1: استخرج الفوائد السلوكية من قصة بقرة بني إسرائيل.
من الفوائد السلوكية من قصة بقرة بني إسرائيل:
1) من قوله تعالى: "وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" نتعلم أن نعظم الله تعالى، حيث نسب موسى عليه السلام الأمر لله عزوجل، فالمفترض من القوم السمع والطاعة والاستسلام والمبادرة.
2) من قوله تعالى: "أتتخذنا هزوا" نتيقن من سوء خلق بني إسرائيل، فلا نحسن الظن بأحفادهم، ولا نسعى للتطبيع معهم، لأنهم قوم سوء وتعنت وقلة تعظيم لله ولرسله.
3) من قوله تعالى: "قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين" أتعلم أن لا أستهزئ بأحد من الخلق، لأنه من الجهل والحمق والسفه.
4) من قوله تعالى: "قال أعوذ بالله" أتيقن بحاجتي الماسة للاعتصام بالله لا بأحد سواه، لقدرته التامة على إعاذتي مما يخيفني أو يؤذيني.
5) عندما أمر موسى قومه أن يذبحوا بقرة، تعنتوا في السؤال وأكثروا منه، مع أن لفظ "بقرة" تفيد العموم، بمعنى أن أي بقرة ستفي بالغرض، إلا أنهم شددوا على أنفسهم بكثرة سؤال نبي الله موسى، فشدد الله عليهم بأن خصصها بصفات تندر أن توجد وبالتالي يصعب تحديدها، وزاد الأمر سوءا عليهم لما طُلب ثمنا غاليا لها، فأتعلم أن لا أشدد على من أستفتيه لئلا يشق الأمر علي فلا أستطيعه.
6) ومن كثرة أسئلة بني إسرائيل لموسى عليه السلام وعدم امتثالهم المباشر للأمر أتعلم أن أستسلم لأوامر الله ونواهيه، وأتأدب مع شرعه، وأن أنوي امتثال الأمر منذ ابتدائه، فأنوي الخير استبقاقا بالاستسلام والخضوع للشرع مهما كان الأمر مخالفا لهواي.
7) من قصة بني إسرائيل مع نبي الله موسى وجدت أن القوم من أسوأ الناس طباعا، فقد جمعوا بين الكِبر والخبث وقلة الأدب والشح والتحايل، فلا أثق بوعودهم على وسائل التواصل، وأربي أبنائي على أنهم أعداء لله وقتلة للرسل فلا يوالوهم ولا ينتظروا منهم خيرا ولا يحسنوا الظن بهم.
8) من قوله تعالى: "الآن جئت بالحق" أتعلم أن التأدب مع الأنبياء في حياتهم واجب، ومع سنتهم وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم بعد موته كذلك، فأعلم أبنائي أن يصلوا على الأنبياء عامة إذا ذكروا عندهم، وعلى نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة، وأن يحترموا السنة وأن يحرصوا على اتباعها، وأن يذبوا عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر بسوء، وإن أسيئ له يقوموا بمقاطعة منتجات الدول التي أساءت له عليه الصلاة والسلام.
9) من قوله تعالى: "والله مخرج ما كنتم تكتمون" أتيقن بأن الله يعلم السر وأخفى، وأن ما أسر العبد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه، فأسر الخير، (وأنو الخير، فإني بخير ما نويت الخير) ....أحمد بن حنبل.
10) من قوله تعالى: "فقلنا اضربوه ببعضها" أتعلم أن آخذ بالسبب ولكن دون التعلق به بل الاعتماد على رب الأسباب كلها، فبعض البقرة ميت، ضرب به ميت، ولكن الإحياء هو بيد الله، فأتوكل عليه وأضع كل مطالبي عند بابه، مع الأخذ بالأسباب لأني مأمورة بالأخذ بها.
11) من وقله تعالى "كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته" أؤمن بأن الله هو المحي المميت، القادر على كل شيء، فالمعجزات عنده هينة، وخوارق العادات بيبده، فأضع كل حاجاتي عنده.
12) من قوله تعالى: "لعلكم تشكرون" أؤمن بأن نعم الله علينا عظيمة، أينما حط البصر نرى آلائه وفضله ومنه وجوده وكرمه، فأشكر الله تعالى على كل أسبغه علينا من نعم ظاهرة أو باطنة، أدركناها أم لم نتفطن لها.
13) من قوله تعالى: "فقلنا اضربوه ببعضها" لم يحدد لنا الله تعالى ما هو هذا البعض، فأتعلم أن أهتم بما يفيدي في أمور ديني ودنياي، فلا أتكلف معرفة ما لا يفيدني معرفته.
14) من قوله تعالى: "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك" من المفترض عندما يريني الله آياته جلية، أن أزداد خضوعا ويلين قلبي لله ولطاعته والاستسلام لشرعه، لأنني إن لم أقم بذلك قد يقسو القلب، فلا يعد يستجيب ولا يلين.
15) من قوله تعالى: "فهي كالحجارة" أتعلم كيف أوصل المعلومة للآخرين بتشبيه الأمر المعنوي الذي يصعب أحيانا إدراكه، بالشيء المحسوس المعلوم لدى العامة.
16) من قوله تعالى: "وإن من الحجارة... الآية" أتيقن من قدرة الله على تفجير الماء العذب من الصخور الصماء.
17) من قوله تعالى: "وإن منها لما يهبط من خشية الله" أتعلم أن الجمادات تعرف الله، فلا تكن الجمادات أفقه مني بالله.
18) من قوله تعالى: "وما الله بغافل عما تعملون" أعرف سعة علم الله.
المجموعة الثانية:
: 1 حرّر القول في معنى "أو" في قوله تعالى: {فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة}.
جاء في معنى "أو" عدة أقوال للمفسرين، يمكن اختصارها إلى ثمانية أقوال، هي:
القول الأول: للشك. نفى كلا من الزجاج وابن عطية وابن كثير أن تكون "أو" هنا للشك، بل قالوا باستحالته هنا، حيث معناها: أيها المخاطبون، إنكم لو شاهدتم قسوة قلوبهم لشككتم أهي كالحجارة أو أشد من الحجارة.
القول الثاني: للتخيير والإباحة. ذكره الزجاج وابن كثير. ومعناها: اعلموا أن قلوب هؤلاء إن شبهتم قسوتها بالحجارة فأنتم مصيبون، أو بما هو أشد فأنتم مصيبون. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
- تقول العرب: يؤخذ العلم عن الحسن أو ابن سيرين، فكلاهما أهل لأخذ العلم عنهم، فإن أخذت عن الحسن فأنت مصيب، وإن اخذته عن ابن سيرين فأنت مصيب، وإن أخذته منهما جميعا فأنت مصيب. ذكره الزجاج وابن كثير.
- قال تعالى: "مثلهم كمثل الذي استوقد نارا...الآية" وقوله تعالى: "أو كصيب من السماء ... الآية". ذكره الزجاج وابن كثير.
القول الثالث: هي على جهة الإبهام بالنسبة للمخاطب، كقول القائل: أكلت خبزا أو تمرا وهو يعلم أيهما أكل، وكذلك كقول القائل: كل حلوا أو حامضا، أي لا يخرج عن واحد منهما، والمعنى: أن قلوبكم صارت كالحجارة أو أشد قسوة منها لا تخرج عن واحد من هذين الشيئين. ذكره ابن عطية وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
- قال أبو الأسود الدؤلي: أحب محمدا حبا شديدا وعباسا وحمزة أو عليا
فإن يك حبهم رشدا أصبه ولست بمخطئ إن كان غيا
قال ابن جرير: قالوا: ولا شك أن أبا الأسود لم يكن شاكا في أن حب من سمى رشدا، ولكنه أبهم على من خاطبه، قال: وقد ذكر عن أبي الأسود أنه لما قال هذه الأبيات، قيل له: شككت؟ فقال: كلا والله، ثم انتزع بقول الله تعالى: "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" فقال: أو كان شاكا من أخبر بهذا في الهادي منهم من الضلال؟ ذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الرابع: أن بعضهم من قلبه كالحجر، والبعض الآخر من قلبه أشد من الحجر، فهما فرقتان: واحدة كالحجارة بالقسوة، والأخرى أشد قسوة من الحجارة. رجحه ابن جرير وذكره ابن عطية وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
- قال تعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا..." وقوله تعالى: "أو كصيب من السماء ....." ذكره ابن عطية وابن كثير.
- قال تعالى: "والذين كفروا أعمالهم كسراب..." وقوله تعالى: "أو كظلمات في بحر لجي..." ذكره ابن كثير.
أي منهم من هو هكذا، ومنهم من هو هكذا.
القول الخامس: بمعنى (الواو)، والمعنى: فهي كالحجارة وأشد قسوة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
- قال تعالى: "ولا تطع منهم آثما أو كفورا"، أي وكفورا. ذكره ابن عطية وابن كثير.
- قال النابغة الذبياني: قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد (تريد ونصفه). ذكره ابن كثير.
- قال الشاعر جرير: نال الخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر (يعني نال الخلافة وكانت له قدرا) ذكره ابن عطية وابن كثير.
القول السادس: بمعنى (بل). والمعنى: فهي كالحجارة بل أشد قسوة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
- قال تعالى: "إذا فريقٌ منهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً". ذكره ابن كثير.
- قال تعالى: "وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون" (والمعنى: بل ويزيدون). ذكره ابن عطية وابن كثير.
- قال تعالى: "فكان قاب قوسين أو أدنى". ذكره ابن كثير.
القول السابع: كانت كالحجارة يترجي لها الرجوع والإنابة، كما تتفجر الأنهار ويخرج الماء من الحجارة، ثم زادت قلوبهم بعد ذلك قسوة، بأن صارت في حد من لا ترجى إنابته، فصارت أشد من الحجارة، فلم تخل أن كانت كالحجارة طورا أو أشد طورا. ذكره ابن عطية.
القول الثامن: "فهي كالحجارة أو أشد قسوة" أي عندكم. ذكره ابن كثير.
2: فسّر بإيجاز قوله تعالى: {فبدّل الذي ظلموا قولا غير الذي قيل لهم}.
أمر تعالى بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم، فهي ميراث لهم عن أبيهم إسرائيل، وأمرهم بقتال من فيها من العماليق الكفرة، فقال تعالى: "وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا، وادخلوا الباب سجدا" وهذا أمر فعلي، "وقولوا حطة" وهذا أمر قولي "نغفر لكم خطاياكم، وسنزيد المحسنين" ولكنهم نكلوا عن قتالهم وضعفوا واستحسروا، وبدلوا أوامر الله " فبدّل الذي ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" فبدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل، وقد ذكر المفسرون عدة أقوال في تبديلهم للفعل، وعدة أقوال في تبديلهم للقول.
- أما تبديلهم للفعل وهو أمرهم بدخول القرية سجدا: أي خاضعين متواضعين سجدا ركعا، فقد ذكر المفسرون أربعة أقوال، هي:
القول الأول: دخلوا يزحفون على أستاهم. ذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: دخلوا على شق. ذكره ابن كثير.
القول الثالث: دخلوا مقنعي رؤوسهم أي رافعي رؤوسهم خلاف ما أمروا به. ذكره ابن كثير.
القول الرابع: دخلوا من قبل أدبارهم القهقرى. ذكره ابن عطية.
- وأما تبديلهم القول، فقد ذكر المفسرون عدة أقوال يمكن اختصارها إلى خمسة أقوال، هي:
القول الأول: قالوا: حنطة حبة حمراء في شعرة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: حرفوا هذه اللفظة بقول أمر عظيم سماهم الله به. ذكره الزجاج.
القول الثالث: قالوا: حبة في شعرة. ذكره ابن عطية.
القول الرابع: قالوا: شعيرة. ذكره ابن عطية.
القول الخامس: قالوا: حطي شمعاتا (أو سمعاتا) أزبة مزبا، أي بالعربية: حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء. ذكره ابن عطية وابن كثير.