دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب النفقات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 02:02 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي باب الحضانة

بابُ الْحَضانةِ
تَجِبُ لِحِفْظِ صغيرٍ ومَعتوهٍ ومَجنونٍ، والأَحَقُّ بها أمٌّ ثم أُمَّهاتُها القُرْبَى فالقُرْبَى , ثم أبٌ ثم أُمَّهاتُه كذلك , ثم جَدٌّ ثم أُمَّهَاتُه كذلك, ثم أُختٌ لأبوينِ , ثم لأمٍّ ثم لأبٍ ثم خالةٌ لأبوينِ , ثم لأمٍّ ثم لأبٍ ثم عَمَّاتٌ كذلك , ثم خالاتُ أمِّه , ثم خالاتُ أبيه , ثم عَمَّاتُ أبيه , ثم بناتُ إخوتِه وأخواتِه , ثم بناتُ أعمامِه وعماتِه, ثم بناتُ أعمامِ أبيه وبناتُ عَمَّاتِ أبيه , ثم لباقِي العَصَبَةِ الأقربِ فالأقربِ، فإن كان أُنثى فمِن مَحَارِمِها , ثم لِذَوِي أرحامِه , ثم لحاكِمٍ وإن امْتَنَعَ مَن له الْحَضانَةُ أو كان غيرَ أهلٍ انْتَقَلَتْ إلى مَن بَعْدَه، ولا حَضانَةَ لِمَن فيه رِقٌّ ولا لفاسِقٍ , ولا لكافِرٍ , ولا لِمُزَوَّجَةٍ بأَجْنَبِيٍّ من مَحضونٍ من حينَ عَقَدَ , فإنْ زالَ المانِعُ رَجَعَ إلى حَقِّه، وإن أَرادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَرًا طويلًا إلى بَلَدٍ بعيدٍ ليَسْكُنَه , وهو وطريقُه آمنانِ , فحَضانتُه لأبيه، وإن بَعُدَ السفَرُ لحاجةٍ أو قَرُبَ لها أو للسُّكْنَى فلأُمِّهِ.


  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:37 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:38 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

بابُ الحَضَانَةِ
مِن الحِضْنِ، وهو الحَنِيَّةُ؛ لأنَّ المُرَبِّيَ يَضُمُّ الطفلَ إلى حِضْنِهِ. وهي: حِفْظُ صغيرٍ ونحوِهِ عَمَّا يَضُرُّه، وتَرْبِيَتُه بعملِ مصالِحِه.
(تَجِبُ) الحَضَانَةُ (لِحِفْظِ صغيرٍ ومَعْتُوهٍ)؛ أي: مُخْتَلِّ العقلِ (ومجنونٍ)؛ لأنَّهم يَهْلِكُونَ بِتَرْكِها ويُضَيَّعُونَ، فلذلكَ وَجَبَتْ إنجاءً مِن الهَلَكَةِ. (والأحقُّ بها أمٌّ)؛ لقولِه عليهِ السلامُ: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي). رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، ولأنَّها أشفقُ عليه، (ثم أُمَّهَاتُها القُرْبَى فالقُرْبَى)؛ لأنَّهُنَّ في معنَى الأمِّ؛ لِتَحَقُّقِ وِلاَدَتِهِنَّ.
(ثُمَّ أبٌ)؛ لأنَّه أصلُ النسَبِ، (ثم أُمَّهَاتُه كذلكَ)؛ أي: القُرْبَى فالقُرْبَى؛ لأنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِعَصَبَةٍ قريبةٍ، (ثُمَّ جَدٌّ) كذلكَ، الأقربُ فالأقربُ؛ لأنَّه في معنَى أبِي المَحْضُونِ، (ثم أُمَّهَاتُه كذلك)، القُربَى فالقُربَى، (ثم أُخْتٌ لأَبَوَيْنِ)؛ لِتَقَدُّمِها في الميراثِ، (ثم) أُخْتٌ (لأمٍّ)؛ كالجدَّاتِ، (ثم) أختٌ (لأبٍ، ثمَّ خالةٌ لأبويْنِ، ثم) خالةٌ (لأمٍّ، ثم) خالةٌ (لأبٍ)؛ لأنَّ الخالاتِ يُدْلِينَ بالأمِّ، (ثم عَمَّاتٌ كذلك)؛ أي: تُقَدَّمُ العمَّةُ لأبويْنِ، ثمَّ لأبٍ، ثمَّ لأمٍّ؛ لأنَّهُنَّ يُدْلِينَ بالأبِ، (ثم خالاتُ أُمِّهِ) كذلكَ، (ثُمَّ خالاتُ أبيه) كذلكَ، (ثم عَمَّاتُ أبيه) كذلك، ولا حَضَانَةَ لِعَمَّاتِ الأمِّ معَ عَمَّاتِ الأبِ؛ لأنَّهُنَّ يُدْلِينَ بأبي الأمِّ، وهو مِن ذَوِي الأرحامِ، وعَمَّاتُ الأبِ يُدْلِينَ بالأبِ، وهو من أقربِ العَصَباتِ، (ثم بناتُ إِخْوَتِه)، تُقَدَّمُ بنتُ أخٍ شقيقٍ، ثمَّ بنتُ أخٍ لأمٍّ، ثمَّ بنتُ أخٍ لأبٍ.
(و) مِثْلُهُنَّ بناتُ (أَخَوَاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أعمامِهِ) لأبويْنِ، ثمَّ لأمٍّ، ثمَّ لأبٍ، (و) بناتُ (عَمَّاتِهِ) كذلكَ، (ثم بناتُ أعمامِ أبيهِ) كذلك على التفصيلِ المتقدِّمِ، (ثم) تَنْتَقِلُ (لباقي العَصَبَةِ، الأقربِ فالأقربِ)، فتُقَدَّمُ الإخوةُ، ثمَّ بَنُوهم، ثمَّ الأعمامُ، ثمَّ بنوهم، ثمَّ أعمامُ أبٍ، ثمَّ بنوهم، وهكذا، (فإنْ كانَتِ) المحضونةُ (أُنْثَى، فـ) يُعْتَبَرُ أنْ يكونَ العصبةُ (مِن مَحَارِمِها)، ولو بِرَضَاعٍ أو مُصَاهَرَةٍ إنْ تَمَّ لها سبعُ سِنِينَ، فإنْ لم يَكُنْ لها إلاَّ عَصَبَةٌ غيرُ مَحْرَمٍ، سَلَّمَهَا لِثِقَةٍ يَختارُها، أو إلى مَحْرَمِهِ، وكذا لو تَزَوَّجَتْ أمٌّ وليسَ لِوَلَدِها غَيْرُها، (ثم) تَنْتَقِلُ الحِضَانَةُ (لِذَوِي أرحامِهِ) من الذكورِ والإناثِ غيرِ مَن تَقَدَّمَ، وأَوْلاَهُم أبو أُمٍّ، ثمَّ أُمَّهَاتُه، فأخٌ لأمٍّ، فخالٌ، (ثم) تَنْتَقِلُ (للحاكِمِ)؛ لِعُمُومِ وَلايتِه، (وإنِ امْتَنَعَ مَن له الحَضَانَةُ) مِنها، (أو كانَ) مَن له الحَضَانةُ (غيرَ أهلٍ) للحَضَانةِ (انْتَقَلَتْ إلى مَن بعدَه)؛ يعني: إلى مَن يَلِيهِ؛ كوَلايةِ النكاحِ؛ لأنَّ وُجُودَ غيرِ المُسْتَحِقِّ كعَدَمِهِ. (ولا حَضَانَةَ لِمَن فيه رِقٌّ)، ولو قلَّ؛ لأنَّها وَلايةٌ، وليسَ هو مِن أهلِها، (ولا) حَضَانَةَ (لفاسِقٍ)؛ لأنَّه لا يُوثَقُ بهِ فيها، ولا حَظَّ للمحضونِ في حَضَانَتِهِ، (ولا) حَضَانَةَ (لكافرٍ) على مُسْلِمٍ؛ لأنَّه أَوْلَى بعدمِ الاستحقاقِ من الفاسِقِ، (ولا) حَضَانَةَ (لِمُزَوَّجَةٍ بأجنبيٍّ مِن محضونٍ من حينِ العَقْدِ)؛ للحديثِ السابقِ، ولو رَضِيَ زوجٌ، (فإنْ زالَ المانِعُ)؛ بأنْ عَتَقَ الرقيقُ وتابَ الفاسِقُ وأسلَمَ الكافرُ، وطَلَقَتِ المزوَّجَةُ ولو رَجْعِيًّا (رَجَعَ إلى حَقِّهِ)؛ لِوُجُودِ السببِ وانتفاءِ المانِعِ، (وإنْ أرادَ أحدُ أَبَوَيْهِ)؛ أي: أَبَوَيِ المحضونِ (سَفَراً طويلاً) لغيرِ الضِّرارِ؛ قالَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابنُ القَيِّمِ، (إلى بلدٍ بعيدٍ) مسافةَ قَصْرٍ فأكثرَ؛ (لِيَسْكُنَه، وهو)- أي: البلدُ- (وطريقُه آمِنَانِ، فحِضَانَتُه)- أي: المحضونُ- (لأبيه)؛ لأنَّه الذي يَقُومُ بتأديبِهِ وتخريجِهِ وحِفْظِ نَسَبِهِ، فإذا لم يَكُنِ الوَلَدُ في بلدِ الأبِ، ضاعَ، (وإنْ بَعُدَ السفرُ) وكانَ (لحاجةٍ)، لا لِسُكْنَى، فمُقِيمٌ مِنهما أَوْلَى (أو قَرُبَ) السَّفَرُ (لها)؛ أي: لحاجةٍ، ويعودُ، فالمُقِيمُ مِنهما أَوْلَى؛ لأن في السفرِ إِضراراً بهِ، (أو) قَرُبَ السَّفَرُ، وكانَ (للسُّكْنَى فـ) الحَضَانةُ (لأُمِّهِ)؛ لأنَّها أَتَمُّ شَفَقَةً. وإِنَّمَا أَخْرَجْتُ كلامَ المُصَنِّفِ عن ظاهرِهِ لِيُوَافِقَ ما في المُنْتَهَى وغيرِهِ.


  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:39 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

باب الحضانة([1])
من الحضن، وهو: الجنب، لأن المربي يضم الطفل، إلى حضنه([2]) وهي: حفظ صغير ونحوه عما يضره، وتربيته بعمل مصالحه([3]) (تجب) الحضانة (لحفظ صغير([4]) ومعتوه) أي مختل العقل (ومجنون) لأنهم يهلكون بتركها ويضيعون فلذلك وجبت إنجاء من الهلكة([5]) (والأحق بها أم)([6]).
لقوله عليه السلام: «أنت أحق به ما لم تنكحي» رواه أبو داود([7]) ولأنها أشفق عليه([8]) (ثم أمهاتها القربى فالقربى) لأنهن في معنى الأم، لتحقق ولادتهن([9]).
(ثم أب) لأنه أصل النسب([10]).
(ثم أمهاته كذلك) أي القربى فالقربى، لأنهن يدلين بعصبة قريبة([11]).
(ثم جد) كذلك الأقرب فالأقرب، لأنه في معنى أبي المحضون([12]).
(ثم أمهاته كذلك) القربى فالقربى([13]).
(ثم أخت لأبوين) لتقدمها في الميراث([14]).
(ثم) أخت (لأم) كالجدات([15]) (ثم) أخت (لأب([16]) ثم خالة لأبوين ثم) خالة (لأم ثم) خالة (لأب) لأن الخالات يدلين بالأم([17]) (ثم عمات كذلك) أي تقدم العمة لأبوين ثم لأم ثم لأب لأنهن يدلين بالأب([18]).
(ثم خالات أمه) كذلك (ثم خالات أبيه) كذلك([19]) (ثم عمات أبيه) كذلك([20]).
(ولا حضانة لعمات الأم مع عمات الأب، لأنهن يدلين بأبي الأم، وهو من ذوي الأرحام، وعمات الأب يدلين بالأب، وهو من أقرب العصبات([21]) (ثم بنات إخوته) تقدم بنت أخ شقيق ثم بنت أخ لأم، ثم بنت أخ لأب([22]) (و) مثلهن بنات (أخواته([23]) ثم بنات أعمامه) لأبوين، ثم لأم، ثم لأب (و) بنات (عماته) كذلك([24]).
(ثم بنات أعمام أبيه) كذلك (وبنات عمات أبيه) كذلك على التفصيل المتقدم([25]) (ثم) تنتقل (لباقي العصبة الأقرب فالأقرب)([26]) فتقدم الأخوة، ثم([27]) ثم الأعمام، ثم بنوهم([28]) ثم أعمام أب، ثم بنوهم وهكذا([29]) (فإن كانت) المحضونة (أنثى فـ) يعتبر أن يكون العصبة (من محارمها) ولو برضاع أو مصاهرة إن تم لها سبع سنين([30]).
فإن لم يكن لها إلا عصبة غير محرم سلمها لثقة يختارها أو إلى محرمه([31]) وكذا لو تزوجت أم وليس لولدها غيرها([32]) (ثم) تنتقل الحضانة (لذوي أرحامه) من الذكور والإناث غير من تقدم([33]) وأولاهم أبو أم ثم أمهاته([34]) فأخ لأم فخال([35]) (ثم) تتنقل (للحاكم) لعموم ولايته([36]).
(وإن امتنع من له الحضانة) منها([37]) (أو كان) من له الحضانة (غير أهل) للحضانة([38]) (انتقلت إلى من بعده) يعني إلى من يليه كولاية النكاح([39]) لأن وجود غير المستحق كعدمه([40]) (ولا حضانة لمن فيه رق) ولو قل([41]) لأنها ولاية وليس هو من أهلها([42]) (ولا) حضانة (لفاسق) لأنه لا يوثق به فيها([43]) ولا حظ للمحضون في حضانته([44]) (ولا) حضانة (لكافر) على مسلم([45]).
لأنه أولى بعدم الاستحقاق من الفاسق([46]) (ولا) حضانة (لمزوجة بأجنبي من محضون من حين عقد)([47]) للحديث السابق، ولو رضي زوج([48]) (فإن زال المانع) بأن عتق الرقيق، وتاب الفاسق، وأسلم الكافر، وطلقت المزوجة ولو رجعيا (رجع إلى حقه)([49]) لوجود السبب، وانتفاء المانع([50]).
(وإن أراد أحد أبويه) أي أبوي المحضون (سفرًا طويلاً) لغير الضرار، قاله الشيخ تقي الدين وابن القيم (إلى بلد، بعيد) مسافة قصر فأكثر، (ليسكنه([51]) وهو) أي البلد (وطريقه آمنان فحضانته) أي المحضون (لأبيه)([52]).
لأنه الذي يقوم بتأديبه وتخريجه وحفظ نسبه([53]) فإذا لم يكن الولد في بلد الأب ضاع([54]) (وإن بعد السفر) وكان (لحاجة) لا لسكنى فمقيم منهما أولى([55]) (أو قرب) السفر (لها) أي لحاجة ويعود، فالمقيم منهما أولى، لأن في السفر إضرارا به([56]) (أو) قرب السفر وكان (للسكنى فـ) الحضانة (لأمه) لأنها أتم شفقة([57]) وإنما أخرجت كلام المصنف عن ظاهره ليوافق ما في المنتهى وغيره([58]).


([1]) أي بيان أحكام حضانة الطفل ونحوه، ومن تجب له، وذكر الأولى بها، وعكسه وغير ذلك.

([2]) والحاضنة: هي التي تربي الطفل، سميت به لأنها تضم الطفل إلى حضنها، والحضانة، مصدر حضنت الصغير حضانة، أي: تحملت مؤونته وتربيته.
([3]) أي والحضانة حفظ صغير ونحوه، كمجنون ومعتوه عما يضرهم، وتربيتهم بعمل مصالحهم، كغسل أبدانهم وثيابهم، ودهنهم، وتكحيلهم وربط طفل بمهد وتحريكه، لينام، ونحو ذلك مما يتعلق بمصالحه.
([4]) لأنه يهلك بتركه، فيجب حفظه عن الهلاك، كما يجب الإنفاق عليه، وإنجاؤه من المهالك، ويتعلق بها حق لقرابته، لأن فيها ولاية على الطفل، واستحقاقا له فيتعلق بها الحق ككفالة اللقيط.
([5]) ذكره الموفق وغيره، قولا واحدا.
([6]) قال الموفق: إذا افترق الزوجان، ولهما ولد طفل، أو معتوه، فأمه أولى الناس بكفالته، إذا كملت الشرائط فيها، وذكرا كان أو أنثى، وهو قول
مالك والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم أحدا خالفهم وفي المبدع: لانعلم فيه خلافا، وقال الوزير: اتفقوا على أن الحضانة للأم، ما لم تتزوج واتفقوا على أنها إذا تزوجت دخل بها الزوج، سقطت حضانتها، وأنها إذا طلقت بائنا، تعود حضانتها إلا في إحدى الروايتين عن مالك، وقال الشيخ: تقدم الأم على الأب في حق الصغير متفق عليه
([7]) وذلك أنها قالت يا رسول الله: إن ابني هذا، كان بطني له وعاء وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينزعه مني، فقال: «أنت أحق به، ما لم تنكحي» ورواه أحمد، والحاكم وصححه، فدل على أن الأم أحق بحضانة ولدها، إذا أراد الأب انتزاعه منها، وأنها إذا نكحت سقط حقها من الحضانة، وذلك مع طلب من تنتقل إليه الحضانة ومنازعته، وإلا فللأم المزوجة أن تقوم بولدها بالاتفاق، فإن خالة بنت حمزة مزوجة، وولد أم سلمة في كفالتها، وأنس وغيرهم، وقضى به أبو بكر وعمر.
([8]) وأقرب إليه، ولا يشاركها في القرب إلا أبوه، وليس له مثل شفقتها ولا يتولى الحضانة بنفسه، وإنما يدفعه إلى امرأته، وأمه أولى به من امرأة أبيه، وقال ابن عباس: ريحها وفراشها وحجرها خير له منك، حتى يشب ويختار لنفسه وقال الشيخ: الأم أصلح من الأب، لأنها أوثق بالصغير، وأخبر بتغذيته وحمله وتنويمه وتنويله، وأصبر وأرحم به، فهي أقدر وأخبر وأرحم وأصبر في هذا الموضع، فتعينت في حق الطفل غير المميز بالشرع.
([9]) فقد من حيث أشبهن الأم، والأقرب أكمل شفقة من الأبعد.
([10]) وأقرب من غيره، أحق بولاية المال، وليس لغيره كمال شفقته فرجح بها.
([11]) وقدمن على الجد لأن الأنوثة مع التساوي، توجب الرجحان، كما قدمت الأم مع الأب، وقدمن على الخالة، لأنهن وارثات، فقدمن على الخالة كأم الأم، لأن لهن ولادة ووراثة، فأشبهن أم الأم.
([12]) بل هو أب وبمنزلته.
([13]) لأنهن يدلين بمن هو أحق، وقدمن على الأخوات مع إدلائهن بالأب، لما فيهن من وصف الولادة، وكون الطفل بعضا منهن، وذلك مفقود في الأخوات، ثم جد الأب، ثم أمهاته كذلك، ثم جد الجد، ثم أمهاته كذلك وهلم جرا، ومتى وجد جدة وارثة، فهي أولى ممن هو من غير عمودي النسب بكل حال، وإن علت درجتها لفضيلة الولادة والوراثة، حتى لو اجتمع أم أم، وأم أب فعن أحمد أم الأب، أحق وإن علت درجتها، لأنها تدلي بعصبة مع مساواتها للأخرى في الولادة، فوجب تقديمها، كتقديم الأخت من الأب، على الأخت من الأم.
([14]) أي ثم الأخوات، لأنهن يشاركن في النسب وقدمن في الميراث، وتقدم منهن أخت لأبوين، لقوة قرابتها، ولتقدمها في الميراث.
([15]) أي ثم الحضانة مع عدم الأخت لأبوين، تكون للأخت للأم، مقدمة على الأخت لأب، لأنها مدلية بالأمومة، والأم مقدمة على الأب، كالجدات أي كما أن أم الأم تقدم على أم الأب، فكذلك الأخت لأم، تقدم على الأخت لأب ويأتي كلام الشيخ.
([16]) والأولى تقديمها على الأخت لأم، لأن الولاية للأب، وأقوى في الميراث ولا يخفى قوتها، فإنها أقيمت مقام الأخت لأبوين، عند عدمها وتكون عصبة مع البنات.
([17]) لما في الصحيحين «الخالة بمنزلة الأم»، وابنة حمزة لم يكن لها أم ولا جدة، وأبوها قتل، فدل على ثبوت الحضانة للخالة، وأنها كالأم، وأن المرأة المزوجة، أولى من الرجال، فإن عصبة ابنة حمزة طالبون للحضانة، وقضى بها للخالة زوجة جعفر، وإنما سقطت حضانة الأم وحدها، حيث كان المنازع لها الأب، ويؤيده أنها قد يشتد بغضها، للمطلق ومن يتعلق به.
([18]) وعللوا بتأخيره عن الأم، وإنما أخر عنها، لأنه لا يقوم مقامها، قال الشيخ: العمة أحق من الخالة، وكذا نساء الأب أحق، يقدمن على نساء الأم، لأن الولاية للأب، وكذا أقاربه، وإنما قدمت الأم على الأب، لأنه لا يقوم مقامها هنا في مصلحة الطفل.
وإنما قدم الشارع خـالة بنت حمـزة عـلى عمتها صفية لأن صـفية لم تطلب
وجعفر طلب نائبا، عن خالتها فقضي لها بها في غيبتها، وقال مجموع أصول الشريعة تقديم أقارب الأب على أقارب الأم، فمن قدمهن في الحضانة فقد خالف الأصول والشريعة.
([19]) وقالوا لإدلائهن بالأم، فقدموهن على عمات الأب.
([20]) أي لأبوين: ثم لأم، ثم لأب، قالوا: لإدلائهن بالأب، وهو مؤخر في الحضانة عن الأم، وتقدم أن نساء الأب يقدمن على نساء الأم.
([21]) قال الشيخ: ولا حضانة إلا لرجل من العصبة، أو لامرأة وارثة، أو مدلية بعصبة، أو بوارث.
([22]) على ما قرروه من قاعدة، تقديم المدلي بأم، على المدلي بأب.
([23]) تقدم من لأبوين، ثم لأم، ثم لأب.
([24]) تقدم من لأبوين، ثم لأم، ثم لأب على ما رتبوه.
([25]) تقدم من لأبوين، ثم لأم، ثم لأب، فتقدم أخت من أم على أخت من أب، وخالة على عمة، وخالة أم على خالة أب، وخالات أبيه على عماته، ومن يدلي بعمات وخالات بأم فقط، على من يدلي بأب وحده لأن المدلي بالأم عندهم مقدم على المدلي بالأب وأما من يدلي بالأبوين منهما فمقدم على من يدلي أحدهما.
