دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الجهاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 02:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام


وعنْ جَرِيرٍ البَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ)). رواهُ الثلاثةُ، وإسنادُهُ صحيحٌ. ورَجَّحَ البخاريُّ إرسالَهُ.
وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
وعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ السَّعْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ)). رواهُ النَّسائيُّ، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ.

  #2  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 05:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


6/1185 - وَعَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ)). رَوَاهُ الثَّلاثَةُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَجَّحَ الْبُخَارِيُّ إرْسَالَهُ.
(وَعَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ. رَوَاهُ الثَّلاثَةُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَجَّحَ الْبُخَارِيُّ إرْسَالَهُ).
وَكَذَلِكَ رَجَّحَ أَيْضاً أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ إرْسَالَهُ إلَى قَيْسِ بْنِ حَازِمٍ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَوْصُولاً.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْهِجْرَةِ مِنْ دِيَارِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِ مَكَّةَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ؛ لِحَدِيثِ جَرِيرٍ، وَلِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعاً بلَفْظِ: ((لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ عَمَلاً بَعْدَمَا أَسْلَمَ أَوْ يُفَارِقُ الْمُشْرِكِينَ))، وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ، وَذَهَبَ الأَقَلُّ إلَى أَنَّهَا لا تَجِبُ الْهِجْرَةُ، وَأَنَّ الأَحَادِيثَ وَالآيَةَ مَنْسُوخَةٌ؛ لِلْحَدِيثِ الآتِي، وَهُوَ قَوْلُهُ:

7/1186 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
قَالُوا: فَإِنَّهُ عَامٌّ نَاسِخٌ لِوُجُودِ الْهِجْرَةِ الدَّالِّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ، وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ أَسْلَمَ مِن الْعَرَبِ بِالْمُهَاجَرَةِ إلَيْهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ مُقَامَهُمْ بِبَلَدِهِمْ، وَلأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ لأَمِيرِهِمْ: ((إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِلالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ عَنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)).
الْحَدِيثُ سَيَأْتِي بِطُولِهِ، فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِم الْهِجْرَةَ، وَالأَحَادِيثُ غَيْرُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لا يَأْمَنُ عَلَى دِينِهِ، قَالُوا: وَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الأَحَادِيثِ.
وَأَجَابَ مَنْ أَوْجَبَ الْهِجْرَةَ بِأَنَّ حَدِيثَ: ((لا هِجْرَةَ)) مُرَادٌ بِهِ نَفْيُهَا عَنْ مَكَّةَ، كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: ((بَعْدَ الْفَتْحِ))؛ فَإِنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ وَاجِبَةً مِنْ مَكَّةَ قَبْلَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْهِجْرَةُ هِيَ الْخُرُوجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الإِسْلامِ، وَكَانَتْ فَرْضاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَمَرَّتْ بَعْدَهُ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، وَالَّتِي انْقَطَعَتْ بِالأَصَالَةِ هِيَ الْقَصْدُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَانَ.
وَقَوْلُهُ: ((وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ))، قَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ: هَذَا الاسْتِدْرَاكُ يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ حُكْمِ مَا بَعْدَهُ لِمَا قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِجْرَةَ الَّتِي هِيَ مُفَارَقَةُ الْوَطَنِ الَّتِي كَانَتْ مَطْلُوبَةً عَلَى الأَعْيَانِ إلَى الْمَدِينَةِ قَد انْقَطَعَتْ، إلاَّ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ بِسَبَبِ الْجِهَادِ بَاقِيَةٌ، وَكَذَلِكَ الْمُفَارَقَةُ بِسَبَبِ نِيَّةٍ صَالِحَةٍ؛ كَالْفِرَارِ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ، وَالْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَالْفِرَارِ مِن الْفِتَنِ. وَالنِّيَّةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُعْتَبَرَةٌ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي انْقَطَعَ بِانْقِطَاعِ الْهِجْرَةِ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ الصَّالِحَةِ، وَجِهَادٌ مَعْطُوفٌ بِالرَّفْعِ عَلَى مَحَلِّ اسْمِ لا.
9/1188 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ)). رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّعْدِيِّ، وَفِي اسْمِ السَّعْدِيِّ أَقْوَالٌ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: السَّعْدِيُّ؛ لأَنَّهُ كَانَ مُسْتَرْضَعاً فِي بَنِي سَعْدٍ، سَكَنَ عَبْدُ اللَّهِ الأُرْدُنَّ، وَمَاتَ بِالشَّامِ سَنَةَ خَمْسِينَ عَلَى قَوْلٍ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، قَالَهُ ابْنُ الأَثِيرِ، وَيُقَالُ فِيهِ: ابْنُ السَّعْدِيِّ المَالِكِيُّ؛ نِسْبَةً إلَى جَدِّهِ، وَيُقَالُ فِيهِ: السَّاعِدِيُّ، كَمَا فِي أَبِي دَاوُدَ.
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ).
دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْهِجْرَةِ، وَأَنَّهُ بَاقٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ فَإِنَّ قِتَالَ الْعَدُوِّ مُسْتَمِرٌّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَكِنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا، وَلا كَلامَ فِي ثَوَابِهَا مَعَ حُصُولِ مُقْتَضِيهَا، وَأَمَّا وُجُوبُهَا فَفِيهِ مَا عَرَفْتَ.

  #3  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 05:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1098 - وَعَنْ جَريرٍ البَجَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ)). رَوَاهُ الثلاثةُ، وَإِسْنَادُه صَحِيحٌ. ورَجَّحَ البخاريُّ إرسالَهُ.
1099 - وَعَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ (1098):
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
قَالَ الْحَافِظُ: (إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ). وَقَالَ الْمباركفوريُّ: (رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ مَعَ أَنَّ كَثِيراً مِن الأَئِمَّةِ قَالُوا: إِنَّهُ مُرْسَلٌ). وَرَجَّحَ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والدَّارَقُطْنِيُّ إِرْسَالَهُ إِلَى قيسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَوْصُولاً.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثَيْنِ:
- بَرِيءٌ: يُقَالُ: بَرِئَ فُلانٌ مِنْ كَذَا، يَبْرَأُ بَرَاءً، وَبَرَاءَةً: فَارَقَهُ، وَسَلِمَ مِنْهُ، وَتَخَلَّصَ، وَاسمُ الْفَاعِلِ بَرِيءٌ، وَالجَمْعُ: بُرَآءُ.
- لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ: بِكَسْرِ الهاءِ، اسْمٌ مِنْ: هَاجَرَ يُهَاجِرُ مُهَاجَرَةً، وَهِيَ مُفَارَقَةُ الأهلِ والعشيرةِ والوطنِ فِرَاراً بالدِّينِ.
والفَتْحُ: هُوَ فَتْحُ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِن الهجرةِ.
1100 - وَعَنْ عبدِ اللهِ بنِ السَّعْدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ)). رَوَاهُ النَّسائيُّ، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
قَالَ فِي (التلخيصِ): رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، ولأبي دَاوُدَ عَنْ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعاً: ((لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)).
قَالَ الْهَيْثَمِيُّ: (رِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالٌ ثِقَاتٌ).
قَالَ الأَلْبَانِيُّ: (أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، والدَّارِمِيُّ، والنَّسَائِيُّ فِي (الكُبْرَى)، والْبَيْهَقِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَمِنْ طُرُقِهِ الْمُجْتَمِعَةِ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ).
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- الْحَدِيثُ الأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى وجوبِ الهجرةِ مِنْ ديارِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى ديارِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ جمهورِ الْعُلَمَاءِ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً}. [النساء: 97].
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السعْدِيُّ: وَفِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الهجرةَ مِنْ أَكْبَرِ الواجباتِ، وَأَنَّ تَرْكَهَا مِن المُحَرَّمَاتِ، بَلْ مِنْ أَكْبَرِ الكبائرِ.
2- قَالَ فِي (شَرْحِ الإِقْنَاعِ): (وَتَجِبُ الهجرةُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ إِظْهَارِ دِينِهِ بِدَارِ الحربِ، وَهِيَ مَا يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْكُفْرِ؛ لأَنَّ القيامَ بِأَمْرِ الدِّينِ وَاجِبٌ، والهجرةُ مِنْ ضَرُورَةِ الواجبِ، وَمَا لا يَتِمُّ الواجبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ واجبٌ).
قَالَ فِي (المُنْتَهَى): (أَوْ بَلَدُ بُغَاةٍ، أَوْ بِدَعٌ مُضِلَّةٌ، كَرَفْضٍ واعتزالٍ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا إِلَى دَارِ أَهْلِ السُّنَّةِ وُجُوباً، إِنْ عَجَزَ عَنْ إِظْهَارِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيهَا، إِنْ قَدَرَ عَلَى الهجرةِ مِنْ أَرْضِ الْكُفْرِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}). [النساء: 98].
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السعْدِيُّ: (ثُمَّ اسْتَثْنَى المُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى الهجرةِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ}). [النساء: 99].
وَ {عَسَى} وَاجِبٌ وُقُوعُهَا مِن اللَّهِ، بِمُقْتَضَى كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ.
قَالَ السيِّدُ رَشِيدٌ رِضاً: (وَلا مَعْنَى عِنْدِي للخلافِ فِي وُجُوبِ الهجرةِ مِن الأَرْضِ الَّتِي يُمْنَعُ فِيهَا الْمُؤْمِنُ مِن الْعَمَلِ بِدِينِهِ، أَوْ يُؤْذَى إِيذَاءً لا يَقْدِرُ عَلَى احتمالِهِ.
أَمَّا المُقِيمُ فِي دَارِ الْكَافِرِينَ، ولكنَّهُ لا يُمْنَعُ، وَلا يُؤْذَى إِذَا هُوَ عَمِلَ بِدِينِهِ، بَلْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ، بِلا نَكِيرٍ، فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ).
3- قَالَ شيخُ الإِسْلامِ: (الإقامةُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَكُونُ الأسبابُ فِيهِ أَطْوَعَ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، وَأَفْعَلَ للحَسَنَاتِ والخيرِ؛ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُسْلِمُ أَعْلَمَ بِذَلِكَ، وَأَقْدَرَ عَلَيْهِ، وَأَنْشَطَ لَهُ - أَفْضَلُ مِن الإقامةِ فِي وَضْعٍ حَالُهُ فِيهِ دُونَ ذَلِكَ، فَالحُكْمُ عَلَى الإقامةِ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ يَتَعَلَّقُ بالشخصِ، وَمِنْ هُنَا كَانَت المُرَابَطَةُ فِي الثُّغُورِ أَفْضَلَ مِنَ المجاورةِ بالمساجدِ الثلاثةِ، قَالَ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ}. [الأنفال: 19].
4- الشَّخْصُ مَسْمُوعُ الكَلِمَةِ؛ الَّذِي يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤَدِّيَ رِسَالَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ حَسَنٍ، لا شَكَّ أَنَّ إِقَامَتَهُ حَيْثُ يَقْوَى عَلَى الدعوةِ خَيْرٌ لَهُ مِن الْحَيَاةِ فِي الوسطِ الطَّيِّبِ الصالحِ، أَمَّا الشخصُ الْعَادِيُّ فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ البيئةَ الصالحةَ الفاضلةَ، وَيُقِيمَ فِيهَا.
5- قَوْلُهُ: (لَكِنْ) يَقْتَضِي أَنَّ مَا بَعْدَهَا لَيْسَ كَمَا قَبْلَهَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مُفَارَقَةَ الأوطانِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّتِي هِيَ الهجرةُ المُعْتَبَرَةُ الفَاضِلَةُ قَد انْقَطَعَتْ، لَكِنَّ مُفَارَقَةَ الأوطانِ بِسَبَبِ نِيَّةٍ خالصةٍ لِلَّهِ تَعَالَى، كَطَلَبِ الْعِلْمِ، وَالفِرَارِ بِدِينِهِ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ، أَوْ للجهادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهِيَ بَاقِيَةٌ مَدَى الدَّهْرِ.
6- أَمَّا الْحَدِيثُ رَقْمُ (1099): فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الهجرةَ مِنْ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ انْقَطَعَتْ بَعْدَ فَتْحِهَا؛ لِكَوْنِهَا أَصْبَحَتْ بِلادَ مُسْلِمِينَ.
وبهذا فَإِنَّ فَضْلَ الهجرةِ فَاتَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا إِلاَّ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَقَدْ غَنِمَهَا السابقونَ الأَوَّلُونَ إِلَى الإِسْلامِ مِن المهاجرينَ، قَالَ تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}. [الحديد: 10].
7- وَعَلَى الَّذِينَ فَاتَتْهُم الهجرةُ أَنْ يَتَدَارَكُوا فَضْلَ الجهادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، والنِّيَّةِ الصالحةِ بِحُسْنِ الإِسْلامِ، والنُّصْحِ لِلَّهِ، وَرَسُولِهِ، وَدِينِهِ.
ولَقَدْ كَانَ هَذَا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، أَمْثَالِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، والحارثِ بْنِ هِشَامٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ – أَظْهَرُوا مِنْ حُسْنِ إسلامِهِم، والنُّصْحِ لَهُ أُمُوراً كَبِيرةً، وَصَارَ لَدَيْهِم رَغْبَةٌ شَدِيدَةٌ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَقْبَلُوا عَلَى الجهادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَبْلَوُا البلاءَ الْحَسَنَ حَتَّى اسْتُشْهِدُوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
8- أَمَّا الْحَدِيثُ رَقْمُ (1100) فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الهجرةَ مِنْ بلادِ الْكُفْرِ إِلَى بلادِ الإِسْلامِ لَمْ تَنْقَطِعْ، وَإِنَّمَا حُكْمُهَا بَاقٍ.
قَالَ فِي (شَرْحِ الإقناعِ): وَحُكْمُ الهجرةِ بَاقٍ لا يَنْقَطِعُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُعَاوِيَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)).
فَتَجِبُ عَلَى مَنْ يَعْجِزُ عَنْ إِظْهَارِ دِينِهِ بِدَارِ حَرْبٍ، وَتُسَنُّ لِقَادِرٍ عَلَى إِظْهَارِ دِينِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ تَكْثِيرِ الْكُفَّارِ، وَمُخَالَطَتِهِمْ، وَرُؤْيَةِ المُنْكَرِ بَيْنَهُمْ.
9- الْهِجْرَةُ قِسْمَانِ:
أحدُهُما: الهجرةُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهِيَ الَّتِي فَازَ بِهَا أَهْلُهَا مِن الصَّحَابَةِ مِنْ دُونِ سَائِرِ النَّاسِ، فَهَذِهِ انْقَطَعَتْ بِفَتْحِ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ.
الثَّانِي: الهجرةُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الإِسْلامِ، أَوْ مِنْ دَارِ البِدْعَةِ إِلَى دَارِ السُّنَّةِ، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ السُّنِّيَّ يُؤْمَرُ بالهجرةِ إِلَى حَيْثُ يُظْهِرُ شَعَائِرَ دِينِهِ؛ لِئَلاَّ يُفْتَنَ عَنْهُ وَيُؤْذَى.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الهجرة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir