دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > فتاوى العقيدة > فتاوى ابن عثيمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 جمادى الآخرة 1431هـ/6-06-2010م, 11:33 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي من الناس من يقول الله موجود في السماء ومنهم من يقول موجود في كل مكان، اشرحوا لنا

السؤال: بارك الله فيكم هذا السائل تجاني سوداني ومقيم بالمملكة تجاني إسماعيل يقول في هذا السؤال أستفسر عن الآيات الكريمة التالية يقول تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) والآية الأخرى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) يقول على حُسْنِ قول الناس منهم مَنْ يقول بأن الله موجود في السماء والبعض يقول بأن الله موجود في كل مكان اشرحوا لنا ذلك مأجورين.
الجواب

الشيخ: هذه مسألة عظيمة مهمة وذلك أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بأنه العلي وأنه الأعلى وأنه القاهر فوق عباده وأن الأمور تتنزل من عنده وتعرج إليه وأنه في السماء وكل هذا يدل على علوه جل وعلا وأنه فوق كل شئ فأما قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) فالمراد بذلك الألوهية لا ذات الرب عز وجل وأما قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) فالمراد بذلك أن ألوهيته ثابتة في السماء وفي الأرض فتقول القائل فلان أمير في المدينة وفي مكة مع أنه في إحداهما وليس فيهما جميعا وإنما إمرته ثابتة في المدينة وفي مكة فالله تعالى إله مَنْ في السماء وإله مَنْ في الأرض وأما هو نفسه جل وعلا فوق سماواته على عرشه وعلى هذا فلا منافاة بين هذه الآية وبين قول الله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ومعنى قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) أي: أنه علا على العرش لأن استوى في اللغة العربية إذا عديت بعلى صار معناها العلو كقوله تعالى (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ) أي علوت وقوله تعالى (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ) (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ) أي تعلوا على ظهوره (ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه) أي علوتم عليه، فهو سبحانه تعالى مستوي على العرش أي عال عليه وهذا العلو ليس هو العلو العام لجميع المخلوقات بل هو علو خاص مختص بالعرش ولهذا يقال استوى على العرش ولا يقال استوى على السماء ويقال علا على العرش وعلا على السماء فالاستواء على العرش علو خاص ليس هو العلو العام لجميع المخلوقات وقد أخطأ وضل من فسر الاستواء هنا بالاستيلاء والملك أخطأ من عدة أوجه الوجه الأول أنه مخالف لمقتضى اللغة العربية فلم تأتي استوى على كذا بمعنى استولي عليه في اللغة العربية وها هو كلام العرب بين أيدينا لا نعلم أنَّ منهم من عبر عن الاستيلاء بالاستواء أبداً فأما ما قيل: قد استوى بِشرٌ على العراق من غير سيف أو دم مهراق، فإننا نطالب أولاً بصحة النقل عن شاعر عربي من العرب الخُلَّصْ ولا يمكن لأحد أن يثبت ذلك ثم على فرض أنه ثبت عن شاعر عربي من العرب الخُلَّصْ فإنَّ هنا قرينةً تمنع أن يكون المراد بذلك العلو على العراق لأن الرجل لا يمكن أن يعلو على العراق علواً ذاتياً وحينئذ يكون المراد به العلو المعنوي وهو الاستيلاء أما علو الله تعالى نفسه على عرشه فلا مانع منه لا عقلاً ولا سمعاً ثالثا أن نقول إن تفسير الاستواء بالاستيلاء مخالف لما كان عليه السلف الصالح وأئمة الخلف فإنهم مجمعون على أن استوى على العرش بمعنى علا عليه ولم يأت عن أحد منهم حرف واحد يدل على أنهم فسروا الاستواء بالاستيلاء ومعلوم أن مخالفة السلف ضلال وخروج عن جماعة الحق رابعا أنه يلزم على تفسير استوى على العرش - استولى عليه - أن يكون العرش قبل هذا ملكا لغير الله وأن الله تعالى بالمعالجة حصل عليه من غيره وهذا لازم باطل جد البطلان، الخامس: أننا إذا فسرنا استوى باستولى لجاز أن نقول إن الله استوى على الأرض وعلى الإنسان وعلى الجمل وعلى السفينة وعلى كل شئ لأنَّ الله تعالى مستولٍ على كل شئ ومالكٌ له ومعلوم أنه لا أحد يُسَوِّغ أن يقول القائل إن الله استوى على الإنسان أو على الأرض أو ما أشبه ذلك، السادس: أنَّ الذين فسروه بالاستيلاء مضطربون ومختلفون، واضطراب أهل القول فيه يدل على عدم رسوخه وعدم صحته وعلى هذا فلا يحل لأحدٍ أن يفسر قول الله تعالى (الرحمن على العرش استوى) أو قوله تعالى (ثم استوى على العرش) بأن المعنى استولى عليه من أجل هذه الوجوه التي ذكرناها فالاستواء على العرش يلزم منه العلو المطلق على جميع المخلوقات وإن الله تعالى عال بنفسه على جميع المخلوقات ولا يعارضه ما ذكره السائل من قوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) لما ذكرنا في صدر الجواب ونظير هذه الآية أعني قوله تعالى (وهو في السماء إله وفي الأرض إله) قوله تعالى (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) فقال (هو الله في السماوات وفي الأرض) وليس المعنى أنه نفسه في السماوات وفي الأرض ولكن المعنى أن ألوهيته ثابتة في السماوات وفي الأرض وليعلم أن اعتقاد أن الله تعالى نفسه في كل مكان اعتقاد باطل لو شَعُرَ الإنسان بلوازمه الباطلة ما تفوه به لأنه يلزم من هذا القول أن يكون الله تعالى في كل مكان من الأماكن الطيبة والأماكن الخبيثة بل لَلَزِمَ منه أن يكون الله تعالى في أجواف الحيوانات وأجواف الناس وما أشبه ذلك ثم يلزم من هذا أحد أمرين إما أن يتعدد بتعدد الأمكنة وإما أن يكون متجزء بعضه هنا وبعضه هناك وكل هذه لوازم فاسدة تصورها كاف في ردها وإفسادها ومَنْ قال إن الله تعالى نفسه في كل مكان فهو ضال مبتدع ما قَدَر الله حق قدره ولا عرف عظمته جل وعلا وكيف يكون في كل مكان وهو الذي قد وسع كرسيه السماوات والأرض (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فليتق الله قائل هذا وليتب إلى ربه قبل أن يدركه الموت على هذه العقيدة الفاسدة ويلقى ربه على خبث العقيدة وفساد الطوية نسأل الله السلامة.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الناس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir