المجموعة الرابعة:
س1: ما هي أسباب جمع أبي بكر رضي الله عنه للقرآن في مصحف واحد؟
أسباب جمع أبى بكر -رضي الله عنه- للقرآن:
1- انقطاع الوحي بوفاة النبى –صلى الله عليه وسلم- وزوال السبب المانع من جمعه في مصحف واحد.
2- إشارة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما استحرى القتلُ بالقراء في وقعة اليمامة - وذكر ابن كثير أنهم نحو خمسمائة.
3- حفظ نسخة مكتوبة من القرآن.
س2: ما مصير مصحف أبي بكر رضي الله عنه؟
ظل المصحف عند أبي بكرٍ –رضى الله عنه- حتّى تُوفي، ثمّ عند عمر –رضى الله عنه- حتّى توفي، ثمّ عند حفصة بنت عمر حتى وقت جمع عثمان –رضى الله عنه- لما رأى اختلاف الناس فيه، قأرسل إلى حفصة فأبت أن تدفعها إليه حتّى عاهدها ليردّنّها إليها، فبعثت بها إليه، فنسخها عثمان في هذه المصاحف، ثمّ ردّها إليها، فلم تزل عندها حتى توفاها الله، فأرسل مروان فأخذها فحُرّقت مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف لما نسخ عثمان -رضي الله عنه- فيرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول إنه قد كان شيء منها لم يكتب.
س3: ما موقف الصحابة رضي الله عنهم من جمع عثمان؟
أجمع الصحابة -رضوان الله عليهم- على استحسان ما فعله عثمان -رضي الله عنه- من جمع الناس على مصحف إمام، ولم يخالفه منهم أحد على أمر الجمع سوى ما ذكر عن ابن مسعود في أول الأمر، ثم إنه رجع عن المعارضة إلى موافقة ما أجمع عليه الصحابة، واستقرّ إجماع المسلمين على القراءة بما تضمنته المصاحف العثمانية وترك القراءة بما سواها.
موقف ابن مسعود –رضى الله عنه-:
قام ابن مسعود في الناس خطيباً واستنكر هذا الجمع أوّل الأمر لمّا بلغه، ثمّ إنه لمّا تبيّن له أن المصير إليه هو الحقّ رضي ما رضيه عثمان وسائر الصحابة واجتمعت عليه كلمة المسلمين.
سبب ذلك:
1- عدم اشتراكه فى الجمع مع زيد ابن ثابت –رضى الله عنهما- ومن جُعل من القراء والكتبة والمملين.
2- خوفه من ترك بعض الأحرف التي قرأ بها وتلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- كان من المعلّمين على زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الزمان، وهو نحو ثلاثين سنة أو تزيد
4- كان مقدَّما في إقراء القرآن وتعليمه، فلمّا اجتمع الناس لكتابة المصاحف لم يكن ممن يُستدعى لهذا الأمر الجلل، ويؤخذ من علمه فيه.
س4: هل كان الجمع العثماني مشتملاً على الأحرف السبعة أو على حرف منها؟
الأقوال فى المسألة:
القول الأول: حمل عثمان –رضى الله عنه- الناس على حرف واحد من تلك الأحرف السبعة، قول الحارث المحاسبي وابن جرير الطبري وابن القيّم وجماعة من أهل العلم .
وهذا القول لا يصحّ لأنَّ المصاحف العثمانية لم تكن منقوطة ولا مشكولة وقد وقع بينها اختلاف في بعض المواضع في الرسم، وكان القراء يقرؤون من قراءاتهم بما وافق الرسم، ويدعون ما خالف الرسم، فقرؤوا من الأحرف السبعة ما وافق الرسم، وبذلك نشأت القراءات المعروفة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين).
وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي: (كُتب القرآن بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قِطَعٍ من الجريد وغيره، تكون في القطعة الآية والآيتان وأكثر، وكان رسم الخطّ يومئذ يحتمل - والله أعلم - غالب الاختلافات التي في الأحرف السبعة، إذ لم يكن له شَكْل ولا نَقْط، وكانت تحذف فيه كثير من الألفات ونحو ذلك كما تراه في رسم المصحف، وبذاك الرسم عينه نُقِل ما في تلك القطع إلى صحف في عهد أبي بكر، وبه كتبت المصاحف في عهد عثمان، ثم صار على الناس أن يضبطوا قراءتهم، بأن يجتمع فيها الأمران: النقل الثابت بالسماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، واحتمال رسم المصاحف العثمانية، وبذلك خرجت من القراءات الصحيحة تلك التغييرات التي كان يترخَّص بها بعض الناس، وبقي من الأحرف الستة المخالفة للحرف الأصلي ما احتمله الرسم).
القول الثانى: جمع عثمان يحتمل الأحرف السبعة كلها، ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء والقراء والمتكلمين كالقاضي أبي بكر الباقلاني وغيره، وهذا القول بعيد مخالف لمقصود جمع عثمان -رضي الله عنه-.
حجتهم فى ذلك: أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة.
الرد على هذه الحجة: قال ابن الجزري في منجد المقرئين: (إذا قلنا: إنَّ المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة، وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم).
وقال أيضاً: (نحن نقطع بأن كثيراً من الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقرؤون بما خالف رسم المصحف العثماني قبل الإجماع عليه من زيادة كلمة وأكثر، وإبدال أخرى بأخرى، ونقص بعض الكلمات كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، ونحن اليوم نمنع من يقرأ بها في الصلاة وغيرها منع تحريم لا منع كراهة، ولا إشكال في ذلك، ومن نظر أقوال الأولين علم حقيقة الأمر، وذلك أن المصاحف العثمانية لم تكن محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أبيحت بها قراءة القرآن كما قال جماعة من أهل الكلام وغيرهم بناء منهم على أنَّه لا يجوز على الأمة أن تُهمل نقل شيء من الأحرف السبعة).
القول الراجح: أن عثمان اختار من الأحرف السبعة ما وافق لغة قريش والعرضة الأخيرة وقراءة العامّة، وبقي الرسم العثماني محتملاً لبعض ما في الأحرف الأخرى، قول مكيّ بن أبي طالب القيسي و أحمد بن عمار المقرئ و ابن الجزري والحافظ ابن حجر.
س5: هل كان جمع أبي بكر في صحف غير مرتبة السور أم في مصحف واحد؟
الأقوال فى المسألة:
القول الأول: ما جمعه أبو بكر –رضى الله عنه- كان في صحائف متفرقة، وأن آيات كلّ سورة فيه مرتبة، غير أنّه لم يكن مرتباً على السور، وأنّ عثمان هو الذي جمع القرآن في مصحف واحد ورتّبه على السور، قول ابن التين وتبعه ابن حجر، ونقله السيوطي عنه.
القول الثانى: ما جمعه أبو بكر -رضي الله عنه- قد جمع القرآن بين دفّتين.
والقول الثانى هو الصواب، وأدلته:
1- قول عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "رحم الله أبا بكر، كان أعظم الناس أجرا في القرآن، هو أول من جمعه بين اللوحين".رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم وابن أبي داوود وغيرهم.
2- قول صعصعة بن صوحان العبدي -كان من القراء في زمن عثمان-: "أول من جمع بين اللوحين، وورَّث الكلالةَ أبو بكر" رواه ابن أبي شيبة.
3- من ضرورة جمعه بين لوحين أن يكون له ترتيب، وإن لم نقف على تعيينه.
الآثار التي فيها أنَّ أبا بكر جمع القرآن في قراطيس أو صحف فينبغي أن تفهم بما يوافق هذه الآثار ولا يخالفها؛ فهي في قراطيس مجموعة في مصحف واحد، وفي صحف بين لوحين.