المجموعة الثانية:
1: استخلص عناصر رسالة ابن رجب رحمه الله.
v إثبات الخشية لله
- إنما تقتضى ثبوت المذكور
- أقوال العلماء في معني "ما"
· "ما" زائدة وتمسى كافة
· " ما" اسم مبهم بمنزلة ضمير الشأن
· "ما" نافية..
· ما موصولة
v نفي الخشية عن غير العلماء
- "إنما" تفيد الحصر تثبت الحكم لمذكور و تنفيه عن غيره.
- الخلاف في دلالة النفي من "إنما" من طريق المفهوم أم المنطق
- الخلاف في دلالة النفي من "إنما" من طريق النص أم الظاهر
- المخالف في إفادة " إنما " الحصر قسمان
· من ينكر المفهوم عموما
· من ينكره في الآية خاصة مع القول به.
- عرض أدلة من ينكر إفادة "أنما" الحصر
· أولا :الحروف الزائدة لا تعطي معنى غير معنى التوكيد
· ثانيا: أكثر ما وردت "إنما" لغير الحصر
- الرد على أدلتهم
· أولا:
- قد ورد " ما" لغير معنى التوكيد في مواضع وإن كان قد نوزع فيه
-المستنكر كون "ما" تأتي لمعنى مغاير لمعنى الحرف الأول أما مجيئها لمعنى آخر من جنس المعنى الأول فهذا غير مستنكر
-دلالة "إنما" على الحصر بطريق العرف و الاستعمال لا بطريق وضع اللغة
* ثانيا: الرد على المواضع التي توهم أن "إنما" لغير الحصر الرد
v نفي العلم عن غير أهل الخشية
-في الآية حصر من الطرفين
- العلم سبب تقتضى الخشية؛ يوجد بوجودها وينفى بانتفائها
v العلم يورث الخشية وأن من لم يخشي الله فليس بعالم
-نقل أقوال السلف في بيان ذلك
-بيان أن العلم يوجب الخشية و أن فقده يستلزم فقد الخشية من سبعة أوجه
· العلم عن الله يورث الخشية
· العلم بحلال والحرام و الوعد والوعيد يوجب الخشية
· معرفة وتصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه كما أن معرفة وتصور حقيقة المحبوب يوجب طلبه.
· الجهل بعظيم قبح الذنب و شدة بغض الله له موقع للذنب و إن كان عالما بالتحريم.
· لا يقدم على الذنب من عرف و تيقن حرمته و علم علمًا تامًّا جازمًا بانّ فعله يضرّه ضررًا راجحًا إلا جاهل ضعيف العقل..لأن قوة العقل تكبح صاحبها عن المعصية..
· لذات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام المعصية.
· من أعظم الجهل من ظن إن إقدامه على السيئة يدفعها بالتوبة فيكون حصل له لذة المعصية والتخلص من شرها
v بيان أن انتفاء الخشية ينتفي معه العلم
- سلب اسم الشيء أو مسماه لانتفاء مقصوده وفائدته وان كان موجودا
2عدد الأقوال الخاطئة واحتمالات الفهم الخاطئ التي بيّن شيخ الإسلام بطلانها في هذه الرسالة.
- ما فهم و ظن أن في الآية نسخ.
- ما فهم أن الله يعاقب على كل ما في النفوس
- أن الله يعاقب لمجرد المشيئة بلا حكمة ولا عدل
-أن الله كلف العبد بما لا يطيقه.ويعذبه عليه.
- أن العبد لا يكون مستطيعا إلا في حالة القيام بالفعل أما قبله فليس بمطيق له.
- أن العبد قادر على تغيير علم الله؛ إن كان الله يعلم أن العبد لا يفعل ثم فعل ؛ أو أن مجرد قدرة العبد على إيقاع الفعل مع علم الله عدم وقوعه .
- خطأ فهم المعتزلة في المراد بالمشيئة فقالوا يشاء ما يكون و يكون ما لا يشاء
- الغلط في فهم معنى الوسع؛ من قال أن الوسع اسم لما يسع الإنسان ولا يضيق عليه.
- أن الله يؤاخذ على الأعمال و الأقوال التي لم يعلمها القلب ولم يتعمدها .
-المؤاخذة بأعمال السر وما أخفي وان لم يكن لها ظهور على الجوارح.
- غلط من قال أن القلب قد يقوم به تصديق أو تكذيب ولا يظهر ذلك قط على اللسان والجوارح
- من فهم وظن أن الإيمان مجرد معرف القلب وتصديقه .
- غلط من ظن أن القلب قد يقوم به قصد وعزم مع قدرة العبد على فعل ما قصده ثم لا يحصل شيء مما قصده
-غلط من ظن أن الهمة إن صارت عزما لا يؤاخذ بها
-غلط من ظن أن القاعدين عن الجهاد كلهم في مرتبة واحدة سواء كانوا من أهل أولي الضرر أم غيرهم.
-غلط من ظن أن تفضيل المجاهدين على القاعدين كلهم سواء كانوا من أهل الضرر أو غير أولى الضرر.
-غلط من فهم قول قوله تعالى " أعظم درجة " درجة واحدة
-غلط من ظن أنه لا يؤاخذ بالعزم القلبي
3-
3: استخلص ما ظهر لك من الأدوات العلمية التي استعملها شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه رسالته مع التمثيل.
1-نقل أقوال السلف في بيان معاني الآيات ونقل أدلتهم .
كما قال..قال كثيرٌ من السّلف والخلف: إنّها منسوخةٌ بقوله: {لا يكلّف اللّه نفسًا إلّا وسعها}كما نقل ذلك عن ابن مسعودٍ وأبي هريرة وابن عمر وابن عبّاسٍ في روايةٍ عنه والحسن والشّعبيّ وابن سيرين وسعيد بن جبيرٍ وقتادة وعطاءٍ الخراسانيّ والسدي ومحمّد بن كعبٍ ومقاتلٍ والكلبيّ وابن زيدٍ ونقل عن آخرين:أنّها ليست منسوخةً.
كما نقل ذلك عن ابن عمر والحسن واختاره أبو سليمان الدّمشقيّ والقاضي أبو يعلى
وذكر دليلهم... وقالوا: هذا خبرٌ والأخبار لا تنسخ
وكلام السّلف يوافق ما ذكرناه قال ابن عبّاسٍ: هذه الآية لم تنسخ ولكنّ اللّه إذا جمع الخلائق يقول: إنّي أخبركم
كما قال :.....سفيان بن عيينة سئل عن قوله: {لا يكلّف اللّه نفسًا إلّا وسعها} قال: إلّا يسرها ولم يكلّفها طاقتها. قال البغوي: وهذا قولٌ حسنٌ.
. ودلّت هذه الآية على أنّه سبحانه يحاسب بما في النّفوس وقد قال عمر: زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
وقد ثبت عن عثمان وغيره من الصّحابة كعبد اللّه بن عبّاسٍ أنّ طلاق السّكران لا يقع ولم يثبت عن صحابيٍّ خلافه
2- توجيه أقوال السلف
... وقد روي عن ابن عبّاسٍ: أنّها نزلت في كتمان الشّهادة وروي ذلك عن عكرمة والشّعبيّ وكتمان الشّهادة من باب ترك الواجب وذلك ككتمان العيب الّذي يجب إظهاره وكتمان العلم الّذي يجب إظهاره وعن مجاهدٍ أنّه الشّكّ واليقين وهذا أيضًا من باب ترك الواجب؛ لأنّ اليقين واجبٌ
3-معرفة مصطلحات القوم...فقد بين معنى النسخ عند السلف وأن له مفهوم عاما مما هو عليه هند المتأخرين ..وهذا مما يساعد جليا في فهم مرادهم في تفسير الآية .
قال :..أنّ لفظ " النّسخ " مجملٌ فالسّلف كانوا يستعملونه فيما يظنّ دلالة الآية عليه من عمومٍ أو إطلاقٍ أو غير.
4-استخدامه لعلوم القران لبيان معاني الآية
-استخدامه لأسباب النزول.
--عن أبي هريرة قال: لمّا أنزل اللّه: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اللّه}اشتدّ ذلك على أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم،...
استخدامه للناسخ والمنسوخ
و" المقصود هنا " أنّ قوله تعالى{وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اللّه}حقٌّ والنّسخ فيها هو رفع فهم من فهم من الآية ما لم تدلّ عليه
استخدامه لمقاصد الآيات.
...ولزم أنّه لا يساوي المجاهدين قاعدٌ ولو كان من أولي الضّرر وهذا خلاف مقصود الآية.
استخدامه لأوقات النزول معرفة المتقدم من المتأخر
....وقضيّة ماعزٍ متأخّرةٌ بعد تحريم الخمر فإنّ الخمر حرّمت سنة ثلاثٍ بعد أحدٍ باتّفاق النّاس
استخدامه لبيان القران بالقران
وقوله: {فيغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء}كقوله في آل عمران: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء واللّه غفورٌ رحيمٌ}وقوله: {ألم تعلم أنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض يعذّب من يشاء ويغفر لمن يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}ونحو ذلك.
-ثمّ قال في فضلهم{درجاتٍ منه ومغفرةً ورحمةً}كما قال: {أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين} {الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم أعظم درجةً عند اللّه وأولئك هم الفائزون} {يبشّرهم ربّهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجنّاتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيمٌ.}فقوله: {أعظم درجةً}، كما قال في السّابقين: {أعظم درجةً}
-ذكر الآيات المتشابهة و التفريق بينها
قال تعالى: {تلك حدود اللّه فلا تقربوها}وهو أوّل الحرام وقال: {تلك حدود اللّه فلا تعتدوها}،وهي آخر الحلال
4-معرفة عقائد القوم؛ و الرد عليهم و إبطالها بإبطال أدلتهم.و إبراز عقيدة السلف
وأمّا " المعتزلة " فعندهم أنّه يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء وأولئك " المجبرة " في جانبٍ وهؤلاء في جانبٍ وأهل السّنّة وسطٌ. و
وزعم جهمٌ ومن وافقه أنّه يكون مؤمنًا في الباطن........ وأنّ مجرّد معرفة القلب وتصديقه يكون إيمانًا يوجب الثّواب يوم القيامة بلا قولٍ ولا عملٍ ظاهرٍ وهذا باطلٌ شرعًا وعقلًا كما قد بسط في غير هذا الموضع وقد كفّر السّلف كوكيع وأحمد وغيرهما من يقول بهذا القول
.........والمقصود أن السّلف لم يكن فيهم من يقول: إنّ العبد لا يكون مستطيعًا إلّا في حال فعله وأنّه قبل الفعل لم يكن مستطيعًا فهذا لم يأت الشّرع به قطّ ولا اللّغة ولا دلّ عليه عقلٌ
... فالّذي عليه السّلف والأئمّة وجمهور النّاس أنّه لا بدّ من ظهور موجب ذلك على الجوارح
5- استعمال الأدلة العقيلة لإقامة الأدلة ولإبطال حجج القوم والرد عليهم..
-بل العقل يدلّ على نقيضه كما قد بسط في غير هذا الموضع..
-.. وإذا قيل: فيلزم أن يكون قادرًا على تغيير علم اللّه لأنّ اللّه علم أنّه لا يفعل فإذا قدر على الفعل قدر على تغيير علم اللّه. قيل: هذه مغلطةٌ
-كاستعماله للقياس.... ثمّ من علّل ذلك بالمعصية لزمه طرد ذلك فيمن زال عقله بغير مسكرٍ كالبنج وهو قول من يسوّي بين البنج والسّكران من أصحاب الشّافعيّ وموافقيه.
-بيان بطلان قول القوم ببطلان لازم قولهم.... . وممّا يلزم هؤلاء أن لا يبقى أحدٌ قادرًا على شيءٍ إلّا الرّبّ
6- استخدامه لغة العرب لبيان معاني الآية.
.أساليب اللغة العربية
: {ولتعرفنّهم في لحن القول}وهو جواب قسمٍ محذوفٍ أي: واللّه لتعرفهم في لحن القول
/ الإعراب
{أعظم درجةً} وهذا نصبٌ على التّمييز
معرفة المفردات
كما قال...قال ابن الأنباريّ في قوله: {ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به}أي لا تحمّلنا ما يثقل علينا أداؤه وإن كنّا مطيقين له على تجشّمٍ وتحمّلٍ مكروهٍ. قال: فخاطب العرب على حسب ما تعقل؛ فإنّ الرّجل منهم يقول للرّجل ما أطيق النّظر إليك وهو مطيقٌ لذلك؛ لكنّه ثقيلٌ عليه النّظر إليه.
و" المحاسبة " تقتضي أنّ ذلك يحسب ويحصى.
و " الوسع " فعلٌ بمعنى المفعول أي ما يسعه لا يكلّفها ما تضيق عنه فلا تسعه وهو المقدور عليه المستطاع
7-بيان المصطلحات الشرعية
. و" الاستطاعة في الشّرع " هي ما لا يحصل معه للمكلّف ضررٌ راجحٌ.
8- مناقشة المخالفين والرد عليهم شبههم.
- وإذا قيل: فيلزم أن يكون قادرًا على تغيير علم اللّه لأنّ اللّه علم أنّه لا يفعل فإذا قدر على الفعل قدر على تغيير علم اللّه. قيل: هذه مغلطةٌ؛ وذلك أنّ مجرّد قدرته..
- وإذا قيل: فمع عدم وقوعه يعلم اللّه أنّه لا يقع فلو قدر العبد على وقوعه قدر على تغيير العلم. قيل ليس الأمر كذلك...
9- التحقيق في مسائل الخلاف و الترجيح فيها
كما قال..و" فصل الخطاب ": أنّ لفظ " النّسخ " مجملٌ.
....والتّحقيق: أنّ الهمّة إذا صارت عزمًا فلا بدّ أن يقترن بها قولٌ أو فعلٌ.
10- ذكر ما يمكن فهمه من الآية من معاني باطلة وتفنيدها.
كما قال فإنّ قوله: {وإن تبدوا ما في أنفسكم } هناك من فهم منها أن الله يعاقب على كلّ ما في النّفوس. وقوله: {لمن يشاء} يقتضي أنّه يغفر ويعذّب بلا حكمةٍ ولا عدلٍ .
فمن فهم أنّ اللّه يكلّف نفسًا ما لا تسعه فقد نسخ اللّه فهمه وظنّه ومن فهم منها أنّ المغفرة والعذاب بلا حكمةٍ وعدلٍ فقد نسخ فهمه وظنّه فقوله: {لا يكلّف اللّه نفسًا إلّا وسعها} ردٌّ للأوّل وقوله: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}ردٌّ للثّاني
11-استخدام لعلوم الحديث
ذكر سند الحديث / ذكر مخرج الحديث / عزو الحديث /
كما قال }قد ثبت في صحيح مسلمٍ عن العلاء بن عبد الرّحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: لمّا أنزل اللّه: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اللّه}اشتدّ ذلك على أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال
وروى سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ معناه ....
12- استخدامه للأحاديث النبوية في بيان معاني الآية
..وفصل الخطاب في الآية أنّ {أولي الضّرر}نوعان: نوعٌ لهم عزمٌ تامٌّ على الجهاد ولو تمكّنوا لما قعدوا ولا تخلّفوا وإنّما أقعدهم العذر فهم كما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ بالمدينة رجالًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلّا كانوا معكم قالوا: وهم بالمدينة قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر)وهم أيضًا كما قال في حديث أبي كبشة الأنماري: (هما في الأجر سواءٌ).
4: "فقد العلم يستلزم فقد الخشية" اشرح هذه العبارة على ضوء ما درست.
بين المصنف أن لعلم يوجب الخشية و أن فقده يستلزم فقد الخشية من سبعة أوجه
1- العلم عن الله يورث الخشية
من أعظم ما يوجب خشية الله عزوجل العلم عنه و عن أسمائه الحسنى و ما له من صفات الجلال و الجمل والكبرياء والعظمة؛ وعدم ذلك يستلزم فقد الخشية وبهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني " وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا" لهذا كانت الملائكة أخشع المخلوقات لله و أطوعهم له لأنها أعلمهم الله وروى ابن أبي الدنيا أثرًا عن زناد بن أبي حبيبٍ أنه بلغه: "أن من حملة العرش من سال من عينه أمثال الأنهار من البكاء فإذا رفع رأسه قال: سبحانك ما تخشى حقّ خشيتك، قال تعالى ذكره: لكن الذين يحلفون باسمي كاذبين لا يعلمون ذلك ".
2-العلم بحلال والحرام و الوعد والوعيد يوجب الخشية..
هذا أيضا مما يورث خشية الله وإحجام النفس عن اقتراف المعصية.مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين
والذي يدفع العبد لاقتراف المعصية هي الشهوة التي فطر عليها..والشهوة لا تستقل بالمعصية إلا إن انضم إلى ذلك الغفلة عن مراقبة الله واطلاعه وبغضه للذنب ..و الغفلة ضد العلم وهى من أفراد الجهل.وهى توجب ضعف الإيمان وهوان النفس.
3-معرفة وتصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه كما أن معرفة وتصور حقيقة المحبوب يوجب طلبه.
4-الجهل بعظيم قبح الذنب و شدة بغض الله له وتفاصيل الوعيد عليه موقع للذنب و إن كان عالما بالتحريم...فجهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه،
5- لا يقدم على الذنب من عرف و تيقن حرمته و علم علمًا تامًّا جازمًا بانّ فعله يضرّه ضررًا راجحًا إلا جاهل ضعيف العقل..لأن قوة العقل تكبح صاحبها عن المعصية..فالزاني والسارق ونحوهما، لو حصل لهم جزم بإقامة الحدود عليهم من الرجم والقطع ونحو ذلك، لم يقدموا على ذلك، فإذا علم هذا فأصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كلّه جهل إما بسيط وإمّا مركب، ولهذا يسمّى حال فعل السيئات الجاهلية، فإن صاحبها في حال جاهليةٍ.
6-لذات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام المعصية..فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك. لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها، كما لا يؤثر أكل الطعام المسموم للذّته إلا من هو جاهل بحاله أو غير عاقل..ومن ظن أنه يتخلص من شرها بتوبةٍ أو عفو أو غير ذلك فهذا ظن في غاية الحمق والجهل..لأنه قد لا يوفق للتوبة لأن المعصية تجلب أختها و القلب إذا أشرب المعصية وأحبها يصعب عليه تركها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ".
-وإذا قدّر أنه تاب منه فقد لا يتمكن من التوبة النصوح الخالصة التي تمحو أثره بالكلية.
- وإن قدّر أنه تمكن من التوبة النصوح ، فلا يقاوم اللذة الحاصلة بالمعصية ما في التوبة النصوح المشتملة على النّدم والحزن والخوف والبكاء وتجشم الأعمال الصالحة؛ من الألم والمشقة، ولهذا قال الحسن: "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة".
-وإن عفي عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها: ما فاته من ثواب المحسنين
منها: ما يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه.
7- من أعظم الجهل من ظن أن بإقدامه على المعصية و تحصيله اللذة العاجلة بإمكانه التخلص من تبعته بسبب من الأسباب الموجبة بالمغفرة ولو حتى بالعفو المجرد فينال بذلك لذة ولا تلحقه مضرة؛ بل الأمر بعكس من ذلك ؛ فإن للذنوب ظلمة وقسوة وحزن وهم وغم و إن للطاعة نور وراحة وطمأنينة وطيب النفس ورقة القلب.
وبهذه الوجوه السبعة تبيّن أنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل.... جاهل بربه وما يستحقه من التعظيم والتوقير..جاهل بشرعه بأوامره ونواهيه بحلاله وحرامه ووعده ووعيده..جاهل بحقيقة قبح الذنب وعظيم بغض الله. له .....جاهل بحصول ضرر المعصية و أنه واقع لا محال وراجح على لذة المعصية..جاهل أنه لا نسبة بين لذة المعصية ,بين لآلامها المترتبة عليها..جاهل بعدم قدرته على التوبة وأنه قد يحال بنيه وبينها ..جاهل بأن المعصية تجلب أختها... جاهل بما يحصل له من فوات الفضائل وما يحصل له من الآلام لو غفر له..
;
والله أعلم
جزاكم الله خيرا على هذه الرسائل القيمة..وإن كانت تحتاج وقتا أكثر من هذا