دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 جمادى الآخرة 1440هـ/27-02-2019م, 11:45 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس العاشر: مجلس مذاكرة القسم الثالث من كتاب خلاصة تفسير القرآن

مجلس مذاكرة القسم الثالث من "خلاصة تفسير القرآن"

اختر مجموعة من المجموعتين التاليتين وأجب على أسئلتها إجابة وافية:

المجموعة الأولى:
السؤال الأول: بيّن الدلائل على كمال القرآن وحسن أسلوبه وقوّة تأثيره.
السؤال الثاني: بيّن بإيجاز الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية.
السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. التبصرة والتذكرة
2. العلم واليقين
3. الخوف والخشية
السؤال الرابع: أجب عما يلي:
أ- بيّن أنواع المعية وما يقتضيه كل نوع.
ب- ما هي أسباب الطغيان وما عاقبته؟
السؤال الخامس مثّل لعطف الخاص على العام، وبيّن فائدته.
السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. أخبر الله في عدة آيات بهدايته الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم، وتوبته على كل مجرم، وأخبر في آيات أُخر أنه لا يهدي القوم الظالمين، ولا يهدي القوم الفاسقين.
2. ورد في آيات من القرآن ذكر الخلود في النار على ذنوب وكبائر ليست بكفر وقد تقرر في نصوص أخرى أنَّ كلَّ مسلم يموت على الإسلام موعود بدخول الجنة.
السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}

المجموعة الثانية:
السؤال الأول: بيّن أنواع القلوب المذكورة في القرآن وأنواع أمراض القلوب وأسباب صحتها.
السؤال الثاني: بيّن أقسام الناس في مواقفهم من الدعوة، وكيف يُعامل كلّ قسم.
السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. الإسلام والإيمان
2. الفرح المحمود والفرح المذموم
3. التوبة والاستغفار
السؤال الرابع: أجب عما يلي:
ج - بيّن أنواع الهداية ودليل كل نوع.
هـ- ما فائدة النفي في مقام المدح؟

السؤال الخامس: مثل لختم بعض آيات الأحكام بالأسماء الحسنى في مقام ذكر الحكم، وبيّن الحكمة منه.

السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. ورود الأمر باللين مع بعض الكفار في مواضع من القرآن والأمر بالغلظة والشدة في مواضع أخرى.
2. في مواضع من القرآن أن الناس لا يتساءلون ولا يتكلمون، ومواضع أخرى ذكر فيها احتجاجهم وتكلمهم وخطاب بعضهم لبعض.

السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}


تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 جمادى الآخرة 1440هـ/1-03-2019م, 07:22 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

المجموعة الأولى:
السؤال الأول: بيّن الدلائل على كمال القرآن وحسن أسلوبه وقوّة تأثيره.
بين الله في القرآن جميع العلوم النافعة, قال تعالى:{ ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}، فاحتوى ما يحتاجه البشر من علوم إلى قيام الساعة, مثل: علوم الأصول وعلوم الفروع والأحكام، وعلوم الأخلاق والآداب، وعلوم الكون، وهو المرجع في الحقائق الشرعية والعقلية، فهو كلام الله سبحانه, فيستحيل أن يأتي علم صحيح أو عقل صريح يعارض ما جاء فيه, فقد قال تعالى فيه: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}.
- وقد جمع الوسائل (الهدى) والمقاصد (الحق), قال تعالى:{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}.
- وجمع كمال اللفظ والمعنى, فأخباره أصدق الأخبار وأحكامه أعدل الأحكام, قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
- وجمع الله فيه بين المتقابلات العامة، مثاله:
قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}فهذه الاية جمعت بين كل ما على العبد فعله(البر) من خير يحبه الله ويرضاه, وكل ما عليه اجتنابه(التقوى) مما يبغضه الله من الآثام والمضار.
وكذا قوله :{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} قد جمع بين زاد السفر في الدنيا وزاد السفر إلى الآخرة.
وجمع بين السير الحسي و السير المعنوي في قوله: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ} وغير ذلك من الأمثلة كثير.
وقد قال تعالى:{ما فرطنا في الكتاب من شيء}.

السؤال الثاني: بيّن بإيجاز الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية.
ربط الله سبحانه بين الأسباب والمسسببات, وبين لنا الأسباب, وأمرنا بالأخذ بها لنصل إلى المطلوب, ومن السباب التي ذكرت:
- الإيمان والعمل الصالح سببا في الحصول على خيرات الدنيا والآخرة, وبحسب ما حقق العبد منهما بحسب ما تحقق له ما ترتب عليهما من خير.
- التوكل على الله والقيام بالعبودية سببا لحصول كفاية الله, وهذا كقوله:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
- التقوى والسعي من أسباب حصول الرزق, قال تعالى{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} وقال: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}.
- كما كانت التقوى وصدق اللجوء إلى الله بالدعاء والإلحاح عليه به من أسباب تفريج الكربات ورفعها, قال تعالى:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}.
- الدعاء والطمع في ماعند الله سببا لحصول العبد على جميع مطالبه، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
- إحسان العبد في عبادته لربه, وإحسانه إلى الخلق سببا ينال به الإحسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
- الإيمان والتوبة والاستغفار وصبر العبد على ما يصيبه من مصائب كل ذلك من مكفرات الذنوب, قال تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} وقال:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} .
- وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين, قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} .
- ومن أسباب حصول العلم: حسن السؤال والانصات والتعلم والتقوى وحسن القصد, وهذا مثل قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
- الاستعداد للأعداء بكل ما قدر الاستطاعة سببا لحصول النصر قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .
- وكان اليسر يتبع العسر، قال تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.
- وكان شكر الله سببا في حفظ النعم وزيادته, قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
- ومحبة الله تنال باتباع نبيه-عليه الصلاة والسلام-, قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} .
- وتنال القناعة بملاحظة نعم الله والقيام بحق الشكر, وغض الطرف عما في أيدي الناس, قال تعالى: {قَالَ يا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
- والعدل سببا لصلاح الأحوال، والظلم سببا لفسادها, قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}.
- ودفع المعاصي والنجاة من الفتن سببه إخلاص القلب لله, قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} .
- ذكر الله والاستعاذة وقوة التوكل: من أسباب دفع تسلط الشيطان على العبد, وهذا في مثل قوله تعالى:{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}.
- والتفكر في آيات الله الشرعية والكونية من أسباب حصول اليقين, قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
- صلاح العقيدة والعمل وحسن الخلق سببا في دخول الجنة والبشارة عند الموت, قال تعالى: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}.
- وجعل الله أسبابا متنوعة للرزق, فإن تعسر أحدها يسر الآخر, وهذا من فضل الله ومنته على عبيده, قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} .
- ومن أراد الحصول على ثمرات الدعوة إلى الله; فعليه بما تضمنته هذه الآية: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
وغيرها كثير.

السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. التبصرة والتذكرة

التبصرة: هي كالمرتبة الأولى تكون بالعلم بالشيء والتبصر فيه.
أما التذكرة: فهي ثمرة التبصرة فتكون بالعمل بما علم اعتقادا وعملا.
فالعلم النافع الذي يسأله كل مسلم يقوم على ثلاثة أمور:
- أولا: التفكر بآيات الله الشرعية والكونية.
- ثانيا: التبصر, وهي إدراك معاني ما تفكر به وفهمها, وإلا فالتفكر المجرد عن الأثر لا جدوى منه.
- التذكر, وهذا هو الثمرة, فيعمل بما علم وفهم, ويكون عمله بحسب ما علم سواء كان اعتقادا أو عمل جوارح أو قولا أوعملا قلبيا.
وهذا تجسيد لمعرفة الحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه.

2. العلم واليقين
العلم: إدراك الشيء على ما هو عليه وما قام عليه الدليل، والنافع منه ما كان مصدره الوحي.
واليقين: منزلة أخص من العلم بأمرين:
1- اليقين وصف للعلم الراسخ القوي الذي لا يقع فيه الريب والشك, ويسمى علم يقين إذا ثبت بالخبر، ويتحول إلى عين يقين إذا حصلت المشاهدة بالعين الباصرة، ويكون حق يقين إذا ذاقه العبد وتحقق به.
2- أثر اليقين على العبد هو الطمأنينة بخبر الله وذكره، ويحمل اليقين صاحبه على الصبرعلى المكاره، والقوة في أمر الله، والشجاعة والتلذذ بالطاعات فجميعها وغيرها من آثار اليقين.

3. الخوف والخشية
الخوف: هو ما يمنع العبد من انتهاك ما حرم الله, والخشية مثله إلا إن الخشية مقترنة بالعلم ومعرفة الله سبحانه, فيكون الخوف من منزلة ومكانة وعظمة المخوف منه لا مجرد الخوف من العقاب نفسه.

السؤال الرابع: أجب عما يلي:
أ- بيّن أنواع المعية وما يقتضيه كل نوع.

الأولى: المعية العامة، وهذا في مثل قوله تعالى:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} فالمعية هنا معية صفات, معية علم وإحاطة.
الثانية: المعية الخاصة، وهي الأكثر في القرآن, وعلامة هذا النوع أن يقرنه الله بالاتصاف بالأوصاف التي يحبها، والأعمال التي يرضاها, وهذا مثل قوله:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} وقوله:{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ}, وهي معية نصر وتاييد وتسديد ونصيب العبد منها بمقدار ما اتصف من الأوصاف التي تجلب معية الله الخاصة.

ب- ما هي أسباب الطغيان وما عاقبته؟
أساب الطغيان اثنان:
الأول: الرئاسة .
الثاني: المال.
فهما يفسدان القلب بالكبر الذي يحمل صاحبه على البطر والبغي والعدوان على الحق وعلى الخلق, كما في قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ}وقوله:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}.
فحصل الطغيان لما شعر العبد بأنه قد استغنى عن ربه بما أعطاه الله إياه من الملك, أما أولياء الله فيزداد تواضعهم بزيادة نعم الله عليهم لما يحصل في قلوبهم من اليقين بأن لولا الله لما تحصل لهم شيء من هذا, ولهذا لما رأى سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لم يطغ بل قال: {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} وكان قبل ذلك لما أحس بنعم الله عليه من تعليمه منطق الطير وسماعه لكلام النملة; خاف من دخول الكبر إلى القلب بسبب ما وهبه الله من ملك وسلطة, فقال:{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} فكان ان استجاب الله له ذلك لما راى عرش بلقيس.
أما الطغيان فيهلك صاحبه في الدنيا والآخرة بما استحق من غضب الله عليه وغضب الخلق عليه وكراهيتهم له.

السؤال الخامس مثّل لعطف الخاص على العام، وبيّن فائدته.
قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}.
وقال: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}.
فائدته:
للتنبيه على المخصوص لمزيد العناية به, وذلك لأهميتة وآكديته وفضله.

السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. أخبر الله في عدة آيات بهدايته الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم، وتوبته على كل مجرم، وأخبر في آيات أُخر أنه لا يهدي القوم الظالمين، ولا يهدي القوم الفاسقين.
بين قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ - وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} الجمع بن الأمرين, وبينت الاية من هداهم الله ومن لم يهدهم:
- فالله -سبحانه وتعالى- قد هدى الجميع هداية الإرشاد والدلالة, لكن من حقت عليه كلمة العذاب ممن أعرض وعاند ; فهؤلاء طبع الله على قلبوهم فلا يدخلها خيرا أبدا ولا يخرج ما فيها من ضلال وباطل, وهذا لأن الله-سبحانه- يعلم عدم صلاحية قلوبهم للهداية, كما قال:{ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} فصار الظلم والفسق وصفا لازما لهم،فأعرضوا عن كل سبيل يوصل للحق واتبعوا كل سبيل يوصل سالكه للغي والضلال, فحرمهم الله هداية التوفيق بسبب زيغهم عن الحق.

2. ورد في آيات من القرآن ذكر الخلود في النار على ذنوب وكبائر ليست بكفر وقد تقرر في نصوص أخرى أنَّ كلَّ مسلم يموت على الإسلام موعود بدخول الجنة.
قد أجمع السلف على أن الذنوب والكبائر دون الكفر لا تفضي بصاحبها إلى الخلود في النار إن مات مصرا عليها من غير توبة, فالأصل رد المتشابه إلى المحكم, ومن أحسن الأجوبة على هذا الإشكال هو القول بأن ذكر الخلود إنما هو من باب ذكر السبب , وبأن هذه الذنوب لقباحتها توجب بذاتها الخلود في النار إن لم يمنع منه مانع, للخلود في النار لشناعتها، والمجمع عليه أن الموت على الإيمان يمنع الخلود من النار, والخلود حكم يستلزم لوقوعه تحقق الشروط وانتفاء الموانع.
وبعض الايات المذكورة فيها ما يدل على أن المراد بها الكفر الأكبر, كقوله تعالى:{وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} لأن المعاصي التي دون الكفر لا تحيط بصاحبها،وقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} فالمعصية تطلق على الكفر وعلى الكبائر وعلى الصغائر، فإن كان فيها الكفر فلا إشكال.

السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
في الآية أمر من الله تعالى لعباده بالأكل والشرب على وجه الاعتدال والاقتصاد والتدبير الحسن, وحذر من الإسراف وتجاوز الحد بالمأكل والمشرب بقوله:(إنه لا يحب المسرفين) والمؤمن يحرص على اجتناب ما لا يحبه الله وما لا يرضاه.
ودلت الآية على وجوب الأكل والشرب, لأن الأمر أصله الوجوب, فلا يحل للعبد الامتناع عن الأكل تدينا كما لا يحل له الامتناع عنه قدرا لأن في هذا هلاكه, إلا أن يكون قد أصيب بعقله.
وإن صاحب الأكل نية امتثال أمر الله في الآية, أو التقوي على العبادات; تحول الأكل والشرب إلى عبادة له عليها أجر.
وقد دلت هذه الاية على مجموعة من الفوائد, منها:
- الأصل في المأكولات والمشروبات الإباحة، إلا ما دل الدليل على تحريمه.
- حذف المأكول دل على أن لكل أحد أن يأكل ما ينفعه ويناسب حاله الاجتماعية, ويوافق مرضه وصحته وعادته.
- دلت الآية على أن أصل صحة البدن الاقتصاد في الطعام, وأن يأكل العبد ويشرب ما ينفعه، ويقيم به صلبه.
- ودلت على أن الإسراف في الطعام والشراب منهي عنه, لأنه مضرة للدين والعقل والبدن والمال, وتوضيح ذلك:
أما الضرر الديني: يكون بارتكاب كل ما نهى الشرع عنه, ون فعل هذا فعليه التوبة والرجوع عن فعله.
وأما الضرر العقلي: لأن الصل في العقل أن يحجز صاحبه عن فعل ما يضره ويرشده إلى الأصلح, لذلك كان حسن التدبير في المعاش دليل على عقل صاحبه، وعكس ذلك صحيح.
وأما الضرر البدني: فمعروف أن المسرف في المأكل والمشرب قد ضر بدنه وأمرضه بأنواع شتى من الأسقام والأوجاع، كذلك إن تعود كثرة الأكل صعب عليه أكل القليل إن تغيرت به الحال وعجز عما كان معتاد عليه, فتنحرف صحته.
وأما الضرر المالي: فهذا بين واضح, لأن كثرة المأكل والمشرب تحتاج إلى التوسع في النفقات, ولهذا قال تعالى: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}.
- محبة الله للمقتصدين, ودل عليه إخباره بأنه لا يحب المسرفين.
- إثبات فة المحبة لله, فحري بالعبد أن يتحرى محاب الله ويسعى لنيل محبته سبحانه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 شعبان 1440هـ/15-04-2019م, 03:35 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداء حسين مشاهدة المشاركة
المجموعة الأولى:
السؤال الأول: بيّن الدلائل على كمال القرآن وحسن أسلوبه وقوّة تأثيره.
بين الله في القرآن جميع العلوم النافعة, قال تعالى:{ ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}، فاحتوى ما يحتاجه البشر من علوم إلى قيام الساعة, مثل: علوم الأصول وعلوم الفروع والأحكام، وعلوم الأخلاق والآداب، وعلوم الكون، وهو المرجع في الحقائق الشرعية والعقلية، فهو كلام الله سبحانه, فيستحيل أن يأتي علم صحيح أو عقل صريح يعارض ما جاء فيه, فقد قال تعالى فيه: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}.
- وقد جمع الوسائل (الهدى) والمقاصد (الحق), قال تعالى:{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}.
- وجمع كمال اللفظ والمعنى, فأخباره أصدق الأخبار وأحكامه أعدل الأحكام, قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
[الدليل على كمال ألفاظه ومعانيه في قوله تعالى:{ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرًا}]
- وجمع الله فيه بين المتقابلات العامة، مثاله:
قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}فهذه الاية جمعت بين كل ما على العبد فعله(البر) من خير يحبه الله ويرضاه, وكل ما عليه اجتنابه(التقوى) مما يبغضه الله من الآثام والمضار.
وكذا قوله :{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} قد جمع بين زاد السفر في الدنيا وزاد السفر إلى الآخرة.
وجمع بين السير الحسي و السير المعنوي في قوله: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ} وغير ذلك من الأمثلة كثير.
وقد قال تعالى:{ما فرطنا في الكتاب من شيء}.

السؤال الثاني: بيّن بإيجاز الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية.
ربط الله سبحانه بين الأسباب والمسسببات, وبين لنا الأسباب, وأمرنا بالأخذ بها لنصل إلى المطلوب, ومن السباب التي ذكرت:
- الإيمان والعمل الصالح سببا في الحصول على خيرات الدنيا والآخرة, وبحسب ما حقق العبد منهما بحسب ما تحقق له ما ترتب عليهما من خير.
- التوكل على الله والقيام بالعبودية سببا لحصول كفاية الله, وهذا كقوله:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
- التقوى والسعي من أسباب حصول الرزق, قال تعالى{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} وقال: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}.
- كما كانت التقوى وصدق اللجوء إلى الله بالدعاء والإلحاح عليه به من أسباب تفريج الكربات ورفعها, قال تعالى:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}.
- الدعاء والطمع في ماعند الله سببا لحصول العبد على جميع مطالبه، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
- إحسان العبد في عبادته لربه, وإحسانه إلى الخلق سببا ينال به الإحسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
- الإيمان والتوبة والاستغفار وصبر العبد على ما يصيبه من مصائب كل ذلك من مكفرات الذنوب, قال تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} وقال:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} .
- وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين, قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} .
- ومن أسباب حصول العلم: حسن السؤال والانصات والتعلم والتقوى وحسن القصد, وهذا مثل قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
- الاستعداد للأعداء بكل ما قدر الاستطاعة سببا لحصول النصر قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .
- وكان اليسر يتبع العسر، قال تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.
- وكان شكر الله سببا في حفظ النعم وزيادته, قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
- ومحبة الله تنال باتباع نبيه-عليه الصلاة والسلام-, قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} .
- وتنال القناعة بملاحظة نعم الله والقيام بحق الشكر, وغض الطرف عما في أيدي الناس, قال تعالى: {قَالَ يا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
- والعدل سببا لصلاح الأحوال، والظلم سببا لفسادها, قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}.
- ودفع المعاصي والنجاة من الفتن سببه إخلاص القلب لله, قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} .
- ذكر الله والاستعاذة وقوة التوكل: من أسباب دفع تسلط الشيطان على العبد, وهذا في مثل قوله تعالى:{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}.
- والتفكر في آيات الله الشرعية والكونية من أسباب حصول اليقين, قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
- صلاح العقيدة والعمل وحسن الخلق سببا في دخول الجنة والبشارة عند الموت, قال تعالى: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}.
- وجعل الله أسبابا متنوعة للرزق, فإن تعسر أحدها يسر الآخر, وهذا من فضل الله ومنته على عبيده, قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} .
- ومن أراد الحصول على ثمرات الدعوة إلى الله; فعليه بما تضمنته هذه الآية: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
وغيرها كثير.

السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. التبصرة والتذكرة

التبصرة: هي كالمرتبة الأولى تكون بالعلم بالشيء والتبصر فيه.
أما التذكرة: فهي ثمرة التبصرة فتكون بالعمل بما علم اعتقادا وعملا.
فالعلم النافع الذي يسأله كل مسلم يقوم على ثلاثة أمور:
- أولا: التفكر بآيات الله الشرعية والكونية.
- ثانيا: التبصر, وهي إدراك معاني ما تفكر به وفهمها, وإلا فالتفكر المجرد عن الأثر لا جدوى منه.
- التذكر, وهذا هو الثمرة, فيعمل بما علم وفهم, ويكون عمله بحسب ما علم سواء كان اعتقادا أو عمل جوارح أو قولا أوعملا قلبيا.
وهذا تجسيد لمعرفة الحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه.

2. العلم واليقين
العلم: إدراك الشيء على ما هو عليه وما قام عليه الدليل، والنافع منه ما كان مصدره الوحي.
واليقين: منزلة أخص من العلم بأمرين:
1- اليقين وصف للعلم الراسخ القوي الذي لا يقع فيه الريب والشك, ويسمى علم يقين إذا ثبت بالخبر، ويتحول إلى عين يقين إذا حصلت المشاهدة بالعين الباصرة، ويكون حق يقين إذا ذاقه العبد وتحقق به.
2- أثر اليقين على العبد هو الطمأنينة بخبر الله وذكره، ويحمل اليقين صاحبه على الصبرعلى المكاره، والقوة في أمر الله، والشجاعة والتلذذ بالطاعات فجميعها وغيرها من آثار اليقين.

3. الخوف والخشية
الخوف: هو ما يمنع العبد من انتهاك ما حرم الله, والخشية مثله إلا إن الخشية مقترنة بالعلم ومعرفة الله سبحانه, فيكون الخوف [الخشية] من منزلة ومكانة وعظمة المخوف منه لا مجرد الخوف من العقاب نفسه.

السؤال الرابع: أجب عما يلي:
أ- بيّن أنواع المعية وما يقتضيه كل نوع.

الأولى: المعية العامة، وهذا في مثل قوله تعالى:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} فالمعية هنا معية صفات, معية علم وإحاطة.
الثانية: المعية الخاصة، وهي الأكثر في القرآن, وعلامة هذا النوع أن يقرنه الله بالاتصاف بالأوصاف التي يحبها، والأعمال التي يرضاها, وهذا مثل قوله:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} وقوله:{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ}, وهي معية نصر وتاييد وتسديد ونصيب العبد منها بمقدار ما اتصف من الأوصاف التي تجلب معية الله الخاصة.

ب- ما هي أسباب الطغيان وما عاقبته؟
أساب الطغيان اثنان:
الأول: الرئاسة .
الثاني: المال.
فهما يفسدان القلب بالكبر الذي يحمل صاحبه على البطر والبغي والعدوان على الحق وعلى الخلق, كما في قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ}وقوله:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}.
فحصل الطغيان لما شعر العبد بأنه قد استغنى عن ربه بما أعطاه الله إياه من الملك, أما أولياء الله فيزداد تواضعهم بزيادة نعم الله عليهم لما يحصل في قلوبهم من اليقين بأن لولا الله لما تحصل لهم شيء من هذا, ولهذا لما رأى سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لم يطغ بل قال: {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} وكان قبل ذلك لما أحس بنعم الله عليه من تعليمه منطق الطير وسماعه لكلام النملة; خاف من دخول الكبر إلى القلب بسبب ما وهبه الله من ملك وسلطة, فقال:{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} فكان ان استجاب الله له ذلك لما راى عرش بلقيس.
أما الطغيان فيهلك صاحبه في الدنيا والآخرة بما استحق من غضب الله عليه وغضب الخلق عليه وكراهيتهم له.

السؤال الخامس مثّل لعطف الخاص على العام، وبيّن فائدته.
قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}.
وقال: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}.
فائدته:
للتنبيه على المخصوص لمزيد العناية به, وذلك لأهميتة وآكديته وفضله.

السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. أخبر الله في عدة آيات بهدايته الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم، وتوبته على كل مجرم، وأخبر في آيات أُخر أنه لا يهدي القوم الظالمين، ولا يهدي القوم الفاسقين.
بين قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ - وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} الجمع بن الأمرين, وبينت الاية من هداهم الله ومن لم يهدهم:
- فالله -سبحانه وتعالى- قد هدى الجميع هداية الإرشاد والدلالة, لكن من حقت عليه كلمة العذاب ممن أعرض وعاند ; فهؤلاء طبع الله على قلبوهم فلا يدخلها خيرا أبدا ولا يخرج ما فيها من ضلال وباطل, وهذا لأن الله-سبحانه- يعلم عدم صلاحية قلوبهم للهداية, كما قال:{ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} فصار الظلم والفسق وصفا لازما لهم،فأعرضوا عن كل سبيل يوصل للحق واتبعوا كل سبيل يوصل سالكه للغي والضلال, فحرمهم الله هداية التوفيق بسبب زيغهم عن الحق.

2. ورد في آيات من القرآن ذكر الخلود في النار على ذنوب وكبائر ليست بكفر وقد تقرر في نصوص أخرى أنَّ كلَّ مسلم يموت على الإسلام موعود بدخول الجنة.
قد أجمع السلف على أن الذنوب والكبائر دون الكفر لا تفضي بصاحبها إلى الخلود في النار إن مات مصرا عليها من غير توبة, فالأصل رد المتشابه إلى المحكم, ومن أحسن الأجوبة على هذا الإشكال هو القول بأن ذكر الخلود إنما هو من باب ذكر السبب , وبأن هذه الذنوب لقباحتها توجب بذاتها الخلود في النار إن لم يمنع منه مانع, للخلود في النار لشناعتها، والمجمع عليه أن الموت على الإيمان يمنع الخلود من النار, والخلود حكم يستلزم لوقوعه تحقق الشروط وانتفاء الموانع.
وبعض الايات المذكورة فيها ما يدل على أن المراد بها الكفر الأكبر, كقوله تعالى:{وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} لأن المعاصي التي دون الكفر لا تحيط بصاحبها،وقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} فالمعصية تطلق على الكفر وعلى الكبائر وعلى الصغائر، فإن كان فيها الكفر فلا إشكال.

السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
في الآية أمر من الله تعالى لعباده بالأكل والشرب على وجه الاعتدال والاقتصاد والتدبير الحسن, وحذر من الإسراف وتجاوز الحد بالمأكل والمشرب بقوله:(إنه لا يحب المسرفين) والمؤمن يحرص على اجتناب ما لا يحبه الله وما لا يرضاه.
ودلت الآية على وجوب الأكل والشرب, لأن الأمر أصله الوجوب, فلا يحل للعبد الامتناع عن الأكل تدينا كما لا يحل له الامتناع عنه قدرا لأن في هذا هلاكه, إلا أن يكون قد أصيب بعقله.
وإن صاحب الأكل نية امتثال أمر الله في الآية, أو التقوي على العبادات; تحول الأكل والشرب إلى عبادة له عليها أجر.
وقد دلت هذه الاية على مجموعة من الفوائد, منها:
- الأصل في المأكولات والمشروبات الإباحة، إلا ما دل الدليل على تحريمه.
- حذف المأكول دل على أن لكل أحد أن يأكل ما ينفعه ويناسب حاله الاجتماعية, ويوافق مرضه وصحته وعادته.
- دلت الآية على أن أصل صحة البدن الاقتصاد في الطعام, وأن يأكل العبد ويشرب ما ينفعه، ويقيم به صلبه.
- ودلت على أن الإسراف في الطعام والشراب منهي عنه, لأنه مضرة للدين والعقل والبدن والمال, وتوضيح ذلك:
أما الضرر الديني: يكون بارتكاب كل ما نهى الشرع عنه, ون فعل هذا فعليه التوبة والرجوع عن فعله.
وأما الضرر العقلي: لأن الصل في العقل أن يحجز صاحبه عن فعل ما يضره ويرشده إلى الأصلح, لذلك كان حسن التدبير في المعاش دليل على عقل صاحبه، وعكس ذلك صحيح.
وأما الضرر البدني: فمعروف أن المسرف في المأكل والمشرب قد ضر بدنه وأمرضه بأنواع شتى من الأسقام والأوجاع، كذلك إن تعود كثرة الأكل صعب عليه أكل القليل إن تغيرت به الحال وعجز عما كان معتاد عليه, فتنحرف صحته.
وأما الضرر المالي: فهذا بين واضح, لأن كثرة المأكل والمشرب تحتاج إلى التوسع في النفقات, ولهذا قال تعالى: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}.
- محبة الله للمقتصدين, ودل عليه إخباره بأنه لا يحب المسرفين.
- إثبات فة [صفة] المحبة لله, فحري بالعبد أن يتحرى محاب الله ويسعى لنيل محبته سبحانه.

التقويم: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 رمضان 1441هـ/3-05-2020م, 08:33 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

المجموعة الثانية:
السؤال الأول: بيّن أنواع القلوب المذكورة في القرآن وأنواع أمراض القلوب وأسباب صحتها.

ذكر الشيخ أنواع القلوب باعتبارين، الأول باعتبار الصحة والمرض فينقسم نوعين:
النوع الأول: القلب الصحيح الحي، وهو القلب السليم من جميع الآفات، وهو الذي لا يريد ولا يميل إلا إلى الخير، أو إلى ما أباحه الله له، وهو المذكور في قوله تعالى: {إلا من أتى الله بقلب سليم}.
النوع الثاني: القلب المريض، وهو الذي انحرفت إحدى قوتيه العلمية أو العملية أو كليهما، واجتمع فيه المرض والموانع من وصول الصحة، وقد وصف في القرآن بالعمى وبالقسوة، وبجعل الموانع عليها من الران، والأكنة والحجاب، وهو من آثار كسب العبد وجرائمه، فمن أعرض عن الحق وعارضه، عوقب بسد طرق الهداية عنه، فطبع على قلبه وختم عليه، كما في قوله تعالى: {في قلوبهم مرض}.

والاعتبار الثاني بكونه لينا أو قاسيا:
فالقلب القاسي: الذي لا يلين لمعرفة الحق، ولا ينقاد له إن عرفه، فلا يتأثر قلبه بالمواعظ، إما لقسوته الأصلية أو لعقائد منحرفة كما في قوله تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله}، والقلب اللين عكسه، كما في قوله تعالى: {ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}.

أنواع أمراض القلوب:
إما مرض شبهة أو مرض شهوة:
فمرض الشبهة الذي هو مرض المنافقين لما اختل علمهم وبقيت في قلوبهم اضطراب وشكوك، فلم تتوجه إل الخير.
ومرض الشبهة هو ميل القلب إلى المعاصي، سريع الانقياد لها، سريع الافتتان عند وجود أسباب الفتنة، وهو مخل بقوة القلب العلمية، كما قال تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}.

أسباب صحة القلوب:
بتقوية القوة العلمية، والقوة العملية الإرادية للقلب، وذلك من خلال معرفة الحق واتباعه بلا تردد، ومعرفة الباطل واجتنابه، فيسلم صاحبه من جميع الآفات، ويخبت صاحبه وينيب إلى الله عز وجل.

السؤال الثاني: بيّن أقسام الناس في مواقفهم من الدعوة، وكيف يُعامل كلّ قسم.
ذكر الشيخ رحمه الله أن الناس ثلاثة أقسام في مواقفهم من الدعوة، وذلك من خلال النظر إلى دعوات الرسل التي حكاها الله في كتابه مع أممهم، وبالنظر إلى دعوة النبي، وما سلك من طرق متنوعة في دعوة الناس بالطريقة التي تناسبه على اختلاف أحوالهم، وسيرة النبي وآثاره خير دليل، وهم كما يلي:
القسم الأول: الملتزمون المنقادون للخير الراغبون فيه، ويكون التعامل معهم بالاكتفاء ببيان الأمور الدينية والتعليم المحض، لما عندهم من الاستعداد لفعل المأمورات وترك المنهيات، والاشتياق إلى الاعتقاد الصحيح.
والقسم الثاني: الغافلون والمشتغلون بأمور صادة عن الحق، وهؤلاء مع التعليم يدعون بالموعظة الحسنة، لأن النفس تحتاج إلى البيان مع الترغيب والترهيب، وذلك بذكر ما ينفعها من الحق، وما يضرها من الباطل.
والقسم الثالث: المعاندون أو المعارضون، وهم المكابرون المتصدرون لمقاومة الحق ونصرة الباطل، وهؤلاء يتعامل معهم بطريق المجادلة بالتي هي أحسن، وذلك بحسب ما يليق بكل واحد وبمقالته وما يقترن بها.

السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. الإسلام والإيمان

ذكر الشيخ الفرق بين الإسلام والإيمان، بأن الإسلام هو استسلام القلب وإنابته، والقيام بعبودية الله كلها، من شرائع ظاهرة وباطنة.
أما الإيمان: فهم التصديق التام والاعتراف بأصوله التي أمر الله بالإيمان بها، ولا يتم ذلك إلا بالقيام بأعمال القلوب وأعمال الجوارح، ولهذا سميت في القرآن الكثير من الشرائع الظاهرة والباطنة إيمانا.
وذلك التقسيم السابق في حال الجمع بينهما، أما في حال الانفراد فيدخل كل منها في الآخر.

2. الفرح المحمود والفرح المذموم
أن الفرح تبعا لما تعلق به:
فإن تعلق بالخير وثمراته، فهو الفرح المحمود المأمور به، ومن ذلك الفرح بالعلم والعمل بالقرآن والإسلام كما في قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، ومنه أيضا الفرح بثواب الله كما في قوله: تعالى {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.

وعكس المحمود هو الفرح المذموم وهو المنهي عنه، مثل الفرح بالباطل وبالرياسات والدنيا المشغلة عن الدين في مثل قوله تعالى: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}، وكما في قصة قالون: {قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}.

3. التوبة والاستغفار
أن الاستغفار هو طلب المغفرة من الله.
أما التوبة فهي الرجوع إلى الله مما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه الله ظاهرا وباطنا، مع الندم على ما مضى، والاقلاع عن الذنوب، والعزم على عدم العودة.
ولهذا إن اقترن الاستغفار بالتوبة فهو الاستغفار الكامل الذي رتبت عليه المغفرة.
وإن لم تقترن به التوبة فهو دعاء من العبد لربه، فهو بنفسه عبادة من العبادات.

السؤال الرابع: أجب عما يلي:
ج - بيّن أنواع الهداية ودليل كل نوع.

الهداية نوعان:
الأولى: هداية الإرشاد والتعليم والبيان، وهي الهداية المثبتة للرسول، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}، وقوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.
والثانية: هداية التوفيق وجعل الهدى في القلب، وهي مختصة بالله، فلا يهدي إلا الله، وهي المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}.

وهذان النوعان يطلبان من الله، إما على وجه الإطلاق كقول العبد اللهم اهدني، أو على وجه التقييد كقول المصلي: {اهدنا الصراط المستقيم}.
وأعظم ما تحصل به الهداية القرآن، كما سماه الله تعالى هدى، فقال تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.

هـ- ما فائدة النفي في مقام المدح؟
كل نفي في القرآن في مقام المدح يفيد فائدتين:
أولا: نفي ذلك النقص المصرح به
ثانيا: إثبات ضده ونقيضه
لأن النفي المحض لا يكون كمالا.
ولهذا أمثلة كثيرة في القرآن، ذكر منها الشيخ ما يلي:
- أن الله نفى عن نفسه الشريك في مواضع متعددة فيقتضي توحُّده بالكمال المطلق، وأنه لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته.
- وسبح نفسه في مواضع، وأخبر في مواضع عن تسبيح المخلوقات، والتسبيح تنزيه الله عن كل نقص، وعن أن يماثله أحد، وذلك يدل على كماله
- ونفى عن نفسه الصاحبة والولد، ومكافأة أحد ومماثلته، وذلك يدل على كماله المطلق وتفرُّده بالوحدانية والغنى المطلق والملك المطلق
- ونفى عن نفسه السِّنَةَ والنوم والموت؛ لكمال حياته وقيوميته
- ونفى كذلك الظلم في مواضع كثيرة، وذلك يدل على كمال عدله وسعة فضله
- ونفى أن يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أو يعجزه شيء؛ وذلك لإحاطة علمه وكمال قدرته
- ونفى العبث في مخلوقاته وفي شرعه؛ وذلك لكمال حكمته
- وكذلك نفى عن كتابه القرآن الريب والعوج والشك ونحوها، وذلك يدل على أنه الحق في أخباره وأحكامه، فأخباره أصدق الأخبار وأحكمها وأنفعها للعباد، وأحكامه كلها محكمة في كمال العدل والحسن والاستقامة على الصراط المستقيم
- وقال عن نبيه صلى الله عليه وسلم: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} فنفى عنه الضلال من جميع الوجوه، وهو عدم العلم أو قلته أو نقصه أو عدم جودته والغيّ وهو سوء القصد، فيدل ذلك أنه أعلم الخلق على الإطلاق، وأهداهم وأعظمهم علما ويقينا وإيمانا، وأنه أنصح الخلق للخلق، وأعظمهم إخلاصا لله وطلبا لما عنده، وأبعدهم عن الأغراض الرديئة، وكذلك نفى عنه كل نقص قاله أعداؤه فيه، وأنه في الذروة العليا من الكمال المضاد لذلك النقص
- وكذلك نفى الله عن أهل الجنة الحزن والكدر والنصب واللغوب والموت وغيرها من الآفات، فيدل ذلك على كمال سرورهم وفرحهم واتصال نعيمهم وكماله، وكمال حياتهم وقوة شبابهم وكمال صحتهم، وتمام نعيمهم الروحي والقلبي والبدني من كل وجه، وأنه لا أعلى منه حتى يطلب عنه حولا.

السؤال الخامس: مثل لختم بعض آيات الأحكام بالأسماء الحسنى في مقام ذكر الحكم، وبيّن الحكمة منه.
ذكر الشيخ مثالين في هذا المعنى، كما يلي:
المثال الأول: في قوله {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، أنه يستفاد أن الفيئة يحبها الله، وأنه يغفر لمن فاء ويرحمه، وأن الطلاق كريه إلى الله، وأما المؤلي إذا طلق فإن الله تعالى سيجازيه على ما فعل من السبب، وهو الإيلاء، والمسبب، وهو ما ترتب عليه،
والمثال الثاني: في قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: فإنكم إذا علمتم ذلك رفعتم عنه العقوبة المتعلقة بحق الله.

وهذا كثير في القرآن أن الله لا ينص على الحكم ويعلله بذكر الأسماء الحسنى المناسبة له، وذلك لحكمة عظيمة أن يحث عباده على معرفة أسماؤه حق المعرفة ومعرفة آثارها، وأن ذلك الحكم من آثار ذلك الاسم، وأن يعلموا أنها الأصل في الخلق والأمر، وأن الخلق والأمر من آثار أسمائه الحسنى.

السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. ورود الأمر باللين مع بعض الكفار في مواضع من القرآن والأمر بالغلظة والشدة في مواضع أخرى.

قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ففي هذه الآية يبين تعالى السبب المثمر القوي للدعوة إلى سبيله، ومن الحكمة وضع الدعوة في موضعها، ودعوة كل أحد بحسب ما يقضيه حاله ويناسبه، ويكون أقرب لحصول المقصود منه.
فيظهر أن الأمر باللين في مقام الدعوة، كما في قوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} لما يترتب عليه من المصالح، وذلك من خلال الموعظة وبيان الأحكام، والمجادلة بالعبارات الواضحة والبراهين البينة التي تحق الحق وتبطل الباطل مع الرفق واللين.
كما أن من الحكمة أيضا استعمال الغلظة في موضعها كما في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}، لأن المقام هنا مقام لا تفيد فيه الدعوة، بل قد تعين فيه القتال، فالغلظة فيه من تمام القتال.

2. في مواضع من القرآن أن الناس لا يتساءلون ولا يتكلمون، ومواضع أخرى ذكر فيها احتجاجهم وتكلمهم وخطاب بعضهم لبعض.
ذكر الشيخ لذلك وجهين:
الوجه الأول: تقييد هذه المواضع بقوله تعالى: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا}، فإثبات الكلام للخلق يوم القيامة تبع لإذن الله لهم، ونفي الكلام والتساؤل في الحال التي لم يؤذن لهم فيها.
والوجه الثاني: أن القيامة لها أحوال ومقامات، ففي بعض الأحوال والمقامات يتكلمون، وفي بعضها لا يتكلمون، وهو قول كثير من المفسرين، وهو لا ينافي الوجه الأول.

السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}
رتب الله تعالى على دعوة الرسول لنا وتعليمه لنا ما ينفعنا، وأن إرساله ليقوم الناس بالإيمان بالله ورسوله المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الأمور، فجمع الله تعالى في هذه الآية حقوقا ثلاثة:
1. فالحق المختص بالله: وهو الذي لا يصلح لغيره، وهو العبادة ومنها التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها، في قوله تعالى {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}، بكرة وأصيلا: أول النهار وآخره.
2. والحق المختص بالرسول: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}، أي: تعظموه وتجلوه، وتقوموا بحقوقه.
3. والحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الإيمان بهما.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 شوال 1441هـ/11-06-2020م, 09:59 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم محمد مشاهدة المشاركة
المجموعة الثانية:
السؤال الأول: بيّن أنواع القلوب المذكورة في القرآن وأنواع أمراض القلوب وأسباب صحتها.

ذكر الشيخ أنواع القلوب باعتبارين، الأول باعتبار الصحة والمرض فينقسم نوعين:
النوع الأول: القلب الصحيح الحي، وهو القلب السليم من جميع الآفات، وهو الذي لا يريد ولا يميل إلا إلى الخير، أو إلى ما أباحه الله له، وهو المذكور في قوله تعالى: {إلا من أتى الله بقلب سليم}.
النوع الثاني: القلب المريض، وهو الذي انحرفت إحدى قوتيه العلمية أو العملية أو كليهما، واجتمع فيه المرض والموانع من وصول الصحة، وقد وصف في القرآن بالعمى وبالقسوة، وبجعل الموانع عليها من الران، والأكنة والحجاب، وهو من آثار كسب العبد وجرائمه، فمن أعرض عن الحق وعارضه، عوقب بسد طرق الهداية عنه، فطبع على قلبه وختم عليه، كما في قوله تعالى: {في قلوبهم مرض}.

والاعتبار الثاني بكونه لينا أو قاسيا:
فالقلب القاسي: الذي لا يلين لمعرفة الحق، ولا ينقاد له إن عرفه، فلا يتأثر قلبه بالمواعظ، إما لقسوته الأصلية أو لعقائد منحرفة كما في قوله تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله}، والقلب اللين عكسه، كما في قوله تعالى: {ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}.

أنواع أمراض القلوب:
إما مرض شبهة أو مرض شهوة:
فمرض الشبهة الذي هو مرض المنافقين لما اختل علمهم وبقيت في قلوبهم اضطراب وشكوك، فلم تتوجه إل الخير.
ومرض الشبهة [الشهوة] هو ميل القلب إلى المعاصي، سريع الانقياد لها، سريع الافتتان عند وجود أسباب الفتنة، وهو مخل بقوة القلب العلمية، كما قال تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}.
[مرض الشبهات انحرف لديه القوة العلمية، ومرض الشهوات انحرف لديه القوة العملية]

أسباب صحة القلوب:
بتقوية القوة العلمية، والقوة العملية الإرادية للقلب، وذلك من خلال معرفة الحق واتباعه بلا تردد، ومعرفة الباطل واجتنابه، فيسلم صاحبه من جميع الآفات، ويخبت صاحبه وينيب إلى الله عز وجل.

السؤال الثاني: بيّن أقسام الناس في مواقفهم من الدعوة، وكيف يُعامل كلّ قسم.
ذكر الشيخ رحمه الله أن الناس ثلاثة أقسام في مواقفهم من الدعوة، وذلك من خلال النظر إلى دعوات الرسل التي حكاها الله في كتابه مع أممهم، وبالنظر إلى دعوة النبي، وما سلك من طرق متنوعة في دعوة الناس بالطريقة التي تناسبه على اختلاف أحوالهم، وسيرة النبي وآثاره خير دليل، وهم كما يلي:
القسم الأول: الملتزمون المنقادون للخير الراغبون فيه، ويكون التعامل معهم بالاكتفاء ببيان الأمور الدينية والتعليم المحض، لما عندهم من الاستعداد لفعل المأمورات وترك المنهيات، والاشتياق إلى الاعتقاد الصحيح.
والقسم الثاني: الغافلون والمشتغلون بأمور صادة عن الحق، وهؤلاء مع التعليم يدعون بالموعظة الحسنة، لأن النفس تحتاج إلى البيان مع الترغيب والترهيب، وذلك بذكر ما ينفعها من الحق، وما يضرها من الباطل.
والقسم الثالث: المعاندون أو المعارضون، وهم المكابرون المتصدرون لمقاومة الحق ونصرة الباطل، وهؤلاء يتعامل معهم بطريق المجادلة بالتي هي أحسن، وذلك بحسب ما يليق بكل واحد وبمقالته وما يقترن بها.

السؤال الثالث: بيّن الفروق بين كلّ من:
1. الإسلام والإيمان

ذكر الشيخ الفرق بين الإسلام والإيمان، بأن الإسلام هو استسلام القلب وإنابته، والقيام بعبودية الله كلها، من شرائع ظاهرة وباطنة.
أما الإيمان: فهم التصديق التام والاعتراف بأصوله التي أمر الله بالإيمان بها، ولا يتم ذلك إلا بالقيام بأعمال القلوب وأعمال الجوارح، ولهذا سميت في القرآن الكثير من الشرائع الظاهرة والباطنة إيمانا.
وذلك التقسيم السابق في حال الجمع بينهما، أما في حال الانفراد فيدخل كل منها في الآخر.

2. الفرح المحمود والفرح المذموم
أن الفرح تبعا لما تعلق به:
فإن تعلق بالخير وثمراته، فهو الفرح المحمود المأمور به، ومن ذلك الفرح بالعلم والعمل بالقرآن والإسلام كما في قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، ومنه أيضا الفرح بثواب الله كما في قوله: تعالى {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.

وعكس المحمود هو الفرح المذموم وهو المنهي عنه، مثل الفرح بالباطل وبالرياسات والدنيا المشغلة عن الدين في مثل قوله تعالى: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}، وكما في قصة قالون: {قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}.

3. التوبة والاستغفار
أن الاستغفار هو طلب المغفرة من الله.
أما التوبة فهي الرجوع إلى الله مما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه الله ظاهرا وباطنا، مع الندم على ما مضى، والاقلاع عن الذنوب، والعزم على عدم العودة.
ولهذا إن اقترن الاستغفار بالتوبة فهو الاستغفار الكامل الذي رتبت عليه المغفرة.
وإن لم تقترن به التوبة فهو دعاء من العبد لربه، فهو بنفسه عبادة من العبادات.

السؤال الرابع: أجب عما يلي:
ج - بيّن أنواع الهداية ودليل كل نوع.

الهداية نوعان:
الأولى: هداية الإرشاد والتعليم والبيان، وهي الهداية المثبتة للرسول، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}، وقوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.
والثانية: هداية التوفيق وجعل الهدى في القلب، وهي مختصة بالله، فلا يهدي إلا الله، وهي المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}.

وهذان النوعان يطلبان من الله، إما على وجه الإطلاق كقول العبد اللهم اهدني، أو على وجه التقييد كقول المصلي: {اهدنا الصراط المستقيم}.
وأعظم ما تحصل به الهداية القرآن، كما سماه الله تعالى هدى، فقال تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.

هـ- ما فائدة النفي في مقام المدح؟
كل نفي في القرآن في مقام المدح يفيد فائدتين:
أولا: نفي ذلك النقص المصرح به
ثانيا: إثبات ضده ونقيضه
لأن النفي المحض لا يكون كمالا.
ولهذا أمثلة كثيرة في القرآن، ذكر منها الشيخ ما يلي:
- أن الله نفى عن نفسه الشريك في مواضع متعددة فيقتضي توحُّده بالكمال المطلق، وأنه لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته.
- وسبح نفسه في مواضع، وأخبر في مواضع عن تسبيح المخلوقات، والتسبيح تنزيه الله عن كل نقص، وعن أن يماثله أحد، وذلك يدل على كماله
- ونفى عن نفسه الصاحبة والولد، ومكافأة أحد ومماثلته، وذلك يدل على كماله المطلق وتفرُّده بالوحدانية والغنى المطلق والملك المطلق
- ونفى عن نفسه السِّنَةَ والنوم والموت؛ لكمال حياته وقيوميته
- ونفى كذلك الظلم في مواضع كثيرة، وذلك يدل على كمال عدله وسعة فضله
- ونفى أن يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أو يعجزه شيء؛ وذلك لإحاطة علمه وكمال قدرته
- ونفى العبث في مخلوقاته وفي شرعه؛ وذلك لكمال حكمته
- وكذلك نفى عن كتابه القرآن الريب والعوج والشك ونحوها، وذلك يدل على أنه الحق في أخباره وأحكامه، فأخباره أصدق الأخبار وأحكمها وأنفعها للعباد، وأحكامه كلها محكمة في كمال العدل والحسن والاستقامة على الصراط المستقيم
- وقال عن نبيه صلى الله عليه وسلم: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} فنفى عنه الضلال من جميع الوجوه، وهو عدم العلم أو قلته أو نقصه أو عدم جودته والغيّ وهو سوء القصد، فيدل ذلك أنه أعلم الخلق على الإطلاق، وأهداهم وأعظمهم علما ويقينا وإيمانا، وأنه أنصح الخلق للخلق، وأعظمهم إخلاصا لله وطلبا لما عنده، وأبعدهم عن الأغراض الرديئة، وكذلك نفى عنه كل نقص قاله أعداؤه فيه، وأنه في الذروة العليا من الكمال المضاد لذلك النقص
- وكذلك نفى الله عن أهل الجنة الحزن والكدر والنصب واللغوب والموت وغيرها من الآفات، فيدل ذلك على كمال سرورهم وفرحهم واتصال نعيمهم وكماله، وكمال حياتهم وقوة شبابهم وكمال صحتهم، وتمام نعيمهم الروحي والقلبي والبدني من كل وجه، وأنه لا أعلى منه حتى يطلب عنه حولا.

السؤال الخامس: مثل لختم بعض آيات الأحكام بالأسماء الحسنى في مقام ذكر الحكم، وبيّن الحكمة منه.
ذكر الشيخ مثالين في هذا المعنى، كما يلي:
المثال الأول: في قوله {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، أنه يستفاد أن الفيئة يحبها الله، وأنه يغفر لمن فاء ويرحمه، وأن الطلاق كريه إلى الله، وأما المؤلي إذا طلق فإن الله تعالى سيجازيه على ما فعل من السبب، وهو الإيلاء، والمسبب، وهو ما ترتب عليه،
والمثال الثاني: في قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: فإنكم إذا علمتم ذلك رفعتم عنه العقوبة المتعلقة بحق الله.

وهذا كثير في القرآن أن الله لا ينص [ينص] على الحكم ويعلله بذكر الأسماء الحسنى المناسبة له، وذلك لحكمة عظيمة أن يحث عباده على معرفة أسماؤه [أسمائه] حق المعرفة ومعرفة آثارها، وأن ذلك الحكم من آثار ذلك الاسم، وأن يعلموا أنها الأصل في الخلق والأمر، وأن الخلق والأمر من آثار أسمائه الحسنى.

السؤال السادس: كيف تجمع بين ما يلي:
1. ورود الأمر باللين مع بعض الكفار في مواضع من القرآن والأمر بالغلظة والشدة في مواضع أخرى.

قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ففي هذه الآية يبين تعالى السبب المثمر القوي للدعوة إلى سبيله، ومن الحكمة وضع الدعوة في موضعها، ودعوة كل أحد بحسب ما يقضيه حاله ويناسبه، ويكون أقرب لحصول المقصود منه.
فيظهر أن الأمر باللين في مقام الدعوة، كما في قوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} لما يترتب عليه من المصالح، وذلك من خلال الموعظة وبيان الأحكام، والمجادلة بالعبارات الواضحة والبراهين البينة التي تحق الحق وتبطل الباطل مع الرفق واللين.
كما أن من الحكمة أيضا استعمال الغلظة في موضعها كما في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}، لأن المقام هنا مقام لا تفيد فيه الدعوة، بل قد تعين فيه القتال، فالغلظة فيه من تمام القتال.

2. في مواضع من القرآن أن الناس لا يتساءلون ولا يتكلمون، ومواضع أخرى ذكر فيها احتجاجهم وتكلمهم وخطاب بعضهم لبعض.
ذكر الشيخ لذلك وجهين:
الوجه الأول: تقييد هذه المواضع بقوله تعالى: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا}، فإثبات الكلام للخلق يوم القيامة تبع لإذن الله لهم، ونفي الكلام والتساؤل في الحال التي لم يؤذن لهم فيها.
والوجه الثاني: أن القيامة لها أحوال ومقامات، ففي بعض الأحوال والمقامات يتكلمون، وفي بعضها لا يتكلمون، وهو قول كثير من المفسرين، وهو لا ينافي الوجه الأول.

السؤال السابع: فسّر قول الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}
رتب الله تعالى على دعوة الرسول لنا وتعليمه لنا ما ينفعنا، وأن إرساله ليقوم الناس بالإيمان بالله ورسوله المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الأمور، فجمع الله تعالى في هذه الآية حقوقا ثلاثة:
1. فالحق المختص بالله: وهو الذي لا يصلح لغيره، وهو العبادة ومنها التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها، في قوله تعالى {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}، بكرة وأصيلا: أول النهار وآخره.
2. والحق المختص بالرسول: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}، أي: تعظموه وتجلوه، وتقوموا بحقوقه.
3. والحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الإيمان بهما.

التقويم: أ
الخصم للتأخير
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, العاشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir