إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
سورة الكوثر هي إنجاز لما وعد الله رسوله في سورة الضحى " ولسوف يعطيك ربك فترضى " فكان من هذا العطاء الكوثر الذي اختص به نبيه وليس لأحد غيره فجاءت بداية السورة :
" إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ " بتقديم ضمير المؤكد "إنا" على الفعل "أعطيناك" مما أفاد الاختصاص والإهتمام فهذا العطاء للرسول صلى الله عليه وسلم دون سواه
" إِنَّا" ضمير التعظيم ومؤكد
" أَعْطَيْنَاكَ" : فعل يدل على التمليك والتصرف فيما أعطي كيفما يشاء ، وهو بهذا الموضع أبلغ من فعل (آتيناك ) لأن فعل آتى يشمل أيضا النزع فليس كأعطى للتمليك .
" الكوثر " من صفات المبالغة (فوعل ) فهي تدل على المبالغة في الخير وقيل عن الكوثر أقوال عديدة منها : أنه نهر في الجنة وقيل الحوض وقيل رفعة الذكر وغيرها وكلها تدل على الخير الكثير
- لإطلاق معنى الخير في هذه الآية حذف الموصوف
" فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ":
الفاء حرف عطف أفاد التعقيب أي بسبب عطاءه للكوثر وجب عليه شكر
وهذا العطاء يستوجب الحمد الكثير لذا طلب الله تعالى من رسوله أمران :
الصلاة وتتعلق بالله تعالى وهي أعظم ركن من أركان الإسلام فهي أعلى درجات الشكر
النحر وتتعلق بالعباد ، وفيه إعطاء خلق الله والشفقة عليهم والإحسان إليهم فيكون شكر الله
اللام في لربك تفيد الاختصاص والقصد أن الصلاة لاتكون إلا لله وحده
وبهذه الآية أسلوب التفات من الحضور إلى الغيبة حتى لايتوهم متوهم أن الصلاة تكون لأي معطي وإنما الصلاة لله وحده
كلمة العطاء بالقرآن كله اقترنت بلفظ الرب الذي هو المربي والمعطي
" وَانْحَرْ": النحر باللغة لايستخدم إلا مع الإبل وهو من خيار أموال العرب ، وبهذا يكون نحر الإبل وهو خير الأموال يتناسب مع هذا العطاء الكبير.
" إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ" :
الأبتر في اللغة له عدة معان :
1- كل أمر انقطع من الخير أثره فهو أبتر
2- إذا مات أولاد الشخص الذكور أو لم يكن له ولد ذكر أصلا
3- الأبتر : الخاسر
وأشهر ماذكر في سبب نزول الآية حادثة وفاة ابني الرسول صلى الله عليه وسلم
" شَانِئَكَ " مبغضك
هو الأبتر : ضمير الفصل " هو " ولام التعريف في الأبتر تفيد التخصيص والحصر بأن مبغضك يامحمد هو الأبتر حصراً
الأبتر صفة مشبهة بالفعل على وزن أفعل تفيد الثبوت والاستمرارية في الدنيا والآخرة
فمبغضك ومبغض ما جئت به من الهدى والنور, هو المنقطع أثره, المقطوع من كل خير