دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب العدد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:38 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي باب الاستبراء

بابُ الاستبراءِ
مَن مَلَكَ أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُها مِن صغيرٍ وذَكَرٍ وضِدِّهما حَرُمَ عليه وَطْؤُها ومُقَدِّمَاتُه قبلَ استبرائِها، واستبراءُ الحاملِ بوَضْعِها، ومَن تَحيضُ بحَيْضَةٍ، والآيِسَةِ والصغيرةِ بِمُضِيِّ شهرٍ.


  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

بابُ الاسْتِبْرَاءِ
مأخوذٌ مِن البَرَاءَةِ، وهي التَّمْيِيزُ والقَطْعُ، وشَرْعاً: تَرَبُّصٌ يُقْصَدُ مِنه العلمُ بِبَرَاءَةِ رَحِمِ مِلْكِ يَمِينٍ، (مَن مَلَكَ أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُها) بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ أو سَبْيٍ أو غيرِ ذلكَ، (مِن صغيرٍ وذَكَرٍ وضِدِّهِما)- وهو كبيرٌ والمرأةُ- (حَرُمَ عليهِ وَطْؤُها ومُقَدِّمَاتُه)؛ أي: مُقَدِّمَاتُ الوَطْءِ؛ مِن قُبْلَةٍ ونحوِها (قبلَ اسْتِبْرَائِها)؛ لقولِهِ عليه الصلاةُ والسلامُ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ)). رَوَاهُ أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وأبو دَاوُدَ، وإنْ أَعْتَقَهَا قبلَ اسْتِبْرَائِها، لم يَصِحَّ أنْ يَتَزَوَّجَهَا قبلَ اسْتِبْرَائِها، وكذا ليسَ لها أنْ تَتَزَوَّجَ غيرَه إنْ كانَ بَائِعُها يَطَؤُها، ومَن وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَها أو بَيْعَها حَرُمَا حتَّى يَسْتَبْرِئَها، فإنْ خَالَفَ، صَحَّ البيعُ دُونَ التزويجِ، وإنْ عَتَقَ سُرِّيَّتَه أو أمَّ وَلَدِه أو عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، لَزِمَها استبراءُ نفسِها إنْ لم يَكُنِ اسْتَبْرَأَهَا. (واستبراءُ الحاملِ بِوَضْعِها) كلَّ الحملِ، (و) استبراءُ (مَن تَحِيضُ بِحَيْضَةٍ)؛ لقولِهِ عليه السلامُ في سَبْيِ أَوْطَاسٍ: ((لاَ تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلاَ غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً)). رَوَاهُ أحمدُ وأبو دَاوُدَ، (و) استبراءُ (الآيِسَةِ والصغيرةِ بِمُضِيِّ شَهْرٍ)؛ لِقِيَامِ الشهرِ مَقَامَ حَيْضَةٍ في العِدَّةِ.
واستبراءُ مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُها ولم تَدْرِ ما رَفَعَه، عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، وتُصَدَّقُ الأَمَةُ إنْ قالَتْ: حِضْتُ. وإنِ ادَّعَتْ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَها على وارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِه، أو ادَّعَتْ مُشْتَرَاةٌ أنَّ لها زَوْجاً، صُدِّقَتْ؛ لأنَّه لا يُعْرَفُ إلاَّ مِن جِهَتِها.


