المجموعة السادسة:
س1: عدد أقسام العلوم الشرعية مع التوضيح.
تنقسم العلوم الشرعية إلى ثلاثة أقسام:
1- علم العقيدة: ويتضمن معرفة أسماء الله وصفاته, والاعتقاد في أبواب الإيمان.
ومسائل هذا العلم (علمية) متوقفة على الإيمان والتصديق.
2- علم أحكام الأمر والنهي والمباحات والمحرمات.
ومسائله (عملية) تبنى على امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
3- علم الجزاء: وهو ما يلقاه المرء جزاء أفعاله في الدنيا والآخرة.
وفيه تبيين حكم متبع الهوى وحكم مخالفه وجزاء كلٍ منهما.
س2: ما المراد بظاهر العلم وباطنه.
ظاهر العلم: هو دراسة أبواب هذا العلم ومسائله, وقراءة كتبه, وتقييد فوائده وقواعده, ومعرفة أئمته, وإتقانه.
وباطن العلم: هو ما وقر في قلب طالب العلم من الإيمان واليقين والتقوى والبصيرة, ما يفرّق به بين الحق والباطل, والهدى والضلال, ويورث في قلبه الخشية والإنابة وحسن التدبر والتفكر, قال الله جل وعلا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}, وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "كفى بخشية الله علمًا وكفى بالاغترار به جهلًا".
وقد يكون منهم من لا يقرأ ولا يكتب, ولكنه بحسن فهمه وتبصره وطلبه لرضوان الله, وانصراف همّته إلى تحقيق مراد الله, وإقباله على الله بالخشية والرجاء, قد علم علمًا عظيمًا فاق به بعض من أفنوا أعمارهم بتحصيله من المتفقهة والأذكياء.
س3: بيّن أهميّة العمل بالعلم.
العمل بالعلم عظيم الشأن وعظيم الثواب, كما قال جلّ وعلا: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِين}.
وقد حذر الله عز وجل من العلم بغير عمل ورتب عليه العقوبة الشديدة, وجاء التحذير من ذلك في الكتاب والسنة:
قال الله تعالى:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.
وجاء في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (يُؤتَى بالرجل يوم القيامة فيُلْقى في النار، فَتَنْدَلِقُ أَقتابُ بطْنِهِ، فَيَدُورُ بها كما يدُور الحمار في الرَّحَى، فيجتمع إليه أهلُ النار، فيقولون: يا فلانُ ما لك؟ أَلم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟! فيقول: بلى، كنتُ آمر بالمعروف ولا آتيه، وأَنْهَى عن المنكر وآتيه).
ولذلك وجب على كل من تعلم علمًا أن يعمل به ولو لمرة واحدة, ليكون من أهله, وليخلُص من المذمة والوعيد.
س4: كيف يتخلّص طالب العلم من آفة الرياء؟
يجب على طالب العلم إخلاص النية لله تعالى في طلب العلم وفي سائر العبادات, فهو شرط لقبول العمل.
وتحقيق الإخلاص لله عز وجل يكون بأمور أهمها:
- الالتجاء إلى الله تعالى وتعظيمه وطلب رضوانه، وصدق الرغبة في فضله وثوابه، والخوف من غضبه وعقابه.
- أن تكون الآخرة هي أكبر همِّ المرء, فيحذر من تعظيم الدنيا وإيثارها على الآخرة، وتفضيل مدح الناس وثنائهم العاجل على ثناء الله على العبد ومحبَّته له.
- قوة اليقين بالله والقرب منه تعالى, فمن أيقن أن الله تعالى يراه ويحصي عمله لم يلتفت إلى ثناء الناس ومدحهم، بل يكون همُّه إحسانُ عمله طلبًا لرضى لله تعالى، ومحبته وحسن ثوابه.
وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم}.
فإذا حصل هذا اليقين للعبد استغنى برؤية الله تعالى له عن مراءاة غيره, وحقق عبودية الإحسان فيعبد الله كأنه يراه.
- معرفة حقيقة الناس , فهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله, وهذا يقطع عن العبد دواعي التعلق بهم ومراءاتهم والاشتغال بهم عن طلب رضى الله عز وجل والإخلاص له.
- أن يطلب العبد العلم للعمل به، والاهتداء بهدى الله وتعظيمه, والفرح بفضل الله ورحمته, إذ هداه لما ينفعه في دينه ودنياه من خير الدنيا والآخرة.
- أن يتذكر ما للمؤمن المخلص لله تعالى من جزاء وفضل, وما للمرائي من عقوبة ووعيد.
فجزاء المؤمن المخلص لله تعالى: أن الله تعالى يحبه ويثني عليه في الملأ الأعلى، ويضع له القبول والمحبة في قلوب عباده, كما قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
وأما من طلب العلم رياءً أو ليصيبَ به عرضًا من الدنيا, فقد توعده الله تعالى كما في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هُريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول من تسعَّر بهم النار يوم القيامة، وذكر منهم: (رَجُلٌ تَعلَّمَ العلمَ وعَلَّمَهُ، وقَرأَ القرآنَ فأُتي به فعرَّفهُ نِعَمهُ فعرَفها؛ قال: فمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قالَ: تعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ.قالَ: كَذَبْتَ، ولكنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ؛ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ).
س5: اكتب رسالة مختصرة في خمسة أسطر لطالب علم صدّته الوسوسة في شأن الإخلاص عن طلب العلم.
اعلم أخي طالب العلم أن جلّ غاية الشيطان هي صدّ الناس عن سبيل الله وعن طاعته سبحانه, فيتحيّل الحيل ويبذل السبل لإغواء الناس وصرفهم عما يرضي الله تعالى, ومن ذلك وسوسته للمؤمن في أمر نيته وتخويفه من عدم تحقيق الإخلاص فيها, حتى يدع فعل الطاعة خوفاً من ذلك، فيُحرم الخير الكثير, وقد يأثم إن كان ما تركه أمرًا واجبًا, ولذا وجب على طالب العلم أن يجتهد في إخلاص النية لله تعالى، واليقين به وفضله وجزائه, وأن يبادر بالالتجاء إليه تعالى, والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، ومجاهدة النفس، ولا يضره بعد ذلك معرفة الناس بعلمه وعبادته.