بابُ اللِّبَاسِ --> عنوان فيلوّن بالعنابي
مُقَدِّمَةٌ
كل هذا الكلام يُترك بالأسود لأنه ليس من المتن
لَبِسَ الثوْبَ؛ مِنْ بابِ: تَعِبَ، لُبْساً، بضَمِّ اللامِ، وأمَّا اللِّبْسُ؛ بكسْرِ اللامِ، واللِّباسُ، فهوَ ما يُلْبَسُ، وجَمْعُ اللِّباسِ: لُبُسٌ؛ مثلُ: كتابٍ وكُتُبٍ. وذَكَرَ اللِّباسَ بعدَ الصلاةِ؛ لأنَّ سَتْرَ العورةِ أحَدُ شُروطِ الصلاةِ؛ ولِذَا قالَ تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا} [الأعراف: 31].
ما يلون هو كلام الصحابي أو التابعي وليس (قال ابن كثير رحمه الله:)
قالَ ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: ولهذهِ الآيَةِ، وما وَرَدَ في مَعْنَاهَا مِن السُّنَّةِ، يُسْتَحَبُّ التجَمُّلُ عندَ الصلاةِ، ولا سِيَّمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ويومَ العيدِ، والطِّيبُ؛ لأنَّهُ مِن الزِّينةِ، والسُّوَاكُ؛ لأنَّهُ مِنْ تمامِ ذلكَ، ومِنْ أفْضَلِ الثيابِ البَيَاضُ.
والأصْلُ في اللِّباسِ الْحِلُّ كغيرِهِ مِنْ أنواعِ الْمُباحاتِ؛ كالمآكِلِ، والْمَشارِبِ، والْمَراكِبِ، والمساكِنِ، وغيرِها.
قالَ تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة: 29]. وقالَ تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32]. وَرَوَى البيهقيُّ عنْ عِمرانَ بنِ حُصينٍ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ)).
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: الأصْلُ في المعامَلاتِ والعاداتِ الإباحةُ، فلا يَحْرُمُ منها إلاَّ ما حَرَّمَهُ اللَّهُ ورسولُهُ.
وبهذا، فالشريعةُ الإسلاميَّةُ السَّمْحَةُ تُعْطِي المجالَ الواسِعَ في الاستمتاعِ بما أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ زِينةِ الحياةِ الدُّنيا، بلا حَرَجٍ ولا ضِيقٍ، أمَّا المُحَرَّماتُ فهيَ أشياءُ محدودةٌ معدودةٌ تَرْجِعُ إلى ضوابطَ تَحْصُرُها وتَحُدُّها، وذلكَ مِثْلُ: --> من الممكن أن تلوّن بالعنابي إذ يندرج تحتها الثلاث ضوابط التالية
أوَّلاً: الذهَبُ والفِضَّةُ والحريرُ للرِّجَالِ، ورَدَ في تَحْرِيمِها النصوصُ، وظَهَرَت الحكْمَةُ مِنْ مَنْعِهم منها.
ثانياً: التَّشَبُّهُ؛ إمَّا بالكُفَّارِ فيما اخْتُصُّوا بهِ، وصارَ سِيمَا لَهُمْ، فالتشَبُّهُ بهم محرَّمٌ، فمَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم، وإمَّا تَشَبُّهُ الرجالِ بالنساءِ أو العكْسِ؛ فإنَّ لكلِّ جنْسٍ مِن الذكورِ والإناثِ لِبَاساً خاصًّا، وهيئةً خاصَّةً، يَحْرُمُ على الجنْسِ الآخَرِ التشَبُّهُ بها، وقدْ وَرَدَت النصوصُ في هذا، وظَهَرَتْ آثارُ حِكمةِ اللَّهِ تعالى في ذلكَ.
ثالثاً: الإسرافُ والتبذيرُ وإضاعةُ المالِ في ذلكَ، فهوَ مُحَرَّمٌ؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى ذَمَّ أولئكَ، فقالَ: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 27].
فهذهِ الضوابطُ وأَمْثَالُها هيَ التي تُخْرِجُ العاداتِ عنْ أصْلِها مِن الْحِلِّ إلى الْحُرمةِ، ونُصوصُ ما أشَرْنا إليهِ مَوجودةٌ مَشهورةٌ، وما علينا إلاَّ الامتثالُ والوقوفُ عندَ حُدُودِ ما أَباحَ اللَّهُ تعالى.