س1: اذكر أهمّ المؤلفات في فضائل القرآن مع بيان طرق العلماء في التأليف فيها.
المؤلفات في فضائل القرآن كثيرة جدا ومنها:
1. فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي، وهو من أول مؤلف في هذا الفن ومن أجل الكتب في ذلك.
2. كتاب فضائل القرآن من صحيح البخاري, وأبواب فضائل القرآن من صحيح مسلم, , وكتاب فضائل القرآن من جامع الترمذي ,وفضائل القرآن في كتاب السنن لسعيد بن منصور الخراساني, وكتاب فضائل القرآن من مصنّف ابن أبي شيبة
3. كتاب فضائل القرآن لابن الضُّرَيس.
4. وكتاب فضائل القرآن لأبي بكر الفريابي.
5. وكتاب فضائل القرآن وتلاوته لأبي الفضل الرازي.
6. وفضائل القرآن لضياء الدين المقدسي.
7. وكتاب لمحات الأنوار ونفحات الأزهار وري الظمآن لمعرفة ما ورد من الآثار في ثواب قارئ القرآن لأبي القاسم محمد بن عبد الواحد الغافقي، وهو من أكبر الكتب المصنّفة في فضائل القرآن لكنّه لم ينقّحه فوقع فيه غثّ كثير.
8. الوجيز في فضائل الكتاب العزيز للقرطبي.
9. قاعدة في فضائل القرآن لابن تيمية.
10. فضائل القرآن لابن كثير، وهو جزء من مقدّمة تفسيره.
11. ومورد الظمآن إلى معرفة فضائل القرآن لابن رجب الحنبلي.
12. كتاب فضائل القرآن لمحمّد بن عبد الوهاب.
13. وموسوعة فضائل سور وآيات القرآن لمحمد بن رزق الطرهوني.
وطرق العلماء في التأليف في فضائل القرآن في أوّل الأمر قائماً على تفسير الآيات الدالة على فضل القرآن، ورواية الأحاديث والآثار الواردة في ذلك.
ثم اعتنى بعض العلماء بتدوين ما روي في فضائل القرآن؛ وكان التأليف فيه على أنواع:
1- رواية الأحاديث والآثار الواردة في فضائل القرآن بالأسانيد وضمّها إلى دواوين السنة؛ كما فعل البخاري ومسلم وابن أبي شيبة والترمذي.
2- إفراد فضائل القرآن بالتأليف المستقلّ؛ ورواية ما ورد فيه من الأحاديث والآثار بالأسانيد؛ كما فعل أبو عبيد القاسم بن سلام وابن الضريس والفريابي وأبو الفضل الرازي.
3- جمع ما رواه الأئمة وتصنيفه على الأبواب، محذوفة الأسانيد اختصاراً كما فعل ابن الأثير في جامع الأصول ، والغافقي في كتابه الكبير في فضائل القرآن.
4- الاقتصار على بعض الأبواب المهمّة وترجمتها بما يبيّن مقاصدها وفقهها، كما فعل شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهاب في تأليفه المختصر في ذلك.
5- التنبيه على بعض مباحث فضائل القرآن كما فعل كثير من المفسّرين في مقدّمات تفاسيرهم، وكما أفرد ابن تيمية رسالة لبيان قاعدة في فضائل القرآن.
6- إفراد فضائل بعض الآيات والسور بالتأليف كما أفرد أبو محمد الخلال جزءاً في فضائل سورة الإخلاص.
7- شرح معاني الآيات والأحاديث والآثار الواردة في فضائل القرآن كما فعل كثير من شرّاح الأحاديث.
8- عقد فصول في بعض الكتب لبيان بعض فضائل القرآن، كما فعل ابن تيمية في عدد من رسائله.
س2: ما الفرق بين أسماء القرآن وصفاته؟
هناك عدة فروق بين الاسم والصفة:
1- أن الاسم يصح أن يطلق مفردا معرفا ,قال الله تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} ، وقال: {تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده}، وقال: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} وقال: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز}.
وأما الصفات فهي لازمة للموصوف الظاهر, كقوله تعالى: {إنه لقرآن كريم} فإذا أفردت الصفة عن الموصوف؛ فقلت: "الكريم" انصرف المعنى إلى ما هو أقرب إلى الذهن. , أو المقدّر نحو قوله تعالى: {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين} على القول بأن مرجع اسم الإشارة إلى القرآن وهو أحد القولين في هذه الآية, فلا تدلّ الصفة بمجرّدها على الموصوف إلا أن يكون مذكوراً ظاهراً أو معروفاً مقدّراً
2- أن الصفة تحتاج إلى تعريف لتتضح دلالتها على الموصوف بخلاف الأسماء التي جعلت أعلاماً على المراد.
فقوله تعالى: {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا} وصف النور بما يدلّ على أنّ المراد به القرآن، ولو أفرد لفظ "النور" وعزل عن هذا السياق إلى سياق آخر لانصرف المعنى إلى ما هو أقرب إلى الذهن.
وقد توسّع بعض العلماء في تعداد أسماء القرآن؛ فعدّوا صفاته من أسمائه، واشتقّوا له أسماء من بعض ما أخبر الله به عنه، وهو خطأ بيّن.
وزعم الفيروزآبادي أن للقرآن مائة اسم وعدّ نيّفا وتسعين اسما منها، وفي كثير منها تكلّف لا يصحّ؛وأكابر العلماء يفرّقون بين الأسماء والصفات والأخبار.
3- أن الاسماء المتضمّنة للصفات يصحّ اعتبارها أسماء ويصح اعتبارها أوصافاً؛ فتقول: إن الفرقان من أسماء القرآن، وتقول: إن من صفات القرآن أنه فرقان, بعكس الصفات.
س3: اذكر أدلّة الصفات التالية للقرآن مع بيان معانيها بإيجاز.
أ - عظيم : من معاني هذه الصفة تتضمن عظمة قَدْرِهِ وَعَظَمَةَ صفاته.
فالقرآن عظيم القَدْرِ في الدنيا والآخرة:
فأما عظمة قدره في الدنيا فتتبين من وجوه كثيرة: أنه كلام الله تعالى ,وإقسام الله تعالى به ,وكثرة أسمائه وأوصافه الدالة على عظمة قدره, أنه حاكمٌ على ما قبله من الكتب، وناسخ لها، ومهيمن عليها, أنه فرقان بين الهدى والضلالة، والحقّ والباطل ,ويهدي للتي هي أقوم, ومصدر الأحكام الشرعية التي بها قيام مصالح العباد، وإليها يتحاكمون في فضّ منازعاتهم وحلّ مشكلاتهم ومعضلاتهم.
والأوجه الدالة على بيان عظمة قدْره كثيرة جداً يتعذّر حصرها.
وأما عظمة قدره في الآخرة فمن دلائلها ,أنه يظلّ صاحبه في الموقف العظيم, وأنه شافع مشفّع وماحل مصدّق, يحاجّ عن صاحبه ويشهد له, يرفع صاحبه درجات كثيرة, يثقّل ميزان أصحابه بكثرة ما يجدون من ثواب تلاوته.
وأمّا عظمة صفاته فبيانها من وجهين:
الوجه الأول: أن كلّ صفة وصف بها القرآن؛ فهو عظيم في تلك الصفة؛ فكرمه عظيم، وبركته عظيمة، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته التي اتّصف في كلّ صفة منها بالعظمة فيها.
والوجه الثاني: أن كثرة أسمائه وصفاته العظيمة دليل آخر على عظمته.
ب - قيم
قال الله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
وقوله تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)}
ولوصفه بالقيّم ثلاثة معان:
1- مستقيم لا عوج فيه، ولا خلل، ولا تناقض، ولا تعارض، بل يصدّق بعضه بعضاً، ويبيّن بعضه بعضاً، يأتلف ولا يختلف، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يهدي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم, قال الأمين الشنقيطي: (أي لا اعوجاج فيه ألبتة، لا من جهة الألفاظ، ولا من جهة المعاني)ا.هـ.
2- قيّم على ما قبله من الكتب ومهيمن عليها، وشاهد بصدق ما أنزل الله فيها.
3- به قَوَام أمور العباد وقيام مصالحهم وشرائعهم وأحكام عباداتهم ومعاملاتهم، ويهديهم للتي هي أقوم في جميع شؤونهم.
ج - هدى
ورد في مواضع كثيرة من القرآن؛بل أنه أول وصف وصِف به القرآن في قوله تعالى في أوّل سورة البقرة؛ {ألم . ذلك الكتاب لا ريب فيه . هدى للمتّقين}.
وقال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}
وقال: { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)}
وقال: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}
وقال تعالى: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)}
فهداية القرآن شاملة لجميع شؤون العباد، وفي كونها تهدي للتي هي أقوم في كلّ شأن.
وهي على مرتبتين:
المرتبة الأولى: هداية عامّة لجميع الناس؛ تدلّهم على الحق، وعلى صراط الله المستقيم؛
قال تعالى: {هدى للناس}.
والمرتبة الثانية: هداية خاصّة للمؤمنين يوفّقون بها لفهم مراد الله تعالى، ولما يتقرّبون به إليه؛ فيزيدهم هدى إليه, قال الله تعالى { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ }
فمن اهتدى بالقرآن هداه الله، ومن تمسّك به عُصم من الضلالة.
، وقد فسّر قول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تفرّقوا} بالاعتصام بالقرآن.
قال قتادة: (حبل الله المتين الذي أمر أن يُعتصم به: هذا القرآن) رواه ابن جرير.
وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجّة الوداع: (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله).
فمن تمسّك بالقرآن عُصم من الضلالة؛ وهذه من أعظم ثمرات هدى القرآن.
د- شفاء
ورد في مواضع من القرآن؛ منها قول الله تعالى: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ }
وقوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}
فوصفه الله بأنّه شفاء؛ وجعل هذا الشفاء منحة خاصّة للمؤمنين؛ ففيه شفاء لنفوسهم من عللها وأدوائها
وقد أنزل الله عزّ وجلّ هذا القرآن العظيم شفاءً للمؤمنين الذين آمنوا به واتّبعوا ما أنزل الله فيه من الهدى؛ فتحقّق لهم من الشفاء بقدر ما حقّقوا من الإيمان واتّباع الهدى.
ومن أبصرهذا أدرك عظيم منّة الله تعالى بهذا الشفاء العظيم؛ الذي حرم منه من حرم؛ فشقي في الدنيا والآخرة، وسعد به من عرف قدره وعظّمه فاغتبط به في الدنيا مع ما يرجو من فضل الله العظيم في الآخرة.
وقد جعل الله مع هذا الشفاء العظيم شفاءً من نوع آخر؛ فالقرآن رقية نافعة من العلل والأدواء التي تصيب الروح والجسد، فكم شُفي به من عليل عجز الأطبّاء عن علاجه؛ ليتبيّن الناس آية من آيات الله فيه, وكم أُبطل به من سحرٍ قد أضرّ وأنكى,وكم تعافى به من معيون ومحسود وممسوس وموسوس.
وكلّ ذلك من الدلائل البيّنة على ما جعل الله فيه من الشفاء المبارك.
س4: تحدّث عن بركة القرآن بإيجاز
ورد آيات كثيرة تدل بركة هذا الكتاب العظيم:
فقال الله تعالى: { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ .. (92)}
- وقال تعالى: { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}
- وقال تعالى: { وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)}
- وقال تعالى: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)}
فالقرآن مبارك ,والذي باركه هو الله جلّ وعلا، أي أودع فيه البركة، وهي الخير الكثير المتزايد,قال الزجّاج: (المبارك ما يأتي من قِبَله الخير الكثير).وقال الخليل بن أحمد: (البركة: الزيادة والنماء), وقيل: دالّ على الثبوت والدوام.
والخلاصة في معنى البركة :أنها خير كثير أصله ثابت، وآثاره تنمو وتتسع بطرق ظاهرة أو خفية, وكل هذا متحقق في بركة القران, وأنواع بركة القرآن كثيرة يتعذّر حصرها واستقصاؤها.
, وأصل بركاته وأعظمها: ما تضمّنه من بيان الهدى والتبصير بالحقائق في كل ما يُحتاج إليه؛ كما قال الله تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)}.
وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}.
والبصيرة هي أصل الهداية ؛ فإنّ من تبصّر عرف فاعتبر وادّكر، وحاجة العبد إلى التبصّر دائمة متعددة، ولذلك يزداد العبد بصيرة كلما أحسن تدبر القرآن, وبركة بصائر القران لها اصل وأنواع , فأصلها إخراج الناس من الظلمات الى النور,والهداية الى الصراط المستقيم,وأمّا الأنواع فكثيرة متجددة , وكم من حدث يحار فيه المؤمن ويرتاب ثم يجد في كتاب الله البصيرة والهداية لهذا الحدث,فكل بصيرة وهداية يتبصر بها العبد فهي من آثار بركة القران,
ومن بركات القرآن: أنّه حياة للمؤمن ورفعة له؛ وقد وصفه الله بأنّه روح لما يحصل به من الحياة الحقيقية، التي هي حياة القلب.
قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52){
وكلما ازداد نصيب العبد من الإيمان بالقرآن وتلاوته واتّباع هداه ازداد نصيبه من بركته والحياة به حتى يكون القرآنُ ربيعَ قلبه؛ لما يرى من حسنه وبركاته، وكثرة ما ينتفع به من ثمراته، ويجد من أنواع بركاته ما تقرّ به عينه، وتطيب به حياته, فهو يجلو الحزن، ويذهب الهمّ، وينير البصيرة، ويُصلح السريرة، ويشفي ما في الصدر, ومن بركته ما فيه من الشفاء الحسي والمعنوي, ولذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " أللهم إني عبدك ,ابن عبدك , ابن أمتك, ناصيتي بيدك, ماض في حكمك , عدل في قضاءك, أسألك بكل اسم هو لك , سميت به نفسك أو أنزلنه في كتابك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وذهاب همي وجلاء حزني وغمي".
فهو مبارك في قلب المؤمن ونفسه وحواسّه وجوارحه، يهديه ويثبّته، ويرشده ويبصّره، ويزداد بتلاوته إيمانا ويقينا، وطمأنينة وسكينة, ومبارك في المجلس الذي يقراء فيه فتنزل السكينة وتغشى الرحمة ,ويذكر الله أهل ذلك المجلس ,بل ويغفر الله لهم , ومبارك في البيت الذي يقراء فيه , فتحضر الملائكة وتهرب الشياطين ويكثر خيره , كما روى ثابت البناني عن أبي هريرة أنه كان يقول في البيت إذا تلي فيه كتاب الله اتّسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة، وخرجت منه الشّياطين, بل مبارك على الورق الذي يُكتب فيه؛ فالورق الذي يكتب فيه القرآن تكون له حرمة عظيمة، وأحكام كثيرة في الشريعة بسبب تضمّنه لهذا القرآن العظيم المبارك؛ فتشرع الطهارة لمسّه، ويجب تعظيمه، ويحرم الاستخفاف به بل يكفر من يدنّسه أو يطأ عليه امتهاناً له، وما كان ذلك الورق لينال تلك المكانة والحرمة في الشريعة إلا لتضمّنه كتاب الله تعالى؛ فما الظنّ بقلب حفظه ووعاه واتّبع هداه.
هذا تذكير ببعض بركات القرآن في الدنيا، وأما بركاته على صاحبه يوم القيامة فبركات جليلة القدر عظيمة الأثر: فهو أنيسه في قبره، وظلّه في الموقف العظيم، وقائده في عرصات القيامة، وحجيجه وشفيعه، ولا يزال به حتى يقوده إلى الجنة مكرماً.
- روى الإمام مسلم بإسناده عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة، وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة».
ومن أراد أن تحسن صحبة القرآن له في الآخرة فليحسن صحبته في الدنيا.
مما ينبغي أن يُعلم أن بركات القرآن إنما ينالها من آمن به واتّبع هداه؛ كما قال الله تعالى: { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}
وقال تعالى: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}.
س5: ما هي اقتراحاتك للطرق المناسبة لنشر فضائل القرآن في هذا العصر؟ وكيف يستفاد منها في الدعوة إلى الله تعالى؟.
إن هذا العصر هو عصر التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي , أيضا عصر الاحتراف وتقديم الأفكار المتقنة والجاذبة, لذلك أرى انشاء قنوات تتكلم عن فضائل القران وبلاغته واعجازة خلافا للقنوات الكثيرة الموجودة التي تركز على القراءة فقط,وان تكون بلغات مختلفة .
انشاء جامعات متخصصة في القرآن وعلومه حيث أن فضائل القرآن من علوم هذا الكتاب العظيم ,ويستقطب لها افضل المشايخ والبرامج وان تكون عامة لكل المسلمين والباحثين.وما هذا المعهد الا بذرة مباركة, ونبتة فاضلة من هذه الحديقة الغنّاء.
إقامة سلسلة محاضرات في المدن عن فضائل القران عظمة وهدى وشفاء ونورا وهكذا بحيث يلقي كل موضوع شيخ من المشائخ المختصين في دراسة القران وعلومه.
ربط كثير من طلبة العلم وحثهم على التركيز على هذه المواضيع وان يكون النصيب الأعظم من طلبهم دراسة القران وتدريسه ودعوة الناس اليه.
طرح هذه المواضيع على شكل دورات تدريبيه على نمط الدورات والمدربين الحديث .