(و)
1: للعصمة من كيد الشيطان عشرة أسباب، اذكرها.
الأول: وهو أهمها وأقواها: الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, فالشيطان لا يقبل المصانعة ولا المداهنة, فلا سبيل لرد كيده إلا بالإعتصام بربه رب العالمين, وكلما كان الإيمان واليقين في قلب العبد أقوى, كان أثر الإستعاذة أسرع وأقوى, وقد علمنا الله سبحانه وتعالى أن نتعوذ من الشيطان لدفع أذاه, وأخبرنا إنه سبحانه سميع مجيب لنا.
الثاني: قراءة المعوذتين, سورتي الفلق والناس, وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام, بأنه"ما تعوذ المتعوذون بمثلهما", وأمر بقراءتهما بعد الصلاة, وان يتعوذ بهما كل ليلة عند النوم, وقد قال عليه الصلاة والسلام:"إن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثا حين يصبح وثلاثا حين يمسي كفته من كل شيئ".
الثالث: قراءة آية الكرسي, وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه, لما وكله الرسول عليه الصلاة والسلام, بحفظ الزكاة, فجاءه آت وجعل يحثو منها, فكان يمسكه ويتهدده برفع أمره إلى الرسول عليه الصلاة والسلام, فيرجوه أن يتركه, فيتركه, وفي المرة الثالثة تركه بعد أن يعلمه كلمات ينفعه الله بها:"إِذَا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح", فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:"صدقك وهو كذوب, ذاك الشيطان".
الرابع: قراءة سورة البقرة, وقد قال عليه الصلاة والسلام عنها:"لاتجعلوا بيوتكم قبورا, وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يقربه الشيطان".
الخامس: قراءة أواخر سورة البقرة, وقد قال عليه الصلاة والسلام:"من قرأ الآيتين في آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه".
السادس: أوائل سورة حم المؤمن, إلى قوله تعالى:"إليه المصير", مع آية الكرسي, لقوله عليه الصلاة والسلام:" من قرأ حم المؤمن إلى قوله تعالى:"إليه المصير", وآية الكرسي, حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي, ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح, والحديث فيه مقال, وذكر ابن القيم إن للحديث شواهد وهو محتمل مع غرابته.
السابع: وهو حرز عظيم يسير على من يسره الله له, وهو قول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير" مائة مرة, لقوله عليه الصلاة والسلام:"من قال :لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير مائة مرة, كانت له عدل عشر رقاب,وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة, وكانت له حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي, ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذذلك".
الثامن: كثرة ذكر الله, فهو الحصن الحصين الذي يعصم الإنسان من كيد الشيطان, ويجهد به المسلم شيطانه, وقد جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام, إن يحيى عليه السلام, أمر قومه بخمس كلمات, منها:"وآمركم أن تذكروا الله,فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منه, كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله", وقد وصف الله سبحانه وتعالى, الشيطان بأنه "خناس" أي ينقبض وينكمش إذا ذكر العبد ربه, أما إذا غفل, فيجري في عروقه مجرى الدم, ويصل للقلب ويلتقمه, فيوجهه كيف يشاء.
التاسع: الوضوء والصلاة, فالشيطان يستغل ضعف العبد في حالة الغضب أو الشهوة, وهما نار تغلي في الإنسان, والوضوء يذهب أثره, والصلاة التامة كما أمر بها الله نعالى, لها عظيم الأثر في اطفاء هذه النار, وقد قال عليه الصلاة واسلام:"إن الشيطان خلق من نار وإنما تطفأ النار بالماء".
العاشر: ترك فضول النظر والطعام والكلام ومخالطة الناس, فالإكثار من هذه الأمور, يوسع ويسهل مداخل الشيطان للعبد, وقد قال عليه الصلاة واسلام:"النظرة سهم من سهام إبليس, فمن غض بصره لله أورثه الله حلاوة يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه", أما فضول الكلام, فقد قال عليه الصلاة والسلام تحذيرا من آفات اللسان:"وهل يكب الناس على منخرهم في جهنم إلا حصائد السنتهم", فكم من كلمة ظنها قائلها هينة, وهي عند الله عظيمة, أهوت بقائلها إلى قعر جهنم, أما فضول الطعام, فهي تمثل حاجزا يمنع صاحبها من أداء الطاعات, أو التنشط للعبادات, وإذا شبع صال الشيطان في عروقه وجال, لذلك كان الصيام يضيق مجاري الشيطان في ابن آدم, فيخف كيده عنه, وقد قال عليه الصلاة والسلام:"ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه", أما المخالطة, فينبغي للعبد أن يأخذ منها على قدر حاجته, ولا يسترسل فيها, لما تجلبه من أنواع البلايا وخسران الدنيا والأخرة, والناس فيها على أربعة أقسام:
الأول: من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة, إن احتاج إليها خالطه, وإن أخذ حاجته تركه, وهكذا الحال على الدوام, وهذا النوع نادر كالكبريت الأحمر.
الثاني: من مخالطته كالدواء, إن احتاج منها خالطه, وإن خالطه فيكون بمقدار حاجته لذلك, وإلا لم يفعل.
الثالث: من مخالطته كالداء, على اختلاف في مراتبه ودرجاته وقوته وضعفه.
الرابع: من مخالطته فيها الهلاك, وهذا النوع كثير, وهم أهل البدع, وكل من يصد عن السنة أو المعروف ويدعو إلى خلافها.
2:اذكر دليل ما يلي مما درست: التوكل على الله من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم.
قال تعالى:"ومن يتوكل على الله فهو حسبه", فالتوكل على الله من أعظم الأسباب لدفع العبد ما لايطيقه, فهو مع ضعفه تعرض له الكثير من الأمور التي يشق عليه صرفها أو التعامل معها, ولا حيلة له بردها إلا التوكل على الله, بل يجب أن يكون توكل المؤمن على ربه في كل صغيرة وكبيرة, وقد قال بعض السلف:جعل الله لكل عمل جزاء من جنسه, وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته عبده.
3: بيّن معنى قوله تعالى:{ولذكر الله أكبر}.
جاء في معناها أربعة أقوال:
الأول: إن ذكر الله سبحانه وتعالى, أكبر من اي شيئ, فلا شيئ يعادله, ولا شيئ يقوم مقامه, فهو أعظم الطاعات.
الثاني: إن العبد إذا ذكر الله, ذكره الله سبحانه وتعالى, وكان ذكر الله له أعظم وأكبر من ذكر العبد.
الثالث: إن ذكر الله أكبر من أن تبقى معه فاحشة أو منكر, فهو يمحق كل معصية وكل خطيئة من عظمته ومكانته.
الرابع: ذكره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى, في معنى الآية, فقال إن في الصلاة فائدتان: الأولى: إنها تنهى عن الفحشاء والمنكر, والثانية: إن تشتمل على ذكر الله, وما اشتملت عليه من ذكر الله سبحانه وتعالى, أكبر وأعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر.