مجلس مذاكرة القسم الرابع من الحزب 60.
تفسير سور: العاديات وحتى قريش.
السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب)
اذكر خمس فوائد سلوكية من دراستك لتفسير سورة العصر، وبيّن وجه دلالة السورة عليها
الفوائد السلوكية من دراسة تفسير سورة العصر:
1) أهمية الوقت فهو رأس مالي، ويجب علي استثماره بما يعود بأكبر نفع ممكن، والدليل قسم الله تعالى به في قوله:" والعصر".
2) عدم الاغترار بكثرة المغبونين في أوقاتهم وألا أنساق معهم في اللهو وتضييع العمر فيما ليس وراءه نفع ديني أو دنيوي، وذلك لقوله تعالى:" إن الإنسان لفي خسر" فبدأ سبحانه بالتعميم قبل الاستثناء.
3) الاستزادة من العلم الشرعي لما يعود به علي من زيادة الإيمان، وتصحيح العمل حتى يكون مقبولا عند الله عز وجل، قال تعالى:" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات".
4) الدعوة إلى دين الله والتواصي بالحق وقبول النصح والموعظة، وهذا سبيل النجاة من الخسران_ بعد الإيمان والعمل الصالح_ قال تعالى:" وتواصوا بالحق".
5) الصبر على الطاعات، والصبر عن المعاصي، والصبر على أقدار الله خاصة مايلقى الداعي من أذى في سبيل دعوته، قال تعالى:" وتواصوا بالصبر".
السؤال الثاني: اختر إحدى المجموعتين التاليتين وأجب على أسئلتها إجابة وافية.
المجموعة الأولى:
السؤال الأول:
فسّر قول الله تعالى:-
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)} العاديات.
تفسير قوله تعالى:" وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1):
يقسم الحق سبحانه بالعاديات ضبحا؛ وهي الخيل التي تعدو عدوا بليغا لتغزو في سبيل الله فيكون لأنفاسها صوت مسموع وهو الضبح، وهذا قول ابن عباس في معنى الآية، أما على رضي الله عنه فقد فسر العاديات بالإبل تعدو بالحجيج من عرفة إلى مزدلفة، فقد روى ابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ: عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ حدّثه، قال: بينا أنا في الحجر جالساً، جاءني رجلٌ فسألني عن: {العاديات ضبحاً}. فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل اللّه ثمّ تأوي إلى اللّيل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم.
فانفتل عنّي فذهب إلى عليٍّ رضي اللّه عنه وهو عند سقاية زمزم، فسأله عن: {العاديات ضبحاً}. فقال: سألت عنها أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عبّاسٍ، فقال: الخيل حين تغير في سبيل اللّه. قال: اذهب فادعه لي.
فلمّا وقف على رأسه قال: أتفتي الناس بما لا علم لك، واللّه لئن كان أوّل غزوةٍ في الإسلام بدرٌ، وما كان معنا إلاّ فرسان: فرس للزبير، وفرس للمقداد، فكيف تكون العاديات ضبحاً، إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منًى.
قال ابن عباس: فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال عليٌّ رضي اللّه عنه.وبقول ابن عبّاسٍ قال آخرون، منهم مجاهد وعكرمة وعطاء وقتادة والضحاك، واختاره ابن جريرٍ. ولابن عباس قول آخر رواه أبو بكر البزار قال ابن عباس: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خيلاً، فأشهرت شهراً لا يأتيه منها خبرٌ؛ فنزلت: {والعاديات ضبحاً}: ضبحت بأرجلها.
تفسير قوله تعالى:" فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)":
هي الخيل تضرب بحوافرها الأرض القاسيه فتقدح النار من صلابة حوافرهن واصطكاكها بالأحجار، وهذا قول ابن عباس وصوبه ابن جرير، وفال مجاهد وقول آخر لابن عباس: مكر الرجال، وقيل: هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم، وقيل إيقاد النار بمزدلفة.
تفسير قوله تعالى:"فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)":
هي الخيل تغير صباحا في سبيل الله، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير صباحا في سبيل الله وكان يتسمع الآذان فإن سمع وإلا أغار، ومن قال في العاديات أنه الإبل فسر الغارة أنها الدفع صباحا من مزدلفة إلى منى.
تفسير قوله تعالى:"فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)":
هو المكان الذي حلت فيه فأثارت فيه الغبار سواء كان في غزو أو حج.
تفسير قوله تعالى:" فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)} :
أي توسطن ذلك المكان كلهن جمع فيكون جمعا منصوبة على الحال، أو توسطن جمع الأعداء.
السؤال الثاني:
حرر القول في المسائل التالية:
1: معنى قوله تعالى: {فأمه هاوية} القارعة.
تحرير القول في معنى قوله تعالى:" فأمه هاوية":
1) فأمه: دماغه، هاوية: ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم، روي نحو هذا عن ابن عبّاسٍ وعكرمة وأبي صالحٍ وقتادة،ذكر ذلك ابن كثير. وقال به السعدي.
2) فأمه: أمه التي يصير إليها ويرجع إليها في الآخرة، هاوية: اسم من أسماء النار. قال ابن جرير قيل للهاوية أمه لأنه لا مأوى له غيرها، وقريب من ذلك قول ابن زيد وقرأ " ومأواهم النار" وقاله ابن أبي حاتم. وقد استدل ابن جرير لقوله بما رواه عن الأشعث بن عبد اللّه الأعمى قال: إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون: روّحوا أخاكم؛ فإنّه كان في غمّ الدّنيا، قال: ويسألونه: ما فعل فلانٌ؟ فيقول: مات، أوما جاءكم؟! فيقولون: ذهب به إلى أمّه الهاوية.ذكر ذلك عنهم ابن كثير، وقريب منه قول السعدي في أحد قوليه.
3) فأمه هاوية: مأواه ومسكنه النار ، وسميت هاويه لأنه يهوي فيها مع بعد قعرها،قال ذلك الأشقر.
وبالنظر في هذه الأقوال نجدها تؤول إلى قولين: أن الذي خفت موازينه يهوي بأم رأسه في النار؛ وهو قول ابن عباس وعكرمة وأبي صالح وقتادة،ذكر ذلك عنهم ابن كثير وبه قال السعدي، والقول الآخر أن النار هي مأواهم ومصيرهم وهي لهم بمنزلة الأم التي تؤيهم، وهو قول ابن زيد وابن جرير وابن أبي حاتم، ذكر ذلك ابن كثير وهو أحد قولي السعدي وبه قال الأشقر.
2: معنى اللام في قوله تعالى: {لإيلاف قريش}
تحرير معنى اللام في قوله تعالى: {لإيلاف قريش}:
جاء في معناها قولان:
الأول:أن اللام للسببية؛ وعلى هذا القول يكون للسورة تعلق بسابقتها وهي سورة الفيل، كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ لأن المعنى عندهما: حبسنا عن مكة الفيل، وأهلكنا أهله؛ {لإيلاف قريشٍ}. أي: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين
الثاني: أيضا اللام للسببية ولكن السبب هنا هو أمنهم في رحلتهم.أي ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم؛ لعظمتهم عند الناس؛ لكونهم سكان حرم اللّه، فمن عرفهم احترمهم، بل من ضوى إليهم وسار معهم أمن بهم، وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم.ذكر ذلك ابن كثير ولم ينسبه، وقرب منه قول السعدي أن الجار والمجرور متعلق بالسورة قبله؛ أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام، لأجل التجارة والمكاسب، وأيضا قريب منه قول الأشقر.
الثالث: أن اللام للتعجب؛ كأنه يقول: أعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك، قال: وذلك لإجماع المسلمين على أنّ السورتين منفصلتان مستقلتان).قال بذلك ابن جرير وصوبه، نقله عنه ابن كثير
وبالنظر في الأقوال نجد مآلها إلى قولين أن اللام سببية متعلقة مع مجرورها بالسورة قبلها،لأجل اجتماع قريش في وطنهم ولأجل أمنهم في رحلتي الشتاء والصيف أهلك الله عدوهم، وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ومحمد بن اسحاق وغيرهم كما ذكر ابن كثير وهو قول السعدي والأشقر. والثاني أن اللام للتعجب كما قال ابن جرير وعلل ذلك بانفصال السورتين فلا تعلق بينهما.