([26]) لأن لهم ولاية وتعصيبا بالقرابة، فتثبت لهم الحضانة كالأب، قال الشيخ: وجنس النساء مقدم في الحضانة على جنس الرجال، كما قدمت الأم على الأب، قال: وتقديم أخواته على إخوته، وعماته على أعمامه، وخالاته على أخواله هو القياس الصحيح، وأما تقديم جنس نساء الأم على نساء الأب، فمخالف للأصول والمعقول.
([27]) أي: فتقدم الإخوة لأبوين، ثم لأب، ثم بنوا الإخوة لأبوين، ثم بنوا الإخوة لأب وهكذا.
([28]) أي ثم الأعمام الأشقاء، ثم لأب، ثم بنوا الأعمام الأشقاء، ثم بنوا الأعمام لأب، وهكذا.
([29]) أي ثم أعمام جد، ثم بنوهم وهكذا.
([30]) وقبل السبع له الحضانة عليها، وإن لم يكن محرما، لأنه لا حكم لعورتها وليست محلا للشهوة جزم به غير واحد.
([31]) أي وإن لم يكن لبنت سبع فأكثر عصبة، كابن عمها ونحوه، غير محرم، سلمها ابن عمها ونحوه غير المحرم، لثقة يختارها هو أو العصبة، أو سلمها إلى محرمه، لأنه أولى من أجنبي وحاكم.
([32]) أي فتسلم ولدها إلى ثقة تختاره، أو محرمها، وإن اجتمع أخ وأخت، أو عم وعمة، أو ابن أخ وبنت أخ، أو ابن اخت وبنت أخت، قدمت الأنثى على من في درجتها من الذكور.
([33]) لأن لهم رحما وقرابة، يرثون بها عند عدم من هو أولى منهم، أشبهوا البعيد من العصبة، اختاره الموفق وغيره.
([34]) لأن أبا الأم يدلي إليها بالأبوة، والأخ يدلي بالبنوة، والأب يقدم على الابن في الولاية، فيقدم في الحضانة، لأنها ولاية.
([35]) أي لأم، لأن الأخ من الأم يرث بالفرض، ويسقط ذوي الأرحام فخال ويقدمون على الحاكم، لأنهم أولى منه.
([36]) والحضانة ولاية، وهو له الولاية على من لا أب له، ولا وصي، فيسلمه الحاكم إلى من يحضنه من المسلمين ممن فيه أهلية وشفقة ويتوجه عند العدم أن تكون لمن سبقت إليه اليد، كاللقيط، فإن كفال اليتامى لم يكونوا يستأذنون الحاكم، كما في الاختيارات وغيرها.
([37]) أي من حضانة الطفل، ونحوه.
([38]) لرق أو فسق، أو غيرهما مما يشترط في الحاضن.
([39]) أي كما تنتقل ولاية النكاح، ممن ليس بأهل إلى من يليه.
([40]) فتعين انتقال الولاية، إلى من يليه الاستحقاق.
([41]) أي ولا حضانة لطفل ونحوه، لرقيق لعجزه عنها بخدمة سيده، وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي، ولا لمن فيه رق ولو قل، هذا المذهب.
([42]) ولا يملك منافعه التي تحصل الكفالة بها، فلم يكن له حضانة، وقال ابن القيم: لا دليل على اشتراط الحرية.
([43]) أي في أداء الواجب من الحضانة.
([44]) لأنه ينشأ على طريقته.
([45]) كولاية النكاح، والمال، وهو قول مالك والشافعي.
([46]) فإن ضرره أكثر، فإنه يفتنه عن دينه، ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر، وتزيينه وتربيته عليه، وهذا أعظم الضرر، والحضانة إنما تثبت لحظ الولد فلا تشرع على وجه يكون فيه هلاكه، وهلاك دينه.
([47]) لأن الزوج يملك منافعها بمجرد العقد، يستحق منعها من الحضانة، أشبه ما لو دخل بها، والأجنبي هنا: هو من لم يكن من عصبات المحضون، فإن كانت تزوجت بقريب محضونها، ولو كان غير محرم له، لم تسقط حضانتها.
([48]) فلا يعتبر رضاه، لئلا يكون الطفل في حضانة أجنبي، والحديث هو قوله «أنت أحق به مالم تنكحي » وتقدم أنه مع طلب من تنتقل إليه الحضانة، وإلا فيجوز لها بالاتفاق، لقصة خالة بنت حمزة، وأم سلمة وغيرهما، ولا حضانة لمجنون، ولا معتوه، ولا طفل، ولا عاجز عنها، كأعمى ونحوه، قال الشيخ: ضعف البصر، يمنع من كمال ما يحتاج إليه المحضون من المصالح.
([49]) أي الكل ممن زال المانع منه.
([50]) فإنه إذا زال المانع، عاد الحق بالسبب السابق الملازم، وكذا رجوع ممتنع من حضانة يعود الحق له في الحضانة لقيام سببها مع زوال المانع.
([51]) قال ابن القيم: لو أراد الإضرار والاحتيال على إسقاط حضانة الأم فسافر ليتبعه الولد فهذه حيلة مناقضة لما قصده الشارع، فإنه جعل الأم أحق بالولد من الأب، مع قرب الدار وإمكان اللقاء كل وقت لو قضي به للأب، وقضى أن لا توله والدة على ولدها، وأخبر أن من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة، ومنع أن تباع الأم دون ولدها، والولد دونها، وإن كانا في بلد واحد، فكيف يجوز مع هذا التحيل، على التفريق بينها وبين ولدها، تفريقا تعز معه رؤيته ولقاؤه، ويعز عليها الصبر عنه وفقده، وهذا من أمحل المحال، بل قضاء الله ورسوله أحق أن الولد للأم سافر الأب أو أقام.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنت أحق به ما لم تنكحي» فكيف يقال أنت أحق به، ما لم يسافر الأب، وأين هذا في كتاب الله؟ أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟أو فتاوى أصحابه؟ أو القياس الصحيح؟ فلا نص ولا قياس، ولا مصلحة، قال في المبدع: هو مراد الأصحاب، وفي الإنصاف، صورة المضارة لا شك فيه، وأنه لا يوافق على ذلك.
([52]) سواء كان المقيم هو الأب، أو المتنقل وإن كان البلد والطريق مخوفان، أو أحدهما، فمقيم أولى، لأن في المسافرة بالطفل إضرارا به، مع عدم الحاجة إليه، ولو اختار الولد السفر في تلك الحال لم يجب، لأن فيه تغريرا به وهو قول مالك والشافعي.
([53]) وقد تكون الحال بالعكس.
([54]) لأن الأب أولى لمراعاة حال ولده، وهذا فيما إذا لم يقصد المسافر به مضارة الآخر، وإلا فالأم أحق، كما ذكره ابن القيم وغيره.
([55]) إزالة لضرر السفر عن الطفل ونحوه.
([56]) وفي الخبر «لا ضرر ولا ضرار».
([57]) وإن قال الأب: سفري للإقامة وقالت الأم: بل لحاجة وتعود، فقوله مع يمينه، وإن انتقلا جميعا إلى بلد واحد، فالأم باقية على حضانتها.
([58]) أخرج كلامه في المسألتين، جعل صورة السفر للحاجة، قرب أو بعد، لمقيم منهما أولى، مع أن ظاهر المتن، أن الأم أولى به والحالة هذه، وعبارة المنتهى، ومتى أراد أحد أبوين، نقلة إلى بلد آمن، وطريقه مسافة قصر فأكثر، ليسكنه، فأب أحق وقريب لسكنى فأم، ولحاجة بعد أو لا فمقيم.


  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:59 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

بَابُ الحَضَانَةِ

تَجِبُ لِحِفْظِ صَغِيرٍ، وَمَعْتُوهٍ، وَمَجْنُونٍ، وَالأَحَقُّ بِهَا أُمٌّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى، ثُمَّ أَبٌ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذلِكَ، ثُمَّ جَدٌّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذلِكَ،................
قوله: «الحضانة» مأخوذة من الحضن، وهو ما بين اليدين من الصدر، وإنما سميت حضانة لأن الحاضن احتضن المحضون، وضمه إليه، ليقوم بما يجب.
وهي شرعاً: حفظ الطفل ونحوه عما يضره، والقيام بمصالحه.
قوله: «تجب لحفظ صغير» فحكم الحضانة أنها واجبة، والصغير هنا هو من لم يبلغ.
قوله: «ومعتوه» وهو مختل العقل اختلالاً لا يصل إلى حد الجنون.
قوله: «ومجنون» وهو مسلوب العقل بالكلية.
فالمعتوه في درجة بين العاقل والمجنون، فالحضانة تجب لهؤلاء الثلاثة، وإنما تجب لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمرنا بأمر أبنائنا بالصلاة لسبع سنين، وضربهم عليها لعشر[(248)]، وما ذلك إلا لتقويمهم، وإصلاحهم، وتعويدهم على طاعة الله، وإذا كنا مأمورين بذلك فإنا مأمورون بما لا يتم إلا به، والقاعدة المعروفة: «أن ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب»، ولأن تركهم إضاعة لهم، وإلقاء بهم إلى التهلكة، وإذا كان يجب على الإنسان أن يحفظ ماله فوجوب حفظ أولاده من باب أولى.
قوله: «والأحق بها أم» لقوله صلّى الله عليه وسلّم للأم التي نازعت زوجها في حضانة ولدها: «أنت أحق به ما لم تنكحي» [(249)]، فهذا دليل على أن الأم أحق من الأب.
قوله: «ثم أمهاتها القربى فالقربى» فأمهات الأم مقدمات على الأب، وعلى أمهات الأب، فلو تنازعت جدة لأم مع الأب في حضانة الولد فإن هذه الجدة تقدم على الأب؛ لأنها مدلية بالأم، والأم أحق من الأب، فصارت هي أحق من الأب أيضاً، وإن كانت من حيث الدرجة أبعد.
قوله: «ثم أب» فإن لم يكن هناك أم، ولا أمهات للأم، انتقلت الحضانة إلى الأب، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أنتِ أحق به» أي: منه، فيدل على أن درجته بعدها، ولأن الأب هو أصل النسب فكان أولى من غيره.
قوله: «ثم أمهاته كذلك» يعني القربى فالقربى، فإذا اجتمع عندنا أم أب، وأم أم أم، فتقدم أم أم الأم؛ لأنها أدلت بالأم.
مثال آخر : أم الأب وأم أم الأب فالأَوْلى أم الأب؛ لأنها أقرب.
قوله: «ثم جد ثم أمهاته كذلك» هذا كسابقه.

ثُمَّ أُخْتٌ لأَبَوَيْنِ ثُمَّ لأَمٍّ، ثُمَّ لأَبٍ، ثُمَّ خَالَةٌ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ لأُِمٍّ، ثُمَّ لأَِبٍ، ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذلِكَ، ثُمَّ خَالاَتُ أُمِّهِ، ثُمَّ خَالاَتُ أَبِيهِ، ثُمَّ عَمَّاتُ أَبِيهِ، ثُمَّ بَنَاتُ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِ أَبِيهِ، وَبَنَاتُ عَمَّاتِ أَبِيهِ، ثُمَّ لِبَاقِي الْعَصَبَةِ، الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ، فَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى فَمِنْ مَحَارِمِهَا، ثُمَّ لِذَوِي أَرْحَامِهِ، ثُمَّ لِحَاكِمٍ، وَإِنِ اِمْتَنَعَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ،................
قوله: «ثم أخت لأبوين، ثم لأم، ثم لأب» انتقلت الحضانة إلى الحواشي، فتقدم الإناث على الذكور، فإذا كان عندنا أخت لأم وأخت لأب، فتقدم الأخت لأم؛ لأن جهة الأمومة في الحضانة مقدمة على جهة الأبوة؛ لأن الحضانة مبنية على الرقَّة والشفقة والرحمة.
قوله: «ثم خالة لأبوين، ثم لأم، ثم لأب، ثم عمات كذلك» الخالة مقدمة على العمة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الخالة بمنزلة الأم» [(250)]، فهذا يدل على أنها تقدم على العمة؛ لأن الأم مقدمة على الأب، فمن كان بمنزلة الأم فهو مقدم على من كان بمنزلة الأب.
قوله: «ثم خالات أمه، ثم خالات أبيه، ثم عمات أبيه» أي: دون عمات أمه، فخالات أمه مقدمات على خالات أبيه؛ لأن الأم في باب الحضانة مقدمة على الأب.
قوله: «ثم بنات إخوته وأخواته، ثم بنات أعمامه وعماته، ثم بنات أعمام أبيه، وبنات عمات أبيه، ثم لباقي العصبة الأقرب فالأقرب» فبنات الأخت مقدمات على الإخوة.
وقوله: «ثم لباقي العصبة» والأخوة من العصبة «الأقرب فالأقرب» فيقدم الإخوة ثم بنوهم ثم الأعمام ثم بنوهم وهكذا.
قوله: «فإن كانت أنثى فمن محارمها» إذا كانت المحضونة أنثى، وتم لها سبع سنين، فلا بد أن يكون الحاضن لها من محارمها، فإن لم يكن من محارمها فلا حق له في الحضانة، كابن العم وابن الخال وما أشبه ذلك.
وهذا الترتيب الذي ذكره المؤلف ليس مبنياً على أصل من الدليل، ولا من التعليل، وفيه شيء من التناقض، والنفس لا تطمئن إليه، ولهذا اختلف العلماء في الترتيب في الحضانة على أقوال متعددة، ولكنها كلها ليس لها أصل يعتمد عليه، لذلك ذهب شيخ الإسلام رحمه الله: إلى تقديم الأقرب مطلقاً، سواء كان الأب، أو الأم، أو من جهة الأب، أو من جهة الأم، فإن تساويا قدمت الأنثى، فإن كانا ذكرين أو أنثيين فإنه يقرع بينهما في جهة واحدة، وإلاّ تقدم جهة الأبوة، وقد جُمِع هذا الضابط، في بيتين، هما:

وقدم الأقرب ثم الأنثى *** وإن يكون ذكراً أو أنثى
فأقرعن في جهة وقدمِ *** أبوة إن لجهات تنتمي

(وقدم الأقرب ثم الأنثى) أي: إذا كانا في درجة واحدة تقدم الأنثى (وإن يكون ذكراً أو أنثى) أي يكون الحاضنون كلهم ذكوراً أو كلهم إناثاً (فأقرعن في جهة) إن كانا في جهة واحدة فالقرعة، وإن كانا في جهتين (وقدم أبوة إن لجهات تنتمي) هذا الضابط هو الذي رجحه ابن القيم رحمه الله، وقال: إنه أقرب الضوابط، فعلى هذا أم وجد تقدم الأم؛ لأنها أقرب، أب وجدةٌ (أم أم) فيقدم الأب؛ لأنه أقرب، أم وأب تقدم الأم؛ لأنهما تساويا في القرب فتقدم الأنثى، جد وجدة تقدم الجدة، الخال والخالة تقدم الخالة، وعلى هذا فقس، جدة من جهة الأم وجدة من جهة الأب، فتقدم الجدة من جهة الأب على قاعدة شيخ الإسلام رحمه الله، خلافاً لما مشى عليه المؤلف.
والحضانة هنا حق للحاضن لا حق عليه، وعلى هذا فإذا أراد أن يتخلى عنها لمن دونه جاز له ذلك.
قوله: «ثم لذوي أرحامه ثم لحاكم» فإذا لم نجد أحداً من الأقارب انتقلت إلى الحاكم.
قوله: «وإن امتنع من له الحضانة» إذا قلنا: إن الحضانة حق للحاضن، كما يفيده قوله: «من له الحضانة» ولم يقل: من عليه، فإذا امتنع فإنها تنتقل إلى من بعده، فإن لم يُرِدْها من بعده انتقلت إلى من بعده، وهكذا إلى أن تصل إلى الحاكم، ولكن ابن القيم ـ رحمه الله ـ أبى هذه الصورة، وقال: إنها حق للحاضن وحق عليه، فإن نازعه منازع فيها فهي له، وإن لم ينازعه منازع فهي عليه، فنقول للأول: أنت الذي تلزم بالحضانة إذا لم ينازعك أحد؛ لأننا لو قلنا: إذا امتنعت انتقلت لمن بعدك، وإذا امتنع فلمن بعده، وإذا امتنع فلمن بعده إلى أن تصل إلى الحاكم ضاعت حقوقه، وصار تحت الرعاية العامة، والواجب أن يكون تحت الرعاية الخاصة.

أَوْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ انْتَقَلَتْ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ، وَلاَ حَضَانَةَ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَلاَ لِفَاسِقٍ، وَلاَ لِكَافِرٍ وَلاَ لِمُزَوَّجَةٍ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَحْضُونٍ مِنْ حِينِ عَقْدٍ، فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ رَجَعَ إِلى حَقِّهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَراً طَوِيلاً إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ لِيَسْكُنَهُ، وَهُوَ وطَريقُهُ آمِنَانِ فَحَضَانَتُهُ لأَِبِيهِ، وَإِنْ بَعُدَ السَّفَرُ لِحَاجَةٍ، أَوْ قَرُبَ لَهَا، أَوْ للسُّكْنَى فَلأُِمِّهِ.
قوله: «أو كان غير أهل انتقلت إلى من بعده» أي: إذا كان الحاضن غير أهل، والأهل أن يكون مسلماً، عدلاً، مَحْرماً لمن بلغت سبعاً، فإذا لم يكن مسلماً فإنه لا حضانة؛ لأنه لا يمكن أن يتولى تربية المسلم رجل كافر، كذلك إذا كان فاسقاً معروفاً بالفسق والمجون، فإنها تنتقل إلى من بعده، وإذا كان عدلاً، لكنه مهمل، لا يحسن الرعاية والولاية، فإنها تنقل إلى من بعده؛ لأنه غير أهل، وإذا لم يكن مَحرماً لمن بلغت سبعاً فإنه لا حضانة له.
قوله: «ولا حضانة لمن فيه رق» الرقيق ليس أهلاً للحضانة، فيشترط في الحاضن أن يكون حراً؛ وعللوا ذلك بأن الرقيق يحتاج إلى ولاية؛ لأنه مملوك فكيف يكون ولياً على غيره؟! ولأنه لو حضن أولاده أو أولاد أخيه أو ما أشبه ذلك لانشغل بالحضانة عن مصالح سيده، ولتضرر سيده بذلك، وإذا كانت المرأة إذا تزوجت سقطت حضانتها لئلا تنشغل عن الزوج، فكذلك الرقيق لا حضانة له.
وقال بعض أهل العلم: إن له الحضانة إذا وافق السيد، واستدل لذلك بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم «نهى أن يفرق بين الوالدة وولدها» [(251)]، وقال: إن هذا فيه دليل على أن لها الحضانة، ولهذا نهي أن يفرق بينها وبين أولادها، فيبقوا عندها في حجرها وفي رعايتها.
قوله: «ولا لفاسق» نأخذ منه اشتراط عدالة الحاضن، فإن كان فاسقاً فلا حضانة له، وظاهر كلام الفقهاء سواء كان الفسق من جهة الاعتقاد، أو الأقوال، أو الأفعال، وفي هذا نظر ظاهر.
والصواب أن يقال: إن كان فسقه يؤدي إلى عدم قيامه بالحضانة فإنه يشترط أن يكون عدلاً، وإن كان لا يؤدي إلى ذلك فإنه ليس بشرط، فإذا كان هذا الرجل الذي له حق الحضانة يحلق لحيته، فحلق اللحية فسوق، لكنه على أولاده، أو أولاد أخيه، أو قريبه من أشد الناس حرصاً على رعايتهم، وتربيتهم، فهل نسلب هذا الرجل حقه؟ لا، أما إن كان فسقه يؤدي إلى الإخلال بالحضانة، كما لو كان فسقه من جهة الأخلاق، والآداب، فهذا نشترط أن يكون عدلاً، لكنه شرط على المذهب.
قوله: «ولا لكافر» لا حضانة لكافر على مسلم، فإذا كانت الأم كافرة والأب مسلماً وبينهما طفل، وتفارقا، وطلبت الأم أن يكون تحت حضانتها فإننا لا نمكنها من ذلك لأنها كافرة، ويخشى على الطفل من أن تدعوه إلى الكفر، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوِّدَانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه»[(252)]، فالكافر لا حضانة له على مسلم.
وهل للكافر الحضانة على الكافر؟ نعم، ولهذا لم يكن الناس في عهده صلّى الله عليه وسلّم ولا في عهد من بعده يأخذون أولاد الكفار الصغار، ويقولون: أنتم ليس لكم حضانة عليهم، فالكافر له حضانة على ابنه الكافر، أو بنته الكافرة، ولكن على ابنه المسلم لا.
فالشروط هي: الحرية، والعدالة، الإسلام إذا كان المحضون مسلماً، والبلوغ فيشترط أن يكون الحاضن بالغاً، فإذا كان شخص عمره أربع عشرة سنة، وله إخوة صغار، فليس له حق الحضانة؛ لأن غير البالغ يحتاج إلى ولي.
الشرط الخامس: أن يكون عاقلاً، فالمجنون لا ولاية له؛ لأنه يحتاج إلى ولاية.
الشرط السادس: أن يكون مَحْرَماً لمن بلغت سبعاً.
الشرط السابع: أن يكون قادراً على القيام بواجب الحضانة، فإن كان غير قادر، كرجل عاجز ليس له شخصية، ولا يمكن أن يربي أحداً، فإنه لا يصح كونه حاضناً.
الشرط الثامن: أن يكون قائماً بواجب الحضانة؛ لأن بعض الناس عنده القدرة على الحضانة، لكنه مهمل لا يبالي، سواء صلح هذا المحضون أم لم يصلح.
قوله: «ولا لمزوجة بأجنبي من محضون» أي: لا حضانة لمزوجة بأجنبي من محضون، وهو من ليس قريباً له، وهذا ليس بشرط لكنه وجود مانع.
مثاله : امرأة طلقها زوجها وكان له منها طفل، فهنا الأم أحق بالحضانة ما لم تتزوج، فإذا تزوجت الأم بزوج أجنبي من المحضون سقطت حضانتها لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أنت أحق به ما لم تَنكحي» [(253)]، أما إذا كان الزوج من أقارب المحضون فإن حضانة الأم لا تسقط.
والدليل على أن التزوج بغير الأجنبي لا يسقط الحضانة قصة ابنة حمزة رضي الله عنهما حينما خرجت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم تنادي: يا عم يا عم، فأخذها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأعطاها فاطمة، فقال لها: دونك ابنة عمك، فنازعه في ذلك جعفر بن أبي طالب، ونازعهما زيد بن حارثة فقال علي: إنها ابنة عمي وأنا أحق بها، وقال جعفر: إنها ابنة عمي، وخالتها تحتي، وقال زيد: إنها ابنة أخي، لأنه صلّى الله عليه وسلّم آخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، فقضى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لخالتها، وقال: «الخالة بمنزلة الأم» فأخرجها عن كل الثلاثة، ولكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحسن خلقه طيَّب نفس كل واحد منهم، فقال لعلي بن أبي طالب: «أنت مني وأنا منك» ، وقال لجعفر: «أشبهت خَلْقِي وخُلُقِي» ، وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا» [(254)].
وهذا لا يعارض قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أنت أحق به ما لم تنكحي» [(255)]؛ لأن الجمع ممكن فيحمل حديث ابنة حمزة على أن الزوج ليس أجنبياً من المحضون، لأنه ابن عمها، وأما حديث: «أنت أحق به ما لم تنكحي» ، فهذا إذا كان الزوج أجنبياً من المحضون، وبهذا تجتمع الأدلة، وما أكثر ما تتأيم المرأة لأجل طفل واحدـ فلا تتزوج خوفاً من أن يأخذه الأب، وهذا في الحقيقة من نقص عقل المرأة؛ لأن الذي ينبغي لها أن تتزوج، والذي أتى بالولد الأول يأتي بأولاد آخرين، وربما يلقي الله في قلبها من محبتهم أكثر من الطفل الثاني، وربما أن الأب لا يطالب بالولد، وربما يوجد من يتوسط بينهما.
ثم إن أهل العلم ـ رحمهم الله ـ اختلفوا في علة كون النكاح مسقطاً لحضانة الأم، فقال بعض العلماء: لما في ذلك من المنة على الطفل المحضون، إذا عاش تحت حضن هذا الزوج الجديد، وكل إنسان لا يرضى أن يكون ابنه تحت رجل أجنبي.
وقال آخرون: بل العلة في ذلك الحفاظ على حق الزوج الجديد، وبناءً على هذا التعليل الأخير لو أن الزوج الجديد وافق على أن يبقى الطفل محضوناً مع أمه لم يسقط حقها، ولكن ما ذكره فقهاؤنا رحمهم الله ـ وهو أقرب التعليلات ـ أن العلة كون هذا الزوج الجديد أجنبياً من المحضون، وإذا كان أجنبياً ربما لا يرحمه ولا يبالي به ضاع أم استقام.
قوله: «من حين عقد» أي: بمجرد عقد الزواج يسقط حق الأم، وإن لم يحصل دخول، حتى لو اشترط على الزوج الثاني أن لا دخول إلا بعد تمام الحضانة، فإن حقها يسقط؛ لأن العبرة بالعقد، ولو قيل: إن العبرة بالدخول، وأنها لو اشترطت على زوجها الجديد عدم الدخول حتى تنتهي الحضانة فلو قيل: إنه في هذه الحال لم تسقط الحضانة لم يكن بعيداً؛ لأن الزوج الجديد لا سلطة له على الزوجة في هذه الحال، ولا يملك تسلمها، ولا يملك أن تنشغل به عن ابنها.
قوله: «فإن زال المانع رجع إلى حقه» فالرقيق إذا صار حراً عاد حقه، والكافر إذا أسلم عاد حقه، والفاسق إذا صار عدلاً عاد حقه، والمرأة المزوَّجة إذا طلّقت يعود حقها، والمذهب أنه يعود حقها والغريب أنهم يقولون: يعود حقها، ولو كان الطلاق رجعياً، مع أن الرجعية في حكم الزوجات، فأي فرق بين امرأة عُقد نكاحها واشترطت على الزوج ألاَّ يدخل عليها إلاّ بعد انتهاء مدة الحضانة، وبين امرأة طلقها زوجها طلاقاً رجعياً؟! فالمرأة إذا اشترطت على زوجها عدم الدخول حتى تنتهي مدة الحضانة، فالقول بأن حقها لا يسقط قول قوي جداً؛ لأن الحكم يدور مع علته.
قوله: «وإن أراد أحد أبويه سفراً طويلاً إلى بلد بعيد ليسكنه وهو وطريقه آمنان فحضانته لأبيه» السفر الطويل عندهم هو الذي يبلغ مسافة قصر، وهي على المذهب محددة بستة عشر فرسخاً، أي: بأربعة بُرَد، وهي واحد وثمانون كيلو، وثلاثمائة وبضعة عشر متراً.
وقوله: «سفراً طويلاً» ظاهره الإطلاق، ولكن يجب أن يقيد فيقال: لغير قصد الإضرار بالآخر؛ لأنه قد يسافر لأخذ الولد من الآخر إضراراً به، لا لمصلحة الطفل، فيقيد ذلك بغير الإضرار، كما قيده شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله.
وقوله: «إلى بلد بعيد» وهو عندهم الذي يبلغ مسافة القصر، احترازاً مما دون ذلك، فيقول المؤلف: الحضانة لأبيه إذا كان لبلد بعيد ليسكنه وهو وطريقه آمنان.
مثال ذلك : كان الزوج والزوجة في مكة فطلقها، وكان بينهما طفل فالحضانة للأم، فإن أراد الأب أن يضر بالأم، فسافر إلى المدينة ليسكنها من أجل أن يأخذ الطفل فنقول: لا حق له متى علمنا أن الرجل إنما سافر من أجل الإضرار بالأم، أما إذا علمنا أنه أراد أن يتحول من مكة إلى المدينة لغير غرض الإضرار فإن الحضانة تكون في هذه الحال للأب ويسقط حق الأم، وهذا من المسقطات؛ وعلة ذلك أن بقاءه بعيداً عن أبيه يؤدي إلى ضياعه؛ لأن الأم قد لا تقوم بواجب التأديب، فالأب أحق به حتى ولو كان رضيعاً فيأخذه، ويستأجر له من يرضعه، لكن كما سبق بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون سفره بعيداً.
الثاني: أن يكون سفره للسكنى، لا لحاجة تعرض، ثم يرجع.
الثالث: أن يكون البلد وطريقه آمنين، فإن كان مخوفاً فلا يجوز المخاطرة بالطفل.
والشرط الرابع على ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله ألاّ يقصد بسفره الإضرار بالأم، فإن قصد الإضرار فلا حق له في الحضانة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا ضرر ولا ضرار» [(256)]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من ضار ضارَّ الله به» [(257)]، ولا يمكن أن نوافق هذا الإنسان على إرادته السيئة.
فإن كانت الأم هي التي ستسافر فالحضانة هنا للأب من باب أولى.
لكن الصحيح في هذه المسألة: أننا إذا علمنا أن الولد بحاجة إلى الأم، أو أن الوالد سيضر بالولد، فإنه بلا ريب الأم أحق بالحضانة من الأب؛ لأن وجود الطفل مع أمه، يرضع من لبنها أنفع له من الرضاعة من لبن غيرها، والحضانة يُنظر فيها إلى ما هو أصلح للطفل.
قوله: «وإن بعد السفر لحاجة» فالحضانة لأمه على كلام المؤلف، والمذهب أنها للمقيم منهما، والأقرب أنها للأم.
قوله: «أو قَرُب لها» أي: كان السفر قريباً دون مسافة القصر لحاجة، فالحضانة هنا للأم؛ لأن السفر القريب في حكم الحاضر، فكأنه لم يحصل سفر، ومعلوم أن الأم أحق بالحضانة من الأب، سواء كانت هي المسافرة أو هي المقيمة؛ لأن هذا السفر لا يعد سفراً تثبت له أحكام السفر من القصر، والجمع، وغير ذلك، فيكون هذا المسافر كالمقيم، وتبقى المسألة على ما هي عليه من تقديم الأم بالحضانة.
قوله: «أو للسكنى فلأمه» يعني إن قَرُب السفر وكان للسكنى، فالحضانة هنا للأم؛ والتعليل ما سبق من أن البلد القريب في حكم الحاضر، فيبقى الأمر على ما كان عليه.
فالخلاصة:
أولاً: أن يكون السفر بعيداً للسكنى، فالحضانة للأب بالشروط السابقة.
ثانياً: أن يكون السفر قريباً للسكنى، فالحضانة للأم.
ثالثاً: أن يكون السفر بعيداً للحاجة، فالحضانة ـ على كلام المؤلف ـ للأم، وعلى المذهب أنها للمقيم منهما.
رابعاً: أن يكون قريباً لحاجة، فالحضانة للأم على كلام المؤلف، والمذهب أنها للمقيم منهما، والأقرب في هذه المسألة أنها للأم.
واعلم أن هذه المسائل يجب فيها مراعاة المحضون قبل كل شيء، فإذا كان لو ذهب مع أحدهما، أو بقي مع أحدهما، كان عليه ضرر في دينه، أو دنياه، فإنه لا يُقر في يد من لا يصونه ولا يصلحه؛ لأن الغرض الأساسي من الحضانة هو حماية الطفل عما يضره، والقيام بمصالحه.


[248] أخرجه الإمام أحمد (2/187)، وأبو داود في الصلاة/ باب متى يؤمر الغلام بالصلاة (495)، والدارقطني (1/230)، والحاكم (1/311)، والبيهقي (2/229)، وصححه الألباني (1/266).
[249] أخرجه أحمد (2/182)، وأبو داود في الطلاق/ باب من أحق بالولد (2276) عبد الله عن ابن عمرو رضي الله عنهما، وصححه الحاكم (2/207)، وحسنه في الإرواء (2187).
[250] أخرجه البخاري في الصلح/ باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان... (2699) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
[251] أخرجه الترمذي في البيوع/ باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين... (1283)، وابن ماجه في التجارات/ باب النهي عن التفريق بين السبي (2250)، والدارمي في السير/ باب في النهي عن التفريق بين الوالدة وولدها (2368)، والدارقطني (3/267)، والحاكم في المستدرك (2/63) وألفاظه مختلفة، قال الترمذي: حديث حسن غريب، وصححه الحاكم.
[252] أخرجه البخاري في الجنائز/ باب ما قيل في أولاد المشركين (1385)، ومسلم في القدر/ باب معنى كل مولود يولد على الفطرة (2658) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[253] سبق تخريجه ص(533).
[254] سبق تخريجه ص(534).
[255] سبق تخريجه ص(533).
[256] سبق تخريجه ص(233).
[257] أخرجه الإمام أحمد (3/453)، وأبو داود في القضاء/ باب في القضاء (3635)، والترمذي في البر والصلة/ باب ما جاء في الخيانة والغش (1940)، وابن ماجه في الأحكام/ باب من بنى في حقه ما يضر بجاره (2342) عن أبي صِرْمَةَ رضي الله عنه، وانظر: الإرواء (3/413).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحضانة, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir