دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب النفقات (1/8) [حديث: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) ]


بابُ النَّفَقَاتِ
عنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدُ بنتُ عُتبةَ –امرأةُ أبي سُفيانَ– على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَتْ: يا رسولَ اللَّهِ،إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ، لا يُعْطِينِي مِن النَّفَقَةِ ما يَكفينِي ويَكْفِي بَنِيَّ، إلَّا ما أَخَذْتُ مِنْ مالِهِ بغيرِ عِلْمِهِ، فهلْ عَلَيَّ في ذلكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فقالَ: ((خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.

  #2  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


بَابُ النَّفَقَاتِ
جَمْعُ نَفَقَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الشَّيْءُ الَّذِي يَبْذُلُهُ الإِنْسَانُ فِيمَا يَحْتَاجُهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِن الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ونحوِهِمَا.
1/1069 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ؛ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لا يُعْطِينِي مِن النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ، إلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ: ((خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ، وَمَا يَكْفِي بَنِيكِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قَالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ) بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، أَسْلَمَتْ عَامَ الْفَتْحِ فِي مَكَّةَ بَعْدَ إسْلامِ زَوْجِهَا، قُتِلَ أَبُوهَا عُتْبَةُ، وَعَمُّهَا شَيْبَةُ، وَأَخُوهَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَشَقَّ عَلَيْهَا ذَلِكَ، فَلَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ يومَ أُحُدٍ فَرِحَتْ بِذَلِكَ، وَعَمَدَتْ إلَى بَطْنِهِ فَشَقَّتْهُ، وَأَخَذَتْ كَبِدَهُ، فَلاكَتْهَا ثُمَّ لَفَظَتْهَا. تُوُفِّيَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
(امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ): أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، اسْمُهُ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ، أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ قَبْلَ إسْلامِ زَوْجَتِهِ حِينَ أَخَذَتْهُ جُنْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ الْفَتْحِ، وَأَجَارَهُ الْعَبَّاسُ، ثُمَّ غَدَا بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ.
(عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ)، الشُّحُّ: الْبُخْلُ مَعَ حِرْصٍ، فَهُوَ أَخَصُّ مِن الْبُخْلِ، وَالْبُخْلُ يَخْتَصُّ بِمَنْعِ الْمَالِ، وَالشُّحُّ بِكُلِّ شَيْءٍ.
(لا يُعْطِينِي مِن النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ، إلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ: خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ، وَيَكْفِي بَنِيكِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الاشْتِكَاءِ وَالاسْتِفْتَاءِ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَجَازُوا فِيهَا الْغِيبَةَ.
وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالأَوْلادِ عَلَى الزَّوْجِ. وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيراً؛ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَعَدَمِ الاسْتِفْصَالِ، فَإِنْ أَتَى مَا يُخَصِّصُهُ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ، وَإِلاَّ فَالْعُمُومُ قَاضٍ بِذَلِكَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْكِفَايَةُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لِلنَّفَقَةِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ؛ مِنْهُم: الْهَادِي وَالشَّافِعِيُّ، وَعَلَيْهِ دَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ: إنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالأَمْدَادِ، فَعَلَى الْمُوسِرِ كُلَّ يَوْمٍ مُدَّانِ، وَالْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَالْمُعْسِرِ مُدٌّ. وَعَن الْهَادِي: كُلَّ يَوْمٍ مُدَّانِ، وَفِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمَانِ للإِدَامِ.
وَعَنْ أَبِي يَعْلَى: الْوَاجِبُ رِطْلانِ مِن الْخُبْزِ كُلَّ يَوْمٍ فِي حَقِّ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي صِفَتِهِ وَجَوْدَتِهِ؛ لأَنَّ الْمُوسِرَ وَالْمُعْسِرَ مُسْتَوِيَانِ فِي قَدْرِ الْمَأْكُولِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَن اعْتَبَرَ التَّقْدِيرَ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ تَعَقُّباً لَهُ: لَيْسَ صَرِيحاً فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّ التَّقْدِيرَ بِمَا ذُكِرَ يَحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ، فَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَت الْكِفَايَةُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ.
وَفِي قَوْلِهَا: إلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلأُمِّ وِلايَةً فِي الإِنْفَاقِ عَلَى أَوْلادِهَا مَعَ تَمَرُّدِ الأَبِ، ودليلٌ أَنَّ مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ مَا يَجِبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهَا عَلَى الأَخْذِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا أَنَّهُ حَرَامٌ، وَقَدْ سَأَلَتْهُ: هَلْ عَلَيْهَا جُنَاحٌ؟ فَأَجَابَ بِالإِبَاحَةِ لها فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَأَقَرَّهَا عَلَى الأَخْذِ فِي الْمَاضِي.
وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الحديثِ فِي الْبُخَارِيِّ: ((لا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ)). وَقَوْلُهُ: ((خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ)) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فُتْيَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حُكْمٌ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ دُونِ نَصْبٍ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ: بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، لَكِنَّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: شَرْطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ غَائِباً عَن الْبَلَدِ، أَوْ مُتَعَزِّزاً لا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، أَوْ مُتَعَذِّراً، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو سُفْيَانَ فِيهِ شَيْءٌ منْ هذا، بَلْ كَانَ حَاضِراً فِي الْبَلَدِ، فَلا يَكُونُ هَذَا مِن الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، إلاَّ أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَفْسِيرِ سورةِ الْمُمْتَحَنَةِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اشْتَرَطَ فِي الْبَيْعَةِ عَلَى النِّسَاءِ: وَلا يَسْرِقْنَ، قَالَتْ هِنْدُ: لا أُبَايِعُكَ عَلَى السَّرِقَةِ؛ إِنِّي أَسْرِقُ مِنْ مالِ زَوْجِي. فَكَفَّ، حَتَّى أَرْسَلَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ يَتَحَلَّلُ لَهَا مِنْهُ، فَقَالَ: ((أَمَّا الرَّطْبُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الْيَابِسُ فَلا)).
وَهَذَا الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَضَى عَلَى حَاضِرٍ، إلاَّ أَنَّهُ خِلافُ مَا بَوَّبَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، وكأَنَّهُ لم يَصِحَّ لهُ زيادةُ الحاكِمِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِصَّةَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ كَوْنِهِ فُتْيَا، وَبَيْنَ كَوْنِهِ حُكْماً، وَكَوْنُهُ فُتْيَا أَقْرَبُ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُطَالِبْهَا بِبَيِّنَةٍ، وَلا اسْتَحْلَفَهَا.
وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ حَكَمَ بِعِلْمِهِ بِصِدْقِهَا، فَلَمْ يَطْلُبْ مِنْهَا بَيِّنَةً، وَلا يَمِيناً، فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ: إنَّهُ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ، إلاَّ أَنَّهُ مَعَ الاحْتِمَالِ لا يَنْهَضُ دَلِيلاً عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ صُوَرِ الاحْتِمَالِ، إنَّمَا يَتِمُّ بِهِ الاسْتِدْلالُ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ وَأَوْلادِهِ، عَلَى أَنَّ لَهَا الأَخْذَ مِنْ مَالِهِ إنْ لَمْ يَقُمْ بِكِفَايَتِهَا، وَهُوَ الْحُكْمُ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إيرَادِ الْحَدِيثِ هَذَا هُنَا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ.

  #3  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


بَابُ النَّفَقَاتِ
مُقَدِّمَةٌ
النَّفَقَاتُ: جَمْعُ نَفَقَةٍ؛ كَثَمَرَةٍ.
قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: النُّونُ وَالفَاءُ وَالقَافُ أَصْلانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى انْقِطَاعِ شَيْءٍ وَذَهَابِهِ، وَالنَّفَقَةُ مِنْ هَذَا؛ لأَنَّهَا تَمْضِي لِوَجْهِهَا.
وَالنَّفَقَةُ: الدَّرَاهِمُ وَنَحْوُهَا مِنَ الأَمْوَالِ.
وَشَرْعاً: هِيَ كِفَايَةُ مَنْ يَمُونُهُ: طَعَاماً وَكِسْوَةً، وَمَسْكَناً، وَتَوَابِعَهَا.
وَالنَّفَقَاتُ أَصْنَافٌ:
- نَفَقَةُ الزَّوْجَاتِ.
- نَفَقَةُ الأَقَارِبِ.
- نَفَقَةُ المَمَالِيكِ مِنْ رَقِيقٍ وَحَيَوَانٍ.
وَالنَّفَقَةُ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ: قَالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}. [الطَّلاق: 7].
وَالسُّنَّةِ: لِحَديثِ: ((ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)). وَغَيْرِهِ.
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الجملةِ، فَتَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ: نَفَقَةُ نَفْسِهِ، ونفقةُ زَوْجَتِهِ وَبَهَائِمِهِ مَعَ اليَسَارِ وَالإعْسَارِ.
وَتَجِبُ عَلَيْهِ نفقةُ فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ؛ سَوَاءٌ أَكَانُوا وَارِثِينَ، أَمْ مَحْجُوبِينَ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ حَوَاشِيهِ، إِذَا كَانَ يَرِثُهُمْ بِفَرْضٍ، أَوْ تَعْصِيبٍ.
وَالنَّفَقَةُ عَلَى الأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَوَاشِي المَقْصُودُ بِهَا: الْمُوَاسَاةُ؛ وَلِهَذَا اشْتُرِطَ لَهَا شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: غِنَى المُنْفِقِ بِمَالِهِ، أَوْ كَسْبِهِ.
الثَّانِي: فَقْرُ المُنْفَقِ عَلَيْهِ.
وَالنَّفَقَةُ مُقَيَّدَةٌ بالمَعْرُوفِ، وَيَخْتَلِفُ العُرْفُ باختلافِ الأوقاتِ، وَالبُلْدَانِ، والأحوالِ؛ قَالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا}. [الطَّلاق: 7].
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. [البقرة: 228].
قَالَ شيخُ الإِسْلامِ: يَدْخُلُ فِي هَذَا جَمِيعُ الْحُقُوقِ الَّتِي للمَرْأَةِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَرَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ.
989 - عَنْ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ – امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ – عَلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ؛ لا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي ويَكْفِي بَنِيَّ، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فقالَ: ((خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- شَحِيح: عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ، مِنْ صِيَغِ المبالغةِ، وَمَعْنَاهُ: كَثِيرُ الشُّحِّ، وَالشُّحُّ: هُوَ البُخْلُ مِنَ الحِرْصِ، فَهُوَ أَخَصُّ مِن البُخْلِ، والحِرْصُ: هُوَ شِدَّةُ الرَّغْبَةِ فِي الشَّيْءِ.
- جُنَاح: بِضَمِّ الجِيم المُعْجَمَةِ، هُوَ الإِثْمُ.
- بِالْمَعْرُوفِ: يَعْنِي العُرْفَ وَالعَادَةَ؛ وَذَلِكَ يَكُونُ بِحَسَبِ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَعَادَاتِهِمْ، وَمَا يَتَعَارَفُونَهُ بَيْنَهُمْ فِي زَمَانِهِمْ، وَمَكَانِهِمْ، وَيُسْرِهِمْ، وَعُسْرِهِمْ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- وُجُوبُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ والأولادِ، وَأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا الأَبُ، فَلا تُشَارِكُهُ الأُمُّ فِيهَا، وَلا غَيْرُهَا مِنَ الأقاربِ.
2- النَّفَقَةُ تُقَدَّرُ بِحَالِ الزَّوْجِ وَحَالِ المُنْفِقِ، مِنْ حَيْثُ الغِنَى، والفَقْرُ، وَوَسَطُ الْحَالِ.
3- أَنَّ النَّفَقَةَ تَكُونَ بالمعروفِ؛ وَمَعْنَى الْمَعْرُوفِ: العُرْفُ وَالعَادَةُ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ باختلافِ الزمانِ، والمكانِ، وأحوالِ النَّاسِ.
4- أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النفقةُ، فَلَمْ يُنْفِقْ شُحًّا؛ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ؛ لأَنَّهَا نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ.
5- وَمِنْهُ أَنَّ المُتَوَلِّيَ عَلَى أَمْرٍ مِن الأمورِ يَرْجِعُ فِي تَقْدِيرِهِ إِلَيْهِ؛ لأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، فَلَهُ الوِلايةُ عَلَى ذَلِكَ.
6- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ؛ هَلْ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنداً حِينَ سَأَلَتْهُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا – هُوَ حُكْمٌ، فَيَكُونُ مِنْ بابِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ، أَمْ أَنَّهَا فَتْوَى؟
قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ هَذِهِ القصَّةَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ كَوْنِهَا فُتْيَا وَبَيْنَ كَوْنِهَا حُكْماً، وَكَوْنُهَا فُتْيَا أَقْرَبُ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُطَالِبْهَا بِبَيِّنَةٍ، وَلا اسْتَحْلَفَهَا، وَأَبُو سُفْيَانَ فِي الْبَلَدِ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ، وَالحُكْمُ لا يَكُونُ إِلاَّ بحضورِ الخَصْمَيْنِ كِلَيْهِمَا.
7- وَمِنْهُ أَنَّ هَذِهِ الشكايةَ وَأَمْثَالَهَا لا تُعْتَبَرُ مِن الغِيْبَةِ المُحَرَّمَةِ؛ لأَنَّهَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إِلَى وَلِيِّ الأَمْرِ، القَادِرِ عَلَى إِنْصَافِهَا وَإِزَالَةِ مَظْلِمَتِهَا.
8- وَمِنْهُ جَوَازُ مُخَاطَبَةِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ للحَاجَةِ، وعندَ الأمنِ مِنَ الْفِتْنَةِ.
9- عُمُومُ الْحَدِيثِ يُوجِبُ نفقةَ الأولادِ، وَإِنْ كَانُوا كِبَاراً، قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. [البقرة: 233].
10- وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ مَا يَجِبُ لَهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الخِفْيَةِ، وَيُسَمِّيهَا الْعُلَمَاءُ مَسْأَلَةَ الظَّفَرِ، وَهِيَ مسألةٌ خِلافِيَّةٌ، أَجَازَهَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ، وَالرَّاجِحُ التَّفْصِيلُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ سَبَبُ الْحَقِّ وَاضِحاً بَيِّناً فَلَهُ الأخذُ؛ لانتفاءِ الشُّبْهَةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ السببُ خَفِيًّا، فَلا يَجُوزُ؛ لِئَلاَّ يُتَّهَمُ بالأخذِ بالاعتداءِ عَلَى حَقِّ الغيرِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النفقات, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir