دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الصيام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 02:13 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [من مات وعليه صوم]

عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا، أَنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: ((مَن مَاتَ وَعَلَيهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)).
وأخرجهُ أبو داودَ وقالَ: هذا في النَّذْرِ، وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وعن عبدِ اللهِ بنِِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأقْضِيهِ عَنْهَا؟ قالَ: ((لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟)) قالَ: نَعَمْ، قالَ: ((فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى)).
وفي روايَةٍ:(( جَاءَت امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نذْرٍ، أَفأَصُومُ عَنْهَا؟ قالَ: ((أَرَايْتِ لَو كانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا))؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ)).

  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الأول: تصحيح الرواية)

حديثُ عائشةَ أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ : (( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ )) .
وأَخْرَجَه أبو داودَ وقالَ : هذا في النَّذْرِ وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ قالَ الشيخُ تقيُّ الدينِ : ليس هذا الحديثُ مما اتَّفَقَ الشيخان على إخراجِه وليس كما قالَ الشيخُ فقد أَخْرَجَه البخاريُّ ومسلِمٌ جميعاً كما نَبَّهَ عليه عبدُ الحقِّ في ( الجمْعِ بينَ الصحيحين ) وكذا ذكَرَه صاحبُ ( الْمُنْتَقَى ) ولعلَّ الواقعَ في نسْخِ شرْحِ العُمدةِ تحريفٌ وكأنه إنما قالَ: هذا الحديثُ مما اتُّفِقَ على إِخراجِه لأن المُصنِّفَ لما قالَ : وأَخْرَجَه أبو داودَ .
أرادَ الشيخُ أن يُبَيِّنَ إنه في الصحيحين كما هو شَرْطُ المُصنِّفِ ولو كانت ليس ثابتةً في الأصْلِ لقالَ : بل خَرَّجَهُ مسلِمٌ .

  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الْحَدِيثُ السادسُ والثمانونَ بَعْدَ الْمِائَةِ
عنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ مَاتَ وَعَلْيهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)).
وأخرجهُ أبو داودَ وقالَ: هذا في النَّذْرِ، وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: ظاهرُ الحديثِ وُجُوبُ قضاءِ الصيامِ عن المَيِّتِ وإجزاؤُهُ عنهُ، سواءٌ كانَ نذرًا أوْ كَفَّارةً أوْ منْ رمضانَ.
الثَّانِيَةُ: أنَّ الذي يَتَوَلَّى الصيامَ هوَ وَلِيُّهُ وهوَ الوارِثُ.
الثَّالِثَةُ: يَرَى بعضُ العلماءِ وُجُوبَ قضاءِ جميعِ الواجباتِ والحقوقِ عن المَيِّتِ، سواءٌ كانتْ دُيُونًا أوْ عباداتٍ بَدَنِيَّةً أوْ ماليَّةً.

الْحَدِيثُ السابعُ والثمانونَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: ((جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأقْضِيهِ عَنْهَا؟ قالَ: ((لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟)) قالَ: نَعَمْ، قالَ: ((فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقضَى)).
وفي روايَةٍ: ((جَاءَت امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ نذْرٍ، أَفأَصُومُ عَنْهَا؟ فقالَ: ((أَرَأَيْتِ لَو كانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا))؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ)).

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: عمومُ الروايةِ الأُولَى يُفِيدُ قضاءَ الصيامِ عن المَيِّتِ، سواءٌ كانَ نذرًا أوْ واجبًا أَصْلِيًّا، والروايةُ تُفِيدُ قضاءَ المنذورِ.
الثَّانِيَةُ: التَّشْبِيهُ الذي في الحديثِ يَدُلُّ على جميعِ الديونِ والحقوقِ التي على المَيِّتِ تُقْضَى عنهُ.

  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الحديثُ السابعُ والثمانونَ بعدَ المائةِ
عن عائشةَ رَضِي اللهُ عَنْها، أن رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
((مَنْ مَاتَ وَعَلْيهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)) .
وأخرجَه أبو داودَ وقال: هذا في النَّذْرِ خاصةً، وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ رَحِمَه اللهُ.
(187) المعنَى الإجماليُّ:
الدُّيونُ التي على الأمواتِ يجبُ قضاؤُها ، سواءٌ أكانت للهِ تعالى ، كالزَّكاةِ والصِّيامِ، أم للآدميِّينَ ، كالدُّيونِ الماليَّةِ.
وأولى مَن يتولَّى ذلك ورثتُهم، ولذا قال صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)).
ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1ـ ظاهرُ الحديثِ وُجوبُ قضاءِ الصِّيامِ عن الميِّتِ، سواءٌ أكان نذْراً، أم واجباً بأصلِ الشَّرعِ، خلافاً لتقْيِيدِ أبي داودَ. وَذَكَرَ ابنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أن إلحاقَ غيرِ الصَّومِ به هو من بابِ القياسِ ، وليس في هذا الحديثِ نصٌّ عليه.
2ـ أن الذي يتولَّى الصِّيامَ هو وليُّه.
والمرادُ به الوارثُ الذي انتفع بمُخَلَّفَاتِه.
فمِن مُقتضَى القيامِ بواجبِه قضاءُ دُيونِ اللهِ عنه.
اختلافُ العلماءِ :
اختلفَ العُلماءُ فيمَن مات وعليه صومٌ هل يُقْضَى عنه؟ على ثلاثةِ أقوالٍ:
أحدُها: لا يُقْضَى عنه بحالٍ، لا في النَّذرِ ، ولا في الواجبِ بأصلِ الشَّرعِ.
وهذا مذْهبُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ، والشَّافعيِّ في الجديدِ.
الثاني: يُصامُ عنه النَّذرُ دونَ الواجبِ بأصلِ الشَّرعِ.
وهذا مذْهبُ الإمامِ أحمدَ، وأبي عُبَيْدٍ، واللَّيْثِ، وإسحاقَ، ونصَرَهُ ابنُ القَيِّمِ.
الثالثُ: أنه يُصامُ عن الميِّتِ النَّذرُ والواجبُ بأصلِ الشَّرعِ.
وهو قولُ أبي ثوْرٍ وأصحابِ الحديثِ - ونَصَرَهُ ابنُ حزْمٍ، وردَّ قولَ مَن خالفه - وجماعةٍ من مُحدِّثِي الشَّافعيَّةِ، وهو قولُ الشَّافعيِّ في القديمِ، وعلَّق القولَ به على صحَّةِ الحديثِ.
قال الْبَيْهَقِيُّ: ولو وقفَ الشَّافعيُّ على جميعِ طُرقِ الأحاديثِ وتظاهُرِها، لم يخالفْها إنْ شاءَ اللهُ.
واختار هذا القولَ شيخُنا عبدُ الرَّحمنِ السَّعْدِيُّ ، وقال: إنه اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ في جميعِ الدُّيونِ التي على الميِّتِ للهِ، أو للآدميِّينَ، أوجبها على نفسِه، أو وَجَبَتْ بأصلِ الشَّرعِ.
استدلَّ المانعونَ مُطلقًا بأدلَّةٍ.
منها: قولُه تعالى : (وَأَنْ لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) .
وما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ: ((لاَ يُصَلِّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُمْ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ)).
ورُوي عن عائشةَ نحوُ ما رُوِي عن ابنِ عبَّاسٍ، وهما راويانِ لحديثَيِ الصِّيامِ عن الميِّتِ، وخالفاهما، فاتُّبِعَ رأيُهما، لا روايتُهما؛ لأنهما أعلمُ بمعنى الحديثِ.
واستدلَّ المُجوِّزونَ للقضاءِ مطلقاً بحديثِ البابِ، فإنه عامٌّ في الواجبِ بأصلِ الشَّرعِ والواجبِ بالنَّذرِ، وبحديثِ ابنِ عبَّاسٍ الآتي بعدَ هذا الحديثِ ، وهو : ((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صِيَامُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟)).
فقال : ((لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا " ؟ قال: نعم. قال: ((فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى)) قال ابنُ حَجَرٍ: إن أحمدَ ومَن معه حَمَلُوا العمومَ في حديثِ عائشةَ على المقيَّدِ في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ، وليس بينَهما تعارُضٌ حتَّى يُجْمَعَ بينَهما، فحديثُ ابنِ عبَّاسٍ صُورةٌ منفصلَةٌ يَسْأَلُ عنها مَن وقَعَتْ له، وأمَّا حديثُ عائشةَ فهو تقريرُ قاعدةٍ عامَّةٍ.
أمَّا المفصِّلونَ، وهم الذين يروْنَ القضاءَ في النَّذرِ دونَ الواجبِ بأصلِ الشَّرعِ، فيروْنَ أنَّ حديثَ البابِ، وحديثَ ابنِ عبَّاسٍ الذي بعدَه، مُقَيَّدَانِ بالرِّوَايةِ الثَّانيةِ عن ابنِ عبَّاسٍ المذكورةِ في هذا البابِ.
ونصرَ ابنُ القيِّمِ هذا القولَ في كتابَيْهِ [إِعْلاَمِ المُوَقِّعِينَ]و[تَهْذِيبِ السُّنَنِ] وقال: إنه أعدلُ الأقوالِ، وعليه يدلُّ كلامُ الصَّحابةِ.
وقال: وتعليلُ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ الذي قال فيه: ((لاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَيُطْعِمُ عَنْهُ)) مرادُه في الفرْضِ الأصليِّ.
وأما النَّذرُ فيُصامُ عنه، وما رُوِيَ عن عائشةَ في إفْتائِها في التي ماتت ، وعليها صومٌ أنه يُطْعَمُ عنها، إنما هو في الفرْضِ, لا في النَّذرِ.
وبهذا يظهرُ اتِّفاقُ الرِّواياتِ في هذا البابِ، وهو مُقتضى الدَّليلِ والقياسِ؛ لأن النَّذرَ ليس واجباً بأصلِ الشَّرعِ، وإنما أوْجبَه العبدُ على نفسِه، فصارَ بمنزلةِ الدَّيْنِ الذي استدانَه.
ولهذا شبَّهَهُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالدَّيْنِ، في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ.
ثم قال أيضاً: وسِرُّ الفرقِ أن النَّذرَ الْتِزَامُ المكلَّفِ لِمَا شَغَلَ به ذِمَّتَهُ ، لا أن الشَّارِعَ أَلْزَمَهُ به ابتداءً، فهو أخفُّ حُكماً ممَّا جعلَهُ الشَّارعُ حقًّا له عليه، شاء أم أبَى، والذِّمَّةُ تَسَعُ المقدورَ عليه، والمعجوزَ عنه.
بخلافِ واجباتِ الشَّرْعِ فإنها على قدرِ طاقةِ البدنِ. أهـ. مُلَخَّصاً مِنْهُ.
فائدةٌ:
قضاءُ وَلِيِّهِ عنه من بابِ الاستحبابِ عندَ جماهيرِ العلماءِ , ما عدا الظَّاهِرِيَّةَ فقد أوجبوه.
وقالت الحنابلةُ: إن كان الميِّتُ خلَّفَ تَرِكَةً، وجب القضاءُ، وإلا استُحِبَّ . وقالوا: إن صامَ غيرُ الوارثِ أجزأَهُ.

الحديثُ الثامنُ والثمانونَ بعدَ المائةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما قال: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: يا رسولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟
قال: ((لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟)).
قال: نَعَمْ، قال: ((فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقضَى)) .
وفي روايةٍ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يا رسولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ نذْرٍ، أَفأَصُومُ عَنْهَا؟
قال: ((أَفَرَأَيْتِ لَوْ كانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ، أَكانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا))؟
قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ)).
(188) المعنَى الإجماليُّ:
وقَع في هذا الحديثِ روايتانِ، والظاهرُ من السِّياقِ، أنهما واقعتانِ لا واقعةٌ واحدةٌ.
فالأُولى: أن رجلاً جاء إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فأخبرَه أن أُمَّه ماتت ، وعليها صومُ شهرٍ ، فهل يقضيه عنها؟ .
والرّوايةُ الثَّانيةُ: أن امرأةً جاءت إليه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فأخبرته أن أُمَّها ماتت ، وعليها صومُ نذرٍ: فهل تصومُ عنها؟.
فأفتاهما جميعاً بقضاءِ ما على والدَيْهِمَا من الصَّومِ، ثم ضربَ لهما مثلاً يقرِّبُ لهما المعنَى، ويَزيدُ في التَّوضيحِ،
وهو: أنه لو كان على والدَيْهِمَا دَيْنٌ لآدمِيٍّ، فهل يقضيَانه عنهما؟ فقالا: نعم.
فأخبرهما أن هذا الصَّومَ دَيْنٌ للهِ على أبويْهِمَا، فإذا كان دَيْنُ الآدميِّ يُقْضَى، فدَيْنُ اللهِ أحقُّ بالقضاءِ.
ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1ـ عمومُ الرّوايةِ الأولى تُفيدُ أن الصِّيامَ يُقضى عن الميِّتِ، سواءٌ أكانَ نذراً، أم واجباً أَصْلِيًّا.
2ـ الرِّوايةُ الثَّانيةُ تدلُّ على قضاءِ الصِّيامِ المنذورِ عن الميِّتِ.
3ـ الظَّاهرُ أنهما واقعتانِ لرجُلٍ وامرأةٍ، فتبقى كلٌّ منهما على مدلولِها، ولا تقيَّدُ الأولى بالثَّانيةِ، بل تَبقى على عمومِها.
4ـ عمومُ التَّعليلِ الذي في الحديثِ يشملُ الدُّيونَ التي للهِ، والتي للخلقِ، والواجبةَ بنذرٍ، والواجبةَ بأصلِ الشَّرعِ، بأنها كلَّها تُقْضَى عن الميِّتِ، وهذا ما حكاه شيخُنا عبدُ الرَّحمنِ آلُ سعدِي عن تقيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ. رَحِمَهُمَا اللهُ.
5ـ فيه إثباتُ القياسِ، الذي هو أحدُ أصولِ الجمهورِ في الاستدلالِ، وقد ضرَب لهما النَّبِيُّ عليه الصَّلاةُ والسلامُ المثلَ بما هو معهودٌ لهما، ليكونَ الفهمُ أبلغَ ، وليُقرِّبَه من أذهانِهما؛ فإنَّ تشبِيهَ البعيدِ بالقريبِ، يُسَهِّلُ إدراكَهُ وفهمَهُ.
6ـ قولُه: ((فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ)). فيه دليلٌ على تقديمِ الزَّكاةِ وحقوقِ اللهِ الماليَّةِ إذا تزاحمت حقوقُه وحقوقُ الآدميِّينَ في تركَةِ المتَوفَّى، وبعضُهم قال بالمُساواةِ بينَ الحقوقِ.

  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

192 - الحديثُ السّابعُ: عنْ عائشةَ، رضيَ اللهُ عنهَا: أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ))، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: هَذَا فِي النَّذْرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
ليسَ هذا الحديثُ مِمَّا اتفقَ الشيخانِ على إخراجِه، وهو دليلٌ بعمومِهِ على أنَّ الوليَّ يصومُ عن الميِّتِ، وأنَّ النِّيابةَ تدخلُ فِي الصَّومِ، وذهبَ إليهِ قومٌ وهوَ قولٌ قديمٌ للشافعيِّ. والجديدُ الذي عليهِ الأكثرونَ: عدمُ دخولِ النِّيابةِ فيهِ لأَّنهَا عبادةٌ بدنيَّةٌ. والحديثُ لا يقتضِي التَّخصيصَ بالنَّذرِ، كمَا ذكرَ أبو داودَ عنْ أحمدَ بنِ حنبلٍ. نَعَمْ قدْ وردَ فِي بعضِ الرِّواياتِ ما يَقْتضِي الإذنَ فِي الصَّومِ عن منْ ماتَ وعليهِ نذرٌ بصومٍ. وليسَ ذلكَ بمُقتضٍ للتخصيصِ بصورةِ النذرِ. وقد تكلَّمَ الفقهاءُ فِي المعتبرِ فِي الوَلايةِ، على ما وردَ فِي لفظِ الخَبرِ، أهو مطلقُ القرابةِ، أوْ بشرطِ العصوبةِ، أو الإرثِ؟ وتوقَّفَ فِي ذلكَ إمامُ الحرمينِ، وقالَ: لا نقلَ عندِي فِي ذلكَ. وقال غيرُهُ من فُضَلاءِ المتأخِّرينَ: وأنتَ إذا فحصتَ عن نظائرهِ، وجدتَ الأشبهَ اعتبارَ الإرثِ.

وقولُه: ((صامَ عنهُ وليُّه)) قيلَ: ليسَ المرادُ أنَّهُ يلزمهُ ذلكَ، وإنَّمَا يجوزُ ذلكَ لهُ إنْ أرادَ. هكذَا ذكرهُ صاحبُ التَّهذيبِ من مصنِّفي الشَّافعيةِ، وحكاهُ إمامُ الحرمينِ عنِ أبيهِ أبي مُحمّدٍ. وَفِي هذا بحثٌ، وهو أنَّ الصيغةَ صيغةُ خبرٍ، أعني ((صامَ)) ويمتنعُ الحملُ على ظاهرهِ، فينصرفُ إِلَى الأمرِِ، ويبقَى النظرُ فِي أنَّ الوجوبَ متوقِّفٌ على صيغةِ الأمرِ المعيَّنةِ. وَفِي ((افعلْ)) مثلاً، أو يعمُّها معَ ما يقومُ مقامَها.

وقد يؤخذُ منَ الحديثِ: أنَّهُ لا يصومُ عنهُ الأجنبيُّ، إمَّا لأجلِ التَّخصيصِ، معَ مناسبةِ الوَلايةِ لذلكَ، وإما لأنَّ الأصلَ عدمُ جوازِ النِّيابةِ فِي الصَّومِ؛ لأنهُ عبادةٌ لا يدخلُها النِّيابةُ فِي الحياةِ، فلا تدخلُها بعدَ الموتِ كالصلاةِ. وإذا كانَ الأصلُ عدمَ جوازِ النِّيابةِ وجبَ أنْ يُقتصَرَ فيهَا على ما وردَ فِي الحديثِ. ويجرِي فِي الباقِي علَى القياسِ، وقدْ قالَ أصحابُ الشافعيِّ: لوْ أمرَ الوليُّ أجنبيًّا أن يصومَ عنهُ بأُجْرَةٍ، أو بغيرِ أجرةٍ جازَ، كمَا فِي الحجِّ. فلو استقلَّ بهِ الأجنبيُّ، فَفِي إجزائهِ وجهانِ. أظهرهُمَا: المنعُ. وأمَّا إلحاقُ غيرِ الصَّومِ بالصَّومِ، فإنَّمَا يكونُ بالقياسِ، وليسَ أخذُ الحكمِ عنهُ من نصِّ الحديثِ.

193 - الحديثُ الثَّامنُ: عنْ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ، رضيَ اللهُ عنهمَا، قالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: ((لَوْ كانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟)) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضى)).
وَفِي روايةٍ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إِنْ أُمِّي ماتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فقالَ: ((أَرَأَيْتِ لَوْ كانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكانَ ذَلكَ يُؤدِّي عَنْهَا؟)) فقالتْ: نَعَمْ، قالَ: ((فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ)).

