دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير سورة الفاتحة وجزء عم

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 شوال 1429هـ/24-10-2008م, 11:37 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير سورة الإخلاص

سورة الإخلاص
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}


  #2  
قديم 24 شوال 1429هـ/24-10-2008م, 11:39 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للعلامة / عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله

تفسيرُ سورةِ الإخلاصِ
(1-4){بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}
أي: {قُلْ}قولاً جازماً بهِ، معتقداً لهُ، عارفاً بمعناهُ {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي: قدِ انحصرتْ فيهِ الأحديةُ، فهوَ الأحدُ المنفردُ بالكمالِ، الذي لهُ الأسماءُ الحسنى، والصفاتُ الكاملةُ العليا، والأفعالُ المقدسةُ، الذي لا نظيرَ لهُ ولا مثيلَ.
{اللَّهُ الصَّمَدُ}أي: المقصودُ في جميعِ الحوائجِ، فأهلُ العالمِ العلوي والسفلي مفتقرونَ إليهِ غايةَ الافتقارِ، يسألونهُ حوائجهمْ، ويرغبونَ إليهِ في مهماتهمْ؛ لأنَّهُ الكاملُ في أوصافهِ، العليمُ الذي قدْ كَمُلَ في علمهِ، الحليمُ الذي قدْ كملَ في حلمهِ، الرحيمُ الذي [كملُ في رحمتهِ الذي] وسعتْ رحمتهُ كلَّ شيءٍ، وهكذا سائرُ أوصافهِ.
ومنْ كمالهِ أنَّهُ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لكمالِ غناهُ.
{وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}لا في أسمائهِ ولا في أوصافهِ، ولا في أفعالهِ، تباركَ وتعالى.
فهذهِ السورةُ مشتملةٌ على توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ.


  #3  
قديم 24 شوال 1429هـ/24-10-2008م, 11:41 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير لفضيلة الشيخ / محمد بن سليمان بن عبدالله الأشقر


سُورَةُ الإِخْلاصِ
أَخْرَجَ أَحْمَدُ والبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: ((أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟)) فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثُلُثُ الْقُرْآنِ)).
1- {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قَالَ الْمُشْرِكُونَ: يَا مُحَمَّدُ، انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ. أَي: اذْكُرْ لَنَا نَسَبَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ، فَالْمَعْنَى: إِنْ سَأَلْتُمْ تَبْيِينَ نِسْبَتِهِ فَهُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؛ أَيْ: وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ.
2- {اللَّهُ الصَّمَدُ} الصَّمَدُ: هُوَ الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الحاجاتِ؛أَيْ: يُقْصَدُ؛ لِكَوْنِهِ قَادِراً عَلَى قَضَائِهَا.
عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الصَّمَدُ: السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدَدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالعظيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ، والحليمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَالْجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، والعالِمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، والحكيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، هَذِهِ صِفَةٌ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لَهُ، لَيْسَ لَهُ كُفُوٌ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الصَّمَدُ: السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ السُّؤْدَدُ، فَلا سَيِّدَ فَوْقَهُ.
3- {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}؛ أَيْ: لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ وَلَدٌ، وَلَمْ يَصْدُرْ هُوَ عَنْ شَيْءٍ؛ لأَنَّهُ لا يُجَانِسُهُ شَيْءٌ، ولاستحالةِ نِسْبَةِ العدمِ إِلَيْهِ سَابِقاً وَلاحِقاً؛ فَإِنَّ المولودَ كَانَ مَعْدُوماً قَبْلَ أَنْ يُولَدَ؛ أَيْ: فَلَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى أبٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَوْلادٌ فَيُنْسَبُونَ إِلَيْهِ.
قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ قَالُوا: الْمَلائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ.وَقَالَتِ الْيَهُودُ: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ. وَقَالَتِ النَّصَارَى: المسيحُ ابْنُ اللَّهِ. فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}.
4- {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}: لا يُسَاوِيهِ أَحَدٌ وَلا يُمَاثِلُهُ وَلا يُشَارِكُهُ فِي شَيْءٍ.


  #4  
قديم 24 شوال 1429هـ/24-10-2008م, 11:47 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير جزء عم لفضيلة الشيخ / مساعد بن سليمان الطيار

المتن :

سورة الإخلاص
ذُكِرَ أنَّ الكفَّارَ قالوا: (يا محمد انسِبْ لنا ربَّكَ) فنزلَت هذه السُّورة(1).
ومِنْ فَضْلِ هذه السُّورةِ:
أنها تعدِلُ ثُلُثَ القرآن، وأنها تُقرأُ في صلاة الوتر، وسُنَّة الفجر، وسنَّة الطَّواف، وفي أذكارِ الصبَاح والمساء، وأذكارِ دُبُر الصَّلَوات.
1-قولُه تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي: قُلْ يا محمد: ربي هو اللهُ الذي له العِبادة، لا تنبغي إلاَّ له، ولا تصلُحُ لغيرِه، المتَّصِفُ بالأحَدِيَّة دون سِواه، لا مثيلَ له، ولا نِدَّ، ولا صاحبةَ ولا ولد(2).
2-قولُه تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} أي: الله الموصوفُ بالأَحَدِيَّة، هو السيِّدُ الذي قد انتهى في سُؤدَدِه، والغني الذي قد كَمُلَ في غِناه، فلا يَحْتَاجُ ما يحتاجُهُ خلقُه من الصَّاحِبةِ والولدِ، ولا من المأكلِ والمَشْرَبِ، ولا من غيرِها، فهو الذي قد كَمُلَ في أنواعِ الشَّرَفِ والسُّؤْدَدِ، وهو الله هذه صِفته، لا تنبغي إلاَّ له(3).
3- 4 قولُه تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} أي: هذا المعبودُ بحقٍّ ليس ممن يولَد فَيَفْنَى، ولا هو بمُحدَثٍ لم يكن فكان، بل هو الأولُ الذي ليس قبلَه شيء، والآخِرُ الذي ليس بعدَه شيء. ولم يكن له مثيلٌ يكافِئه في أسمائِه وصفاتِه وأفعالِه.


الحاشية :
(1)ورد ذلك عن أُبي بن كعب من طريق أبي العالية، وعكرمة من طريق يزيد، وأبي العالية من طريق الربيع بن أنس، وجابر من طريق الشعبي.
وورد عن سعيدِ بن جُبير وقتادة أن السائلَ همُ اليهود، والله أعلم.
(2)لا يُطلقُ لفظ (أحد) مُنَكَّراً وعلى الإثباتِ إلا على الله سبحانه، أما إذا دخلَه نفيٌ أو استفهامٌ أو شرطٌ أُطلِقَ على غيره؛ كقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الصمد: 4].
-وقوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98].
-وقوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6].
وهو أخصُّ من اسمِه (الواحِد) الذي يرِدُ في الإثبات وغيره، ويرد منكَّراً ومُعَرَّفاً.
(3)اختلفَت عبارةُ السلفِ في تفسير الصَّمد على أقوال:
الأول: الذي لا جَوْفَ له، ورد ذلك عن بريدة الأسلمي من طريق ابنه عبد الله، وابن عباس من طريق عطية العوفي من غير طريقِهِ المشهور، ومجاهد من طريق منصور وابن أبي نجيح، والحسن من طريق الربيع بن مسلم، وسعيد بن جبير من طريق إبراهيم بن ميسرة، والشعبي من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والضحَّاك من طريق سلمة بن نبيط وعبيد المكتّب، وسعيد بن المسيب من طريق المستقيم بن عبد الملك، وعكرمة من طريق معمر.
الثاني:الذي لا يخرجُ منه شيء، وردَ ذلك عن عكرمة من طريق أبي رجاء محمد بن يوسف.
الثالث:الذي لم يلد ولم يولد، ورد ذلك عن أبي العالية من طريق الربيع بن أنس.
الرابع:السيِّدُ الذي قد انتهى في سُؤدَدِه، ورد ذلك عن أبي وائل شقيق من طريق الأعمش، وابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة.
الخامس:الباقي الذي لا يفنَى، ورد ذلك عن الحسن وقتادة من طريق سعيد، وقتادة من طريق معمر: الدائم.
وقد وردت عباراتٌ في تفسير بعضِهم؛ كالمُصْمَتِ الذي لا جوفَ له، والذي لا يأكلُ ولا يشربُ، والذي لا حَشْوَةَ له.
وهذا الاختلافُ من اختلافِ التنوع الذي يكونُ في العبارةِ لا المعنى؛ لأنَّ هذه الأقوال ترجع إلى معنىً واحد، وهو غِنى الله عن ما يحتاجه خلقه، لكمالِ سُؤدَدِه.
ولا يَهُولَنَّكَ إنكارُ بعض الخَلَفِ لبعض هذه المعاني الوارِدة عن السلف،وزعمُهم أن هذه الأقوال لا تساعدُ عليها اللغة، وهذا قولُ من لم يفهم تفسيرَ السلفِ، ولا استفادَ منه في ثبوتِ معاني ألفاظ اللغة من تفسيراتهم، والله أعلم.


  #5  
قديم 24 شوال 1429هـ/24-10-2008م, 11:53 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير فضيلة الشيخ / عبدالعزيز السعيد (مفرغ)

القارئ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (4) وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (5)}
الشيخ:
هذه السورة يسميها بعض العلماء (نسبَ) الله جل وعلا، وقد جاء في حديثٍ حسنه بعض العلماء بمجموع طرقه: (أن المشركين قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: انسب لنا ربك) وفي رواية: (صف لنا ربك) فأنزل الله -جل وعلا- هذه السورة.
وهذه السورة تشتمل على توحيد الله -جل وعلا- في أسمائه وصفاته،ولهذا كان بعض العلماء يشرح قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه السورة بأنها تعدل ثلث القرآن، يقول: (إن القرآن أحكام، ووعد ووعيد، وتوحيد في الأسماء والصفات) وهذه السورة توحيد في الأسماء والصفات، إذن فهي ثلث القرآن.
فأمر الله -جل وعلا- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يعني: أن الله -جل وعلا- أحدٌ لا يشاركه شيءٌ من خلقه، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا في أسمائه، ولا في أحكامه وتدبيره، فهو -جل وعلا- واحدٌ لا مثيل له، ولا نظير له جل وعلا.
فهو المتفرد بالألوهية، فلا يستحق العبادة سواه، وهو المتفرد بالربوبيه، فلا يخلق ولا يدبر إلا هو جل وعلا.
وهو -جل وعلا- الواحد في أسمائه وصفاته، فلا أحد من خلقه يشبهه، كما أنه -جل وعلا- لا يشبه أحداً من خلقه، بل هو -جل وعلا- المتفرد بصفات الكمال، ونعوت الجلال، والأسماء البالغة غاية الحُسن والجمال.
ثم قال -جل وعلا-:{اللَّهُ الصَّمَدُ} يعني: أنه -جل وعلا- السيد الذي قدكمل سؤدده، وأنه الصمد الذي تصمد إليه الخلائق في حاجاتهم؛ لأن شريف القوم وسيدهم يلجأ إليه أهل قبيلته وأهل عشيرته في حوائجهم، والله -جل وعلا- هو الذي له السؤدد الكامل على خلقه، فلذلك الخلق أجمعون يصمدون إليه -جل وعلا- لحوائجهم.

وكذلك -جل وعلا- لمَّا كان الخلق يصمدون إليه ويلجأون إليه وهو المتفرد بكمال السؤدد، كان -جل وعلا- هو الباقي، فخلقه يهلكون، وهو -جل وعلا- يبقى.
وهذا ما يدور عليه معنى الصمد في تفاسير العلماء، وكلها حق ثابتة لله جل وعلا.

ويزيد بعضهم بأن الصمد هو الذي لاجوف له، بمعنى: أنه لا يحتاج إلى طعام ولا إلى شراب، وهذا أيضاً حق، كما قال الله -جل وعلا-: {مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} فالله -جل وعلا- لكونه متفرداً بصفات الكمال كان له السؤدد المطلق، وكانت الخلائق تلجأ إليه، وكان -جل وعلا- لا يحتاج إلى خلقه، بل الخلق هم المحتاجون إليه، والطعام والشراب من خلق الله؛ فلذلك لا يحتاج ربنا -جل وعلا- إلى طعام ولا إلى شراب.
ثم قال -جل وعلا-:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} أي: أن الله -جل وعلا- لم يلد أحداً؛ لأنه -جل وعلا- ليست له صاحبة، كما قال -جل وعلا-: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}وفي هذه الآية ردٌّ على المشركين، وعلى اليهود والنصارى، الذين زعموا أن لله ولداً.
كما قال الله -جل وعلا- إخباراً عن اليهود والنصارى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} وقال -جل وعلا- في شأن المشركين: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فهذه الآية ردٌّ عليهم؛ لأن الولد يخرج من شيئين متماثلين أو متقاربين، والله -جل وعلا- لا يماثله شيء ولا يقاربه شيء، فلهذا لم تكن له صاحبة، ولم يكن له ولد.
ثم أخبر -جل وعلا- أنه لم يولد؛ بل هو -جل وعلا- الخالق للخلائق، والمولود مخلوق، والله -جل وعلا- هو الخالق؛ فلهذا لم يولد جل وعلا.
{وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}أي: أن الله -جل وعلا- ليس له نظير، ولا مماثل ولا شبيه، لا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا في خلقه، ولا في تدبيره، ولا في حكمته، ولا في مشيئته، ولا في علمه، ولا في ألوهيته، ولا ربوبيته، ولا في أي شيءٍ من صفاته أو أسمائه، بل له -جل وعلا- الكمال المطلق:
-كما قال الله -جل وعلا-: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
-وقال -جل وعلا-: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}.
-{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وهذه السورة تضمنت إثبات الكمال لله جل وعلا، ونفي النقائص عنه جل وعلا، وهذا هو مدار توحيد الأسماء والصفات، فتوحيد الأسماء والصفات أن يثبت العبد الكمال لله، وأن ينفي النقص عن الله جل وعلا.
فقوله -جل وعلا-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1) اللَّهُ الصَّمَدُ(2)} هذا فيه إثبات الكمال لله.
وقوله -جل وعلا-: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ(4)} هذا فيه نفي النقائص والعيوب عن الله جل وعلا؛ ولهذا أهل السنة مستمسكون بهذه السورة في باب توحيد الأسماء والصفات، فيثبتون لله -جل وعلا- ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، إثباتاً يليق بجلاله، وينفون عن الله ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، على حدِّ هذه السورة وما يماثلها من الآيات.
فأهل السنة والجماعة يلتزمون هذه السورة وغيرها من آيات الصفات، ويثبتون لله -جل وعلا- ما أثبته لنفسه، ويأخذون بظاهر هذه النصوص، لأن الأصل في خطاب الله -جل وعلا- لخلقه أن يخاطبهم بلغتهم.

