المجموعة الثانية
س1: ما معنى المصحف؟ وما مبدأ التسمية به؟
المصحف : بضم الميم مصدر من أصحف فهو مصحف , أي : جعل في صحائف مضمومة إلى بعضها , مجموعة بين دفتين .
قال الخليل بن أحمد: (وسُمِّيَ المُصْحَفُ مُصْحَفاً لأنَّه أُصْحِفَ، أي جُعِلَ جامعاً للصُحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن).
مبدأ التسمية به :
العرب كانت أمة أمية لا تكتب ولا تقرأ , ولكن كان أول كتاب باللسان العربي هو القرآن الكريم , وقبل ذلك كانوا يكتبون ما يحتاجون إليه من عهود ومواثيق وغيرها في صحائف متفرقة لا تبلغ أن تكون كتابا .
ومن أشهر هذه الصحائف التي كتبوها , صحيفة الملتمس , والصحيفة الظالمة التي قاطعت فيها قريش بني هاشم , وصحيفة لقيط .
قال المتلمّس في خبر صحيفته:
مَنْ مُبلِغُ الشّعراءِ عن أخَوَيْهِمُ ... خَبَراً، فَتَصْدُقَهُم بذاكَ الأنفُسُ
أودى الذي عَلِقَ الصّحيفَةَ منهما ... ونَجَا حِذارَ حِبائِهِ المُتَلَمّس
والصحيفة تجمع على صحف وصحائف إذا كانت متفرقة غير مجموعة , فإذا جمعت وضم بعضها إلى بعض سميت مصحفا , وإذا تعددت أجزاءها سميت مصاحف ؛ ولذلك كانت تسمي العرب كتب أهل الكتاب مصاحف .
قال الشيخ عبد العزيز الداخل : ولم أقف على خبر صحيح في أوّل من سمَّى القرآن المكتوب مُصحفاً؛ إلا أنَّ تسميته بهذا الاسم جارية على الأصل في تسمية الصحفِ المجموعة إلى بعضها بين دفتين مصحفاً، ولأجل أنَّ المسلمين لم يكن لهم كتاب غيره اشتهرت تسميته بالمصحف حتى جُعلت علماً عليه.وهذا نظير أسماء القرآن الأخرى كالكتاب والذكر والفرقان؛ فإنها إذا أطلقت انصرفت إلى القرآن لأجل العهد الذهني في التعريف، وإذا وردت في سياق يراد به غيرها تقيدت به.
وبقي استعمال المصحف للصحف المضمومة بين دفتين بعد ذلك بزمن، حتى قال الجاحظ في كتاب "البيان والتبيين" : (كانت العادة في كتاب الحيوان أن أجعل في كل مصحف من مصاحفها عشر ورقات من مقطّعات الأعراب، ونوادر الأشعار)ا.هـ.
ومن ذلك يعلم أن الآثار التي وردت في ذكر تسمية المصحف بهذا الاسم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , وفي منشأ تسميته مصحف آثار ضعيفة معلولة ومن هذه الآثار :
حديث عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطوا أعينكم حظها من العبادة» ، قيل: يا رسول الله، ما حظها من العبادة؟، قال: «النظر في المصحف، والتفكر فيه، والاعتبار عند عجائبه» رواه أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان، وهو ضعيف جداً، بل حكم عليه الألباني بأنه موضوع، من أجل عنبسة الكوفي قال فيه أبو حاتم الرازي: كان يضع الحديث.
وقال الزركشي: ذكر المظفري في تاريخه لما جمع أبو بكر القرآن قال سموه فقال بعضهم:سموه إنجيلا فكرهوه وقال بعضهم سموه السفر فكرهوه من يهود فقال ابن مسعود رأيت للحبشة كتابا يدعونه المصحف فسموه به). وهذه الأخبار واهية من جهة الإسناد لا يُعوَّل عليها.
س2: ما الأسباب التي حملت عثمان بن عفان رضي الله عنه على جمع القرآن؟
من الأسباب التي حملت عثمان رضي الله عنه على جمع القرآن , أنه لما اتسعت رقعة الإسلام بالفتوحات الإسلامية , واهتم المسلمون بقراءة القرآن وحفظه , ظهر الخلاف بينهم في قراءاته , واشتد بينهم ذلك حتى أن جهالهم كفر بعضهم بعضا إن رأى غيره يقرأ بغير قراءته .
وحينما علم عثمان بن عفان رضي الله عنه بخبر هذه الفتنة وما حصل من الخلاف والتنازع بين المسلمين , من تفاقم هذا الأمر , وجاء حذيفة رضي الله عنه بخبر هذه الفتنة , فخطب عثمان رضي الله عنه في الناس , واستشار فقهاء الصحابة في جمع القرآن في مصحف إمام , ستنسخ منه المصاحف ويلغى ما يخالفه .
وورد في ذلك عدة آثار منها :
- خبر إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف قال: حدثنا ابن شهاب [الزهري] عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان - وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق - فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة؛ فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان؛ فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف).
- وروى يونس وابن وهب عن ابن شهاب أنه قال: (حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه اجتمع لغزوة أرمينية وأذربيجان أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة).
- وروى أبو إسحاق السبيعي عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: " أيها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون قراءة أبيّ وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به...).
س3: اذكر أسماء كتبة المصاحف العثمانية.
اختلف في عدد أسماء كتبة المصاحف العثمانية , وقد ذكر في كتاب المصاحف من حديث ابن سيرين عن كثير ابن أبي فليح أنهم اثني عشر رجلا من قريش والأنصار :
- زيد بن ثابت .
- عبد الله بن الزبير .
- سعيد بن العاص .
- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام .
- أبي بن كعب .
- كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري .
- مالك بن أبي عامر جد مالك بن أنس .
- أنس بن مالك .
- عبد الله بن عباس .
وعد ابن عباس وأنس بن مالك فقد روي في حديث لا يصح رواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّع الأنصاري عن الزهريّ , وهو متروك الحديث .
س4: لخّص الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما.
يتلخص الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما في الآتي :
1 – أن جمع أبي بكر كان سببه الحاجة إلى حفظ نسخة مكتوبة من القرآن بعد موت كثير من الحفظة في حرب الردة , أما سبب الجمع في عهد عثمان كان ما وقع من الفتنة والاختلاف في الأحرف التي يقرأ بها القرآن .
2 – أن جمع أبي بكر كان يكتفى في نسخه على أي حرف من الأحرف السبعة , أما جمع عثمان فكان الاجتهاد فيه على جمعه على حرف واحد موافق للسان قريش , ولا يخالف العرضة الأخيرة .
س5: ما المقصود بالعُسب واللخاف والرقاع والأكتاف والأقتاب؟
العسب : جمع "عسيب" وهو جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض .
اللخاف : هي الحجارة الدقاق , أو صفائح الحجارة .
الرقاع : جمع "رقعة" وقد تكون من جلد أو رق أو كاغد .
الأكتاف : جمع "كتف" وهو العظم الذي للبعير أو الشاة كانوا إذا جف كتبوا عليه .
الأقتاب : جمع "قتب" هو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه .
والله أعلم