دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > شرح أسماء الله الحسنى > المرتبع الأسنى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 06:37 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي البابُ الرابعُ والعشرونَ: في بيانِ الاشتراكِ والاختصاصِ في بعضِ ما يُطْلَقُ على الرَّبِّ جلَّ وعَلا وعلى العبدِ من الألفاظِ

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: (البابُ الرابعُ والعشرونَ:في بيانِ الاشتراكِ والاختصاصِ في بعضِ ما يُطْلَقُ علَى الربِّ جَلَّ وعلا وعلَى العبْدِ مِن الألفاظِ ([1])
(الألفاظُ ثلاثةُ أقسامٍ:
- قِسمٌ لا يُطْلَقُ إلاَّ علَى الربِّ - سُبحانَهُ -: كالبارئِ والبديعِ والمبدِعِ.
- وقِسمٌ لا يُطْلَقُ إلاَّ علَى العبدِ: كالكاسبِ والمكتَسِبِ.
- وقِسمٌ وَقَعَ إطلاقُهُ علَى الربِّ والعبْدِ: كاسمِ صانعٍ وفاعلٍ وعاملٍ ومُنْشِئٍ ومُريدٍ وقادرٍ)([2]).

* * *
([فـ]هاهنا أَلفاظٌ وهيَ: فاعلٌ، وعاملٌ، ومُكْتَسِبٌ، وكاسبٌ، وصانعٌ،
ومُحْدِثٌ، وجاعلٌ، ومؤثِّرٌ، ومُنشئٌ، ومُوجدٌ، وخالقٌ، وبارئٌ، ومصوِّرٌ، وقادرٌ، ومُريدٌ)([3]) .
([فـ]أما ((الخالقُ)) و ((المصوِّرُ)) فإن اسْتُعْمِلا مُطْلَقَيْنِ غيرَ مُقَيَّدَيْنِ لم يُطْلَقَا إلاَّ علَى الربِّ كقولِهِ: {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24].
وإن اسْتُعْمِلا مُقَيَّدَيْنِ أُطْلِقَا علَى العبدِ، يقالُ لِمَنْ قَدَّرَ شيئاً في نفسِهِ: إنَّهُ خَلَقَهُ، قالَ:
ولأنتَ تَفْرِي ما خلقتَ وبعْـــــــضُ القـومِ يَخْـلُقُ ثُمَّ لا يَفْـرِي
أيْ: لكَ قُدرةٌ تُمْضِي وتُنَفِّذُ بها ما قَدَّرْتَهُ في نفسِكَ، وغيرُكَ يُقَدِّرُ أشياءَ وهوَ عاجزٌ عنْ إنفاذِها وإمضائِها. وبهذا الاعتبارِ صَحَّ إطلاقُ ((خالق)) علَى العبدِ في قولِهِ تعالَى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} [المؤمنون14]؛ أيْ: أَحسنُ الْمُصَوِّرِينَ والْمُقَدِّرينَ، والعربُ تقولُ: (قَدَّرْتُ الأديمَ وخَلقْتُهُ) إذا قِسْتَهُ لتَقطعَ منهُ مَزادةً أوْ قِربةً ونحوَها، قالَ مُجاهدٌ: يَصنعونَ ويَصنَعُ اللهُ واللهُ خيرُ الصانعينَ، وقالَ الليثُ: رجُلٌ خالقٌ، أيْ: صانعٌ، وهنَّ الخالقاتُ، للنساءِ. وقالَ مقاتِلٌ: يقولُ تعالَى: هوَ أَحْسَنُ خَلْقاً مِن الذينَ يَخْلُقُونَ التماثيلَ وغيرَها التي لا يَتحرَّكُ منها شيءٌ.
* * *
وأمَّا ((البارئُ)) فلا يَصِحُّ إطلاقُهُ إلاَّ عليهِ سُبحانَهُ، فإنَّهُ الذي بَرَأَ الْخَليقةَ وأَوْجَدَها بعدَ عَدَمِها، والعبدُ لا تَتعلَّقُ قُدرتُهُ بذلكَ؛ إذ غايَةُ مَقْدُورِهِ التصَرُّفُ في بعضِ صِفاتِ ما أَوْجَدَهُ الربُّ تعالَى وبَرَأَهُ، وتغييرُها مِنْ حالٍ إلَى حالٍ علَى وجهٍ مَخصوصٍ لا تَتعَدَّاهُ قُدرتُهُ، وليسَ مِنْ هذا (بَرَيْتُ القلمَ) لأنَّهُ مُعْتَلٌّ لا مَهموزٌ، ولا (بَرَأْتُ مِن المرَضِ)؛ لأنَّهُ فعْلٌ لازمٌ غيرُ مُتَعَدٍّ.
* * *
وكذلكَ مُبدِعُ الشيءِ وبَديعُهُ لا يَصِحُّ إطلاقُهُ إلاَّ علَى الربِّ، كقولِهِ:{بَديعُ السَّمَاواتِ والأرضِ} والإبداعُ إيجادُ المبدَعِ علَى غيرِ مثالٍ سَبَقَ.
والعبدُ يُسَمَّى مُبْتَدِعاً لكونِهِ أَحْدَثَ قَوْلاً لم تَمْضِ بهِ سُنَّةٌ، ثُمَّ يقالُ لِمَن اتَّبَعَهُ عليهِ: مُبْتَدِعٌ. أيضاً.
* * *
وأمَّا لفظُ الموجِدِ فلم يَقَعْ في أسمائِهِ سُبحانَهُ، وإن كانَ هوَ الْمُوجِدَ علَى الحقيقةِ، ووَقَعَ في أسمائِهِ الواجدُ، وهوَ بمعنَى الغنيِّ الذي لهُ الوُجْدُ، وأمَّا الموجِدُ فهوَ مُفْعِلٌ مِنْ أَوْجَدَ، ولهُ مَعنيانِ:
- أحدُهما: أن يَجعلَ الشيءَ مَوجوداً، وهوَ تَعديَةُ وَجَدَهُ وأَوْجَدَهُ، قالَ الجوهريُّ: وُجِدَ الشيءُ عنْ عَدَمٍ فهوَ موجودٌ، مِثلَ حُمَّ فهوَ مَحمومٌ، وأَوْجَدَهُ اللهُ، ولا يُقالُ: وَجَدَهُ.
- والمعنَى الثاني: أَوْجَدَهُ جَعَلَ لهُ جِدَةً وغِنًى، وهذا يَتَعَدَّى إلَى مَفعولينِ. قالَ في الصِّحَاحِ: أَوْجَدَهُ اللهُ مَطلوبَهُ. أيْ: أَظْفَرَهُ بهِ، وأَوْجَدَهُ , أيْ: أَغناهُ.
قلتُ: وهذا يَحتمِلُ أَمرينِ:
- أحدُهما: أن يكونَ مِنْ بابِ حَذْفِ أَحَدِ المفعولينِ، أيْ: أَوْجَدَهُ مالاً وغِنًى.
- وأن يكونَ مِنْ بابِ صَيَّرَهُ واجداً. مِثلُ أَغناهُ وأَفْقَرَهُ، إذا صَيَّرَهُ غَنِيًّا وفَقِيراً.
فعلَى التقديرِ الأوَّلِ: يكونُ تَعديَةَ وَجَدَ مالاً وغِنًى، وأَوْجَدَهُ اللهُ إيَّاهُ.
وعلَى الثاني: يكونُ تعديَةَ وَجَدَ وَجْداً إذا اسْتَغْنَى. ومَصدرُ هذا: الوُجْد، -بالضمِّ والفتْحِ والكسْرِ- قالَ تعالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6].
((ويُقالُ: وَجَدَ فُلانٌ وَجداً ووَجداً - بضمِّ الواوِ وفتْحِها وكَسْرِها - إذا صارَ ذا جِدَةٍ وثَروةٍ. ووَجَدَ الشيءَ فهوَ مَوجودٌ. وأَوْجَدَهُ اللهُ. ويقالُ: وَجَدَ اللهُ الشيءَ كذا وكذا، علَى غيرِ معنَى أَوْجَدَهُ. كما قالَ تعالَى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)} [الأعراف: 102] فاللهُ سُبحانَهُ أَوْجَدَهُ علَى عِلْمِهِ، بأن يكونَ علَى صفةٍ. ثُمَّ وَجَدَهُ بعدَ إيجادِهِ علَى تلكَ الصفةِ التي عَلِمَ أن سيكونُ عليها.
وأمَّا ((الواجِدُ)) في أسمائِهِ سُبحانَهُ: فهوَ بمعنَى: ذو الوَجْدِ والغِنَى، وهوَ ضِدُّ الفاقِدِ، وهوَ كالْمُوَسِّعِ ذي السَّعَةِ، قالَ تعالَى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)} [الذاريات: 47]؛ أيْ: ذُوْ سَعَةٍ وقُدرةٍ ومُلْكٍ، كما قالَ تعالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] ودَخَلَ في أسمائِهِ سُبحانَهُ ((الواجدُ)) دونَ ((الْمُوجِدِ)) فإن ((الموجِدَ)) صفةُ فِعْلٍ، وهوَ مُعْطِي الوُجودِ، كالْمُحْيِي مُعطِي الحياةِ، وهذا الفعلُ لم يَجِئْ إطلاقُهُ في أفعالِ اللهِ في الكتابِ ولا في السُّنَّةِ. فلا يُعرَفُ إطلاقُ: أَوْجَدَ اللهُ كذا وكذا، وإِنَّمَا الذي جاءَ: خَلَقَهُ وبَرَأَهُ، وصَوَّرَهُ وأَعطاهُ خَلْقَهُ ونحوُ ذلكَ. فلَمَّا لم يكنْ يُسْتَعْمَلُ فِعْلُهُ لم يَجِئ اسمُ الفاعلِ منهُ في أسمائِهِ الْحُسْنَى. فإنَّ الفعلَ أَوْسَعُ مِن الاسمِ. ولهذا أَطْلَقَ اللهُ علَى نفسِهِ أَفعالاً لم يَتَسَمَّ منها بأسماءِ الفاعلِ: كأَرادَ، وشاءَ، وأَحْدَثَ، ولم يُسَمَّ بالمريدِ و الشائِي و الْمُحْدِثِ ، كما لم يُسَمِّ نفسَهُ بالصانعِ والفاعلِ والمتقِنِ وغيرِ ذلكَ مِن الأسماءِ التي أَطْلَقَ علَى نفسِهِ، فبابُ الأفعالِ أَوْسَعُ مِنْ بابِ الأسماءِ.
وقدْ أَخطأَ - أَقْبَحَ خَطأٍ - مَن اشْتَقَّ لهُ مِنْ كلِّ فِعْلٍ اسماً، وبَلَغَ بأسمائِهِ زيادةً علَى الألْفِ. فسَمَّاهُ الماكِرَ، والمخادِعَ، والفاتِنَ، والكائدَ ونحوَ ذلكَ. وكذلكَ بابُ الإخبارِ عنهُ بالاسمِ أَوْسَعُ مِنْ تَسميتِهِ بهِ. فإنَّهُ يُخْبَرُ عنهُ بأنَّهُ ((شيءٌ، وموجودٌ، ومذكورٌ، ومعلومٌ، ومرادٌ لا يُسَمَّى بذلكَ)).
فأمَّا ((الواجدُ)) فلم تَجِئْ تَسميتُهُ بهِ إلاَّ في حديثِ تَعدادِ الأسماءِ الْحُسنَى ([4]). والصحيحُ: أنَّهُ ليسَ مِنْ كلامِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ. ومعناهُ صحيحٌ. فإنَّهُ ذو الوُجْدِ والغِنَى، فهوَ أَوْلَى بأن يُسَمَّى بهِ مِن ((الموجودِ)) ومِن ((الْمُوجِدِ)).
أمَّا ((الموجودُ)) فإنَّهُ مُنقسِمٌ إلَى كاملٍ وناقصٍ، وخيرٍ وشَرٍّ. وما كانَ مُسَمَّاهُ مُنْقَسِماً لم يَدْخُل اسمُهُ في الأسماءِ الحسنَى كالشيءِ والمعلومِ. ولذلكَ لم يُسَمَّ بالمريدِ، ولا بالمتكلِّمِ، وإنْ كانَ لهُ الإرادةُ والكلامُ، لانقسامِ مُسَمَّى المريدِ و المتكلِّمِ وأمَّا الموجِدُ فقدْ سَمَّى نفسَهُ بأكملِ أنواعِهِ. وهوَ ((الخالقُ، البارئُ، المصوِّرُ)) فالموجِدُ كالمحْدِثِ والفاعلِ والصانعِ.
وهذا مِنْ دقيقِ فِقْهِ الأسماءِ الحسنَى. فتَأَمَّلْهُ، وباللهِ التوفيقُ))([5]).
فغيرُ مُمْتَنِعٍ أن يُطْلَقَ علَى مَنْ يَفعلُ بالقُدرةِ المحدَثَةِ أنَّهُ أَوْجَدَ مَقدورَهُ، كما يُطْلَقُ عليهِ أنَّهُ فَعَلَهُ وعَمِلَهُ وصَنَعَهُ وأَحْدَثَهُ، لا علَى سبيلِ الاستقلالِ.
* * *
وكذلكَ لفظُ المؤَثِّرِ لم يَرِدْ إطلاقُهُ في أسماءِ الربِّ، وقدْ وَقَعَ إطلاقُهُ الأثَرَ والتأثيرَ علَى فِعْلِ العبدِ، قالَ تعالَى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ} [يس: 12].
قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ما أَثَّرُوا منْ خيرٍ أوْ شرٍّ، فسَمَّى ذلكَ آثاراً لحصولِهِ بتأثيرِهم.
ومِن العجيبِ أنَّ المتكلِّمينَ يَمتنعونَ مِنْ إطلاقِ التأثيرِ والمؤثِّرِ علَى مَنْ أُطلقَ عليهِ في القرآنِ والسنَّةِ، كما قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ لبني سَلمةَ: ((دِيَارَكُمْ تُكْتَبُ آثَارُكُمْ)) ([6])؛ أي: الْزَمُوا دِيارَكم، ويَخُصُّونَهُ بِمَنْ لم يَقَعْ إطلاقُهُ عليهِ في كتابٍ ولا سُنَّةٍ، وإن اسْتُعْمِلَ في حَقِّهِ الإيثارُ والاستئثارُ، كما قالَ أخو يُوسفَ: {تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 91]. وفي الأثَرِ: “ إِذَا اسْتَأْثَرَ اللهُ بِشَيْءٍ فَالْهُ عَنْهُ “. وقالَ الناظمُ:

اسْتَأْثَرَ اللهُ بالثناءِ وبالحمْدِ ووَلَّى الْمَلامةَ الرَّجُلا ([7])

ولَمَّا كانَ التأثيرُ تَفعيلاً مِنْ أثَّرْتُ في كذا تَأثيراً فأنا مؤثِّرٌ، لم يَمْتَنِعْ إطلاقُهُ علَى العبْدِ. قالَ في الصِّحاحِ: التأثيرُ إبقاءُ الأَثَرِ في الشيءِ.
* * *
وأما لفظُ الصانعِ فلم يَرِدْ في أسماءِ الربِّ سُبحانَهُ ولا يُمكِنُ وُرودُهُ، فإنَّ الصانعَ مَنْ صَنَعَ شيئاً عَدْلاً كانَ أوْ ظُلماً، سَفَهاً أوْ حِكمةً، جائزاً أوْ غيرَ جائزٍ، وما انْقَسَم مُسَمَّاهُ إلَى مَدْحٍ وذَمٍّ لم يَجِئ اسمُهُ المطلَقُ في الأسماءِ الْحُسْنَى، كالفاعلِ والعاملِ والصانعِ والمريدِ والمتكلِّمِ، لانقسامِ معاني هذهِ الأسماءِ إلَى محمودٍ ومذمومٍ، بخلافِ العالِمِ والقادرِ والحيِّ والسميعِ والبصيرِ.
وقدْ سَمَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ العبدَ صانعاً، قالَ البخاريُّ: حَدَّثَنَا عليُّ بنُ عبدِ اللهِ، ثنا مَرْوانُ بنُ مُعاويَةَ، ثنا أبو مالِكٍ، عنْ رِبْعِيِّ بنِ خِراشٍ، عنْ حُذيفةَ قالَ: قالَ النبيُّ صَلَّى
اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ)) ([8]).
وقدْ أَطْلَقَ سُبحانَهُ علَى فِعْلِهِ اسمَ الصنْعِ فقالَ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]. وهوَ مَنصوبٌ علَى الْمَصدرِ، لأنَّ قولَهُ تعالَى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88] يَدُلُّ علَى الصنعةِ، وقيلَ: هوَ نَصْبٌ علَى المفعوليَّةِ؛ أي: انْظُرُوا صُنْعَ اللهِ.
- فعلَى الأَوَّلِ: يكونُ (صُنْعَ اللهِ) مَصدراً بمعنَى الفعْلِ.
- وعلَى الثاني: يكونُ بمعنَى المصنوعِ والمفعولِ. فإنَّهُ الذي يُمْكِنُ وُقوعُ النظَرِ والرؤيَةِ عليهِ.
وأمَّا الإنشاءُ فإِنَّمَا وَقَعَ إطلاقُهُ عليهِ سُبحانَهُ فِعْلاً كقولِهِ: {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)} [الرعد: 12]، وقولِهِ: {فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ} [المؤمنون: 19]، وقولـِهِ: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)} [الواقعة: 61] وهوَ كثيرٌ، ولم يَرِدْ لفظُ المنشئِ.
وأمَّا العبدُ فيُطْلَقُ عليهِ الإنشاءُ باعتبارٍ آخَرَ، وهوَ شُروعُهُ في الفعلِ وابتداؤُهُ لهُ، يقولُ: أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، وأَنشأَ السِّرَّ، فهوَ مُنشئٌ لذلكَ. وهذا إنشاءٌ مُقَيَّدٌ، وإنشاءُ الربِّ إنشاءٌ مُطْلَقٌ. وهذه اللفظةُ تَدورُ علَى معنَى الابتداءِ، أَنْشَأَهُ اللهُ؛ أي: ابْتَدَأَ خَلْقَهُ، وأَنْشَأَ يَفعلُ كذا: ابْتَدَأَ، وفلانٌ يُنشئُ الأحاديثَ؛ أيْ: يَبْتَدِئُ وَضْعَها، والناشئُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ مِن السَّحَابِ، قالَ الجوهريُّ: وناشِئَةُ الليلِ أوَّلُ ساعاتِهِ التي مِنْهَا يَنشأُ الليلُ.
والصحيحُ أنَّها لا تَخْتَصُّ بالساعةِ الأُولَى، بلْ هيَ ساعاتُهُ ناشئةً بعدَ ناشئةٍ، كُلَّما انْقَضَتْ ساعةٌ نَشأتْ بعدَها أُخْرَى. وقالَ أبو عُبيدةَ: ناشئةُ الليلِ ساعاتُهُ وآناؤُهُ ناشئةً بعدَ ناشئةٍ. قالَ الزَّجَّاجُ: ناشئةُ الليلِ: كلُّ مَا نَشَأَ منهُ؛ أيْ: حَدَثَ منهُ، فهوَ ناشئةٌ. قالَ ابنُ قُتيبةَ: هيَ آناءُ الليلِ وساعاتُهُ، مَأخوذةٌ مِنْ نَشَأَتْ تَنشأُ نَشْأً؛ أي: ابْتَدَأَتْ وأَقْبَلَتْ شيئاً بعدَ شيءٍ. وأَنْشَأَهَا اللهُ فنَشأتْ، والمعنَى: إنَّ ساعاتِ الليلِ الناشئةَ، وقولُ صاحبِ الصِّحَاحِ مَنقولٌ عنْ كثيرٍ مِن السلَفِ.
قالَ عليُّ بنُ الحسينِ: ناشئةُ الليلِ ما بينَ المغرِبِ إلَى العشاءِ، وهذا قولُ أَنَسٍ وثابتٍ وسعيدِ بنِ جُبيرٍ والضحَّاكِ والحَكَمِ واختيارُ الكِسَائِيِّ، قالوا: ناشئةُ الليلِ: أوَّلُهُ. وهؤلاءِ رَاعَوْا معنَى الأوَّلِيَّةِ في الناشئةِ. وفيها قولٌ ثالثٌ: إنَّ الليلَ كلَّهُ ناشئةٌ، وهذا قولُ عِكرمةَ وأبي مِجْلَزٍ ومُجاهِدٍ والسُّدِّيِّ وابنِ الزُّبيرِ وابنِ عبَّاسٍ في روايَةٍ، قالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: سألتُ ابنَ الزُّبَيْرِ وابنَ عبَّاسٍ عنْ ناشئةِ الليلِ فقالا: الليلُ كلُّهُ ناشئةٌ. فهذه أقوالُ مَنْ جَعَلَ ناشئةَ الليلِ زماناً.
وأمَّا مَنْ جَعَلَها فِعْلاً يَنشأُ بالليلِ فالناشئةُ عندَهم اسمٌ لما يُفْعَلُ بالليلِ مِن القيامِ. وهذا قولُ ابنِ مسعودٍ ومعاويَةَ بنِ قُرَّةَ وجماعةٍ، قالوا: ناشئةُ الليلِ قيامُ الليلِ.
وقالَ آخرونَ منهم عائشةُ: إِنَّمَا يكونُ القيامُ ناشئةً إذا تَقَدَّمَهُ نومٌ، قالتْ عائشةُ: ناشئةُ الليلِ: القيامُ بعدَ النومِ، وهذا قولُ ابنِ الأعرابيِّ، قالَ: إذا نِمْتَ مِنْ أوَّلِ الليلِ نَوْمَةً ثُمَّ قُمْتَ فتلكَ النَّشأةُ، ومنهُ ناشئةُ الليلِ. فعلَى قولِ الأَوَّلِينَ: ناشئةُ الليلِ بمعنَى مِنْ، إضافةُ نوعٍ إلَى جِنْسِهِ؛ أيْ: ناشئةٌ منهُ. وعلَى قولِ هؤلاءِ: إضافةٌ بمعنَى في؛ أيْ: طاعةٌ ناشئةٌ فيهِ، والمقصودُ أنَّ الإنشاءَ ابتداءٌ، سواءٌ تَقَدَّمَهُ مِثْلُهُ كالنشأةِ الثانيَةِ، أوْ لم يَتَقَدَّمْهُ كالنشأةِ الأُولَى.
* * *
وأما الْجَعْلُ فقدْ أُطْلِقَ علَى اللهِ سُبحانَهُ بِمَعنيينِ:
- أحدُهما: الإيجادُ والْخَلْقُ.
- والثاني: التصييرُ.
فالأوَّلُ: يَتَعَدَّى إلَى مفعولٍ، كقولِهِ: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}.
والثاني: أَكثرُ ما يَتَعَدَّى إلَى مَفعولينِ كقولِهِ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف:3].
وأُطْلِقَ علَى العبدِ بالمعنَى الثاني خاصَّةً كقولِهِ: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136].
وغالبُ ما يُستعمَلُ في حقِّ العبدِ في جَعْلِ التسميَةِ والاعتقادِ، حيث لا يكونُ لهُ صُنْعٌ في المجعولِ، كقولِهِ: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19]، وقولِهِ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} [يونس: 59] وهذا يَتعدَّى إلَى واحدٍ، وهوَ جَعْلُ اعتقادٍ وتَسميَةٍ.
* * *
وأمَّا الفعلُ والعملُ فإطلاقُهُ علَى العبدِ كثيرٌ، (لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، (لَبِئَسْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، (بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
وأَطْلَقَهُ علَى نفسِهِ فِعْلاً واسْماً:
- فالأوَّلُ: كقولِهِ: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} [إبراهيم: 27].
- والثاني: كقولِهِ: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)} [البروج: 16]، وقولـِهِ: {كُنَّا فَاعِلِينَ} في موضعينِ مِنْ كتابِهِ أحدُهما قولُهُ: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)} [الأنبياء: 79]، والثاني قولُهُ: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)} [الأنبياء: 104].
فتَأَمَّلْ قولـَهُ: {كُنَّا فَاعِلِينَ} في هذينِ الموضعينِ المتضَمِّنَيْنِ للصنْعِ العجيبِ الخارجِ عن العادةِ، كيفَ تَجِدُهُ كالدليلِ علَى ما أَخْبَرَ بهِ، وأنَّهُ لا يَستعصِي علَى الفاعلِ حقيقةً؛ أيْ: شَأْنُنَا الفعلُ، كما لا يَخْفَى الجهْرُ والإسرارُ بالقولِ علَى مَنْ شأنُهُ العلْمُ والْخِبرةُ، ولا تَصْعُبُ المغفرةُ علَى مَنْ شأنُهُ أن يَغفِرَ الذنوبَ، ولا الرزْقُ علَى مَنْ شأنُهُ أنْ يرزقَ العِبادَ. وقدْ وَقَعَ الزَّجَّاجُ علَى هذا المعنَى بعينِهِ فقالَ: {وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)}، قادرينَ علَى فِعْلِ ما نَشاءُ). ([9])

[فصلٌ]:
(وليسَ في أسمائِهِ الْحُسْنَى ((المريدُ))، والمتكلِّمونَ يَقولونَ: مُريدٌ، لبيانِ إثباتِ الصفةِ، وإلاَّ فليسَ ذلكَ مِنْ أسمائهِ الْحُسْنَى؛ لأنَّ الإرادةَ تَنَاوَلُ ما يَحْسُنُ إرادتُهُ وما لا يَحْسُنُ، فلم يُوصَفْ بالاسمِ المطلَقِ منها، كما ليسَ في أسمائِهِ الْحُسْنَى الفاعلُ ولا المتكلِّمُ، وإن كانَ فَعَّالاً مُريداً متكلِّماً بالصدْقِ والعَدْلِ، فليسَ الوصْفُ بمطلَقِ الكلامِ ومطلَقِ الإرادةِ ومطلَقِ الفعلِ يَقتضِي مَدْحاً وحَمْداً حتَّى يكونَ ذلكَ مُتَعَلِّقاً بما يَحْسُنُ تَعَلُّقُهُ بهِ، بخِلافِ: العليمِ القديرِ، والعَدْلِ، والمحسِنِ، والرحمنِ الرحيمِ؛ فإنَّ هذهِ كمالاتٌ في أنفُسِها لا تكونُ نَقْصاً ولا مُستلزِمَةً لنَقْصٍ الْبَتَّةَ)([10]) .

[فصلٌ]:
... [في لفظِ (الشوقُ) ] هلْ يَجوزُ إطلاقُهُ علَى اللهِ تعالَى؟
فهذا مما لم يَرِدْ بهِ القرآنُ ولا السُّنَّةُ بصَريحِ لفظِهِ. قالَ صاحبُ (مَنَازِلِ السائرينَ) وغيرُهُ: وسببُ ذلكَ أنَّ الشوقَ إِنَّمَا يكونُ لغائبٍ، ومَذهبُ هذهِ الطائفةِ إِنَّمَا قامَ علَى المشاهَدَةِ. ولهذا السببِ عندَهم لم يَجِئْ في حَقِّ اللهِ ولا في حقِّ العبدِ.
وجَوَّزَتْ طائفةٌ إطلاقَهُ كما يُطْلَقُ عليهِ سُبحانَهُ وتعالَى، ورَوَوْا في أَثَرٍ أنَّهُ يقولُ: (طالَ شوقُ الأبرارِ إلَى لقائِي، وأنا إلَى لقائِهم أَشْوَقُ) ([11]). قالوا: وهذا الذي تَقْتَضِيهِ الحقيقةُ، وإنْ لم يَرِدْ بهِ لفظٌ صريحٌ. فالمعنَى حقٌّ، فإنَّ كلَّ مُحِبٍّ فهوَ مُشْتَاقٌ إلَى لقاءِ مَحبوبِهِ. قالوا: وأمَّا قولُكم: إنَّ الشوقَ إِنَّمَا يكونُ إلَى غائبٍ، وهوَ سبحانَهُ لا يَغيبُ عنْ عَبْدِهِ ولا يَغيبُ العبدُ عنهُ، فهذا حُضورُ العلْمِ، وأما اللقاءُ والقُرْبُ فأمْرٌ آخَرُ، فالشوقُ يَقعُ بالاعتبارِ الثاني، وهوَ قُرْبُ الحبيبِ ولقاؤُهُ والدنُوُّ منهُ، وهذا لهُ أَجَلٌ مَضروبٌ لا يُنالُ قَبْلَهُ.
قالَ تعالَى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ} [العنكبوت: 5]، قالَ أبو عثمانَ الحيريُّ: هذا تَعزيَةٌ للمُشتاقينَ، معناهُ: إني أَعلمُ أنَّ اشتياقَكم إليَّ غالبٌ، وأنا أَجَّلْتُ للقائِكم أَجَلاً، وعنْ قريبٍ يكونُ وُصولُكم إلَى مَنْ تَشتاقونَ إليهِ.
والصوابُ أن يُقالَ: إطلاقُ اللفظِ مُتَوَقِّفٌ علَى السمْعِ، ولم يَرِدْ بهِ فلا يَنبغِي إطلاقُهُ. وهذا كلفْظِ العِشْقِ أيضاً، فإنَّهُ لَمَّا لم يَرِدْ بهِ سَمْعٌ فإنَّهُ يَمتنِعُ إطلاقُهُ عليهِ سُبحانَهُ.
واللفظُ الذي أَطْلَقَهُ سبحانَهُ علَى نفسِهِ وأَخْبَرَ عنها أَتَمُّ مِنْ هذا وأَجَلُّ شأناً هوَ لفظُ الْمَحبَّةِ، فإنَّهُ سُبحانَهُ يُوصَفُ مِنْ كلِّ صفةِ كمالٍ بأَكْمَلِها وأَجَلِّها وأعلاها، فيُوصَفُ مِن الإرادةِ بأَكْمَلِها، وهوَ الحكمةُ وحصولُ كلِّ ما يُريدُ بإرادتِهِ، كما قالَ تعالَى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)} [البروج: 16]، وبإرادةِ اليُسْرِ لا العُسْرِ. كما قالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وبإرادةِ الإحسانِ وإتمامِ النِّعمةِ علَى عِبادِهِ كقولِهِ: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)} [النساء: 27]، فإرادةُ التوبةِ لهُ، وإرادةُ الميلِ لِمُبْتَغِي الشهواتِ، وقولِهِ تعالَى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)} [المائدة: 6].
وكذلكَ الكلامُ يَصِفُ نفسَهُ منهُ بأَعْلَى أنواعِهِ كالصدْقِ والعَدْلِ والحقِّ.
وكذلكَ الفعلُ يَصِفُ نفسَهُ منهُ بأَكْمَلِهِ وهوَ العَدْلُ والحكمةُ والمصلَحَةُ والنِّعْمَةُ.
وهكذا المحبَّةُ وَصَفَ نفسَهُ منها بأعلاها وأَشْرَفِها فقالَ تعالَى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، و {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة: 222]، و {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} [البقرة: 195]، و {يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} [آل عمران: 146]، ولم يَصِفْ نفسَهُ بغيرِها مِن العَلاقةِ والْمَيْلِ والصَّبَابَةِ والعِشْقِ والغرامِ ونحوِها، فإنَّ مُسَمَّى الْمَحَبَّةِ أَشْرَفُ وأَكْمَلُ مِنْ هذهِ الْمُسَمَّيَاتِ، فجاءَ في حَقِّهِ إطلاقُهُ دُونَها. وهذه الْمُسَمَّيَاتُ لا تَنْفَكُّ عنْ لوازمَ ومَعانٍ تَنَـزَّهَ تعالَى عن الاتِّصافِ بها.
وهكذا جميعُ ما أَطْلَقَهُ علَى نفسِهِ مِنْ صفاتِهِ العُلَى أَكملُ مَعْنًى ولفظاً مِمَّا لم يُطْلِقْهُ؛ فالعليمُ الخبيرُ أَكملُ مِن الفقيهِ والعارفِ، والكريمُ الجَوَادُ أَكملُ مِن السخِيِّ، والخالقُ البارئُ الْمُصَوِّرُ أكمَلُ مِن الصانعِ الفاعلِ، ولهذا لم تَجِئْ هذهِ في أسمائِهِ الْحُسْنَى، والرحيمُ الرؤوفُ أَكملُ مِن الشفيقِ والْمُشْفِقِ، فعليكَ بِمُراعاةِ ما أَطْلَقَهُ سُبحانَهُ علَى نفسِهِ مِن الأسماءِ والصفاتِ والوقوفِ معها، وعدَمِ إطلاقِ ما لم يُطْلِقْهُ علَى نفسِهِ ما لم يكنْ مُطابِقاً لمعنَى أسمائِهِ وصفاتِهِ، وحينئذٍ فيُطْلَقُ المعنَى لمطابقَتِهِ لهُ دونَ اللفظِ، ولا سيَّما إذا كانَ مُجْمَلاً أوْ مُنْقَسِماً إلَى ما يُمْدَحُ بهِ وغيرِهِ، فإنَّهُ لا يَجوزُ إطلاقُهُ إلاَّ مُقَيَّداً، وهذا كلفظِ الفاعلِ والصانعِ، فإنَّهُ لا يُطْلَقُ عليهِ في أسمائِهِ الْحُسْنَى إلاَّ إطلاقاً مُقَيَّداً، كما أَطْلَقَهُ علَى نفسِهِ كقولِهِ تعالَى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)} [البروج: 16]، {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} [إبراهيم: 27]، وقولِهِ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}[النمل: 88] فإنَّ اسمَ الفاعلِ والصانعِ مُنْقَسِمُ المعنَى إلَى ما يُمْدَحُ عليهِ ويُذَمُّ، ولهذا المعنَى - واللهُ أَعلمُ - لم يَجِئْ في الأسماءِ الْحُسْنَى ((المريدُ)) كما جاءَ فيها السميعُ البصيرُ، ولا المتكلِّمُ ولا الآمِرُ الناهي، لانقسامِ مُسَمَّى هذهِ الأسماءِ، بلْ وَصَفَ نفسَهُ بكمالاتِها وأَشرَفِ أنواعِها.
* * *
ومِنْ هنا يُعْلَمُ غَلَطُ بعضِ المتأخِّرينَ وزَلَقُهُ الفاحشُ في اشتقاقِهِ لهُ سُبحانَهُ مِنْ كلِّ فِعْلٍ أَخْبَرَ بهِ عنْ نفسِهِ اسماً فأَدْخَلَهُ في أسمائِهِ الْحُسْنَى، فاشْتَقَّ لهُ اسمَ الماكرِ، والخادعِ، والفاتنِ، والمضِلِّ، والكاتبِ، ونحوِها مِنْ قولِهِ: {وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال: 30]، ومِنْ قولِهِ: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]، ومِنْ قولِهِ: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه: 131]، ومِنْ قولِهِ: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} [الرعد: 27]، وقولِهِ تعالَى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21].
وهذا خطأٌ مِنْ وُجوهٍ:
- أحدُها: أنَّهُ سُبحانَهُ لم يُطْلِقْ علَى نفسِهِ هذهِ الأسماءَ، فإطلاقُها عليهِ لا يَجوزُ.
- الثاني: أنَّهُ سُبحانَهُ أَخبرَ عنْ نفسِهِ بأفعالٍ مُخْتَصَّةٍ مُقَيَّدَةٍ، فلا يَجوزُ أن يُنْسَبَ إليهِ مُسمَّى الاسمِ عندَ الإطلاقِ.
- الثالثُ: أنَّ مُسمَّى هذهِ الأسماءِ مُنقسِمٌ إلَى ما يُمْدَحُ عليهِ المسمَّى بهِ، وإلَى ما يُذَمُّ، فيَحْسُنُ في مَوْضِعٍ، ويَقْبُحُ في مَوضعٍ. فيَمتنِعُ إطلاقُهُ عليهِ سُبحانَهُ مِنْ غيرِ تفصيلٍ.
- الرابعُ: أنَّ هذهِ ليست مِن الأسماءِ الْحُسْنَى التي تَسَمَّى بها سُبحانَهُ، فلا يَجوزُ أن يُسَمَّى بها؛ فإنَّ أسماءَ الربِّ تعالَى كلَّها حُسْنَى، كما قالَ تعالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180]، وهيَ التي يُحِبُّ سُبحانَهُ أن يُثْنَى عليهِ ويُحْمَدَ ويُمَجَّدَ بها دونَ غيرِها.
- الخامسُ: أنَّ هذا القائلَ لوْ سُمِّيَ بهذه الأسماءِ، وقيلَ لهُ: هذهِ مِدْحَتُكَ وثناءٌ عليكَ، فأنتَ الماكرُ الفاتنُ المخادِعُ المضِلُّ اللاعِنُ الفاعلُ الصانعُ ونحوُها، لما كانَ يَرْضَى بإطلاقِهِ هذهِ الأسماءَ عليهِ ويَعُدُّها مِدْحَةً. وللهِ الْمَثَلُ الأعلَى، سُبحانَهُ وتعالَى عمَّا يقولُ الجاهلونَ بهِ عُلُوًّا كبيراً.
- السادسُ: أنَّ هذا القائلَ يَلْزَمُهُ أن يَجْعَلَ مِنْ أسمائِهِ اللاعنَ والجائِيَ والآتِيَ والذاهبَ والتارِكَ والمقاتِلَ والصادِقَ والمنـَزِّلَ والنازلَ والْمُدَمْدِمَ والمدَمِّرَ وأضعافَ أضعافِ ذلكَ، فيَشْتَقُّ لهُ أسماءً مِنْ كلِّ فِعْلٍ أَخْبَرَ بهِ عنْ نفسِهِ، وإلاَّ تَنَاقَضَ تَنَاقُضاً بَيِّناً، ولا أَحَدَ مِن العُقلاءِ طَرَدَ ذلكَ. فعُلِمَ بُطلانُ قولِهِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

تَتِمَّةٌ:
وأمَّا أنْ] يُطْلَقَ علَى العبدِ أنَّهُ يَشتاقُ إلَى اللهِ وإلَى لقائِهِ فهذا غيرُ مُمْتَنِعٍ، فقدْ روَى الإمامُ أحمدُ في مُسْنَدِهِ والنسائيُّ وغيرُهما مِنْ حديثِ حَمَّادِ بنِ سَلمةَ، عنْ عَطاءِ بنِ السائبِ، عنْ أبيهِ قالَ: صَلَّى بنا عَمَّارُ بنُ ياسرٍ صلاةً فأَوْجَزَ فيها، فقلتُ: خَفَّفْتَ يا أبا اليَقظانِ، فقالَ: وما عَلَيَّ مِنْ ذلكَ، ولقدْ دَعوتُ اللهَ بدَعَواتٍ سَمِعْتُها مِنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ. فلَمَّا قامَ تَبِعَهُ رجُلٌ مِن القومِ فسأَلَهُ عن الدَّعَواتِ فقالَ: ((اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْراً لِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ)) ([12])؛ فهذا فيهِ إثباتُ لَذَّةِ النظَرِ إلَى وَجهِهِ الكريمِ وشَوْقِ أحبابِهِ إليهِ وإلَى لقائِهِ؛ فإنَّ حقيقةَ الشوقِ إليهِ هوَ الشوْقُ إلَى لقائِه)([13])

[ فصلٌ: في لفظِ العِشْقِ].
(العِشْقُ:... هوَ الحبُّ المُفْرِطُ الذي يُخَافُ علَى صاحبِهِ منهُ،... وفي اشتقاقِهِ قولانِ:
- أحدُهما: أنَّهُ مِن العَشَقَةِ – مُحَرَّكَةً – وهيَ نَبْتٌ أَصْفَرُ يَلتوي علَى الشجَرِ، فشُبِّهَ بهِ العاشقُ.
- والثاني: أنَّهُ مِن الإفراطِ.
وعلَى القولينِ فلا يُوصَفُ بهِ الربُّ تَبَارَكَ وتعالَى، ولا العبدُ في مَحَبَّةِ رَبِّهِ)([14]).

[فصلٌ]:
(ومما يُمْنَعُ تسميَةُ الإنسانِ بهِ أسماءُ الربِّ تَبارَكَ وتعالَى، فلا يَجوزُ التسميَةُ بالأحَدِ والصمَدِ، ولا بالخالقِ ولا بالرازقِ، وكذلكَ سائرُ الأسماءِ المختَصَّةِ بالربِّ تَبارَكَ وتعالَى، ولا تَجوزُ تَسميَةُ الملوكِ بالقاهرِ والظاهرِ، كما لا يَجوزُ تَسميتُهم بالجبَّارِ والمتكَبِّرِ، والأوَّلِ والآخرِ، والباطنِ وعلاَّمِ الغيوبِ.
وقدْ قالَ أبو دَاودَ في (سُننِهِ): حَدَّثَنا الربيعُ بنُ نافعٍ، عنْ يَزيدَ بنِ الْمِقدامِ بنِ شُريحٍ، عنْ أبيهِ، عنْ جَدِّهِ شريحٍ، عنْ أبيهِ هانئٍ، أنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ إلَى المدينةِ معَ قَوْمِهِ سمِعَهُم يُكَنُّونَهُ بأبي الْحَكَمِ، [فدَعَاهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فقالَ: ((إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ] وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ، فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ؟)) فقالَ: إنَّ قَوْمِي إذا اخْتَلَفُوا في شيءٍ أَتَوْنِي فحَكَمْتُ بينَهم، فَرَضِيَ كِلا الفريقينِ، فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟)) قالَ: لي شريحٌ ومَسْلَمَةُ وعبدُ اللهِ، قالَ: ((فمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟)) قلتُ: شريحٌ، قالَ: ((فأنتَ أبو شريحٍ)) ([15])، و[في]... الحديثِ الصحيحِ: ((أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاكِ)) ([16]).
وقالَ أبو داوُدَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا بِشْرُ بنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنا أبو سَلمةَ سعيدُ بنُ يَزيدَ، عنْ أبي نَضرةَ، عنْ مُطَرِّفِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ قالَ: قالَ أبي: انْطَلَقْتُ في وفْدِ بني عامرٍ إلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فقُلْنَا: أنتَ سَيِّدُنَا، فقالَ: ((السَّيِّدُ اللهُ)) قُلْنَا: وأفضلُنا فَضْلاً وأَعْظَمُنا طَوْلاً، فقالَ: ((قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بِبَعْضِ قَوْلِكُمْ، وَلا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشَّيْطَانُ)) ([17]).
ولا يُنافِي هذا قولَهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ)). ([18]) فإنَّ هذا إخبارٌ منهُ عَمَّا أَعطاهُ اللهُ مِنْ سِيادةِ النوعِ الإنسانيِّ وفَضْلِهِ وشَرَفِهِ عليهم. وأمَّا وَصْفُ الربِّ تعالَى بأنَّهُ السيِّدُ فذلكَ وَصْفٌ لربِّهِ علَى الإطلاقِ؛ فإنَّ سَيِّدَ الخلْقِ هوَ مالِكُ أَمْرِهم الذي إليهِ يُرجَعُونَ، وبأمْرِهِ يَعملونَ، وعنْ قولِهِ يَصْدُرُونَ، فإذا كانت الملائكةُ والإنسُ والجِنُّ خَلْقاً لهُ سُبحانَهُ وتعالَى ومِلْكاً لهُ ليسَ لهم غِنًى عنهُ طَرفةَ عينٍ، وكلُّ رَغَباتِهم إليهِ، وكلُّ حوائجِهم إليهِ، كانَ هوَ سُبحانَهُ وتعالَى السيِّدَ علَى الحقيقةِ.
قالَ عليُّ بنُ أبي طَلحةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ في تفسيرِ قولِ اللهِ: {الصَّمَدُ (2)} [الإخلاص: 2] قالَ: السيِّدُ الذي كَمُلَ سُؤْدَدُهُ.
(([وقد] اختلَفَ الناسُ في جَوازِ إطلاقِ ((السيِّدِ)) علَى البَشَرِ، فمَنَعَهُ قومٌ ونُقِلَ عنْ مالكٍ، واحْتَجُّوا بأنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ لَمَّا قِيلَ لهُ: يا سَيِّدَنَا، قالَ: ((إِنَّمَا السَّيِّدُ اللهُ)) وجَوَّزَهُ قومٌ، واحْتَجُّوا بقولِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ للأنصارِ: ((قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ)). وهذا أَصَحُّ مِن الحديثِ الأَوَّلِ.
قالَ هؤلاءِ: السيِّدُ أَحَدُ ما يُضافُ إليهِ، فلا يُقالُ لتَميميٍّ: إنَّهُ سَيِّدُ كِندةَ، ولا يُقالُ لملَكٍ: إنَّهُ سَيِّدُ البَشَرِ.
قالَ: وعلَى هذا فلا يَجوزُ أن يُطْلَقَ علَى اللهِ هذا الاسمُ. وفي هذا نَظَرٌ، فإن السيِّدَ إذا أُطْلِقَ عليهِ تعالَى فهوَ بمعنَى المالِكِ والْمَوْلَى والربِّ، لا بالمعنَى الذي يُطْلَقُ علَى المخلوقِ. واللهُ سُبحانَهُ وتعالَى أَعْلَمُ))([19]).
والمقصودُ: أنَّهُ لا يَجوزُ أن يُتَسَمَّى بأسماءِ اللهِ المختَصَّةِ بهِ.
وأمَّا الأسماءُ التي تُطْلَقُ عليهِ وعلَى غيرِهِ: كالسميعِ، والبصيرِ والرؤوفِ، والرحيمِ فيَجوزُ أن يُخْبَرَ بمعانيها عن المخلوقِ، ولا يَجوزُ أن يُتَسَمَّى بها علَى الإطلاقِ بحيث يُطْلَقُ عليهِ كما يُطْلَقُ علَى الربِّ تعالَى). ([20])
).[المرتبع الأسنى: ؟؟]


([1]) راجِعْ للأهميةِ: الأمرَ الرابعَ والأمرَ العشرينَ والثامِنَ والعِشرينَ والثلاثينَ والحاديَ والثلاثينَ منَ القواعدِ المذكورةِ في البابِ الحادي والعشرينَ.
([2]) شِفَاءُ العَلِيلِ (1/ 331).
([3]) شِفَاءُ العَلِيلِ (1/ 331).
([4]) رواهُ الترمذيُّ في كتابِ الدَّعَوَاتِ / بابُ (83) حديثُ (3507)، وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الدعاءِ / بابُ أسماءِ اللهِ عزَّ وجَلَّ (3861) من حديثِ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه.
([5]) مَدارِجُ السَّالكِينَ (3/ 383-385) .
([6]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (14156)، ومسلمٌ في كتابِ المساجدِ / بابُ فَضْلِ كَثْرَةِ الخُطَا إلى المساجدِ (1518) من حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه.
([7]) البيت من قصيدة تنسب للأعشى في مدح سلامة ذي فائش ومطلعها :
إنَّ مَـحَـلاًّ وإنَّ مُـرْتَحِـلاً = وإنَّ في السَّفْر مَا مَضَى مَهَلاَ
انظُرْ دِيوانَ الأعشَى (265) إلا أنه ذَكَرَ العَدْلَ بدلَ الحَمْدِ.
([8]) رواه البُخَارِيُّ في كتابِ خلقِ أفعالِ العبادِ (25)، ورواهُ الحاكِمُ في المُستدرَكِ (1/ 31) في كتابِ الإيمانِ من طريقِ أبي النَّضْرِ محمدِ بنِ يوسُفَ الفقيهِ، ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ الدارميِّ، ثنا عليُّ بنُ المَدِينيِّ به، ولفظُه : "إنَّ اللهَ خالقٌ كلَّ صانعٍ وصَنْعَتَهُ" . ثم رَواه من طريقِ أبي العباسِ محمدِ بنِ يعقوبَ، ثنا إسماعيلُ بنُ إسحاقَ القاضِي، ثنا محمدُ بنُ أبي بكرٍ المُقَدَّمِيُّ، ثنا الفُضَيْلُ بنُ سليمانَ، عن أبي مالكٍ الأشجعيِّ به، ثم قالَ : "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ ولم يُخْرِجَاهُ" . ووافَقَه الذَّهَبِيُّ.
([9]) شِفَاءُ العَلِيلِ (1/ 331-337) .
([10]) مُخْتَصَرُ الصواعقِ (300).
([11]) موضوعٌ؛ انظُرْ تَذْكِرَةَ المَوْضُوعاتِ للفَتَّنِيِّ (196).
([12]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 110.
([13]) طَرِيقُ الهِجرتَيَنِ (335-339).
([14]) مَدارِجُ السَّالكِينَ (3/ 30-31) ؛ وقالَ – رَحِمَهُ اللهُ – في رَوْضَةِ المُحِبِّينَ (43-44): (وأما العِشقُ فهو أمرُّ هذه الأسماءِ وأَخبثُها [-يعنِي: أسماءَ الحبِّ-]، وقلَّ ما وَلِعَتْ به العَرَبُ وكأنهم سَتَرُوا اسمَهُ وكنَّوا عنه بهذه الأسماءِ فلم يَكادُوا يُفْصِحُونَ به، ولا تَكادُ تَجِدُه في شعرِهمُ القديمِ، وإنما أُولِعَ به المتأخرونَ، ولم يَقعْ هذا اللفظُ في القرآنِ ولا في السُّنَّةِ إلا في حديثِ سُوَيْدِ بن سعيدٍ، وسنتكلَّمُ عليه إن شاءَ اللهُ تعالَى) [وهو حديثُ: "مَنْ عَشِقَ وكَتَمَ، وعَفَّ وصَبَرَ، غَفَرَ اللهُ له وأدخلَهُ الجَنَّةَ" وقال في ص 194 : (وهو حديثٌ باطلٌ على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قَطْعًا لا يُشْبِهُ كَلامَهُ)] ثم ذَكَرَ اشتقاقَهُ في اللغةِ والخلافَ فيه، ثم قالَ: (وقد اختلفَ الناسُ هل يُطلَقُ هذا الاسمُ في حقِّ اللهِ تعالَى ؟ فقالَتْ طائفةٌ من الصوفيةِ : لا بأسَ بإطلاقِهِ، وذكروا فيه أَثرًا لا يَثْبُتُ، وفيه : فإذا فَعَلَ ذلك عَشِقَنِي وعَشِقْتُه.
وقال جُمهورُ الناسِ : لا يُطلَقُ ذلك في حقِّه سُبحانَهُ وتعالَى، فلا يقالُ : إنه يُعشَقُ، ولا يُقالُ: عَشِقَهُ عَبْدُهُ.
ثم اختلَفُوا في سببِ المَنعِ على ثلاثةِ أقوالٍ:
أحدُها: عدمُ التوقيفِ، بخلافِ المَحبَّةِ.
الثانِي: أن العِشْقَ إفراطُ المَحبَّةِ، ولا يُمكِنُ ذلك في حقِّ الربِّ تعالَى؛ فإن اللهَ تعالَى لا يُوصَفُ بالإفراطِ في الشيءِ، ولا يَبْلُغُ عبدُه ما يَسْتَحِقُّه من حُبِّه فضلاً عن أن يقالَ: أَفْرَطَ في حُبِّهِ.
الثالثُ: أنه مأخوذٌ من التغيُّرِ كما يُقالُ للشجرةِ المذكورةِ : عاشقةٌ. ولا يُطلَقُ ذلك على اللهِ سبحانَهُ وتَعالَى).
([15]) رواه أبو داودَ في كتابِ الأدبِ / بابٌ في تغييرِ الاسمِ القبيحِ (4945) والنَّسَائِيُّ في كتابِ آدابِ القضاةِ / بابُ إذا حَكَّمُوا رجلاً فَقَضى بينَهُم (5402).
([16]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (7285،27393)، والبُخَارِيُّ في كتابِ الأدبِ / بابُ أَبْغَضِ الأسماءِ إلى اللهِ (6205)، ومسلمٌ في كتابِ الآدابِ / بابُ تحريمِ التسمِّي بمَلِكِ الأَملاكِ (5575)، والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ الأدبِ / بابُ ما يُكرَهُ من الأسماءِ (2837)، وأبو داودَ في كتابِ الأدبِ / بابٌ في تغييرِ الاسمِ القبيحِ (4951) من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللهُ عنه.
([17]) رواه أبو داودَ في كتابِ الأدبِ / بابٌ في كراهيةِ التَّمادُحِ (4796)، ورَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ في مُسنَدِه (15872).
([18]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (10604)، والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ تفسيرِ القرآنِ / بابُ "وَمِن سورةِ بني إِسرائِيلَ" (3148)، وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الزُّهدِ / بابُ ذِكْرِ الشفاعةِ (4308) من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضيَ اللهُ عنه، وفيه عليُّ بنُ زيدِ بنِ جُدْعَانَ.
وقد رُوِيَ الحديثُ من روايةِ أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنه كما عند الإمامِ أَحْمَدَ (10589)، ومسلمٍ في كتابِ الفضائلِ / بابٌ في تفضيلِ نبيِّنا صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ على جميعِ الخلائقِ (5899)، والتِّرْمِذِيِّ في كتابِ المَناقبِ / بابٌ في فضلِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ (3615)، وأبو داودَ في كتابِ السُّنَّةِ / بابٌ في التخييرِ بينَ الأنبياءِ عليهِمُ السلامُ (4656).
([19]) بَدَائِعُ الفوائدِ (3/ 213).
([20]) تُحفةُ المَوْدُودِ (79-80).


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البابُ, الرابعَ

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir