دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب اللعان

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:22 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي من قذف زوجته المرفوع عنها القلم، والمعذورة بشبهة أو إكراه، ومن تبرأ من ولده

( فصلٌ )
وإن قَذَفَ زوجتَه الصغيرةَ أو المجنونةَ عُزِّرَ ولا لِعانَ، ومن شَرْطِه قَذْفُها بالزِّنَا لفْظًا كزَنَيْتِ أو يا زَانيةُ أو رَأَيْتُكِ تَزنينَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ، فإن قالَ: وُطِئْتِ بشُبْهَةٍ أو مُكرَهَةً أو نائمةً, أو قالَ: لم تَزْنِ ولكن ليس هذا الولَدُ مِنِّي. فشَهِدَت امرأةٌ ثِقَةٌ أنه وُلِدَ على فراشِه لَحِقَه نَسَبُه ولا لِعانَ، ومن شَرطِه أن تُكَذِّبَه الزوجةُ، وإذا تَمَّ سَقَطَ عنه الحدُّ والتعزيرُ وتَثْبُتُ الفُرقةُ بينَهما بتحريمٍ مُؤَبَّدٍ.


  #2  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 07:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...........................

  #3  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 08:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فَصْلٌ
(وإنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصغيرةَ أو المجنونةَ عُزِّرَ، ولا لِعَانَ)؛ لأنَّه يَمِينٌ، فلا يَصِحُّ من غيرِ مُكَلَّفٍ، (ومَن شَرْطِه: قَذْفُها)؛ أي: الزوجةِ (بالزِّنَى لَفْظاً) قبلَه؛ (كـ) قولِهِ: (زَنَيْتِ، أو: يا زَانِيَةُ، أو رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ)؛ لأنَّ كُلاًّ مِنهما قَذْفٌ يَجِبُ به الحَدُّ، ولا فَرْقَ بينَ الأَعْمَى والبَصِيرِ؛ لِعُمُومِ قولِهِ تعالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآيةَ. (فإنْ قالَ) لزوجتِهِ: (وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أو:) وُطِئَتْ (مُكْرَهَةً، أو نائِمَةً، أو قالَ: لم تَزْنِي. ولكِنْ ليسَ هذا الوَلَدُ مِنِّي. فشَهِدَتِ امرأةٌ ثِقَةٌ أنَّه وُلِدَ على فِرَاشِهِ، لَحِقَه نَسَبُه)؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ). (ولا لِعَانَ) بينَهما؛ لأنَّه لم يَقْذِفْها بما يُوجِبُ الحَدَّ، (ومِن شَرْطِه أنْ تُكَذِّبَه الزوجةُ، وإذا تَمَّ) اللِّعَانُ، (سَقَطَ عنه)؛ أي: عن الزوجِ (الحَدُّ) إنْ كانَتْ مُحْصَنَةً، (والتَّعْزِيرُ) إنْ كانَتْ غيرَ مُحْصَنَةٍ، (وتَثْبُتُ الفُرْقَةُ بينَهما)؛ أي: بينَ الزوجيْنِ بِتَمَامِ اللِّعَانِ (بتحريمٍ مُؤَبَّدٍ)، ولو لم يُفَرِّقِ الحاكِمُ بينَهما، أو أَكْذَبَ نفسَه بعدُ، ويَنْتَفِي الولدُ إنْ ذُكِرَ في اللِّعانِ صَرِيحاً أو تَضَمُّناً، بشرطِ أنْ لا يَتَقَدَّمَه إقرارٌ به أو بِمَا يَدُلُّ عليهِ؛ كما لو هُنِّئَ بهِ، فسَكَتَ أو أَمَّنَ على الدُّعاءِ، أو أَخَّرَ نَفْيَه معَ إمكانِهِ، ومَتَى أَكْذَبَ نفسَه بعدَ ذلكَ، لَحِقَه نَسَبُه، وحُدَّ لِمُحْصَنَةٍ، وعُزِّرَ لِغَيْرِها، والتوأمانِ المَنْفيَّانِ أخوانِ لأمٍّ.


  #4  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 08:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل([1])

(وإن قذف زوجته الصغيرة([2]) أو المجنونة بالزنا عزر ولا لعان)([3]) لأنه يمين فلا يصح من غير مكلف([4]) (ومن شرطه قذفها) أي الزوجة (بالزنا لفظا) قبله([5]) (كـ) قوله (زنيت أو يا زانية أو رأيتك تزنين في قبل أو دبر)([6]) لأن كلا منهما قذف يجب به الحد([7]) ولا فرق بين الأعمى والبصير([8]).
لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية([9]) (فإن قال) لزوجته (وطئت بشبهة أو) وطئت (مكرهة أو نائمة([10]) أو قال لم تزن، ولكن ليس هذا الولد مني([11]) فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه)([12]) لقوله صلى الله عليه وسلم «الولد للفراش»([13]) (ولا لعان) بينهما([14]) لأنه لم يقذفها بما يوجب الحد([15]).
ومن شرطه أن تكذبه الزوجة([16]) (وإذا تم) اللعان (سقط عنه) أي عن الزوج (الحد) إن كانت محصنة (والتعزير) إن كانت غير محصنة([17]) (وثبتت الفرقة بينهما) أي بين الزوجين بتمام اللعان (بتحريم مؤبد)([18]) ولم لم يفرق الحاكم بينهما([19]) أو أكذب نفسه بعد([20]) وينتفي الولد إن ذكر في اللعان صريحا([21]).
أو تضمنا([22]) بشرط أن لا يتقدمه إقرار به، أو بما يدل عليه([23]) كما لو هنئ به فسكت([24]) أو أمن على الدعاء([25]) أو أخر نفيه مع إمكانه([26]) ومتى أكذب نفسه بعد ذلك لحقه نسبه([27]) وحد لمحصنة، وعزر لغيرها([28]). والتوأمان المنفيان أخوان لأم([29]).



([1]) في بيان شروط اللعان، وما يثبت به من الأحكام.
([2]) أي التي لا يوطأ مثلها بالزنا، عزر ولا لعان.
([3]) أي: أو قذف زوجته المجنونة، حال جنونها بالزنا، عزر ولا لعان بينهما.
([4]) أي: لأن اللعان يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» فلا يصح اللعان من غير مكلف، إذ لا عبرة بقوله: فلا يوجب حدا واللعان إنما وجب لإسقاط الحد.
([5]) أي ومن شرط صحة اللعان: قذف زوجته بالزنا، قبل اللعان.
([6]) وكذا قال مالك، والشافعي، يكون قاذفا بقوله ذلك.
([7]) فجاز اللعان درءا للحد عنه، فإن لم يقذفها فلا لعان.
([8]) نص عليه.
([9]) فدلت الآية بعمومها، على جواز اللعان من الأعمى كالبصير، إذ لا فرق بينهما في ذلك، وعموم اللفظ يقدم على خصوص السبب.
([10]) أو قال: وطئت مع إغماء، أو جنون، فلا لعان بينهما لأنه لم يقذفها بما يوجب الحد، ولحقه الولد للخبر الآتي، وإن قال: وطئك فلان بشبهة، وكنت عالمة، فقال الموفق وغيره: له اللعان ونفي الولد، وصوبه في الإنصاف، وقال القاضي: لا يلاعن فالله أعلم.
([11]) أو قال: لم أقذفك، ولكن ليس هذا الولد مني.
([12]) أي فشهدت ببينة وتكفي امرأة ثقة، أنه ولد على فراشه، وهي فراشه، أي في عصمته، لحقه نسبه، إذ الولد للفراش.
([13]) فدل الحديث على لحوق النسب، إذا ثبت الفراش.
([14]) أي في قوله، وإن قال لزوجته، وطئت بشبهة، وما عطف عليه، وإذا قذفها ثم مات قبل لعانها، أو قبل إتمام لعانه، سقط اللعان، ولحقه الولد، وورثه إجماعا.
([15]) ولو كان بينهما ولد، فلا يلاعن لنفيه، ويلحقه نسبه للخبر.
([16]) ويستمر ذلك إلى انقضاء اللعان، وإن صدقته أو ثبت زناها، أو قذف خرساء ونحوها، لحقه النسب، ولا حد ولا لعان.
([17]) أي حرة عفيفة بلعانه، لقوله صلى الله عليه وسلم لهلال «البينة أو حد في ظهرك»، فنزلت الآية، وشهد كما في الآية، ولأن شهادته أقيمت مقام بينة وهي تسقط الحد، فكذا لعانه، وإن نكل عن اللعان، أو تمامه، فعليه الحد، وإن قذفها برجل بعينه، ولم يلاعن، فلكل منهما المطالبة بالحد.
([18]) ولم يحتج إلى طلاق، أو فسخ، لما في الصحيحين «ذلكم التفريق بين كل متلاعنين»، ولأبي داود وغيره؛ ثم لا يجتمعان أبدا، وقال ابن مسعود وغيره، مضت السنة بذلك وهو مقضتى حكم اللعان، ومذهب جماهير العلماء.
([19]) وهو مذهب الجمهور أن الفرقة تقع بنفس اللعان، لما في صحيح مسلم ذلك التفريق بين كل متلاعنين، وقوله «لا سبيل لك عليها» وغير ذلك، مما هو ظاهر في أن الفرقة وقعت بينهما، بنفس اللعان.
([20]) أي بعد اللعان، ثبتت الفرقة بينهما بتحريم مؤبد.
([21]) كقوله: أشهد بالله لقد زنت، وما هذا ولدي، وتقول هي: أشهد بالله لقد كذب، وهذا الولد ولده.
([22]) كأن يقول: أشهد بالله، لقد زنت في طهر لم أصبها فيه، واعتزلتها حتى ولدت.
([23]) أي وينتفي بشرط أن لا يتقدم اللعان إقرار بالمنفي، أو إقرار بما يدل على الإقرار به، كما لو نفاه وسكت عن توأمه.
([24]) لم ينتفت لأن السكوت صلح، دال على الرضى.
([25]) كأن يقول: بارك الله عليك، أو رزقك الله مثله، ونحوه، لم ينتف وهو قول أبي حنيفة، لأنه جواب الراضي في العادة.
([26]) أي إمكان النفي بلا عذر، أو أخره رجاء موته، لأنه خيار لدفع ضرر، فكان على الفور، كخيار الشفعة، وإن قال: لم أعلم به، أو لم أعلم أن لي نفيه، أو أنه على الفور، وأمكن صدقه قبل، ولعذر كحبس ومرض، ونحو ذلك لم يسقط نفيه.
([27]) أي نسب الولد الذي أقر به، لتكذيبه لنفسه بعد نفيه، إذا كان حيا، غنيا كان أو فقيرا، قال الموفق: بغير خلاف بين أهل العلم، وكذا إن كان ميتا.
([28]) كذمية أو رقيقة، سواء كان لاعن أو لا، لأن اللعان يمين أو بينه درأت عنه الحد، أو التعزير، فإذا أقر بما يخالفه بعده سقط حكمه، قال الموفق، يلزمه الحد إذا أكذب نفسه، قبل لعانها أو بعده، وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي ولا نعلم لهم مخالفا.
([29]) لانتفاء النسب من جهة الأب، كتوأمي زنا، ومن نفى من لا ينتفي، كمن أقر به ونحوه، وقال: إنه من زنا حد، إن لم يلاعن لنفي الحد، لقذفه محصنة، وله درء الحد باللعان.


  #5  
قديم 29 ربيع الثاني 1432هـ/3-04-2011م, 09:08 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ
وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ، أَوِ المَجْنُونَةَ عُزِّرَ، وَلاَ لِعَانَ، وَمِنْ شَرْطِهِ قَذْفُهَا بِالزِّنَا لَفْظاً، كَزَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِيَةُ، أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ فِي قُبُلٍ، أَوْ دُبُرٍ، فَإِنْ قَالَ: وُطِئْتِ بشُبْهَةٍ، أَوْ مُكْرَهَةً، أَوْ نَائِمَةً، ........
قوله: «وإن قذف زوجته» تقدم أن القذف هو الرمي بالزنا أو اللواط، لكن بالنسبة للمرأة ما يتصور اللواط، ويتصور الزنا.
قوله: «الصغيرة» وهي التي دون التسع، يعني التي لا يوطأ مثلها، وليس المراد بالصغيرة من دون البلوغ؛ لأن من دون البلوغ قد توطأ ويتصور منها الزنا، فالمراد بالصغيرة هنا من دون التسع، كما ذكره في الإقناع وغيره.
قوله: «أو المجنونة» ولو كبيرة؛ وذلك لأن الصغيرة التي لا يوطأ مثلها لا يلحقها العار، كما يلحق التي يوطأ مثلها، والمجنونة كذلك لا يلحقها العار كما يلحق العاقلة، فلهذا لا يجب عليه حد القذف، ولهذا قال المؤلف:
«عُزِّر» والتعزير في اللغة يطلق على عدة معانٍ، منها النصرة كما في قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} [الفتح: 9] ، ومنها التأديب وهو المراد هنا، فمعنى «عزر» أُدِّب.
والتعزير على المشهور من المذهب لا يتجاوز به عشر جلدات؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» [(144)].
فعلى هذا يكون التعزير من العشر فأقل، والصحيح أن التعزير ـ كما يدل عليه اسمه ـ ما يحصل به التأديب، سواء كان عشر جلدات أو خمس عشرة جلدة أو عشرين جلدة أو أكثر، إلا أن التعزير إذا كان جنسه فيه حد فإنه لا يبلغ به الحد، فالتعزير على قذف الصغيرة والمجنونة لا يمكن أن يصل إلى ثمانين جلدة؛ لأن حد القذف في الكبيرة العاقلة المحصنة ثمانون فلا يمكن أن يبلغ التعزير إلى غاية الحد؛ لئلا نلحق ما دون الذي يوجب الحد بما يوجب الحد.
قوله: «ولا لعان» يعني لا تلاعن بين الزوج والزوجة فيما إذا كانت صغيرة دون التسع، أو كانت مجنونة؛ لأنه لا يصح اللعان منها، وقد سبق أنه يشترط في اللعان أن يكون الزوجان مكلفين، أي: بالغين، عاقلين.
فإن قذف صغيرة فوق التسع يعني بلغت تسعاً فأكثر، لكن لم تبلغ، فإنهم رحمهم الله يقولون: يرجأ الأمر إلى أن تبلغ ثم تطالب بحقها، فإما أن تقر أو تنكر أو يقيم عليها البينة، أو يلاعن، ولعانها في هذه الحال لا يصح؛ لعدم التكليف، ولا يمكن إهدار حقها من اللعان، فيوقف الأمر حتى تبلغ.
قوله: «ومن شرطه» أي: من شرط اللعان، و «مِن» للتبعيض، فيدل على أن هناك شروطاً أخر، وهو كذلك.
قوله: «قذفها» أي: الزوجة، فهنا المصدر مضاف إلى مفعوله، والفاعل الزوج، يعني قذف الزوج إياها.
قوله: «بالزنا لفظاً، كزنيت أو يا زانية، أو رأيتك تزنين في قبل أو دبر» لا بد أن يصرح بالنطق بقذفها بالزنا، مثل أن يقول: زنيت، أو رأيتك تزنين، أو يا زانية، أو ما أشبه ذلك من ألفاظ القذف، فإن أشار إشارة دون أن يتلفظ فإنه لا لعان.
قوله: «فإن قال: وُطئتِ بشبهة» فهذا ليس بقذف؛ لأن هذا لا يلحقها به عار، وهل يمكن أن توطأ بشبهة؟ نعم يمكن بأن تكون في محل رجل فيطؤها يظنها زوجته.
قوله: «أو مكرهة» يعني وُطِئْتِ مكرهة، فليس هذا بقذف؛ لأنه لا يلحقها العار، وإذا لم يكن ذلك قذفاً فإنه لا لعان بينهما، ولا حد عليه في هذه الحال.
قوله: «أو نائمة» أي: وطئت نائمة، أيضاً هذا ليس بقذف؛ لأن النائم لا يلحقه إثم ولا لوم، وفعل النائم لا ينسب إليه، والدليل قوله ـ تعالى ـ في أصحاب الكهف: {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ}[الكهف: 18] هم يتقلبون، لكن نسب الفعل إلى الله؛ لأنهم لا يحسون به، ولأنهم ليسوا مكلفين في هذه الحال، وكذلك الحديث: «رفع القلم عن ثلاثة» ، ومنهم: «النائم حتى يستيقظ» [(145)].
وإذا قال: إنك وطئت بشبهة أو مكرهة أو نائمة، فهل يلزمه أن يتجنبها حتى تعتد بثلاثة قروء، أو لا يلزمه إلا بحيضة واحدة أو، لا يلزمه مطلقاً؟
هذه ثلاثة احتمالات، أصح هذه الاحتمالات أن لا يجتنبها، بل ينبغي أن يبادر بجماعها حتى لا تلحقه الوساوس فيما بعد، ويقول: إن حملها ليس مني، وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم قضى بأن الولد للفراش وهو الزوج، وللعاهر الحجر[(146)]، فلا يلحقنا حرج.
ومن العلماء من قال: يجب أن تستبرأ بحيضة لاحتمال أن تكون حملت، ولا تلزمها العدة؛ لأن العدة إنما تجب في النكاح.
ومنهم من قال: تلزمها العدة ثلاثة قروء، وإذا كانت تُرضع وقلنا بهذا القول ـ والغالب أن التي ترضع لا تحيض ـ فستبقى سنتين، فالمهم أن أصح الأقوال في ذلك أنها لا تلزمها عدة ولا استبراء، وأننا نحب ونرغب أن يبادر بجماعها.

أَوْ قَالَ: لَمْ تَزْنِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هـذَا الْوَلَدُ مِنِّي فَشَهِدَتِ امْرأَةٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَلاَ لِعَانَ، وَإِذَا تَمَّ سَقَطَ عَنْهُ الحَدُّ، والتَّعْزِيرُ، وَثَبَتَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَحْرِيمٍ مُؤَبَّدٍ.
قوله: «أو قال: لم تَزنِ، ولكن ليس هذا الولد مني» قال الزوج: ما زنت، ولا أتهمها بالزنا، لكن هذا ليس مني، إذ يمكن أن توطأ بشبهة، لكن هو تحرز بقوله: «لم تزنِ» أن يقول: إنها وطئت بشبهة؛ لأنه ما يدري هل وطئت بشبهة أو زنت؟ فإنه لا لعان بينهما، ويكون الولد له حكماً، ولا يمكن أن ينتفي منه، فإن تيقن أنه ليس منه؛ لأنه غائب عنها ومستبرئها، نقول: هو منك قهراً، فإذا أراد أن ينتفي منه يجب أن يقذفها بالزنا ثم يلاعن! هذا هو المذهب، لكن هذا القول ضعيف جداً حتى أن أكثر الأصحاب لا يختارونه.
والصواب أنه يصح أن يلاعن لنفي الولد، فيقول: لم تزن ولا أتهمها بالزنا، ولكن هذا الولد ليس مني أو يقول: أشهد بالله أن هذا الولد ليس مني أربع مرات، وفي الخامسة يقول: وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وهذا القول هو الراجح بل المتعين؛ لأن مثل هذه المسألة قد يبتلى بها الإنسان، وإلحاقنا الولد بهذا الرجل وهو يقول: ليس مني، معناه أنه ينسب إليه، ومعنى ذلك أن أبناءه يكونون إخوة لهذا الولد، ويجري التوارث بينه وبين هذا الولد، والمسألة يتفرع عليها أحكام كثيرة، وهذا الرجل متيقن أنه ليس منه، فكيف نقول: لا بد أن تقول الزور، ثم تلاعن؟! والزور أن يقذفها بالزنا، والرجل يقول: أنا لا أستطيع أن أُحمِّل ذمتي، وألطخ عرضها، ولكن هذا الولد ليس مني؛ ولهذا فهذا القول مَنْ تصوره وتصور نتائجه عرف أنه قول ضعيف جداً، بل باطل، وأن الصواب الذي اختاره أكثر الأصحاب، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ـ رحمهم الله ـ وجماعة من المحققين أنه يجوز اللعان لنفي الولد، وهو الذي تشهد العقول لصحته، وها هنا مسألتان فيهما خلاف:
الأولى : إذا قلنا بصحة اللعان لنفي الولد، فهل يجوز أن ينفيه قبل أن يولد أو لا ينفيه حتى يولد؟
الثانية : هل يشترط أن تلاعن الزوجة فيما إذا كان اللعان لنفي الولد، أو يكتفى بلعان الزوج؟
أما المسألة الأولى: فالمذهب لا يصح نفي الولد إلا بعد وضعه، فينتظر حتى يوضع، قالوا: لأنه يحتمل أن يكون ريحاً وليس بحمل، فلا يرد عليه نفي حتى يوضع؛ لأنه هو الحال التي نتيقن فيها أنه ولد.
والقول الثاني : أنه يصح الانتفاء من الولد قبل وضعه، وهذا هو الصواب؛ لدلالة السنة عليه، ولأنه هو مقتضى القياس.
أما السنة فإن الولد الذي جاءت به امرأة هلال ـ رضي الله عنه ـ بَيَّن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه إن جاءت به على وجه كذا فهو لفلان، وإن جاءت به على وجه كذا فهو لهلال[(147)]، فدل هذا على أنه يمكن أن ينفى قبل الوضع، وإذا قدرنا أنه ليس بولد، فماذا يضيرنا؟! بل إذا لم يكن هذا ولداً صار أحسن، أو كان ولداً ثم مات قبل أن يوضع فلا يتغير الحكم.
وأما المسألة الثانية : وهي أنه هل يكتفى بلعان الزوج وحده؟
فالصحيح أنه يكتفى بذلك؛ لأن الله قال في اللعان: {وَيَدْرَأُعَنْهَا الْعَذَابَ}، وفي هذه الحال التي لاعن الزوج من أجل نفي الولد، هل عليها عذاب؟
الجواب: ليس عليها عذاب، لأنه ما قذفها بالزنا حتى يقع عليها العذاب، فالذي لا بد فيه من اللعان بين الزوجين إذا كان قد قذفها بالزنا؛ لأجل أن تبرئ نفسها، وأما رجل يقول: ما زنت، لكن هذا الولد ليس مني، فالصواب أنه لا بأس به، وأنه يثبت انتفاء الولد بمجرد لعان الزوج، فيقول: أشهد بالله أن الولد الذي في بطنها، إن كانت حاملاً أو هذا الولد ـ بعد وضعه ـ ليس مني، يقول ذلك أربع مرات، وفي الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
قوله: «فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه ولا لعان» الماتن ـ رحمه الله ـ أدخل مسألة في مسألة، فإن قوله: «فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه» هذه الصورة فيما إذا قاله بعد إبانتها، أي: بعد أن أبانها ولدت، فقال: هذا الولد ليس مني، فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه قبل أن يبينها، ولهذا فرضها في «المقنع» الذي هو أصل هذا الكتاب، وكذلك في «الإقناع» و«المنتهى» في هذه الصورة.
وقوله: «امرأة ثقة» هذا ما مشى عليه المؤلف، وهي جادة المذهب في أن الأشياء التي لا يطلع عليها غالباً إلا النساء يكفي فيها شهادة امرأة واحدة، والولادة الغالب أنه ما يطلع عليها إلا النساء، فيكفي فيها شهادة امرأة واحدة، وأصل هذا قصة المرأة التي شهدت أنها أرضعت الرجل وزوجته، فأمره النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يفارقها وقال له: «كيف وقد قيل؟!» [(148)] فأخذ الفقهاء من ذلك أن كل شيء لا يطلع عليه إلا النساء غالباً فإنه يكتفى فيه بشهادة امرأة ثقة؛ لأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ اعتبر شهادة هذه المرأة، وهي واحدة.
ولكن في النفس من هذا بعض الشيء؛ لأن طرد هذه المسألة في كل شيء قد يكون فيه نظر، فنقول: ما ورد به الشرع في الاكتفاء بامرأة واحدة كالرضاع يكتفى فيه بامرأة واحدة، وغير الرضاع لا يقاس عليه؛ إذ إن الرضاع يحتاط فيه أكثر، بخلاف غيره من الأمور، وإذا كانت الأمور التي لا يطلع عليها إلا الرجال لا بد فيها من شاهدين رجلين، أو رجل وامرأتين، فكيف بالأمور التي لا يطلع عليها إلا النساء؟! ولهذا فالقول الثاني في هذه المسألة: أنه لا يقبل إلا شهادة امرأتين أنه ولد على فراشه، فإذا شهدتا أنه ولد على فراشه لحقه نسبه.
قوله: «وإذا تم» الضمير يعود على اللعان، فإذا تم بالشهادات الخمس السابقة تفرع عنه عدة أمور:
أولاً: قوله: «سقط عنه الحد والتعزير» سقط عن الزوج الحد والتعزير، و «الواو» هنا بمعنى أو، يعني أو التعزير، فالحد إن كانت الزوجة محصنة، والتعزير إن كانت غير محصنة، فإذا كانت الزوجة محصنة فإنه يثبت عليه حد القذف ثمانون جلدة؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ، وإن لم تكن محصنة وجب عليه التعزير، بأن يعزره الإمام بما يردعه عن هذا العمل، حتى لو كان زوجها، والدليل على سقوط الحد عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يحد هلال بن أمية ولا عويمر العجلاني رضي الله عنهما؛ ولأن شهادته بمنزلة البينة.
ثانياً : قوله: «وثبتت الفرقة بينهما» هذا الأمر الثاني مما يترتب على اللعان أنه يفرق بينهما.
وقوله: «ثبتت الفرقة» ظاهره أنها لا تحتاج إلى تفريق الحاكم، يعني ما يحتاج إلى أن يقول الحاكم: فرقت بينكما، بل بمجرد اللعان تثبت الفرقة بين الزوج والزوجة، وهو كذلك.
ثالثاً : قوله: «بتحريم مؤبد» هذا الأمر الثالث مما يترتب على اللعان، أنها تحرم عليه تحريماً مؤبداً، فلا تحل له أبداً، لا بعد زوج ولا بدون زوج؛ للتالي:
أولاً : أن هذا هو مقتضى الأدلة السابقة التي ذكرناها من قبل، أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم فرق بينهما وحرَّمها عليه.
ثانياً : الدليل النظري، فنقول: كيف يمكن أن يلتئم شخصان، أحدهما يقول: إن الآخر زانٍ، والثاني يقول: إن الآخر قاذف وكاذب؟! فلا التئام بينهما.
وفي هذه الحال ـ حال التحريم المؤبد ـ هل يكون مَحْرَماً لها؟ لا؛ مع أن التحريم مؤبد؛ لأنه ليس من الأسباب المباحة؛ لأن الأسباب المباحة التي يَثبت بها التحريم المؤبد تُثْبِتُ المحرميةَ، وهي ثلاثة: النسب، والمصاهرة، والرضاع.
وهل يكون محرماً لبناتها؟ الجواب: يكون محرماً لبناتها إذا كان قد دخل بها؛ لأنهن ربائب، ويكون محرماً لأمهاتها ولو لم يدخل بها؛ لأن أمهات الزوجة يحرمن على الزوج بمجرد العقد، ويكنَّ محارم له.
رابعاً : انتفاء الولد، ولكن هل يشترط أن ينفيه أو لا؟ اختلف أهل العلم في ذلك، فقيل: إن نفاه ثبت انتفاؤه، وإن لم ينفه فالولد له، واستدل هؤلاء بقول النبي عليه الصلاة والسلام: «الولد للفراش» [(149)]، وهذا ولد على فراشه فيكون له.
وقال بعض العلماء: بل ينتفي الولد بمجرد اللعان وإن لم ينفه، ويكون انتفاء الولد هنا تبعاً للعان، كما أنه لا يحد حدَّ القذف لمن رماها به، بل يسقط حده تبعاً، فكذلك الولد ينتفي تبعاً، وهذا القول هو الصحيح، ولهذا الذين لاعنوا في عهد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يُلحق أولادهم بهم، بل صاروا يدعون لأمهاتهم لا لآبائهم.
مسألة : إذا ألحق الولد بأمه فقط، فكيف ترثه؟ هل ترثه ميراث أم، أو ميراث أم وأب، ويكون لها الفرض والباقي تعصيباً، أو يكون لها الفرض والباقي لأقرب عصبتها؟ في ذلك خلاف بين العلماء، فمن العلماء من يقول: إنها ترثه ميراث أم والباقي ـ إذا لم يكن له عصبة ـ يكون لعصبتها هي، أقربهم إليها عصباً يكون له، وانتبه لقولنا: إذا لم يكن له عصبة، فهل يتصور أن هذا الولد المنفي من جهة أبيه أن يكون له عصبة؟ نعم يتصور إذا كان له أولاد فإنهم يكونون عصبة له.
والصحيح أن الأم ترثه إرث أمٍّ عاصب لحديث: «تحوز المرأة ثلاثة مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه» [(150)]، وهذا الحديث وإن كان فيه ضعف لكن يؤيده المعنى؛ لأن عصبتها لا يدلون إلا بها فكيف يكون المدلي أقوى من المدلى به؟! وعلى هذا فإذا مات هذا الولد المنفي وليس له عصبة، فنقول: لأمه الثلث فرضاً والباقي تعصيباً، وعلى القول الثاني ـ وهو المذهب ـ أنها لا ترثه إلا ميراث أم فيكون لها الثلث فرضاً، والباقي لأولى رجل ذكر من عصبتها، فإذا كان لها أب وأخوة فالميراث للأب، وإذا كان لها جد وإخوة فالصحيح أن الميراث للجد، وعلى قول الذين يورثون الإخوة مع الجد يكون على حسب قولهم، لكن الصحيح أن الجد يكون بمنزلة الأب فيحجب الإخوة مطلقاً.
هذا الفصل من أهم الفصول في هذا الباب؛ وذلك أن الأصل فيما ولد على فراش الإنسان أنه ولده، والشُّبَهُ التي تعترض الإنسان في هذا الأمر يجب أن يلغيها، وأن لا يلقي لها بالاً؛ لأن الشرع يحتاط للنسب احتياطاً بالغاً؛ لأن عدم إلحاق الولد بأحد معناه أن يضيع نسبه، ويبقى مُعَيَّراً ممقوتاً بين الناس، ويحصل له من العُقَد النفسية والآلام ما لا يخفى؛ فلهذا كان حرص الشارع كبيراً على إلحاق النسب.



[144] أخرجه البخاري في الحدود/ باب كم التعزير والأدب؟ (6848)، ومسلم في الحدود/ باب قدر أسواط التعزير (1708) عن أبي بُردة رضي الله عنه.
[145] سبق تخريجه ص(17).
[146] أخرجه البخاري في البيوع/ باب تفسير المشبهات (2053)، ومسلم في الرضاع/ باب الولد للفراش وتوقي الشبهات (1457) عن عائشة رضي الله عنها.
[147] سبق تخريجه ص(294).
[148] أخرجه البخاري في العلم/ باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله (88) عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه.
[149] سبق تخريجه ص(299).
[150] أخرجه الإمام أحمد (3/106، 490)، وأبو داود في الفرائض/ باب ميراث ابن الملاعنة (2906)، والترمذي في الفرائض/ باب ما جاء ما يرث النساء من الولاء (2115)، وابن ماجه في الفرائض/ باب تحوز المرأة ثلاثة مواريث (2742)، عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، وصححه الحاكم (4/341)، ووافقه الذهبي، وانظر: فتح الباري (12/32) ط. دار الريان، وضعفه الألباني كما في الإرواء (1576).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, قذف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir