بابُ الاسْتِبْرَاءِ
مأخوذٌ مِن البَرَاءَةِ، وهي التَّمْيِيزُ والقَطْعُ، وشَرْعاً: تَرَبُّصٌ يُقْصَدُ مِنه العلمُ بِبَرَاءَةِ رَحِمِ مِلْكِ يَمِينٍ، (مَن مَلَكَ أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُها) بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ أو سَبْيٍ أو غيرِ ذلكَ، (مِن صغيرٍ وذَكَرٍ وضِدِّهِما)- وهو كبيرٌ والمرأةُ- (حَرُمَ عليهِ وَطْؤُها ومُقَدِّمَاتُه)؛ أي: مُقَدِّمَاتُ الوَطْءِ؛ مِن قُبْلَةٍ ونحوِها (قبلَ اسْتِبْرَائِها)؛ لقولِهِ عليه الصلاةُ والسلامُ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ)). رَوَاهُ أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وأبو دَاوُدَ، وإنْ أَعْتَقَهَا قبلَ اسْتِبْرَائِها، لم يَصِحَّ أنْ يَتَزَوَّجَهَا قبلَ اسْتِبْرَائِها، وكذا ليسَ لها أنْ تَتَزَوَّجَ غيرَه إنْ كانَ بَائِعُها يَطَؤُها، ومَن وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَها أو بَيْعَها حَرُمَا حتَّى يَسْتَبْرِئَها، فإنْ خَالَفَ، صَحَّ البيعُ دُونَ التزويجِ، وإنْ عَتَقَ سُرِّيَّتَه أو أمَّ وَلَدِه أو عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، لَزِمَها استبراءُ نفسِها إنْ لم يَكُنِ اسْتَبْرَأَهَا. (واستبراءُ الحاملِ بِوَضْعِها) كلَّ الحملِ، (و) استبراءُ (مَن تَحِيضُ بِحَيْضَةٍ)؛ لقولِهِ عليه السلامُ في سَبْيِ أَوْطَاسٍ: ((لاَ تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلاَ غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً)). رَوَاهُ أحمدُ وأبو دَاوُدَ، (و) استبراءُ (الآيِسَةِ والصغيرةِ بِمُضِيِّ شَهْرٍ)؛ لِقِيَامِ الشهرِ مَقَامَ حَيْضَةٍ في العِدَّةِ.
واستبراءُ مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُها ولم تَدْرِ ما رَفَعَه، عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، وتُصَدَّقُ الأَمَةُ إنْ قالَتْ: حِضْتُ. وإنِ ادَّعَتْ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَها على وارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِه، أو ادَّعَتْ مُشْتَرَاةٌ أنَّ لها زَوْجاً، صُدِّقَتْ؛ لأنَّه لا يُعْرَفُ إلاَّ مِن جِهَتِها.