  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

باب الاستبراء([1])
مأخوذ من البراءة، وهي: التمييز والقطع([2]) وشرعا: تربص يقصد منه العلم ببراءة رحم ملك يمين([3]) (من ملك أمة يوطأ مثلها)([4]) ببيع أو هبة أو سبي أو غير ذلك([5]) (من صغير وذكر وضدهما) وهو الكبير والمرأة([6]).
(حرم عليه وطؤها([7]) ومقدماته) أي مقدمات الوطء من قبلة ونحوها([8]) (قبل استبرائها)([9]) لقوله عليه السلام «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يسقي ماءه زرع غيره»([10]) رواه أحمد والترمذي وأبو داود([11]).
وإن أعتقها قبل استبرائها، لم يصح أن يتزوج قبل استبرائها([12]) وكذا ليس لها أن تتزوج غيره إن كان بائعها يطؤها([13]) ومن وطئ أمته ثم أراد تزويجها، أو بيعها حرما حتى يستبرئها([14]) فإن خالف صح البيع دون التزويج([15]).
وإن أعتق سريته أو أم ولده أو أعتقت بموته، لزمها استبراء نفسها، إن لم يكن استبرأها([16]).
(واستبراء الحامل بوضعها) كل الحمل([17]).
(و)استبراء (من تحيض بحيضة)([18]) لقوله عليه السلام في سبي أوطاس([19]) «لا توطأ حامل حتى تضع([20]) ولا غير حامل حتى تحيض حيضة» رواه أحمد وأبو داود([21]).
(و) استبراء (الآيسة والصغيرة بمضي شهر)([22]).
لقيام الشهر مقام حيضة في العدة([23]) واستبراء من ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه عشر أشهر([24]) وتصدق الأمة إذا قالت حضت([25]) وإن ادعت موروثة، تحريمها على وارث بوطء مورثه([26]) أو ادعت مشتراه أن لها زوجا صدقت، لأنه لا يعرف إلا من جهتها([27]).


([1]) بالمد: طلب براءة رحم الإماء، خص بالإماء، للعلم ببراءة رحمهن من الحمل، وإن كانت الحرة شاركت الإماء في ذلك، فهي مفارقة لها في التكرار، فلذلك يستعمل فيها لفظ العدة، وإنما خص الاستبراء بهذا الاسم، لتقديره بأقل ما يدل على البراءة من غير تكرار ولا تعدد.

([2]) يقال: بري اللحم من العظم، إذا قطع منه وفصل.
([3]) أي من شأنه أن يقصد به ذلك، من قن ومكاتبة ومدبرة وأم ولد، ومعلق عتقها عند حدوث الملك، أو زواله.
([4]) أخرج الصغيرة التي لا يواطأ مثلها، وهو قول مالك، وقال الموفق: وهو الصحيح لأن سبب الإباحة متحقق.
([5]) كإرث أو وصية أو عوض في إجارة أو جعالة، أو صلح وغير ذلك، فجمهور العلماء، على وجوب الاستبراء على المشتري، والمتهب، ونحوهم بجامع تجدد الملك.
([6]) ولو كان مجبوبا، أو ملكها من رجل قد استبرأها وعنه: لا يلزم الاستبراء إذا ملكها من طفل، أو امرأة، وهو مقتضى قواعد الشيخ.
([7]) حتى يستبرئها بكرا كانت أو ثيبا، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم مالك والشافعي، وأصحاب الرأي.
([8]) كالنظر والاستمتاع بما دون الفرج، وعليه جماهير الأصحاب، وعنه: الوطء فقط؛ واختاره ابن القيم، والنهي إنما جاء عن الوطء، ومفهومه: جواز الاستمتاع بدونه، وفعله ابن عمر وغيره، واحتج ابن القيم بجواز الخلة والنظر؛ وقال: لا أعلم في جواز هذا نزاعا.
([9]) هذا المذهب، قال الشيخ: لا يجوز لمن اشترى جارية وطؤها قبل استبرائها باتفاق العلماء اهـ. وإن وطئ الجارية التي يلزمه استبراؤها، قبل استبرائها، أثم، والاستبراء باق بحاله، لأنه حق عليه، فلا يسقط بعدوانه وذهب جماعة من العلماء إلى أن الاستبراء إنما يكون في حق من لم يعلم براءة رحمها وأما من علم براءة رحمها، فلا استبراء عليها.
قال الشيخ: لا يجب استبراء الأمة البكر، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وهو مذهب ابن عمر، واختيار البخاري، وكذا الآيسة، ومن اشتراها من رجل صادق، وأخبره أنه لم يطأها، أو وطئ واستبرأ.

