دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 07:37 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب نواقض الوضوء(2/12) [الاستحاضة]

68 - وعن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: جاءَتْ فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيْشٍ إلَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ فقالَتْ: يَا رسولَ اللَّهِ، إني امرأةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصلاةَ؟ قالَ: ((لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقَبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي)). مُتَّفَقٌ عليهِ، وللبخاريِّ: ((ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ)). وأَشَارَ مسلِمٌ إلَى أنه حَذَفَها عَمْدًا.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 10:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

2/62 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ قَالَ: ((لاَ، إنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُك فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي)).
وَلِلْبُخَارِيِّ: ((ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ)). وَأَشَارَ مُسْلِمٌ إلَى أَنَّهُ حَذَفَهَا عَمْداً.
(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ) حُبَيْشٍ بِضَمِّ الحَاءِ المُهْمَلَةِ وَفَتْحِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ المُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ.
وَفَاطِمَةُ قُرَشِيَّةٌ أَسَدِيَةٌ، وَهِيَ زَوْجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ.
(إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ) مِن الِاسْتِحَاضَةِ، وهي جَرَيَانُ الدَّمِ مِنْ فَرْجِ المَرْأَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ.
(فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ قَالَ: لاَ، إنَّمَا ذَلِكِ) بِكَسْرِ الكَافِ خِطَابٌ لِلْمُؤَنَّثِ.
(عِرْقٌ) بِكَسْرِ العَيْنِ المُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَقَافٍ، وَفِي فَتْحِ البَارِي: أَنَّ هَذَا العِرْقَ يُسَمَّى العَاذِلَ، بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَيُقَالُ: عَاذِرٌ بِالرَّاءِ بَدَلاً عَن اللاَّمِ، كَمَا فِي القَامُوسِ.
(وَلَيْسَ بِحَيْضٍ)؛ فَإِنَّ الحَيْضَ يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ رَحِمِ المَرْأَةِ، فَهُوَ إخْبَارٌ بِاخْتِلاَفِ المَخْرَجَيْنِ، وَهُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهَا: (لاَ أَطْهُرُ)؛ لِأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ طَهَارَةَ الحَائِضِ لاَ تُعْرَفُ إلاَّ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ، فَكَنَّت بِعَدَمِ الطُّهْرِ عَن اتِّصَالِهِ، وَكَانَتْ قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ الحَائِضَ لاَ تُصَلِّي، فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ الحُكْمَ مُقْتَرِنٌ بِجَرَيَانِ الدَّمِ، فَأَبَانَ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ، وَأَنَّهَا طَاهِرَةٌ يَلْزَمُهَا الصَّلاَةُ.
(فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُك) بِفَتْحِ الحَاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، وَالمُرَادُ بِالإِقْبَالِ ابْتِدَاءُ دَمِ الحَيْضِ.
(فَدَعِي الصَّلاَةَ) يَتَضَمَّنُ نَهْيَ الحَائِضِ عَن الصَّلاَةِ، وَتَحْرِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَفَسَادَ صَلاَتِهَا، وَهُوَ إجْمَاعٌ.
(وَإِذَا أَدْبَرَتْ) هُوَ ابْتِدَاءُ انْقِطَاعِهَا.
(فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ) أَيْ: وَاغْتَسِلِي، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى.
(ثُمَّ صَلِّي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَعَلَى أَنَّ لَهَا حُكْماً يُخَالِفُ حُكْمَ الحَيْضِ.
وَقَدْ بَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلَ بَيَانٍ، فَإِنَّهُ أَفْتَاهَا بِأَنَّهَا لاَ تَدَعُ الصَّلاَةَ مَعَ جَرَيَانِ الدَّمِ، وَبِأَنَّهَا تَنْتَظِرُ وَقْتَ إقْبَالِ حَيْضَتِهَا فَتَتْرُكُ الصَّلاَةَ فِيهَا، وَإِذَا أَدْبَرَتْ غَسَلَت الدَّمَ وَاغْتَسَلَتْ، كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ البُخَارِيِّ: ((وَاغْتَسِلِي)).
وَفِي بَعْضِهَا كَرِوَايَةِ المُصَنِّفِ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى غَسْلِ الدَّمِ.
وَالحَاصِلُ: أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ الأَمْرَانِ فِي الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ: غَسْلُ الدَّمِ، وَالِاغْتِسَالُ، وَإِنَّمَا بَعْضُ الرُّوَاةِ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ الأَمْرَيْنِ، وَالآخَرُ عَلَى الآخَرِ؛ ثُمَّ أَمَرَهَا بِالصَّلاَةِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ نَعَمْ وَإِنَّمَا بَقِيَ الكَلاَمُ فِي مَعْرِفَتِهَا لِإِقْبَالِ الحَيْضِ وإدبارِها مَعَ اسْتِمْرَارِ الدَّمِ بِمَاذَا يَكُونُ؟
فَإِنَّهُ قَدْ أَعْلَمَ الشَّارِعُ المُسْتَحَاضَةَ بِأَحْكَامِ إقْبَالِ الحَيْضَةِ وَإِدْبَارِهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا تُمَيِّزُ ذَلِكَ بِعَلاَمَةٍ.
وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلاَنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تُمَيِّزُ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ إلَى عَادَتِهَا، فَإِقْبَالُهَا وُجُودُ الدَّمِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ العَادَةِ؛، وإدبارُها انقضاءُ أيامِ العادةِ، وَوَرَدَ الرَّدُّ إلَى أَيَّامِ العَادَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ: ((دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا)).
وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الحَيْضِ تَحْقِيقُ الكَلاَمِ عَلَى ذَلِكَ.
الثَّانِي: تَرْجِعُ إلَى صِفَةِ الدَّمِ، كَمَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ هَذِهِ بِلَفْظِ: ((إنَّ دَمَ الحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرِفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكِ فَأَمْسِكِي عَن الصَّلاَةِ، وَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي)).
وَيَأْتِي فِي بَابِ الحَيْضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَيَكُونُ إقْبَالُ الحَيْضةِ إقْبَالَ الصِّفَةِ وَإِدْبَارُهُ إدْبَارَهَا، وَيَأْتِي أيضاً الأَمْرُ بِالرَّدِّ إلَى عَادَةِ النِّسَاءِ، وَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ جَمِيعاً، وَيَأْتِي بَيَانُ اخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ، وَأَنَّ كُلاًّ ذَهَبَ إلَى القَوْلِ بِالعَمَلِ بِعَلاَمَةٍ مِن العَلاَمَاتِ.
(وَلِلْبُخَارِيِّ) أَيْ: من حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا، زِيَادَةٌ، (ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ. وَأَشَارَ مُسْلِمٌ إلَى أَنَّهُ حَذَفَهَا عَمْداً)؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ سِيَاقِ الحَدِيثِ: وَفِي حَدِيثِ حَمَّادٍ حَرْفٌ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ.
قَالَ البَيْهَقِيُّ: هُوَ قَوْلُهُ: ((تَوَضَّئِي))؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، وَأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ رَوَى الحَدِيثَ، ولكنَّه قَدْ قَرَّرَ المُصَنِّفُ فِي الفَتْحِ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ مِنْ طُرُقٍ يَنْتَفِي مَعَهَا تَفَرُّدُ ما قَالَهُ مُسْلِمٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ المُصَنِّفَ سَاقَ حَدِيثَ المُسْتَحَاضَةِ فِي بَابِ النَّوَاقِضِ، وَلَيْسَ المُنَاسِبَ لِلْبَابِ إلاَّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لاَ أَصْلُ الحَدِيثِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ بَابِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَالحَيْضِ، وَسَيُعِيدُهُ هُنَالِكَ، فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ الحُجَّةُ عَلَى أَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ حَدَثٌ مِنْ جُمْلَةِ الأَحْدَاثِ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ الشَّارِعُ بِالوُضُوءِ مِنْهُ لِكُلِّ صَلاَةٍ؛ لأنه إنَّمَا رَفَعَ الوُضُوءُ حُكْمَهُ لِأَجْلِ الصَّلاَةِ، فَإِذَا فَرَغَتْ مِن الصَّلاَةِ نُقِضَ وُضُوءُهَا.
وَهَذَا قَوْلُ الجُمْهُورِ أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ، وَذَهَبَت الهَادَوِيَّةُ وَالحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلاَةٍ، وَأَنَّ الوُضُوءَ مُتَعَلِّقٌ بِالوَقْتِ، وَأَنَّهَا تُصَلِّي بِهِ الفَرِيضَةَ الحَاضِرَةَ وَمَا شَاءَتْ مِن النَّوَافِلِ، وَتَجْمَعُ بَيْنَ الفَرِيضَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الجَوَازِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ ذَلِكَ أَوْ لِعُذْرٍ.
وَقَالُوا: الحَدِيثُ فِيهِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ، وَهُوَ لِوَقْتِ كُلِّ صَلاَةٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الحَذْفِ، وَلَكِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تُوجِبُ التَّقْدِيرَ.
وَقَدْ تَكَلَّفَ فِي الشَّرْحِ إلَى ذِكْرِ مَا لَعَلَّهُ يُقَالُ: إنَّهُ قَرِينَةٌ لِلْحَذْفِ وَضَعَّفَهُ؛ وَذَهَبَت المَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الوُضُوءُ وَلاَ يَجِبُ إلاَّ لِحَدَثٍ آخَرَ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ مَا فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ " فِي بَابِ الحَيْضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَتَأْتِي أَحْكَامُ المُسْتَحَاضَةِ الَّتِي تَجُوزُ لَهَا وَتُفَارِقُ بِهَا الحَائِضَ هُنَالِكَ، فَهُوَ مَحَلُّ الكَلاَمِ عَلَيْهَا، وَفِي الشَّرْحِ سَرَدَهُ هُنَا، وَأَمَّا هُنَا فَمَا ذَكَرَ حَدِيثَهَا إلاَّ بِاعْتِبَارِ نَقْضِ الِاسْتِحَاضَةِ لِلْوُضُوءِ.


  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 10:55 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

62 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ قَالَ: ((لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وللبُخَارِيِّ: ((ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ)). وَأَشَارَ مُسْلِمٌ إِلَى أَنَّهُ حَذَفَهَا عَمْداً.
مفرداتُ الحديثِ:
- أُسْتَحَاضُ: مِن الاستحاضةِ، وهي سَيَلانُ الدمِ في غيرِ أوقاتِه المعتادةِ؛ من مرضٍ وفسادٍ، فيَخْرُجُ الدمُ مِن عِرْقٍ فَمُه في أدنَى الرَّحِمِ يُسَمَّى العِرْقَ العاذِلَ، وسيأتي بيانُه بأتَمَّ من هذا في بابِ الحيْضِ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
- أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ: الهمزةُ للاستفهامِ الاستخبارِيِّ، والفاءُ للتعقِيبِ، وبعدَها فعلٌ مضارِعٌ للمُتَكَلِّمِ.
- أَفَأَدَعُ: وَدَعْتُهُ أَدَعُهُ وَدْعاً، أي: تَرَكْتُه، وأصلُ المضارِعِ الكَسْرُ، ومِن ثَمَّ حُذِفَتِ الواوُ؛ ثمَّ فُتِحَ لأجلِ حرفِ الحلقِ. قالَ النُّحاةُ: إن العربَ أماتَتْ ماضيَ (يَدَعُ) ومصدرَه واسمَ فاعلِه فلا تُوجَدُ.
- لاَ: تأتي على ثلاثةِ أَوْجُهٍ: أحدُها: أنْ تكونَ جواباً مناقِضاً لـ (نَعَمْ) وهي المرادةُ هنا.
- ذَلِكِ: بكسرِ الكافِ: خِطابٌ للمرأةِ السائلةِ، و (ذا) إشارةٌ إلى الدمِ الخارجِ منها.
- عِرْقٌ: بكسرِ العينِ المهملةِ وسكونِ الراءِ، آخِرَه قافٌ. قالَ في الفتحِ: إن هذا العِرْقَ يُسَمَّى العاذِلَ، وقالَ في القاموسِ: يُسَمَّى العاذِرَ، أي: إنَّ دَمَكِ بسببِ انفجارٍ مِن عِرْقٍ.
- فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ: بفتحِ الحاءِ، ويجوزُ كسرُها, المرادُ بالإقبالِ: حصولُ وقتِها وابتداءُ خُرُوجِ دمِ الحيْضِ أيامَ عادَتِها.
- وَإِذَا أَدْبَرَتْ: هو وقتُ انقطاعِ الدمِ عنها عندَ انتهاءِ أيامِ عادَتِها.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- أنَّ الخارِجَ مِن السبيليْنِ ناقضٌ للوضوءِ، ومنه خروجُ الدمِ، وهو إجماعُ العلماءِ.
2- أنَّ دمَ الاستحاضَةِ ليسَ حَيْضاً، وإنما هو دمٌ له أسبابُه وخصائِصُه وأحكامُه: فسَبَبُه: انفتاحُ عِرقِ العاذِلِ، فهو مرضٌ يَسْتَدْعِي البحثَ عن سببِه وعلاجَه؛ ولذا يَنْظُرُ الأطبَّاءُ بقَلَقٍ بالغٍ إلى خروجِ الدمِ في غيرِ وقتِ الحَيْضِ؛ لأنها تَدُلُّ على وُجُودِ مرضٍ؛ إما بجسمِ المرأةِ وغُدَدِها أو بجهازِها التَّنَاسُلِيِّ.
أمَّا دَمُ الحيْضِ: فيَخْرُجُ مِن قَعْرِ رَحِمِ المرأةِ.
فأَخْبَرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باختلافِ المخرجيْنِ، وهو ردٌّ وتوجيهٌ لقولِها: (فَلا أَطْهُرُ)، فأبانَ لها أنها طاهرةٌ تَلْزَمُها الصلاةُ.
3- أما خصائصُ دمِ الاستحاضةِ، فقالَ الأطبَّاءُ: إنه دمٌ أحمرُ مُشْرِقٌ خفيفٌ، ليس ذا رائِحَةٍ، بينَما دمُ الحَيْضِ: أسودُ ثَخِينٌ، له رائحةٌ مُنْتِنَةٌ.
4- أمَّا أحكامُ دمِ الاستحاضةِ: فإنه لا يَمْنَعُ شيئاً من العباداتِ ولا الأمورِ التي يَتَوَقَّفُ فِعْلُها على طهارةِ المرأةِ مِن الحيضِ، فالمستحاضةُ تُعْتَبَرُ في حُكْمِ الطاهرةِ.
5- لم يُرَخِّصْ لها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تركِ الصلاةِ، وإنما نَهَاهَا عن تَرْكِها.
6- أَمَرَها عليه الصلاةُ والسلامُ أنْ تُمَيِّزَ بينَ دمِ حَيْضِها ودَمِ اسْتحاضَتِها؛ وذلك بأنْ تَجْلِسَ فلا تُصَلِّيَ أيَّامَ عادَتِها؛ لأنَّ العادةَ أقوَى من سائرِ الأدلَّةِ على تمييزِ دمِ الحيضِ مِن دمِ الاستحاضةِ، فإنْ لم تَعْلَمْ عادَتَهَا، عَمِلَتْ بالتمييزِ بينَ الدَّمَيْنِ؛ فدَمُ الحَيْضِ أسودُ ثَخِينٌ مُنْتِنٌ، ودَمُ الاسْتِحَاضَةِ خلافُ ذلكَ.
7- وُجُوبُ غَسْلِ دَمِ الحَيْضِ للصلاةِ؛ لأنه نَجِسٌ والطهارةُ مِن النجاسةِ شرطٌ لصحَّةِ الصلاةِ.
8- أَنَّ على المُسْتَحَاضَةِ أنْ تَتَوَضَّأَ لكلِّ صلاةٍ، ومِثْلُها كلُّ مَن به حَدَثٌ دائِمٌ مِن سَلَسِ بَوْلٍ أو جُرْحٍ لا يَرْقَى دَمُهُ، أو اسْتِمْرَارِ خُرُوجِ الريحِ.
9- نَهْيُ الحائضِ عن الصلاةِ، وتحريمُ ذلك عليها، وفسادُها منها، وهو إجماعُ العلماءِ.
10- أنَّ الحائِضَ لا تَقْضِي الصلاةَ بعدَ طُهْرِها؛ وذلك أخذاً مِن عَدَمِ أمرِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها بذلكَ في هذا الحديثِ؛ فإنَّ تأخيرَ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ لا يَجُوزُ.
11- الحديثُ دليلٌ على قَبُولِ قولِ المرأةِ في أحوالِها مِن الحملِ والحيضِ والعِدَّةِ وانْقِضَائِها ونحوِ ذلكَ.
12- أنَّ المستحاضَةَ تُصَلِّي، ولو معَ جَرَيَانِ الدمِ؛ لأنها تُعْتَبَرُ من الطاهراتِ مِن الحَيْضِ.
13- وَرَدَ في بعضِ طُرُقِ هذا الحديثِ عندَ البُخَارِيِّ: ((وَاغْتَسِلِي)) والمرادُ به الاغتسالُ مِن الحَيْضِ إذا أَدْبَرَتْ أيامُ حَيْضِها، لا أنه أَمْرٌ بالاغتسالِ لكلِّ صلاةٍ.
14- قولُه: ((ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ)). زيادةٌ رَوَاهَا البُخَارِيُّ وحَذَفَها مسلمٌ عمداً؛ لاعْتِقادِهِ أنها زيادةٌ غيرُ محفوظةٍ، وإنما تَفَرَّدَ بها بعضُ الرواةِ.
لكن قالَ الحافظُ في فتحِ الباري: إنها زيادةٌ ثابتةٌ مِن طُرُقٍ يَنْتَفِي معَها تَفَرُّدُ مَن ذَكَرَهم مسلمٌ.
15- المُؤَلِّفُ أَوْرَدَ هذا الحديثَ في بابِ نواقضِ الوضوءِ؛ لأجلِ هذه الزيادةِ: ((ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ)). وإلاَّ فمناسبةُ الحديثِ أنْ يُذْكَرَ في بابِ الحَيْضِ، وقد أعادَهُ هناكَ. واللَّهُ أعلَمُ.
16- جوازُ سماعِ الرجلِ الأجنبيِّ صوتَ المرأةِ عندَ الحاجةِ، إذا لم تُلَيِّنْه وتُخْضِعْه.
17- الأمرُ بإزالةِ النجاسةِ.
18- فيه أن الدمَ نَجِسٌ، وهو إجماعٌ إلاَّ خلافاً شاذًّا.
19- أنَّ الصلاةَ تَجِبُ بمُجَرَّدِ انقطاعِ دَمِ الحَيْضِ.
20- أنَّ الصلاةَ تَصِحُّ حتى في حالِ جَرَيَانِ الدمِ الذي لا يَنْقَطِعُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, نواقض

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir