النوع السادس: ما يأتي علي سبعة أوجه
وهو: (قد)، فأحد أوجهها: أن تكون اسما بمعنى: (حسب)، فيقال: قدي بغير نون كما يقال: حسبي.
الثاني: أن تكون اسم فعل بمعنى: يكفي، فيقال: قدني، كما يقال: يكفيني.
الثالث: أن تكون حرف تحقيق، فتدخل على الماضي، نحو: {قد أفلح من زكاها}، وعلى المضارع، نحو: {قد يعلم ما أنتم عليه}.
الرابع: أن تكون حرف توقع، فتدخل عليهما أيضا. فتقول: قد يخرج زيد، فتدل على أن الخروج منتظر متوقع. وزعم بعضهم أنها لا تكون للتوقع مع الماضي، لأن التوقع انتظار الوقوع، والماضي قد وقع. وقال الذين أثبتوا معنى التوقع مع الماضي: إنها تدل على أنه كان منتظرا، تقول: قد ركب الأمير، لقوم ينتظرون هذا الخبر، ويتوقعون الفعل.
الخامس: تقريب الماضي من الحال، ولهذا تلزم (قد) مع الماضي الواقع حالا، إما ظاهرة، نحو: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم}. أو مقدرة، نحو: {هذه بضاعتنا ردت إلينا}.
وقال ابن عصفور: إذا أجبت القسم بماض مثبت متصرف فإن كان قريبا من الحال جئت باللام وقد، نحو: بالله لقد قام زيد، وإن كان بعيدا جئت باللام فقط كقوله:
حلفت لها بالله حلفة فاجـر لناموا فما إن من حديث ولا صالي
وزعم الزمخشري ـ عندما تكلم على قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحا} في سورة الأعراف ـ أن (قد) للتوقع، لأن السامع يتوقع الخبر عند سماع المقسم به.
السادس: التقليل، وهو ضربان: تقليل وقوع الفعل، نحو: قد يصدق الكذوب، وقد يجود البخيل. وتقليل متعلقه، نحو: {قد يعلم ما أنتم عليه} أي: أن ما هم عليه هو أقل معلوماته.
وزعم بعضهم أنها في ذلك للتحقيق كما تقدم، وأن التقليل في المثالين الأولين لم يستفد من قد، بل من قولك: البخيل يجود والكذوب يصدق، فإنه إن لم يحمل على أن صدور ذلك من البخيل، والكذوب قليل كان متناقضا، لأن آخر الكلام يدفع أوله.
السابع: التكثير، قاله سيبويه في قوله:
قد أترك القرن مصفرا أنامله = كأن أثوابه مجت بفرصاد
وقاله الزمخشري في قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك}.