([10]) يعني إتيان الحبالى، وفي لفظ ولد غيره.
([11]) وله مرفوعا، «لا توطأ حامل حتى تضع» ولأحمد «لا يقعن رجل على امرأة وحملها لغيره» ولها شواهد.
([12]) وهو قول الشافعي، وقيل إن الرشيد اشترى جارية، فقيل، أعتقها وتزوجها، وروي عن المهدي كذلك، فقال أحمد: ما أعظم هذا، أبطلوا الكتاب والسنة، إن كانت حاملا كيف يصنع.
([13]) أي ليس لها أن تتزوج غير سيدها، لما تقدم، ولأنها ممن يجب استبراؤها فلم يجز أن تتزوج، كالمعتدة ولخبر «لا توطأ حائل حتى تستبرأ» ومفهومه: إن كان البائع لم يطأها، جاز لها أن تتزوج غيره، مع الرق، والعتق وكذا إن كان البائع وطئ ثم استبرأها قبل البيع، وصححه غير واحد.
([14]) وفهم منه أنه لو لم يطأها، أو كانت آيسة لم يلزمه استبراؤها، إذا أراد بيعها لكن يستحب.
([15]) لأن الزوج لا يلزمه استبراء، فيفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب، ولأن عمر أنكر على عبد الرحمن بن عوف بيع جارية، كان يطؤها قبل استبرائها، ولأن المشتري يجب عليه الاستبراء، لحفظ مائه، فكذا البائع.
([16]) لتعلم براءة رحمها، لأنها فراش لسيدها، وقد فارقها بالعتق أو الموت، فلم يجز أن تنتقل إلى فراش غيره بلا استبراء، لا إن استبرأها قبل، لحصول العلم ببراءة الرحم.
([17]) بلا خلاف لقوله تعالى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وللخبر الآتي وغيره، سواء كان بعد طلاق أو موت، بفواق ناقة عند الجمهور.
([18]) تامة وهو مذهب الأئمة الأربعة، وغيرهم.
([19]) واد في بلاد هوازن بحنين.
([20]) ولأحمد وغيره أيضا «لا يقعن رجل على امرأة وحملها لغيره» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيلم بها؟» قالوا: نعم، فقال: «لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه في القبر، كيف يستخدمه وهو لا يحل له، كيف يورثه وهو لا يحل له» فدلت هذه الأحاديث، وما في معناها، على أنه يحرم على الرجل أن يطأ الأمة المسبية وغيرها، إذا كانت حاملا، حتى تضع حملها.
([21]) وله شواهد كثيرة، وهو مذهب الأئمة الأربعة، وجماهير العلماء، واتفقوا على أنه يحرم وطؤها زمن الاستبراء، وفيه جواز وطء السبايا بعد الاستبراء، وإن لم يدخلن في الإسلام، وعمل به الصحابة، وجواز الاستمتاع قبل الاستبراء، بدون جماع، ولفعل ابن عمر وغيره.
([22]) أي إذا كان يوطأ مثلها ولم تحض، وأما إذا لم يوطأ مثلها لصغرها، فقد تقدم عدم استبرائها، إذا اشتراها آخر، وقال المازري: القول الجامع في ذلك، أن كل أمة أمن عليها الحمل، فلا يلزم فيها الاستبراء، وكل من غلب على الظن كونها حاملا، أو شك في حملها، أو تردد فيه، فالاستبراء لازم فيها، والأحاديث تشير إلى أن العلة الحمل، أو تجويزه.
([23]) أي عدة الحرة والأمة، ولذلك تختلف الشهور باختلاف الحيض، وإن حاضت في الشهر، فبحيضة.
([24]) تسعة للحمل، وشهر للاستبراء، لما تقدم في العدة.
([25]) فيحل له وطؤها بعد تطهرها، فلو أنكرته فقال: أخبرتني به، صدق.
([26]) كأبيه وابنه، صدقت.
([27]) ولعلها ما لم تكن مكنته قبل، ولمشتر الفسخ.


  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:01 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

باب الإستبراء
مَنْ مَلَكَ أَمةً يُوطَأُ مِثْلُهَا مِنْ صَغِيرٍ، وَذَكَرٍ، وَضِدِّهِمَا حَرُمَ عَلِيْهِ وَطْؤُهَا ومقَدِّمَاتُهُ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، وَاسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهَا، وَمَنْ تَحِيضُ بِحَيْضةٍ، وَالآيِسَةُ وَالصَّغيرَةُ بِمُضِيِّ شَهْرٍ.
قوله: «الاستبراء» هذه الكلمة فيها حروف زوائد، وحروف أصول، الحروف الزوائد الألف، والسين، والتاء، والأصول الباء، والراء، والهمزة، مأخوذ من البراءة، يعني التخلي من الشيء، ومنه قولهم: برئ من دينه، يعني تخلى منه ولم يبقَ عليه شيء.
وأما شرعاً فإنه: تربص يقصد منه العلم ببراءة رحم ملك يمين، هكذا قالوا، والصواب أن يقال: تربص يقصد منه العلم ببراءة الرحم، وليس ببراءة رحم ملك اليمين فقط؛ لأن الاستبراء قد يكون في غير المملوكة، وقد سبق أن من وطئت بشبهة ـ على القول الراجح ـ فإن عدتها استبراء، والمزني بها استبراء، والموطوءة بعقد باطل استبراء، وهكذا.
وقولنا: «العلم» ليس أمراً لازماً أنها إذا حاضت فإنها بريئة الرحم؛ لأن الحامل قد تحيض، ولكنه هنا لما تعذر العلم عمل بالظاهر؛ إذ إن الظاهر أن الحامل لا تحيض، فيكون الحيض هنا علامة ظاهرة، لا علامةً يقينية أو برهاناً قاطعاً، ومن القواعد المقررة في الشرع: أنه إذا تعذر اليقين عمل بغلبة الظن، فهنا ما يمكن أن نتيقن أن رحمها خالٍ إلا بشق بطنها، وشق البطن أمر صعب؛ لأنها ربما تموت، لكن يكتفى بغلبة الظن، بالظاهر.
وقولنا: إنه ما يمكن العلم ببراءة رحمها إلا بشق البطن، هذا بناء على ما سبق، وإلا فالآن توفرت الأسباب والوسائل التي يعلم بها براءة الرحم بدون شق البطن.
أيضاً في بعض الأحوال يجب على الزوج أن يستبرئ زوجته وإن لم توطأ، كرجل مات أبوه وتزوجت أمه بعد أبيه بزوج، فأولادها من هذا الزوج يكونون بالنسبة له إخوة له من الأم، فهذا الأخ مات وله أخ شقيق، والأخ الذي تحمل به هذه المرأة، ففي هذه الحال نقول لزوجها: يجب عليك أن تستبرئها، فلا تجامعها حتى تحيض؛ لأجل أن نعرف هل كان الحمل موجوداً حين موت أخيه فيرث منه، أو ليس موجوداً فلا يرث، وهنا لا نعلم إلا إذا امتنع الرجل عن الجماع؛ لأنه لو جامع لاحتمل أن يعلق الولد من جماعه الذي بعد موت أخيه، وحينئذٍ يكون عندنا إشكال، ففي مثل هذه الحال يجب الاستبراء مع أنه ليس في ملك يمين، ولا في وطء شبهة، ولا في زنا، لكن لأجل الوصول إلى معرفة هل يرث هذا الحمل، أو لا يرث؟
قوله: «من ملك أمة يوطأ مثلها» وهي التي تم لها تسع سنين.
وقوله: «من ملك» «من» شرطية تعم جميع أنواع الملك، سواء ملكها بشراء، أو بهبة، أو باسترقاق في حرب، أو غير ذلك.
قوله: «من صغير وذكر وضدهما حرم عليه وطؤها» الجار والمجرور متعلق بـ «ملك» ؛ لأن الكلام في المالك، فهو الذي يحرم عليه الوطء، ومعلوم أنه لو كان أنثى ما نقول: يحرم عليك الوطء، فيكون قوله: «من صغير» متعلقاً بقوله: «ملك» يعني ملكها من صغير، بأن اشتراها منه، كرجل اشترى أمة يوطأ مثلها من صغير لم يبلغ، فيجب على المشتري أن يستبرئها، مع أن الصغير هنا ما يطأ مثله.
والقول الثاني: أنه لا يجب الاستبراء في هذه الحال؛ لأن الاستبراء طلب براءة الرحم من الولد، وهنا لا يمكن أن تلد، حتى لو وطئها هذا الصغير، فإن قيل: ألا يمكن أن يكون أحد زنى بها؟ فالجواب: بلى، لكن الأصل عدم ذلك.
وقوله: «وذكر» معروف.
وقوله: «وضدهما» ضد الصغير الكبير، وضد الذكر الأنثى، يعني إذا ملكها من صغير أو كبير، من ذكر أو أنثى.
وقوله: «حرم عليه وطؤها» أي حرم على المالك وطؤها.
قوله: «ومقدماته» أي: مقدمات الوطء، كالتقبيل، واللمس، والجماع دون الفرج، وما أشبه ذلك؛ سداً للذريعة؛ لأنه ربما لا يملك نفسه أن يجامع، وسيأتي أن الصحيح خلاف ذلك.
قوله: «قبل استبرائها» ويأتي ـ إن شاء الله ـ بماذا يكون الاستبراء، والدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره» [(189)]، يعني أن الإنسان ما يجوز له أن يسقي ماءه من كانت مشغولةً، أو يمكن أن تكون مشغولة بماء غيره، ولهذا يحرم على الإنسان أن يطأ المعتدة، ولو تزوجها لم يصح.
كذلك ـ أيضاً ـ في غزوة أوطاس نهى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن توطأ حامل حتى تضع، ولا ذات حيض حتى تحيض بحيضة[(190)]، وتأمل الدليل هل هو أخص من الحكم الذي ذكره المؤلف أو أعم؟
الدليل ذُكِرَ فيه الوطء فقط والمؤلف قال: «ومقدماته» فصار الدليل أخص من المدلول، ومعلوم أنه لا يمكن أن يستدل بالأخص على الأعم، فالدليل دل على تحريم الوطء، فأين الدليل على تحريم مقدماته من اللمس وغيره؟!
فحينئذٍ نقول: الاستدلال بهذا الحديث على الحكم صحيح من وجه، غير صحيح من وجه، صحيح من جهة تحريم الوطء، غير صحيح من جهة تحريم مقدماته، وهذه قاعدة نافعة للمُناظِر، أنه إذا استدل خصمه بشيء يكون أخص من المدلول، فإن له الحق في رفضه بالنسبة لما هو أعم، ولكن ليس له الحق أن يرفض ما دل عليه الدليل.
إذاً يبقى النظر في قول المؤلف: «ومقدماته» هل هو صحيح ولا سيما باعتبار استدلاله بالحديث؟ الجواب: غير صحيح، فالحديث لا يدل على تحريم مقدمات الوطء، إذاً يجوز أن يفعل مقدمات الوطء من التقبيل وشبهه كما سبق؛ لأن عندنا عموماً يخالف هذا الحكم، وهو قوله تعالى: {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [المؤمنون 6] ، فنقول: الأصل في ملك اليمين أن يجوز لك أن تتمتع فيها بما شئت، وحُرِّم الوطء لدلالة الحديث عليه، فيبقى ما عداه داخلاً في المباح.
فإن قلت: ألا يمكن أن نقيس ذلك على الجماع في الإحرام، حيث حرم على المُحْرِم أن يجامع، وحرم عليه مقدمات الجماع؟
نقول: لا نقيس؛ لأن مقدمات الجماع في الإحرام محرمة لذاتها، بدليل أن المحرم لا يجوز أن يُعقد له النكاح، ولا أن يخطب، ففرق بين هذا وهذا، فلا يصح القياس، ولو أردنا القياس لقلنا: نقيس على الحائض أولى، وأجلى، وأبين، والحائض يجوز للإنسان أن يستمتع بها فيما دون الفرج.
نعم لو فرض أن الرجل ضعيف العزيمة، ويخشى على نفسه خشية محققة لو أنه أتى بمقدمات الجماع أن يجامعها فحينئذٍ يمنع، ويكون لكل مسألة حكمها.
مسألة: إذا ملك أمة من امرأة فهل يجب الاستبراء؟
على كلام المؤلف يجب، ولكن القول الصحيح ـ الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ أنه لا يجب الاستبراء، قال: لأن المرأة ما تطؤها.
فإن قيل: يحتمل أن أحداً اعتدى عليها ووطئها عند سيدتها.
قلنا: الأصل عدم ذلك، ولو قلنا بهذا الاحتمال لقلنا: لا يمكن أن تطأ زوجتك ولا أمتك؛ لأن فيه احتمالاً أن أحداً اعتدى عليها، وهي عندك! وهذا لا يقول به أحد، وعلى هذا، فالقول الراجح في هذه المسألة أنه لو ملكها من امرأة فإنه لا يجب الاستبراء.
ولو ملكها من رجل ولكنها بكر، وبكارتها لا زالت موجودة فهل يجب عليه الاستبراء؟ على كلام المؤلف يجب الاستبراء؛ لأنه قال: «من ملك أمة يوطأ مثلها» ولم يقل: من ملك أمة ثيباً، إذن لو ملك أمة بكراً وجب عليه الاستبراء، مع أن البكر لم توطأ؛ إذ لو وطئت لزالت البكارة، وقال شيخ الإسلام: إنه لا يجب الاستبراء فيما إذا كانت بكراً؛ لأن العلة التي وجب الاستبراء لها غير موجودة.
ولو ملك أمة من رجل صدوق أمين، قال له: إنه لم يطأ، فعلى المذهب يجب الاستبراء، وعند شيخ الإسلام لا يجب الاستبراء؛ لأن هذا الرجل أخبره أنه لم يجامعها، وكذلك لو أخبره بأنه استبرأها قبل بيعها، فالمذهب يجب الاستبراء وإن كان ذاك قد استبرأها، وعند الشيخ إذا وثق به فإنه لا يجب.
لكن رأي الشيخ في المسألة الأخيرة ليس كرأيه فيما إذا كانت بكراً، أو إذا ملكها من امرأة؛ لأن قوله فيما إذا ملكها بكراً أو من امرأة لا شك أنه هو الصواب، أما هذه فقد يقول قائل: إنه وإن أخبره أنه قد استبرأها، أو أنه لم يجامعها، فقد يكون متهماً في ذلك؛ من أجل أن يرغب في شرائها؛ لأنه إذا قلنا: إنها لا تحتاج إلى استبراء، أرغب مما إذا قلنا: تحتاج إلى استبراء؛ لأنه يستمتع بها من حين يشتريها، لا سيما على المذهب إذا قلنا: لا يحل الوطء ولا المقدمات، أما إذا قلنا بأنه لا يحتاج إلى استبراء فسيمكث إلى أن يستبرئها.
قوله: «واستبراء الحامل بوضعها» أي: إذا وضعت فقد استبرأت وهذا صحيح، ولو وضعت بعد الشراء بساعة، فإن بقي في بطنها ثلاث سنين ينتظر حتى تضع.
قوله: «ومن تحيض» أي: فاستبراؤها «بحيضة» لأن هذه ليست عدة، وإنما الغرض العلم ببراءة الرحم، فإذا حاضت مرة واحدة حلت، فإذا كانت قد ارتفع حيضها ولم تدرِ سببه تنتظر عشرة أشهر، تسعة أشهر للحمل وشهراً للاستبراء.
قوله: «والآيسة والصغيرة بمضي شهر» أي: الآيسة والصغيرة تستبرأ بمضي شهر.




[189] أخرجه أحمد (4/108)، وأبو داود في النكاح/ باب في وطء السبايا (2158)، والطبراني في الكبير (5/26)، والبيهقي (7/449) عن رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، والحديث حسنه الألباني كما في الإرواء (1/201).
[190] رواه أحمد (3/28) وأبو داود (2157) كتاب النكاح/ باب في وطء السبايا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاستبراء, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir