دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 07:41 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب نواقض الوضوء(3/12) [المذي، والتقبيل]

69 - وعن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: كنتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ الْمِقدادَ بنَ الأسودِ أنَ يَسألَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ؟ فقالَ: ((فِيهِ الْوُضُوءُ)). مُتَّفَقٌ عليهِ، واللفظُ للبخاريِّ.

70 - وعن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قَبَّلَ بَعضَ نِسائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصلاةِ ولم يَتَوَضَّأْ. أَخرَجَهُ أحمدُ، وضَعَّفَهُ البخاريُّ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 10:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

3/63 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ: فَقَالَ: ((فِيهِ الوُضُوءُ)).
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
(وَعَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً) بِزِنَةِ ضَرَّابٍ، صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ، مِن المَذْيِ، بِفَتْحِ المِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ المُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اليَاءِ، وَفِيهِ لُغَاتٌ، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ لَزِجٌ رَقِيقٌ يَخْرُجُ عِنْدَ المُلاَعَبَةِ، أَوْ تَذَكُّرِ الجِمَاعِ، أَوْ إرَادَتِهِ، يُقَالُ: مَذَى زَيْدٌ يَمْذِي، مِثْلَ: مَضَى يَمْضِي، وَأَمْذَى يُمْذِي، مِثْلَ: أَعْطَى يُعْطِي.
(فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ) هُوَ ابْنُ الأَسْوَدِ الكِنْدِيُّ (أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: عَمَّا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَمْذَى، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: فِيهِ الوُضُوءُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ)
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ عِنْدَ البُخَارِيِّ بَعْدَ هَذَا: "فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَفِي لَفْظٍ: "لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي".
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: "لِمَكَانِ فَاطِمَةَ".
وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ: عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، بِلَفْظِ: "كُنْت رَجُلاً مَذَّاءً، فَجَعَلْت أَغْتَسِلُ مِنْهُ فِي الشِّتَاءِ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي".
وَزَادَ فِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَقَالَ: ((تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَك)).
وَفِي مُسْلِمٍ:((اغْسِلْ ذَكَرَك وَتَوَضَّأْ)).
وَقَدْ وَقَعَ اخْتِلاَفٌ فِي السَّائِلِ؛ هَلْ هُوَ المِقْدَادُ كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ؟ أَوْ عَمَّارٌ، كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى؟
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّ عَلِيًّا "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ السَّائِلُ.
وَجَمَعَ ابْنُ حِبَّانَ بَيْنَ ذَلِكَ بِأَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَرَ المِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ ثُمَّ سَأَلَ بِنَفْسِهِ، إلاَّ أَنَّهُ تُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: "فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي" دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُبَاشِرِ السُّؤَالَ، فَنِسْبَةُ السُّؤَالِ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مَنْ قَالَ: إنَّ عَلِيّاً سَأَلَ. مَجَازٌ؛ لِكَوْنِه الآمِرَ بِالسُّؤَالِ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ المَذْيَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ، وَلِأَجْلِهِ ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ فِي هَذَا البَابِ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُوجِبُ غُسْلاً، وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَرِوَايَةُ: ((تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَك)) لاَ تَقْتَضِي تَقْدِيمَ الوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الوَاوَ لاَ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَلِأَنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ تُبَيِّنُ المُرَادَ.
وَأَمَّا إطْلاَقُ لَفْظِ "ذَكَرَكَ" فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَسْلِ الذَّكَرِ كُلِّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذ الوَاجِبُ غَسْلُ مَحَلِّ الخَارِجِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ إطْلاَقِ اسْمِ الكُلِّ عَلَى البَعْضِ، وَالقَرِينَةُ مَا عُلِمَ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ.
وَذَهَبَ البَعْضُ إلَى أَنَّهُ يَغْسِلُهُ كُلَّهُ؛ عَمَلاً بِلَفْظِ الحَدِيثِ، وَأَيَّدَهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ: ((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ))، وَعِنْدَهُ أيضاً: ((فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَك وَأُنْثَيَيْك وَتَوَضَّأْ لِلصَّلاَةِ)).
إلاَّ أَنَّ رِوَايَةَ غَسْلِ الأُنْثَيَيْنِ قَدْ طُعِنَ فِيهَا؛ وَأَوْضَحْنَاهُ فِي حَوَاشِي ضَوْءِ النَّهَارِ؛ وَذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعُرْوَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ، إلاَّ أَنَّهُ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ بِالزِّيَادَةِ.
قَالَ المُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ: وَإِسْنَادُهُ لاَ مَطْعَنَ فِيهِ، فَمَعَ صِحَّتِهَا، فَلاَ عُذْرَ عَن القَوْلِ بِهَا.
وَقِيلَ: الحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا غَسَلَهُ كُلَّهُ تَقَلَّصَ، فَبَطَلَ خُرُوجُ المَذْيِ، وَاسْتُدِلَّ بِالحَدِيثِ على نَجَاسَةِ المَذْيِ.

4/64 - وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلاَةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَضَعَّفَهُ البُخَارِيُّ.
(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلاَةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَضَعَّفَهُ البُخَارِيُّ).
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يُضَعِّفُ هَذَا الحَدِيثَ؛ وَأَبُو دَاوُدَ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا شَيْئاً فَهُوَ مُرْسَلٌ؛ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ فِي هَذَا البَابِ حَدِيثٌ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ مُرْسَلٌ.
قَالَ المُصَنِّفُ: رُوِيَ مِنْ عَشْرَةِ أَوْجُهٍ عَنْ عَائِشَةَ، أَوْرَدَهَا البَيْهَقِيُّ فِي الخِلاَفَاتِ وَضَعَّفَهَا.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لاَ يَصِحُّ فِي هَذَا البَابِ شَيْءٌ، وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الأَمْرُ قَبْلَ نُزُولِ الوُضُوءِ مِن اللَّمْسِ. إذَا عَرَفْت هَذَا، فَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَمْسَ المَرْأَةِ وَتَقْبِيلَهَا لاَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ، وَهَذَا هُوَ الأَصْلُ، وَالحَدِيثُ مُقَرِّرٌ لِلْأَصْلِ، وَعَلَيْهِ العِتْرةُ جَمِيعاً، وَمِن الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
وَذَهَبَتِ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ لَمْسَ مَنْ لاَ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} فَلَزِمَ الوُضُوءُ مِن اللَّمْسِ؛ قَالُوا: واللَّمْسُ حَقِيقَةً فِي اليَدِ.
وَيُؤَيِّدُ بَقَاءَهُ عَلَى مَعْنَاهُ قِرَاءَةُ: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي مُجَرَّدِ لَمْسِ الرَّجُلِ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ مِن المَرْأَةِ فِعْلٌ، وَهَذَا يُحَقِّقُ بَقَاءَ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الحَقِيقِيِّ، فَقِرَاءَةُ {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} كَذَلِكَ؛ إذ الأَصْلُ اتِّفَاقُ مَعْنَى القِرَاءَتَيْنِ.
وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ مَعْنَاهُ الحَقِيقِيِّ لِلْقَرِينَةِ، فَيُحْمَلُ عَلَى المَجَازِ، وَهُوَ هُنَا حَمْلُ المُلاَمَسَةِ عَلَى الجِمَاعِ، وَاللَّمْسُ كَذَلِكَ، وَالقَرِينَةُ حَدِيثُ عَائِشَةَ المَذْكُورُ، وَهُوَ إنْ قُدِحَ فِيهِ بِمَا سَمِعْتُ فَطُرُقُهُ يُقَوِّي بَعْضُهُ بَعْضاً؛ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي البُخَارِيِّ فِي أَنَّهَا كَانَتْ تَعْتَرِضُ فِي قِبْلَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَامَ يُصَلِّي غَمَزَهَا فَقَبَضَتْ رِجْلَيْهَا - أَيْ: عِنْدَ سُجُودِهِ - وَإِذَا قَامَ بَسَطَتْهُمَا؛ فَإِنَّهُ يُؤَيِّدُ حَدِيثَ الكِتَابِ المَذْكُورِ، وَيُؤَيِّدُ بَقَاءَ الأَصْلِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ اللَّمْسُ بِنَاقِضٍ.
وَأَمَّا اعْتِذَارُ المُصَنِّفِ فِي فَتْحِ البَارِي عَنْ حَدِيثِهَا هَذَا، بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بِحَائِلٍ، أَوْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ.
وَقَدْ فَسَّرَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ المُلاَمَسَةَ بِالجِمَاعِ، وَفَسَّرَهَا حَبْرُ الأُمَّةِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ، وَهُوَ المَدْعُوُّ لَهُ بِأَنْ يُعَلِّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى التَّأْوِيلَ؛ فَأَخْرَجَ عَنْهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ فَسَّرَ المُلاَمَسَةَ بَعْدَ أَنْ وَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، أَلاَ وَهُوَ النَّيْكُ.
وَأَخْرَجَ عَنْهُ الطَّسْتِيُّ أَنَّهُ سَأَلَ نَافِعَ بْنَ الأَزْرَقِ عَن المُلاَمَسَةِ، فَفَسَّرَهَا بِالجِمَاعِ، مَعَ أَنَّ تَرْكِيبَ الآيَةِ الشَّرِيفَةِ وَأُسْلُوبَهَا يَقْتَضِي أَنَّ المُرَادَ بِالمُلاَمَسَةِ الجِمَاعُ، فَإِنَّهُ تَعَالَى عَدَّ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ التَّيَمُّمِ المَجِيءَ مِن الغَائِطِ تَنْبِيهاً عَلَى الحَدَثِ الأَصْغَرِ، وَعَدَّ المُلاَمَسَةَ تَنْبِيهاً عَلَى الحَدَثِ الأَكْبَرِ.
وَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الأَمْرِ بِالغُسْلِ بِالمَاءِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}. وَلَوْ حُمِلَت المُلاَمَسَةُ عَلَى اللَّمْسِ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ لَفَاتَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ التُّرَابَ يَقُومُ مَقَامَ المَاءِ في رَفْعِهِ لِلْحَدَثِ الأَكْبَرِ، وَخَالَفَ صَدْرَ الآيَةِ. وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفَاصِيلُ لاَ يَنْتَهِضُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ.


  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

63 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ, فَقَالَ: ((فِيهِ الْوُضُوءُ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللفظُ للبُخَارِيِّ.
مفرداتُ الحديثِ:
- رَجُلاً: خبرُ كانَ، ومَذَّاءً صِفَةٌ لرجلٍ.
- مَذَّاءً: بفتحِ الميمِ وتشديدِ الذالِ المعجمةِ، ثمَّ ألفٍ ممدودةٍ، مِن صِيَغِ المبالغةِ، مِن كثرةِ المَذْيِ، والمَذْيُ بفتحِ الميمِ وسكونِ الذالِ المعجمةِ، وأيضاً: بكسرِ الذالِ وتشديدِ الياءِ، جَمْعُه: مُذًى، ومُذَايَاتٌ ومُذَى.
وقالَ في الصِّحاحِ: قالَ الأَزْهَرِيُّ: الوَدِيُّ والمَذِيُّ والمَنِيُّ مُشَدَّدَاتٌ. قالَ أبو عُبَيْدَةَ: المَنِيُّ مُشَدَّدٌ، والآخرانِ مخفَّفانِ. وهذا أشهرُ.
والمَذْيُ: ماءٌ أبيضُ لَزِجٌ رقيقٌ، يَخْرُجُ عندَ الملاعبةِ ونحوِها، وخروجُه مِن مَجْرَى البولِ مِن إفرازِ الغُدَدِ المباليةِ.
- أَنْ يَسْأَلَ: أي: بأنْ يَسْأَلَ، فـ (أَنْ) مصدريَّةٌ، أي: أَمَرْتُه بسؤالِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- فِيهِ الْوُضُوءُ: جملةٌ اسْمِيَّةٌ؛ لأنَّ الوضوءَ مبتدأٌ مؤخَّرٌ، وقولُه: (فِيهِ) خبرٌ مقدَّمٌ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- أنَّ خروجَ المَذْيِ يُوجِبُ الوضوءَ، ولا يُوجِبُ الغُسْلَ، وهو إجماعٌ.
2- في بعضِ ألفاظِ الحديثِ عندَ البُخَارِيِّ (178): "فاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وفي لفظِ مسلمٍ (303): "لِمَكَانِ فَاطِمَةَ" فالحيَاءُ هو الذي مَنَعَ عليًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من أنْ يُشَافِهَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا السؤالِ.
3- فيه قَبُولُ خبرِ الواحدِ، والعملُ به في مِثلِ هذه الأمورِ.
4- جاءَ في أحدِ ألفاظِ مسلمٍ لهذا الحديثِ: ((اغْسِلْ ذَكَرَكَ وتَوَضَّأْ)). ووَرَدَ في بعضِ ألفاظِه أيضاً: ((وَاغْسِلِ الأُنْثَيَيْنِ)). فقدْ دَلَّتْ هاتانِ الروايتانِ على وجوبِ غَسْلِ الذَّكَرِ والأُنْثَيَيْنِ والوضوءِ بعدَ ذلكَ؛ لأنَّ المَذْيَ مَخْرَجُه مخرجُ البولِ؛ ولِمَا سيأتي مِن روايةِ أبي داودَ في الفِقْرَةِ السابعةِ.
5- الأمرُ بغَسْلِ الذَّكَرِ والأُنْثَيَيْنِ دليلٌ على نجاسةِ المَذْيِ، ولكن بعضُ العلماءِ قالَ: يُعْفَى عن يَسيرِه؛ لمشقَّةِ التحرُّزِ منه.
6- أنه لا يَكْفِي في الطهارةِ من المَذْيِ الاستجمارُ، بل لا بُدَّ مِن الماءِ، وذلك – واللَّهُ أعلَمُ - لأنه ليسَ من الخارجِ المعتادِ كالبولِ.
7- ذَهَبَ الحنابِلَةُ وبعضُ المالِكِيَّةِ: إلى وُجُوبِ غَسْلِ الذَّكَرِ كلِّه والأُنْثَيَيْنِ مِن خُروجِ المَذْيِ؛ مستدلِّينَ بهذا الحديثِ ورواياتِه الثابتةِ؛ فقد صَرَّحَتْ بغسلِ الذكَرِ، وهو حقيقةً يُطْلَقُ عليه، ولِمَا جاءَ في رِوايةِ أبي داودَ (208) فقالَ: ((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ)).

64 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَضَعَّفَهُ البُخَارِيُّ.
درجةُ الحديثِ: الحديثُ ضعيفٌ، ومنهم مَن قَوَّاه وصَحَّحَهُ. قالَ ابنُ حَجَرٍ في التلخيصِ: الحديثُ معلولٌ، ذَكَرَ عِلَّتَه أبو داودَ والترمذيُّ والنَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ والبَيْهَقِيُّ، وابنُ حَزْمٍ. وقالَ: لا يَصِحُّ في هذا البابِ شيءٌ.
قالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يُضَعِّفُ هذا الحديثَ. وأبو داودَ أَخْرَجَهُ من طَريقِ إبراهيمَ التَّيْمِيِّ، عن عائشةَ، ولم يَسْمَعْ منها شيئاً؛ فهو مُرْسَلٌ.
وقالَ المُصنِّفُ: رُوِيَ من عَشَرَةِ أَوْجُهٍ عن عائشةَ، أَوْرَدَها البَيْهَقِيُّ في الخلافيَّاتِ وضَعَّفَها. وقوَّى الحديثَ جماعةٌ مِن الأئمَّةِ؛ منهم: عبدُ الحقِّ وقالَ: لا أعلَمُ له عِلَّةً. وقالَ الزَّيْلَعِيُّ: سَنَدُه جيِّدٌ. وصَحَّحَهُ أحمدُ شاكرٌ والأَلْبَانِيُّ.
مفرداتُ الحديثِ:
- قَبَّلَ: تقبيلاً، والاسمُ: القُبْلَةُ، جمعُها قُبَلٌ، مِثْلُ غُرْفَةٍ وغُرَفٍ، والقُبْلَةُ هنا: اللَّثْمَةُ على الفَمِ.
- بَعْضَ نِسَائِهِ: هي عائشةُ راويةُ الحديثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ فقدْ أَخْرَجَ إسحاقُ في مُسْنَدِه (2/172) عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ، أن رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَها وقالَ: ((إِنَّ الْقُبْلَةَ لاَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ)).
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- ظاهرُ الحديثِ يَدُلُّ على أنَّ تَقْبِيلَ المرأةِ ولَمْسَها لا يَنْقُضُ الوضوءَ، وهو الأصلُ، والحديثُ مُقَرِّرٌ لهذا الأصلِ مِن عَدَمِ الوجوبِ.
2- لكنَّ الحديثَ معارَضٌ بالآيةِ الكريمةِ: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} واللَّمْسُ الحقيقيُّ في اليدِ، وإذا وُجِدَ احتمالُ إرادةِ الجماعِ فقِرَاءَةُ: (أَوْ لَمَسْتُمُ) ظاهرةٌ في مجرَّدِ لمْسِ اليدِ، والأصلُ اتِّفاقُ معنى القراءتيْنِ.
3- الأَفْضَلُ هو حملُ هذا الحديثِ على تقبيلٍ لم يُصَاحِبْه شهوةٌ، وإنما هو تقبيلُ مودَّةٍ ورحمةٍ، وهذا النوعُ مِن اللمسِ قد تَقَرَّرَ عدمُ نَقْضِه للوضوءِ؛ لِمَا جاءَ أنَّ عائشةَ نامَتْ مُعْتَرِضَةً في مُصَلَّى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا أَرَادَ أنْ يَسْجُدَ غَمَزَهَا في الظلامِ لِتَكُفَّ رِجْلَيْهَا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ (375)، ومسلمٌ (512)، واللمسُ ذاتُه ليسَ ناقضاً، ولكنَّه مَظِنَّةُ خُرُوجِ ناقضٍ، فيَبْقَى اللمسُ المعتادُ المجرَّدُ عن الشهوةِ على أصلِ عدمِ النقْضِ.
4- على فرضِ صِحَّتِه حُمِلَ الحديثُ على ما تَقَدَّمَ، وإلاَّ فهو ضعيفٌ؛ فالبُخَارِيُّ يُضَعِّفُه، وذَكَرَ أصحابُ السننِ أنَّ له علَّةً، وقالَ ابنُ حَزْمٍ: لا يَصِحُّ في هذا البابِ شيءٌ. وقالَ ابنُ حَجَرٍ: الحديثُ معلولٌ.
خلافُ العلماءِ:
اخْتَلَفَ العلماءُ في اللَّمْسِ، هل يَنْقُضُ الوضوءَ أم لا؟
ذَهَبَ الحنفيَّةُ: إلى عَدَمِ النقْضِ باللَّمْسِ مُطْلَقاً، ومِن أدِلَّتِهِم حديثُ البابِ، وحديثُ اعتراضِ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في مُصَلَّى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغَمْزِهِ لها واسْتِمْرَارِه في الصلاةِ.
وذَهَبَ مالكٌ: إلى انْتِقاضِ الوضوءِ بلمسِ المُتَوَضِّئِ البالغِ بلَذَّةٍ لشخصٍ يَلْتَذُّ به عادَةً.
وذَهَبَ الإمامُ الشافعيُّ: إلى أنَّ مُجَرَّدَ لمسِ الرجلِ المرأةَ أو المرأةِ الرجلَ أنه ناقضٌ للوضوءِ، بشرطِ عَدَمِ المَحْرَمِيَّةِ بينَهما، فلا يَنْتَقِضُ بلَمْسِ المَحْرَمِ على الصحيحِ عندَهم.
أما المشهورُ مِن مذهبِ أحمدَ: فإنَّ النقضَ لا يكونُ إلاَّ مِن مسٍّ بشهوةٍ بلا حائلٍ، وهذا هو الراجحُ؛ ذلك أن مَظِنَّةَ خُرُوجِ المَذْيِ إنما يكونُ مِن لمْسٍ مصاحِبٍ للشهوَةِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, نواقض

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir