذا معنى الإكراه كما في قوله تعالى: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون}. ذكره ابن كثير.
أما معنى الآية على القول بأنها محكمة وليست منسوخة:
فالقول الأول: إن الآية تعني عدم إكراه أهل الكتاب الذين يدفعون الجزية وهم صاغرون على الدخول في الإسلام , فهي محكمة نزلت فيهم , وليس الكلام فيها عن كفار العرب الذين أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يقاتلهم ولا يقبل منهم إلا الدخول في الإسلام أو السيف . قاله قتادة والضحاك . ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
قال أسق : «كنت في دينهم مملوكًا نصرانيًّا لعمر بن الخطّاب فكان يعرض عليّ الإسلام فآبى فيقول: {لا إكراه في الدّين} ويقول: يا أسق لو أسلمت لاستعنّا بك على بعض أمور المسلمين». رواه عنه ابو هلال , رواه ابن ابي حاتم. ذكره ابن كثير.
القول الثاني : شبيه بالأول لكن أصحابه قيدوا أهل الكتاب ومن لحق بدينهم بمن كانوا قبل النسخ والتبديل , أما بعده : فالآية لا تشملهم فيلحقوا بكفار العرب. ذكره ابن كثير ونسبه إلى طائفة كبيرة من العلماء.
القول الثالث: إن الآية محكمة وهي في جميع من يقبل منه الجزية أيا كان . ذكره ابن عطية وقال: «وعلى مذهب مالك في أن الجزية تقبل من كل كافر سوى قريش أي نوع كان، فتجيء الآية خاصة فيمن أعطى الجزية من الناس كلهم لا يقف ذلك على أهل الكتاب كما قال قتادة والضحاك».
القول الرابع: أن معنى الآية النهي عن القول عمن دخل في الإسلام بعد حرب إنه قد دخله مكرها، لأنه إذا رضي بالإسلام بعد الحرب وصح إسلامه فليس بمكره. ذكره الزجاج وذكره ابن كثير تعريضا.
وقد جاء في الصحيح : «عجب ربّك من قومٍ يقادون إلى الجنّة في السّلاسل» .
القول الخامس: إن الآية في معنى الخبر عن عدم الحاجة إلى إكراه أي كان على الدخول في الإسلام لكونه دين الحق الواضح الجلي , كما لا ينفع الإسلام صاحبه إلا إذا دخله عن رضى , أما المكره فلا ينفعه دخوله الإسلام ولا ينجيه من العذاب. وهذا ظاهر قول ابن عطية وهو قول ابن كثير. وهو الراجح لعموم اللفظ , والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ولا تعارض بين الآية وبين الآيات التي تحث على الجهاد وقتل الكفار , فأما من بذل الجزية من أهل الذمة أو المستأمنين أو المعاهدين : فأمرهم واضح , وأما المحاربين لله ولرسوله فهؤلاء يقاتلوا حتى تكسر شوكتهم أو يدخلوا في الإسلام أو يبذلوا الجزية عن صغار وذل.
ويدل على هذا تنوع ما جاء في سبب نزول الآية منها ما ذكرناه سابقا وأيضا جاء فيه:
ما رواه ابن جبير عن ابن عباس قوله في سبب نزول الاية: «كانت المرأة تكون مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل اللّه عز وجل: {لا إكراه في الدّين قد تبيّن الرّشد من الغي}». رواه أبو داود والنّسائيّ. ذكره ابن كثير.