دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 06:19 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب إزالة النجاسة (5/5)

30 - وعن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ في دمِ الحيْضِ يُصيبُ الثوبَ: ((تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
31 - وعن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَتْ خَوْلَةُ: يَا رسولَ اللَّهِ، فإنْ لم يَذْهَبِ الدَّمُ؟ قالَ: ((يَكْفِيكِ الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ)). أَخرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وسَنَدُهُ ضَعيفٌ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 10:27 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

6/27- وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي دَمِ الحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ تَحُتُّهُ: ((ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَسْمَاءَ) بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ فَمِيمٍ فَهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ، هي بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ قَدِيماً، وَبَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَمَاتَتْ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ ابْنُهَا بِأَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ، وَلَهَا مِن العُمْرِ مِائَةُ سَنَةٍ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ، وَلَمْ تَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَلا تَغَيَّرَ لَهَا عَقْلٌ، وَكَانَتْ قَدْ عَمِيَتْ.
(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي دَمِ الحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ: تَحُتُّهُ) بِالفَتْحِ لِلْمُثَنَّاةِ الفَوْقِيَّةِ، وَضَمِّ الحَاءِ المُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ المُثَنَّاةِ الفَوْقِيَّةِ، أَيْ: تَحُكُّهُ، وَالمُرَادُ بِذَلِكَ إزَالَةُ عَيْنِهِ (ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالمَاءِ) أَي الثَّوْبَ، وَهُوَ بِفَتْحِ المُثَنَّاةِ الفَوْقِيَّةِ، وَإِسْكَانِ القَافِ، وَضَمِّ الرَّاءِ وَالصَّادِ المُهْمَلَتَيْنِ، أَي: تُدَلِّكُ ذلك الدَّمَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهَا؛ لِيَتَحَلَّلَ بِذَلِكَ وَيَخْرُجَ مَا شَرِبَهُ الثَّوْبُ مِنْهُ.
(ثُمَّ تَنْضَحُهُ) بِفَتْحِ الضَّادِ المُعجمةِ، أَيْ: تَغْسِلُهُ بِالمَاءِ (ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: ((اقْرُصِيهِ وَاغْسِلِيهِ)). وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ: ((اقْرُصِيهِ بِالمَاءِ وَاغْسِلِيهِ وَصَلِّي فِيهِ)).
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ: ((حُكِّيهِ بِصَلْعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ)).
قَالَ ابْنُ القَطَّانِ: إسْنَادُهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَلا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً، وَقَوْلُهُ: ((بِصَلْعٍ)) بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَلامٍ سَاكِنَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ: الحَجَرُ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَةِ دَمِ الحَيْضِ، وَعَلَى وُجُوبِ غَسْلِهِ وَالمُبَالَغَةِ فِي إزَالَتِهِ؛ بِمَا ذُكِرَ مِن الحَتِّ وَالقَرْصِ وَالنَّضْحِ لِإِذْهَابِ أَثَرِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لا يَجِبُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ بَقِيَ مِن العَيْنِ بَقِيَّةٌ فَلا يَجِبُ الحادُّ لِإِذْهَابِهَا؛ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الحَدِيثِ، وَهُوَ مَحَلُّ البَيَانِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي غَيْرِهِ: ((وَلا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ)).

7/28- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَتْ خَوْلَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبِ الدَّمُ؟ قَالَ: ((يَكْفِيكِ المَاءُ وَلا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ)) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَتْ خَوْلَةُ) بِالخَاءِ المُعْجَمَةِ مَفْتُوحَةً، وَسُكُونِ الوَاوِ، وَهِيَ بِنْتُ يَسَارٍ، كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ، حَيْثُ قَالَ: خَوْلَةُ بِنْتُ يَسَارٍ. (يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَذْهَب الدَّمُ؟ قَالَ: يَكْفِيك المَاءُ وَلا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ).
وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ ابْنَ لَهِيعَةَ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الحَرْبِيُّ: لَمْ نَسْمَعْ بِخَوْلَةَ بِنْتِ يَسَارٍ إلَّا فِي هَذَا الحَدِيثِ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، بِإِسْنَادٍ أَضْعَفَ مِن الأَوَّلِ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَوْقُوفاً عَلَيْهَا: إذَا غَسَلَتِ المَرْأَةُ الدَّمَ فَلَمْ يَذْهَبْ فَلْتُغَيِّرْهُ بِصُفْرَةٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْهَا مَوْقُوفاً أَيْضاً، وَتَغْييِرُهُ بِالصُّفْرَةِ وَالزَّعْفَرَانِ لَيْسَ لِقَلْعِ عَيْنِهِ، بَلْ لِتَغْطِيَةِ لَوْنِهِ تَنَزُّهاً عَنْهُ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَا أَشَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لا يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الحَادِّ لِقَطْعِ أَثَرِ النَّجَاسَةِ وَإِزَالَةِ عَيْنِهَا، وَبِهِ أَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ، وَمِن الحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَوْجَبَ الحَادَّ - وَهُم الهَادَوِيَّةُ- بِأَنَّ المَقْصُودَ مِن الطَّهَارَةِ أَنْ يَكُونَ المُصَلِّي عَلَى أَكْمَلِ هَيْئَةٍ، وَأَحْسَنِ زِينَةٍ؛ وَلِحَدِيثِ: ((اقْرُصِيهِ وَأَمِيطِيهِ عَنْكِ بِإِذْخِرَةٍ)). قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ مَا ذُكِرَ لاَ يُفِيدُ المَطْلُوبَ، وَأَنَّ القَوْلَ الأَوَّلَ أَظْهَرُ هذه الأحاديثِ في هذا البابِ. هَذَا كَلامُهُ.
وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ وَرَدَ الأَمْرُ بِالغَسْلِ لِدَمِ الحَيْضِ بِالمَاءِ وَالسِّدْرِ مِن الحَوَادِّ، وَالحَدِيثُ الوَارِدُ بِهِ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ كَمَا عَرَفْتَ. فَيُقَيَّدُ بِهِ مَا أُطْلِقَ فِي غَيْرِهِ، وَيُخَصُّ اسْتِعْمَالُ الحَادِّ بِدَمِ الحَيْضِ، وَلا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِن النَّجَاسَاتِ؛ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شُرُوطِ القِيَاسِ، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ ((وَلاَ يَضُرُّكِ أَثَرُهُ))، وَحَدِيثَ عَائِشَةَ وَقَوْلُهَا: فَلَمْ يَذْهَبْ. أَيْ: بَعْدَ الحَادِّ.
فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ فِي هَذَا البَابِ اشْتَمَلَتْ مِن النَّجَاسَاتِ عَلَى الخَمْرِ، وَلُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَالمَنِيِّ، وَبَوْلِ الجَارِيَةِ وَالغُلامِ، وَدَمِ الحَيْضِ، وَلَوْ أَدْخَلَ المُصَنِّفُ بَوْلَ الأَعْرَابِيِّ فِي المَسْجِدِ، وَدِبَاغَ الأَدِيمِ، وَنَحْوَهُ فِي هَذَا البَابِ لَكَانَ أَوْجَهَ.


  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 10:30 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

27 - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ: ((تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مفرداتُ الحديثِ:
- دَمِ الْحَيْضِ: سيأتي بيانُه إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
- تَحُتُّهُ: بفتحِ المثنَّاةِ وضمِّ الحاءِ المهملةِ وتشديدِ المثنَّاةِ الفوقيَّةِ، مِن حَتَّ الشيءَ عن الثوبِ وغيرِه يَحُتُّهُ حَتًّا: فَرَكَه وقَشَّرَه حتى أَزَالَ عَيْنَه.
- تَقْرُصُهُ: بفتحِ المثنَّاةِ الفوقيَّةِ، وسكونِ القافِ وضمِّ الراءِ والصادِ المهملتيْنِ، من بابِ نَصَرَ: تَدْلُكُ الدمَ بأطرافِ أصابِعِها بالماءِ؛ لِيَتَحَلَّلَ بذلكَ ويَخْرُجَ ما شَرِبَه الثوبُ منه، قالَ في جَمْعِ الغرائبِ: هو أبلغُ في إِذهابِ الأثَرِ عن الثوْبِ.
- تَنْضَحُهُ: بفتحِ الضادِ المعجمةِ، مِن بابِ فَتَحَ يَفْتَحُ: تَرُشُّهُ بالماءِ.
- ثُمَّ: تأتي للترتيبِ، فلا يَسْبِقُ ما بعدَها ما قبلَها، فتُرَتَّبُ إزالةُ النجاسةِ اليابسةِ هذا الترتيبَ. قالَ ابنُ بَطَّالٍ: والحَتُّ والقَرْصُ مما يُتَصَوَّرُ في اليابسِ، ولا تأثيرَ لذلكَ في الرَّطْبِ.
ما يُؤْخَذُ مِن النصِّ:
1- نجاسةُ دَمِ الحيْضِ، وأنه لا يُعْفَى عن يَسيرِه، فتَجِبُ إزالتُه من الثوبِ والبدنِ وغيرِهما مما يَجِبُ تطهيرُه؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بغَسْلِه، كما هي سُنَّتُه في إزالةِ النجاساتِ.
2- أنَّ إزالةَ النجاسةِ من الثوبِ والبدنِ والبُقْعَةِ شرطٌ مِن شروطِ الصلاةِ، فلا تَصِحُّ الصلاةُ معَ وجودِها والقدرةِ على إزالَتِها؛ وذلكَ للأمرِ بغَسلِ دمِ الحيْضِ قبلَ الإتيانِ بالصلاةِ.
3- وجوبُ حَتِّ يابِسِه لِيَزُولَ جِرْمُه، ثمَّ دَلْكِه بالماءِ، ثمَّ غَسْلِه بعدَ ذلكَ؛ لِتَزُولَ بقيَّةُ نجاستِه، فيُرَاعَى فيه هذا الترتيبُ الذي هو الأمثلُ في إزالةِ النجاسةِ اليابسةِ؛ لأنه لو عُكِسَ لانْتَشَرَتِ النجاسةُ فأصابَتْ ما لم تُصِبْه مِن قَبْلُ.
4- جوازُ الصلاةِ في الثوْبِ الذي حَاضَتْ به المرأةُ؛ فإنه بعدَ حَتِّ ما أصابَه ثمَّ إِتْبَاعِه بالماءِ صارَ الثوبُ طاهراً. أما بدنُ المرأةِ الحائضِ وعَرَقُها ونحوُه: فطاهرٌ؛ فإنها لم تُؤْمَرْ بغَسْلِ ثوبِ حَيْضِها إلاَّ ما أصابَه مِن بُقَعِ دمِ الحيْضِ، وما عَدَاه باقٍ على أصلِ الطهارةِ.
5- قولُه: ((ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ)) دليلٌ على أن النجاسةَ اليابسةَ لا تَزُولُ ويَطْهُرُ مَحَلُّها إلاَّ بهذه العملياتِ الثلاثِ، وأنها إنْ لم تَفْعَلْ ذلك فثَوْبُها لم يَطْهُرْ وصلاتُها لم تَصِحَّ، أمَّا الدمُ – وما تَوَلَّدَ عنه مِن قَيْحٍ وصَديدٍ – الخارجُ مِن بقيَّةِ البدنِ: فجمهورُ العلماءِ – وحُكِيَ إجماعاً - أنه نَجِسٌ، لكن يُعْفَى عن يَسِيرِه، وبهذا خالَفَ دمَ الحيْضِ والاستحاضةِ، فلا يُعْفَى عن شيءٍ مِنهما.
6- الحديثُ دليلٌ على أن الواجبَ هو إزالةُ النجاسةِ فقطْ، وأنه لا يُشْتَرَطُ عددٌ معيَّنٌ من الغَسَلاتِ، فلو زَالَتْ بغسلةٍ واحدةٍ طَهُرَ المَحَلُّ.
وهذا هو القولُ الراجحُ من أقوالِ أهلِ العلمِ، وسيأتي بيانُ الخلافِ في ذلكَ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
7- اسْتَدَلَّ به بعضُ العلماءِ – ومنهم أصحابُنا – على أنه لا بُدَّ في غسلِ النجاساتِ من الماءِ، فلا يَكْفِي غيرُه مِن حتٍّ أو قَرْصٍ أو دَلْكٍ أو شَمْسٍ أو ريحٍ، وقالوا: إنَّ الماءَ هو المتعيِّنُ لإزالةِ النجاسةِ دونَ غيرِه، ولو كانَتْ قويَّةَ الإزالةِ والتطهيرِ فإنَّ الماءَ هو المتعيِّنُ؛ لأنه جاءَ منصوصاً عليه في هذا الحديثِ، وهو الأصلُ في التطهيرِ؛ لوصفِه بذلك في الكتابِ والسنَّةِ.
أما شيخُ الإسلامِ: فيَرَى أن التطهيرَ قد يكونُ بغيرِ الماءِ، وأمَّا تَعَيُّنُه وعدمُ إجزاءِ غيرِه فيَحْتاجُ إلى دليلٍ، ولم يَرِدْ دليلٌ يَقْضِي بحصْرِ التطهيرِ بالماءِ، ومجرَّدُ الأمرِ به لا يَسْتَلْزِمُ الأمرَ به مطلقاً؛ فقد أَذِنَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإزالةِ بغيرِ الماءِ في مواضعَ؛ منها الاستجمارُ، ومنها قولُه في ذَيْلِ المرأةِ: ((يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ)). رَوَاه التِّرْمِذِيُّ (143)، وقولُه في النعليْنِ: ((ثُمَّ لِيُدَلِّكْهُمَا بِالتُّرَابِ؛ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُمَا طُهُورٌ)). روَاه أبو داودَ (386).
وهذا القولُ هو الصوابُ. واللَّهُ أعلمُ.

28 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَتْ خَوْلَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبِ الدَّمُ؟ قَالَ: ((يَكْفِيكِ الْمَاءُ، وَلاَ يَضُرُّكِ أَثَرُهُ)). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
درجةُ الحديثِ: الحديثُ صحيحٌ.
ضَعَّفَه ابنُ حَجَرٍ؛ لأن فيه ابنَ لَهِيعَةَ، وقدِ اخْتَلَطَ بعدَ احتراقِ كُتُبِه، ولَمَّا ذَكَرَ الحافظُ في التلخيصِ هذا الحديثَ بروايةِ أبي داودَ قالَ: ورَوَاه الطبرانيُّ في الكبيرِ (615) من حديثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، وإسنادُه أضعفُ مِن الأوَّلِ، وله شاهدٌ مرسلٌ.
أما الشيخُ ناصرُ الدِّينِ الأَلْبَانِيُّ فقالَ: صحيحٌ، رَوَاه أبو داودَ (365)، والبَيْهَقِيُّ (2/408)، وأَحْمَدُ (8549) بإسنادٍ صحيحٍ عنه، وهو – وإنْ كانَ فيه ابنُ لَهِيعَةَ – فإنه قد رَوَاه عنه جماعةٌ؛ منهم عبدُ اللَّهِ بنُ وَهْبٍ، وحَدِيثُه عنه صحيحٌ، كما قالَ غيرُ واحدٍ مِن الحُفَّاظِ. ا هـ.
قلتُ: وله طريقٌ أخرَى ذَكَرَها ابنُ حَجَرٍ في الإصابةِ، أَخْرَجَها ابنُ مَنْدَهْ من طريقِ ابنِ حَفْصٍ، عن عليِّ بنِ ثابتٍ، عن الوازِعِ بنِ نافعٍ، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن خَوْلَةَ بِنْتِ يَسارٍ.
مفرداتُ الحديثِ:
- لاَ يَضُرُّكِ: يقالُ: ضَرَّه، إذا أَلْحَقَ به مكروهاً أو أذًى، والضُّرُّ النقْصُ، والمرادُ هنا: ولا يَنْقُصُ من طهارةِ ثَوْبِكِ.
- فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ: أي: أَثَرُه بعدَ حَتِّه وقَرْصِه ونَضْحِه.
- أَثَرُهُ: الأَثَرُ: العلامةُ، وبقيَّةُ الشيءِ، وهو هنا: بقيَّةُ لونِ الدمِ بعدَ الحتِّ والقرْصِ و الغَسْلِ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- وجوبُ غَسْلِ دمِ الحيْضِ من ثوبِ المرأةِ وبدنِها.
2- يكونُ غَسْلُه بالماءِ.
3- أنَّ الثوبَ ونحوَه إذا غُسِلَ من دمِ الحيْضِ، ثمَّ بَقِيَ أثرُ لونِه في الثوبِ أو البدنِ، أنه لا يَضُرُّ في كمالِ التطهُّرِ، ولا يَضُرُّ في صحَّةِ الصلاةِ ونحوِها.
4- سماحةُ هذه الشريعةِ ويُسْرُها، فالمسلمُ يَتَّقِي اللَّهَ قَدْرَ استطاعتِه، وما زادَ عن ذلكَ فهو معفوٌّ عنه.
5- أنَّ بَدَنَ الحائِضِ وعَرَقَها طاهرانِ؛ فإنها لم تُؤْمَرْ بغَسلِ شيءٍ إلاَّ ما أصابَه الدمُ، وأمَّا البَدَنُ وبقيَّةُ الثوبِ فهو باقٍ على طهارتِه الأصليَّةِ. أمَّا غُسْلُها من الحيْضِ فليسَ من أجلِ نجاستِها، وإنما من أجلِ أنَّ عليها حَدَثاً أكبرَ، وهو لا يُوصَفُ بأنه نجاسةٌ، وإنما هو وَصْفٌ يقومُ بالبدنِ ويَرْتَفِعُ بالغَسْلِ، ولو كانَ نجاسةً لم يُغْسَلْ إلاَّ مكانُ الحيضِ، ولَمَا جازَ مباشرةُ الحائضِ وقُرْبُها، وهذا أمرٌ معلومٌ من الدِّينِ بالضرورةِ.
6- المقصودُ بالطهارةِ والابتعادِ عن النجاساتِ، هو أنْ يكونَ المصلِّي على أكملِ هيئةٍ وأحسنِ زينةٍ حينَ مناجاةِ ربِّه تَبَارَكَ وتعالى.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, إزالة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir