المجموعة الثالثة
س1: عدد مراتب طرق التفسير.
للتفسير عدة طرق منها :
أولا : تفسير القرآن بالقرآن .
ثانيا : تفسير القرآن بالسنة .
ثالثا : تفسير القرآن بأقوال الصحابة .
رابعا : تفسير القرآن بأقوال التابعين و من تبعهم بإحسان من الأئمة المهديين .
خامسا : تفسير القرآن بلغة العرب .
سادسا : تفسير القرآن بالاجتهاد المشروع .
وهذه الطرق غير مختلفة ولا متغايرة ولكن بينها تداخل و اشتراك , وبعضها يوضح بعض , ويعن بعضها بعضا على فهم معاني القرآن .
س2: هل يدخل الاجتهاد في تفسير القرآن بالقرآن؟
يدخل الاجتهاد في تفسير القرآن بالقرآن , وهو الذي يعتمد فيه المفسر على اجتهاده في استخراج بيان معنى آية من دلالة معنى آية أخرى من غير أن يكون فيها نص صريح في مسألة التفسير .
و هذا الاجتهاد قد يصيب فيه المجتهد وقد يخطئ , فما أصاب فيه مراد الله تعالى فقد وفق في بيان المراد من الآية بآية أخرى , وما أخطأ فيه , أو أصاب فيه بعض المعنى فلا يصح أن ينسب إفى تفسير القرآن بالقرآن .
س3: عدد ما تعرف من المؤلفات في تفسير القرآن بالقرآن.
لقد اعتنى بعض المفسرين بأن يكون تفسيرهم من قبيل تفسير القرآن بالقرآن فمن هذه التفاسير :
1 – مفاتيح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار و القرآن , للأمير الصنعاني .
2 – تفسير نظام القرآن وتأويل القرآن بالقرآن , لعبد الحميد الفراهي الهندي .
3 - تفسير القرآن بكلام الرحمن , لأبي الوفاء ثناء الله الآمرتسري الهندي .
4 - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن , لمحمد الأمين الشنقيطي .
س4: بيّن أنواع الأحاديث المتعلقة بالتفسير.
أنواع الحديث المتعلقة بالتفسير تنقسم إلى نوعين :
الأول : أحاديث تفسيرية , فيها نص على معنى آية أو معنى متصل بالآية .
مثاله : حديث أبي هريرة في تفسير قوله تعالى : ( يوم يكشف عن ساق ) , وفيه ( أن كل قوم يلحقوا بما كانوا يعبدون , ويبقى ناس على حالهم فيقال لهم : ماذا تنتظرون , فيقولون : ننتظر إلهنا , فيقال لهم هل تعرفونه , فيقولون : إذا تعرف إلينا عرفناه , فيكشف لهم عن ساقه فيقعون له سجدا , وذلك قوله تعالى : ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) ويبقى كل منافق لا يستطيع السجود ) .
الثاني : أحاديث ليس فيها نص على معنى الآية , ولكن يجتهد المفسرون في تفسير الآية بها بنوع من أنواع الاجتهاد , وهذا الاجتهاد قد يكون ظاهر الصحة , وقد يكون فيه بعد , وقد يحتمل المعنى ويكون محل نظر .
مثاله : تفسير ابن عباس "للمم" بحديث أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه) , فالحديث ليس فيه نص على معنى اللمم , ولكن اجتهد ابن عباس وفهم منها هذا المعنى .
س5: بيّن خلاصة القول في حديث معاذ بن جبل في طرق القضاء رواية ودراية.
الحديث ضعفه جماعه من أهل العلم لعلة في متنه , علة في اسناده :
أولا : الإسناد : سند الحديث منقطع وقد حكم الترمذي بأنه ليس بمتصل عنده , وكذلك البخاري قال إنه مرسل لا يصح .
و أيضا فيه الحارث بن عمرو وهو مجهول الحال .
ثانيا : المتن : و أعل بعض أهل العلم المتن لأنه يفهم منه أنه لا يقضى بالسنة إلا إذا لم يجد شيئا من كتاب الله , فطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون في كل وقت وهي غير موقوفة على عدم وجود نص من القرآن ؛ فالسنة مبينة للقرآن , ومقيدة لمطلقه , ومخصصة لعمومه .
ومن أهل العلم من فهم من الحديث أن هذا الترتيب ترتيب ذكري وليس ترتيب احتجاجي , واستدلوا به على تقديم النص على الرأي .
س6: بيّن أوجه تفضيل تفسير الصحابة رضي الله عنهم على تفسير من جاء بعدهم.
إن تفسير الصحابة للقرآن يعد أفضل ممن جاء بعدهم وذلك لما تميزوا به مما فضلوا به على من بعدهم و من اوجه تفضيلهم :
1 – كثرة اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ؛ فهم كانوا ملازمون له صلى الله عليه وسلم في الصلوات والغزوات , والخطب ومجالس القرآن و غيرها .
2 – أن الله تعالى قد رضي عنهم , وزكاهم , وطهر قلوبهم , وما فضلهم به من حسن الفهم و العلم الصحيح والعمل الصالح .
3 – تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لهم , وتزكيته لهم , وتأدبهم بالأدب النبوي .
4 – علمهم بالقراءات , والأحرف السبعة , والنسخ .
5 - علمهم مواضع و أسباب النزول وشهودهم لوقائعه .
6 – سلامتهم من الفتن ومن الأهواء والتفرق الذي حدث بعد زمانهم , وما قذفت به كل فرقة بما عندها من شبهات وضلالات .
فلهذه الأسباب فضل الصحابة على غيرهم ليس في التفسير فقط ولكن فضلوا على من بعدهم في كل شيء .
س7: ما هي أسباب اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في التفسير؟
من أسباب اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في التفسير :
1 – أن يقول كل صحابي بما بلغه من العلم , ويكون تمام المعنى بمجموع أقوالهم .
2 – أن يفسر كل واحد منهم بجزء من المعنى , فيكون في الآية مشترك لفظي أو أسلوبي فيفسر كل منهم بجزء منه .
3 – أن يقصد بعضهم إلى إلحاق معنى تشمله دلالة الآية وقد يغفل عنه , فيفسر الآية به تنبيها و إرشادا , ويفسر الآية غيره على ظاهرها .
4 – أن يفسر الآية بعضهم بمقصدها , ويفسرها بعضهم على ظاهرها .
5 - أن يتمسك أحدهم بنص منسوخ لا يعلم ناسخه , وهذا في الأحكام .
6 – أن يكون مستند أحدهم النص , و الآخر مسنده الاجتهاد .
7 – أن تكون المسألة اجتهادية فيختلف اجتهادهم في فهم المعنى .
8 – أن يفسر أحد بسبب النزول لعلمه بحاله , ويفسر أحدهم على اللفظ .
س8: بيّن مراتب الضعف فيما روي عن الصحابة في التفسير.
مراتب الضعف فيما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم على نوعين :
الأول : ما يكون ضعفه بسبب نكارة متنه , وهو على مرتبتين :
الأولى : أن يكون منكر المتن مع ضعف الإسناد .
حكمها : يحكم بضعفه ويرد , ولا يصح نسبتها للصحابة رضي الله عنهم .
الثانية : أن يكون منكر المتن مع صحة الإسناد في الظاهر .
حكمها : إذا عرفت العلة وتبين الخطأ عرف أن ذلك القول منكر فلا تصح نسبته إلى الصحابة رضوان الله عليهم .
الثاني : ما يكون ضعفه بسبب ضعف إسناده , وهو على ثلاث مراتب :
الأولى : الضعف اليسير , كمراسيل الثقات , أو فيها انقطاع يسير وغيرها مما يكون الإسناد فيها معتبرا قابل للتقوية بمجموع الطرق والمتن غير منكر .
حكمها : مرويات هذه المرتبة جرى عمل أئمة التفسير و الحديث على روايتها , إلا أن تتضمن حكما شرعيا فمنهم من شدد في ذلك إلا أن تحتف به القرائن كجريان العمل به .
الثانية : الضعف الشديد , وهو ما كان في إسناده واهيا غير معتبر , كمتروك الحديث , أو من اتهم بالكذب من غير أن يظهر في المتن نكارة .
حكمها : ليست حجة في التفسير , ولا تصح نسبة ما روي بأسانيدها للصحابة .
الثالثة : الموضوعات على الصحابة في التفسير .
حكمها : لا تحل روايتها إلا على سبيل التبيين , أو لفائدة عارضة يستفاد منها في علل المرويات .
س9: هل يحمل قول الصحابة في نزول الآية على الرفع مطلقاً؟ وضّح إجابتك.
قول الصحابي في نزول الآية على نوعين :
الأول : ما كلن نقلا صريحا في سبب النزول .
حكمه : يكون له حكم الرفع ؛ لأنه ينقل حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , والصحابة كلهم عدول فيما ينقلونه .
قال الحاكم : (الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا فإنه حديثٌ مُسند ) .
مسند : أي : مرفوع
مثاله : قول جابر رضي الله عنه : ( كانت اليهود تقول : من أتى امرأته في دبرها من قبلها جاء الولد أحول ؛ فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم ) الآية .
الثاني : ما يكون لبيان معنى تدل عليه الآية .
حكمه : يكون حكمه حكم اجتهاد الصحابة في التفسير .
مثاله : ما رواه ابن جرير عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، قال: سأل عبد الله بن الكوَّاء عليًّا عن قوله: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} قال: أنتم يا أهل حروراء).
فعلي بن أبي طالب رأى أن معنى الآية يتناولهم , لكنه لا يكفرهم و لكن شابهوا الكفار في هذا المعنى .
وبهذا يتبين أن قول الصحابي في نزول الآية لا يحمل على الرفع مطلقا ؛ فقد يراد به صريح سبب النزول , أو يراد به التفسير الذي يتناوله معنى الآية .
س10: متى يكون تفسير التابعين حجّة؟
يكون تفسير التابعين حجة في عدة حالات :
1 – الإجماع : حينما يتفقوا و لا يكون بينهم خلاف في التفسير . قال ابن تيمية : (إذا اجتمعوا على شيء فلا يرتاب في كونه حجة).
ويعرف الإجماع بشهرة القول وعدم المخالف .
2 – المرجح القوي : وذلك إذا تعددت الروايات عن جماعة منهم على قول واحد , أو علم أن ذلك التفسير أخذه التابعي عن الصحابي وليس اجتهادا منه , ولا أخذ من بني إسرائيل ؛ فإن ذلك من المرجحات التي يرجح بها القول على غيره ما لم تكن له علة أخرى .
3 – ما يكون صحيحا و دلالاته محتملة : فهذا محل نظر و اعتبار , لعدم الوقوف على ما يوجب رده .
أما إذا اختلف التابعون على أقوال لا يمكن الجمع بينها فلا يعد قول واحد منهم حجة على الآخر , بل يطلب الترجيح بين أقوالهم بطرق الترجيح المعروفة عند أهل العلم .
قال ابن تيمية : (متى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض).
و الله أعلم