وقد خاطب الله -جل وعلا- العرب بهذا القرآن العظيم والأصل في هذه الألفاظ أن يراد بها ظاهرها، لا يراد بها معنىً آخر، ولا يجوز لنا أن نصرفها عن معناها الظاهر لغيره إلا بدليلٍ صحيح من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
فمن أوَّل شيئاً من صفات الله جل وعلا وقال: إن اليد بمعنى النعمة، أو أن الرحمة يراد بها: إرادة الإنعام، أو أن الغضب يراد به الانتقام، فيقال له: أأنت أعلم أم الله؟ وهل الله -جل وعلا- يخاطب عباده بما لا يفقهون؟ أو يخاطبهم -جل وعلا- بما لا يريده منهم.
ولهذا كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-والتابعون لهم بإحسان يسمعون آيات الصفات تتلى عليهم فلا يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تأويلها؛ لأن تأويلها هو تلاوتها عليهم، فهم يفقهونها من ظواهرها.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- أنه قرأ من التفاسير ما يزيد على مائة من صغير وكبير، وقرأ في كتب الأحاديث، وما أُثر عن السلف في باب الاعتقاد، فلم يجد بينهم اختلافاً في تأويل نصوص الصفات من آيات الكتاب أو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، بل كلهم متفقون على إثباتها لله جل وعلا.
لكن هذه الصفات كما قال سلف هذه الأمة: (أمروها على ظاهرها) بمعنى: أننا نعلم ظاهرها ونفهمه من لغة العرب، وهذا الظاهر لا ينزل على ما ظهر لنا، ولكن ينزل على الظاهر من لغة القرآن التي بُعث بها نبينا صلى الله عليه وسلم.
فإذا قالوا: (يراد بهذه النصوص ظاهرها) إنما يعنون بذلك ما ظهر منها باللسان العربي المبين الذي أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يتبادر إلى فهم السامع أول ما يسمع هذه النصوص تتلى عليه، ثم إن هذه الظواهر النصوص لها معاني ليست مجردة عن المعاني، كما يصنعه أهل التفويض، يفوضون هذه النصوص ويقولون: (نثبت ألفاظاً دون معاني) وهذا غلط، بل لها معاني، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- بيَّن ذلك في سنته لما تلا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} وضع -صلى الله عليه وسلم- إبهاميه على أذنيه ووضع السبابتين على العينين.
ولما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قَبض الله جل وعلا، وطي السماوات، بيَّن ذلك -صلى الله عليه وسلم- بيده، وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن الرب -جل وعلا- يتكفأ السماوات يوم القيامة كالخبزة في يده، وأشار إلى ذلك صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس مراده -صلى الله عليه وسلم- ذكر الكيفية؛ لأن الله -جل وعلا- ليس له مثيل، ولكن ليبين أن هذه لها معاني، وأنها تدل على معاني؛ ولهذا يُفهم من هذه الظواهر معانيها المعروفه في لغة العرب.
وهذه المعاني لا تُستفاد من اللفظ مجرداً، وإنما تستفاد من النص في سياقه، وتستفاد من القرائن،سواءً كانت القرائن المنفصلة أو المتصلة، فيفهم الإنسان أن لهذه النصوص معاني، وهذه المعاني معروفة في لغة العرب.
فإذا قال قائل:(إن الله -جل وعلا- أخبرنا أن له يداً) فيقال:هذه اليد لا يجوز للعبد أن يقول: المراد بها نعمة الله؛ لأن هذا صرف عن اللفظ عن ظاهره لغير دليل، وإنما يُراد بها يدٌ حقيقية لله جل وعلا، يفهم معناها من لغة العرب.
فاليد في لغة العرب معروفة،لكن هذه اليد بحسب من أُضيفت إليه، فإذا قيل: يد الله، فالمراد بها يدٌ تليق بجلاله، ويد الإنسان: الإنسان له يد تليق به، ويد الشاة: الشاة لها يد تماثلها من جنسها، وإذا قيل: يد البعوضة فلها يد تماثلها، والعرب تفهم مِنَ اليد مثل هذه الأشياء، لكن القرآئن هي التي تقطع بذلك، لكن في حق الله -جل وعلا- نقول: كيفية هذه اليد مجهولة لنا، لا ندري كيفية يد الله جل وعلا؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً}.
فلا أحد من العباد يحيط بالله جل وعلا،ولا يدرك هذه الكيفية، وإنما نعلم هذه المعاني، ولهذا كان السلف يثبتون اللفظ، فلا يثبتون من الألفاظ إلا ما أثبته الله، أو أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا أخبرنا الله -جل وعلا- أنه له يداً، أثبتوا هذه اللفظة وأن الله له يد، وإذا أخبرنا -جل وعلا- أن له رحمة أثبتوا هذه الرحمة.
وإذا أثبت لنا -صلى الله عليه وسلم- أن لربنا رجلاً، أثبتوا له رجلاً، وإذا أثبت قدماً، أثبتوا قدماً، ثم إنهم يعلمون أن هذه القدم لها معنىً معروف، هو المتبادر عند الذهن إذا أُطلق وهو معروف، لكن هذه المعرفة تُعرف بلسان العرب، وبحسب القرائن، وبحسب من أضيف إليه.
ثم إنهم يقولون: (إن كيفيتها مجهولةٌ لنا) كما نقل عن كثير منهم: أن الكيف غير معلوم، لكنَّ الإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، ولعظمة الله -جل وعلا- لا يستطيع العباد أن يدركوا هذه الكيفيات؛ ولهذا موسى -عليه السلام- لما سأل ربه أن ينظر إليه، قال ربه: {لَنْ تَرَانِي} والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما سُئل هل رأيت ربك؟ قال: ((نورٌ أنى أراه)).
لكن في الآخرة يرى العباد ربهم بحسب ما يعطيهم الله جل وعلا، أما في الدينا فلن يراه أحد حتى يموت، فهذه الكيفيات تُثبت، ونصوص الصفات تُثبت كما جاءت في كتاب الله جل وعلا.
لكن أحياناً يرد عن بعض السلف تفسير آية الصفة بلازمها، فإذا قال الله -جل وعلا-: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}وقال بعض السلف: (بمرأى منا) فهذا يعني: أنه فسرها باللازم، ولا يدل على أنه ينفي صفة العين عن الله جل وعلا؛ لأن من لازم العين الرؤية.

وإذا نقل عن بعضهم تفسير اليد بأن الله -جل وعلا- إذا قيل {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} يعني: بقدرته وسلطانه، فهذا لا يعني أنه لا يُثبت اليد لله -جل وعلا- في هذه الآية.
ولكن من لازم اليد القدرة على الشيء، ويدل على صحة هذا وهو أن السلف يثبتون بهذه الآيات نصوص الصفات بمثل:
-قوله -جل وعلا-: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}.

-{بِيَدِكَ الْخَيْرُ}.
-{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}.
-{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}.
-{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}.
وغيرها من الصفات التي ذكرها الله -جل وعلا- في كتابه، أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، مما يدل على أنهم يثبتون، أنهم في كتبهم التي ألفوها في ذكر صفات الله -جل وعلا- يستدلون بهذه الآيات.
ثم إن هذه الآيات لو سأل سائل فقيل: هل يجوز لنا إذا قال قائل:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} أن نقول: ليس بيده الملك؟
هذا لا يجوز لأحد، لا يحل لأحدٍ أن ينفيَ هذا مطلقاً.
وإذا قال الله -جل وعلا-: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} فهل يجوز لأحد أن يقول في مثل هذه الآية: لا يبقى وجه الله؛ لأنه ليس المراد الوجه، هذا لا يقوله أحد مطلقاً، فدل ذلك على أن الشيء إذا لم يجز أن ينفى فإنه حقيقة.

الشيء الذي لا يجوز نفيه يدل على أنه حقيقة وليس بمجاز،ولهذا لا يجوز في مثل هذه الآيات أن ننفيها، لا يجوز لنا إذا أخبرنا الله -جل وعلا- أن له رحمة، أن ننفي عن الله جل وعلا الرحمة.
وإذا لم يجز أن ننفي مثل هذه الأشياء، دل ذلك على أنها حقيقة، ولكن مثل هذه الآيات {بِيَدِهِ الْمُلْكُ}، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}هذه نثبت بها الصفة التي وردت فيها، ولهذا السلف يستدلون بها على إثبات آيات الصفات، ولكن المعنى العام للآية يكون أوسع أحياناً؛ لأن لوازم الصفة أحياناً يستدل بها، فاليد مثلاً هي يد لله جل وعلا، ونثبت لله -جل وعلا- بالآيات بأن له يداً.
فإذا قال: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}فنثبت أن لله جل وعلا يداً، ومن لازم هذه اليد أنها تفعل الخير، ثم إنه في لغة العرب أن مثل هذه الآيات إذا قيل: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}،{بِيَدِهِ الْمُلْكُ}، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} هذه لا يجوز إضافتها إلا لمن كانت هذه الأشياء تضاف إليه حقيقة، وأما إذا لم تضف إليه حقيقة فلا بد من وجود القرينة الدالة، أو الدليل الدال على أنها لا تراد حقيقة في حق هذا الذي أضيفت له مثل هذه الصفات.
فالشاهد:أن مثل الآيات التي وردت فيها الصفات مذهب السلف الصالح أنهم يثبتون الصفات الواردة فيها، ويستدلون بها على إثبات الصفات.
وأن ما جاء عن بعض السلف من تفسير بعض آيات الصفات باللازم، فهذا لا ينفي أنهم يثبتون هذه الصفات لله جل وعلا، وما نقل عن بعض السلف من نفي بعض الصفات فهو:
- إما لوجود الدليل الدال الصريح من الكتاب والسنة على أن هذا غير مراد.
-أو لأن الخبر بها لم يثبت إذا كان حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكون النقل عن ذلك الإمام لم يثبت إليه.
فدلت هذه السورة - سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} - على أن الله جل وعلا يجب أن يثبت له الكمال المطلق، وأن ينفى عنه جميع ما فيه عيب أو نقص.


  #6  
قديم 24 شوال 1429هـ/24-10-2008م, 12:01 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير فضيلة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين ( رحمه الله تعالى ) صوتي



  #7  
قديم 17 صفر 1430هـ/12-02-2009م, 12:51 AM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي العناصر

تفسير سورة الإخلاص
من فضائل سورة الإخلاص

ما قيل في وجه كون هذه السورة تعدل ثلث القرآن
سبب نزول سورة الإخلاص
تفسير قول الله تعالى: ( قل هو الله أحد )
متى يطلق لفظ (أحد) على الله وحده ومتى يطلق على غيره ؟
تفسير قول الله تعالى : ( الله الصمد )
أقوال السلف في تفسير الصَّمد
ما يدل عليه قوله تعالى: ( قل هو الله أحد . الله الصمد )
منهج أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته
منهج الصحابة والتابعين في آيات الصفات
معنى قول السلف: ( أمروها على ظاهرها )
تفسير الصفة بلازمها لا يدل على نفي الصفة مع الأمثلة
المثال الأول : إثبات السمع والبصر .
المثال الثاني : إثبات اليد .
المثال الثالث : إثبات الرجل .
مثال عدم إدراك العباد الكيفيات
تفسير قول الله تعالى : ( لم يلد ولم يولد )
تفسير قول الله تعالى : ( ولم يكن له كفواً أحد )
ما يدل عليه قوله تعالى: ( لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفواً أحد )
بيان ما تضمنته سورة الإخلاص
دلالة هذه السورة على ثبوت الكمال المطلق لله جل وعلا
سبب نزول المعوذتين
من فضائل المعوذتين

  #8  
قديم 17 صفر 1430هـ/12-02-2009م, 12:52 AM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي الأسئلة

الأسئلة

سورة الإخلاص
س1: ما سبب نزول سورة الإخلاص؟
س2: لم سميت سورة الإخلاص بهذا الاسم؟
س3: اذكر شيئاً من فضائل سورة الإخلاص.
س4: ما المواضع التي يسنُّ فيها قراءة سورة الإخلاص؟
س5: فسر السورة تفسيراً إجمالياً.
س6: اذكر ما يستفاد من هذه السورة العظيمة.
س7: من أسماء الله الحسنى(الصمد)، اذكر أقوال السلف في بيان معنى هذا الاسم العظيم، ثم اذكر ما يقتضيه من أنواع العبودية لله تعالى.
س8: تحدث باختصار عن دلائل التوحيد في هذه السورة العظيمة.
س9: في قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ردٌّ على ثلاث طوائف، اذكرها، وبيِّن وجه الرد عليها.
س10: ما وجه كونِ سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ؟
س11: اذكر مع الأمثلة: منهج الصحابة والتابعين في آيات الصفات.
س12: هل يفهم من تفسير الصفة بلازمها عدم إثبات الصفة؟


  #9  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 07:36 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة الإخلاصوهي مكّيّةٌ.
ذكر سبب نزولها وفضيلتها
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو سعدٍ محمّد بن ميسّرٍ الصّاغانيّ، حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، حدّثنا الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّ المشركين قالوا للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمد، انسب لنا ربّك؟ فأنزل اللّه: {قل هو اللّه أحدٌ اللّه الصّمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحدٌ}.
وكذا رواه التّرمذيّ وابن جريرٍ، عن أحمد بن منيعٍ -زاد ابن جريرٍ: ومحمود بن خداشٍ- عن أبي سعدٍ محمّد بن ميسّرٍ به.
زاد ابن جريرٍ والتّرمذيّ، قال: {الصّمد}: الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيءٌ يولد إلاّ سيموت، وليس شيءٌ يموت إلاّ سيورّث، وإنّ اللّه جلّ جلاله لا يموت ولا يورّث، {ولم يكن له كفواً أحدٌ}: ولم يكن له شبهٌ ولا عدلٌ، وليس كمثله شيءٌ.
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث أبي سعدٍ محمد بن ميسّرٍ به، ثم رواه التّرمذيّ عن عبد بن حميدٍ، عن عبيد اللّه بن موسى، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية... فذكره مرسلاً، ولم يذكر "أخبرنا". ثمّ قال التّرمذيّ: وهذا أصحّ من حديث أبي سعدٍ.
حديثٌ آخر في معناه.
قال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا سريج بن يونس، حدّثنا إسماعيل بن مجالدٍ، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ، عن جابرٍ، أنّ أعرابيًّا جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: انسب لنا ربّك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ}. إلى آخرها. إسناده مقاربٌ.
وقد رواه ابن جريرٍ، عن محمد بن عوفٍ، عن سريجٍ.. فذكره، وقد أرسله غير واحدٍ من السلف.
وروى عبيد بن إسحاق العطّار، عن قيس بن الرّبيع، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن ابن مسعودٍ قال: قالت قريشٌ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: انسب لنا ربّك. فنزلت هذه السورة: {قل هو اللّه أحدٌ}.
قال الطّبرانيّ: رواه الفريابيّ وغيره عن قيسٍ، عن أبي عاصمٍ، عن أبي وائلٍ مرسلاً.
ثم روى الطّبرانيّ من حديث عبد الرحمن بن عثمان الطّائفيّ، عن الوازع بن نافعٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لكلّ شيءٍ نسبةٌ، ونسبة اللّه: {قل هو اللّه أحدٌ})).
حديثٌ آخر في فضلها
قال البخاريّ: حدّثنا محمدٌ -هو الذّهليّ- حدّثنا أحمد بن صالحٍ، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرنا عمرٌو، عن ابن أبي هلالٍ، أنّ أبا الرّجال محمد بن عبد الرحمن حدّثه عن أمّه عمرة بنت عبد الرحمن، وكانت في حجر عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، عن عائشة، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعث رجلاً على سريّةٍ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ: {قل هو اللّه أحدٌ}، فلمّا رجعوا ذكروا ذلك للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ((سلوه لأيّ شيءٍ يصنع ذلك)). فقال: لأنّها صفة الرّحمن، وأنا أحبّ أن أقرأ بها. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((أخبروه أنّ اللّه تعالى يحبّه)).
هكذا رواه في كتاب (التّوحيد)، ومنهم من يسقط ذكر محمدٍ الذّهليّ، ويجعله من روايته عن أحمد بن صالحٍ، وقد رواه مسلمٌ والنّسائيّ أيضاً من حديث عبد اللّه بن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلالٍ به.
حديثٌ آخر
قال البخاريّ في كتاب (الصلاة): وقال عبيد اللّه، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: كان رجلٌ من الأنصار يؤمّهم في مسجد قباءٍ، فكان كلّما افتتح سورةً يقرأ بها لهم في الصلاة ممّا يقرأ به، افتتح بـ:{قل هو اللّه أحدٌ}. حتّى يفرغ منها، ثمّ كان يقرأ سورةً أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كلّ ركعةٍ؛ فكلّمه أصحابه فقالوا: إنّك تفتتح بهذه السّورة، ثمّ لا ترى أنّها تجزئك حتّى تقرأ بالأخرى؟! فإمّا أن تقرأ بها وإمّا أن تدعها وتقرأ بأخرى. فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمّكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم.
وكانوا يرون أنّه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمّهم غيره، فلمّا أتاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبروه الخبر؛ فقال: ((يافلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما حملك على لزوم هذه السّورة في كلّ ركعةٍ؟)). قال: إنّي أحبّها. قال: ((حبّك إيّاها أدخلك الجنّة)).
هكذا رواه البخاريّ تعليقاً مجزوماً به.
وقد رواه أبو عيسى التّرمذيّ في جامعه، عن البخاريّ، عن إسماعيل بن أبي أويسٍ، عن عبد العزيز بن محمدٍ الدّراورديّ، عن عبيد اللّه بن عمر.. فذكر بإسناده مثله سواءً، ثمّ قال التّرمذيّ: غريبٌ من حديث عبيد اللّه عن ثابتٍ.
قال: وروى مبارك بن فضالة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ أنّ رجلاً قال: يا رسول اللّه، إنّي أحبّ هذه السّورة: {قل هو اللّه أحدٌ}. قال: ((إنّ حبّك إيّاها أدخلك الجنّة)).
وهذا الذي علّقه التّرمذيّ قد رواه الإمام أحمد في مسنده متّصلاً، فقال: حدّثنا أبو النّضر، حدّثنا مبارك بن فضالة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: جاء رجلٌ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّي أحبّ هذه السّورة: {قل هو اللّه أحدٌ}. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((حبّك إيّاها أدخلك الجنّة)).
حديثٌ في كونها تعدل ثلث القرآن.
قال البخاريّ: حدّثنا إسماعيل، حدّثني مالكٌ، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيدٍ، أنّ رجلاً سمع رجلاً يقرأ: {قل هو اللّه أحدٌ}. يردّدها، فلمّا أصبح جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر ذلك له، وكأنّ الرجل يتقالّها، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((والّذي نفسي بيده إنّها لتعدل ثلث القرآن)). زاد إسماعيل بن جعفرٍ، عن مالكٍ، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه، عن أبيه، عن أبي سعيدٍ قال: أخبرني أخي قتادة بن النّعمان، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد رواه البخاريّ أيضاً عن عبد اللّه بن يوسف والقعنبيّ.
ورواه أبو داود عن القعنبيّ، والنّسائيّ عن قتيبة، كلّهم عن مالكٍ به. وحديث قتادة بن النّعمان أسنده النّسائيّ من طريقين، عن إسماعيل بن جعفرٍ، عن مالكٍ به.
حديثٌ آخر.
قال البخاريّ: حدّثنا عمر بن حفصٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، حدّثنا إبراهيم والضّحّاك المشرقيّ، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرأن في ليلةٍ؟)). فشقّ ذلك عليهم وقالوا: أيّنا يطيق ذلك يا رسول اللّه؟! فقال: ((اللّه الواحد الصّمد ثلث القرآن)).
تفرّد بإخراجه البخاريّ من حديث إبراهيم بن يزيد النّخعيّ والضّحّاك بن شرحبيل الهمدانيّ المشرقيّ، كلاهما عن أبي سعيدٍ، قال الفربريّ: سمعت أبا جعفرٍ محمّد بن أبي حاتمٍ ورّاق أبي عبد اللّه قال: قال أبو عبد اللّه البخاريّ: عن إبراهيم مرسلٌ، وعن الضّحّاك مسندٌ.
حديثٌ آخر
قال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن إسحاق، حدّثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: بات قتادة بن النّعمان يقرأ اللّيل كلّه بـ: {قل هو اللّه أحدٌ}. فذكر ذلك للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: ((والّذي نفسي بيده إنّها لتعدل نصف القرآن، أو ثلثه)).
حديثٌ آخر
قال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا حييّ بن عبد اللّه عن أبي عبد الرحمن الحبليّ، عن عبد اللّه ابن عمرٍو، أنّ أبا أيّوب الأنصاريّ كان في مجلسٍ وهو يقول: ألا يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كلّ ليلةٍ؟ فقالوا: وهل يستطيع ذلك أحدٌ؟! قال: فإنّ {قل هو اللّه أحدٌ} ثلث القرآن. قال: فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يسمع أبا أيّوب، فقال: ((صدق أبو أيّوب)).
حديثٌ آخر
قال أبو عيسى التّرمذيّ: حدّثنا محمد بن بشّارٍ، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا يزيد بن كيسان، أخبرني أبو حازمٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((احشدوا؛ فإنّي سأقرأ عليكم ثلث القرآن)). فحشد من حشد، ثمّ خرج نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ: {قل هو اللّه أحدٌ}. ثم دخل، فقال بعضنا لبعضٍ: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((فإنّي سأقرأ عليكم ثلث القرآن)). إنّي لأرى هذا خبراً جاء من السّماء. ثمّ خرج نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ((إنّي قلت: سأقرأ عليكم ثلث القرآن؛ ألا وإنّها تعدل ثلث القرآن)).
وهكذا رواه مسلمٌ في صحيحه، عن محمد بن بشّارٍ به. وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. واسم أبي حازمٍ سلمان.
حديثٌ آخر
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرحمن بن مهديٍّ، عن زائدة بن قدامة، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن الربيع بن خثيمٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن امرأةٍ من الأنصار، عن أبي أيّوب، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلةٍ؟ فإنّه من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ اللّه الصّمد} في ليلةٍ، فقد قرأ ليلتئذٍ ثلث القرآن)). هذا حديثٌ تساعيّ الإسناد للإمام أحمد، ورواه التّرمذيّ والنّسائيّ، كلاهما عن محمد بن بشّارٍ بندارٍ- زاد التّرمذيّ: وقتيبة- كلاهما عن عبد الرحمن بن مهديٍّ به، فصار لهما عشاريًّا.
وفي رواية التّرمذيّ: عن امرأة أبي أيّوب، عن أبي أيّوب به، ثم قال: وفي الباب عن أبي الدّرداء وأبي سعيدٍ وقتادة بن النّعمان وأبي هريرة وأنسٍ وابن عمر وأبي مسعودٍ.
وهذا حديثٌ حسنٌ، ولا نعلم أحداً روى هذا الحديث أحسن من رواية زائدة، وتابعه على روايته إسرائيل والفضيل بن عياضٍ.
وقد روى شعبة وغير واحدٍ من الثقات هذا الحديث عن منصورٍ، واضطربوا فيه.
حديثٌ آخر
قال أحمد: حدّثنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعبٍ، أو رجلٍ من الأنصار، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من قرأ بـ: {قل هو اللّه أحدٌ}. فكأنّما قرأ بثلث القرآن)).
ورواه النّسائيّ في (اليوم واللّيلة) من حديث هشيمٍ، عن حصينٍ، عن ابن أبي ليلى به. ولم يقع في روايته هلال بن يسافٍ.
حديثٌ آخر
قال الإمام أحمد: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي قيسٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن أبي مسعودٍ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (({قل هو اللّه أحدٌ} تعدل ثلث القرآن)).
وهكذا رواه ابن ماجه، عن عليّ بن محمدٍ الطّنافسيّ، عن وكيعٍ به. ورواه النّسائيّ في اليوم والليلة من طرقٍ أخر، عن عمرو بن ميمونٍ مرفوعاً وموقوفاً.
حديثٌ آخر
قال الإمام أحمد: حدّثنا بهزٌ، حدّثنا بكير بن أبي السّميط، حدّثنا قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدّرداء، رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ كلّ يومٍ ثلث القرآن؟)). قالوا: نعم يا رسول اللّه، نحن أضعف من ذلك وأعجز! قال: ((فإنّ اللّه جزّأ القرآن ثلاثة أجزاءٍ؛ فـ: {قل هو اللّه أحدٌ} ثلث القرآن)).
ورواه مسلمٌ والنّسائيّ، من حديث قتادة به.
حديثٌ آخر
قال الإمام أحمد: حدّثنا أميّة بن خالدٍ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن مسلمٍ -ابن أخي ابن شهابٍ- عن عمّه الزّهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن -هو ابن عوفٍ- عن أمّه، وهي أمّ كلثومٍ بنت عقبة بن أبي معيطٍ قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (({قل هو اللّه أحدٌ} تعدل ثلث القرآن)).
وكذا رواه النّسائيّ في (اليوم واللّيلة)، عن عمرو بن عليٍّ، عن أميّة بن خالدٍ به، ثم رواه من طريق مالكٍ، عن الزّهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن، قوله.
ورواه النّسائيّ أيضاً في (اليوم والليلة) من حديث محمد بن إسحاق، عن الحارث بن الفضيل الأنصاريّ، عن الزّهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن أنّ نفراً من أصحاب محمدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم حدّثوه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (({قل هو اللّه أحدٌ} تعدل ثلث القرآن لمن صلّى بها))
حديثٌ آخر في كون قراءتها توجب الجنّة.
قال الإمام مالك بن أنسٍ: عن عبيد اللّه بن عبد الرحمن، عن عبيد بن حنينٍ قال: سمعت أبا هريرة يقول: أقبلت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فسمع رجلاً يقرأ: {قل هو اللّه أحدٌ}؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((وجبت)). قلت: وما وجبت؟ قال: ((الجنّة)).
ورواه التّرمذيّ والنّسائيّ من حديث مالكٍ، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفه إلاّ من حديث مالكٍ.
وتقدّم حديث: ((حبّك إيّاها أدخلك الجنّة)).
حديثٌ في تكرار قراءتها.
قال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا قطن بن نسيرٍ، حدّثنا عبيس بن ميمونٍ القرشيّ، حدّثنا يزيد الرّقاشيّ، عن أنسٍ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((أما يستطيع أحدكم أن يقرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} ثلاث مرّاتٍ في ليلةٍ؟ فإنّها تعدل ثلث القرآن)). هذا إسنادٌ ضعيفٌ، وأجود منه حديثٌ آخر:
قال عبد اللّه بن الإمام أحمد: حدّثنا محمد بن أبي بكرٍ المقدّميّ، حدّثنا الضّحّاك بن مخلدٍ، حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، عن أسيد بن أبي أسيدٍ، عن معاذ بن عبد اللّه بن خبيبٍ، عن أبيه قال: أصابنا طشٌّ وظلمةٌ، فانتظرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي لنا، فخرج فأخذ بيدي فقال: ((قل)). فسكتّ، قال: ((قل)). قلت: ما أقول؟ قال: (({قل هو اللّه أحدٌ} والمعوّذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً؛ تكفك كلّ يومٍ مرّتين)).
ورواه أبو داود والتّرمذيّ والنّسائيّ من حديث ابن أبي ذئبٍ به، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه.
وقد رواه النّسائيّ من طريقٍ أخرى، عن معاذ بن عبد اللّه بن خبيبٍ، عن أبيه، عن عقبة بن عامرٍ.. فذكره.
حديثٌ آخر في ذلك.
قال الإمام أحمد: حدّثنا إسحاق بن عيسى، حدّثني ليث بن سعدٍ، حدّثني الخليل بن مرّة، عن الأزهر بن عبد اللّه، عن تميمٍ الدّاريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من قال: لا إله إلاّ اللّه واحداً أحداً صمداً، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً، ولم يكن له كفواً أحدٌ عشر مرّاتٍ كتب اللّه له أربعين ألف ألف حسنةٍ)). تفرّد به أحمد، والخليل بن مرّة ضعّفه البخاريّ وغيره بمرّةٍ.
حديثٌ آخر
قال الإمام أحمد أيضاً: حدّثنا حسن بن موسى، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا زبّان بن فائدٍ، عن سهل بن معاذ بن أنسٍ الجهنيّ، عن أبيه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} حتّى يختمها عشر مرّاتٍ بنى اللّه له قصراً في الجنّة)). فقال عمر: إذن نستكثر يا رسول اللّه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((اللّه أكثر وأطيب)).
تفرّد به أحمد، ورواه أبو أحمد الدّارميّ في مسنده، فقال: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد، حدّثنا حيوة، حدّثنا أبو عقيلٍ زهرة بن معبدٍ -قال الدّارميّ: وكان من الأبدال- أنّه سمع سعيد بن المسيّب يقول: إنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} عشر مرّاتٍ بنى اللّه له قصراً في الجنّة، ومن قرأها عشرين مرّةً بنى اللّه له قصرين في الجنّة، ومن قرأها ثلاثين مرّةً بنى اللّه له ثلاثة قصورٍ في الجنّة)). فقال عمر بن الخطّاب: إذن لتكثر قصورنا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((اللّه أوسع من ذلك)). وهذا مرسلٌ جيّدٌ.
حديثٌ آخر
قال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا نصر بن عليٍّ، حدّثني نوح بن قيسٍ، أخبرني محمدٌ العطّار، أخبرتني أمّ كثيرٍ الأنصاريّة، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} خمسين مرّةً غفرت له ذنوب خمسين سنةً)). إسناده ضعيفٌ.
حديثٌ آخر
قال أبو يعلى: حدّثنا أبو الرّبيع، حدّثنا حاتم بن ميمونٍ، حدّثنا ثابتٌ، عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} في يومٍ مائتي مرّةٍ كتب اللّه له ألفاً وخمسمائة حسنةٍ، إلاّ أن يكون عليه دينٌ)).
إسناده ضعيفٌ؛ حاتم بن ميمونٍ ضعّفه البخاريّ وغيره، ورواه التّرمذيّ عن محمد بن مرزوقٍ البصريّ، عن حاتم ابن ميمونٍ به، ولفظه: ((من قرأ كلّ يومٍ مائتي مرّةٍ: {قل هو اللّه أحدٌ} محي عنه ذنوب خمسين سنةً، إلاّ أن يكون عليه دينٌ)).
قال التّرمذيّ: وبهذا الإسناد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((من أراد أن ينام على فراشه، فنام على يمينه، ثمّ قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} مائة مرّةٍ؛ فإذا كان يوم القيامة يقول له الرّبّ عزّ وجلّ: ياعبدي، ادخل على يمينك الجنّة)). ثم قال: غريبٌ من حديث ثابتٍ، وقد روي من غير هذا الوجه عنه.
وقال أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا سهل بن بحرٍ، حدّثنا حبّان بن أغلب، حدّثنا أبي، حدّثنا ثابتٌ، عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} مائتي مرّةٍ حطّ اللّه عنه ذنوب مائتي سنةٍ)). ثم قال: لا نعلم رواه عن ثابتٍ إلاّ الحسن بن أبي جعفرٍ والأغلب بن تميمٍ، وهما متقاربان في سوء الحفظ.
حديثٌ آخر في الدّعاء بما تضمّنته من الأسماء.
قال النّسائيّ عند تفسيرها: حدّثنا عبد الرحمن بن خالدٍ، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثني مالك بن مغولٍ، حدّثنا عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، أنّه دخل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المسجد فإذا رجلٌ يصلّي، يدعو يقول: اللّهمّ إنّي أسألك بأنّي أشهد أن لا إله إلاّ أنت الأحد الصّمد، الّذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحدٌ. قال: ((والّذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم، الّذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب)). وقد أخرجه بقيّة أصحاب السّنن من طرقٍ، عن مالك بن مغولٍ، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه به.
وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ.
حديثٌ آخر في قراءتها عشر مرّاتٍ بعد المكتوبة.
قال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا بشر بن منصورٍ، عن عمر بن نبهان، عن أبي شدّادٍ، عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ثلاثٌ من جاء بهنّ مع الإيمان دخل من أيّ أبواب الجنّة شاء، وزوّج من الحور العين حيث شاء: من عفا عن قاتله، وأدّى ديناً خفيًّا، وقرأ في دبر كلّ صلاةٍ مكتوبةٍ عشر مرّاتٍ: {قل هو اللّه أحدٌ})). قال: فقال أبو بكرٍ: أو إحداهنّ يا رسول اللّه؟ قال: ((أو إحداهنّ)).
حديثٌ في قراءتها عند دخول المنزل.
قال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن بكرٍ السّرّاج العسكريّ، حدّثنا محمد بن الفرج، حدّثنا محمد بن الزّبرقان، عن مروان بن سالمٍ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ، عن جرير بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} حين يدخل منزله نفت الفقر عن أهل ذلك المنزل والجيران)). إسناده ضعيفٌ.
حديثٌ في الإكثار من قراءتها في سائر الأحوال.
قال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا محمد بن إسحاق المسيّبيّ، حدّثنا يزيد بن هارون، عن العلاء أبي محمدٍ الثّقفيّ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بتبوك، فطلعت الشمس بضياءٍ وشعاعٍ ونورٍ لم نرها طلعت فيما مضى بمثله، فأتى جبريل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ((يا جبريل، ما لي أرى الشّمس طلعت اليوم بضياءٍ لم أرها طلعت فيما مضى؟!)). قال: إنّ ذلك أنّ معاوية بن معاوية اللّيثيّ مات بالمدينة اليوم، فبعث اللّه إليه سبعين ألف ملكٍ يصلّون عليه. قال:((وفيم ذلك؟!)) قال: كان يكثر قراءة: {قل هو اللّه أحدٌ}؛ في الليل والنّهار، وفي ممشاه وقيامه وقعوده، فهل لك يا رسول اللّه أن أقبض لك الأرض فتصلّي عليه؟ قال: ((نعم)). فصلّى عليه.
وكذا رواه الحافظ أبو بكرٍ البيهقيّ في كتاب دلائل النبوّة من طريق يزيد بن هارون، عن العلاء أبي محمدٍ، وهو متّهمٌ بالوضع، فاللّه أعلم.
طريقٌ أخرى
قال أبو يعلى: حدّثنا محمد بن إبراهيم الشاميّ أبو عبد اللّه، حدّثنا عثمان بن الهيثم، مؤذّن مسجد الجامع بالبصرة عبديٌّ، عن محمودٍ أبي عبد اللّه، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنسٍ قال: نزل جبريل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: مات معاوية بن معاوية اللّيثيّ، فتحبّ أن تصلّي عليه؟ قال: ((نعم)).
فضرب بجناحه الأرض، فلم تبق شجرةٌ ولا أكمةٌ إلاّ تضعضعت، فرفع سريره فنظر إليه، فكبّر عليه، وخلفه صفّان من الملائكة، في كلّ صفٍّ سبعون ألف ملكٍ. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ياجبريل، بم نال هذه المنزلة من اللّه تعالى؟!)). قال: بحبّه {قل هو اللّه أحدٌ}، وقراءته إيّاها ذاهباً وجائياً، وقائماً وقاعداً، وعلى كلّ حالٍ.
ورواه البيهقيّ من رواية عثمان بن الهيثم المؤذّن، عن محبوب بن هلالٍ، عن عطاء بن أبي ميمونٍ، عن أنسٍ.. فذكره. وهذا هو الصواب، ومحبوب بن هلالٍ قال أبو حاتمٍ الرازيّ: ليس بالمشهور. وقد روي هذا من طرقٍ أخر تركناها اختصاراً، وكلّها ضعيفةٌ.
حديثٌ آخر في فضلها مع المعوّذتين.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا معاذ بن رفاعة، حدّثني عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن عقبة بن عامرٍ قال: لقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فابتدأته فأخذت بيده فقلت: يا رسول اللّه، بم نجاة المؤمن؟ قال: ((ياعقبة، احرس لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك)). قال: ثم لقيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فابتدأني فأخذ بيدي فقال: ((ياعقبة بن عامرٍ، ألا أعلّمك خير ثلاث سورٍ أنزلت في التّوراة والإنجيل والزّبور والقرآن العظيم؟)). قال: قلت: بلى، جعلني اللّه فداك. قال: فأقرأني: {قل هو اللّه أحدٌ}، و{قل أعوذ بربّ الفلق}، و{قل أعوذ بربّ النّاس}، ثم قال: ((ياعقبة، لا تنسهنّ ولا تبت ليلةً حتّى تقرأهنّ)). قال: فما نسيتهنّ منذ قال: ((لا تنسهنّ)). وما بتّ ليلةً قطّ حتى أقرأهنّ. قال عقبة: ثمّ لقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فابتدأته فأخذت بيده، فقلت: يا رسول اللّه، أخبرني بفواضل الأعمال. فقال: ((ياعقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمّن ظلمك)).
وروى التّرمذيّ بعضه في الزّهد من حديث عبيد اللّه بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رواه أحمد من طريقٍ آخر:
حدّثنا حسين بن محمدٍ، حدّثنا ابن عيّاشٍ، عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعميّ، عن فروة بن مجاهدٍ اللّخميّ، عن عقبة بن عامرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.. فذكر مثله سواءً. تفرّد به أحمد.
حديثٌ آخر في الاستشفاء بهنّ.
قال البخاريّ: حدّثنا قتيبة، حدّثنا المفضّل، عن عقيلٍ، عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلةٍ جمع كفّيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: {قل هو اللّه أحدٌ}، و{قل أعوذ بربّ الفلق}، و{قل أعوذ بربّ النّاس}، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مّراتٍ.
وهكذا رواه أهل السّنن من حديث عقيلٍ به.
قد تقدّم ذكر سبب نزولها. وقال عكرمة: لمّا قالت اليهود: نحن نعبد عزيراً ابن اللّه. وقالت النّصارى: نحن نعبد المسيح ابن اللّه. وقالت المجوس: نحن نعبد الشّمس والقمر. وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان؛ أنزل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل هو اللّه أحدٌ}.
يعني: هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له، ولا وزير ولا نديد، ولا شبيه، ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحدٍ في الإثبات إلاّ على اللّه عزّ وجلّ؛ لأنّه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
وقوله: {اللّه الصّمد}. قال عكرمة عن ابن عبّاسٍ: يعني: الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم.
قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: هو السّيّد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشّرف والسّؤدد، وهو اللّه سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلاّ له، ليس له كفءٌ، وليس كمثله شيءٌ، سبحان اللّه الواحد القهّار.
وقال الأعمش عن شقيقٍ، عن أبي وائلٍ: {الصّمد}: السّيّد الذي قد انتهى سؤدده. ورواه عاصمٌ، عن أبي وائلٍ، عن ابن مسعودٍ، مثله.
وقال مالكٌ: عن زيد بن أسلم: {الصّمد}: السّيّد. وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه. وقال الحسن أيضاً: {الصّمد}: الحيّ القيّوم، الذي لا زوال له. وقال عكرمة: {الصّمد} الذي لم يخرج منه شيءٌ ولا يطعم.
وقال الربيع بن أنسٍ: هو الذي لم يلد ولم يولد. كأنّه جعل ما بعده تفسيراً له، وهو قوله: {لم يلد ولم يولد}. وهو تفسيرٌ جيّدٌ، وقد تقدّم الحديث من رواية ابن جريرٍ، عن أبيّ بن كعبٍ في ذلك، وهو صريحٌ فيه.
وقال ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ وسعيد بن المسيّب ومجاهدٌ وعبد اللّه بن بريدة وعكرمة أيضاً وسعيد بن جبيرٍ وعطاء بن أبي رباحٍ وعطيّة العوفيّ والضّحّاك والسّدّيّ: {الصّمد}: الذي لا جوف له.
قال سفيان عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {الصّمد}: المصمت الذي لا جوف له. وقال الشّعبيّ: هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب. وقال عبد اللّه بن بريدة أيضاً: {الصّمد}: نورٌ يتلألأ. روى ذلك كلّه وحكاه ابن أبي حاتمٍ والبيهقيّ والطّبرانيّ، وكذا أبو جعفر بن جريرٍ، ساق أكثر ذلك بأسانيده، وقال: حدّثني العبّاس بن أبي طالبٍ، حدّثنا محمد بن عمرو بن روميٍّ، عن عبيد اللّه بن سعيدٍ قائد الأعمش، حدّثنا صالح بن حيّان، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، قال: لا أعلم إلاّ قد رفعه. قال: (({الصّمد}: الذي لا جوف له)). وهذا غريبٌ جدًّا، والصحيح أنّه موقوفٌ على عبد اللّه بن بريدة.
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في كتاب السّنّة له، بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصّمد: وكلّ هذه صحيحةٌ، وهي صفات ربّنا عزّ وجلّ، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصّمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقيّ نحو ذلك أيضاً.
وقوله: {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحدٌ}. أي: ليس له ولدٌ ولا والدٌ ولا صاحبةٌ.
قال مجاهدٌ: {ولم يكن له كفواً أحدٌ}. يعني: لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى: {بديع السّماوات والأرض أنّى يكون له ولدٌ ولم تكن له صاحبةٌ وخلق كلّ شيءٍ}. أي: هو مالك كلّ شيءٍ وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظيرٌ يساميه أو قريبٌ يدانيه؟! تعالى وتقدّس وتنزّه.
قال اللّه تعالى: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدًّا تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا أن دعوا للرّحمن ولداً وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولداً إن كلّ من في السّماوات والأرض إلاّ آتي الرّحمن عبداً لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا وكلّهم آتيه يوم القيامة فرداً}.
وقال تعالى: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولداً سبحانه بل عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون}.
وقال تعالى: {وجعلوا بينه وبين الجنّة نسباً ولقد علمت الجنّة إنّهم لمحضرون سبحان اللّه عمّا يصفون}.
وفي الصحيح، صحيح البخاريّ: ((لا أحد أصبر على أذًى سمعه من اللّه، يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم!)).
وقال البخاريّ: حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا شعيبٌ أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((قال اللّه عزّ وجلّ: كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إيّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأمّا شتمه إيّاي فقوله: اتّخذ اللّه ولداً. وأنا الأحد الصّمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحدٌ)).
ورواه أيضاً من حديث عبد الرزّاق، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، عن أبي هريرة مرفوعاً بمثله، تفرّد بهما من هذين الوجهين.
آخر تفسير سورة الإخلاص). [تفسير القرآن العظيم: 8/518-529]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir