(مَسْأَلَةٌ: لَا يُقْبَل فِي الرِّوَايَةِ) مَجْنُونٌ) ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْخَلَلِ، وَسَوَاءٌ أَطْبَقَ جُنُونُهُ أَمْ تَقَطَّعَ، وَأَثَّرَ فِي زَمَنِ إفَاقَتِهِ (وَكَافِرٌ)، وَلَوْ عُلِمَ مِنْهُ التَّدَيُّنُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الْكَذِبِ ; لِأَنَّهُ لَا وُثُوقَ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ شَرَفِ مَنْصِبِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْكَافِرِ (وَكَذَا صَبِيٌّ) مُمَيِّزٌ (فِي الْأَصَحِّ) ; لِأَنَّهُ لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ قَدْ لَا يَحْتَرِزُ عَنْ الْكَذِبِ فَلَا يُوثَقُ بِهِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ إنْ عُلِمَ مِنْهُ التَّحَرُّزُ عَنْ الْكَذِبِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِالتَّمْيِيزِ لِلْعِلْمِ بِهِ فَإِنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْخَلَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا كَالْمَجْنُونِ.) فَإِنْ تَحَمَّلَ) الصَّبِيُّ (فَبَلَغَ فَأَدَّى) مَا تَحَمَّلَهُ (قُبِلَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ ; لِأَنَّ الصِّغَرَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الضَّبْطِ وَالتَّحَرُّزِ وَيَسْتَمِرُّ الْمَحْفُوظُ إذْ ذَاكَ، وَلَوْ تَحَمَّلَ الْكَافِرُ فَأَسْلَمَ فَأَدَّى قُبِلَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا الْفَاسِقُ يَتَحَمَّلُ فَيَتُوبُ فَيُؤَدِّي يُقْبَلُ
(وَيُقْبَلُ مُبْتَدِعٌ) لَا يُكَفَّرُ بِبِدْعَتِهِ (يَحْرُمُ الْكَذِبُ) لَا مِنْهُ فِيهِ مَعَ تَأْوِيلِهِ فِي الِابْتِدَاعِ سَوَاءٌ دَعَا النَّاسَ إلَيْهِ أَمْ لَا، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا لِابْتِدَاعِهِ الْمُفَسِّقَ لَهُ (وَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (مَالِكٍ) يُقْبَلُ (إلَّا الدَّاعِيَةَ) أَيْ الَّذِي يَدْعُو النَّاسَ إلَى بِدْعَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ أَنْ يَضَعَ الْحَدِيثَ عَلَى وَفْقِهَا أَمَّا مَنْ يُجَوِّزُ الْكَذِبَ فَلَا يُقْبَلُ كُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ أَمْ لَا، وَكَذَا مَنْ يُحَرِّمُهُ وَكُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ كَالْمُجَسِّمِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ لِعِظَمِ بِدْعَتِهِ وَالْإِمَامُ الرَّازِيُّ وَأَتْبَاعُهُ عَلَى قَبُولِهِ لَا مِنْ الْكَذِبِ فِيهِ
(وَ) يُقْبَلُ (مَنْ لَيْسَ فَقِيهًا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ) لِمَا تَقَدَّمَ مَعَ جَوَابِهِ (وَ) يُقْبَلُ (الْمُتَسَاهِلُ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ) بِأَنْ يَتَجَوَّزَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مِنْ الْخَلَلِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُتَسَاهِلِ فِيهِ فَيُرَدُّ (وَقِيلَ: يُرَدُّ) الْمُتَسَاهِلُ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ التَّسَاهُلَ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ يَجُرُّ إلَى التَّسَاهُلِ فِيهِ (وَ) يُقْبَلُ (الْمُكْثِرُ) مِنْ الرِّوَايَةِ (وَإِنْ نَدَرَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلْمُحَدِّثِينَ) أَيْ وَالْحَالُ كَذَلِكَ لَكِنْ (إذَا أَمْكَنَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْقَدْرِ) الْكَثِيرِ الَّذِي رَوَاهُ مِنْ الْحَدِيثِ (فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ) الَّذِي خَالَطَ فِيهِ الْمُحَدِّثِينَ فَإِنْ لَمْ يُمَكَّنْ فَلَا يُقْبَلُ فِي شَيْءٍ مِمَّا رَوَاهُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ فِي بَعْضٍ لَا تُعْلَمُ عَيْنُهُ.
(وَشَرْطُ الرَّاوِي الْعَدَالَةُ وَهِيَ مَلَكَةٌ) أَيْ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ (تَمْنَعُ عَنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ) وَتَطْفِيفِ تَمْرَةٍ (وَالرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ) أَيْ الْجَائِزَةِ (كَالْبَوْلِ فِي الطَّرِيقِ) الَّذِي هُوَ مَكْرُوهٌ وَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ لِغَيْرِ سُوقِيٍّ وَالْمَعْنَى عَنْ اقْتِرَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَا ذُكِرَ فَبِاقْتِرَافِ الْفَرْدِ مِنْ ذَلِكَ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ أَمَّا صَغَائِرُ غَيْرِ الْخِسَّةِ كَكِذْبَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَرَرٌ وَنَظْرَةٍ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمَنْعُ عَنْ اقْتِرَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا فَبِاقْتِرَافِ الْفَرْدِ مِنْهَا لَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ، وَفِي نُسْخَةٍ قَبِلَ الرَّذَائِلَ، وَهَوَى النَّفْسِ أَيْ اتِّبَاعَهُ، وَهُوَ مَأْخُوذُ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُتَّقِيَ لِلْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ مَعَ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ قَدْ يَتَّبِعُ هَوَاهُ عِنْدَ وُجُودِهِ لِشَيْءٍ مِنْهَا فَيَرْتَكِبُهُ، وَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ; لِأَنَّ مَنْ عِنْدَهُ مَلَكَةٌ تَمْنَعُهُ عَنْ اقْتِرَافِ مَا ذُكِرَ يَنْتَفِي عَنْهُ اتِّبَاعُ الْهَوَى لِشَيْءٍ مِنْهُ، وَإِلَّا لَوَقَعَ فِي الْمَهْوِيِّ فَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَلَكَةٌ تَمْنَعُ مِنْهُ وَتَفَرَّعَ عَلَى شَرْطِ الْعَدَالَةِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا يُقْبَلُ الْمَجْهُولُ بَاطِنًا، وَهُوَ الْمَسْتُورُ) لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ (خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ فَوْرَكٍ وَسُلَيْمٍ) أَيْ الرَّازِيُّ فِي قَوْلِهِمْ بِقَبُولِهِ اكْتِفَاءً بِظَنِّ حُصُولِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يُظَنُّ مِنْ عَدَالَتِهِ فِي الظَّاهِرِ عَدَالَتُهُ فِي الْبَاطِنِ (وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُوقَفُ) عَنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَالُهُ بِالْبَحْثِ عَنْهُ قَالَ
(وَيَجِبُ الِانْكِفَافُ) عَمَّا ثَبَتَ حِلُّهُ بِالْأَصْلِ (إذَا رَوَى) هُوَ (التَّحْرِيمَ) فِيهِ (إلَى الظُّهُورِ) لِحَالِهِ احْتِيَاطًا وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ مَعَ قَوْلِ الْإِبْيَارِيِّ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ التَّحْتَانِيَّةِ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ: إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ يَعْنِي فَالْحِلُّ الثَّابِتُ بِالْأَصْلِ لَا يُرْفَعُ بِالتَّحْرِيمِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَمَا لَا يُرْفَعُ الْيَقِينُ أَيْ اسْتِصْحَابُهُ بِالشَّكِّ بِجَامِعِ الثُّبُوتِ.
(أَمَّا) (الْمَجْهُولُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) (فَمَرْدُودٌ إجْمَاعًا) لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الْعَدَالَةِ وَظَنِّهَا (وَكَذَا مَجْهُولُ الْعَيْنِ) كَأَنْ يُقَالَ فِيهِ: عَنْ رَجُلٍ مَرْدُودٍ إجْمَاعًا لِانْضِمَامِ جَهَالَةِ الْعَيْنِ إلَى جَهَالَةِ الْحَالِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَإِنْ وَصَفَهُ نَحْوُ الشَّافِعِيِّ) مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الرَّاوِي عَنْهُ (بِالثِّقَةِ) كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ كَثِيرًا أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ وَكَذَلِكَ مَالِكٌ قَلِيلًا (فَالْوَجْهُ قَبُولُهُ، وَعَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ) ; لِأَنَّ وَاصِفَهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَا يَصِفُهُ بِالثِّقَةِ إلَّا، وَهُوَ كَذَلِكَ (خِلَافًا لِلصَّيْرَفِيِّ وَالْخَطِيبِ) الْبَغْدَادِيِّ فِي قَوْلِهِمَا لَا يُقْبَلُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَارِحٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْوَاصِفُ. وَأُجِيبَ بِبُعْدِ ذَلِكَ جِدًّا مَعَ كَوْنِ الْوَاصِفِ مِثْلَ الشَّافِعِيِّ أَوْ مَالِكٍ مُحْتَجًّا بِهِ عَلَى حُكْمٍ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى (, وَإِنْ قَالَ) نَحْوُ الشَّافِعِيِّ فِي وَصْفِهِ (لَا أَتَّهِمُهُ) كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُهُ (فَكَذَلِكَ) يُقْبَلُ وَخَالَفَ فِيهِ الصَّيْرَفِيُّ وَغَيْرُهُ لِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ تَوْثِيقًا (وَقَالَ الذَّهَبِيُّ لَيْسَ تَوْثِيقًا)، وَإِنَّمَا هُوَ نَفْيٌ لِلِاتِّهَامِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ مِنْ مِثْلِ الشَّافِعِيِّ مُحْتَجًّا بِهِ عَلَى حُكْمٍ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُرَادُ بِالْوَصْفِ بِالثِّقَةِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الرُّتْبَةِ.
(وَيُقْبَلُ مَنْ أَقْدَمَ جَاهِلًا عَلَى) فِعْلٍ (مُفَسِّقٍ مَظْنُونٍ) كَشُرْبِ النَّبِيذِ (أَوْ مَقْطُوعٍ) كَشُرْبِ الْخَمْرِ (فِي الْأَصَحِّ) سَوَاءٌ اعْتَقَدَ الْإِبَاحَةَ أَمْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ لِارْتِكَابِ الْمُفَسِّقِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِبَاحَةَ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ فِي الْمَظْنُونِ دُونَ الْمَقْطُوعِ أَمَّا الْمُقْدِمُ عَلَى الْمُفَسِّقِ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا.
(وَقَدْ اُضْطُرِبَ فِي الْكَبِيرَةِ فَقِيلَ:) هِيَ (مَا تَوَعَّدَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ) فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ (وَقِيلَ:) هِيَ (مَا فِيهِ حَدٌّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُمْ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا أَمْيَلُ وَالْأَوَّلُ مَا يُوجَدُ لِأَكْثَرِهِمْ، وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ. (وَ) قَالَ (الْأُسْتَاذُ) أَبُو إسْحَاقَ الإسفراييني (وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ: هِيَ (كُلُّ ذَنْبٍ وَنَفَيَا الصَّغَائِرَ) نَظَرًا إلَى عَظَمَةِ مَنْ عَصَى بِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَشِدَّةِ عِقَابِهِ وَعَلَى هَذَا يُقَالُ فِي تَعْرِيفِ الْعَدَالَةِ بَدَلَ الْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ وَكَبَائِرُ الْخِسَّةِ ; لِأَنَّ بَعْضَ الذُّنُوبِ لَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ اتِّفَاقًا (وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ) أَنَّهَا (كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ) هَذَا بِظَاهِرِهِ يَتَنَاوَلُ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ وَالْإِمَامُ إنَّمَا ضَبَطَ بِهِ مَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ مِنْ الْمَعَاصِي الشَّامِلُ لِتِلْكَ لَا الْكَبِيرَةِ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ اسْتِرْوَاحًا نَعَمْ هُوَ أَشْمَلُ مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ; وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ كُلٍّ مِنْ التَّعَارِيفِ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْكَبِيرَةِ مَعَ وُجُودِ الْإِيمَانِ بَدَأَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْدِيدِهَا بِمَا يَلِي الْكُفْرَ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ فَقَالَ (كَالْقَتْلِ) أَيْ عَمْدًا كَانَ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ بِخِلَافِ الْخَطَأِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ (وَالزِّنَا) بِالزَّايِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ {قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ: قَالَ: أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَك قَالَ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك قَالَ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ} فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا {وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (وَاللِّوَاطُ) ; لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَاءِ النَّسْلِ كَالزِّنَا، وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ لُوطٍ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ بِسَبَبِهِ كَمَا قَصَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ (وَشُرْبُ الْخَمْرِ)، وَإِنْ لَمْ تُسْكِرْ لِقِلَّتِهَا وَهِيَ الْمُشْتَدَّةُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ (وَمُطْلَقُ الْمُسْكِرِ) الصَّادِقِ بِالْخَمْرِ وَبِغَيْرِهَا كَالْمُشْتَدِّ مِنْ نَقِيعِ الزَّبِيبِ الْمُسَمَّى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَمَّا شُرْبُ مَا لَا يُسْكِرُ لِقِلَّتِهِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ فَصَغِيرَةٌ (وَالسَّرِقَةُ وَالْغَصْبُ) قَالَ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ أَرْضٍ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ} رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ وَقَيَّدَ جَمَاعَةٌ الْغَصْبَ بِمَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ رُبُعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ السَّرِقَةُ أَمَّا سَرِقَةُ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ فَصَغِيرَةٌ قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مِسْكِينًا لَا غِنَى بِهِ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ كَبِيرَةً.
(وَالْقَذْفُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} نَعَمْ قَالَ الْحَلِيمِيُّ قَذْفُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَالْحُرَّةِ الْمُتَهَتِّكَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ ; لِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِي قَذْفِهِنَّ دُونَهُ فِي الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةُ الْمُتَسَتِّرَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ أَمَّا قَذْفُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَمُبَاحٌ، وَكَذَا جَرْحُ الرَّاوِي وَالشَّاهِدِ بِالزِّنَا إذَا عُلِمَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ. (وَالنَّمِيمَةُ) وَهِيَ نَقْلُ كَلَامِ بَعْضِ النَّاسِ إلَى بَعْضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ} رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَيْضًا {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ يَعْنِي عِنْدَ النَّاسِ}. زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ {بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ يَعْنِي: عِنْدَ اللَّهِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ} أَمَّا نَقْلُ الْكَلَامِ نَصِيحَةً لِلْمَنْقُولِ إلَيْهِ فَوَاجِبٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةِ {يَا مُوسَى إنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوكَ}، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْغِيبَةَ وَهِيَ ذِكْرُ الشَّخْصِ أَخَاهُ بِمَا يَكْرَهُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَالْعَادَةُ قَرْنُهَا بِالنَّمِيمَةِ ; لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُدَّةِ قَالَ: إنَّهَا صَغِيرَةٌ وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهَا فَقَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهَا نَعَمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: إنَّهَا كَبِيرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَشْمَلُهَا تَعْرِيفُ الْأَكْثَرِ الْكَبِيرَةَ بِمَا تُوُعِّدَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ {قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي التَّنْزِيلِ {, وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} وَتُبَاحُ الْغِيبَةُ فِي مَوَاضِعَ مَذْكُورَةٍ فِي مَحَلِّهَا. (وَشَهَادَةُ الزُّورِ) ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهَا فِي حَدِيثٍ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي آخَرَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَهَلْ يَتَقَيَّدُ الْمَشْهُودُ بِهِ بِقَدْرِ نِصَابِ السَّرِقَةِ تَرَدَّدَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَزَمَ الْقَرَافِيُّ بِالنَّفْيِ بَلْ قَالَ، وَلَمْ تَثْبُتْ إلَّا فَلَسًا (وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ} رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ {مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ، وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ.) وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ} رَوَاهُ الشَّيْخَانِ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَةٍ يَعْنِي قَاطِعَ الرَّحِمِ وَالْقَطِيعَةُ فَعِيلَةٌ مِنْ الْقَطْعِ ضِدُّ الْوَصْلِ وَالرَّحِمُ الْقَرَابَةُ. (وَالْعُقُوقُ) أَيْ لِلْوَالِدَيْنِ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ فِي حَدِيثٍ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَفِي آخَرَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُهُمَا {الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ} وَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ {عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ} فَلَا يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُمَا كَالْوَالِدِينَ فِي الْعُقُوقِ) وَالْفِرَارُ) مِنْ الزَّحْفِ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ أَيْ الْمُهْلِكَاتِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ يَجِبُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةٍ فِي الْعَدُوِّ لِانْتِفَاءِ إعْزَازِ الدِّينِ بِثُبُوتِهِ (وَمَالُ الْيَتِيمِ) أَيْ أَكْلُهُ مَثَلًا قَالَ تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}، وَقَدْ عَدَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ.
أَمَّا الْكَذِبُ عَلَى غَيْرِهِ فَصَغِيرَةٌ (وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ) بِلَا حَقٍّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ} إلَخْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَسَبُّ الصَّحَابَةِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ} رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ {كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ} إلَخْ الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ السَّابِينَ نَزَّلَهُمْ لِسَبِّهِمْ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ عَلَّلَ بِمَا ذَكَرَهُ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ} أَيْ أَعْلَمْتُهُ بِأَنِّي مُحَارِبٌ لَهُ أَيْ مُعَاقِبٌ وَالصَّحَابَةُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَعَالَى وَسَبُّهُمْ مُشْعِرٌ بِمُعَادَاتِهِمْ أَمَّا سَبُّ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَصَغِيرَةٌ وَحَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ {سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ} مَعْنَاهُ تَكَرُّرُ السَّبِّ (وَكِتْمَانُ الشَّهَادَةِ) قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} أَيْ مَمْسُوخٌ (وَالرِّشْوَةُ) وَهِيَ أَنْ يَبْذُلَ مَالًا لِيُحِقَّ بَاطِلًا أَوْ يُبْطِلَ حَقًّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةٍ فِي الْحُكْمِ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ فِي رِوَايَةٍ أَيْضًا {وَالرَّائِشُ الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمَا} وَقَالَ فِيهِ بِدُونِ الزِّيَادَتَيْنِ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ بِدُونِهِمَا حَسَنٌ صَحِيحٌ أَمَّا بَذْلُ مَالٍ لِلْمُتَكَلِّمِ فِي جَائِزٍ مَعَ السُّلْطَانِ مَثَلًا فَجَعَالَةٌ جَائِزَةٌ.
(وَالدِّيَاثَةُ) وَهِيَ اسْتِحْسَانُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، وَفِي حَدِيثٍ {ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالدَّيُّوثُ وَرَجِلَةُ النِّسَاءِ} قَالَ الذَّهَبِيُّ إسْنَادٌ صَالِحٌ (وَالْقِيَادَةُ) وَهِيَ اسْتِحْسَانُ الرَّجُلِ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ وَهِيَ مَقِيسَةٌ عَلَى الدِّيَاثَةِ (وَالسِّعَايَةُ) وَهِيَ أَنْ يَذْهَبَ بِشَخْصٍ إلَى ظَالِمٍ لِيُؤْذِيَهُ بِمَا يَقُولُهُ فِي حَقِّهِ، وَفِي نِهَايَةِ الْغَرِيبِ حَدِيثُ السَّاعِي مُثَلِّث أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسِهِ وَالْمُسْعَى بِهِ وَإِلَيْهِ (وَمَنْعُ الزَّكَاةِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ، وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إلَّا إذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ} إلَخْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيَأْسُ الرَّحْمَةِ) قَالَ تَعَالَى {إنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (وَأَمْنُ الْمَكْرِ) بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَعَاصِي وَالِاتِّكَالِ عَلَى الْعَفْوِ قَالَ تَعَالَى {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}. (وَالظِّهَارُ) كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ {, وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا} أَيْ حَيْثُ شَبَّهُوا الزَّوْجَةَ بِالْأُمِّ فِي التَّحْرِيمِ (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ) أَيْ تَنَاوُلُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ تَعَالَى {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (وَفِطْرُ رَمَضَانَ) مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ; لِأَنَّ صَوْمَهُ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَفِطْرُهُ يُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثٍ مُرْتَكِبِهِ بِالدِّينِ. (وَالْغُلُولُ)، وَهُوَ الْخِيَانَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (وَالْمُحَارَبَةُ) وَهِيَ قَطْعُ الطَّرِيقِ عَلَى الْمَارِّينَ بِإِخَافَتِهِمْ قَالَ تَعَالَى {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الْآيَةَ (وَالسِّحْرُ وَالرَّبَّا) بِالْمُوَحَّدَةِ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُمَا مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَإِدْمَانُ الصَّغِيرَةِ) أَيْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ وَلَيْسَتْ الْكَبَائِرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا عَدَّهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْكَافِ فِي أَوَّلِهَا وَمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ} زَادَ الْبُخَارِيُّ {وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ} وَمُسْلِمٌ بَدَلَهَا {وَقَوْلُ الزُّورِ} وَحَدِيثُهُمَا {اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرَّبَّا وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} فَمَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْهَا وَقْتَ ذِكْرِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هِيَ إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ أَنْوَاعِهَا.