دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الآخرة 1431هـ/7-06-2010م, 03:31 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 22: قصيدة سلامة بن جندل السعدي: أَودى الشّبابُ حَمِيداً ذُو التّعاجِيبِ = أَودَى وذلكَ شَأوٌ غَيرُ مَطْلوبِ

قال سلامة بن جندل السعدي

أَوْدَى الشَّبابُ حَمِيداً ذُو التَّعاجِيبِ = أَوْدَى وذلكَ شَأْوٌ غَيْرُ مَطْلُوبِ
وَلَّى حَثِيثاً وهذا الشَّيْبُ يَطْلبُهُ = لو كان يُدْرِكُهُ رَكْضُ اليَعَاقِيبِ
أَوْدَى الشَّبابُ الَّذِي مَجْدٌ عَوَاقِبُهُ = فيهِ نَلَذُّ، ولا لَذَّاتِ لِلشِّيبِ
وللشبابِ إِذا دامَت بَشَاشَتُهُ = وُدُّ القلوبِ مِن البِيضِ الرَّعابيبِ
إِنَّا إِذا غَرَبَتْ شمسٌ أَو ارتفعتْ = وفي مَبارِكِها بُزْلُ المَصَاعِيبِ
قد يَسْعَدُ الجارُ والضَّيفُ الغريبُ بِنا = والسائلونَ، ونُغْلِي مَيْسِرَ النِّيب
وعندَنا قَيْنَةٌ بيضاءُ ناعِمَةٌ = مِثْلُ المَهاةِ مِن الحُورِ الخَرَاعِيبِ
تُجْرِي السِّوَاكِ على غُرٍّ مُفَلَّجَةٍ = لم يَغْرُها دَنَسٌ تحتَ الجَلاَبيبِ
دَعْ ذا وقُلْ لِبَني سعدٍ لِفَضْلِهِم = مَدْحاً يَسِيرُ به غادِي الأَرَاكِيبِ
يَومَانِ يومُ مَقَامَاتٍ وأَنْدِيَةٍ = ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعداءِ تَأْوِيبِ
وكَرُّنا خَيْلَنَا أَدْرَاجَها رُجُعاً = كُسَّ السَّنابِكِ مِن بَدْءٍ وتَعْقِيبِ
والعادِياتِ أَسِابِيُّ الدِّماءِ بها = كأَنَّ أَعْناقَها أَنْءصابُ تَرْجِيبِ
مِن كُلِّ حَتٍّ إِذَا ما ابْتَلَّ مُلْبَدُهُ = صَافِي الأَدِيمِ أَسِيل الخَدِّ يَعْبُوبِ
يَهْوِي إِذَا الخيلُ جازَتْهُ وثارَ لهَا = هَوِيَّ سَجْلٍ من العَلياءِ مَصْبُوبِ
لَيْسَ بِأَسْفَى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ = يُعْطَى دَوَاءَ قَفيِّ السَّكْنِ مَربُوبِ
في كلِّ قائِمَةٍ منهُ إِذا انْدَفَعَتْ = منهُ أَسَاوٍ كَفَرْغِ الدَّلْوِ أُثْعُوبِ
كأَنَّهُ يَرْفَئِيٌّ نَامَ؟ عن غَنَم = مُسْتَنْفِرٌ في سَوَادٍ اللَّيْل مَذْؤوُبُ
يَرْقَى الدَّسِيعُ إِلى هادٍ لهُ بَتِعٍ = في جُؤْجُؤٍ كَمَدَاكِ الطِّيبِ مَخْضُوبِ
تظاهَرَ النَّيُّ فيهِ فَهْوَ مُحْتَفِلٌُ = يُعْطِي أَسَاهِيَّ مِن جَرْيٍ وتَقْرِيبِ
يُحاضِرُ الجُونَ مُخْضَرَّاً جَحافِلُها = ويسْبِقُ الأَلْف عَفْواً غَيْرِ مَضْرُوبِ
كم مِن فقيرٍ بإِذنِ اللهِ قد جَبَرَتْ = وذى غِنىً بَوَّأَتْه دارَ مَحْرُوبِ
مِمَّا تُقَدَّمُ في الهَيْجا إِذَا كُرِهَتْ = عندَ الطِّعانِ وتُنْجِي كلَّ مَكرُوبِ
هَمَّتْ مَعَدٌّ بِنَا هَمًّا فَنَهْنَهَهَا = عنَّا طِعانٌ غيرُ تذْبِيبِ
بالمَشْرِفِّى ومَصْقُولٍ أَسِنَّتُها = صُمِّ العَوامِلِ صَدْقَاتِ الأَنابِيبِ
يَجْلُو أَسِنَّتَها فِتْيِانُ عادِيَةٍ = لا مُقْرِفِينَ ولا سُودٍ جَعَابِيبِ
سَوَّى الثِّقَافُ قَنَاها فَهْيَ مُحْكَمَةٌ = قليلةُ الزَّيْعِ من سَنٍّ وترْكيبِ
زُرقاً أَسِنَّتُها حُمْراً مُثَقَّفَةً = أَطْرَافُهُنَّ مقِيلٌ لِليَعَاسِيبِ
كأَنَّها بأَكُفِّ القومِ إِذْ لَحِقُوا = مَوَاتِحُ البِئْرِ أَو أَشْطَانُ مَطْلُوبِ
كِلاَ الفَرِيقَينِ أَعلاهم وَأَسفَلُهُمْ = يَشْقَى بأَرْماحِنا غيرَ التَّكاذِيبِ
إِنِّي وجدتُ بَنِي سعْدٍ يُفَضِّلُهُمْ = كلُّ شِهَابٍ علَى الأَعْدَاءِ مَشْبُوبِ
إِلى تَمِيمٍ حُماةِ العِزِّ نِسبَتُهُمْ = وكلُّ ذِي حَسَبِ في النَّاسِ مَنْسُوبِ
قوَمٌ، إِذا صَرَّحَتْ كَحْل، بُيوتُهُمُ = عِزُّ الذَّلِيل ومَأْوَى كلِّ قُرْضُوبِ
يُنْجِيهِمُ مِن دَوَاهِي الشَّرِّ إِنْ أَزَمَتْ = صَبْرٌ عليها وقِبْصٌ غيرُ مَحْسُوبِ
كُنَّا نَحُلُّ إِذَا هَبَّتْ شآمِيَةً = بكلِّ وادٍ حَطِيبِ الجَوْفِ مَجْدُوبِ
شِيبِ المَبَارِكِ مَدْروسٌ مَدَافِعُهُ = هَابِي المرَاغِ قليلِ الوَدْقِ مَوْظُوبِ
كُنَّا إِذَا ما أَتانا صارخٌ فَزِعٌ = كان الصُّراخُ لهُ قَرْعُ الظَّنابِيبِ
وشَدَّ كُورٍ علَى وَجْنَاءَ ناجِيَةٍ = وشَدَّ سَرْجٍ على جَرْدَاءَ سُرْحُوبِ
يُقالُ مَحْبِسُها أَدْنَى لِمَرْتَعَهِا = وإِنْ تَعادَى بِبُكْءٍ كلُّ مَحْلُوبِ
حتَّى تُركنا وما تُثْنَى ظَعائِنُنَا = يَأْخُذْنَ بينَ سوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 06:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

22


وقال سلامة بن جندل السعدي



1: أَوْدَى الشَّبابُ حَمِيداً ذُو التَّعاجِيبِ = أَوْدَى وذلكَ شَأْوٌ غَيْرُ مَطْلُوبِ
2: وَلَّى حَثِيثاً وهذا الشَّيْبُ يَطْلبُهُ = لو كان يُدْرِكُهُ رَكْضُ اليَعَاقِيبِ
3: أَوْدَى الشَّبابُ الَّذِي مَجْدٌ عَوَاقِبُهُ = فيهِ نَلَذُّ، ولا لَذَّاتِ لِلشِّيبِ
4: وللشبابِ إِذا دامَت بَشَاشَتُهُ = وُدُّ القلوبِ مِن البِيضِ الرَّعابيبِ
5: إِنَّا إِذا غَرَبَتْ شمسٌ أَو ارتفعتْ = وفي مَبارِكِها بُزْلُ المَصَاعِيبِ
6: قد يَسْعَدُ الجارُ والضَّيفُ الغريبُ بِنا = والسائلونَ، ونُغْلِي مَيْسِرَ النِّيب
7: وعندَنا قَيْنَةٌ بيضاءُ ناعِمَةٌ = مِثْلُ المَهاةِ مِن الحُورِ الخَرَاعِيبِ
8: تُجْرِي السِّوَاكِ على غُرٍّ مُفَلَّجَةٍ = لم يَغْرُها دَنَسٌ تحتَ الجَلاَبيبِ
9: دَعْ ذا وقُلْ لِبَني سعدٍ لِفَضْلِهِم = مَدْحاً يَسِيرُ به غادِي الأَرَاكِيبِ
10: يَومَانِ يومُ مَقَامَاتٍ وأَنْدِيَةٍ = ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعداءِ تَأْوِيبِ
11: وكَرُّنا خَيْلَنَا أَدْرَاجَها رُجُعاً = كُسَّ السَّنابِكِ مِن بَدْءٍ وتَعْقِيبِ
12: والعادِياتِ أَسِابِيُّ الدِّماءِ بها = كأَنَّ أَعْناقَها أَنْصابُ تَرْجِيبِ
13: مِن كُلِّ حَتٍّ إِذَا ما ابْتَلَّ مُلْبَدُهُ = صَافِي الأَدِيمِ أَسِيل الخَدِّ يَعْبُوبِ
14: يَهْوِي إِذَا الخيلُ جازَتْهُ وثارَ لهَا = هَوِيَّ سَجْلٍ من العَلياءِ مَصْبُوبِ
15: لَيْسَ بِأَسْفَى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ = يُعْطَى دَوَاءَ قَفيِّ السَّكْنِ مَربُوبِ
16: في كلِّ قائِمَةٍ منهُ إِذا انْدَفَعَتْ = منهُ أَسَاوٍ كَفَرْغِ الدَّلْوِ أُثْعُوبِ
17: كأَنَّهُ يَرْفَئِيٌّ نَامَ عن غَنَم = مُسْتَنْفِرٌ في سَوَادٍ اللَّيْل مَذْؤوُبُ
18: يَرْقَى الدَّسِيعُ إِلى هادٍ لهُ بَتِعٍ = في جُؤْجُؤٍ كَمَدَاكِ الطِّيبِ مَخْضُوبِ
19: تظاهَرَ النَّيُّ فيهِ فَهْوَ مُحْتَفِلٌُ = يُعْطِي أَسَاهِيَّ مِن جَرْيٍ وتَقْرِيبِ
20: يُحاضِرُ الجُونَ مُخْضَرَّاً جَحافِلُها = ويسْبِقُ الأَلْف عَفْواً غَيْرِ مَضْرُوبِ
21: كم مِن فقيرٍ بإِذنِ اللهِ قد جَبَرَتْ = وذي غِنىً بَوَّأَتْه دارَ مَحْرُوبِ
22: مِمَّا تُقَدَّمُ في الهَيْجا إِذَا كُرِهَتْ = عندَ الطِّعانِ وتُنْجِي كلَّ مَكرُوبِ
23: هَمَّتْ مَعَدٌّ بِنَا هَمًّا فَنَهْنَهَهَا = عنَّا طِعانٌ وضرب غيرُ تذْبِيبِ
24: بالمَشْرِفِّي ومَصْقُولٍ أَسِنَّتُها = صُمِّ العَوامِلِ صَدْقَاتِ الأَنابِيبِ
25: يَجْلُو أَسِنَّتَها فِتْيِانُ عادِيَةٍ = لا مُقْرِفِينَ ولا سُودٍ جَعَابِيبِ
26: سَوَّى الثِّقَافُ قَنَاها فَهْيَ مُحْكَمَةٌ = قليلةُ الزَّيْعِ من سَنٍّ وترْكيبِ
27: زُرقاً أَسِنَّتُها حُمْراً مُثَقَّفَةً = أَطْرَافُهُنَّ مقِيلٌ لِليَعَاسِيبِ
28: كأَنَّها بأَكُفِّ القومِ إِذْ لَحِقُوا = مَوَاتِحُ البِئْرِ أَو أَشْطَانُ مَطْلُوبِ
29: كِلاَ الفَرِيقَينِ أَعلاهم وَأَسفَلُهُمْ = يَشْقَى بأَرْماحِنا غيرَ التَّكاذِيبِ
30: إِنِّي وجدتُ بَنِي سعْدٍ يُفَضِّلُهُمْ = كلُّ شِهَابٍ علَى الأَعْدَاءِ مَشْبُوبِ
31: إِلى تَمِيمٍ حُماةِ العِزِّ نِسبَتُهُمْ = وكلُّ ذِي حَسَبِ في النَّاسِ مَنْسُوبِ
32: قوَمٌ، إِذا صَرَّحَتْ كَحْل، بُيوتُهُمُ = عِزُّ الذَّلِيل ومَأْوَى كلِّ قُرْضُوبِ
33: يُنْجِيهِمُ مِن دَوَاهِي الشَّرِّ إِنْ أَزَمَتْ = صَبْرٌ عليها وقِبْصٌ غيرُ مَحْسُوبِ
34: كُنَّا نَحُلُّ إِذَا هَبَّتْ شآمِيَةً = بكلِّ وادٍ حَطِيبِ الجَوْفِ مَجْدُوبِ
35: شِيبِ المَبَارِكِ مَدْروسٌ مَدَافِعُهُ = هَابِي المرَاغِ قليلِ الوَدْقِ مَوْظُوبِ
36: كُنَّا إِذَا ما أَتانا صارخٌ فَزِعٌ = كان الصُّراخُ لهُ قَرْعُ الظَّنابِيبِ
37: وشَدَّ كُورٍ علَى وَجْنَاءَ ناجِيَةٍ = وشَدَّ سَرْجٍ على جَرْدَاءَ سُرْحُوبِ
38: يُقالُ مَحْبِسُها أَدْنَى لِمَرْتَعَهِا = وإِنْ تَعادَى بِبُكْءٍ كلُّ مَحْلُوبِ
39: حتَّى تُركنا وما تُثْنَى ظَعائِنُنَا = يَأْخُذْنَ بينَ سوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ




ترجمته: سلامة بن جندل بن عمرو بن عبيد بن الحرث، وهو مقاعس، بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. شاعر جاهلي قديم، وكان من فرسان العرب المعدودين، وأشدائهم المذكورين، وكان أحد من يصف الخيل فيحسن، وأجود شعره هذه القصيدة، كما قال ابن قتيبة. وكان أخوه أحمر بن جندل من الشعراء الفرسان أيضًا.
جو القصيدة: أسف على شبابه، ثم فخر بجوده وجود قبيلته، واعتز بقومه بني سعد في السلم والحرب، خطباء شجعانا. ونعت خيلهم ونفعها. ثم عرض لبني معد، وأنهم هموا بقومه، فردوا بالحرب والطعان. ووصف السيوف والرماح، وفخر بفرسان قومه ونجدتهم للفزع.
تخريجها: كلها في منتهى الطلب 1: 24-25 ما عدا الأبيات 4-9 فإننا زدناها عن نسختي فينا والمتحف البريطاني. وهي أيضا في ديوان سلامة المطبوع في بيروت سنة 1910 عن روايتي الأصمعي وأبي عمرو الشيباني، ما عدا الأبيات 4-9، 16، 17، 27. وهي أيضا في كتاب شعراء الجاهلية الموسوم خطأ بشعراء النصرانية 486-490 في 50 بيتا مختلفة الترتيب والرواية، وفيها بيت مكرر بروايتين، ولم يذكر فيها الأبيات 4، 7، 8، 14 ولسنا نستطيع الوثوق بهذه الرواية إذ لم تبين مصادرها. والأبيات 1-3 في الشعراء 147 والخزانة 2: 85 مع البيت 10. والبيت 2 في الأمالي 1: 185. والبيت 15 فيه 3: 209. والبيتان 25، 27 في النوادر 35. والبيت 32 في الميداني 1: 355. والأبيات 34، 35، 38، 39، مشروحة في مجالس ثعلب 1: 276-277. والبيت 36 في الكامل 1: 4، والأضداد 54 و208. والبيت 38 في الكامل 2: 794. والبيت 39 في الأمالي 1: 10. والأبيات 36-39 في سمط اللآلي 1: 47. ونقل المرصفي في شرح الكامل 1: 11-12 القصيدة عن رواية المفضليات دون مازدناه. وانظر الشرح 224-245.
(1) أودى: هلك، وأراد: ذهب. ثم كررها على التفجيع والتوكيد. ذو التعاجيب: كثير العجب، يعجب الناظرين إليه ويروقهم، والتعاجيب جمع لا واحد له. الشأو: السبق، يقال شأوته إذا سبقته. يقول: وذلك الإيداء والذهاب شأو سابق، لا يدرك ولا يطلب.
(2) حثيثا: سريعا. اليعاقيب: جمع يعقوب، وهو ذكر الحجل، وخصه لسرعته. يقول: لو كان ركض اليعاقيب يدركه لطلبته، ولكنه لا يدرك. و(ركض) مرفوع، ورواه أبو عمرو منصوبا، وهو يوافق ما في الشعر والشعراء.
(3) يقول: إذا تعقبت أمور الشباب وجد في عواقبه العز وإدراك الثأر والرحلة في المكارم، وليس في الشيب ما ينتفع به، إنما فيه الهرم والعلل. وقوله (ولا لذات) يجوز فيه أيضا فتح التاء، ويكون مبنيا على الفتح. ففي الخزانة 2: 58 البيت شاهد (على أن جمع المؤنث السالم يبنى على الفتح مع (لا) بدون تنوين، وأن شراح الألفية رووا البيت بالفتح والكسر، كما يجوز مثله في جمع المؤنث السالم المبني مع (لا).
(4) الرعابيب: جمع رعبوب ورعبوبة، وهي الجارية البيضاء الحسنة الرطبة الحلوة.
(5) المصاعيب: جمع مصعب، بضم الميم وفتح العين، وهو الفحل من الإبل.
(6) الميسر: اللعب بالقداح. وأراد به هنا الجزور التي يتقامر عليها. النيب: جمع ناب، وهي المسنة من النوق. وإغلاؤها: شراؤها بثمن غال.
(7) القينة: الأمة المغنية. المهاة: البقرة الوحشية. الخراعيب: جمع خرعوب، وهي الشابة الحسنة القوام الرخصة اللينة.
(8) الثنايا الغر: البيضاء. المفلجة: ذوات الفلج، وهو تباعد ما بينها. لم يغرها: لم يلصق بها. أراد أنها عفيفة.
(9) الأراكيب: جمع أركوب، بضم الهمزة وهو أكثر عددا من الركب الذي هو جمع راكب. وهذه الأبيات الستة 4-9 زيادة من نسختي فينا والمتحف البريطاني، أثبتها المستشرق ليال بحاشية الشرح، ولم يذكرها الأنباري.
(10) يومان: أي لبني سعد. المقامات: جمع مقامة، بفتح الميم، وهي المجلس، أو بضمها، وهي الإقامة. الأندية: الأفنية، والندي والنادي سواء، وهو ما حول الدار وإن لم يكن مجلسا. يريد بيوم المقامات والأندية مواقف الخطابة ونحوها. التأويب: سير يوم إلى الليل.
(11) الكر: الرجوع. أدراجها رجعا: يقال رجع أدراجه وعلى أدراجه، أي في الطريق بدأ فيه. السنابك: مقاديم الحوافر. والكسس: أصله تحات الأسنان، فاستعاره للسنابك، وأراد أنها تثلمت من كثرة السير، لثلم الحجارة إياها وأكل الأرض لها. من بدء وتعقيب: من غزو ابتدأناه وغزو عقبنا به.
(12) العاديات: الخيل. الأسابي: الطرائق، الواحدة إسباءة. ترجيب: تعظيم، أو الذبح على الأنصاب في رجب. شبه أعناقها لما عليها من الدم بالحجارة التي يذبح عليها.
(13) الحت: السريع. ملبد الفرس: موضع اللبد منه. صافي الأديم: صفا جلده لحسن القيام عليه وقصر شعره. يعبوب: كثير الجري، وهو مشتق من عباب البحر، وهو ارتفاع أمواجه.
(14) جازته: فاتته. السجل: الدلو العظيمة. وهذا البيت لم يذكر في رواية الأنباري، وزدناه من منتهى الطلب، ونقل مصحح الشرح أنه ثابت في نسختي فينا والمتحف البريطاني.
(15) الأسفى: الخفيف شعر الناصية. الأقنى: الذي في أنفه احديداب، قال أبو عمرو: القنا في الناس محمود وفي الخيل مذموم. السغل: المضطرب الأعضاء. الدواء هنا: اللبن تغذى به الخيل وتؤثر. القفي: الضيف الكريم، أو ما يخبأ له من طعام يخص به. السكن: أهل الدار، اسم لجمع ساكن، كشارب وشرب. المربوب: الذي يغذى في البيوت، لا يترك يرود لكرامته على أهله.
(16) الأثاوي: الدفعات من الجري. وهذا الحرف فات المعاجم. فرغ الدلو: مخرج الماء منها. أثعوب: سائل منثعب. شبه دفعات جريها بانصباب الماء من الدلو في السهولة.
(17) اليرفئي: راعي الغنم. مذؤوب: جاءه الذئب، قال الأنباري: (مذؤوب يكون في هذا الموضع خفضا ورفعا، فمن رواه رفعا كان إقواء: فقد أقوت فحول الشعراء، ومن رواه خفضا جعله نعتا للغنم، ووحده والغنم جمع لأن الغنم على لفظ الواحد). نقول: وكذلك (مستنفر) شبه فرسه لحدته وطموح بصره بالراعي نام عن غنمه حتى وقعت فيها الذئاب فقام من نومه مذعورا. ونقل الأنباري أن الأصمعي نسب هذا البيت لأبي دؤاد.
(18) الدسيع: مغرز العنق في الكاهل. الهادي هنا: العنق. البتع: الطويل. الجؤجؤ: الصدر، و(في) بمعنى (مع). مداك الطيب: الصلاية التي يسحق عليها، شبه به صدر الفرس في الملاسة. مخضوب: مضرج بدماء الصيد أو العدو.
(19) تظاهر الني: ركب الشحم بعضه بعضا. المحتفل: الكثير المجتمع. الأساهي: الضروب والفنون، لا واحد لها. التقريب: دون الجري.
(20) الجون، بضم الجيم: جمع جون بفتحها، يقال للأبيض وللأسود. وأراد بها هنا الحمر الوحشية. يحاضرها: يطاولها الحضر، وهو شدة الجري. الجحافل للحمير بمنزلة للشفاه من الناس. واخضرارها من أكل الخضرة، وذلك أشد لها وأسرع. الألف: ألف فرس. عفوا: على هينة.
(21) جبرت: أغنت ولمت شعثه. بوأته: أنزلته. المحروب: الذي حرب ماله وسلب. يريد: كم أغنت من فقير وأفقرت من غني. دار محروب: أي جعلت دار هذا الغني دار فقير.
(22) يقول: هذا الفرس من الخيل التي تقدم في الحرب، إن طلب أدرك، وإن طلب فات.
(23) نهنهها: كفها. التذبيب: مبالغة في الذب وهو الدفع والمنع والطرد. أراد غير ضعيف كما تذب السباع، ولكن ضرب صادق.
(24) العوامل: أعالي الرماح. صم: غير مجوفة. صدقات، بسكون الدال: صلبات. الأنابيب: ما بين عقد الرمح.
(25) يجلون أسنتها: يصلحونها ويتعاهدونها. العادية: الحرب. المقرف: الذي دانى الهجنة، والهجين: الذي ولدته الإماء. الجعابيب: القصار الضعاف، الواحد جعبوب، بضم الجيم.
(26) الثقاف: خشبة في وسطها ثقب يقوم بها الرماح إذا اعوجت. الزيغ: الاعوجاج. السن: التحديد. التركيب: تركيب النصال.
(27) جعل أسنتها زرقا لشدة صفائها، وحمرا لأنه إذا اشتد الصفاء خالطته شكلة، أي حمرة. اليعاسيب: الرؤوساء، يريد أنهم يقتلون الرؤوساء فيرفعون رؤوسهم على أسنتها.
(28) مواتح البئر: حبال يمتح بها، أي ينتزع بها الماء. الأشطان: الحبال الطوال، واحدها شطن، بفتحتين. مطلوب: بئر بعيدة القعر بين المدينة والشأم.
(29) يعني فريقي معد، من كان منهم معاليا بأرض نجد فهم عليا معد، ومن كان منهم متسافلا فهم سفلى معد.
(30) الشهاب: أصله الشعلة الساطعة من النار، وأراد به هنا الرجل الماضي في أمره. مشبوب: مقوى، من قولهم شببت النار إذا قويتها.
(32) صرحت: خلصت فليس فيها شيء من الخصب. كحل: اسم للسنة الشديدة المجدبة. القرضوب والقرضاب: الفقير.
(33) أزمت: عضت. القبص، بكسر القاف: العدد الكثير. غير محسوب: لا يعد من كثرته.
(34) شآمية: من ناحية الشأم، وهي ريح الشمال. حطيب الجوف: كثير الحطب. يقول: ننزل في ذلك الوقت، وهو الجدب وشدة الزمان، بالأودية الكثيرة الحطب، لنعقر ونطبخ، ولا نبالي أن يكون المنزل مجدوبا. والمجدوب ههنا: المعيب المذموم.
(35) المبارك: أراد بها الوادي كله، لا مبارك الإبل وحدها. وجعلها شيبا لبياضها من الجدب والصقيع. المدافع: مجاري الماء. مدروس: درست آثارها وغطاها التراب لبعد عهدها بالماء. هابي المراغ: منتفخ لم يتمرغ عليه بعير مذ مدة. الودق: المطر. موظوب: واظبت عليه السنون والجدب، أي لازمته.
(36) الصارخ: المستغيث. الصراخ: الإغاثة. الظنبوب. حرف عظم الساق، يقال قد قرع ظنبوبه لهذا الأمر، أي عزم عليه.
(37) الكور: رحل الناقة بأداته. الوجناء: الناقة الغليظة. الناجية: السريعة. الجرداء: الفرس القصيرة الشعر. السرحوب: الفرس الطويلة.
(38) تعادى: توالى. البكء: قلة اللبن. يقول: إذا نزلنا الثغر فحبسنا به الإبل والخيل قال الناس: إن محبسها على دار الحفاظ أدنى لأن تعذر فترتع فيما تستقبل، وإن ذهبت ألبانها بحبسها.
(39) تثنى: تمنع وترد عن وجهها الخط: موضع بالبحرين مشرف على البحر. اللوب: جمع لابة أو لوبة، وهي الحرة: الأرض ذات الحجارة السود. يريد أن المرعى اتسع لهن فلا يردهن أحد عن مكان.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 06:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال سلامة بن جندل السعدي
1: أودى الشباب حميدًا ذو التعاجيب.......أودى وذلك شأو غير مطلوب
ويروى (ذو الأعاجيب) جمع أعجوبة والمعنى كان الشباب كثير العجب يعجب الناظرين إليه ويروقهم، ثم قال: (أودى)، فكرره على التفجيع والتوكيد، ويروى ولى، وقوله (وذلك) يعني: الإيداء والذهاب، و(الشأو): السبق، يقال شأوته إذا سبقته، يقول: وذلك الإيداء شأو سابق قد مضى لا يدرك ولا يطلب.
(التعاجيب): العجب، يقال إنه جمع لا واحد له كما قالوا تعاشيب للعشب وتباشير للصبح وتهاويل للهول، و(الشأو): الطلق أي ذلك الطلق بعيد قد مضى فهو لا يدرك، يقال جرى الفرس شأوًا أو شأوين أي طلقًا أو طلقين.
قال عبد الله بن رستم: قال يعقوب بن السكيت: هو سلامة بن جندل بن عمرو بن عبيد بن الحارث بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، قال: وكان من فرسان العرب المعدودين وأشدائهم المذكورين، قال: وإنما سمي مقاعسًا لتقاعسه عن بني سعد، إلى هنا انتهى.
غير أبي عكرمة يقول: أودى الشباب حميدًا ذو التعاجيب، (أودى): هلك، وشباب كل شيء أوله، يقال أتيته شباب النهار وصدر النهار ووجه النهار أي أول النهار وأنشد:
من كان مسرورًا بمقتل مالك.......فليأت نسوتنا بوجه نهار
والحميد: المحمود ورجل حماد إذا كان يكثر حمد الله تعالى ورجل حمدة إذا كان يكثر حمد الشيء الذي ليس بذاك حقيقًا.
2: ولى حثيثًا وهذا الشيب يطلبه.......لو كان يدركه ركض اليعاقيب
أي: (لو أدركه ركض اليعاقيب لطلبناه) ولكنه لا يدرك و(اليعاقيب) جمع يعقوب وهو ذكر الحجل.
غيره: (ولى) يعني الشباب أي ذهب وأدبر، و(حثيثًا): سريعًا، قوله: (وهذا الشيب) يتبعه أي على إثره ويقفوه.
يقال: تبعه وأتبعه بمعنى واحد، ويقال ما زلت أتبع فلانًا حتى أتبعته، أي ما زلت أقفوه حتى سبقته فصار يتبعني، ويقال فلان تبع نساء إذا كان يتبعهن ويحب محادثتهن، والتبع الظل قالت سعدى بنت الشمردل الجهنية:
يرد المياه حضيرة ونفيضة.......ورد القطاة إذا اسمأل التبع
ويروى (وهذا الشيب يطلبه)، يقال طلبت الرجل وغيره إذا التمست أن تجده وأطلبته أعطيته طلبته، وأطلبته أيضًا أحوجته إلى الطلب، يقول لو كان ركض اليعاقيب يدركه لطلبته ولكنه لا يدرك.
و(اليعاقيب): ذكور الحجل والواحد يعقوب، وخص اليعقوب لسرعته، وقال عمارة: (اليعقاقيب) يعني ذوات العقب من الخيل، والعقب أن يجيء جري بعد جري، وروى أبو عمرو: لو كان يدركه ركض اليعاقيب، بالنصب، يقول: لو أدرك طالب الشباب شبابه بركض اليعاقيب لطلبه، ولكن الشباب إذا ولى لم يدرك. ويقال إن معناه ولى الشباب حثيثًا ركض اليعاقيب وهذا الشيب يتبعه، ثم قال ولو كان طالب الشباب يدركه لطلبه، ويروى: جري اليعاقيب.
3: أودى الشباب الذي مجد عواقبه.......فيه نلذ ولا لذات للشيب
ويروى: ذاك (الشباب الذي مجد عواقبه)، يقول إذا تعقبت أمور الشباب وجد في عواقبه العز وإدراك الثأر والرحلة في المكارم، وليس في (الشيب) ما ينتفع به، إنما فيه الهرم والعلل، و(الشيب): جمع أشيب، غيره: أودى ذهب وفات، و(عواقبه): أواخره، ويقال قد عقب الرجل إذا غزا غزوًا بعد غزو، وقال الأعشى:
وكان لها في أول الدهر فارس.......إذا لم ينل في أول الغزو عقبا
يقول ذهب الشباب الذي إذا تعقبت أموره وجد في عواقبه الخير إما بغزو أو رحلة أو وفادة إلى ملك، فالمجد كرم الفعل وكثرة العطاء يقال في مثل: في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار، أي: كثرت نارهما، وإنما يمجد الرجل بفعله وإنما يمكنه الفعال وهو شاب قوي نشيط، وقوله فيه نلذ إنما تكون اللذاذة والطيب في الشباب، يقال رجل لذ من قوم لذ وقد لذ الشيء لذاذة، وموضع لذات نصب على التبرئة أي إن الشيب لا لذة لهم، قال أحمد: قوله مجد عواقبه أي آخر الشباب محمود ممجد، إذا حل الشيب ذكر الشباب فحمد لذمه الشيب.
4: يومان يوم مقامات وأندية.......ويوم سير إلى الأعداء تأويب
(المقامات): جمع مقامة والمقامة: المجلس، قال العباس بن مرداس:
فأبي ما وأيك كان شرًا.......فقيد إلى المقامة لا يراها
أي: أعماه الله تعالى و(الأندية): الأفنية والندي والنادي سواء وهو ما حول الدار وإن لم يكن مجلسًا، وناديت القوم جالستهم، ويروى (مقامات) بالضم يريد به الإقامة و(التأويب) سير يوم إلى الليل يقال بيننا وبينه ثلاثة مآوب أي سير ثلاثة أيام ليس فيها سير ليلٍ، قال عبد الله الرستمي: قال يعقوب: قوله (يومان يوم مقامات)، فسر عن العواقب فقال: يومان يوم في المقامة خطيبًا ويوم نسير إلى أعدائنا، والكبير يعجز عن هذا.
قال أبو عمرو: المقامة الإقامة والمقامة المجلس، وأنشد: فأبي ما وأيك شرًا * فقيد إلى المقامة لا يراها، والأندية: المجالس والواحد ناد وندي والمنتدى، ومنه سميت دار الندوة لأنهم كانوا إذا حزبهم أمر اجتمعوا فيها للتشاور، وقوله تأويب أراد ويوم سير تأويب إلى الأعداء، والتأويب ههنا من نعت السير وهو السرعة في السير والإمعان فيه، يقال أوب الرجل في سفره تأويبًا إذا أمعن، أحمد: أوب وصل الليل بالنهار مع الإمعان وأنشد:
لحقنا بحي أوبوا السير بعدما.......دفعنا شعاع الشمس أو كاد يمصح
أي: يذهب، وقال أحمد: أندية لهو وتنعم.
5: وكرنا خيلنا أدراجها رجعًا.......كس السنابك من بدء وتعقيب
(السنابك): طرف الحافر، (الأكس): المتثلم الذي قد كسره طول السير، هو مأخوذ من قولهم رجل أكس وامرأة كساء وهما اللذان تحاتت أسنانهما وقصرت، وقوله (أدراجها رجعًا) يقال رجع درجه وأدراجه وعلى أدراجه أي في الطريق الذي بدأ فيه، قال الشاعر:
لما دعا الدعوة الداعي فأسمعني.......لبست ثوبي واستمررت أدراجي
أي: رجعت في طريقي، وقوله (رجعًا) أي مهازيل مجهودة، يقال رجيع سفر، قال الشماخ:
ألا تلك ابنة السعدي قالت.......أراك اليوم جسمك كالرجيع
أي: كجسم الرجيع الذي قد بلاه السفر فرد منه وبلي وهزل، (البدء): الغزوة الأولى، و(التعقيب): الغزوة الثانية، قال الشاعر:
سما للبون الجارمي سميدع.......إذا لم ينل في أول الغزو عقبا
أي: أتاه ثانية، أحمد وعبد الله عن يعقوب أي: ومن العواقب كرنا خيلنا غانمين من غزو ابتدأناه وغزو اعتقبناه وأعقبناه وعقبناه، يقال غزا ثم عقب، و(الكر): الرجوع، يقال كر الرجل على الرجل يكر كرًا إذا عطف عليه ورجع إليه، و(الكر): الحبل من ليف وجمعه كرور، قال العجاج: جذب الصرايين بالكرور، والكر الحسي وجمعه كرار، قال الشاعر: به قلب عادية وكرار، وقوله (أدراجها) أي نردها إذا رجعنا من غزونا في الطريق الذي ذهبت فيه، ويقال للرجل خذ أدراجك ورجع أدراجه إذا رجع في الطريق الذي جاء منه، ويقال أدراجها آثارها، ورجع جمع أي مهازيل ضامرة، يقال فرس رجيع سفر ونضو سفر وبلو سفر وبلي سفر.
و(كس السنابك) لثلم الحجارة إياها وأكل الأرض لها، وأصل الكسس في الأسنان فاستعاره في السنابك، و(السنابك): مقاديم الحوافر واحدها سنبك، وقوله (من بدء وتعقيب) فالبدء الغزو الأول والتعقيب الغزو الثاني فيقول أذهب سنابكها وحتها مداركتنا الغزو عليها مرة بعد أخرى.
6: والعاديات أسابي الدماء بها.......كأن أعناقها أنصاب ترجيب
(الأسابي) الطرائق من كل شيء الواحدة إسباءة و(أسابي) الطريق الشرك الممتد. ويقال للسير إذا امتد وجد وتتابع إن له لأسابي، قال الفرزدق:
فقام يجر من عجل إلينا.......أسابي النعاس مع الإزار
و(أسابي) النعاس كأنها ذيوله، وقوله (أنصاب ترجيب) وهو نصب ينصب لذبح رجب، فشبه (أعناقها) لما عليها من الدم بالحجارة التي يذبح عليها، عبد الله: (العاديات): الخيل الواحد عاد والأنثى عادية ويقال عدا الفرس يعدو عدوًا وأعداه صاحبه إعداء ويقال مر يعدو ويعدي ويجري ويجري وأراد: ونكر العاديات والعادية أيضًا الجماعة يعدون على أرجلهم، قال الهذلي:
وعادية تلقي الثياب كأنما.......تزعزعها تحت السماة ريح
و(العاديات): القوم يحملون في الغارة، والعادية: الإبل إذا كانت مقيمة في الخلة، و(أسابي الدم): طرائقه الواحدة إسباءة، ويقال الأسابي ألوان الدم، ويقال إنه ما كان من أثر الدم إلى الطول، وإذا كان الدم مثل فرسن البعير فهو الجدية والجمع جدايا، والبصيرة من الدم ما استدللت به على الرمية، والورق من الدم الرش، وأنشدنا:
أرقا ما أرقا.......دمعًا يحت الورقا
وير وى: كأن أنصابها أنصاب ترجيب، أي كأن أعناقها حجارة تنصب ليذبح عليها، والترجيب التعظيم والمرجب المعظم، ومنه قول الأنصاري: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، ومنه سمي رجب رجبًا، فأراد: ونكر خيلنا وهذه حالها، فهذا الكر كر في الحرب والأول كر انصراف.
قال أحمد: الجدية الطريقة من الدم لها عرض، فإذا استدقت فهي إسباءة، فإذا كانت مستديرة فهي ورقة. والبصيرة قطعة من دم يستدل بها على القتيل ليس لها حد تحد به والبصيرة تكون صغيرة وكبيرة، وقال: (الترجيب) الذبح في رجب وهو التعظيم يقال رجبتك إذا هبتك، وأنشد للكميت لا من أجل وأرجب.
7: من كل حت إذا ما ابتل ملبده.......صافي الأديم أسيل الخد يعبوب
(الحت): السريع، قال الشاعر:
على حت البرية زمخري.......السواعد ظل في شري طوال
أي: على (حت) ما يبريه من السفر، وقوله (إذا ما ابتل ملبده) من العرق، وقوله (صافي الأديم) لحسن القيام عليه وقصر الشعر، ويقال (اليعبوب) الطويل ويقال الواسع الشحوة وهو الكثير الأخذ من الأرض بين الخطى، وقال غير أبي عكرمة: الحت السريع وإنما أخذ من قولهم حتته مائة سوط وحتته دراهمه أي عجلت له النقد، قال: ويقال فرس (يعبوب) والأنثى يعبوبة، والجمع يعابيب وهو: الجواد البعيد القدر في الجري وهذا قول أبي عبيدة وأنشد:
لا تسقه حزرًا ولا حليبًا.......إن لم تجده فرسًا يعبوبًا
وقال ملبده موضع لبده، ويقال فرس حت وفرس سكب وفرس بحر هذا كله في السرعة والإلهاب.
قال ويروى: ضافي السبيب، يعني أنه سابغ الذنب والعرف، والسبيب شعر الذنب والعرف، ويقال إنه سريع العرق، قال ويقال إن اليعبوب الطويل الجسم، وقال عبد الله بن رستم: قال يعقوب: فسر عن العاديات فقال من كل حت، قال ويقال فرس حت وحتات، وبحر وسكب وفيض إذا كان جوادًا لا يجارى.
وأنشد بيت الهذلي: على حت البرية ألخ، وقال ملبده موضع لبده من ظهره، فيقول هو سريع في هذا الوقت ومحزمه موضع حزامه ومعذره موضع عذاره ومقلده موضع قلادته، قال وقوله صافي الأديم لا عيب فيه خالص اللون، وإذا لم يخلص لونه فهو هجين، قال والصفاء مصدر الشيء الصافي والصفاء من المودة ممدودان، والأسيل السهل يقال أسل خده يأسل أسالة وأسلاً، ويروى طويل الخد وهو مدح، و(يعبوب): كثير الجري وهو مشتق من عباب البحر وعبابه ارتفاع أمواجه، ويقال اليعبوب الكريم، وقال أحمد: صافي الأديم قصير الشعرة.
8: ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل.......يعطى دواء قفي السكن مربوب
أبو عكرمة: الأقنى الذي في أنفه احديداب، و(الأسفى): الخفيف الناصية، و(السغل): المضطرب الأعضاء، يقول ليس كذلك، قال الأصمعي: أصل السفا الخفة، قال ويقال فرس أسفى إذا خفت ناصيته ولا يقال للأنثى سفواء، ويقال للبغلة إذا كانت خفيفة سفواء، ولا يقال للذكر أسفى، والدواء ما يداوى به الفرس في ضمره.
والقفية الأثرة، يقال أقفيت الرجل بكذا وكذا إذا آثرته به وأنشد:
ونقفي وليد الحي إن كان جائعًا.......ونحسبه إن كان ليس بجائع
و(السكن): جماعة بيوت الحي، أي يؤثر بما عندهم، كما قال شمعلة بن الأخضر وهو يذكر الخيل:
نوليها الحليب إذا شتونا.......على علاتنا ونلي السمارا
رجاء أن تؤديه إلينا.......من الأعداء غصبًا واقتسارا
و(المربوب): الذي يغذى في البيوت لا يترك يرود لكرامته على أهله، غير أبي عكرمة قال: الأقنى الطويل الأنف، وقال القنا في الأنف مكروه ويستحب في الذراع، قال ويقال فرس أسفى وبغلة سفواء بينة السفا، قال أبو عمرو: السفا في الناصية مقصور، والسفاء السفه ممدود، قال أبو عمرو: القنا في الناس محمود، وفي الخيل مذموم وأنشد:
إن القنا كرم الأنوف وزينها.......ليس القنا وأبي علي بعار
ويروى: ولا صغل، ويقال فرس صغل والأنثى صغلة والجمع صغال كقولك جرب وجربة، وهو القليل اللحم طويلاً كان أو قصيرًا، وقال بعضهم: الصغير الجرم، قال ويقال خيل بني فلان جياد وفيها صغالة، أي: صغر جرم وضعف، ويروى: ولا صقل، والأنثى صقلة، والجمع صقال وهو اضطراب الصقلين وضعفهما وهما الخاصرتان إذا طالتا، والصقلة هي الطفطفة، ويقال: قل ما طالت صقلة فرس إلا قصر جنباه، وذلك عيب، قال: والدواء ما تصلح به المراءة والفرس إذا ضمرا وهزلا ليسمنا ويسمى اللبن الدواء، والقفي والقفية ما يخبأ للضيف من طعام يخص به، وأنشد لرجل من عبد القيس:
وأهلك مهر أبيك الدوا.......ء ليس له من طعام نصيب
والسكن جمع الواحد ساكن، قال والاسم من سفواء السفاء، وهو عيب وأنشد: قلائص في ألبانهن سفاء، أي خفة، ومنه قوله: مبذر أو عابث سفي، أي خفيف، والسفاء الجهل من خفة صاحبه، والسغل السيء الخلق المضطرب والاسم السغل، ويقال الأسفى من الخيل الذي في لون شعره شعرات خلاف لونه مثل الكميت يكون فيه شعرات بيض والأشقر يكون فيه مثل ذلك، وقال: الفرس لا يكون أشهب فإذا كان أشهب فلا خير فيه، والسكن قال أهل الدار كلهم، قال أحمد: والسكن: كل ما سكنت إليه ووثقت به واطمأننت إليه، قال الله تعالى: {إن صلاتك سكن لهم}، والمرأة سكن للرجل والسكن النار، قال ومربوب، يقول: لا يرسل معيلاً أي مهملاً، ولكنه يحبس عند البيوت ويصان، ويعطى قوت السكن كله، وقال الرستمي أبو محمد: قال ابن الأعرابي: الأسفى الذي بشعره شعرة من غير شيته الغالبة عليه وإذا لم يخلص لون بشية مصمتة فيكون أدهم بهيمًا أو كميتًا بهيمًا فذلك هجنة، قال وقال الأصمعي: الأسفى من الخيل قليل شعر الناصية، يقال فرس أسفى إذا كان قليل شعر الناصية ولا يقال فرس سفواء للأنثى، قال ويقال بغلة سفواء إذا كانت سريعة خفيفة، ولا يقال بغل أسفى إذا كان سريعًا، قال دكين: في ابن هبيرة:
جاءت به معتجرًا في برده.......سفواء تردي بنسيج وحده
قال ابن الأعرابي: وإذا كان الفرس أقنى ضاق منخره فاحتبس نفسه، وإذا احتبس نفسه ربا وإذا ربا كبا فمن ثم صار القنا عيبًا، قال: ويمدح من الفرس أن يكون واسع المنخر واسع الشدق واسع الخوران واسع الجوف واسع الصدر واسع العجان، ويقال ربيته أربيه تربية ورببته أربه ربًا وهو يرب، ورببته أرببه تربيبًا، وربته أربته تربيتًا وهو يربت، قال الراجز: كان لنا وهو فلو نرببه، وقال ابن ميادة:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة.......بحرة ليلى حيث ربتني أهلي
9: في كل قائمة منه إذا اندفعت.......منه أساوٍ كفرغ الدلو أثعوب
ويروى أساه وأساب أيضًا، أحمد: الأساوي الدفعات من الجري، شبهها في كثرتها بانصباب الدلو بالماء في السهولة، و(الأثعوب): السائل ومنه سمي المثعب وهو الميزاب، غيره: تدارك الصنع فيه، وروى الرستمي عن يعقوب: لكل قائمة منه إذا اندفعت، شؤبوب شد، قال والشؤبوب الدفعة من المطر، ويقال الشؤبوب أول المطر والجمع شآبيب، وفرغ الدلو مهراق الماء منها، وما بين كل عرقوتين فرغ، و(أثعوب) سائل منثعب، يقول في كل قائمة من هذا الفرس إذا اندفعت شؤبوب من الجري كأنه دلو مملوءة أفرغت في الحوض فانثعبت فيه أي سالت.
10: كأنه يرفئي نام عن غنم.......مستنفر في سواد الليل مذؤوب
قال الأصمعي: هذا البيت لأبي داؤد، اليرفئي ههنا الراعي الجافي نام عن غنمه حتى وقعت فيها الذئاب، فقام من نومه مذعورًا لذلك، فشبه الفرس به لحدته وطموح بصره، واليرفئي الظليم شبه الراعي به، قال امرؤ القيس:
كأني ورحلي والقراب ونمرقي.......على يرفئي ذي زوائد نقنق
و(مذؤوب) يكون في هذا الموضع خفضًا ورفعًا، فمن رواه رفعًا كان إقواء فقد أقوت فحول الشعراء ومن رواه خفضًا جعله نعتًا للغنم ووحده والغنم جمع لأن الغنم على لفظ الواحد ومثله جمل وجبل وعسل، وإذا كان الجمع على لفظ الواحد اجترأت العرب على توحيد فعله، كما قال الشاعر:
ألا إن جيراني العشية رائح.......دعتهم دواع من هوىً ومنادح
فوحد الفعل وهم جماعة، قال أحمد: إنما فعل ذلك لأن جيران على لفظ عمران.
11: يرقى الدسيع إلى هاد له بتع.......في جؤجؤ كمداك الطيب مخضوب
ويروى تم (الدسيع) والدسيع: مغرز العنق في الكاهل، و(مداك الطيب) الصلاية التي يسحق عليها الطيب، و(الجؤجؤ): الصدر، يريد أن (جؤجؤه مخضوب) بالدم، ودسيعه جوفه الذي يدسع منه، أخذ من قولهم (دسع) البعير بجرته، ومن هذا قولهم فلان ضخم الدسيعة أي ضخم العطية، غيره: قال الرستمي قال يعقوب: (الدسيع): مغرز العنق في الكاهل ويقال هو العنق، وقوله (إلى هاد) والهادي العنق، وهادي كل شيء أوله وهادي الخيل أوائلها، ويقال جاءت الحمير يهدي بها فحلها أي يقدمها، قال الراجز:
إن لنا خيلاً فديناهنه.......قد بسأت بالطعن حتى هنه.......صوالي الحرب هواديهنه
و(بتع) طويل والبتع الطول ورواها عمارة إلى هاد له تلع، والتلع: الطويل أيضًا والجمع تلع، والتلع والبتع والسطع الطول، وقوله (في جؤجؤ) أي مع جؤجؤ، يقال جاء فلان في بني فلان أي مع بني فلان، و(الجؤجؤ): الصدر، وهو الجوش والجؤشوش، والزور والبركة والبرك. وقوله كمداك أي هو أملس الصدر فكأنه مداك من انملاسه.
و(مخضوب) يقول هذا الفرس مضرج بدماء الوحش لأنها تصاد عليه، وإنما يضرج بدمائها ليعلم أنه قد صيد عليه الوحش، ومخضوب من نعت الهادي، ومثله قول امرئ القيس:
كأن دماء الهاديات بنحره.......عصارة حناء بشيب مرجل
12: تظاهر الني فيه فهو محتفل.......يعطي أساهي من جري وتقريب
(الني): الشحم، أي ركب شحمه شحم آخر ويقال ناقة ناوية وقد نوت تنوي نيًا، والمحتفل الكثير، و(الأساهي): الضروب والفنون، غيره: ومنه قيل قد تظاهرت الأخبار، أي تتابعت، كأنه أتى خبر في إثر خبر، ومنه تظاهر القوم على فلان، ومنه قول الله تعالى: {وإن تظاهرا عليه}، والني: الشحم، قال: ويقال نوى البعير ينوي نواية ونواية ونيا، قال الراجز:
قد طال هذا رعية وجرا.......حتى نوى الأعجف واستمرا
ويقال بعير ناو وناقة ناوية وإبل نواء، قال المثقب العبدي:
ينبي تجاليدي وأقتادها.......ناوٍ كرأس الفدن المؤيد
قال الأصمعي: لا واحد للأساهي، و(الجري): العدو الشديد والتقريب دون الجري وفوق الخبب.
13: يحاضر الجون مخضرًا جحافلها.......ويسبق الألف عفوًا غير مضروب
(الجون): الحمير، وقوله (مخضرًا جحافلها) أي بأكل الخضرة وذلك أشد لها وأسرع، ومثله قول ذي الرمة:
أذاك أم خاضب بالسي مرتعه.......أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب
ويقال للنخلة إذا لقحت ثم اخضر الطلع قد خضبت، وقوله (ويسبق الألف) أي ويسبق ألف فرس، ولا يقرع بسوط في ذلك كله، غيره قال: الخاضب الظليم قد اخضرت له الأرض، وقال بعضهم: هو الذي اخضرت قوائمه من البقل، قال: ومثل قوله (يسبق الألف) قول الأعشى:
به ترعف الألف إذ أرسلت.......غداة الصباح إذا النقع ثارا
ترعف: تسبق، ومن هذا قيل رعف فلان أي سبق دم أنفه، وقال عبد الله عن يعقوب: يحاضر الجون أي يطاولها العدو حتى يبلغها فيصيدها، والإحضار والحضر: شدة الجري، والجون عند العرب الأسود والأبيض، قال الفرزدق:
وجون عليه الجص فيه مريضة.......تطلع فيه النفس والموت حاضره
حبيسة ذي ألفين شيخ يرى لها.......كثير الذي يعطي قليلاً يحاقره
ونصب مخضرًا على الحال، أي يحاضرها في هذه الحال وعفوًا على هينته، ولم يهج بسوط ولا ضرب.
وقال أحمد: قوله (مخضرًا جحافلها) أي حين تبدأ بأكل اليبيس ففي ذلك الوقت هي أسمن ما يكون وأقوى وأشد، وخضرة الرطب فيها بعد لم تذهب، فهذا قول أصحابنا، وذلك أنها قبل ذلك الوقت قد خرطها البقل فإذا ألوى النبت وأكلته عقدت الشحم عليه، ومثله قولهم أخذه بلبن أمه أي حين فطم واللبن بعد فيه، والجحافل للحمير بمنزلة الشفاه من الناس والمشافر من الإبل والمقمة والمرمة من الغنم والبقر والفقم من الحية.
14: كم من فقير بإذن الله قد جبرت.......وذي غنى بوأته دار محروب
لم يقل فيه أبو عكرمة شيئًا، وقال عبد الله الرستمي: قال يعقوب: الفقير الذي له بلغة من العيش والمسكين الذي لا شيء له، قال وقال يونس سألت أعرابيًا فقلت: أمسكين أنت أم فقير؟، فقال: لا بل مسكين واحتج بقول الراعي:
أما الفقير الذي كانت حلوبته.......وفق العيال فلم يترك له سبد
و(جبرت) أغنت ولمت شعثه، يقال جبرت العظم إذا لأمته وأصلحته، والجبارة العود الذي يشد على العظم الكسير والجمع الجبائر، قال الأعشى:
ونهيض ظالعنا وليـ.......ـس لعظم مكسور جباره
يقول ما ظلع من أموالنا نحرناه ولم نجبره، وبوأته أنزلته يقال بوأته منزلاً، قال الراعي:
لها أمرها حتى إذا ما تبوأت.......بأخفافها مأوى تبوأ مضجعا
و(المحروب) الذي قد حرب ماله، وحربت الرجل أغضبته، وسنان محرب أي محدد، يقول كم من ذي غنى قد أغارت عليه فأنزلته داره محروبة، والمحروب هو هذا الغني بعينه ولم يرد أنه آتى دار محروب آخر فنزلها، ويقال إن معناه تركته محروبًا وليس هناك دار كما تقول أنزلت فلانًا دار الهوان أي أهنته وليس هناك دار، فهذا قول يعقوب في هذا البيت، وقال أحمد بن عبيد: الفقير الذي لا شيء له البتة والمسكين الذي له دون البلغة، وبدأ الله تعالى بالفقراء قبل المساكين إذا قال: {للفقراء والمساكين}، لأنهم أشد منهم حالاً، قال: وبيت الراعي على غير ما تأولوه والمعنى أنه اليوم فقير لم يترك له سبد صار فقيرًا وقبل اليوم كانت له حلوبة، والذي له حلوبة ليس بفقير، قال: ووفق قدر، ومن له قدر ما يكفيه فليس بفقير، ومنه قول الله تعالى: {ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} أي من كان له قوت فلا يأكل من مال اليتيم ومن كان فقيرًا لا شيء له فليأكل بالمعروف بقدر ما يكفيه، وليس لمن كان له قوت أن يأكل من مال اليتيم شيئًا.
15: مما تقدم في الهيجا إذا كرهت.......عند الطعان وتنجي كل مكروب
لم يقل أبو عكرمة في هذا البيت شيئًا، ويروى مما يقدم في الهيجا يعني الفرس، ويروى وينجي، يقول هذا الفرس من الخيل التي تقدم في الحرب، إن طلب أدرك وإن طلب فات، ويقال فلان على مقدمة الخيل، ونحر فلان مقدمة إبله، ويقال فلان جريء المقدم أي الإقدام. والهيجا: الحرب تمد وتقصر، قال الشاعر: يا رب هيجا هي خير من دعه، فقصره ومد الآخر فقال:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا.......فحسبك والضحاك عضب مهند
ويروى سيف مهند، و(كرهت) أي لم تحب لشدتها والكريهة الشدة، وقوله (وتنجي كل مكروب) أي: ينجو عليها كل مكروب فتمنعه من القتل، ويروى وتحمي كل مكروب، يقال حميت المكان إذا منعت الناس منه، ومنه حمى المريض الطبيب أي منعه من الأكل، وهو رجل حمي وقال الشاعر ووصف ذئبًا:
تراه سمينًا ما شتا وكأنه.......حمي إذا ما صاف أو هو أهزل
قال: كل السباع تسمن في الشتاء لأنها تأكل الأشلاء حتى السنانير في البيوت، وقوله وكأنه حمي أي من دقته وهزاله كأنه مريض وحماه أهله الطعام.
16: همت معد بنا همًا فنهنهها.......عنا طعان وضرب غير تذبيب
أبو عكرمة: يقال ذببهم إذا ردهم يقول لم يكن ضربنا إياهم لنردهم ولكنا ضربناهم لنقتلهم، قال الرستمي: قال يعقوب: همت معد بنا أي أرادونا بريدة سوء، ونهنهها كفها عنا طعان بالرماح وضرب بالسيوف وغير تذبيب غير ضعيف كما يذب السباع ولكن ضرب صادق.
17: بالمشرفي ومصقول أسنتها.......صم العوامل صدقات الأنابيب
أبو عكرمة: (المشرفي) يريد السيوف وهي منسوبة إلى المشارف وهي قرىً للعرب تدنو من الريف، و(الصدق): الصلب حدقة صدقة إذا كانت صلبة، قال رؤبة: صدقات الحدق، قال الرستمي: قال يعقوب: ويقال في المشرفية أيضًا أنها منسوبة إلى مشرف رجل طبع السيوف، قال (ومصقول أسنتها) أي برماح لها أسنة مصقولة، و(عواملها صم) غير جوف أي لا جوف لها، قال: وإذا كان العامل أصم كان الرمح كله كذلك، وعامل الرمح على قدر ذراع من أعلاه، ويسمى عاملاً لأنه الذي يعمل به، وقد قيل إن العوامل الرماح أنفسها لا بعضها دون بعض، و(صدقات) صلبات يقال رمح صدق وقناة صدقة ويقال رجل صدق اللقاء و(الأنابيب): ما بين كل عقدتين أنبوبة وأنبوب وجمعها أنابيب، قال أحمد: لا يقال أنبوبة وإنما يقال أنبوب وأنابيب.
18: يجلو أسنتها فتيان عادية.......لا مقرفين ولا سود جعابيب
أبو عكرمة: (يجلون أسنتها) يصلحونها ويتعاهدونها و(العادية): الحرب، يقال في أي يوم عادية قتل فلان أي في أي يوم حرب وأنشد:
ولو أنما قدرت عليه رماحكم.......في يوم عادية إذا لم أجزع
أي في يوم حرب، و(المقرف) الذي دانى الهجنة، يقال أقرف من ذاك الأمر أي دانى منه فهو مقرف، ومنه مقارفة الذنب أي مداناته ومخالطته، قال الرستمي: قال يعقوب: يجلون يكشفون عنها الصدأ، والجلاء كحل يجلو البصر، ويقال رجل أجلى إذا كان مقدم وجهه منحسرًا من الشعر، قال: ويروى: فرسان عادية ليسوا بميل، قال واحد الفتيان فتىً وكتابه بالياء، واجتمعوا على الفتوة بالواو لا غير، و(العادية): الحاملة الذين يعدون في الحرب كما تعدو الأسد على فرائسها، ويقال أسد عاد قال ويقال العادية الحرب، ويروى: ولا ميل (جعابيب)، والميل جمع أميل، وهو الذي يميل عن سرجه لا يثبت عليه، وهو فعل مثل أحمر وحمر غير أن الضمة قلبت إلى الكسرة لتصخ الياء كما فعل بضيزى والمقرف الذي دانى الهجنة والهجين الذي ولدته الإماء، قال: وسأل قتيبة بن مسلم حين أصاب بنت يزدجرد حضينًا فقال: أترى ابن هذه يكون هجينًا، فقال له وهو يهزأ: نعم من قبل أبيه. قال: وقال عمارة: الهجين الذي ليس أمره بصحيح، و(الجعابيب): الجعاسيس القصار الضعاف الواحد جعبوب وجعسوس.
19: سوى الثقاف قناها فهي محكمة.......قليلة الزيغ من سن وتركيب
قوله (قليلة الزيغ)، لم يرد أن بها من الزيغ قليلاً، ولكنه أراد أنه لا زيغ بها البتة، أبو عكرمة: (الزيغ) الاعوجاج، و(السن): التحديد، يقال سنه سنًا إذا حدده، والتركيب تركيبه النصال، قال الرستمي: قال يعقوب: (الثقاف) خشبة في وسطها ثقب يقوم بها الرماح إذا اعوجت، والمثقف الرجل الذي يقوم الرماح، قال ويقال سننت السنان أسنه سنًا، ويقال للحجر الذي يسن عليه المسن، والجمع المسان و(السنان) والجمع أسنة، وأنشد:
وزرق كستهن الأسنة هبوة.......أرق من الماء الزلال كليلها
ويقال: سننت السنان ونحضته ووقعته وأللته والتركيب تركيب الأسنة.
20: زرقًا أسنتها حمرًا مثقفة.......أطرافهن مقيل لليعاسيب
لم يرو هذا البيت الرستمي عن يعقوب ورواه أبو عكرمة وعرفه أحمد، قال أبو عكرمة: (جعل أسنتها زرقًا) لشدة صفائها وإذا اشتد الصفاء خالطته شكلة، و(اليعاسيب): الرؤساء يريد أنهم يأسرون ويقتلون الرؤوساء فيرفعون رؤوسهم على أسنتهم، ويقال إن (اليعاسيب) جمع يعسوب وهو هنا الطائر المعروف يقع على الأسنة لأنه لا يجد أرفع منها، قال أحمد بن عبيد: قوله (مقيل لليعاسيب) أي لا يقيل بها إلا الرؤوساء، يقال هو يعسوب الجيش أي رئيسهم ويعسوب الدين ويعسوب النحل.
21: كأنها بأكف القوم إذ لحقوا.......مواتح البئر أو أشطان مطلوب
أبو عكرمة: (كأنها) يعني الرماح و(مواتح البئر): حبال يمتح بها، و(الأشطان): الحبال الطوال لطولهن، قال الأصمعي: وأحسن ما قالت العرب في طول الرماح قول القطامي:
قوارش بالرماح كأن فيها.......شواطن ينتزعن بها انتزاعا
وقال الرستمي: قال يعقوب: واحد (الأشطان) شطن وهي حبال البكرة، مطلوب ماء معروف ويقال إنها بئر بين مكة والشأم، فيقول هذه الرماح كأنها في طولها حبال البئر أو (أشطان مطلوب) أي شيء يطلب.
قال أحمد: (المواتح): الأكف تمتح بالحبال، قال وقد تجعل البكرات أيضًا مواتح وإن كان يمتح عليها، وأصل المتح رفع اليد وجذبها، يقال منه متحه مائة سوط، وقال الأشطان من الحبال التي يمد بها في شق، فإذا مد بها على الاستواء فليست بأشطان.
22: كلا الفريقين أعلاهم وأسفلهم.......يشقى بأرماحنا غير التكاذيب
لم يقل فيه أبو عكرمة شيئًا، وقال الرستمي: قال يعقوب: (كلا الفريقين) يعني فريقي معد من كان منهم معاليًا بأرض نجد فهم عليا معد ومن كان منهم متسافلاً فهم سفلى معد، قال
ويروى: يشجى (بأرماحنا) أي يغص بها، قال: ويروى: شج بأرماحنا (غير التكاذيب) أي غير كذب.
قال أحمد: غير خلف من مصدر كأنه قال قولاً حقًا غير التكاذيب، قال ثعلب: الرفع والخفض في أعلاهم وأسفلهم جائزان.
23: إني وجدت بني سعد يفضلهم.......كل شهاب على الأعداء مشبوب
أبو عكرمة: يريد (بالشهاب) الرجل شبهه به، و(المشبوب) المؤرث من قولهم شببت النار إذا أرثتها وأشعلتها، ويروى على الأعداء مصبوب، وقال الرستمي: قال يعقوب: (كل شهاب) أي كل فرس كأنه شهاب، قال واصل: (الشهاب) العود الذي أحد طرفيه فيه جمرة، فشبه البطل به كأنه يحرق من دنا منه، وقوله (مصبوب) أي: هو مصبوب على أعدائه قد منوا به، و(مشبوب) مقوى، يقال: شبت النار إذا أوقدت وأكثر حطبها، قال الأصمعي: يقال إن الخمار الأسود ليشب بياض المرأة أي يزيد في حسنها ويقويه.
24: إلى تميم حماة العز نسبتهم.......وكل ذي حسب في الناس منسوب
لم يقل فيه أبو عكرمة شيئًا، قال الرستمي: قال يعقوب: يروى حماة الثغر، يقول: هم ينزلون على الثغور وموضع الفروج والمخافة والثغور والمسالح واحد والثغر أيضًا أن يكون الوادي والمكان خصيبًا فيتحاماه الناس فيأتيه أهل العز فيرعونه، فيقول (نسبة) بني سعد إلى تميم ومن كان ذا حسب عند الناس نسب إلى حسبه، ويروى (نسبته) يعني نسبة سعد بعينه، قال يقول كل من كان له حسب شريف نسب إليه وكل من كان له حسب لئيم نسب إليه، قال أحمد: فهذا هو المعنى.
25: قوم إذا صرحت كحل بيوتهم.......عز الذليل ومأوى كل قرضوب
أبو عكرمة: (صرحت) خلصت فليس فيها شيء من الخصب، ومنه التصريح وهو كشف الأمر، و(الكحلاء) والكحل السنة الشديدة، قال الشاعر:
إذا الكحلاء عامت في قريش.......جلا الكحلاء عنها الأسودان
و(القرضوب): الذي لا يصيب شيئًا إلا قرضبه أي أكله كله، قال الرستمي: (كحل) اسم للسنة الشديدة المجدبة، وسميت كحلاً بذلك لخضرة السماء لا ترى فيها غيمًا، و(صرحت) أتت بلا غيم ولا مطر، و(التصريح): نقاء السماء من الغيم، والصريح من اللبن الذي لا رغوة فيه، وقوله (بيوتهم عز الذليل) أي إذا أجدبت السنة وأمحل الناس فهؤلاء مخصبون أعزاء و(بيوتهم مأوى) الفقراء وعز الأذلاء، و(الذليل) ضد العزيز ويقال ذليل بين الذل والذلة والمذلة، وبعير ذلول بين الذل، و(القرضوب) والقرضاب الفقير وهم القراضيب.
والقرضاب أيضًا اللص الذي لا يصيب شيئًا إلا قرضبه أي أكله، ويروى: أمن الذليل، قال أحمد: صرحت لم يحل دونها غيم، وعز الذليل عند استغاثته بهم عند حرب أو شدة و(مأوى كل قرضوب) في الجدب، أي عندهم ذا وعندهم ذا.
26: ينجيهم من دواهي الشر إن أزمت.......صبر عليها وقبص غير محسوب
أبو عكرمة: (أزمت) عضت، ومنه يقال للسنة الشديدة أزوم، و(القبص): العدد الكثير لا يقدر على حسبه من كثرته، قال الرستمي عن يعقوب: (الدواهي) جمع داهية، وكل خصلة معضلة فهي داهية، ويقال رجل دهي من قوم أدهياء ورجل داهٍ من قومٍ دهاة ورجل ده من قومٍ دهين، ويروى: (من دواهي) الدهر إن أزمت والدهر واحد الدهور، وإذا نسبت إلى الدهر قلت رجل دهري كأنهم نسبوا إلى الدهور، وإنما فعلوا ذلك ليفرقوا بين النسبة إلى الدهر حي من العرب وبينه، وسنة أزوم وأزام وأصله العض، قال عيسى بن عمر: كانت لنا بطة (تأزم) أي تعض وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحارث بن كلدة: يا حار ما الطب؟، فقال: الأزم أي إمساك الفم عن الطعام، و(القبص) والدبر والدثر: العدد الكثير، و(غير محسوب) أي لا يعد من كثرته، فيقول هو ينجينا من الدهر إذا اشتد علينا ودواهيه إذا أزمتنا صبرنا، قال أحمد: دهر الجعفي قتلته بنو عامر.
27: كنا نحل إذا هبت شآمية.......بكل واد حطيب الجوف مجدوب
أبو عكرمة: أي (هبت) الريح شآمية يريد الشمال، يقول ننزل في ذلك الوقت وهو الجدب بالأودية الكثيرة الحطب لنعقر ونطبخ، ولا نبالي أن يكون المنزل مجدوبًا، و(المجدوب): المعيب المذموم ههنا، ومنه قول ذي الرمة:
فيا لك من خد أسيل ومنطق.......رخيم ومن خلق تعلل جادبه
أي عائبه ومنه قولهم في الحديث: جدب لنا عمر السمر بعد العشاء أي عابه وذمه الرستمي عن يعقوب: (الشآمية): الشمال وأضمر الريح ولم يجر لها ذكر، ورجل شآم وامرأة شآمية، وقد أشأم الرجل إذا أتى الشأم.
ويروى (حطيب البطن) أي كثير الحطب، فيقول ننزل به لكثرة حطبه لأنا نعقر الإبل ونطبخ، فلا يسعنا إلا مكان هذه حاله، ويقال هذا مكان موهب الحطب إذا كان كثير الحطب، وبطنه وسطه ومجدوب معيب يجدبه من ينزل به لقلة خيره وأنشد أبو عمرو:
أبارق إني لا أريد أذاكم.......ولا جدبكم ما لم تعينوا على جدبي
ويروى خصيب البطن أي هو واد ممرع مخصب كثير النبات لأنه ثغر، قد تحاماه الناس فكثر نباته فلا ينزله إلا العزيز من الناس فهو معيب لذلك، قال أحمد: قوله (حطيب) البطن يقول إذا عم الجدب غلبنا على أكثره حطبًا وإذا كان خصيبًا غلبنا عليه.
28: شيب المبارك مدروس مدافعه.......هابي المراغ قليل الودق موظوب
قوله (شيب المبارك) أي مباركه بيض من الثلج والصقيع، وقوله (مدروس مدافعه) أي أوديته التي كانت يكون بها النبت، ودرست: دقت ووطئت وأكل نبتها، و(الدرس): الدياس يقول أهل العراق الدياس وأهل الشأم الدراس وأنشد الأصمعي قول ابن ميادة:
يكفيك من بعض ازديار الآفاق.......سمراء مما درس بن مخراق
و(الموظوب) الذي قد وظب عليه حتى أكل ما فيه، ويقال (موظوب) واظبت عليه السنون والجدب أي لازمته.
وقوله (هابي المراغ) أي منتفخ التراب لم يتمرغ عليه بعير مذ مدة قد ترك لخوفه، وقوله (المبارك) لم يرد المبارك وحدها وإنما أراد البلد كله، كما قال الآخر: فلأمنعن منابت الضمران، أي منابت الضمران وما اتصل بها من البلد، قال الرستمي: قال يعقوب: أي مبارك هذا الوادي بيض من الجدب والصقيع، قال: وقال أبو عمرو ليس بها كلأ فهي بيض، وقال (مدروس مدافعه) أي مجاري مائه، وقد ديست ودقت، وقال الدياس والدراس واحد وأنشد لابن ميادة:
تقول خود ذات طوق براق.......هلا اشتريت حنطة بالرستاق
يكفيك من بعض ازديار الآفاق.......سمراء مما درس ابن مخراق
وهجمة صهب طوال الأعناق
وقال اغبر مراغه لبعد أهله لا من الصقيع لأن الصقيع معه بلل، فلا يكون جدبًا والجدب لا يكون معه شيء ينزل من السماء البتة لا صقيع ولا برد ولا ثلج، لأن ذلك كله إذا أصابته الشمس صار ماءً ونديت الأرض منه، وقوله (هابي المراغ) أي أرضه كلها هباء ليس فيها بلل، ولا ندى، ولو كان ثمة صقيع لبل التراب عند طلوع الشمس عليه، و(المبارك) جانبا الوادي حيث تبرك الإبل، لأنها لا تبرك بمجرى الماء وقوله مدروس مدافعه قد عفا أثر جري الماء منه وقد غطاه التراب فليس يستبين أثر الماء فيه، و(موظوب) واظبت عليه السنون بالجدب.
29: كنا إذا ما أتانا صارخ فزع.......كان الصراخ له قرع الظنابيب
(الظنبوب): حرف عظم الساق، ويقال قد (قرع ظنبوبه) لذلك الأمر أي عزم عليه، يقول فكانت الإغاثة أن نركب إليه، يقال: ضرب لذلك الأمر جروته وقرع له ساقه وشد له حزيمه إذا عزم عليه، ويقال إن قوله (قرع الظنابيب) أنه يبادر إلى إغاثته فيستعجل بروك نجيبه بقرع ظنبوبه بالقضيب فيبرك إذا فعل به ذلك، قال الرستمي: قال يعقوب: (الصارخ) والصريخ المستغيث وهما المغيث أيضًا، قال الله تعالى عز وجل من قائل: {فلا صريخ لهم} أي: لا مغيث لهم، وقال الراجز:
إذا عقيل عقدوا الرايات.......ونقع الصارخ بالبيات
أي: المستغيث، قال وقوله: (كان الصراخ له قرع الظنابيب)، قال الأصمعي: قرع لذلك الأمر ساقًا إذا عزم عليه وجد فيه ولم يستقم له، فقال (قرع الظنابيب) والظنبوب عظم الساق، قال سعدان: ووضع الأصمعي يده على أنف ساقه، يقول وكانت إغاثتنا إياه عزمنا على إجابته وركوبنا إبلنا إليه، قال وفيه قول آخر يقول كانت إجابتنا إياه أن نقرع ظنابيب إبلنا لنبرك فنرتحل عليها، قال: يقرعونها إذا كانت قيامًا حتى تبرك فتركب، وكذلك إذا كانت باركة قرعت حتى تنهض، قال أحمد: الأصل في قوله: (كان الصراخ له قرع الظنابيب)، حديث أبي حنبل الطائي حين استجار به امرؤ القيس فقالت إحدى امرأتيه: أرى أن تأكله وقالت الأخرى: بل تفي له، فدعا بجذعة من معز فاحتلبها ثم شرب لبنها فأروته، فمد ساقه ثم ضرب عليها ومسح عليها ثم قال لا أغدر ما أجزأني لبن عنز، ثم أنشأ يقول:
لقد آليت أغدر في جداع.......وإن منيت أمات الرباع
لأن الغدر في الأقوام عار.......وإن المرء يجزأ بالكراع
فلما مسح ساقه قالت له امرأته: ما رأيت كاليوم ساقي واف، لأنهما كانتا حمشتين، فقال: هما ساقا غادر شر.
30: وشد كور على وجناء ناجية.......وشد سرج على جرداء سرحوب
ويروى (على وجناء) مجفرة، ويروى وشد لبد، وقال الرستمي: قال يعقوب: (الكور) الرحل بأداته والجمع أكوار وكيران، و(الوجناء): الناقة الغليظة، أخذت من الوجين من الأرض، ويقال هي الغليظة الوجنات، وقد قيل إنها التي كأنها ضربت بمواجن القصار، وهي جمع ميجنة وهي المدقة، قال الشاعر: كأنها ميجنة القصار، و(جرداء): قصيرة الشعرة وطول الشعرة هجنة، و(سرحوب): فرس طويلة، فقال أحمد: (الكور) نفسه خشب الرحل.
أي وكان الصراخ له أيضًا أن نرحل إبلنا ونسرج خيلنا ونغيثه، قال أحمد: لم يقل أحد إن وجناء أخذت من مواجن القصار.
31: يقال محبسها أدنى لمرتعها.......وإن تعادى ببكء كل محلوب
قال أبو عكرمة: يقال بكأت الناقة والشاة تبكأ (بكأ) وهي ناقة بكيء إذا قل لبنها وتعادى: توالى، يقول إذا نزلنا الثغر فحبسنا فيه الإبل حتى تخصب وتسمن وتهاب قال الناس: محبس هذه الإبل على دار الحفاظ أدنى لأن تنال المرعى وإن كن قد تعادين بذهاب الحلب، ومثله في الصبر قال الشاعر:
تبيت رباطها بالليل كفي.......على عود الحشيش وغير عود
قال أحمد: يقول: (محبسنا) على الجدب ومقاتلة العدو على الثغر (على تنحية عنه) أقرب وأدنى أن لا ترتع إبلنا وتخصب من أن نضيع الثغر ونرسل إبلنا ترعى فيغار عليها فيذهب بها فتصير لغيرنا، قال الرستمي: قال يعقوب: (تعادى): توالى قال امرؤ القيس:
فعادى عداء بين ثور ونعجة.......دراكًا ولم ينضح بماء فيغسل
وقال فيه قول آخر: يحبسونها لتركب فركوبها أدنى من أن تترك ترعى، (وإن تعادى) يقول وإن تبارى أي بارت هذه في قلة اللبن فمركبها خير، قال: ويقال إنهم يحبسونها للقتال وينحونها عليه فلا يدعونها ترعى، قال: وقال أبو عمرو: يحبسونها لحاجتهم إليها، قال: وفيه قول آخر وهو أجودها، يقال (محبسها) أي محبس الفرس، يقول تحبس فتسقى اللبن ولا تترك ترود لكرامتها عليهم ونفاستها عندهم وإن تعادت الإبل بقلة الألبان، فإنها تؤثر باللبن في شدة الزمان وقلة الألبان ولا ترعى، ويقال بكؤت الناقة وبكأت.
32: حتى تركنا وما تثنى ظعائننا.......يأخذن بين سواد الخط فاللوب
(الخط): المشرف من البحرين على البحر ترفأ إليه السفن وإليه نسبت الرماح، و(اللوب): الحرار الواحدة لابة ولوبة، يقول اتسع لهن البلد بين الحرار والبحرين، وإنما ضرب الخط واللوب مثلاً كما تقول البر والبحر والسهل والجبل، وروى الرستمي عن يعقوب: يسلكن بين، قال: وإنما اتسع لها المرعى لأن الناس تحاموه من خوفنا ولأنه ليس يردنا أحد عن مكان نريده أو ننزله ويقال سلك فلان الطريق وسلكته أنا في الطريق وأسلكته في الطريق لغة، قال الله عز وجل: {ما سلككم في سقر}، وهذا البيت يشهد لقول أبي جعفر أحمد بن عبيد يقول: لما نحينا عدونا سرحنا كيف شئنا.
[شرح المفضليات: 224-245]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
22, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir