مجلس مذاكرة تفسير سورة النبأ
أولاً : السؤال العام : ذكر الموضوعات الرئيسية لسورة النبأ و ثلاث فوائد سلوكية مُحصّلة من تدبرها
• الموضوعات الرئيسية في سورة النبأ
1 – الأيات من 1 إلى 5 مقدمة السورة قرَّر فيها أنَّ وقوع البعث و الحساب و الجزاء حق
افتتح ربنا سبحانه و تعالى السورة بطرح قضية التكذيب بالبعث و الحساب و الجزاء فبدأ باستفهام استنكاري و تعجب من تساؤل الكفار عن هذه القضية و حقيقتها ثمّ زجرهم عن هذا التساؤل و قرَّر القضية بأوضح بيان و أبلغ عبارة
2 – الأيات من 6 إلى 16 التدليل على قدرة الله سبحانه و بحمده
ساق ربنا جلَّ و عزَّ في هذه الأيات مجموعة من الصور و الحقائق الكونية المشاهدة ؛ ما فيه الكفاية ليقول للإنسان أن الذي خلق هذه الأشياء و قدرها و صورها قادر على أن يحي الموتى و يبعثهم من قبورهم و يحاسبهم على أعمالهم ثم يجازيهم عليها ضمن سلسلة من الأحداث تبدأ بالنفخ في الصور النفخة الأولى و تنتهي بخلود كل فريق في عاقبته التي آل إليها
3 – الأيات من 17 إلى 20 تأكيد وقوع يوم القيامة
عرض ربنا جلَّ ثناءه في هذه الأيات بعضاً من الأحداث التي تقع يوم القيامة مؤكداً و قوعه في وقت محدد و مشعراً بعظمته و هول الأحداث فيه
4 – الأيات من 21 إلى 30 صفة جهنم و ما فيها من العذاب
حذَّر ربنا جلَّ شأنه في هذه الأيات من التكذيب بما تقدم من البعث و الحساب و الجزاء و الأيات الكونية و القرآنية و بيَّن أنَّ مصير المكذبين بها إلى نار جهنم ثمَّ بيَّن جانباً من ألوان العذاب فيها و أنَّ هذا المصير استحقوه بأعمالهم و أنَّ الله عاملهم بعدله
5 - الأيات من 31 إلى 36 صفة الجنة و ما فيها من النعيم
رغَّب ربنا سبحانه و تعالى في هذه الأيات المصدقين بما تقدم من البعث و الحساب و الجزاء و الأيات الكونية و القرآنية و بيَّن أنَّ مصير المؤمنين بها جنات فيها من النعيم ما ساق جانباً منه و أنَّ الله في هذا الجزاء عاملهم بفضله
6 – الأيات من 37 إلى 40 خاتمة السورة تُوضح للإنسان الإختيار الصحيح و تترك له حرية الإختيار
أكَّد ربنا تعالت قدرته عل أن البعث حق و الحساب حق و الجزاء حق و أنَّ الذي يفعل ذلك و القادر عليه هو رب السموات و الأرض ثمّ ترك الخيار للإنسان بأن يختار لنفسه إحدى النهايتين إما نعيم مقيم أو عذاب مقيم مع التهديد و الوعيد لمن تسول له نفسه التكذيب بهذه الثوابت أو الحقائق و هذا التهديد و الوعيد من رحمة الله بعباده
• الفوائد السلوكية من هذه السورة
اشتملت السورة على فوائد سلوكية كثيرة و كثيرة جداً منها
1 – تجنب التساؤل بين الإنسان و نفسه في حقائق و أصول الإيمان الكبرى فضلاً عن أن يكون هذا التساؤل بين الإنسان و غيره ذلك بأنَّ التساؤل مظهرٌ من مظاهر الشك و أنَّ ما في الكون المنظور و الكتاب المسطور من أيات و دلائل واضحات بينات تقطع دابر أي شكل من أشكال الشك فمن وجد في نفسه شيء من التساؤلات عن حقائق الإيمان الكبرى فليرجع إلى تدبر آيات الله في كونه المنظور و كتابه المسطور بصدق و إخلاص ففيها الشفاء و الغنية
2 – اعتقاد الإنسان بوقوع البعث و الحساب و الجزاء و أنَّ الذي يقوم بهذه الأمور الرب الرحيم العادل فيجازي المحسن بفضله – أي يعطيه أكثر مما عمل بكثير – و يجازي المسيء بعدله – أي بما عمل و يعفو عن كثير – يجعله - هذا الإعتقاد - يعيش حالة من الإطمئنان و السعادة و أنه يتقلب بين الفضل و العدل
3 – حرص الإنسان على التفكّر في جهنم و ما فيها من ألوان العذاب و الجنة و ما فيها من ألوان النعيم و أنه آيلٌ إلى إحداهما لا محالة ؛ له أكبر الأثر في استقامة الإنسان على شرع الله
ثانياً : المجموعة الأولى
1. تفسير قول الله تعالى:
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)}.
بعد أن بيَّن الله سبحانه و تعالى حال المجرمين المكذبين في الأيات المتقدمة على هذه الأيات ؛ بيَّن ما أعدَّه لعباده المتقين فقال إن للمتقين الذين اتقوا سخط ربهم فوزٌ بنجاتهم من النار و هو قول مجاهد و قتادة و فوزٌ بدخولهم الجنة و هو قول ابن عباس و قد رجحه ابن كثير بدليل الأية التي بعدها وقد ذكر الأشقر ( أن الْمفَاز هو الفَوْزُ والظَّفَرُ بالمطلوبِ والنجاةُ من النَّار )ِ ثمّ بيَّن الله سبحانه جانباً من صفة الجنة التي أعدها للمتقين بأنَّ فيها بساتين جامعة لكل أنواع الثمار و النباتات و خصَّ منها الأعناب و أنَّ فيها نساءٌ أثدائهن نواهد أي مرتفعة لم تتدلى قاله ابن عباس و مجاهد و أنَّهنَّ في سنٍ واحدة و أنَّ لهم فيها أشربة يتناولونها بكؤوس دهاقا أي مملوءة و متتابعة و صافية لا كدر فيها و هو خلاصة قول ابن عباس و عكرمة و مجاهدٌ والحسن وقتادة وابن زيدٍ و سعيد بن جبير و أنًّ من تمام نعيمها أنه ليس فيها لغو أي ليس فيها كلام لاغٍ و باطل لا فائدة فيه و ليس فيها تكذيب أي إثم و لا يكذِّب أهلها بعضهم بعضا
2 – تحرير القول في معنى الثجّ في قوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجّاجا}
في معنى الثَّج ستة أقوال
• الصَّبُ : قاله مجاهدٌ وقتادة والرّبيع بن أنسٍ ذكره ابن كثير
• التتابعُ : قاله الثّوريّ ذكره ابن كثير
• الكثرةُ : قاله ابن زيد ذكره ابن كثير و السعدي
• الصَّبُ و التتابع : قاله ابن جرير و نفى عن الثج معنى الكثرة ذكره ابن كثير
• الصَّبُ المتتابع الكثير : قاله ابن كثير و استشهد له بحديث المستحاضة حين قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (أنعت لك الكرسف). يعني: أن تحتشي بالقطن؛ فقالت: يا رسول اللّه هو أكثر من ذلك، إنّما أثجّ ثجًّا
• الصَّبُ بكثرة : ذكره الأشقر
3 – أ : المراد بالسراج الوهاج و فائدة هذا الوصف
المراد بالسراج الوهَّاج : الشمس و فائدة و صفها بذلك هو اجتماع الحرارة و النور فيها
3 – ب : الدليل على عدم فناء النار قوله تعالى {لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} أي ما لا انقطاع له، وكلّما مضى حقبٌ جاء حقبٌ بعده قاله قتادة والرّبيع بن أنسٍ. و الحسن و غيرهم ذكره ابن كثير و الأشقر