اذكر الفوائد التي استفدتها من قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} الآية.
1- في الآية احتجاج على مشركي العرب بإخبارهم عن بعض ما كان في الأمم السابقة مما لا يعلمه إلا من قرأ كتابا أو بالوحي، وقد كان صلى الله عليه وسلم أمي فلم يبق إلا أن يكون وحيا.
2- وفيها احتجاج أيضا على أهل الكتاب من اليهود والنصارى، أنه أنبأهم بما لا يدفعون صحته، وهو لم يقرأ كتبهم.
3- الموت لا يدفع بالهرب منه لأن الإماتة إنما هي بيد الله لا بيد غيره، فلا معنى لخوف خائف ولاغترار مغتر.
4- لن يغني حذر من قدر، ولا ملجأ من الله إلا إليه.
5- في الآية حث على الجهاد وتقديم بين يدي أمر المؤمنين من أمة محمد بالجهاد.
6- في إحيائهم دليل على وقوع البعث يوم القيامة.
7- يجب أن يشكر الناس فضل الله في إيجاده لهم ورزقه إياهم وهدايته بالأوامر والنواهي، فيكون منهم المسارعة إلى امتثالها لا طلب الخروج عنها.
8- فضل الله على الناس فيما يريهم من الآيات الباهرة والحجج القاطعة والدّلالات الدّامغة.
9- نعم الله على عباده لا تحصى ولا تعد ، فالله ذو الفضل والنعم والإحسان.
المجموعة الأولى:
1. حرّر القول في المراد بالذي بيده عقدة النكاح.
القول الأول: وهو الزوج ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس أيضا، وشريح أيضا رجع إليه، وقاله سعيد ابن جبير وكثير من فقهاء الأمصار، وهو الجديد من قولي الشّافعيّ، ومذهب أبي حنيفة. وأصحابه، والثّوريّ، وابن شبرمة، والأوزاعيّ، واختاره ابن جريرٍ
وحجة هذا القول:
1- أن هذا الولي لا يجوز له ترك شيء من صداقها قبل الطلاق فلا فرق بعد الطلاق.
2- وأنّ الّذي بيده عقدة النّكاح حقيقةً الزّوج، فإنّ بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها.
3- وأيضا فإنه إذا قيل إنه الولي فما الذي يخصص بعض الأولياء دون بعض وكلهم بيده عقدة النكاح وإن كان كافلا أو وصيا أو الحاكم أو الرجل من العشيرة؟
قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن ابن لهيعة، حدّثني عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم [قال]: " وليّ عقدة النّكاح الزّوج".
القول الثاني: أو الولي إذا كان أبا.ذكره الزجاج وابن عطية
قال ابن عباس وعلقمة وطاوس ومجاهد وشريح والحسن وإبراهيم والشعبي وأبو صالح وعكرمة والزهري ومالك وغيرهم: هو الولي الذي المرأة في حجره، فهو الأب في ابنته التي لم تملك أمرها، والسيد في أمته.
القول الثالث: الولي سواء كان أبا أو خا أو عما ذكره ابن عطية وابن كثير.
وروي عن علقمة، والحسن، وعطاءٍ، وطاوسٍ، والزّهريّ، وربيعة، وزيد بن أسلم، وإبراهيم النّخعيّ، وعكرمة في أحد قوليه، ومحمّد بن سيرين -في أحد قوليه، وقاله شريح فإنه جوز عفو الأخ عن نصف المهر، وقال وأنا أعفو عن مهور بني مرة وإن كرهن، لكن أنكر عليه الشّعبيّ، فرجع عن ذلك، وصار إلى أنّه الزّوج وكان يباهل عليه.
وهو مذهب مالكٍ، وقول الشّافعيّ في القديم.
وحجة هذا القول :
1- أنّ الوليّ هو الّذي أكسبها إيّاه، فله التّصرّف فيه بخلاف سائر مالها.
2- ويحتج من يقول إنه الولي الحاجر بـ:
- عبارة الآية، لأن قوله الّذي بيده عقدة النّكاح عبارة متمكنة في الولي.
- قوله إلّا أن يعفون لا تدخل فيه من لا تملك أمرها لأنها لا عفو لها فكذلك لا يغبن النساء بعفو من يملك أمر التي لا تملك أمرها.
- الآية إنما هي ندب إلى ترك شيء قد وجب في مال الزوج، يعطي ذلك لفظ العفو الذي هو الترك والاطراح وإعطاء الزوج المهر كاملا لا يقال فيه عفو.
وضعف ابن عطية هذه الحجة بقوله وفي هذا نظر
والراجح أنه الزوج لقوة الحجج فيه والله أعلم.
2: بيّن الحكم في حقّ المرأة من الصداق إذا طُلّقت قبل الدخول.
هنا حالتين الأولى: إذا لم يسميا بينهما صداق: فلا صداق لها ولها المتعة وجوبا، قال أبو ثور: (وأجمع أهل العلم على أن التي لم يفرض لها ولم يدخل بها لا شيء لها غير المتعة).
الحالة الثانية: إذا سميا الصداق ولم يخل بها ولم يدخل بها: فلها نصفه. وهو أمرٌ مجمعٌ عليه بين العلماء.
وعند أبي حنيفة ومالك وأحمد والشافعي في القديم: أنّه يجب جميع الصّداق إذا خلا بها الزّوج، وإن لم يدخل بها، وبه حكم الخلفاء الرّاشدون.
وقال الشّافعيّ:أخبرنا مسلم بن خالدٍ، أخبرنا ابن جريجٍ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: -في الرّجل يتزوّج المرأة فيخلو بها ولا يمسّها ثمّ يطلّقها -ليس لها إلّا نصف الصّداق؛ لأنّ اللّه يقول: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم} قال الشّافعيّ: هذا أقوى وهو ظاهر الكتاب.