الباب الثاني
في الجار والمجرور
وفيه أيضا أربع مسائل:
المسألة الأولى:
إحداها: أنه لابد من تعلق الجار بفعل، أو ما في معناه. وقد اجتمعا في قوله تعالى: {أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم} وقول ابن دريد:
واشتعل المبيض في مسـوده = مثل اشتعال النار في جزل الغضا
وإن علقت الأول بـ (المبيض)، أو جعلته حالا متعلقا بـ (كائنا) فلا دليل فيه.
ويستثنى من حروف الجر أربعة فلا تتعلق بشيء:
أحدها: الجار الزائد كالباء في {كفى بالله شهيدا}، و{أحسن بزيد} عند الجمهور، و{ما ربك بغافل}. وكـ {من} في {ما لكم من إله غيره} و{هل من خالق غير الله}.
والثاني: (لعل) في لغة من يجر بها وهم عقيل، ولهم في لامها الأولى الإثبات والحذف، وفي الأخيرة الفتح والكسر.
قال شاعرهم:
لعل أبي المغوار منك قريب
والثالث: (لولا) في قول بعضهم: لولاي، ولولاك، ولولاه. فذهب سيبويه إلى أن (لولا) في ذلك جارة، ولا تتعلق بشيء. والأكثر أن يقال: لولا أنا، ولولا أنت، ولولا هو، كما قال الله تعالى: {لولا أنتم لكنا مؤمنين}.
والرابع: كاف التشبيه، نحو: زيد كعمرو. فزعم الأخفش وابن عصفور أنها لا تتعلق بشيء، وفي ذلك بحث.