أمَّا حديثُ ابنِ عبّاسٍ: فقدْ أطلقَ فيهِ القولَ بأنَّ أمَّ الرجلِ ماتتْ وعليهَا صومُ شهرٍ، ولم يقيِّدْهُ بالنذرِ. وهوَ يقتضِي: أنْ لا يتخصَّصَ جوازُ النِّيابةِ بصومِ النَّذرِ، وهو منصوصُ الشَّافعيَّةِ، تفريعًا على القولِ القديمِ، خلافًا لما قالَه أحمدُ.
ووجهُ الدلالةِ من الحديثِ من وجهينِ. أحدهُما: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرَ هذا الحكمَ غيرَ مقيَّدٍ، بعدَ سؤالِ السَّائلِ مطلقًا عن واقعةٍ يُحتَملُ أنْ يكونَ وجوبُ الصومِ فيهَا عن نذرٍ. ويحتملُ أنْ يكونَ عن غيرهِ، فخرجَ ذلكَ على القاعدةِ المعروفةِ فِي أصولِ الفقهِ. وهوَ أنَّ الرسولَ عليهِ الصلاةُ و السلامُ إذا أجابَ بلفظٍ غيرِ مقيَّدٍ عن سؤالٍ وقعَ عنْ صورةٍ محتملةٍ أنْ يكونَ الحكمُ فيها مختلفًا أنّه يكونُ الحكمُ شاملاً للصُّورِ كلِّها. وهو الذِي يقالُ فيه: تركُ الاستفصالِ عن قضايَا الأحوالِ، مع قيامِ الاحتمالِ منزَّلٌ منزلةَ العمومِ فِي المقَالِ. وقد استدلَّ الشافعيُّ بمثلِ هذا، وجعلهُ كالعمومِ.

الوجهُ الثَّانِي: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ علَّلَ قضاءَ الصَّومِ بعلَّةٍ عامَّةٍ للنَّذرِ وغيرهِ، وهوَ كونهُ عليهَا، وقاسهُ على الدَّينِ. وهذهِ العلَّةُ لا تختصُّ بالنَّذرِ - أعنِي كونَهَا حقًّا واجبًا - والحكمُ يعمُّ بعمومِ علَّتهِ، وقد استدلَّ القَائلُونَ بالقياسِ فِي الشَّريعةِ بهذَا، من حيثُ إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاسَ وجوبَ أداءِ حقِّ اللهِ تعالى علَى وجوبِ أداءِ حقِّ العبادِ، وجعلهُ من طريقِ الأحقِّ. فيجوزُ لغيرهِ القياسُ لقولِه: (واتَّبِعُوهُ) [الأعرافِ 158] لاسيَّمَا وقولُه عليهِ الصلاةُ و السَّلامُ: ((أَرَأَيْتَ)) إرشادٌ وتنبيهٌ علَى العلَّةِ التِي هيَ كَشَيْءٍ مُستقرٍّ فِي نفسِ المخاطَبِ.

وَفِي قولهِ عليهِ الصلاةُ و السَّلامُ: ((فَدَيْنُ اللهِ أحقُّ بِالقَضَاءِ)) دلالةٌ علَى المَسائِلِ الَّتي اخْتَلَفَ الفُقَهاءُ فيهَا عِنْدَ تَزَاحُمِ حقِّ اللهِ تَعَالَى وحقِّ العبادِ؛ كَمَا إِذا مَاتَ وَعَلَيْهِ دينُ آدميٍّ ودينُ الزَّكَاةِ. وضاقت التَّركةُ عن الوفاءِ بكلِّ واحدٍ منهُمَا، وقد يَستدلُّ مَن يقولُ بتقديمِ دينِ الزَّكاةِ بقولهِ عليهِ الصلاةُ و السَّلامُ: ((فدينُ اللهِ أحقُّ بالقضَاءِ)).
وأما الرِّوايةُ الثانيةُ: ففيهَا مَا فِي الأُولَى من دخولِ النيابةِِ فِي الصَّومِ، والقياسِ على حقوقِ الآدميِّينَ، إلا أنهُ وردَ التَّخصيصُ فيهَا بالنَّذرِ، فقد يتمسَّكُ بهِ مَن يَرى التخصيصَ بصومِ النَّذرِ، إمَّا بأنْ يدلَّ دليلٌ على أنَّ الحديثَ واحدٌ. يُبَيَّنُ مِن بعضِ الرِِّوياتِ: أنَّ الواقعةَ المسؤولَ عنهَا واقعةُ نذرٍ، فيسقطُ الوجهُ الأوَّلُ. وهوَ الاستدلالُ بعدمِ الاستفصالِ إذا تبيَّنَ عينُ الواقعةِ، إلاَّ أنَّهُ قد يبعُدُ لتباينٍ بينَ الرِّوايتينِ. فإنَّ فِي إِحدَاهمَا: أَنَّ السائلَ رجلٌ، وَفِي الثانيةِ: أنه امرأةٌ, وقد قرَّرنا فِي عِلْمِ الحديثِ: أنه يُعرفُ كونُ الحديثِ واحدًا باتِّحادِ سندِهِ ومخرجِه، وتقاربِ ألفاظِه، وعلَى كلِّ حالٍ: فيبقَى الوجهُ الثَّانِي، وهوَ الاستدلالُ بعمومِ العِلَّةِ علَى عمومِ الحكمِ. وأيضًا فإنَّ معَنَا عمومًا، وهو قولُه عليِِه الصلاةُ و السَّلامُ: ((مَن ماتَ وعليهِ صيامٌ صامَ عنهُ وليُّه)) فيكونُ التَّنصيصُ على مسألةِ صومِ النَّذرِ معَ ذلكَ العمومِ راجعًا إِلَى مسألةٍ أصوليَّةٍ، وهو أنَّ التَّنصيصَ على بعضِ صُورِ العامِّ لا يقتضِي التَّخصيصَ، وهو المختارُ فِي علمِ الأصولِ. وقدْ تشَّبثَ بعضُ الشافعيَّةِ بأنْ يقيسَ الاعتكافَ والصَّلاةَ على الصَّومِ فِي النَّيابةِ، وربَّما حكاهُ بعضُهم وجهًا فِي الصَّلاةِ، فإن صحَّ ذلكَ فقدْ يستدلُّ بعمومِ هذا التَّعليلِ.

  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

وفي الحديث الثالث تقول رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: << من مات وعليه صيام صام عنه وليه >>.
هذا الحديث عظيم يدل على أن مات وعليه صيام يشرع لأوليائه وهم القرابة يشرع لهم أن يصوموا عنه، كأن يموت وعليه نذر، نذر طاعة، أو صوم كفارة، أو من رمضان لم يصمه، وهو يستطيع الصيام، ولكن تساهل وأخر القضاء، فإن المشروع لأوليائه أن يقضوا عنه، أولاده، إخوانه، غيرهم من أقاربه، زوجته، ولو صام عنه غير قريب أجزأ لأنه دين، والله أحق بالقضاء، والدين يقضيه القريب وغير القريب، لكن أقاربه أولى وأفضل لما فيه من الإحسان إليه وصلة رحمه، فإن لم يتيسر أن يقضي عنه أطعم عنه كل يوم مسكين.
أما قول أبي داود عن أحمد أن هذا في النذر خاصة فهو قول ضعيف، قول مرجوح، الصواب أنه عام، يعم النذر، ويعم رمضان، لأن الرسول عمم، من مات وعليه صيام، وهذا نكرة في سياق الشرط، تعم جميع أنواع الصيام الواجب تعم الكفارة والنذر ورمضان، الحديث يعم الجميع، فلا يجوز تخصيصه بالنذر إلا بدليل، وليس هناك دليل، وقد ثبت في حديث ابن عباس في مسند أحمد أن امرأة قالت: يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، فأصوم عنها؟ قال: أفرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته، اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء.
فجاءه وسأله سائلون عليه الصلاة والسلام أحدهم يقول: يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهره، والآخر يقول: إن أمي ماتت وعليها صوم شهرين، والآخر يقول: إن أمي ماتت وعليها صوم كذا، فيأمرهم النبي بالقضاء، ولا يستفصل، مايقول: هل هو من رمضان أو من غير رمضان؟ لا، مايستفصل، ولو كان حصل بنذر لا ستفصل عليه الصلاة والسلام، فلما عمم في الفتوى دل على العموم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: << من مات وعليه صيام صام عنه وليه، وهذا عام، جملة عامة تعم أنواع الصوم الواجب في النذر أو الكفارة أو من رمضان، إلا إذا كان أفطر من رمضان معذورا، كإن أفطر من مرض ومات في مرضه، أفطر في السفر ومات في سفره فلا مانع، أو أفطر لكن لم يعسن، قدر الأيام التي عليه، فإنه يصام عنه وما أدرك وهو صحيح، يصام عنه، ولو صيم عن كل شيء هذا إحسان ولا بأس، لكن يجب الصوم عنه إلا إذا فرط، إذا كان طال مرضه، تساهل، مضت أيام، لكن عليهم أن يصوموا. أما إذا كان مات في مرضه فهو معذور.
وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
- وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفاقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أنت قاضيه عنها؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى.
وفي رواية: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله علي وسلم فقالت: يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: أفرأيت لو كان على أمك دين فقضيته عنها أكان يؤدي ذلك عنها؟ فقالت: نعم، قال: فصومي عن أمك.
- وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس بخير ماعجلوا الفطر وأخروا السحور.
- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: << إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم.


الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد / فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالصوم.
في الحديث الأول أن رجلا قال: يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ وفي رواية أخرى أن امرأة قالت: يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ فقال له: النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق بالقضاء. وهكذا قال للمرأة: فصومي عنها.
هذا يدل على أن الرجل إذا مات والمرأة إذا ماتت وعليها صوم نذر أو كفارة أو رمضان لم تصمه وتيسر لها أن تقضي فإنه يصام عنها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق، ولم يقل هذا هو نذر أو غير نذر ولم يستفصل، فدل ذلك على أن من مات وعليه صيام يصام عنه، ويدل على هذا الحديث السابق، حديث عائشة: من مات وعليه صيام صام عنه وليه، فإنه عام، يعم صوم النذر وصوم الكفارة وصوم رمضان، إذا تساهل ولم يقض حتى مات، أما إذا مات في مرضه أو في سفره فهو معذور، في رمضان، لكن إذا أخر الصيام من غير عذر فإنه يقضى عنه، لهذا الحديث الصحيح وماجاء في معناه، ومن قال إنه خاص بالنذر فقوله ضعيف،. عام يعم النذر ويعم الكفارة ويعم صوم رمضان، ويدل على هذا ماتقدم، يقول صلى الله عليه وسلم: << من مات وعليه صيام صام عنه وليه >>. ولو كان خاصا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أفصح الخلق وأنصح الخلق عليه الصلاة والسلام، وعليه البلاغ، ولو كان هذا يخص النذر لبينه عليه الصلاة والسلام.
ويؤثر هذا ما ثبت في مسند أحمد بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة قالت: يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفأصوم عنه؟ قال: صومي عنها.

  #7  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 03:42 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

ثم بعده أحاديث في الصيام عن الميت . قوله صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) هذا الحديث متفق عليه ، ولما رواه أبو داود صرفه إلى أنه في النذر خاصة , ونقل ذلك عن الإمام أحمد وقال: إن الولي لا يقضي عن الميت صيام الفرض , وإنما يقضي عنه صيام النفل .
والمسألة فيها خلاف في قضاء الصوم عن الميت , هل يقضى عنه كل الصيام الفرض والنذر ، أو لا يقضى عنه إلا النذر فقط ؟
ذهب الإمام أحمد إلى أن القضاء خاص بالنذر لرواية في بعض الأحاديث كما سيأتي , وذكر أن هناك حديث بلفظ: ((لا يصلي أحد عن أحد , ولا يصوم أحد عن أحد)) لكن هذا الحديث محمول على الأحياء , فلا يصوم أحد من الأحياء عن أحد , بمعنى أن تقول له: أفطر يا أخي وأنا أصوم عنك في صيام الفرض مثلا ، أو صيام القضاء . أو أترك الصلاة وأنا أصلي لك ، أو صلاتي لك , ما يصلح ؛ وذلك لأن هذه العبادات تعبَّد الله بها الإنسان نفسَه , فهو مأمور بأن يفعل العبادة بنفسه ، ولا يصح أن يوكل غيره بالعبادات ، العبادات البدنية مقصود بها إظهار العبودية ، فالصيام مقصود به التعبد لله بترك هذه الشهوات . والصلاة مقصود بها تعبد هذا البدن ، وهذا الجسد بالذل والخضوع لله بهذه الصلاة , فلا يصح أن يتعبد عنه غيره .
لكن استثني من ذلك الميت لهذه الأحاديث ، فهذا الحديث عام ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) الصحيح أنه عام , يدخل فيه الفرض والنفل , فالفرض مثاله إذا أفطر , إذا أفطر لمرض أو لسفر ثم تمادى بعد أن انتهى رمضان وهو لم يصم , ثم أتاه الأجل فمات , فإنه والحال هذه يصوم عنه وليه . وخص العلماء ذلك بما إذا كان متمكنا ولم يفعل , مثاله إذا مرض في رمضان عشرة أيام وبعدما خرج رمضان شفي وزال مرضة وصح جسمه وتمكن من الصيام واستطاع الصيام ولكنه أفطر , لا لعذر بل إهمال وتفريط , ثم بعد ذلك عاوده المرض ومات في ذلك المرض الثاني . نقول: يصام عنه ؛ وذلك لأنه فرط , حيث قدر على الصيام ولم يصم .
أما إذا لم يفرط فلا . صورة ذلك ما إذا مرض , مرض في رمضان وأفطر لهذا المرض واستمر به مرضه , استمر بعد رمضان شهر شهرين أشهر وهو على فراشه على جنبه لا يستطيع أن يصوم لمرضه , مرضه الشديد الذي لا يتمكن معه من الصيام , نقول: إذا مات وهو على هذه الحال فلا قضاء عليه ولا كفارة ولا إطعام ولا قضاء على وليه ؛ وذلك لأنه لم يجب عليه , إنما يجب عليه إذا تمكن وهذا لم يتمكن .
...إنما يجب عليه إذا تمكن , وهذا لم يتمكن بل بقي على حالته حتى أتاه أجله , فلا يعد مفرطا ولا مهملا ، فعرفنا هنا الفرق بين من فرط ومن لم يفرط , فيقضى عن الذي فرط تمكن ولم يفعل , ولا يقضى عن الذي لم يفرط بل استمر به المرض والعذر إلى أن مات ، هذا بالنسبة للقضاء ، هذا إذا جعلنا القضاء عامّا عن الفرض والنفل ، بمعنى أنه يصوم عنه وليه أيامه التي من رمضان , ويصوم عنه أيامه التي نذرها ، أما النفل الذي هو نفل مطلق فالصحيح أنه يجوز أن يصوم يوما مثلا أو أياما ويهدي ثوابها لأبيه الميت ، أو لأمه ، أو لقريبه الميت , ويصل إليه الثواب إن شاء الله .
ذهب الإمام أحمد وكما عرفنا إلى أن القضاء خاص بصيام النذر , صورة ذلك أن يقول مثلا: إنْ ولد لي ولد في هذا الشهر فلله علي أن أصوم شهر أو أصوم عشرا ، أو أسبوعا , أو مثلا إن شفيت من هذا المرض فلله علي أن أصوم شهرًا أو يقول: إن شفي مريضي أو إن قدم غائبي سالما أو إن قدمت تجارتي سالمة , أو إن ربحت في هذه التجارة كذا وكذا فلله علي أن أصوم كذا وكذا يوماً , حصل الشرط: ربحت تجارته مثلا أو قدمت ..أو شفي مريضه أو شفي هو , أو نجح مثلا في أمره أو حصل الذي شرط , ولكنه مات قبل أن يصوم , ففي هذه الحال يصوم عنه وليه , كما يقضي عنه بقية النذور ، إذا نذر مثلا صدقة أو نذر حجا , أو نذر اعتكافا أو نحو ذلك , فإنه يقضيه عنه وليه . فكذلك الصيام , إذا نذر صوما ولم يصم حتى مات فإن عليه أن يصوم وليه .
أما الفرض فعند الإمام أحمد أنه لا يقضيه ولكن يتصدق ، يتصدق عنه , يخرَج من تركته بقدر ما عليه من الأيام ، أيام رمضان , عن كل يوم نصف صاع ، إذا كان عليه عشرة أيام تصدق من تركته بخمسة آصع من البر أو من الأرز عن كل يوم طعام مسكين , هكذا قال الإمام أحمد , يقول: يطعم عن الفرض كرمضان , ويقضى النذر .
وأما أكثر الأئمة فيقولون: لا فرق بينهما , بل يقضي الجميع , النذر والفرض كلاهما يقضى ، يقضيه أحد أقاربه ، لهذا الحديث: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) . ثم الولي هنا يدخل فيه كل الورثة , فيجوز أن يقتسم الورثة ، أن يقتسموا هذا الصوم , إذا كان مثلا له , له مثلا خمسة أبناء وخمس بنات , والأيام التي عليه عشرة فقالوا: نصوم نحن عشرة يوما واحدا, يصومون كلهم يومًا واحدًا ، فيكون بمنزلة صيام عشرة أيام ، عشرة أشخاص صاموا يوما واحدا فيقضي ذلك عنه . ويجوز أن يختص به أحدهم , فإذا قالت مثلا أمه: أنا أتبرع بأن أصوم عنه , أو كذلك زوجته أو أخته صامت عنه , أو كذلك ابنه أو أبوه , يجوز أن يتولى ذلك واحد منهم .
يستثنى من ذلك الكفارة , فالصحيح أنه يجب فيها التتابع , وحينئذ يتولاها واحد ، فإذا كان الميت عليه كفارة ككفارة القتل: صيام شهرين متتابعين , أو كفارة الوطء في نهار رمضان: صيام شهرين متتابعين , أو كفارة الظهار: صيام شهرين متتابعين , ففي هذه الحالة يتولاها واحد يقوم بصيام شهرين متتابعين ؛ لأنا لو قلنا: يصوم عشرة مثلا ستة أيام لم يكن في ذلك مشقة عليهم . والآية جاءت بلفظ التتابع , فلا بد أن تكون الأيام متتابعة يوما بعد يوم بعد يوم إلى أن يتم العدد , هكذا اختاره بعضهم وهوالراجح , وإن كان فيه قول بالجواز .
في الأحاديث الأخرى حديث ابن عباس وحديث عائشة , أن رجلا أو امرأة سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، الرجل قال: إن أبي مات وعليه صوم , والمرأة قالت: إن أبي مات وعليه صوم ، الرجل قال: صوم شهر , والمرأة قالت: صوم نذر ، كل منهم استأذن هل يقضي عن أبيه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه)) ؟ قال: نعم , قال: ((اقضِ الله , فالله أحق بالوفاء))، الله أحق أن يقضى دينه , فدين الله أحق أن يقضى , فهذا الصوم دين لله , شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بدين الآدمي . وهذا فيه أيضا دليل على المبادرة بقضاء دين الآدمي ، إذا مات قريب لك مثلا وأنت الذي ترثه وكان عليه دين ولم يخلف تركة فإنك مطالب بذلك , مطالب بأن توفي عنه لما في هذا الحديث: أكنت قاضيه ؟ , قال: نعم , قال: ((فدين الله أحق بالوفاء)) .
يقال كذلك في هذا الصوم , شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين , لكن معروف أن الدين يكون في التركة , ويقدم على الإرث وعلى الوصايا وعلى الحقوق كلها ؛ لأن الميت قد استوفى حقوق الناس في حياته , فيعطون دينهم ويوفون حقهم مِن تركته . أما إذا لم يكن له تركة فإن وفاء الدين على ورثته الذين لو كان فقيرا للزمتهم نفقته ، فكذلك يوفون دينه؛ وذلك لأنهم هم أقرب له , فأولاده مثلا يقومون بنفقته إذا احتاج , فيوفون دينه إذا كان عليه دين وهم ذوو سعة وذوو مقدرة . وكذلك أبواه إذا كان لا مال له كلِّف الأب أو الأم بالوفاء عنه كما يكلفان بالنفقة عليه في حياته , وهكذا أيضا الإخوة والأخوات والأعمام ونحوهم , يكلفون بأن يقضوا الدين كما أنهم يكلفون بالنفقة , وكما أنه لو خلف مالا لورثوه , فكذلك يوفون ما عليه من الحقوق .
فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل الدين في ذمة الميت , وجعل هذا الصيام من جملة الدين أو شبيها بالدين , فكما يوفى الدين فكذلكتوفى هذه الحقوق التي هي لله , وقال:((دين الله أحق بالوفاء))

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مات, من

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir